Skip to main content

Full text of "نشر الكتاب كتاب مصور 0798"

See other formats




اج 
SAREE‏ 


3 


SET 
WN 


SSS 





بمللة لوقة الحضارية 


ر 


اس ےا ن 
لمن © 
التأليئ والإخراج والطاعاىن 
من العدم وحى حعصرنا الحدسف 


فاع يست ...سك 


أحمدك اللهم حمد الشاكرين » وأشهد أن لا إله ألا أنت رب العالمين وناصر 
المستضعفين . وأصلِي وأسلم على نخاتم أنبيالك ورسلك سيدنا محمد سيد الخلق 
أجمعين وقدوة أهل الحق واليقين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى 
يوم الدين + 
وج 


فإن دراسة ظاهرة نشر الكتاب وإخراجه وطباعته تعتمد على الإلمام 
بمقدمات ومسائل لابد من تحصيلها » كا أن التعمق في أبحاثها والترقي في 
دراستها في أي دور من أدوارها » وني أي مرحلة من مراحلها يقتضي تأهيلاً 
خاصاً بملكات معيئة تعين على المعرفة والبحث والتقصي والمقارنة والاستنباط » 
وفي ضوء هذا فصّلنا موضوع نشر الكتاب في ستة فصول : 

الفصل الأول : يتضمن مدخل لوسائل الاتصال لكي تعرف دور اللغة 
والكتابة والرموز في الاتصال الانساني مع الالمام بعملية الاتصال وعناصرها 
وشروط نجاحها مع دراسة وسائل الثقافة والاتصال الإنساني المتمثلة في الوسائل 
المطبوعة كالكتاب » والوسائل السمعية كالاذاعة » والسمعبصرية كالتليفزيون 
مع المقارنة بينها لكي نتوصل إلى أهمية الكتاب في حياتنا المعاصرة . 


الفصل الثاني : يتضمن بعض الجوانب لمفهومات ومعاني النشر من الجانب 
الأكاديمي » يتعرض الفصل لتعريفات النشر ومفهومه لغوياً واصطلاحياً ثم 
العروج إلى قضية النشر والتكنولوجيا المعاصرة وبيان علاقة النشر بالتعبير 
الإنساني » لكي ننبي الفصل بدراسة النشر والكتاب من حيث طبيعة العلاقة 
. الفصل الثالث : يتضمن موضوع الكتاب على مر العصور ء في مصر 
القديمة وفي حضارة العراق القديم » وحضارة اليونان » وفي العهد الروماني 


المسيحي . ثم في الحضارة الاسلامية منذ ظهور الإسلام وانتشار الثقافة 
الإسلامية مع بيان أهمية الكتاب والعلم في الإسلام » وتفضيل أهمية الكتابة على 
الحفظ عند المسلمين » وإظهار مراحل التطور الموضوعي للكتابة » بداية من 
كتابة المصحف في عهد الرسول صل الله عليه وسلم » وفي عهود ألي بكر 
وعمر وعثان رضي الله عنهم وأرضاهم » وكيفية تطور الكتابة العربية بالنقط 
والتشكيل في العصرين الأموي والعباسي » خاصة فترة المأمون ومع ازدهار 
حركة التأليف والترجمة والتدوين » وكتابة الآلاف من الخطوطات العربية في 
كل فروع المعرفة » والتي كانت ركيزة النبضة في أوروبا مع بداية عصر 
التنوير . ثم انتقلنا إلى بيان أهمية المؤلف المعاصرة وزاده الثقافي » لكي ننتقل إلى 
مفهوم الكتاب ومواصفاته وخصائصه في دوائر الاتصال الانساني على كل 
المستويات » وارتباط الكتاب بالتراث وصاته بالرقابة الحلية . واختتمنا الفصل 
ببيان مكونات الكتاب وكيفية إعداده وتجهيزه للنشر . 


أما الفصل الرابع : فإنه يتضمن موضوع الناشر ومقتطفات من النشر 
وأنواعه على مر العضور التي سبق أن ذكرناها في الحضارات القديمة وصولاً إلى 
نحات من النشر في العصرين الوسيط والحديث ء ثم انتقلنا إلى أنواع النشر » 
الدوريات 2 والمطبوعات غير الدورية ؛ ومطبوعات الأهداف المباشرة 5 وأنواع 
نشر الكتب في مجمالات كتب التراث وكتب الأطفال » والكتب المدرسية » 
والكتب الدينية » والمترجمة . والنشر العام مع بيان وظائف النشر وربطها 
بنموذ جين من موّسسات النشر في مصر . دار المعارف » ودار الأهرام : 
واختتمنا الفصل بذكر بعض أزمات الترجمة » وأزمة تزوير الكتب وأزمة 
وسائل الطباعة والتكئولوجيا وأزمة دعم الكتاب . 

الفصل الخامس : خصصناه لصناعة الورق . واختراع الطباعة كأهم 
عنصرين تستازمهما قضية النشر من حيث المحرفة العلمية المرتبطة بتطور ها . 

الفصل السادس والأخير فقد أوتفناه على شرح الميكروفيلم أهم وسائل 
حفظ الكتاب المعاصر في الدول الآخذة بناصية التكنولوجيا المعاصرة » 
للدخول فيما نتوقعه لمستقبل الكتاب . 


وقد عالجت هذه الموضوعات بالقدر الذي يتناسب مع الوقت الخصص 
لتدريسه لطلاب المكتبات والوثائق ولقسم الإعلام والتصميمات المطبوعة »› 
على نحو منبجي أرجو أن يفيد منه طلاب وطالبات العلم وأن يفتح لهم على 
الأقل بابا ينفذون منه إلى التعمق في الدرس والاستقصاء في البحث ولترويض 
افكارهم الدهنية على ممارسة الموضوعات والقضايا المرتبطة بالتشر ومؤسساته . 


والله ولي التوففيق. 


الاسكندرية في يوليو ١3145‏ د . عبد الفتاح مصطفى غنيمة 


الفصل الأول 


مدحل 
لوسائل الاتصال 


الفصل الأول 
مدخل لوسائل الاتصال. الانسانى 


اللغة والكتابة والرموز أدوات 
الاتصال الانسانى 


The Process of Communication 


قد يبدو للبعض أن هناك نظرية واحدة متفق عليها تشرح عملية الاتصال . 
والحقيقة أن هناك الكثير من الاختلاف الواضح بين أساتذة علم الاتصال فى 
وضع نظرية لمذه العملية الحيوية التى يمارسها الانسان منذ فجر الحياة البشرية 
على الأرض . والتى تلعب دورا حيويا فى حياة الافراد والجماعات والأثم . 
لسنا الآن بصدد شرح النظريات الختلفة للاتصال » ولكننا سنبين الخطوط 
والمبادىء الاساسية التى يتفق عليها أساتذة علم الاتصال بقصد وضع أسس 
عامة للتعلم والاعلام والتصمم لاستخدام تلك الوسائل فيما ينبغى أن تكون 
عليه عملية الاتصال . 


إن هي عملية الاتصال | 

الاتصال(إعملية يستطيع بواسطتبها طرفان أن يتشاركا فى فكرة أو مفهوم أو.. 
أحساس أو اتجاه أو عمل ما والمقصود بالطرفين شخص يخاطب شخصا 
آخرء أو أشخاصاً آخرين كالمدرس ومجموعة من التلاميذء أو هيفة تخاطب 
مجموعة كبيرة من الناس كهيئة الاذاعة وجمهور المستمعين . و تحمل كلمة 
المشاركة معنى الأحذ والعطاء » فعندما تناقش مشكلة مع زميل لك » وتعير 
را بے لے غر اشرت رجه ردج م برو غیت ها 
عنده » فنستمع له » وهكذا .... ألم يحاول كل منكما أن يشرك زميله فى 
أفكاره حتى تصلا إلى رأى ما . ويتضح هذا المعنى أيضا عندما تذيع هيئة 


ل 


الاذاعة برناجا ما » وليكن برناجا عن ضرورة زيادة الانتاج ويستمع إليه 
الجمهور فيقتنع البعض با جاء فيه » وقد يرسل إلى الاذاعة خطابا يمتدح ما 
سمعه کرد فعل شعورى لا جمع . 
| عناصر عملية الاتضال :. | 

تحتوى عملية الاتصال_علر على أربعة عناصر_ رئيسية لها صفاتها الخاصة التى 
ب أن يفهمها كل مهم بالعملية » حتى يستطيع ضبان نجاحها . هذه 
1 ل 0 والستقيل ه 2 ا فعندما 





. المرسل| وهو الخطيب نفسه‎ -١ 

ا الرسالة وهى الأفكار والمفاهيم والاتجاهات التى يرغب المخطيب أن يتعلم 
الناس إياها . 

. المستقبل وهو جمهور المستمعين‎ - ٣ 

4 - وسيلة الاتصال) وهى اللغة فى صورة موجات صوتية يحملها المواء إلى 
آذان ال ر وبا مل عندما يشر ح المدرس لتلاميذه نظرية فى الهندسة 
المستوية تكون الاربعة عناصر الرئيسية فى هذه العملية هى المرسل وهو 
المدرس » الرسالة وهى الحقائق الهندسيّة » المستقبل وهو جمهور 
التلاميذ » الوسيلة وهى اللغة اللفظية والرموز التصويرية التى يسجلها 
على السبورة » والفاذج التى يستخدمها المدرس لتوضيح الرسالة 
وغيرها . 

وتتضح نفس هذه العناصر أيضا فى مشهد من مسرحية إذ يكون المرسل فى 
هذه الحالة هو الممثل أو مجموعة الممثلين الذين يقومون باتمغيل » والرسالة ههمى 
مجموعة الأفكار والاتجاهات والاحساسات التى يرغب مؤلف الرواية فى نقلها 
إلى جمهور المتفرجين والمستقبل هو جمهور التفرجين فى المسرح أما وسيلة 


سدع لد 


الاتصال فهى اللغة اللفظية والأصوات الأخرى التى يسمعها المتفرج » وكذلك 
الحركات التى يؤديها الممثلون مضافا إلى ذلك كل ما حوهم من مناظر يراها 
المشاهد . 


ونستطيع مما سبق أن نعرف هذه العناصر تعريفا عاما كا يأ : 


48- المر سل Sender‏ :; 


1 هو اليئة أو الفرد الذى يود التأثير فى الآخرين اليشاركوه فی أفكار 
واحساسات واتجاهات ine‏ كا مفكرين والفلاسفة والمدرسين والمرشدين 
الاجتاعيين والمذيعين ورجال الاعلام ... الم وقد تكون هذه الأفكار 
والاحساسات من ابتكار المرسل نفسه ١‏ ا يفعل المفكرون والفلاسفة عندما 


ينشرون ن بأنفسهم أفكارهم عل اناس بالخطابة ا بالكتابة رانايف ا 


عل العلناق أو 0 الأخبار فى الخيفزيون 
والاذاعة . 


۲ ب المستقبلٍ Reciever‏ : 


ع الفرد أو الجماهير التى يوجه إليها المرسلٍ رسالته] فالصديق الذى 
يشم إن صديقه » والتلاميذ فى حجرة الدراسة » والفلاحون اللجتمعون مع 
المرشد الزراعى وجماهير المسرح ء والجماهير التى تستمع إلى الراديو أو 
التليفزيون أو تقرأ لصحف وانجلات والكتب أجميعهم مستقبلون . 


: الرسالة عههووه84‎ - 
Os E 


[ هي الأفكار والمفاهم والاحساسات والاتجاهات التي یر غب المرسل 0 


إعلام الآحر ين .بها فالحقائق_العل العلمية التى يقدمها المدرس لتلاميذه رسالة » 
والاتجاهات "١‏ الف كرية التى يرغب ٠‏ المف> كر الاجتاعى فى تعلم الناس اياها رسالة 


والاحساس بالفرح أو_بالحزن الذى يحاول الفئان أن يشرك الجمهور فيه 
وسالة + والقكرة الجديدة التى يود المصمم للإعلان أن يفهمها للناس رسالة . 
والكتاب بمحتواه العلمى أو الثقاق رسالة وهكذا .. 


4 -و سيلة الا الانصال Channels of Communication‏ : 


أذ هي المنبج الذى تنقل > الرسالة من للرسل إل المستقبل ١‏ فاللغة اللفظية 
والكتب والنجلات والصحف والتصميمات والاعلان والملصقات والاشارات 1 
كي والماثيل » وأفلام ‏ السينا والتايفزيون كلها وسائل لنقل 
الرسالة !. 


والآن نفسر ببساطة هذه العناصر الأربعة موضحين الشروط اللازم 
توفرها فى كل منها لتنجح عملية الاتصال , 





|الشروط اللازمة النجاحها ل 
| اللرسل[ سبق أن ذكرنا أن المرسل هر الميعة أو الشخص الذى يود التأثير 

فى الآخرين ليشاركوه فى أفكار واحساسات واتجاهات معيئة سميناها رسالة ) 
ووظيفته أن يضع فكرة الرسالة ثم يصيغها فى كلمات أو تصميمات أو حركات 
أو اشارات أو صور لكى ينقلها للاخرين . ولذلك يِب أن يكون ملما برسالته 

"غارفا لكيفية_تصميمها بطريقة ' تهذب انتباه المستقبلٍ وتساعده على ادراكها 
حتى يضمن ببلا جاح عملية الاتصال . ذلك هو السبب فى اهتام كليات 
الإعلام ومعاهد وكليات الفنون الجملية والتطبيقية بتدريس اتسين النظرية 
والعملية لادة التخصص الإعلامي » ثم تدريب الطالب الناشىء على كيفية 
الكتابة ق الو وتدريبه إتدرييه عل كيفية |١‏ الانصال بالناس ٠»‏ كرجل اعلام 
للمستقبل القريب وف ند لر يعد البراعج وطريقة إرساها . لأن معرفة المرسل 
بمرضوع الرسالة وحده لايكفي لأن اجادته لطريقة تبليغ هذه الرسالة لا تقل 
عن ذلك أهمية . 


براعی اال مل الناجح , مدى استجابة المستقبل لرسالته ¢ ففي | الاتصال 
الشخصي المباشير الذى يتم وجها لوجه بین شخص واخړ » أو بين شخص 
وبجموعة م الناس يبت المرسل بالدلائل_التى تعطيه_فكرة عن_مدي_تتبع 
ا د ل م سد ل رط 
عدم EN‏ السامعين له » أو كثرة تحرك البعضٍ فى كراسيهم أو النظر إلى 
ساعاتهم أو يسمع شمهمة بعض المستمعين » وهذه كلها أدلة على وجود شىء 
بعطل نجاح عماية الاتصال . وقد يحاضر آخخر فيلاحظ أبصار الداس متعلقة به 6 
وهفهم السماع كلماته» أو مقاطعتهم له بالتصفيق وهذه دلائل نجاح 
الاتصال > وتعرف E‏ هذه ه الدلائل التى أشرنا إلا فى الحالتين « بالرجع » 
“Feed - Back”‏ ويأخف الرجع فى حالة الاتصال غير المباشر صورة أخرى 
كأن يقل أو يزداد ايراد شباك التذاكر لفيلم ما . أو تنفذ طبعة كتاب جديد 
بسرعة ... الح . 
وينبغي على المرسل - ضمانا لنجاح عملية الاتصال - أن يعدل رسال أو 
طريقة إرسالها فى ضوء الرجع سواء كان مباشرا أو غير مباشر . 


| الرسالة :إعر فناأن الرسالة هى الأفكار والمفاهم والاحساسات والمهارات والاتجاهات 


التى يرغب المرسل فى اشراك المستقبل فيها » وأن نقل الرسالة يتطلب صياغتها 
فى كلمات أو تصميم أو صور أو|إشارات رمزية أخرى . فقد ينقل المرسل 
الاحساس بالفزع فى ص صورة_صرخات » والاحساس بالفرح فى صورة 
ابتسامات أو وجه مشرق . وتراعی الشروط الثلاثة الآتية فى اعداد الرسالة أو 


التصمم لضمان استجابة المستقبل لها . 
()- ييبغى أن تصمم الرسالة بحيث هدب اتياه النظيل لأن من 





الصعب نجاح عملية ١‏ الانصال إذا كان المستقبل غير متتبه إلى الرسالة , 


ولذلك يجب على المرسل أن يراعى العناصر الآنية ليضمن التباه المستقبل إلى 
رسالته : 


- مدى حاجة المستقبا إلى موضوع التصمم أو الرء أو الرسالة > فالتحدث فى 
مكافحة دودة ا لانتباههم مسن جهديث 
عن « تأثر الموسيقى الشعبية بالموسيقى الغربية » . 

ب - صياغة التصمم أو الرسالة بحيث تحتوى على مثيرات تضمن استمرار 
انتباه اه المستقيل وتشوقه لمتابعة _الرسالة . كالقاء الأسعلة وإثارة 
المشكللات المناسبة خلال عملية الاتصال . 

ج - اختيار المكان المناسب لوضع الرسالة » فأنسب مكان لتعلم العوم هو 

>< حوض السباحة أو شاطىء البحر . وأنسب مكان للكتاب هو المكتبة 
وبائع الكتب ... ألح . 

د - اختيار | الوقت المناسب لاستقبال الرسالة » فبدء دخول الصيف أنسب 


وقت للتحدث مع الأمهات عن خطر إصابة الأطفال بالاسهال 
الصيفى وطرق علاجه . 


(5) يبغى أن يصوغ المرسل رسالته صياغة تناسب المستقبل فلا يستعمل 
إلا اللغة والوسائل والرموز التى يفهمها هذا المستقبل , فالرمز اللفظى 
المكتوب « أسد » هو كلمة اصطلح لغويا على كونها تدل على حيوان له 
خصائص_ يزه عن غيره من اليوانات » والصوت الناتج عن نطق هذه 
الكلمة « أسد » له المدلول السابق نفسه . وعلى ذلك فالكلمة المكتوبة أو 
المسموعة ترتبط فراءتها أو سماعها بمدلول خاص , ومن الضرورى أن يكون 
المستقبل قادرا على الربط بين الرمز ومدلوله , والخبرة| الحفيقيةأو الشىء 
لتر لقان E‏ . فلو قرأ شخص لافنة كتب عليا 

بخط واضح » احترس من الأسد » دون سابق. خبرة بكلمة « أسد » لا 
نقلت اللافعة إليه إل قليلا من المعى , وبعبارة أخرى لاتنجح عماية 
الاتصال . ولكنه إذا عرف معنى الرمز استطاع أن .يدرك رسالة اللافعة ‏ 
وتصرف تصرفا يمليه عليه إدراكه لها . 


وستطيع أن ندرك أهمية فهم الرمز لنجاح عملية الاتصال بصورة أوضح إذا 
تصورنا شخصين يتحدثان بلغتي مختلفتيس فإنهما لا يقدران على التفاهم عن 


- لمر - 


طريق الكلام أو الكتابة لعجز كل منهما عن الربط بين الألفاظ التى يسمعها 
ومهانيها . لذلك يلجأ هذان الشخصان فى تفاهمهما إلى استخدام الإشارات 
باليد تارة » وبالرأس تارة أخرى يا يستخدمان اشارات أخرى كالابتسامة مثلا 
للدلالة على الشكر والرضى إذا ما قدم أحدهما خدمة للآخر وهكذا . 

وعلى ذلك فالاهتام باختيار الرموز التى تنقل الرسالة إلى المستقبل شرط 
رئيسى لنجاح عملية الاتصال . 

0 ينبغى أن أن تفر و أو التصمم فى المستقبل ورا بحاجته إلى 
ارق اررق اف به قد تصمم الرسالة ار فى نفس المستقيل 
شعورا بحاجته إلى تغيير عادة التدخين وذلك باشعاره بخطورة الافراط فى 
التدخين » ولكن لا ينبغى أن يترك المرسل المستقبل عند هذا.الحد بل يقدم له 
طرقا يتبعها ليستطيع أن يمتسع عن هذه العادة . 

مثال آخر : كثير من شبابنا غير مقبل على القراءة » وقد يحاول أحد 


المدرسين اشعار تلاميذه بحاجتهم الماسة إلى القراءة والاطلاع المستمر المتجدد » 
وقد يشعر التلاميذ بحاجتهم فعلا إلى TT‏ ا 
طرقا تشبع هذه الحاجة كانت عملية الاتصال قاصرة عن بلوغ الحدف ء 
ولذلك من الضرورى ارشاد التلاميذ إلى كيفية القراءة المفيدة وإلى أسماء 
وعناوين الكتب الثقافية الشيقة وكيفية الحصول عليها بأبسط مجهود وأقل 
تكاليف ٠‏ عندئذ تنجح عملية الأتصال بت وكيد الحاجة عند التلاميذ للقراءة ثم 
تشبعها بتوفير الكتب اللازمة . 


*إسسن] 

وضحنا قبل ذلك أن المستقبل هو الشخص أو الجماهير التى تستقبل 
الرسالة » وأن الرسالة أو التصميم تصل إلى المستقبل في صورة رمزية غالبا فييداً 
المستقبل فى تفهم الرسالة بالربط بين الرمز ومعناه وتعرف هذه النطوة الأخيرة. 
0 الرموز . 


س س 


— ٩ 


يتفهم المستقبل الرسالة: فى ضوء خبراته السابقة وحاجاته وكلما تشاببت 
خبراته مع خبرات المرسل المتصلة بموضوع الرسالة ازداد فهمه . 

ولتوضيئح ذلك نأحذ مثلا من يحاول شرح « قانون الطفو » لطفل ى 
الثالغة من عمره ء ونقارنه باخر يحاول تعريف الدجاجة لنفس العلفل فمجال 
خيرة الطفل لا يكفى لتفهم الاصطلاحات والمعالى والأسس والفروض التى 
يقوم عليبا هذا القانون » بيا يسمح هذا الجال بأن نعطيه فكرة عن الدجاجة 
وتزيد هذه الفكرة وضوحا إذا صاحب الشرح صورة للدجاجة . وتزداد 
وضوحا إذا ألحدنا الطفل إلى حظيرة الدواجن ليرى الدجاجة بنفسه . ومن هنا 
نستطيع القول أن اعتبار المرسل خبرات المستقبل السابقة ضرورة هامة نجاح 
عملية الاتصال . 


هناك أربعة احتالات نتوقعها من المستقبل للرسالة أو التصمم : 
(1)ة فهم الرسالة فهما كاملا بمعنى مشاركة المستقيل للمرسل فى .الأفكار 


تس تب 


والاحساسات التى تنقلها . 


( ب ) فهم الرسالة فهما غير كامل ٠‏ كأن يفهم أجزاء منها دون الأخرى » 
اخبع لزه تور رجي لقا ادرو 0 


ضوء TE‏ لرا الا ذلك الأفكار المخاطئة التى 
رج مما بعض المشاهدين لأفلام سينائية تختصر زمن حدوث الأشياء فيفهمون 
أن الأحداث قد وقعت فى وقت ممائل لذلك الوقت الذى استغرقته فى أثناء 
عرض الفيلم . 

( د) عدم فم ,الرسالة م ايا بسبب استتخدام المرسل لرموز غير مألرفة 
ليل كأن يستخدم خدم المرسل كلمات صعبة فرق المستوى اللغوى 


E OS 


معلومات » ولذلك فإن الرسالة الرمرية إلى شخص ماء لايمكن أن يعى 
مضموبها نتيجة اختلاف خبرته عن خبرة الراسل . لذلك نقول أن فهم مدلول 
المصطلح المرسل يتوقف على الخبرة الخلفية للمستقبل . 

يعمد احتال تغير سلوك المستقبل على مدى تفهمه_للرسالة . فلو أن 
الرسالة وجهت إلى شخص يدمن التدخين وكانت عن مضار التدخين . 
وضرورة الاقلاع عنه . وعرضت الرسالة بوضوح كاف بحيث أمكن 
للمستقبل فهمها فإن احهال تغير سلوكه يكون كبيرا ولكن هذا يبعلنا نأدكر 
القارىء بالعوامل_الأخرى التي لا تقل أشبية عن هذا الفهم فى تأثيرها على 
سلوك المستقبل , وهى العوامل التى سبق ذكر بعضها مثل لمجال الدى 
استقبلت فيه الرسالة » وحاجات المستقبل وظروفه النفسية. والصحية 
والاجتاعية والاقتصادية . 


ع | وسيلة الاتصال :| 

سبق أن عرفتا الوسيلة بأنها المنبج الذى تنقل به الرسالة من المرسل إلى 
المستقبل . فكما يتطلب التقال الصوت من مصدره إلى أذن المستمع وسطا 
تنتقل فيه الموجات الصوتية كذلك يتطلبٍ انتقال الرسالة ص المرسل إلى 
المستقيل أو بالعكس وسيلة ما تسمي أحي أعيانا” 3 ومن_هذه الوسائل 4 
القنوات اللغة اللفظية رن ومقروعة ؛ والأشارات » والرسم » وأقثيل .. 
واخ . وتستخدم رسالل وة دة ألسينا والراديو واليغزيون 
والفيديو والتلكس والفاكس فى توصيل الرسالة إل عدد كبير من الئاس . 

ووسائل الاتصال كثيرة ومتنوعة فالاشارات الح ركية بعد ا هامة 
يستخدمها ا اد القوات.. المسلحة کا يستخدمها ‏ فتيان الكشافة والاشار ات 
بالأعلام .للاتصال بعضهم ببعض حا 0 0 مسافة ار ذر معها سماخ 
صوت الانسان بوضوح . والاشارات الضوئية وسيلة من .وسائل الاتصال 
تستخدمها ف ا للمحيطات . والح ركات ا وسل 2 أيضا 2 


كحركة اليد للتحية أو للاستغاثة أو لاظهار عدم الاهةام بشىء ما » و كتحريك 
عضلات الوجه للابتسام أو لأظهار الامتعاض ... الم وقد اشتبر عهد السينا 
الا بالاعتهاد على حركة الممثلين للتعبير عن احساساتهم وما يدور فى 
خلدهم . ولحركات الممثل على حشبة المسرح أيضا نصيب كبرر فى التعبير عن 
الدور الذى يقوم به وح رکات المدرس واشاراته فى حجرة الدراسة وسيلة 
يتعرف بها التلاميذ على كثير من المعلومات . 

ولا تقتصر وسائل الاتصال على الاشارات أو الحركات الجسمية بل قد 
تكون الأشياء الطبيعية أو المنتتجات الصناعية وسيلة للإتصال تنقل إلى الانسان 
رسالة كير العنى » فم تعرفه عن حضارة قدماء ارين ثلا صل إل 
والعابد الشىء ا ولا ترال مصدرا من شار 0 وفهمنا 
احضار مم . وزيارة الوفود الدبلوماسية أو السائحين المعالم البلاد التى يزورونما 
أو مصانعها أو مزارعها تكفيلة بأن : تعطجيم معلومات ومعارف كثيرة عن البلاد 
التى زاروها حتى قد تؤثر فيهم أكثر مما يفعل الكلام . 

امال اتی ينحتها ر وسيلة ا ٠‏ فهى تعبر مادام 
واللوسيقى والتصميمات اا والاعلانات 
الكلام وحده SE‏ 
yS‏ 
الرسالة » والظروف انحيطة ازال والمستقبل . 

اللغة وهى الرموز اللفظية المكتوبة والمسموعة من أهم وسائل الاتصال 
استخداما وأكثرها شيوعا فى الحياة اليومية ويرجع شيوعها إلى سهولة تذاولها 
والاعتياد عليها منذ الطفولة » وكذلك فهى لا تتطلب ممن يستعملها أجهزة 


مہ س ہین س ری م سے الا 


-- YY -- 


حاصة » وقد دفعت كارة استخدامها فى نواحى الاتصال الختلفة فى الحياة 
اليو مية الكثيرين إلى الاعتقاد الخاطىء بن اللغة اللفظية وحدها هي وسيلة 
الاتصال | الأصلية » وأن ما عداها من وسائل كاليات تعين على الاتصال - 


نحن لا ننكر دور الوه الوسائل اللفظية ى إيضاج المفاهم فى حياتنا اليوه اليومية ية وق 
ارس ل 0 اعتبار 0 اللفظية E e‏ للاتصال وان 
عون يي م اسه 
مميزات اللغة اللفظية . 


وما دامت أهداف عمليات التعلم والاعلام ؛ ؛ تنطوى على أكثر من إعطاء 
حقائق ننقلها باللغة اللفظية » اللفظية » وتشتمل على تكوين الاتجاهات وتعلم المهارات 
واكتساب العادات الطيبة » كان من المعبٍ تحقيقها طن طریق | اللغة اللفظية 
وحدها » لذلك ظهرتٍ امان 31 استخدام وسائل الاتصال الختلفة لتحقيق 
هذه الأهداف . فقد تكون الصررة وسيلة أكثر إثارة لعاطفة الانسان وتكوين 
و . وتكون الوسائل التي 
ضٍ الح ركة ١‏ أكار افائدة في تعلم المهارات من الصور الثابتة أو الف 
لکلا هذه المهارة . وهذا يشير إلى ضرورة اختيار وسائل الاتصال التى 
تناسب الهدف المقصود » وكلما بعدت الفكرة المراد اشراك المتعلم فيا عن 
جال خبرته المباشرة زادت الحاجة إلى استخدام وسائل اتصال تقدم نواحى 
ملموسة عن هذه الفكرة . 
يدعو تفاوت الناس فى استعداداتهم الفطرية والمكتسبة » وفى مقدار استفادتهم 
من لغة الكلام ومن وسائل الاتصال الأخرى أن يضطر » رجل الاعلام أو الارن 
إلى استخدام 8 من وسيلة لتحقيق الأهداف الاعلامية وا التربويةالنجاح عمليات 
التوجيه . نلحظ ذلك فى حياة الناس فبعضهم يفضلون الاستّاع إلى نشة 
الأعبار» يها يفضل آخرون ايها فى الصحف أو مشاهدما على شاثة 


التليفزيون » وپقضی بعض هواة. الادب وقتا ممتعا فى فى قراعة مسرحية | / لكاتب 
کا ت سج م اا نه ئر ا و ما ما د د 7" 





مشهور 2 بنا يفضل البعض الآخر مشاهدة هذه المسرحية عل قراءهها ٠‏ وعلى 
للك فالتنويع فى استخدام الوسائل المختلفة يزيد من فرص مقابلة الفروق الفردية 
بين الأفراد المستقبلين ومن ثم يؤكد نجاح عملية الاتصال . 

ان لكل وسيلة من وسائل الاتصال مزايا ونواحى قصور » وعلى المرسل أو 
المصمم المفاضلة بين هذه الوسائل على أساس مقدار مساهمتها فى توصيل 
رسالته . وتتطلب هذه المفاضلة دراسة خصائص كل وسيلة وكيفية استخدامها 
والقواعد الخاصة هذا الاستخدام » وسنحاول تقديم وسائل الثقافة والاتصال 
الانسانى فى الصفحات التالية . 


e‏ الثقافة والاتصال كثيرة ومتنوعة » وقد ازداد الاهتهام بدراسة هذه 
الوسائل 2ش وتحديد الخصائص «١‏ والسمات سات کی تتميز بها كل وسيلة » وقياس مدى 

تأثرها على الرأى العام . وذلك لأ لكل واحدة من هذه الوسائل طبيعة خخاصة 
تميزها عن الوسائل الأحرى » وقد تقدمت البحوث المعاصرة » ولاسيما فى الولايات 
المتحدة الأمريكية وأُوربا فى دراسة وتحليل وسائل الاتصال الختلفة . وتنقسم هذه 
الوسائل إلى ما بلى : 


| : الوسائل المطبوعة‎ - ١١ 


وتشتمل هذه الوسائل على : الصحف , وانمجلات » والدوريات » والكتب 2 
والنشرات ¢ والكتيبيات .واللافتات 3 واللصقات ٠‏ وهى الوسائل الإعلامية التى 
تنتجها الآلات الطباعية” الختلفة . 


وتشمل ا رالتسجيلات ا المختلفة , وغيرها ' من الوسائل التى 


نل لام ہي 


تعد عل عع الست ا 


ات 


۳ - الوسائل البصرية : 

وتضم هذه الوسائل : المعارض 2 والملصقات والطوايع والشعارا ات والنصب 
التذكارية 2 والأعلام 2 واللافتات 2 وغير ذلك من الوسائل التى تعتمد على حاسة 
النظر ا 85 


4 - الوسائل السمعية البصرية : 


وتضم الوسائل التى تجمع ين الصوت والصورة » مثل العروض السيفائية » 
٤ 2‏ ارح والفيديو . ا 


ه - وسائل الاتصال المواجهى ( الوسائل الشفوية ) وتشمل : 


. الاتصال الشخصى المباشر بين شخص وآخر في أي موقفٍ حوار‎ )١( 

(ب) الاتصال الجمهى بين شخص بمجمرعة من الناس بشكل مواجهى 
وتتمثل فى الندوات والمناظرات ونحاضرات وخطب رجال الدين . 

ولكل واحدة من هذه الوسائل مجال معين تستخدم فيه بنجاح » وقد 
لا تصلح فى مجال آحر » كا أن لكل وسيلة تأثبيها الخاص فى نوعيات معينة من 
الجماهير قد لا تؤثر فى نوعيات أخخرى » إلا أنه إذا اجتمعت الصورة مع الصوت 
فى وسيلة واحدة كان لذلك اوقع ( ف > التفوس يفوق فرق استخدا إحداهما فقط بدرجة 
وقد أصبحت الوسائل المرئية تشك ٥‏ من حصيلة المعرفة 
. الإنسانية » وتعير هذه الوسائل من أقوق وسائل الاتصال فى الرقت الحاضر 
والرسالة الإعلامية المكتوبة أو المسموعة التى قد يساء فهم مضمونما بدون صورة 
يمكن أن تصل إلى أذهان الجمهور غالبا فى لحظات وجيزة وبشكل أوضح ء 
وذلك مع استتخدام الصورة . وفى الحقيقة فإن الصورة يمكن أن تقص علينا قصة 
كاملة دون ما حاجة إلى تدعيمها بالكلمة إذا ما توافرت فيبا عناصر الجاذبية 








— 10 = 


والاستهواء المباشر ومسايرتها للزمن9"؟ . 
إلا أن كل وسيلة من الوسائل السابق ذكرها تتوافر لديبا قدرة معينة على 
إحداث أثر ثقافى إعلامى معين بدرجة ما . 
وسوف نتناول فى هذه الصفحات بشىء من الاختصار أبرز وسائل الاتصال 
التى تلعب دورا حيويا فى الحياة المعاصرة لنعرض طبيعة هذه الوسائل والصفات 
التى تميزها عن الوسائل الأخرى والمجال المناسب لعمل كل منها . 
وهذه الوسائل ھی : 
١‏ > الإذاعة . 
© التليفزيون . 
3ح الوسائل المطبوعة ( وتضم الكتب والصحف ولمجلات والكتيبات 
والنشرات وغير ذلك ) . 
4 + العروض السيزائية . 
ّ 5-56 وسائل الاتصال المواجهى 5 


أولا : اق : 


تأثييها لايا فل د الريفية » ويتميز الراديو در ١‏ من الاين التى 


ينغرد بها عن سائر وسائل الاتصال الأحرى وهى : 
نص الاذايت 


= 111 أن موجاته قادرة على اختراق كل أنحاء العالم في ,أقل من لمح البصير ‏ وقد 
أكدت الدراسات أن موجة الأثير تدور حول الكرة الأرضية فى نحو ممن ثانية » 
لا يقف فى سبيلها حدود أو حواجز سياسية أو طبيعية » ولذلك فالمذيا يعر 
أقدر وسائل الاتصال فى سرعة نقل الأتحبار”'؟ . منذ أن ظهر الراديو إلى الوجود 
N IE E‏ بانجاترا . العلاقات العامة فى مجالات التطبيق العمل . 
ترجمة -حسین الدیب . ص ۲٠۹‏ , 
(( عبد اللطيف حمزة . الإعلام له تاريخ ومذاهبه > ص ۲۰ . 








¥ 


وهو يلعب دوا حيوبا فى _تزويد العالم بالأعبار بسرعة وكفاءة » وقد ظلت هذه 
الصفة الإعلامية هى التى تميز الراديو . ذلك أنه إذا لم يتوافر عنصر السرعة فى 
الخبر الإذاعى فان تفوقه في نقل الأحبار سوف يضعف ویضمحل . 


| 5 ل يستطيع الراديو أن يخاطب كل الفعات والطوائف مهما اختلفت درجة 
التعليم بينها » وعلى هذءا فإنه وسيلة مناسبة غخاطبة الأميين > نظرا لأنه لا يتطلب 
أدنى درجات القدرة على القراءة والكتابة وانما يتطلب من الانسان أن يستمع فقط 
لا يقال . ۰ ڪڪ 


81 لابج الراديو إلى مجهود من جانب المستمعين فهو لا يتطلب تركيزا 
كاملا لمتابعة برايجه , حيث أنه من الممكن للمرء أ أن ن یارس أى عمل یدوی أثناء 
اشتاعه إليه » ولهذا فهو وسيلة مناسبة ریات ا ايوت حيث يستطعن تأدية عمل 
المنزل فى نفس الوقت الذى يتابعن فيه ١‏ الاسماع للراديو » أى أنه يعتبر وسيلة 
سهلة تبقى الناس على علم دام بما يدور حوهم من أحداث . والراديو هو 
الوسيلة الوحيدة التى لا تستحوذ على المين » أى أنه يمكن أن يخدم الإدسهور أثناء 
تناوله الطعام ٠‏ وأثناء قيامه بالعمل المنزلى » وأثناء تبوضه من النوم . واستحمامه » 
وشرائه متطلباته من الموق ) وكذلك أثناء طهو الطعام » وأثناء النزهة , 
والمعسكرات ء والذهاب للنوم ... إلم . وأصبح المذياع لذلك الصديق الداتم . 
ودعم من هذا ان اهام للراديو RÎ‏ أجهزة الكاسيت | الحديثة الخفيفة الوزن 


التى ظهرت منذك بدأية الستينات . 


عدا ميري مامتملاد ۰ 


11 يستطيع الراديو أن يصل إلى جماعات خخاصة مثل الأفراد الكبار جدا 
فى السن والأقل تعليما ٠‏ والأطفال » وغير ذلك من الجماعات المفتلفة الى التى قد 


يصعب علينا الوصول إليها بوسائل الإعلام الأخرى27 . 


يستطيع الراديو أن يجذب | 






4 المادة الاذاعية جاذبية خاصة » 


(۱) جببان رشتى . الإعلام ونظرياته فى العصر الحديث . ص ۳۲۳ . 


وهذه العناصر الثلائة هى'؛ المؤثرات الصولية | و الموسيقى ,(والحوار . وهذه 
العناصر الثلاثة تجتذب المستمع للراديو » وتوقظ انفعالاته وتخلق جوا من 
الصداقة والعلاقات الانسانية"© . 


أت بور ثر الراد ف أغلب الناس تأثيرا خاصاء وهو تأثير التوجيه 
الشخصى الخاص » فيتقل إلى ل السامع عالما من التفاهم غ غ رر مرف ل 
للف . حبرة 8 و ا فيمس أغوار النفس_ البشرية › كذلك فإن طبيعة 
الراديو نفسه كأداة مل وكة للسامع يشعر معه أن الحديك موجه إليه هو 
ويرجع إحساس السامع بملكيته وحده لحديث الراديو إلى وضوح الصوت 
أيضاً » لأن الراديو يقدم صورة صوتية واضحة » ويمثل إمتدادا للقوى السمعية 
والصوتية عند الإنسان » والصورة السمعية هى أول ما يربط بين أفراد امجتمع 
الإنسالى غير القارىء 

E Ey a o ET 
البيئة قليلة الحظ من الثقافة والتعلم › وكذلك كلما اخفض المستوى‎ 
الاقتصادى والمعيشى لللأة للأفراد , وذلك ن نظرا لأن أجهزة الراديو تتوافر فى الغالبية‎ 
العظمى من البيوت ولا يكاد يخلو منها مقهى أو مطعم أو باخخرة أو سيارة أو‎ 
قطار . والاتصال الإذاعى لا يتطلب من المستمع مقدرة ثقافية معيئة  ا‎ 
تتطلب منه وسائل الاتصال الأخرى . ولكثرة وجود أجهزة الراديو فى كل‎ 
مكان » يأجاً الئاس إلى التجمع حول أى ج حول أى جهاز ى ف الطريق ؛ ل المارل » أو فى‎ 
المقاهى . وى القرية القرية المصرية نجد جهاز رية نجد جهاز الراديو مفتوحاً باستمرار عند البقال‎ 
. ليس فقط لتسلية صاحب انحل ولكن لخدمة وجلب زبائنه وأصدقال‎ 





Barnouw, Erik: Ibid. p.p. 156-158. 0١ 
› 1٤١ فتح الباب عبد الحلم » إبراهم حفظ الله . وسائل التعليم والإعلام . ص‎ )۲( 
. 44 


'والإذاعات الما | أن تكون إحكومية تابعة للدولة أو أهلية تديرها شر کات 
رمساضقه والتوع الأول هو الأكثر اتنشار اء ويكاد یکون هو النوع الذى 
تعتمد د عليه الدول r ٤‏ من ناحية : توجيه مواطنيها وإزشادهم » أو الترفيه 
عنهم و جذب انتباههم . أما النوع | الثانى وهو و الأذاعات التى تؤسسها الشركات 
فيوجد غالبا فى الدول الر أسمالية »> إذ أنها تستخدم الإعلانات التجارية استخداما 
واسما » أى أنها إذاعات إعلان قبل أن تكون إذاعات اللتوجيه والإرشاد » وفى 
( الولايات المتحدة الأمريكية تكثر_مثل هذه الاذاعات بصفة خاصة . وى 


البلدان النامية. ا ين وموجهة . 


للراديو ا ا کم ان با یه یزد > وقد دلت البحوث التى 
اریت اق ا الصدد أن الأفراد الذين يملكون أجهزة التليفزيون لا يستطيعون 
الاستغناء عن الراديو بأى حال . فامتلاك الراديو ضرورة إلى جانب التليفزيون 
فى كل الأسر ر التى تمتلك الوسيلة » حيث أن التليفزيون يعتبر أكم رورة من 
الراديو البرامج معينة تتطلب الصصورة | والألوان » وأحيانا كثيرة : یکو الرأديو أكثر 
أهمية لبراج أخري امرتبطة بالدين والتعلّم 'والعادات والتقاليد , " 


ولذا فقد بدأت محطات الراديو تغير كثيرا من برامجها بما “ثم جمهورها 
الجديد بعد اتساع نطاق التليفريون » فنشطت ف فيه ٠‏ مختلف البراج ا التي تهذب 


المستمعين للراديو فى الأوقات التى لا يميلون فيها إلى مشاهدة التليفزيون مثل 
ارام الديئية والتعليمية والثقافية DE‏ والإخبارية الختلفة الوق 
وأخبار . الأسواة اق و ن والأحاديث ١‏ الخاصة بالزراعة والصناعة والتكنولوجيا والتعلم 
وغیرها .ان هناك محطات إذاعية نخاصة اللموسيقى » وأخرى للبراج 
الثقافية. ذات الطابع الخاص ¢ انب و وجود جود محطات أذ اذاعية” للقران | | جرم مع 
برامج فى التفسير والحديث وعلوم القرآن والفقه والأخيرة لما جمهور كبير فى 
كل أنحاء العام . 


س س 
)١(‏ حسن سعفان شحاته : التليفزيون والمجتمع ص ©" - 18 . 


ثا : التليفزيون : 


a‏ العناصر الثلاثة المؤثرة فى ميال الجماهير وهى 


اشرت راا ١واشركة!‏ ! والتليفزيون يبدب الأطفال والعوام والطبقة 
غير المتعلمة بوجه عام » ويتميز التليفزيون عن سائر وسائل الإعلا م الأخرى بما 


لى : 
اد1 


أنه أقرب وسيلة للاتصال المواجهي . وقد يتفوق التليفزيون عل 
الاتصال المواجهى . فى قدرته على تكبير الأشياء الصغيرة » وتحريك 
الأشياء البابتة . 

أن برا ج التليفزيون فى أغلبها برامج محلية و تختلف في درجة اهتامها بالبراجج 
الأجنبية وإحداث توازن بينهما » نظرا لأن التليفزيون مازال محصورا ف 
دائرة اثرة الإر سال المحدد بعكس الراديو الذى تصل موجاته إلى كافة أنحاء 
ا ولهذا فإن التليفزيون أقدر على مخاطبة الرأى العام داحل 
الوطن والأثير فيه » وللا فإن البعض يديره وسيلة علية فى حون أب 
ينظرون إلى الراديو على أنه وسيلة عامية » نظرا لقدرته على مخاطبة الرأى 
العام العالمى ٠.‏ 

تتطلب مشاهدة التليفزيون التف رخ الكامل المتابعة_براجه ء_ والتركيز 
لذلك من جانب مشاهدیه . بعکس الراديو الذى لا يشترط التفرغ 
وذلك التركيز لمتابعة براجه ,أ 

يستطيع التايغزيون أن يقدم المادة ة الإعلامية قبل أن تمضبي علي حدوثها 
فترة زمئية طويلة » إلا أنه لأ يستطيع منافسة, الراديو فى هذا السبيل . 
أن التليفزيون يتفوق على مختلفٍ وسائل الاعلام الأخري بصورة منقطعة 
النظيز فى الأحاديث السياسية التى يلقيها رؤساء الدول والحكومات 
والحكام والزعماء : وقادة: الرأى عن المسائل الدولية والقومية الهامة » 
وكذلك الأزمات السياسية الحلية والدولية والثورات والحروب 


لومس ی د یتک 


والمباريات الرياضية . اة , 


ان وجود التايفزيون ف, المساكن يغنى المشاهدين عن الذهاب إلى أماكن 
قد تكلفيم : مجهودا لا يريدونه أو . لايقدرون عليه » فهو وسيلة تيسر 
الإعلام للناس دون أن تكبدهم عبغا ماديا أو مشقة بدنية . 


لكننا فى النباية نستطيع أن تقول إن التليفزيون يعتبر أحدث وسيلة عرفها 
الإنسان فى مجال الإعلام فهو إذ يجمع بين الصورة والصوت وبذلك يستطيع ان يسيطر ” 
عل ان من أهم حواس الإنسان وأشدها اتصالا بما يجرى فى نفسه من 
أفكار ومشاعر . وهو إذ بقل إلى المشاهد الأحداث أثناء حدوثها فى أغلب 
الأحيان فإنه يربط بينه وبينها » وينقلها إليه ل فيا ع ان وانفعالات” 2 
وهو إذ ينقل إلى المشاهدين معلومات جديدة سواء فى محيطهم أو ارج هذا 
امحيط فإنه بذلك يوسع نظرتهم للعالم بأسلوب سهل وبطريقة مشوقة » وهو إذ 
يعرضٍٍ المشاكلي الاجماعية _ القائمة ف امجتمع فإنه فإنه لر الوعى والإحساس بهذه 
المشاكل ‏ ويوجد دافعا وحماسا ورغية للمساهمة فى حلها ق العليفزيون 
بدور هام فى تحقيق_الترابط_بين ن أجزاء الأمة . وتدل الابحاث على أن تأثير 


o emme mi n mE 


يفوق ا بر كل وسائل ثل الاتصال الجماهيرى الأخرى . 

ليا : الوسائل الطبوعة : 

تعتبر الكتابة فنا حضاريا حالما لاشك ف ذلك » وقد مارست ا الكلمة 
المطبوعة تأثيرها القوى فى الجماهير بأشكال مختلفة . وتشمل الوسائل المطبوعة” 
الكتب » > والنشرات » والملصقات ٠‏ والصور › زارا ا 
وانجلات والكوريات ‏ رغ ذلك . 0 

وتتميز الكلمة المطبوعة بالممق فى التفكير » والصبر على د قة البحث » لأن 
المادة المأطبوعة ا ف طیاا الاراء الآراء المدروسة م وتتيح المطبوعات للقارىء 
فرصة للتأمل والتمعن فى الفكر المطبوع الذى بين يديه أ من مرة . 

وهو فى كل مرة يزداد تثبتا من الفكرة ويتمكن من تقليب وجوه الرأى 





— ۳۹ - 


فها. وهو مالا الا يتاح للمستمع إلى مذيع فى الراديو أو التليفزيون » أو المستمع 
إلى محاضر أو نخطيب . وتتميز المطبوعات على وسائل الإعلام الأخرى 
بالصفات الآتية : 


١‏ - إن المطبوعات_ أقدر عل الاحتفاظ بالمعلومات التى لديها أطول مدة 
تمكنة » وهى بهذا تب تييع الفرصة للقارىء لكى يشاهد الطبوع أكاز من 
رلك يتا بس لقا القن بوذ إن جر جز عا 


۲ - إن المطبوعات هى وب وسيلة الاتصال الوحيدة التى يستطيع القارىء > أن 
يعرض نفسه عليها فى الوقت الذى يناسبه ويتفق مع ظروفه . 


٠‏ - تمتاز المطبوعات أكثر من أى وسيلة أخرى بقدرتها على التصرف_فى 
دة ثي تضاف أل حجم » وبأ تفصيلات تظهر الاج الها 
ومعنى هذا أن المطبوعات هى أفضل وسيلة لتقديم الموضوعات الطويلة 

والمعقدة . 

4 -- تستخدم المطبوعات بنجا أكبر نجاح أكبر مع الجماهير المتخصصة 2 مثل طلبة 
امسة بود الت رعرادالثرة ورين ل الم إل خم 
ذلك . 

ه - تمحتاج المطبوعا المطبوعات إلى مساهمة أكبر من جانب جمهورها بدرجة تفوق 
المساهمة المطلوبة لجماهير وسائل الاتصال الأحرى » وذلك لأن 
المطبوعات لا تواجه جمهورها متحدت يسمعه 07 يفعل الراديو 2 أو 
E‏ هو ف ريون أو العرض السيناق 8 يسمح 


aaa a ° E mE ne خعصي‎ 


السضل لان ات کیا جره مز ل اال ۴ کس سی 
الرادير 0 مشاه التليفريون والعرض السیهاى > لاله مضطر إلى أن يسه م 
بشكل خلاق فى نوع من أنواع الاتصال غير الشخصى؟ . 
)١(‏ تعمان ماهر الكتفاتى . مدخل فى الإعلام . ص 7١‏ . 


لو 


يز اللطبوعات بألفاظها وعباراتها المغرية بحيث تتوافر لما القدرة على 
عيادة الشارىه iY.‏ قماز بالقدرة فى تقدم, العنصر الثقاقي العلمى » 
حيث إنها لا ثثير التشكيلك ف نوايا ااطبوع . ا تتميز بوضوح المقاصد 
والأهداف لأن الكلمة المطابرعة تتطلب هذا الوضوح . كالكتابة التى 
تدور 105 المقصد » أو تضطرب فى مجال الهدف دون أن تلمسه 
لاتترك أثرا لدى القارىء » ونخاصة إذا كان محدود الثقافة شأن الأغلبية 
التي تتألف منبا عامة الناس . والمطبوعات يفترض دائما أنها تحتوى على 
مادة علمية مفيدة يحس بها القارىء لا فارغة يزهد فى قراعتها أو عدم 
الفائدة منها . 


عوامل نجاح امابو عات 5 


يتوقف بام المطبوعات على ثلاثة عناصر هى : 
المضمون أو الرسالة : وهو الموضوع الذى تتناوله هذه المطبوعات 
وطريقة معا ته » ححيث أن المادة التى تحتويها الطيوعات . 2 تحتل 
امرتبة الأولى من حي الأهبية . ومن هنا يجب مراعاة الأمانة والدقة ى 
تحرير المادة المطابوعة » وأن تم كتابتها بلغة صحيحة موضوعية . 


المألهر : وهو الشكل الذى تظهر به هذه المطبوعات اا 
الطباعة والألو ان » والذى سيترتب عليه الانطباع الباشر الذى حك 
عة الجمهور من أول لحظة . 

التوزيع والشر. : ويم توزيع المطبوعات على ضوء معرفة الجمهور 
المستجدف الذى نرغب ف التوجه إليه . وهنا يجب أن نضع هذه الأسعلة 
الثلاثة نصب أعيننا بالنسبة للإعداد والتجهيز وأهم نقاط توزيع 
المطلبوعات » وهى : كيف » ومتى » ون » توزيع هذه المطبوعات ؟ 


لأنها تمثل موضوع كتابنا هذا » الموضوع المعروف باسم(قضية النشزم ` 


الال - 


رابعاً ٤‏ السينا 

قد أشارت البحوث التى أجريت على السينا فى الولايات المتحدة الأمريكية 
بعد كدرب العالمية لي الثانية أ أن السينا من أقوى وسائل الاتصال بالنسبة للأطفال 5 
كا أثبعت البحوث التى ا ف أغلب دول العالم أن ثلثى رواد السينا من 
الشباب دوك الثلاثين 


وقد أشارت 50 إلى أن الوسائل السمعية والبصرية كالأفلام الناطقة 
تمتاز بتأثيرها القوى بحكم واقعية الصورة وحيويتبا واقترانها بالصوت المعير » کا 
أثبتت التجارب أن الوسائل البصرية تمتاز بقدرتها الفائقة على الاستهواء , 
ويؤكد معظم العلماء هذه التيجة بالسبة للأطفال فهم يصدقون ما يرونه من 
الأفلام حتى ليصعب جدا تعديل التأثي ثيرات الناتجة عن المشاهدات السينائية عند 
بعضهم » وغنى عن البيان أن عادات المثلين على الشاشة كالتدخين واختيار 


الأزياء سرعان ما شس بین المراهقين ‏ وغيرهم من شدیدی الحساسية 
, 





للاستبواء 


وأنه بالرغم من أن السينا ھی أصلا وسيلة اترفيبية فإن الدول امختلفة 
الديمقراطية منها والدكتاتورية قد استغلت متغلت الأفلام , فى محال السياسة ا استغلها 
المعلنون فى مجال الدعاية التجارية . وهنا يجب التفريق بين الأفلام التنجارية التى 
تحمل الدعاية بين طياتها ويذهب الناس لمشاهدتها بمحض إرادتهم والأفلام 
الدعائية القصيرة التى تنتجها سلطات الدولة المنوط بها شكون الأعلام » والتى 
تعرض على الناس فى دور السينا والنوادى أو الميادين العامة والاجماعات , 





وقد اتضح أن الجمهور الذى تعرض عليه الأفلام الدمائية يتقبلها فى بعض 
الأحيان بالفتور وعدم الاهتام . 

وقد أهتمت أجهزة الثقافة والإعلام فى دول العالم ببذا النوع من النشاط 
الإعلامى بعد ما تأكدت قوة تأثيرها فى تحقيق رسالة الدولة فى مختلف الميادين » 

. ۱۹۳ إبراهم إمام الاعلام والاتصال بالجماهير. ص‎ )١( 


وبعد ما تأكدت قدرما على دشر الوعي ويث الروح القومية لدى اجمهور , 

ومن أجل هذا تعنى هيئة الاستعلامات وأجهزة الاعلام الزراعى والصحى 

وغيرها بإنتاج أفلام سينائية تسجيلية عبدف إلى إعلام الجمهور بالمنجزات الى 

حققتما الدولة » وتزويدهم بالمعلومات الحديئة فى كافة المجالات . ومعنى هذا 

أن ألسينا لرتصبح ا كانت من قبل مجرد وسيلة للترفيه وشغل أوقات الفراغ » 

ولكنها انها أصبحت وسيلة اتصال لا تقل فى أهميتها عن أقوى الوسائل الإعلامية 
E‏ 


والفيلم الإعلامى الناجح هو الدى تتوافر فيه الشروط الآنية :- 
١‏ - أن تكون فكرته مما ينفذ إلى شعور المشاهدين ويثير مشاعرهم ويحظى 
باهمامهم . 

١‏ - أن يكون أسلوبه طريفا جذابا » لا يرهق الأبصار ولا يبقل على 
الأعكات 5 

۳ أن تلام أحداثه المعقول والألرف . 

¢ أن يشير إلى هدف أو غاية محترمة لها مكاتتها فى النئر؛ . 

ه - أن يستخدم التوجيه بلباقة وحذر » وإلا انقلب إلى دعاية قد تقابل 
بمعارضة . ش 

* - أن يحسب عوامل الزمان والمكان والظرف المعروض فيه » وليس من 
شك فى أن الفيلم الإعلامى الناجح يستطيع أن يؤثر فى المشاهدين تأثيرا 
بالغا فتنعكس آثاره عليهم مما يجذبهم إلى جانب الهدف أو الغاية التى 
يعرض الفيلم من أجلها . 


ی والتليفزيون ن 


الة اله عرض + خاصة و ف م محطات ت الارساا ساك رل > تحول ا a‏ 0 نبضات 


. 1۷ نعمان ماهر الكنفاق مدخل ف الإعلام . ص‎ )١( 


كهربائية ماپا مو جات اللاسلكى إلى أجهزة الاستقبال التليفزيونى » أو 
تكون مسجلة على شريط مغناطيسي يسمى « فديوتيب » وتستخدم فى 
#بملات الارسال اله خخاصة مة لقر اءة هذا الشريط وتمويل إشاراته الهدوتية والمرئية 
إلى نبضات كهربائية تتقلها الموجات اللاسلكية إلى أجهزة الاستقبال . ومن 
هذا يتضح التشابه بين العمل السيناى والعمل التليفزيوفى » ولكنهما يمتلفان فى 
مجموعة من الصفات تيز اسلوب عمل كل منهما » وهى!" : 

١‏ - أن التليفزيون أقا أقدر على _نقل الصور المتحركة الناطقة للأحداث للظة 
وقوعها إلى الناس فى منازهم أو مدارسهم أو مقار اتا ؛ فى حين تتدللب 
' السينا لتصوير سوير الفيلم وتحميض وطبع نسخ منه وإعداده للعرض ثم توزيعه على 
الجهات امختلفة وة وقنا أطول . 

- يتميز التايفزيون علي السيذا فى أنه لايتطلب من الجمهور أدنى درجات 

الاستعداد لمشاهدة برايجه » بيها تتطلب السيها استعدادا معينا لمغادر ة المنزل » 
ات إل حيث يعرض 01 اناق i‏ فان 08 النفسية لمشاهدة 





المائل. TT‏ فى حالة ا أما 1 خا ع فالظروق 
تختلف باحتلاف مكان المشاهدة والمشتر كين فى هذه المشاهدة » والجو العام 
الذى يحيط بهم . 

* + إن التليفزيون : يمكنه الاتصال بالجماهير فى أأماكن متفرقة ومتباعدة في 
وقت واسحد ینا آم تعجز السينا عن ذلك » لأن وصوها إلى الجماهير فى أماكن 
متفر فة ة ومتباعدة يستلزم ارسال نسخ من الأفلام السيمائية إلى هذه الجهات » 
وتقوم هذه الجهات بدورها بتنظم وقت عرض خاص هما » كا يستلزم أيتضاً 
تكرار عرضها للوصول إلى نفس العدد من الناس الذين قد يصل إلممم 
التليفزيون . 

4 - شاشة السيها تتيح فرصة تكبير الأجسام المعروضة عليها » وقد تفصح 
)١(‏ فتح الباب عبد الحلم » إيراهم حفظ الله . المصدر السابق . ص ۳۸۳ . 


الصورة المكبرة عن دقائق وتفاصيل يصعب إدراكها. على شا شاشة شة التليفزيون 
الصغيرة فالصورة السيغائية بهذا تشمل تفاصيل أكثر وضوحا من الصورة 


ونتيجة لهذا فإنه يفضل فى برناج الت لتليفريون استخدام اللقطات المتوسطة 
والمكبرة والإ والإقلال من اللقطات_ال العامة » کا يفضل أن تكون عناصر الصورة 
قايلة غير معقدة التكوين فى التليفزيون حتى لا تزدحم الشاشة الصغيرة » ومن 
م يعجز المشاهدون عن اب ا و عليه ) أن كبر حنم عاف الا 
فيودى إل إمكانية حشد أعداد كبيرة من الناس فى مكان واحد لرؤية الصورة 
السينائية » بينا يصعب على أكثر من ثلاثين شخصا ف المتوسط الالتفاف حول 


جهاز تليفزيون واحد لمشاهدة برامجه بوضوح . 


260 تستطيع السينا استخدام الصور الملونة على شاشتها بتكاليف أرخص 

من التليفزيون » لأن ارسال صور تليفريونية ملونة واستقباها_ملونة أيضا 
يطب يكارت ةق عات ل وکات امین اتال ليقزيولة 
ملز أغل فى أمعارها من أجورة الاستقبان الفاوية . ولهذا فإت السينا الملونة 
سبقت التليفزيون, ا ٠‏ 


وإذا احتوت اله الصورة على الأشياء بألوانها الطبيعية » أو بما يقرب منها بتعبير 
ا نض اقرب | ب إلى واقع الىء من الصورة_ بالأبييض والأسود وأحيانا 5 
الصورة الملونة عنصرا رئيسيا فى نقل الرسالة ولاسيما عندما يكون الهدف 
وضيح اما کی ملل طباعة القماش ٠‏ أو ألو لوان الخزف . 


أثر التليفزيون على السينا :) 
السينا من وسائل الاتصال التى تأثرت_بوجود التليفزيون 2 وقد أكدت 
الأحصاءات أن رواد السيعا السينا قد قلت نسبتهم بعد ظهورٍ التليفزيون وأنه كلما 
نعشر التليفزيون كلما أدى كلما أدى ذلك إلى إغلاق دو دور السيما” 3 کا ندل الإاحصاءات 
0 1 رواد السيئا فى انخفاض مستمر بلا انقطاع » ومن أجل هذا حاولت” 


دور السينا إغراء الأفراد بمختلف المتلول مجذمهم إليهم » ولكن هذا لم يفلح فى 
حل المشكلة + وكان لايد هذه الشركات أن تمي e‏ بان تنج أفلاما 
خاصة للتليفزيرن ٠‏ ۴ قامت بتسهيلات كثيرة لكي توفر لشركات التليفزيون 
الأفلام الس السيهائية القديمة التى غطت نفقاها ورت ٠‏ مها هذه اشر كات آر باسما 
طائلة فى الماضى » غير أن فريقا من الباحئين يرون أن السيها ين يطبي عليها 
نهائيا » لأنها توفر للناس جوا لا يستطيع المتزل, أو أى مكان آخخر توفره هم » 
وذلك بصرف النظر عن الأفلام المعروضة ونوعيتها ET‏ > کا یری عدد آخخر 
من الباحثين أن التليفزيون قد يغنى الأفراد عن السينا فى السنين الأول لاقتنائه 
فقط » ثم بعد ذلك يسام الأفراد منه ؛ ويضطرون للخروج من النزل للسسينا 
کالمعتاد . هذه اراء بعض الباحثين ؛ إلا أن جميع البحوث تكاد تكون مجمعة ٠‏ 


على أثر التليفزيون الضخم على الصناعة السينائية المهددة بالزوال20 . 


خامساً : الوسائل الشفوية :2 " 
يعتبر الاتتصال المواجهي أو الاتصال وجها لوجه بين المرسل والمستقبل هو 

ل الأو ل من أشكا شكال الاتصال الانسانى » وظل هذا الشكل من أشكال 
الاتصال كار ر الوسائل ا الستخدعة ل مر التاريخ » بل لقد ظلت هذه 

هى الوسائل الأساسية لاستمرار الحياة الإنسانية بوجه عام . وقد كان الاتصال ‏ 
والاتجاهات جېذه اول ذا فعالية كبيرة الإعطاء التعليمات والحث عل 
العمل » ک) كان أ .تأثيرا لاحداث التغيير ف المواقف والاتجاهات » وبقيت 
وسائل الاتصال الشف ¢ Verbal Communication‏ حتى بعد اختراع الكتابة 
والمطبعة هى الوسائل النى ظل تفوقها ليس محل شك . 

وقد کان یم تبادل الأخبار بين مختلف البلدان فى بادىء الأمر عن طريق 
الكلمة المنطوقة ٠‏ واستمرت هذه الطريقة همستخدمة حتى القرن الغامن عشر 3 
بل أن الممارسة للسياسة العامة تعتمد إلى اليوم على الكلمة المنطوقة إلى جانب 
الكلمة المكتوبة . سد يب اسلا 
(۱) حسن سعفان شحاته . التليفزيون والمجتمع . ص 58 - ١لا‏ 





ولا تزال الوسائل_الشفوية) حتى الآن تحدث أثرا قد لا تستطيع أجهزة 
الإعلام الجماهيرية أن تحدثه فى نفوس الجماهير وعقولمم » ولاسيما فى 
المناسبات العامة والأحداث | الخطيرة ة التى تمر بها الأوطان . ذلك أن المتحدث فى 
اجماع مثلا يستطيع أن يتجاوب باستمرار مع مستمعيه عير ل 
يا يستطيع أن يؤثر فيهم بصوته ومظهره العام وإرشاداته وتلويحاته . 


ويضاف إلى ذلك أن المستمعين يؤثر بعضهم فى البعض الآحر با يصدر 
عنهم من انفعالات ظاهرة أو تعليقات » ويسرى هذا الأثير فى جميع صفوفهم 
بفعل اللحاكاة والتقليد والمشاركة . 


ارز الاتصال n‏ المتداولة بين الجماهير فى مختلف الجالات 


١7‏ - الاتصال ف ويتمثل فى الاتصال؛ بين إن فرذين ا ريل 
ر 


7 5 الاتصال | الجمعى) : ويتمثل فى الوسائل التالية : 


لل ak reer‏ 
| حا -أفطبة 

9 
اد و 


ب -المحاضر 8. 
جي_-الندوة . 


N 


والخطبة تعتبر من أقدم وسائل الاتصال ف المجتمعات الإنسانية » وقد كانت 
وسيلة الإقناع الممتازة فى عصور البداوة الأولى » وفى هله البيعات تظهر الموهبة 
اللسانية » وقد ظهر هذا واضحا فى تاريخ العرب والرومان . وأن تارج الأدب 
الجاهلى حافل بالأمثلة العديدة على صحة هذا الكلام » ومن أوضح الأمثلة على 
ذلك سوق عكاظ بمكة وسؤق المربد بالبصرة(" والميادين العامة والملاعب عند 
اليونان . = ا 


. ١7 عبد اللطيف حمرة . الإعلام له تارجنه ومذاهيه . ص‎ )١ 





- #8 سد 


يبيل تسيا ستتتص سيت حدية ف 


وتتميز الخطية عن الحاضرة إى أنبا تتوجه إلى العواطف فى أغلب الأحيان 
تثير الانفعالات فى نفوس الجماهير وتحرك مشاعرهم الحماسية معتمدة على 
مقدرة قدرة الخطيب الكلامية ونبرات صوته . وهذا فهى أصلح ‏ وسيلة مخاطبة 


الفعات الشعبية والطوائف التى لم تحصل على نصيب كاف من التعلم . 


> 


- المحاضرة : أما المحاضرة فتعتمد غالبا على الحجج المنطقية » والأسانيد 
ج ية والاحصاءات الدقيقة . ذلك e‏ تتوجه بصفة أساسية إل العقل لإقناعه 
والتأثير فيه » وهذا فهى أنسب وسيلة نخاطية :طوائف المتعلمين + والفقات 


e ی‎ 


المثقفة . 
وامحاضرة وسيلة لفظية_ * لفظية شائعة الاستعهال ف مختلف المجاللات الصحية 


والزراعية والسياسية والتعليمية والاقتصادية إلى غير ذلك . 


وم نإشروط نجاح المحاضرة أن يكون القائم بها خبيرا فى موضوعها » وأن 
واف لد لديه خبرة ة كافية عن الجماهير التى سیتحدٹ إلا من حيثث عددهم)' 2 
ونوعهم » وات أعمارهم » وكذلك ميوهم_ ومعتقداتہم › وحاجاتہم 
وأعماهم » وخبراتهم وظروفهم الاقتصادية والثقافية » وطبيعة البيئة التى 
يعيشون فيبها . حيث أن مثل هذه الخبرة سوف تساعد عل اختيار المعلومات أو 
الاه المناب المناسية هم > ومن امهم أن تكون « هذه المعلومات والفامم صحيحة 
وحديثة وأمينة وكافية ومنظمة ومترابطة » وتدور حول فكرة أو مفهوم رئيسى 

يبد أعطباء الجماعة() , 


ومن عوامل نجاح الحاضرة أيضاً أن يشجع الحاضر مستمعيه على السؤال 


والمناقشة وإبداء الرأى 2 وأن يساعدهم على ربط الأفكار الفرعية وأن يسير 


ي د 3 ة تناسب ا وح 
worm amare e‏ 5 
ترح لفوت ب e‏ 


. 48 ٠ 47 محمد محمد عطية . وسائل الاتصال ومجالاتها واستخدامها . ص‎ )١( 


س 


رم تت O‏ 


2 272 #حوصية قاعم سیه 





ای 1 ا و ری ر و ورين وا ليع ف 
قبل حسب تخصصامم . وتتميز الندوة بما يل : 


5 0 بين الخبراء والجمهور فى اتجاهين © ذكرنا . 

9 - يستمع اإجنهور لرا أكثر من خبير» ويعاز هذا التفاعل وتتوع.. 
الآراء = اوتعدد المتحدثين بأنه يزيد من تشوق وانتباه واههام الجمهور 
بموضوع الندوة وحسن تفهمه لا . 

٣‏ - تكن البدوة رخل الأعلام من مواجية متاك اوور اة ن 
كرات متعددة عن طرق خبراء فيها . 


ولکی, يتحقق للندوة | إمكانيات » النجاح فإنه لابد أن قر بالمرا1, الانية : 


١‏ - - مرحلة الإعداد, : : Preparation‏ يث یتم ٤‏ تحديد موضوع للندوة 
يحقق غرضا وأضحا مهم الجمهور ول ذلك سي اع وای لر 
ها 2 وتحديد جمهور ر الندوة 2( + وإعداد المكان المناسب للجمهور وكذلك تحديا تحديد 


اص پاس 


الوقت الا ندوة ¢ 37 أنه لابد من الإعلان عن الندوة حتى يكون 


E‏ للق عد 6 سن لعج 


J‏ مرحلة السفيل fy (Execmtion‏ مع بداية الندوة يمهد ها بكلمة 
عرة مث يدم شا لمر »م شر کر سی أنه كن 2 


airmen م‎ 








موعدها إلحدد ل 


لم Evaluation gj lye‏ ) وهى المرحلة التى يع ف فيبا دراسة مدى 
نجاح الندوة فى تحقيق المدف الذى أعدت من أجله » وذلك عن طر طريق عمل 


یمسر 


aa, hat Lb A FPF 








استفتاء » وتوزيعه على جمهور الندوة أو مناقشتب أو عن طريق توجيه أسكلة 
شفوية أو تحريرية إليهم » أو يطلب منهم كتابة تقرير عن أرائهم. > وعما 
استفادوه من هذه الوسيلة . وعلى ضوء ما يظهر من هذه الدراسة يم تقرير مآ 
يب إجراذه كأن يكتفى با م أو يستكمل بوسيلة أخرى » أو معاممة الأخطاء 
ومراعاتها مستقبلا 


والندوات ارب إلى نفوس المستمعين لتعدد المتحدثين فيها » الأمر الذى 
يدفع اللل ويحث على التشاط » وييعث فى الاجهاع_حرارة وحر کة » کا أن 
إشراك المستمعين لى المناقشة » واتخاذ القرارات يشعرهم أنبم أصحاب القضية 
العروضة ؛ ‏ ويزكد امان ا و افنناعهم بما يسفر عنه الاجاع من 
توصيات7"© . 


أحيانا تطبع أحاديث الندرة فى كتيب أو كتاب لتوزيعه على المهتمين بقضايا 
الندوة » ليعاودوا اثارة مجالات أخرى يرون أنها تفيدهم وتهمهم فى حياتهم , مما 
سا يدفع الخبراء الاعلان عن ندوات أخرى تكميلية تنافش مختلف الاتجاهات الثى 
يتساءل عنها الجمهور العام . بما يكون دافعا لكثير من الخبراء لكتابة مؤلفات 
متتصصة وعانا ١‏ دم كل القضايا » فى كل المجالات العلمية والاجتاعية » 
والأقتصادية والسياسية وغيرها . ومن هنا تتسع دائرة نش الكتب والمطب والمطبوعات 
خاصة مع التطور الصناعى والتكنولوجي . لذا وجب علينا ايضاح مفهومات 
النشر فى الفصل التالى . 


() أنور أحمد . التوعية الاجتاعية . ص ٠١‏ . 


الفصل الثانى 


بعض الجوانب لمفهومات 
ومعافی الدشر 


الفعمل الثالى 


بحض اجوانب لفهومات السشر 


نشأت « مهنة النشر » كغيرها من المهن الثقافية حول الكتاب وما يقوم 
مقامه من وسائل الاتصال الانسانى » وكانت هذه المهنة فى أول نشأتها بسيطة 
التكوين » ضيقة المجال » يمارسها أصحابها بمنطق الذكاء الفطرى , مع قليل من 
الخبرات المكتسبة » والتجارب التى تأنى نتيجة المحاولة والخطأ . وظلت كذلك 
على مر العصور » ويتعقد تكوينها شيئا فشيئا » وتتسع حدودها فى الاتجاهين 
الرأسى والأفقى . وتتراك الخبرات والمعرفة والتجارب لتصبح ثروة جديرة 
بالرعاية والتنمية . ويبدأ بعض محترف المهئة بتسجيل هذه الخبرات فى صورة 
فطرية على شكل مذكرات ويوميات » أو نصائح وارشادات » وتدخل مهنة 
النشر المرحلة اتمهيدية للدراسة والبحث » لأنها أصبحت من موضوعات 
الكتابة والتأليف » وينمو هذا الرصيد من الفكر المكتوب حول مهنة النشر 
ومناشطها » وكان هذا الرصيد هو الحجر الأول فى « دراسة النشر » . 

فى المرحلة الأولى » لم يكن من الطبيعى أن تتنبه مهنة النشر إلى الحدود التى 
.تصل أو تفصل بينها وبين المهن الثقافية الأخرى . وكان أصحاب المهنة 
يتح ركون داخل نطاق محدود من الأعمال البسيطة التى يصعب الفصل بينها 
ممارسة وعملا » وان تميزت فيما بينها تفكيرا وتجربة » وتنغير ظروف الممارسة 
عصرا بعد عصر ويتسع نطاقها وتحم ظروف التطور الحضارى الاعتراف بمبداً 
التخصص . 

وضعت اللبنات الأولى فى دراسة النشر على هيعة مذكرات|واراء ونصائح 
العاملين بالمهنة إلى ذويهم » وعللى هيغة مناقشات فكرية لرسم اطار المهنة 
وحدودها . ثم نما الرصيد الفكرى المكتوب حول النشر » وتنوعت دراساته » 
وتفاوتت مستويات التأليف فيه . فهناك النوع الخلاق وهناك التحقيق العميق » 


— fo -— 


وهناك مختصر الحقائق » وهناك الموجز الارشادى  »‏ وهناك التقرير الادارى » 
ولكننا نستطيع أن نلمح من خلال هذه الأنواع . امختلفة الألوان التيارين 
الأصيلين : تيار المذكرات. والآراء والنصائح » وتيار المناقشة الفكرية » تسمع 
فى التيار الأول أصوات الهنة حية تتحرك فى المجال التطبيقى بما فيبا لغة الأرقام 
ومنطق الممارسة والتنفيذ » وترى فى الثانى هدوء البحث الأكاديمى والروح 
الجامعية . وفى هذا المقال نعرض لثلاثة جوانب فى دراسة النشر » هى : 


. تعريف النشر ومفهومه‎ - ١ 
. ؟ - النشر والتكنولوجيا المعاصرة‎ 
. ؟ - النشر والكتاب‎ 


تعريف الدشر ومفهومه 


المعى اللغوى : 

جاء فى القاموس الحيط للفيرورزابادى تحت مادة ( ن ش ر ) معان كثيرة » 
منها : الريح الطيبة » أو الريج بصفة عامة » وإحياء اميت » والحياة » وانتشار 
الورق » وايراق الشجر والأرض ناشرة إذا أبنعت » والنشر ضد الطى » 
والتفريق ؛ واذاعة الخبر تعنى النشر . وجاء من المشتقات : « انتشر » الخبر 
انذاع » و« المنشور » الرجل النعشر الأمرء ومن الواضح أن هناك قدرا 
مشتركا بين هذه المعانى هو أصل المعنى » وليست المعانى المذكورة الا تطبيقا 
لهذا القدر فى مجالات متنوعة من الاستعمال . هذه الاستعمالات بدورها يمكن 
أن تقدم لنا العناصر الأساسية للمعنى اللغوى فى صورته المتكاملة . فالدشر من 
الناحية اللغوية : مزيج من الايجاد , والاعلان . والتفرق إلى جزئيات صغيرة 
تتوز ع هنا وهناك » فكل عمل أو مادة توجد فيبا كل تلك العناصر أو بعضها 
يمكن أن يستعمل فيه كلمة « نشر » أو ما يشتق منها . 


وقد ١‏ ستعملت هذه الكلمة ومشتقاما ف المعافى اللغوية السابقة > ووردت 


لد 


فى الشعر العرلى أثناء العصر الجاهلى » كا استعملت فى القران الكريم » وظلت 
كذلك مثات السنين., وقد أصابها خلال تلك الفترة ما يصيب الكلمات من 
تطور فى مدلولاتها اتساعا أو ضيما أو تعديلا » والذى يهمنا من تطوراتها 
الدلالية أنها أصبحت فى العصر الحديث تقابل مدلولا خاصا لكلمة 
” طوناطباط ““ فى اللغة الانجليزية » وهو المدلول الذى يبمنا لأنه مدلول النشر 
فى معناه الذى يرتبط بوجود المكتبة كا يرتبط وجود المكتبة ب . ولسبا ندرى 
متى استعملت الكلمة العربية لتدل على هذا المعنى لأول مرة . 


وأغلب الظن أنها اخعيرت فى أول الأمر لتقابل الكلمة الانجليزية أو الفرنسية 
مقابلة لغوية عادية » ثم اكتسبت معناها الخاص أو الاصطلاحى مع الأيام 
وبالتدريج وبتداول الاستعمال فيه » وذلك لأن المدلولات اللغوية العامة لكلمة 
إنااد۴ فى الانجليزية تشبه المدلولات اللغوية التى تعرفنا عليبا لكلمة 
« نشر » العربية . باعتبار أن هذا المعنى الخاص فى الكلمة العربية « نشر » من 
المعانى الحضارية التى دخلت إلى المفردات العربية بعد أن نمت هذه المعافى 
واستقرت ف المفردات الأوربية المقابلة - فعلينا الآن أن نعالج الدلالات اللغوية 
العامة فى كلمة 8أةذاطناظ الانجليزية تمهيدا لتوضيح المعنى الاصطلاحى الذى 

جاء فى « قاموس أكسفورد الوسيط »() أن هذه الكلمة #قثاطناظ عرفت 
فى الانجليزية لأول مرة أثناء « عصر الانجليزية الوسطى » ١١6٠١0‏ - 
١17‏ ) وأنها جاءت إلى الانجليزية من الفرنسية 165اطناظ والفرنسية أنحذتها 
عن اللاتينية 110856طنا8 وأنها أخذت عدة أشكال ف الانجليزية ثم استقرت فى 
الشكل المعروف اليوم . أما الدلالة اللغوية العامة فائها ندل على جعل شىء ما 
معلوما بصفة عامة أو جماهيرية , ألا وهو الأخبار أو الجهر بأمر دون خخفاء , يا 
تدل على اذاعة عقيدة من العقائد أو نظام من النظم . وهذه الدلالة اللغوية 
العامة ما تزال موجودة منذ نشأءها حتى الآن . 





I- Shorter Oxford Dicitionary 00) 


وهناك دلالات خخاصة مأخوذة من هذه الدلالة العامة » وقد ظهرت هذه 
الدلالات الخاصة باعتبارها متفرعة منها » بعضها فى أوائل عصر الانجليزية 
الجديدة ( ١41/5‏ م) وقد اندثرت بعض هذه الدلالات وبقى بعضها, 
وسوف نعرف أن-المعنى الاصطلاحى الذى نهم به كان أحد تلك الدلالات 
الخاصة وآخخرها وقد ظهر حوالى عام ۲۹١٠م‏ . 

ويهمنا الآن أن نوازن بين الدلالة اللغوية العامة هنا والدلالة اللغوية التى 
تكونت للكلمة العربية » ونحن نقدم فى هذا الصدد الملاحظات التالية : 


۹ 


2 


العناصر الأساسية للدلالة اللغوية موجودة فى كل من الكلمتين بصفة 
عامة » وخصوصا عنصر الاعلان , والتفرق إلى جزئيات صغيرة تتوزع 
هنا وهناك . 

تطبيق هذه العناصر الأساسية فى الاستعمالات تعطى ف العربية يحالات 
متعددة منها ما يتصل بالطبيعة فى أوسع معانيها منها المظاهر ال جوية مثل 
انتشار الرياح الساخنة أو الباردة وانتشار زراعة نبات معين فى مناطق 
حاصة أو انتشار ظواهر وعادات وتقاليد اجتاعية فى مجتمعات تختلف 
عن غيرها فى هذه الظواهر . ومثل انتشار روائح النبات دلالة على 
وجوده » ومنها ما يتصل بالنشاط الانسانى مثل الأخبار » والشهرة » يتمثل 
ذلك فى انتشار أخبار الناس وشهرة العاملين فى مجالات الفن والسينا 
والمسرح وانتشار كل ما يتعلق بحياتهم وتصر فاتهم . أما فى الانجليزية فانه 
لايغطى إلا النشاط الانسانى فقط وخصوصا ذلك النشاط المتصل 
بالأخبار على اختلاف أنواعها وتعدد مناسباتها . وكل الدلالات اللخاصة 
فى الانجليزية ترتبط بهذه الدائرة المدودة . 

يرجع التفاوت فى تطبيق الاستعمالات اللغوية بين الكلمة العربية 
والانجليزية إلى أن الأولى عاشت أضعاف ما عاشته الكلمة الانجليزية 
وأنها نشأت فى لغتها نشأة طبيعية فبدأت بالدلالات المادية المحسوسة 
المتصلة بالطبيعة ثم أضافت اليها دلالات معنوية متصلة بالنشاط 


مه ۳۸ 3575 


الانسافى . وهذه مسألة مسلم بها فى تطور الدلالات اللغوية . أما فى 
الانجليزية فان عمرها قصير نسبيا وقد جاءت إلى الانجليزية بدلالة 
محدودة . و الحقيقة أنها فى أصلها اللاتينى تعود إلى كلمة 5ناءأاطناط 
بمعنى عاطناط أى : عام أو جمهور . وهكذا لم تعش الكلمة فى 
الانجليزية مرحلة الدلالات المحسوسة . 

۽ - الدلالات اللغوية الجارية فى العربية لكلمة « نشر » أصبحت ترتبط فى 
الذهن بمجال النشاط الانسالى أكثر من ارتباطها بالطبيعة ولعل ذلك 
يرجع فى بعضه إلى أن هذه الدلالات الانسانية كثيرة التداول . 


المعنى الاصطلاحى لكلمة ( نشر ) » تعنى : إصدار أو العمل على اصدار 
نسخ لكتاب أو مطبوعة أو ما يشبههما لتباع للجمهور . وقد تطلق هذه الدلالة 
على المؤلف » أو المحرر ولكنها تطلق بصفة حاصة على من يتخذ هذا العمل مهنة 
ق « الناشر » وقد عرفت فى الثلث الأول من القرن السادس عشر بعد 
ظهور الطباعة بحوالى ۸٠‏ سنة . وهناك.عدة عناصر ذات صفة هاءة ةى تكوين 
المعنى الاصطلاحى 2 وهى : عتصر العمل الذى يعبر عنه بعامة اصدار أو 
العمل على اصدار » وعنصر نوعية العمل الذى يعبر عنه بأنه كتاب أو كتيب 
أو ورقة مطبوعة أو ما يشببهما» وعنصر الهدف من العمل الذى يعبر عنه 
بقوله لتباع للجمهور » وأخيراً عنصر التخصص أو التفرغ للعمل حيث 
يطلق بصفة خاصة على من يتخذ هذا العمل مهنة . 
| - فمن ناحية العمل نفسه وهو الاصدار أو العمل على اصدار نسخ مثعددة 
من الكتاب أو ما يشبهه » ينبغى أن عرف أن بذور هذا العمل ليست 
أمرا جديدا على النشاط الانسانى فى القرن السادس عشرءفالكتاب أداة 
حضارية عرفها الانسان قبل ذلك بعدة قرون وعرف الانسان قيمتها 
وكان يستكثر منها بوسائله المحدودة وهى كتابة نسخ متعددة من الكتاب 
الواحد . ونحن نعرف أن النسخ المخطوطة لبعض الكتب المشهورة قد 
بلغت العشرات أو امات فى بعض البلاد . حتى منتصف القرن الخامس 


“> ۳٩ 25 


عشر الذى شهد تغيرا جذريا بالنسبة لحله المسألة بظهور الطباعة , 
وبحيث لايمكن أن نقارن بين الجذور الأول لمذه العملية قبل عمهر 
الطباعة وبين المستوى الذى انتقلت اليه هذه العملية حينا ظهرت 
الطباعة » لأن نسخ الكتب بدأت تظهر مرة واحدة بالمكات ثم الآلاف ثم 
عشرات الآلاف , واليوم تصل نسخ بعض الكتبعإلى الملابين , ولا 
يستغرق اعدادها ما كانت تأخذه النسخة الواحدة الخطوطة قبل عصر 
الطباعة . ويعنى ذلك أن الطباعة عنصر أسامى فى عملية النشر . وأن 
كل تطور فيها يؤدى إلى تطور مقابل فى عملية النشر » وسوف نلاحظ 
أن تاريخ النشر ارتبط بتاريم الطباعة وتاريخ صناعة الورق ارتباطاً 
جذرياً يصعب فيه الفصل بينهما . 

ب - ومن ناحية مجال العمل يتضح أن الكتاب أو ما يشبهه هو المجال الذى 
اختارته عملية الدشر ليكون موضع نشاطها. والكتاب بأشكاله 
وأحجامه المتباينة والذى يصنعه الانسان يمثل أهم الأدوات الحضارية 
التى عرفها الانسان . فالكتاب فى مفهومه الوظيفى هو الوعاء الذى 
يحمل الفكر الانسانى بأوسع ما تتضمنه هذه الكلمة من المعاى . ومعنى 
ذلك أن « العشر » يرتبط بهذا الوعاء العظم وأن الفكر الانسانى عنصر 
هام وأساسى فى عملية النشر . والحقيقة أن تارجم النشر منذ القرن 
االسادس عشرحتى الآن يؤكد هذا الارتباط » وإذا كان الكتاب كوسيلة 
لنقل الأفكار وللاتصال الانسانى يتأثر بعوامل اجتّاعية وسياسية وثقافية 
ويؤدى إلى نتائج اجماعية وسياسية وثقافية » فإن النشر أصبح هو الآآخر 
مؤثرا فى العوامل السياسية والاجتاعية والثقافية السائدة ومتأثراً بها 
أيضا . وإذا كان الكتاب فى معناه العام أصبح يتسع ليشمل الكتاب 
العادى والصحيفة وامجلة والدورية . والخريطة وكتاب الموسيقى وكثيرا 
من المسجلات الضوئية والصوتية » فان النشر هو الآخخر أصبح يغطى 
أكثر هذه الأنواع أو كلها من الناحية الوظيفية على الأقل . على أن 
ارتباطه بالكتاب فى معناه التقليدى ارتباط عميق الجذور فريد الملاح » 
ميث ينصرف إليه المفهوم الاصطلاحى حقيقة وإلى غيره مجازا . 


= ع عم 


- أما الهدف من العمل فهو أن يصل الكتاب أو الكتيب أو الورقة المطبوعة 
أو ما يشبههما إلى الجمهور ويباع له » وهذا الهدف يمثل العنصر الثالك 
فى عملية النشر . فقد أصبح النشر نشاطا اقتصاديا يحتاج إلى كل ما 
تحتاج اليه الأعمال الاقتصادية من وجود رأس المال » الادارة والسوق » 
والانتاج » وأسلوب التوزيع . وإذا كانت الطباعة بما فيها من العمليات 
الفئية قد ارتبطت بالنشر منذ نشأتها وكونت بذلك العنصر الأول فى 
عملية النشرء فإن تاريخ الطباعة يؤكد لنا أن رأس الال » الادارة » 
والخبرة » قد طوقت هذا الاختراع الجديد منذ أيامه الأولى » لأن 
الطابعين بخبرتهم الفنية وحدها كانوا عاجزين عن الوصول بهذا الاختراع 
الجديد ليصبح وسيلة مقروءة للنشر » ولكن تعاون الجانب الطياعى 
الفنى مع الجانب الاقتصادى الادارى » وصل بالنشر إلى ما وصل إليه 
اليوم من النجاح والازدهار . وقد بدأ الجانب الاقتصادى والادارى 
يدخل فى عملية النشر منذ أواخر القرن الخامس عشر الذى ظهرت 
الطباعة فى منتصفه » وظهر من رجال الأعمال فى محال النشر عباقرة 
استطاعوا أن يدفعوا به خطوات واسعة إلى الأمام وقامت البيوت العريقة 
والشركات الكبرى التى يعيش كثير منها إلى اليوم » وقد يصل عمر 
بعضها إلى مائتى سنة أو أكار . 

أما التتخصص أو التفر غ للعمل فانه فى الحقيقة عنصر اضافى وليس 
أساسيا . وقد جاء ليوضح الفرق بين نوعين من الناشرين » فهناك 
كثيرون يصدرون أو يعملون على اصدار الكتب والمطبوعات وما 
يشبهها وتوزيعها على الجمهور بالبيع أو بغيره من الوسائل ولكنهم 
لا يتخذون من هذا العمل مهنة أساسية . فالمؤلف مثلا قد يصدر كتابه 
ويتحنمل نفقات هذا الاصدار ويعمل على توزيعه ولكنه لا عل من هذا 
العمل مهنة يتفرغ لما » وهناك هيئات ومؤسسات ذات أغراض سياسية 
أو اجتاعية أو ثقافية مثل الحكومات والجمعيات والمؤؤسسات والشركات 
والجامعات لها أهدافها السياسية أو الاجتاعية أو الثقافية » التى تعمل على 
تحقيقها بمختلف الوسائل » وقد ترى أن النشر يساعدها على تحقيق 

570 


أعدافها » فتصدر أو تعمل على اصدار كتب ومطبوعات وما يشبهها , 
وتعمل على وصوها إلى الجماهير بمختلف الوسائل » بيعا , أو إهداء . أو 
تبادلا . فهى من هذه الناحية ناشر , والعمل الذى تقوم به نشر تتحقق 
فيه العناصر الأساسية وهى : الجانب الطباعى الفنى » والجائب 
الفكرى » والجانب الادارى وخمصوصا التوزيع . ولكنها لا تجعل النشر 
مهنة تتفرغ لها وائما مجرد وسيلة تحقق أغراضها . فهذا النوع من 
الناشرين يسمى « الناشر الهيئة » وعمله يسمى « النشر الثقافى » . أما 
الناشر الذى يتخذ من هذا العمل مهنة ويتفرغ لها فانه يسمى « الناشر 
المهنى » وعمله يسمى « النشر المهنى أو التجارى » . 
تلك هى العناصر الأربعة التى تَوّخذ من تعريف كلمة «وثاطنا بمفهوم 
المعنى فى الانجليزية . وقد استعملت الكلمة العربية « الدشر » لتقابلها » فمن 
الطبيعى أنها تحمل نفس المدلول الخاص السابق بعناصره الأربعة . ونحن نعرف 
أن هذه المعانى الخاصة قد دخلت إلى الكلمة العربية خلال القرن التاسع عشر . 
مع كثير من المعانى الخاصة التى حملتها الحضارة الأوربية الحديثة . 


النشر والتكنولوجيا المعاصرة 
التعبير الانسافى والإتصال : 


التعريف التقليدى للانسان هو أنه حيوان مفكر ناطق » ومعنى ذلك أن 
صفة النطق هى مناط المييز بينه وبين الحيوانات الأخرى » وتقتضبى سمة النطقية 
فى الانسان أن يكون هناك بداخله ما يعبر عنه أو ينطق به من فكرة أو شعور أو 
احساس أو انفعال » وهذا هو العنصر الأسامبى فى سمة , أما الناحية الآلية أو 
الصوتية فى النطق فليست عنصرا جوهريا » وإلا فان الببغاء الذى يعطى هذا 
الجانب الآلى الصوق ليس انسانا » والآدمى الأخرس مع أنه لايملك هذا ' 
الجانب الآلى الصو لى فهو انسان . فالانسان هو ذلك الكائن الذى يملك فى 
نفسه ما يمكن أن يبرز إلى الوجود الخارجى فى صورة تعبيرية مقصودة . وقد 


TEE 


احتار التعريف التقليدى للانسان من الصور التعبيرية » صورة واحدة وهى 
النطق ؛ لأنها الصورة الأصلية أو الطبيعة التى تعبر عن الفكرة أو الشعور . 


ولكن الانسان . فى تطوره الحضارى الطويل » قد اصطنع إلى جانئب 
الكلمة وسائل أخرى للتعبير ؛ تفريعا من الكلمة أو تطويرا لها » تم أنه اصطنع 
طرائق جديدة غير الكلمة . وتستعئل هذه الطرائق منفردة » أو يصاحب 
بعضها بعضا » فالانسان مثلا قد يعبر عن أفكاره أو مشاعره بالكلمة المجردة فى 
صورة خطية » أو حكمة » أو مثل » أو قصيدة » أو حبر » أو غيرها » کا أنه 
قد يغنى مستعملا بعض هذه الوسائل الكلامية » ما أنه قد يستخدم أصواتا غير 
الكلمات فى شكل موسيقى » كا أنه قد يرقص ليعبر عن فكرة أو شعور » وقد 
يصاحب الرقص غناء » أو موسيقى , وعلى الرغم من تعدد النماذج للتعبير 
الانسانى فانها تتلخص فى ثلاثة أنواع : الكلمة ذات المعنى » والصوت 
اجرد » والحركة . وهذه الوسائل الثلاثة تشترك فى صفة خحاصة وهى أن 
الانسان لايلجا إلى مادة » فيشكلها ليعبر عن فكرة أو شعور » ولکنه يستخدم 
وسائل ذاتية يعبر بها عن نفسه مباشرة » ويمكن لذلك أن ذ... ,! ٠‏ ". سائل 
الذاتية فى التعبير والاتصال » . 

3 هناك وسائل أخرى للتعبير غير ذاتية » لجأ فيها الانسان إلى المواد التى 
حوله من حجر أو شب أو ألوان أو غيرها وصنع منها أشياء يمبر بها عن فكرة 
أو شعوره . فالفثال » والصورة » واللوحة > من الوسائل التى استخدمهاء 
الانسان فى التعبير منذ أقدم العصور » وقد مرت بتطورات عديدة فى أشكال 

. وقد يستعمل الانسان هذه الأشكال » منفردة أو مصاحبة لغيرها . 
E‏ التعدد وأشكال التطور فى هذا فائنا نجدها تشترك فى 
صفة الاعهاد على مادة تشكيلها فى وضع معين بقصد التعبير » ويمكن ع لذلك أن 
نسميها « الوسائل التشكيلية فى التعبير » ويتضح الفرق بين هذه المجموعة 
والمجموعة السابقة فى أن الوسائل التشكيلية بطبيعتها ذات بعد زمكانى واضح › 
لأن المادة المشكلة يمكن أن تبقى فترة زمنية بعد اعدادها ويمكن أن تنقل إلى 
مكان آخر . أما الوسائل الذاتية فائها بطبيعتها لاتملك بعدا زمنيا أو مكانيا 


مطلقا » لأن الكلمة المنطوقة والموسيقى الصوتية وحركة الرقص تملك بعداً 
زمنياً محدودا بوقت النطق أو التصويت أو الرقص » وكذلك تملك بعدا مكانيا 
محددا بالمدى الذى يصل اليه الصوت أو رؤية العين . 


علاقة الدشر بالتعبير الانسالى : 

عرفا فى المعنى الاصطلاحى للنشر ومفهومه أن هناك أربعة عناصر أساسية 
تمثل الكيان الحقيقى لعملية النشر » وأحد هذه العناصر الأربعة هو امجال الذى 
تعمل فيه صناعة الدشر » وعرفنا أن هذا لمجال هو الكتاب فى مفهومه الوظيفى 
والحضارى , باعتباره الوعاء الذى اصطعه الانسان ليحمل أفكاره 
ومشاعره . وإذا كانت وسائل التعبير الانسانى للاتصال بين أفراد المجتمع تقوم 
بوظيفتها فى نقل أفكار الانسان ومشاعره إلى الآخرين » فليس الدشر بدوره الا 
وسيلة جديدة اضافها الانسان لكى تساعد وسائل التعبير الانسانى على القيام 
بوظائفها ونقل الأفكار والمشاعر إلى آفاق أوسع . وإذا كانت الصلة بينهما 
تصل إلى هذا المستوى من الفائل فى الوظيفة فلابد من دراسة وسائل التعبير 
الانسانى على أساس الوظيفة المشتركة بينها وبين الدشر . 

١‏ - درجة وم الانتشار فى وسائل التعبير : تتفاوت وسائل التعبير 
الانسانى فى المدى الذى يستطيع أن يبلغه كل منها فى نقله للأفكار والمشاعر » 
فالوسائل الذاتية فى التعبير » مثل الكلمة المنطوقة والصوت المجرد » والحركة 
ذات مدى محدود بطبيعتها , لأنها لا تملك بعدا زمنيا أو مكانيا مطلقين يمكن 
بواسطتهما أن تمتد وظيفتها بعد الحظة الخلق الأولى . أما الوسائل التشكيلية فى 
التعبير » مثل الوسيلة التعليمية والصورة واللوحة , فإنها من هذه الناحية أبعد 
مدى بسبب وجود المادة التى تمد وظيفتها إلى أبعاد مكانية وزمائية غير -لدظة 
الخلق الأولى . وهذه المقارنة بين الوسائل الذاتية والوسائل التشكيلية قاصرة 
على المدى فقط ولا نتعرض هنا لدرجة القوة لأنها لا تعنينا » فالكلمة المنطوقة 
قد تكون أقوى أو أضعف أثرا فى نقلها للأفكار والمشاعر من الوسيلة التعليمية 
أو اللوحة . فنحن هنا نقيس درجة الالتشار ولا نتعرض لدرجة التأثير . 


44 عب 


: الكلمة المكتوبة ها درجة أكار فى الانتشار من الكلمة المسموعة‎ - ٢ 
استطاع الانسان فى المراحل التطورية لحضارته أن يسجل كثيرا من وسائل‎ 
التعبير الانسافى بطرق مختلفة » وقد أصبحت هذه التسجيلات بدورها وسيلة‎ 
» أقوى لتوسيع المدى بالنسبة لوسائل التعبير ذات المدى المحدود بطبيعتها‎ 
وازدادت بذلك درجة الانتشار فى هذه الوسائل . ولعل أهم هذه التسجيلات‎ 
هو تحويل الكلمة المنطوقة إلى كلمة مكتوبة » كا استطاع الانسان أن يقوم‎ 
بعسجيل شبه كتالى لللأصوات الموسيقية المجردة . وقد أصبح الورق منذ قرون‎ 
عديدة هو المادة المفضلة التى توضع فوقها الكلمات المكتوبة أو الرموز‎ 
الموسيقية » ومن الواضح أن هله المادة الورقية يمكن أن تنتقل من مكان إلى‎ 
آخر » وأن تبقى فترة من الزمن تطول أو تقصر » واكتسبت المطبوعات بسبب‎ 
هذا التطور سعة جديدة فى الانتشار وأصبحت تشبه « الوسائل التشكيلية فى‎ 
. » التعبير » من هذه الناحية‎ 

م - الكلمة المطبوعة لها درجة أكثر فى الالتشار من الكلمة المكتوبة : 
كان تحويل الكلمة المنطوقة إلى مكتوبة يم فى بادىء الأمر فى عد١‏ .. .دا من 
النسيخ » ومن الطبيعى أن كل نسخة تمثل سعة مستقلة لأبا تستطيع أن تمتد 
وحدها فى الزمان والمكان » لتوسع انتشار ما تحمل من الكلمات . فلما 
احترعت الطباعة وأصبحت الكلمة المكتوبة تظهر فى مثات م ف الاف أو 
معات الآلاف من النسخ فى نفس اللحظة » كان هذا الاختراع اضافة عميقة 
متميزة لسعة الانتشار الذى اكتسبه التعبير الكلامى بين ألوان التعبير الانسانى . 
وقد استفاد من هذا الاختراع أيضا كل ألوان التعبير الانسانى التى تسجل على 
الورق مثل الرموز الموسيقية » والرسم » سواء أكان تعبيرا مستقلا أو تسجيلا 
لتعبير انسانى آخر » وقد عرفنا أن النشر فى معناه الاصطلاحى قد ارتبط بهذا 
الاختراع لعمق تأثيره فى نشر التعبير الذاق للانسان . 

- البعد الصوق لإنتشار الكلمة المكتوبة : استطاع الانسان فى 
المراحل الأخيرة من حضارته الحديثة » أن يخترع وسائل جديدة » لتسجيل 
التعبيرات الانسانية بجميع أنواعها » وخحصوصا التعبيرات الذاتية » فم تسجيل 


{oO ~~‏ د 


الكلمة المكتوبة فى صورة منطوقة » وأمكن تصنيع الاف النسيخ من هذه الصورة 
الصوتية . ومن الواضم أن كل نسخة منها تمثل سعة انعشارية مستقلة » فى 
الزمان والمكان » وينطبق عليها كل ما ينطبق على نسخة الكلمة المكتوبة . وإذا 
كان النشر بمعناه الاصطلاحى قد ارتبط بظهور الاف النسخ المكتوبة فى نفس 
اللحظة » فان هذا الاختراع الجديد قد فح مجالا جديدا لما يمكن أن نسميه 
« الدشر الصوق » الذى يشبه « الدشر الطباعى » حيث هذا الاختراع الحدید 
السمات الأساسية للنشر بمعناه التقليدى . ومن الواضع أن التعبير الموسيقى قد 
استفاد فائدة كبرى من هذا الاختراع الجديد أيضا » وأصبحت الموسيقى تنشر 
على نطاقين : رموز كتابية وتسجيلات صوتية . 

ه - البعد الصوق الضوف لالعشار الكلمة المنطوقة والمكتوبة : استطاع 
الانسان أيضا أن يستغل الضوء فى تسجيل بعض أنواع التعبير الانسانى . وقد 
ابتداً أول الأمر بالصورة الساكنة » ثم ظهرت الصور المح ركة أو السيها » التى 
أمكن بواسطتها تسجيل التعبير الحركى » وتم تسجيل ذلك فى « أفلام » 
قصيرة أو طويلة » وأمكن تصنيع أى عدد من النسخ ف نفس الوقت » ولكل 
نسخة سعتها الانتشارية المستقلة فى الزمان والمكان . ومعنى ذلك أن هذا 
الاخستراع الجديد السمات الأساسية للنشر بمعناه التقليدى . 


5 - التكامل فى طرق تسجيل التعبير الانسالى : فحت الأبعاد 
الجديدة فى التسجيل الصوق والضون افاقا جديدة للتزاوج فى انتشار وسائل 
التعبير الانسانى » فمن الممكن أن يجبمع الانسان بين الحركة » والغناء » والتعبير 
القولى » وغيرها, وأن يسجل كل ذلك صوتيا وضوئيا » وأن يصنع منه أى 
عدد من النسخ ف نفس الوقت » وتصبح كل نسخة سعة انتشارية مستقلة فى 
الزمان والمكان . وهذا ما يم فعلا فى نشر الأفلام التسجيلية ‏ والأفلام القجارية 
أيضا . وتتوفر فيهما ما نرى السمات الأساسية لتعريف النشر » كا أن الكتاب 
الذى تم نشره فى صورة مكتوبة بالطرق التقليدية يمكن أن يم نشره فى صورة 
صوتية » ويم ذلك فعلا الآن فى مجال تعلم اللغات الأجنبية » وكذلك يمكن 
نشره فى صورة ضوئية على « فيلم » فى صورة مصغرة تحتاج إلى قارىء الى » 


7 ا 0 


ويم ذلك فعلا فى الجرائد وبعض المجلات ( الميكروفيلم ) بسبب مشكلات 
التخزين » وإما على ورق فى صورة طبق الأصل من الصورة الأولى . وهذا 


الأخير نشر تقليدى بطريقة تكنولوجية جديدة . 


البشر والأبعاد الجديدة فى الصوتيات والمرئيات : 

النشر بمعناه التقليدى هو الذى يقوم على الطباعة » وإعداد أعداد كبيرة من 
السخ فى نفس الوقت » تصبح كل منها ذات سعة انتشارية مستقلة فى الزمان 
والمكان . وقد عاش هذا النوع من النشر وحده عدة قرون حتى أواخر القرن 
التاسع عشر وأوائل القرن العشرين » مم ظهر البعد الصوتى الذى يقوم على 
التسجيل فوق أشرطة أو أقراص أو غيرهما » ويمكن إعداد عدد كبير من النسخ 
فى نفس الوقت » وتصبح كل مہا ذات سعة انتشارية مستقلة فى الزمان 
والمكان » ويصحها عادة جهاز خاص لاستعمانها . وكذلك ظهر البعد 
الضوث الذى يسجل على أفلام أو شرائح أو غيرهما , ويمكن إعداد عدد كبير 
من السخ فى نفس الوقت . لكل منها سعة انتشارية مستد.ه فى الزمان 

والمكان » وتستعمل عادة بواسطة جهاز الفيديو . 

والحقيقة أن « النشر » بمعناه اللاصطلاحى ارتبط عدة قرون بالطريقة الأولى 
وأصبح يطلق عليها على سبيل الحقيقة , أما اطلاقه على النوعين الأخيرين فانه 
استعمال جديد على سبيل المجاز . وعلى الرغم من توافر السمات الاساسية 
للنشر فى الأنواع الثلائة بصفتعامة إلا أن هناك عدة فروق بين النوع الأول 
التقليدى فى جانب وبين النوعين الأخيرين فى جانب آخر » ويمكن تلخيص 

هذه الفروق فيما يلى : 

١‏ - تختلف العمليات التكنولوجية فى النوع التقليدى عنها فى النوعين 
الجديدين » وليس من السهل على دار واحدة أن تستخدم وتدير الات 
ذات طبيعة مختلفة مثل الات الطباعة فى جانب والات التسجيل فى 
جانب آخخر . ولهذا قامت دور مستقلة للنوعين الجديدين » ولم تحاول 


~~ بياج سدم 


دور النشر التقليدية أن تدخخل إلى هذا الميدان الجديد . اللهم إلا فى 
حالات محدودة . حيث نجد بعض دور النشر التقليدية تأخذ من هذا 
الميدان ما يفيدها فى ميدانها القديم » مثل تروع كتب تعلم اللغة » ومثل 
التصوير الفوتوغرافى للكتب التى نفدت من السوق . وهذا الموقف 
يؤدى بدوره إلى أن يصبح الميدان الجديد مهئة أو مهنتين مستقلتين 
بذاتيهما وأن يبقى النشر بحدوده التقليدية مهنة مستقلة وحدها : 

؟ - تختلف العمليات الادارية والمالية وطرق التسويق ف النشر بمعناه التقايدي 
عنها فى الميدانين الجديدين . وقد تطورت هذه العمليات » ونمت عبر 
عدة قرون » واكتسبت تقاليداً وطرقا معينة » ليس من السهل تطبيقها 
على الانتاج الصوق والانتاج الضوئٌ . وهذا يؤدى بدوره إلى محاولة 
ابتکار وخلق مبادیء تتلاءم E‏ الجديد . ومن الطبيعى أن 
تدشاً لذلك دور وهيئات مستقلة » وأن تتأكد شخصية المهنة الجديدة 
منفصلة عن مهنة الميدان التقليدى . 

٠‏ - يختلف موقف المستبلك بالنسبة للمواد التى يقدمها الدشر بمعناه التقليدى 
من المواد المطيوعة عنه بالنسبة للمواد السمعية والبصرية . فالمواد الأولى 
رخيصة الثمن نسبيا » ولا تحتاج فى استخدامها إلى الات أو أجهزة 
مصاحبة » وهذا يؤدى إلى ذيوعها وسعة انتشارها . وهى ببذا المعنى 
أولى بالمعنى الاصطلاحى لكلمة النشر , لأنه يتمثل فيها بطريقة أوسع 
وأعمق . هذا بالاضافة إلى أن بعض المواد البصرية والسمعية تمتاج فى 
استحدامها إلى وجود جمهور كبير » م أن المستخدم قد لا يستطيع أن 
يستعيد شيكاً يريد أن يراه أو يسمعه مرة ثانية أو ثالئة » كل ذلك عل 
عكس المواد المطبوعة التى تتيح أكبر قدر من المرونة فى استخدامها 
مرات ومرات . 

للأسباب الثلاثة السابقة يحسن أن نقصر كلمة « النشر » فى مفهومها 
الاصطلاحى الكامل على النوع التقليدى القديم ١‏ الذى يقوم على الطباعة 
وإعداد عدد كبير من النسخ فى نفس الوقت » وأن نكتفى بدراسة هذا النوع 


وحده حين نتعرض لدراسة النشر ‏ أما النوعان الآخران فمن الممكن أن يطلق 
عليهما اسم النشر مجازا » ولكنهما على أى حال يحتاجان إلى دراسة مستقلة 
لاتقع تحت اسم النشر » على أن هناك بعض الدراسات العامة التى قد تتناول 
المواد المطبوعة والمواد السمعية والمواد السمعبصرة تحت اسم 7 وسائل 
الاتصال الانسالى » وتدرس هذه المواد معاً من ناحية الوظيفة المشتركة التى 
تقوم بها فى نقل أفكار الانسان وعواطفه . والسير بعجلة الحضارة إلى الأمام . 
أما إذا درست على أساس أن كلا منها مجال لنشاط انسافى يمثل مهنة من المهن » 
فمن المستحبسن أن تستقل المواد المطبوعة وأن تدرس وحدها , وأن يكون ذلك 
تحت اسم « دراسة النشر » وأن توضع دراسة مستقلة للمواد الصوتية 
والضوكيةا . 


النشر والكتاب 


طبيعة العلاقة بين الدشر والكتاب : 

يرتبط وجود المكتبة بممجموعة من ألوان النشاط الانسانى الحضارى » التى 
نمت وتطورت عبر العصور . وأصبحت تمثل ميادين مستقلة فى العلوم » أو 
التكنولوجيا » أو الدراسات الاجتاعية والانسانية . فهندسة المبانى » وصناعة 
الأثاث ٤‏ وتطوير الأجهزة الآلية - ليست إلا أمشلة شحدودة تشرح الفكرة 
السابقة » لأن أجزاء من وجود المكتبة تعتمد على ما ينتجه الانسان فى هذه 
الجالات ا أن قيام المكتبة بوظيفتها نحو القراء والباحثين » فى كفاية ونجاح ) 
يعتمد بالضرورة على تطبيق أحدث ما وصل اليه العلماء فى مجالاتهم الدراسية ٠‏ 
ومن الطبيعى أن تكون المكتبة بدورها ذات أثر كبير فى كل تلك انمجالات 
السابقة » جا تمنح الغاملين فيها من الخدمات » التى تمكنهم من مواصلة جموثهم 
واستكشاف آفاق جديدة » فى ميادين عملهم أو دراستهم . 

ومن الممكن أن نتصور علاقة من هذا النوع بين الكتاب والنشر » كمجال 
من مجالات النشاط الانسانى الحضارى » علاقة تقوم على تبادل التأثير » وهذا 


۹ س 


النوع من العلاقة موجود فعلا » ولكن الحقيقة أن الصلة بين الكتاب والنشر 
أكبر من ذلك . إنها صلة جذرية ترتبط بالماهية والجوهر فى كل منبما . فلا 
يمكن أن نتصور مكتبة بدون الكتب والمجلات والنشرات » وهى المواد التى 
تقوم عليها عملية النشر ذاتها » وإذا كانت المكتبة فى الوقت الحاضر » قد ضمت 
إلى المواد التقليدية السابقة الشرائح والأفلام والمسجلات الصوتية 
والسمعضوئية » فان جال النشر نفسه » من إحدى وجهات النظر على الأقل » 
قد اتسع ليقوم بانتاج هذه المواد الجديدة » وعلى أى حال فما تزال المواد 
المطبوعة » وهى عماد النشر التقليدى » تمثل حجر الزاوية فى المقتنيات » 
بالنسبة للأكثرية العظمى من المكتبات » ولا تستغنى عنها مكتبة ما استغناء تاما 
مهما بلغت فى تطورها من التقدم والتجديد . 

وهذا من ناحية وجود الكتاب » والأمر كذلك من ناحية نشأة ونمو 
وازدهار النشر نفسه كدشاط انسانى حضارى » فالمكتبات بأنواعها امختلفة فى 
المؤسسات التى لولا دورها المباشر وغير المباشر » فى تشجيع القراءة والبحث » 
وتقديم المواد التى يحتاج اليها الباحثون والقارئون , لولا هذا الدور لما قامت 
دور النشر . على اختلاف أنواعها وتفاوت مقدراتها » ولما أصبح النشر صناعة 
ضخمة » تعمل فيها نسبة مثوية غير قليلة من أفراد المجتمع » ويوظف فيها جزء 
غين..قليل من الدخيل القومى . 


العلاقة بين الدشر والمكتبية : 

أن العاملين فى محال النشر يحتاجون إلى دراسة المكتبيات كا يدرسها رجال 
المكتبات والقائمون بخدماتها » وليس معناه أيضا أن طلاب المكتبيات لابد أن 
يعرفوا كل جوانب النشر ودقائقه بحيث يصبحون من رجاله . ولكن الأمر 
يعنى أن فى داخل كل من الجالين بعض ال جوانب التى يجب على أصحاب المجال 
الآخر أن يعالجوها ويتعرفوا عليها » ليستكملوا بذلك الخبرات الضرورية مجاهم 
الذى يعملون فيه . 

ويأق بعد ذلك سؤالان » وهما : أين تقع دراسة المكتبيات بالنسبة لطلاب 


هر ات سد 


النشر وباحثيه ؟ وأين تقع دراسة النشر بالنسبة لطلاب المكتبيات ورجاها ؟ 
والأجابة عن السؤال الأول تقتضى الاسترجاع الذهنى لمفهوم النشر وتعريفه , 
فإذا كانت هناك ثلاث جوانب رئيسية لهذا المفهوم . وهى الجانئب الفنى 
التكنولوجى متمثلا فى الطباعة والاتها وأجهزتها . والجانب الفكرى متمثلا 
فيما يحمله الكتاب - مؤثرا متأثرا - من التيارات الثقافية والاجتاعية والدينية 
والاقتصادية والسياسية » والجانئب الاقتصادى الادارى متمثلا فى رأس المال 
وترشيد العمل وتسويق الانتاج - فان موقع دراسة المكتبيات داخخل هذا 
لمفهوم يأ فى الجانبين الثانى والثالث . ذلك أن المكتبة من حيث الجانب 
الفكرى » تمثل مؤسسة ثقافية عميقة التأثير فى هذا الجانب » لأن الكتب - 
وهى أوعية الفكر والثقافة - تبدأ أجنة فى عقول مؤّلفيها وكاتبيها , غالبا إن لم 
يكن دائما » حينا تنشاً الصلة الوثيقة بينهم وبين هذه المؤسسة . والمكتبة من 
حيث الجانب الثالث قطاع هام فى تسويق انتاج « النشر » بما تأخذه هى من 
هذا الانتاج وبا تبعثه فى نفوس الأفراد على اقتناء هذا الانتاج لأنفسهم . ومن 
الطبيعى أن طلاب النشر » حين يدرسون المكتبيات فى نطاق الجوانب 
التكنولوجية والفكرية » يتحهون إلى تلك العناصر ذات الصلة ببذا المفهوم » 
ويلونون دراستهم باللون الذى يحقق أهداف مجالهم . وهناك فعلا فى كثير من 
الدول المتقدمة('2 » بعض البراعج الدراسية أو التدريبية التى ينبغى اجتيازها لمن 
يعملون فى قطاع النشر » ولاسيما التجار والموزعون » وتتفاوت هذه البرائج فى 
المقدار الذى تخصصه للمكتبيات » وفى الجوانب التى تعالجها » وليس هنا مجال 
التعرف على هذه البراج أو دراسة التفاوت بينها . 

وأما السؤال الثانى الخاص بموقف دراسة النشر بالنسبة لطلاب المكتبيات 
ورجاها فهو الذى يبمنا هنا . وينبغى للاجابة عن هذا السؤال رسم الاطار 
العام لدراسات المكتبات .. ثم تحديد موقع دراسة النشر داحل قطاعات هذا 





. تاز الدول الاسكندنافية فى هذه الناحية امتيازا كثيرا‎ )١( 
K.C. Harrison. Libraries inscandinavia.. London, راجع.1961‎ 
24 OP. 


= م س 


الاطار . ثم تحديد هذا الإطار » كمدخل لمعالجة بعض القضايا المتصلة بدراسة 
المراجع , وهو اطار عام فى غاية الاختصار . ويتكون من أربعة قطاعات 
أساسية وقطاعين اضافيين . فالقطاعات الأساسية هى : دراسة المواد المكتبية , 
ودراسة الادارة المكتبية » ودراسة العمليات المكتبية » ودراسة الخدمات 
المكتبية , والقطاعان الاضافيان هما : دراسة المكتبات اللراعية » ودراسة 
المؤسسات المكتبية . ومن الواضح أن دراسة النشر بالنسبة لطلاب المكتبات 
على أساس هذا الاطار السدامى » تقع بالاصالة فى القطاع الأول وهو دراسة 
المواد المكتبية » ذلك أن هذه المواد هى الانتاج الذى تقوم عليه صناعة النشر 
ومهنته ودراساته » وهى فى نفس الوقت العنصر الذى يقوم عليه وجود المكتبة 
وتتصل به وظائفها وأهدافها . ولكن وجودها لا يقف عند القطاع الأول من 
هذه القطاعات الستة » وائما يمتد بالتبعية إلى باق القطاعات » على تفاوت بينها 
فى نوع العلاقة ودرجة الاتصال . 


وأيا كان الأمر فدراسة موضوع النشر فى برايج دراسات المكتبات » لاتم 
بصورة واحدة , ولا تأخذ اهتاما متساويا فى كل الحالات » ولكها تتفق فى 
معالجة الموضوع من الزاوية التى تساعد الدارسين والممارسين على ادراك 
القضايا والمسائل التى توجد فى كل قطاع من هذه القطاعات الستة » ادرا 
واعيا صحيحا يساعدهم على القيام بعملهم فى داخخل المكتبة » أو على كشف 
افاق جديدة من دراسات المكتبيات وبحوثها . وقد تكون المعالجة داخلة ضمن 
الوحدات الدراسية التقليدية فى برام المكتبات » مثل البيبليوجرافيا » أو 
المراجع » أو الادارة » أو الفهرسة » أو الخدمة . وقد تكون مستقلة فى 
وحدات دراسية نخاصة بها , مثل الطباعة7؟ , أو النشر ء أو الناشرون » أو 
مواد الاتصال . 





)١(‏ يوجد فى قسم الوثائق والمكتبات بكلية الآداب يجامعة القاهرة دراسة شبه مستقلة 
خاصة بالطباعة كا توجد دراسات أخرى كثيرة عن الطباعة والنشر بأقسام الطباعة 
بكليات الفنون . 


~o - 


ادج نوعية لقيمة الدشر فى دراسات المكتبات وأعماها : 

عرفنا طبيعة الصلة بين النشر كنشاط انسانى حضارى » وبين المكتبة 
كمؤسسة ثقافية فكرية › تقوم بوظائف معيئة وتنمو حوها دراسات خاصة . 
,تظهر قيمة هذه الصلة فى كثير من الأعمال التى تقوم بها المكتبة » وفى أنواع 
لدراسات المرتبظة بها » ولن نستطيع هنا أن نستوعب كل مظاهر هذه الصلة 
وقيمها > سنشير فى ايجاز إلى وجودها العام فى بعض الأمثلة » وسنعرض 
هذه الأمثلة مأخوذة من القطاعات الأربعة الأساسية لاطار المكتبات » وقد 
أذ القطاع الأول منها وهو قطاع المواد المكتبية الفاذج الثلائة الأولى باعتبار أنه 
القطاع الذى يتصل بمهنة النشر أصالة م ذكرنا من قبل . أما القطاعات الثلاثة 
الباقية فئمت معالجة كل منها فى تموذج واحد . 

والفكرة الأساسية خلف هذه الفاذج » وخلف كل علاقة تربط النشر 
بدراسات المكتبات وأعمالها » تكمن م قلنا من قبل فى أن الانتاج الذى تقدمه 
صناعة النشر »> هو العنصر الذى يقوم عليه وجود المكتبة وتتصل به أهدافها 
ووظائفها . فالمواد المكتبية هى الشريان الحيوى الذى يربط بين المجالين ع 
وكأنبا مط واحد يقع النشر فى أوله كمنتج » وتقع المكنبة فى نهايته كمستهلك 
ومن الطبيعى والضرورى معا » للم ركز الذى يقع فى نهاية الخط » أن يدرس 
ويتعرف على المصدر الذى يمده بمادة الوجود والعمل فى أول الخط . وتمثل هذه 
الصلة الأسساسية الجوهر الحقيقى لكل الفاذج النوعية والفردية لقيمة النشر 
ودوره فى ذراسات المكتبات وأعمالها » بما فيها تلك انماذج المحدودة التى 
.ستذكر فى الفقرات التالية . 

ينمل أن ظبالة مسعويين أساشيين لقيمة انكر بالنسية للمككيات أوهما 

مستوى الممارسة فى داحل المكتبة والثانى مستوى الدراسة فى داخل معاهد 
المكتبات . ولا يمثل المستويان فى الحقيقة وجودين مستقلين » ولكنهما أشبه 
بالوجهين لعملة واحدة » وتظهر هذه العلاقة الضرورية بصورة واضحة فى 
الفاذج المذكورة فيما بلى . 


اه لد 


١‏ - البيبلوجرافيات ودراساتها : إذا أحذنا البيبلوجرافيا بمعناها العلمى أو 
بمعناها الفنى فاننا نجدها مجموعة من الدراسات الخاصة والطرق الفنية التى 
تتناول الكتاب بأوسع معانيه سواء من ناحية تكوينه المادى أو من ناحية وظيفته 
فى نقل الأفكار والمشاعر . فالكتاب هو موضوع هذا النوع من الدراسات 
وهو الجال الذى ترتبط به . ومن الواضح أن الكتاب هو الانتاج الذى تقوم 
صناعة النشر على اعداده وتقديمه إلى الناس . ومن هنا نهد أن جزعءا كبيرا من 
البيبلوجرافيا بمعناها العلمى يتكون من مجموعة الحقائق المنظمة المرتبطة بانتاج 
الكتاب أى بصناعة النشر ء» وتتضح هذه الصلة بصفة خاصة فى 
« البيبليوجرافيا التحليلية » التى تعتمد على هعرفة كل ما ارتبط بصناعة 
النشر فى مراحلها التاريخية الأولى » ورصد هذه الحقائق بطريقة علمية تخدم 
أهداف البيبليوجرافيا التحليلية » وهى معرفة الحقائق المتصلة بنشر كتاب ما من 
الكتب وتأليفه . 


۳~ المراجع ودراساتها : نمثل المراجع قطاعا هاما من المواد القرائية 
بالمكتبة » حيث تستطيع أن تقدم للعاملين بالمكتبة وللقراء والباحثين » ما 
يحتاجون إليه من المعلومات » التى نظمت بداخلها تنظيما يمكن من الحصول 
عليها فى أقل وقت وبأقل جهد . ومن أجل ذلك أصبح هذا القطاع من مواد 
المكتبة موضوعا لدراسات متعددة داحل الاطار العام للمكتبيات . ولن تعالج 
هنا كل دراسات المراجع وعلاقتها بدراسة النشر وانما سنكتفى منها بثلاثة . 
فهناك أولا الدراسة النظرية العامة للمراجع التى تتناول تعريفها , ونشأنها 
وتطورها » وأهميتها فى البحث والدراسة , وتقسيماتها امختلفة . وقضاياها 
العامة » مغل : التجديد الدررى وقيمثه باللسبة للمراجع » واعداد المراجم 
وئشرها . وفى كثير من جوانب هذه الدراسة النظرية العامة يحتاج الدارس إلى 
معرفة الدور الذى لعبته وتلعبه صناعة النشر فى تكوين هذا القطاع الحام من 
مواد المكتبة بصفة عامة . كا يحتاج إلى دراسة واعية دقيقة لنواح معينة فى مهنة 
النشر» تؤثر تأثيرا مباشرا فى رسم الصورة العامة للمراجع » مثل التطورات 
التكنولوجية فى الطباعة » ومشكلات التكاليف والتوزيع والاثمان . 


— of — 


وهناك ثاليا الدراسة النظرية النوعية للمراجع . حيث يمكن تقسم هذا 
القطاع المام من مواد المكتبة إلى فصائل وأنواع على أساس الوظيفة التى تقوم 
بها » مثل القواميس ودوائر المعارف » أو على أساس اللغة التى كتبت بها » أو 
على أساس المجال أو الموضوع الذى تغطيه » أو على غير ذلك من أسس التقسيم 
والتنويع . ويمثل كل نوع أو فصيلة من المراجع تكوينا خاصا له مفهومه 
النظرى ء وله نشأته وتطوره ء وتاريخه » وله أهميته المتميزة فى الدراسة 
والبحث » وله سماته وقضاياه ومشكلاته . وهذه الجوانب هى مجال الدراسة 
النظرية النوعية » وكا رأينا فى الدراسة !لنظرية العامة يتاج الدارس لاستيعاب 
هذه الجوانب فى وعى وعمق أن يدرك تبادل التأثير بينها وبين صناعة النشر . 

وهناك ثالغا الدراسة الفردية التى تتاول مرجعا معينا , للتعرف عليه تعرفا 
يمكن الدارس من استخدامه والانتفاع به » وهذا التعرف يغطى خمسة جوانب 
أساسية » وهى كفاءة القائمين با مرجع » ومدى السعة » وطريقة السظم ٤‏ 
والمادة المرجعية » والشكل المادى . ويمثل الناشر عنصرا لا يمكن الاستغناء عنه 
فى التعرف على الجانب الأول » وعلى الدارس أن يستكشف ويقدر القم الفنية 
العروفة عن هذا الناشر وأثر هذه القع فى المرجع الذى أمامه . 6 أن دراسة 
الجانب الخامس تتناول بطبيعتها القبم الطباعية من حيث نوع الورق » وحروف 
الطباعة » والمسافات » والموامش » والايضاحات » وكلها أو أكارها يدحل 
تحت الجانب الفنى التكنولوجى وهو أحد الأعمدة الثلاثة التى تقوم عليها 
صناعة لنشر . 

" - القطاعات الوعية من المواد المكتبية ودراساتها :' هناك أنواع معينة 
من المواد المكتبية » اقتضت طبيعتها من .حيث النشر والاصدار أن تعالج معالجة 
خاصة بها فى داخل المكتبات » وأن تخصص لما وحدات دراسية معينة فى براعم 
التدريس لعلوم المكتبيات » وذلك مثل المطبوعات الحكومية ومنشورات 
الهيئات الدولية فى النطاق السياسى والاجتاعى والاقتصادى , وكذلك الأعمال 
التى تقوم بدشرها المنظمات الحلية والاقليمية سواء أكانت رسمية أو شبه رسمية 
فكثير من المكتبات تخصص هذه المواد قسما مستقلا عن المجموعة الرئيسية 


داهج — 


للمكتبة » ويقوم بأمرها هيئة عمل خاصة . ومن الطبيعى أن نجاح القائمين 
بأمر هذه المجموعة الخاصة مرتبط بمقدار ما يعرفونه عن هذه المواد من حيث 
النشر والاصدار . وهما العامل الأسامى الذى دعا إلى هذا الاستقلال . م أن 
الوحدات الدراسية المخصصة هذه القطاعات النوعية من المواد المكتبية توجه 
اهتاما كبيرا إلى طبيعتها من حيث النشر والاصدار . وقد ازدادت أهمية هل 
المواد بعد الحرب العالمية الثائية وأصبحت موضوعا لبعض الرسائل العلمية على 
المستوى الأكاديمى ؛ وتعالج هذه الرسائل جزئيا أو كليا جانب الدشر والاصدار 
اللذين يمتاز بهما هذا النوع من المواد المكتبية . 

4 - الادارة المكتبية ودراساتها : تتناول الادارة المكتبية جميع الأعمال 
وألوان الدشاط » التى تتصل بأقسام المكتبة ووحدامما » لترزيع الأعمال بينها 
وتنسيق المسثوليات والقيام بها » حتى تستطيع المكتبة أن تصل إلى أهدافها فى 
كفاية .ونجاح . ومن أهم الأعمال الادارية عمليات التزويد والتسجيل ؛ وما 
يتصل بهما من مسائل التوصية والشراء والدفع والاستلام للمواد المكتبية . 
وهذه العمليات كلها تتصل بالكتاب وما فى حکمه » ما تنتجه وتقدمه صناعة 
النشرء ومن هنا نجد أن النجاح فى القيام ببذه العمليات يحتاج إلى معرفة 
السمات امختلفة لأعمال النشر وأنواعها واخختلافاتها » فهناك ناشرون تجار ينبغى 
للحصول على كتبهم اتخاذ اجراءات معينة » وهناك ناشرون هيئات قد لا تون 
موادهم موجودة للبيع » ولكن يمكن الحصول عليها بالاشتراك مقدما فيها قبل 
الطباعة » وهناك كتب تبقى فى السوق سنوات طويلة » وهناك كتب تنفذ من 
السوق بمجرد ظهورها , ولابد لكى تنجح المكتبة فى الحصول على ما تريد أن 
يتنبه المسئول إلى كل هذه السمات . وهكذا نرى فى هذه الأمثلة القليلة كيف 
محتاج المسئول الذى يقوم ببذه العمليات إلى دراسة الدشر والناشرين حتى 
يستطيع أن يؤدى عمله فى كفاية ونجاح . 

ه - الأعمال الفنية ودراساها : يقصد بالأعمال الفنية فى دراسات 
المكتبات تلك العمليات التى تتم بعيدا عن أنظار رواد المكتبة » ولا تتصل بهم 
اتصالا مباشرا » وتختلف تسميتها فهناك من يطلق عليها « العمليات المكتبية » 


¬ "هم مس 


أو رر الخدمات الفنية » أو « الاجراءات المكتبية » .ووظيفتها على أى حال 
هى جعل مواد المكتبة فى متناول الرواد فى أيسر صورة وأسهلها . وفى مقدمة 
هذه العمليات الفنية التصنيف والفهرسة . وطاتين العمليتين جانب الممارسة فى 
داحل المكتبة » وجانب التعلبم والتدريب فى براج التدريس . وجانب البحث 
والدراسة بين كبار المتخصصين . وجانب الخلق والابتكار بإعداد تقنييات 
الفهرسة وخطط التصنيف . وفى هله المستويات الأربعة يتعامل المفهرسون أو 
المصئفون ٠‏ والطلاب » والمدرسون » والباحثون » والمقننون . والمخططون مع 
المواد التى تنتجها صناعة النشر » وتترك هذه الصناعة على المواد التى تنتجها 
كثيرا من البصمات التى ين يح أن يدنفا عل مؤلاة اقا م تللق اراد 
على اختلاف مستوياتهم » 7 يقوموا بواجبهم نحوها فى كفاية ونجاح . والتنبه 
إلى هذه البصمات معناه دراسة هادفة لجانب أو لآخر من جوانب النشر . 

؟ - الخدمات المكتبية ودراستها : الخدمات المكتبية هى النشاط الذى 
يتصل برواد المكتبة اتصالا مباشرا » فى شكل اعارة لبعض مواد المكتبة » أو 
ارشاد يبدى القراء إلى ما يحقق أهدافهم » أو اجابة سليمة عن الاستفسارات 
الى يرفعها الباحئون أو ما يشبه ذلك من ألوان النشاط الذى بمثل الشمرة النهائية 
لوجود المكتبة ووظيفتها . وتعتمد هذه الخدمات بطبيعتها على مقتنيات المكتبة » 
التى تمثل أحد قطبى المخدمة , أما القطب الآخر فهو رواد المكتبة أنفسهم » 
ودور رجل المخندمة هو عقد اللقاء المثمر بين القارىء أو الباحث فى جانب » 
وبين المواد التى يحناج إليها فى الجانب الآخر . ومعنى ذلك أن الخدمة المكتبية 
الناجحة تتطلب من جائب القائمين بها » الادراك الواعى للسمات وال جوانب 
الأساسية للرواد والمقتنيات . 


ولاشك أن دراسة النشر والالمام بجوانبه يحقق جزءا كبيرا من الادراك 
المطلوب بالنسبة للمواد المكتبية . فهناك مثلا سلسلة لأحد الناشرين » تتناول 
حلقاتها موضوعات مختلفة » وهناك سلسلة أخرى أو كتب مستقلة » تتناول 
نفس الموضوعات فى مستوى يختلف عن مستوى السلسلة الأولى » » فكتاب من 
إحدى السلساتين يصلح فى موقف ارشادى معين » وكتاب من السلسلة 


— o¥ 


الأحرى يصلح فى موقف آخر . ويتوقف نجاح القاام بالارشاد فى عمله » عل 
المعرفة السابقة بالفرق بين مستوى السلسلتين » حتى يختار لكل موقف ما 
يلائمه . وتعتمد هذه المعرفة فيما تعتمد على الالمام بأهداف الناشر من هذه 
السلسلة بصفة عامة , والملابسات الفكرية والثقافية والاجتماعية التى شجعت 
على ظهور هذه السلسلة ؛ أو ارتبطت بمؤلفيها . 


ارق سب 


الفصل الثالث 


الكتاب على مز العصور حتى 
بداية عصر النبضة 


الفصل الفالك 

الكناب على مز العصور حتى بداية عصر الهضة 
|الكاب فى مصر القدئية :| 

علماء الآثار المصرية ينظرون إلى أوراق « البردى » التى خلفها الفراعنة 
نظرة تردد » لأن الكثير منها - فى رأييم - لا يعود على الباحثين بفائدة تذكر 
عن الحياة المصرية القديمة لأن ما تضمنه الكثير من أوراق البردى لا يعدو أن 
يكون نصوصا سحرية أو دينية . وكتاب الموقى المشهور فى التاريخ الفرعونى لم 
يطلق عليه أصحابه اسم كتاب » وائما اصطلح علماء الآثار على اطلاق هذه 
العسمية على قراطيس أو لفائف البردى التى تكتب فيها نصوص دينية كان 
الغرض منها أن تكون حرزا للميت تقية أهوال الآخرة . وهى نصوص متطورة 
لما كان يكتب قبلها على الاهرامات ثم على التوابيت . وما كتاب الموقى إلا 
صورة متطورة تكتب على قطع من البردى وتوضع مع الميت فى التابوت . 

وإذا مضينا مع أوراق البردى التى خلفها الفراعنة فان بعض علماء الآثار 
يرى أن ما يوجد فى بعضها من أدب دنيوى لا يتعدى الدائرة الضيقة للمدرسة 
وقد قصد به حض الطلبة الكتبة من الشباب على الفضيلة وحب العلم . وما .' 
تقصه علينا هذه الكتب ( أوراق البردى ) من الحظ الحسن الذى يناله 
الموظفون المتعلمون 5 والحظ السىء الذى يصيب غير هم من الطبقات ٤‏ 

ويؤكد معظم الأثريين المصريين اهتام المصريين القدماء بالتعلم » وحضهم 
أبناءهم عليه . وبسبب عمق الحياة الدينية من جانب » والاهعام بالتعلم م 
جانب آخحر كانت كارة النصوص الدينية والتربوية فيما خلفه الفراعنة من 
برديات . ولكن ذلك لم بمنع أو يحل دون أدب فرعونى خالص . فالدكتور 
أحمد فخرى فى كتاب تاريخ الحضارة المصرية يؤكد أن المصريين القدماء تركوا 
ألوانا مختلفة من الفن القصصى الذى يمثل حياههم » وقصصا خرافية يقصد بها 
مؤلفها الموعظة . ولدينا الاف من الكتابات التى على جدران المقابر وعلى 


اللوحات والماثيل والأدوات الختلفة » وهذه قل أن نجد بينها ما يمكن أن تضعه 
تحت عنوان الكتاب . لأنه لا يعدو ذكر مناقب أصحابها ووظائفهم وذكر 
الألمة أو بعض الطقوس الدينية » وربما كان متفرقة بين تلك الأناشيد أو فى 
تاريخ حياة بعض الأفراد » أو فى أغانى العمال المرسومين على المقابر » ما يمكن 
أن نعتبره نصا لكتاب ويمكننا أن نقول ذلك أيضا عن نقوش المعابد والنقوش 
التاريخية . وبعض البرديات ملأى بنصوص دينية وبعضها يحوى علوماً كالطب 
والتخنيط والرياضيات » كا يحوى البعض الآخمر نصوصاً خخاصة بالسحر أو 
بتفصيل تحقيقات قضائية » وكلها على جانب كبير من الأهمية لفهم نواحى 
الحضارة المصرية » 5 يحوى عدد كبير من تلك البرديات ما يمكن أن نسميه 
نصوصاً أدبية تصلح أن تكون كتبأ بمفهومنا اليوم . وهى تكون الجزء الأعظم 
من ذلك التراث الضخم الذى اصطلحنا على تسميته بالأدب المصرى القديم 
والذى يمكن تقسيمه إلى الأبواب الأربعة التالية : 

١‏ - الأساطير الدينية 

۲ - القصص 

© - الأناشيد والأغانى 

4 - الحكم والنصائح 

ولست فى حاجة إلى القول أنه ليس من الميسور عمل حدود فاصلة بين هذه 
الأقسام الأربعة » فهى تتداخل فى بعضها البعض كأداب أى أمة أخرى » سواء 
فى العصور القديمة أو فى العصور الحديثة » وتعطينا فى مجموعها صورة صادقة 
عما كتبه القدامى . لأن كتابة أى شعب هى المرآة التى تعكس لنا عقليته 
وأمانيه » وتوضح لنا مدى ما وصل إليه ذلك المجتمع من نضوج ذهنى . 

وبالمتاحف نماذج من عشرات القصص والأساطير التى كانت تتناول كافة 
نواحى الحياة فى مصر الفرعونية والتى منها نتصور جانبا من الكتاب الفرعونى . 

فى الأدب التبذيبى تعالم ووصايا سياسية أو خلقية من فرعون أو إحدى 
الشخصيات البارزة يوجهها بصفة خاصة لابه . ومن ذلك كتاب الحكم 


ير 


( ليتاح حتب ) وهو خير ما يملك التاريخ الفرعونى من هذا النوع من الأدب » 
فى عصر الدولة القديمة , اتخذ منه المصريون معينا للحكم والتعالم . وجعلوا منه 
أساسا لاصول التربية والسلوك . والذى يقرأ كتاب ( بتاح حتب ) يستطيع 
أن يحكم منه على اتجاه الآدب الفرعونى فى ذلك العهد . وعلى القبم الخلقية 
واداب السلوك العام » ويستطيع أن يرى فيه ما يشير إلى ارتفاع مستوى الحياة 
المصرية أيضا . بعض نصائح ذلك الكتاب لا نرال نسمعها الآن جا سعها 
المصرى منذ الاف السنين مثل : 

ر( لاتخن من ائتمنك لترداد شرفا ويعمر بيتك ) . 

( لاتترك التحلى بحلية العلم ودماثة الخلق ) . 

( كن سمح الوجه ما حيبت ) . 

ومن صور الكتاب الفرعونى يمكننا أن نضيف تعالم امنمحات الأول 
لولده سنوسرت فقد كتب الملك امنمحات الأول » مؤسس الأسرة الثانية 
عشرة » وصية لابنه لتكون بمثابة دستور يسترشد به فى حكم البلاد . وقد 
جاءت هذه التعالم خلاصة تجارب ذلك الرجل من ناحية » وصورة صادقة 
لحياته المليئة بالجد والكفاح من ناحية أخرى » وقد كانت تحتل مكانا رفيعا بين 
آداب المصريين فى ذلك العهد . وظاهر من مطلع الوصية أن الملك الشيخ قد 
امتلأت نفسه بالشك والريبة بعد المؤامرة التى دبرت لقتله » فأخذ يحذر ولده 
من الناس » بل من أقرب الناس اليه » فيقول مخاطبا اياه : 

« أنت يا من غدوت ملكا » استمع لا أقول حتى تصبح ملكا على 
الوادى » وحتى يمكنك أن تعمل صالحا . خذ الحذر من عمالك » فما أطاع 
الناس إلا من أرهبهم » وإياك أن تدنو منم وحدك » وإياك أن تثق بأخ › أو 
تصطفى لنفسك صاحبا » فلا خير فى ذلك كله . ولتكن حارس نفسك عندما 
تنام حرصا على حياتك » فلا صديق لا مرىء فى ساعة احرج والشدة . لقد 
أعطيت السائل وربيت اليتم » وأعنت المعدوم » ومع ذلك من أكل عيشى هو 
الذى استعدى الناس على » والذى مددت له يد المعونة ردها بالكبر » . 


چ 


وهكذا يسوق الشيخ النصح لخليفته فى ألفاظ تدل على طول خيرت 
. وتجاربه » وهى فى الوقت نفسه مراه لقلبه امحرون . ونفسه المليكة بالشك 

والريبة » كذلك يترك المصريون فى زمان الدولة الوسطى وزمان الدولة 
الحديثة نوعا من من الأدب امتاز بأسلوبه الشعرى الذى يجعله أقرب إلى النظم منه 
إلى النثر » والذى يمكن أن نسميه أدب الملاحم إلا وكان لهم فيه نصيب خخاصة 
الأشعار التى تفيض رقة وعذوبة ونلمس فيها العفة والحنان » وتتغنى بجمال 
االطبيعة وكيف يسعد بها الانسان . 


الكتاب فى الحضارة البابلية الأشورية ( العراق القديم ) 


يرى علماء الأثار أن الطين التى استخدمها الأنسان فى حضارة ما بين 
النبرين فى صناعة الأوانى الفخارية هى التى هيأت للطالب القديم مادته الأول 
التى خط عليها كتاباته . 

فمنذ أربعة اللاف سنة سجل السومريون والبابليون كتابابتيم على ألواح 
الطين ٠‏ ولم يستخدم البابليون المداد الذى استخدمه المصريون فى كتاباتهم بل 
كتبوا على الطين الطري ونقشوا عليه بسن ألة حادة بأسلوب الكتابة المسمارية 
أو الاسفينية . وكان الكاتب إذا انتبى من كتاباته جفف اللوح الطينى فى النار 
أو عرضه لحرارة الشمس وجعله 11010101110 
الدهر . 

يقف البابليون والأشوريون فى بلاد ما بين النهرين على قدم المساواة مع 
المصريين والصينيين بوصفهم أول مخترعين لنظم الكتابة وقد استخدم 


السومريون ف کل ما كتبوه خمسة أشكال مسمارية ولذلك عرفت كتاباتهم 
بالمسمارية Cuneiferm script‏ „, 


وقد نشأت مكتبات فى حضارة ما بين الثبرين من كتب الألواح الطينية 
والفخارية كذلك ؛ واستعملوا أيضاً الألواح الطينية المبللة » وعرفوا تصفيف 
عورا ا و ر يك للد و عدر 


WE 


نوع واحد فى قدر كبير » ثم ترتب هذه القدور فوق أرفف فى ردهات كبيرة 
تلحق بالمعابد » وكانت هذه الردهات تؤدى نفس الغرض الذى تؤديه المكتبات 
العامة فى وقتنا الحاضر . و كانت معظم هذه الكتابات تدور حول حرص ملوك 
بابل وأشور على تسجيل ما قاموا به من حروب انتصروا فيها » ولم تكن النقوش 
المنتشرة فى قاعات القصور الملكية سوى تكرار تمجيد الأعمال العسكرية » 
والاشادة بالانتصارات والغزوات التى انتصر فما ملوكهم. وبعض هذه 
الألواح كانت تحفظ فى قدور أخرى توضع فى أساسيات المبانى لحفظها على 
المدى الطويل » ويتضح للباحث ف الفكر الأشورى أنه بدأ مع حياة الانسان 
فى تلك المنطقة بجنوب العراق القديم » بدأ هناك الانسان حياته بإقامة الحياة 
الزراعية والصناعية رغم مواجهته لبيئة أرضية ومائية نبرية وجوية متغيرة لا تنعم 
بالاستقرار » ولا تدفع إلى الطمأنينة » بل تتصف بالتقلب والتغير المستمر إلى 
درجة تهديد حياته بالفناء والحاق مختلف الصعاب بحياته ومصيره » وتعريض 
انتاجه الزراعى إلى أضرار بالغة . بما دفعه إلى البحث والتعمق فى دوافع تلك 
الاشكالات البيئية » وهل من وسيلة إلى التحكم فيها وإحلال اندر والمنفعة 
والطمأنينة مكان الجوانب الضارة بحياته ومستقبله . 

اتجه الانسان الأشورى إلى البحث عن القوى الخفية الخبيرة والشريرة » وقد 
اعتبر انسان بلاد ما بين النبرين السماء منذ البداية ذات أولوية خخاصة فى 
حياته » حيث أن السماء هى مصدر الأمطار التى تتجمع فى الأنهار لرى 
الأراضى . فأعتقد فى وجود قوة إهية تتحكم فى السماءء وأن هناك قوى 
أخرى تتمئل فى الهواء والأرض والشمس والقمر والنجوم والبحر والنهر واتجه 
الأشوريون إلى الاعتقاد فى وجود تنظم يجمع كافة..القوى الالهية » وأن سلوك 
القوى الإلمية وتصرفاتها من وجه النظر الأشورية » كانت كبيرة الشبه بالسلوك 
الانسانى فيسود بينها الحق والصدق » ع يتجه بعضها إلى الظلم  »‏ أن الآنهة 
من وجه نظر الانسان الأشورى » كانت تأكل وتشرب وتتزوج وتنجب 
وتحارب وتقتل » وغير ذلك من مختلف ظواهر تصرفات الانسان المعتادة » كان 
الإله آن لله إله السماء هو الاله الأول أمام كل الآلهة الأخرى » وكان الإله 


ّ م56 .2 


إنليل اثل8 إله الحواء والرياح فى المرتبة الثانية عند الأشوريين » وكان الإله 
إنكى 816 هو إله الماء والأرض والعالم السفلى والحكمة . أما القوة الإلمية 
الرابعة عندهم فكانت متمثلة فى الإله ننخرساج عaء۲ں‏ !”ا آلمة الأمومة 
والانجاب وال جبل وهى زوجة الإله نان إله السماء 

وكان الفكر الدينى الأشور ى يعتمد عل بعض القم والمبادىء الأساسية 
فالخلود للالحة فقط بها الانسان ينعم بخدمة الآلطهة وينفد أوامرها دون أية 
معارضة وحيث حياته محدودة وتنتبى بنزول روحه إلى العام السفلى . ومن 
ناحية أخرى دعا الفكر الأشورى إلى العديد من القيم اخيرة كالعدالة والحرية 
والمبادىء فى شكل أساطير وملاحم تجمع بين الحقيقة والخيال»ومن أهم 
الأساطير الأشورية أسطورة الطوفان أو الفيضان الكبير الذى تعرضت له 
الطرق القديمة مع بداية العصر التاريخى » تشير ذلك الأسطورة إلى موضوعات 
لق الانسان وتكون المدن القديمة ونخلق الحيوان . ومن الأساطير الخالدة أيضاً 
أسطورة دطون أو الفردوس والتى يظهر فيبا الإله أنكى وزوجته لينخرساج 
ولم يكتف الانسان الأشورى بالتعبير بالكتابة السومرية » بل اتهه إلى استخدام 
وسائل التعبير الفنية الأخرى وخاصة فى مجال الشخصيات الأسطورية اللخيالية 
اتى تجمع فى تشكيلها بين الأجسام البشرية أو أجزاء فيها » وبين بعض 
الحيوانات أو الطيور أو الحشرات أو أجزاء منها أيضاً » وقد استدعى ذلك أن 
اتجاه الانسان السومرى إلى انشاء المعابد لتأدية الطقوس وتقديم القرايين حتى 
أصبحت مركزاً لكافة العلوم والمعارف بعد أن أجاد الكتابة بالرموز المسمارية . 


الكتاب ف الحضارة اليونانية : 
كان العلم اليونانى قد اشتمل على علم الأقدمين كالفراعنة القدماء والبابليين 


= مه 


إضافة إلى الانجازات التى حققها اليونان أنفسهم والتى انحصرت فى الفلسفة 
والطب والرياضيات والجغرافيا والفلك وكانت أهم الكتب التى أعتمد عليها 
العرب . 

كتب أبوقراط وجالينوس وديقوريدوس فى الطب وكتاب الجسطى 
لبطليموس السكندرى فى الفلك وكتابه فى الجغرافيا » وكتب أقليدس وأر شميدس 
وأبولونيوس وديوفنطس فى الرياضيات وكتب أفلاطون وأرسطو وأفلوطين فى 
الفلسفة والمنطق”ر كان المجتمع اليونانى متفتحا على غيره من المجتمعات التى ٠‏ . 
سبقنه إلى ازدهار النشاط التضارى ولاشّك أن أثر الحضارة اليونانية لاعزال: , , 
قائما فى عالمنا المعاصر بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى أكار من جانب ., 
وتكمن قيمة الحضارة اليونانية للإنسائية فى أنها استطاعت أن تحدد الكثير من 
المفاهم التى تعبر عن وقائع الحياة وحقائق الكون والمعرفةوليس أدل على ذلك ٠‏ 
من الصيغ والمسميات اليونانية القديمة التى يستخدمها علماء اليوم مثل : 
الفلسفة والتاريخ والرياضة والفلك والفيزياء والذرة وغيرها . وبفضل الموهبة 
الصافية والعبقرية الفذة التى منحها الله للسلالة اليونانية ظهرت الكثير من 
الآر اء والنظريات والمذاهب التى تدرسها جميع الأجيال المتعاقبة فى كل أنماء 
الدنيا وبكل اللغات؛وأقامت على أساسها الائسانية صروح الحضارات المتلاحقة 
عبر تاريم التطور والتقدم للفكر البشرى ولقد كان تراث اليونان بحق هو المنبع 
الأساسى الذى أحذت منه الحضارة الاسلامية فى أول مراحل مبضتها العلمية فى 
عهد الرشيد والمأمون العباسيين . 

كانت مصر تصدر ورق البردى إلى العالم اليونانى فى القرن السابع قبل 
الميلاد بسبب خفته ومتانه أوراقه » وكان حملها إلى مسافات بعيدة أمرا ميسورا 
سواء على هيئة أقرخ منفصلة أو لفافات طويلة » وبذلك تات لليونان 
استخدام أداة تلاثم الكتابة أكثر من أى شىء استخدموه من قبل » فاخذ عدد 
الكتب اليونانية فى الازدياد وكان اليونان يطلقون على اللفافة المصنوعة من 
البردى اسم ( 5وأطلا8 ) وقد كتبت هذه الكلمة فيما بعد ( 810005 ) ومنها 
اشتقت كلمة 81616 ومنها اشتقت اللغات الاوربية الحديثة اسم يبر Paper‏ 


ع يا 


للورق » کا كانوا يسمون مادة الورق خارتيس 001185165 ومن الكلمة اليونانية 
اشتق اللفظ اللاتينى 0118:48) للدلالة على ورقة بردية . وهذا مازال الايطاليون 
يسمون الورق 8548© وف القرن الخامس قبل المبلاد بدأ اليونان يدونون ترائهم 
الأذل منذ عصر هوميروس 13016505 على كميات ضخمة من لفات 
البردى التى أخذت تتداوها الأيدى أو تباع فى الأسواق . وعندئذ ظهر هواة 
تكوين المكتبات التى لم تكن سوى أمكنة توضع فيبا لفافات البردى 
ويقال أن يوربيدس e5‏ مس۴ الشاعر اليونانى كانت لديه أضخم مجموعة من 
لفافات البردى فى عصره . وعندما انشا أفلاطون ۴1١۲٥‏ فى القرن الرابع قبل 
ايلاد مدرسة للبحث الفلسفى أسماها الأكاديمية عام ۳۸۷ ق . م زودها 
بمكتبة وأنشأ أرسطو 5]0]16أتة فى مدرسته مكتبة أكبر من مدرسة أستاذة 
أفلاطون . وبعد وفاة الأسكند ر عام 777 ق . م أصبح بطليموسإبن لاجوس 
أحد قادته المقدونيين ملكا على مصر » وبذلك صار ذلك الرجل اليوثافى المثقف 
حاما على الدول التى تمد باق العالم بورق البردى » وكانت صناعة البردى فى 
مصر - على الأرجح - احتكارأللملك فى عهدخلفاء بطليموس الذين حملوا 
جیا وا 1 وبذلك صارت المادة لاد لستاعة الكنب: فى 


ولا كان بطليموس أغنى رجل فى العام العروف وقت ذاك » علاوة على 
سيطرته على مورد البردى ف العالم » لذلك فقد دفعه طموحه إلى تأسيس أعظم 
مكتبات العالم وهى مكتبة الاسكندرية » والحق بهذه المكتبة معهداً يسمى 
Museum‏ 4و کائت مبانى المعهد ملحقة بالقصر المطل على ا فى 
الأسكندرية » وللمعهد مدير يعينه ملك مصر ويحمل لقب م كاهن ربات 
الفنون » وكان العلماء والفلاسفة اليوئان يتوافدون على الأسكندرية من جميع 
أنحاء العالم ليتوفروا على البحث فى المعهد يساعدهم على ذلك توافر المراجع 
والمؤلفات فى المكتبة وإذا تتبعنا ظاهرة انشاء المكتبات فى الحضارات القديمة نهد 
مكتبة الأسكندرية أشهر ما ذكره المؤرخون وأهم حدث علمى على الاطلاق 
فى تاريخ الحضارة وتدوين العلم فى العصور القديمة . وكان العلماء يتقاضون 


دا" سم 


مرتبات من الملك حتى عام ٠٠٠١‏ ق . م . ومن الحكومة الرومانية بعد هذا 


التاريخ . 
ويقال أن مكتبة الأسكندرية كانت تحتوى فى أواخر عهد فيلا دلفوس 
ر عام ۲٤۷ - ۲۸٥‏ ق . م ) على ٠٠٠,٠٠٠١‏ لفافة مختلطة و ۹٠,٠٠١‏ لفافة 


غير ختلطة والمقصود باللفافات الختلطة أنها كانت تحتوى على أكار من مؤلف 
أدهى واحد . ولقد اتضح أن هذا العدد الهائل من اللفافات الختلطة وغير الختلطة 
فى المكتبة كان يزيد كثيراً عما يتطلبه تدوين كل المؤلفات التى انتجها العالم 
اليونانى حتى ذلك الحين » مما يدل على أن جزءاً كبيراً من هذه اللفافات كان 
يحتوى على نسخ مكررة . 


الكتابة فى الحضارة اليونانية : 

ما أكثر ما عالج الكتاب اليونان الأحداث والمواقف والأفكار والتجارب فى 
كتاباتهم إذا درسنا تاريخ اللجتمع اليونالى بأكمله بأفراده وطبقائه وما كان لديهم 
من مواقف وأفكار ومعلومات ... ولاشك أن كل ذلك قد أدى إلى تطور 
وتقدم هذا المجتمع.وف هذا المجال نجد لدينا كتابات عدد من المؤرخين » وأول 
هؤلاء هو هيرودوت 21672000605 فى أو اسط القران الخامس قبل الميلاد . 
كتب هيرودوث تاريخا حاول أن يجعله شاملاً عن أخبار العالم ما كانت معروفة 
فى عصره وحيث كان يتحدث عن كل ششىءء عند وصف الأماكن 
والأشخاص والأحداث, والأفكار والعادات والعقائد والأساطير بأسلوب 
تقريرى » غالبا ما يعتمد على الرواية وعلى ما تواتر من أخبار الأجيال . رى 
كانت هذه الطريقة الوحيدة المتاحة له أنذاك ... وهى وإن ساعدته فى الحصول 
على كثير من المعلومات إلا أنها أعطته أيضا قدراً كبيراً من الأخبار المشكوك فيا 
والتى حرفتها الأجيال قبل أن تصل إليه لكى يكتبها . 


ومن بين المؤرخين اليونان كذلك ثي وكيديدس 1465لطناط7 فى أوائل القرن 
الرايغ ول اادد وق ر کر ابا ول مرو واد مو موی ا ررب 


البيلوبونيسية التى قامت بين اثينا وأسبرطة فى الثلث الأخير من القرن الخامس 
قبل الميلاد بكل تفاصيلهاءحيث عاصر هذه رة الحرجة فى تارتم اليونان » 
بالاضافة إلى اشتراكه فى هذه الحرب بصفته قائدا من قواد اثينا » م كان على 
صلة بالساسة الكبار فى البلدين » وعلى هذا جاءت معلوماته امباخرة ؛ كا امتاز 
بمقدرته على تحليل الحوادث والمواقف والشخصيات لیل اجتماعياً ونفسياً 
عميقاً فكان بذلك أول مؤرخ یونانی يتبع المنبج العلمى التحليل فى كتابة 
التاريخ . 


كذلك هناك كتابات المؤرخ كسينوفون 60208802 وقد ظهر فى أوائل 
القرن الرابع ق . م . وكتب عدة كتب عن تاريخ بلاد اليونان ونظمها وعن 
تنشئة الملك قورش الأمبراطور الفارسی ۴ا تعورها. وعن موضوعات ٠‏ أخرى 
بعضها عسكرى وبعضها اجتاعى وبعضها اقتصادى . وكتاباته تمتاز يأنها 
متعددة الموضوعات إلا أنها أقل من وجهة التدقيق والتحقيق ويمكن أن يوصف 
بأنه اتب ممتاز يعطى معلومات طريفة ومتعددة الجوانب لكنها لاترق إل 
مستوى ٹیو کیدیدس فإذا تر کنا كتابات المؤرخين » وجدنا كتابات من نوع 
أخر هى الخطب التى كان يلقيبا خطباء الیونان » وقد کانوا كثيرين ؛ يتحدثون 
فيها أمام امجالس الشعبية وأمام الهيئات السياسية والقضائية وغيرها فى القضايا 
السياسية والاجتاعية والقومية التى . كانت وارد ف الجتمم اليو نال أنذاك . 


ومن بين أشهر ما وصل إلينا من هذه المخطب تلك المقولة إلى بركليس 
و51 الزعم الأثينى الذى استكمل النظام الديموقراطى فى اثينا خلال 
منتصف القرن الخامس ق . م . كذلك ديمو شتنيس 106205]526265 اللنطيب 
والسيامى الأثينى الذى ظهر فى أواسط القرن الرابع ق . م ومن خلال خطبه 
تعرف الكثير من الأحوال الداخلية فى اثينا » كا تعرف الكثير عن السياسة 
اا التى انتهجها الجتمع الأثينى آنذاك . رغم أن هذه الخطب دائما ما 
تحمل جانباً واحداً من الحقيقة أو على الأقل نوعاً من المبالغة والتبويل فى عرض 
الحقائق . فالخطيب يدعم قضيته بذكر كل التفاصيل التى تسىء إلى قضية 


خحصبمه 3 


وهناك كتابات أخرى أهم بكثير من كتابات المؤرخين وهى كتابات 
الفلاسفة من أمثال . سقر اط Socrates‏ وأفلاطون Plato‏ ا وأرسط سطر Aristotle‏ 
وهناك للفكرون الأخرون الذين كانوا يمارسون ألوانا من الثقاقة. قة العامة والذين 
أطلق عليهم ١‏ سم السوفسطائيين Sophists‏ وهناك المدارس المذهيية والتى كانت 
تضم العلماء الذين ‏ يعالجون موضوعات الفلك زات والرياضة والطب 
والعلاج وغير ذلك من ميادين الثقافة والعلم قبل المدرسة الفيثاغورية . .. لاشك 
أن الانسانية استفادت كثيراً من کتابات كل هؤلاء من حيث أنها تبصرنا 
بالانجازر الفكرى والعلمى الذى حققه ا مجتمع اليونانى ومدى تأثره بغيره من 
الجعمعات أو تأثيره فيها فى كل هذه المجالات وهكذا ... 

وفى جال الكتابة عند اليونان مصدر هام هو الأدب » وهذا النوع من 
المصادر يضم كل ما وصلنا من إنتاج الأدباء بكل ما ى ذلك من أغانى وأشعار 
ومسوخيات وبکل ما تتضمنه هذه من أفكار وحقائق وخيالات وأوهام 
وخرافات وأساطير » وما تصوره من مشاعر وعواطف وانفعالات وأحاسيس » 
وجا ا يطهر فیا من وجات حية للقرة والبطولة. والتضحية وال والسيظرة 
SS‏ 
تعتز بها طبقة أو أكثر من طبقات المجتمع » ومن المثل العليا التى تكافح فى سبيل 
تحقيقها والاتجاهات التى تسيطر على هذا الكفاح » وكلها تمل جوانب أساسية 
صادقة التصوير والتعبير عن حياة المجتمع . 1 

ولنعرض هنا لنوع آخر من كتابات الأدب اشتهر به اليونان وهو أدب 
الملاحم ' والملحمة ببساطة هى رواية أسطورية أو شبه أسطورية » .مكتوبة 
بالشعر . وأهم الملاحم اليو نائية هما ملحميًا الالياذة والأوديسة المنسوبتان إلى 


en‏ س 


هو ميروس Homeros‏ : . وهناك اخ أخريتين ين للشاعر اليونانى هزيود 
Hesiodos‏ هما الأعمال و الأيام معط أقع! 18818 ونسب الألة ةتممعه156” 


وإذا أنخذنا ملحمتى الألياذة والأوديسة » لنرى كيف يمكن للمؤرخ أن يعتمد 
علييما نرى أنبما عبارة عن مجموعة من الأشعار والأناشيد الفولكلورية قيلت 


١ 


وأنشدت وتغنى بها الناس فى فترة تمتد أكثر من ثلاثة قرون » وجمعها وصاغها 
هوميروس فى هيئة هاتين المحلمتين ولقد سميت هاتان القصيدتان بإنجيل . 
اليونان . تدور الالياذة حول مهاجمة القوات اليونانية امحاربة لمنطقة طروادة على 
الساحل الشمالى لآسيا الصغرى . وتدور الأوديسة حول المغامرات والأهوال 
التى واجهها أحد أبطال اليونانيين فى هذه الحرب ء هو الملك أوديسيوس 
395 فى طريق عودته من طروادة , بعد أن اسقطها وأحرقها اليونان , 
إلى بلده ومقر ملكه إثاكة 1]5818 على الساحل الغرلى لبلاد اليونان کا تعر 
الالياذة عما جلبته هذه الحروب من العذاب والموت 2 لليونان . 

كا تمثل هذه الأشعار تراثاً شعبياً يونانياً أصيلاً . تغنى أهل اليونان بهذا 
الشعر وتخليدهم اياه إغا يدلاعلى أن هذا الشعر كان شعبيا » وكان محبوباً . ج 
أن أشعار الملحمتين كانتا تشكلان الدروس الأولى التى يجب أن يتعلمها 
وپعدرب عایہا النشیء الیونانی . وقد کان هذا الأمر سارياً فى كل العصور التى 
و . ا يصف هذا الشعر حياتهم اليومية 
سواء فى البيت أو السوق أو الحقل أو المرعى أو ميدان القتال » ويا يوضح” 
نظرة لرة اليونان إلى الدين والألهة » ويظهر موقف أهل اليونان من القانون وما كان 
يسودهم من تنظم سياسي واقتصادي ومن تعايش طبقى واجتاعى » وأيضا كل 
ما يتعلق بأمال ٠‏ اليونان نان وأمانييم وبأفكارهم عن الجتمع المثالى الذى لا تظهر فيه 
عيوب مجتمعهم » وهذه يوردها الشاعر على لسان شخصياته فيجعل هذه 
الشخصيات تقارن بين ما كان سائداً فعلاً وما كانوا يتمنونه أو يرون أنه ينبغى 
أن يكون » وقيمة هذه الأفكا ر مجتمعة هى أنها تعكس لا التيارات الاجهاعية 
والسياسية والاقتصادية التى كانت تسود مجتمع -اليونان ومن ثم فهى بداية 
لتحليل الفكر الفلسفى الذى تركه اليونان فى كل ما كتيه هؤلاء المفكرون 
والعلماء والشعراء . 
ورما کانت رطوبة الجر فى بلاد اليونان من أهم عوامل التلف والفساد 
بالنسبة للبرديات ومواد الكتابة الأخرى كالورق التى استعملها اليونانيرن ف 
تاريخهم السحيق . فالأمة اليونانية عرفت الكتابة منذ أيام هوميروس ووجدت 


- YY ج‎ 


الكتب مع ظهور بواكر النبضة الأدبية عندهم . كانت الحياة الاجتّاعية فى اثينا 
تغرى الناس بالقراءة كأداة للتحصيل والدرس وكوسيلة من وسائل المعرفة 
والبيان والجدل . ولاشك أن قادة الفكر منهم كانوا يحتفظون لأنفسهم 
و خخاصة من الكتب م المصادر القديمة من أن 
ااصة ٠‏ وما ذكره الؤرخ كسيفوفون فى القن الرابع قى e‏ 
التى كاد يملكها يوشيديوس أحد اتباع سقراط . 


خاصة ذكر با 17 اس ٦‏ لفاقة فى الطب كانت ن 
إحدى مقتنيات مكتبة حاصة فى القرن اثالث ق ا 


وكان عصر أفلاطون عصر بحث وتفكر فى الدين والفلسفة » وكانت طريقة 
الحوار التى يتبعها فى تدريسه تفرض على السامعين اطلاعاً ويحثاً دائمين . 
خاصة وأنه كان يذكر فى محاوراته الكثير من الكتب . إن أكاديمية أفلاطون 
امتدت بها الحياة الخصبة ما يقرب من عشر قرون من سنة م حين اغلقت 
ابوابها على يد جستنيان . هذه الأكاديية جمعت الكثير من الكتب والوثائق 
والتاريخ يحدثنا أنه فى سنة ٠5‏ ۰ق ا المدرسة الأبيقورية تفتح أبواب 
مكتبتها للقراء . وبإنتقالدا من جيل أفلاطون إلى جيل أرسطو ؛ نتتقل إلى عصر 
التحول ول العظم إلى القراءة والكتابة والتأليف » حتى ليقال أن أن أرسطو أول من 


هع الكتب والبحوث فى معهده العظم . 
الكتاب فى ا-لحضارة الرومانية : 
عل مدى ما يقرب من عشرة قرون » قامت المكتبات اليونانية وعل رأسها 
مكتبة الأسكندرية بالحفاظ على تراث اليونان واحتضنت تبنت تراث البشرية كله فى 
تاريخها الطويل ولم ترق أى مكتبة أخرى إل مستوى مكتبة الأسكندرية لافى 
الحجم ولا فى الدور الانسانى الكبير الذى نبضت به فى تاريخ الحضارة البشرية 
)١(‏ د. لطفى عبد الوهاب : اليونان : مقدمة فى التاريخ المضارى ص 551-188 . 2 


— Y 


وانعقل هذا الثراث إلى القسطنطينية فى العهد الرومالى وشارك الرومان ينبن 

فى التراث الانسانى . ولاشك أن الكتابة والكتب لاتوجد إلا حيث توج 
نبضة فكرية تتمخض عن نتاج مكتوب . 

كان نظام التعلم عند اليونان يرتكز على المدرسة ومعلمى البيان والخطابة 
وعلى الحياة الاجتاعية التى يحياها التلاميذ خخارج بيوتهم ؛ أما الرومان ٠‏ فلم 
كانوا يعتمدون على الأب فى تعلم الأبناء . ومن أجل هذا كان الببت الروماق” 
يقوم بوظيفة تربوية وتعليمية فى وقت واحد . والنتيجة الطبيعية لذلك أن تظهر 
المكتبات الخاصة فى المنازل قبل ظهور المكتبات العامة التى تنشمها الدولة .. 
ولقد بدأت هذه المكتبات الخاصة تظهر فى ميلاد الرومان وتصبح سمة, بارزة من 
:..سمات الحضارة الرومانية منذ منتصف القرن الثانى قبل الميلاد وحتى أوائل القرن 
السادس الميلادى . 

ومنذ عصر شيشرون أصبحت المكتبات الخاصة شيئا أساسياً بالنسبة لكل 
دارس أو معلم أ و سسكرل ‏ وأصبيمت کک ن مات 
تقتنى ثمرات الفكر اليونانى والرومانى على السواء . 

ومع بداية عهد أغسطين ( 1۳ ق . م - ١4‏ م ) نرى الكتب الرومانية 
وقد غمرت الأسواق » ونرى المكتبات الخاصة وقد انتشرت » حتى أصبح 
لكل شاعر أو أديب أو سياسى من رجال العصر جموعته الخاصة ,. 


وتحول اقتناء الكتب إل مظهر من مظاهر الاراء والتشاخر 3 حرص على 
الأغياة وال رياء حنى أصبعف ظاهرة مرضية » وكتب سينكا 562608 ينعى 
على قومه أنهم يجمعون كميات عظيمة من الكتيب مجرد تزبين الحجرات 
والجدران وعلى الرغم من عيوب هذه الظاهرة إلا أنبا كانت المستودع الأمين 
الذى احتفظ بالتراث اليونانى والرومانى وصانه بعيداً عن أيدى العبث 


عام ۳۹ ق ا 


اتات 


وفى عهد الامبراطور الرومانى أغسطين انشكت فى روما مكتبتات هما المكتبة 
البالاتينية Palatine library‏ بجوار معبد اوا لو برو ما ١‏ و المكتبة الالكتافية 
Octavian‏ التى انشعت فى میدان الاله مارس . ولا نکاد نصل إلى القرر ن الثافى 
الیلادی حتی نجد فی روما ۲۹ مكتبة ترتبط جميعها بالمعابد والمياكل الدينية » ٠‏ 


ولعل أهمها و أضخمها و ار ها عمر ا مكتبة أولبيا ہا Vl ipian lib r2‏ التى انشأها 


ب مسد س 2 


إلا امبراطور تراجان ججوار نه مركزاً للوثائق ى الرومائية » وامتدت 
ا الحياة حتى ى القر ن الخامس الميلادى . 

ومع انتشار الحكم الرومانى والحضارة الرومانية » انتشرت المكتبات 
الرومانية فى “مال أفريقيا وأسبانيا وجنوب فرنسا وشرق البحر المتوسط ء ولج 
تكن هذه الكتبات العامة مجرد دور للكتب » ونا كانت أيضا ملتقى للباحثين 
والدار سين والمفكري ين و العلماء . 


وف القرن الرابع الميلادى تتقلص الامبراطورية الرومانية و تنتشر المسيحية 
انقشاراً حاملة معها الأدب المسيحى الجديد وتقلص الأدب الوثنى القدم 


الكتاب ف الحضارة الاسلامية 

فإذا انتقلنا إلى فجر الحضارة العربية نتلمس تاريخ الكتاب وجدنا المعلقات 
فى الجاهلية أقدم صور الكتاب ف التاريخ العربى . والمعلقات کا هو معروف 
فی تاریخ الأدب العرىاهى آروع | القصائد للشعراء فى الجاهاية . وانهم كانوا 


يعلقونها عل الكعبة تعظيما وتشريفا للك القصائد . ومهننا شك النقاد . 
والمؤرخون فى اجراءات تعليق القصائد أو شكوا فى كثير من الشعر الجاهلى 
برمته » فان شكهم لا ينفى ازدهار الشعر فى الجاهلية » ولا ينفى أن العرب 


كانوا يعلقون فى أستار الكعبة أو فى جوفها ما يكبرون أمره . 


ری بلقن مرجي ار الشاهل أن 00 الغساسنة للد رين نر 


سما 
اللولك ا اا المت خرين 0 أو - 


Vo —‏ ما 


ظل النقل الشفاهى للقصائد متفرقة حتى عصر التدوين فى الدولة الاسلامية , 
والصحيفة المكتوبة فى العهد المكى النبوة هى صحيفة المقاطعة التى 


تعهدت فيا قريش بمقاطعة بنى عبد المطلبيحيث لا يبيعون لهم ولا يشترون 
منهم ولا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم » وذلك بغية اجبار ألى طالب زعم . 
العشيرة.وعم الرسول َه على تسليمه محمدا أو القضاء على الاسلام . وقد 
علقوا الصحيفة فى جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم وتشددا ف المقاطعة . 
ا ل د ا 
اشن 0 الجائرة a‏ مصعب بن عدى . فلك الرجل الذى 
أجار رسول الله ل عقب عودته من ثقيف بالطائن . 


أما الصحيفة المكتوية ف العهد المد | فهى أول وثيقة فى تاريخ الأمة 
الاسلامية عقب المجرة مباشرة . وفيها بيان الحقوق والواجبات للمسلمين من 
مهاجرين وأنصار » ومشر كى المدينة » ولليهود . وهله الوثيقة آلتى اا 
ابن هشام فى كتابه المشهور عن سيرة الرسول عه . ولم يذكر النص 
المكتوب الذى نقل منه . ولكن المشهور انه كتب السيرة عن ابن اسحق 
بطريقة المشافهة . 

وتروى لنا كتب السيرة أن صلح الحديبية كان مكتوبا . كذلك تروى لنا 
كتب الحديث جوانب عما جمع من بعض أحاديث الرسول للل . فقد روا 
نافع عن ابن عمر أنه وجد فى قائم سيف عمر بن الخطاب رضى الله عنه 
صحيفة فيها صدقة السوام . وروى محمد بن عبد الرحمن الأنصارى قال : ما 
اا و ن ع ا أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله عله 
فى الصدقات » وكتاب عمر بن الخطاب ووجد عند آل عمر كتاب عمر فى 
الصدقات مثل كتاب رسول الله ميته . قال فنسخناه له / وروی محمد بن على 
آبن ای طالب ری اللہ عنہما قال أرسلنى ألى » قال : حذ هذا الكتاب فأذهب 
به إلى عفان » فان فيه أمر النبى عب بالصدقة . أما أشهر الكتب أو الصحف 


العى عرفتها العربية , غير القرآن الكرم » فهر صخيفة الصادقةألعهد الله بن 
عمرو بن العاص ( ۷٥ه‏ ١٠ه‏ ) . والصادقة تحتوى أحاديث ` TS‏ 
باه . وف تار الاسلام قضية أو مشكلة علمية تتعلق بتدوين الحديث . . ذلك 
أن النبي والخلفاء الراشدين من بعده صرفوا جهدهم الأول فى العناية والتدوين 
واحافظة على القرآن الكريم . ولم يسمحوا لنص آخر يختلط به أو يواجهه أو 
يعرف الناس عنه . غير أن المشكلة التى تواجه الباحثين فى تدوين الحديث 

هى أنه فى عصر النبوة , ثم فى عصر الخلفاء الراشدين » لم يكن النبى قاطعا 
عن تدوين الحديث . ولكن بصفة عامة كان الاتصراف إلى حقظ القران . 
ومن الحالات التادرة التى دون فيها بعض الحديث حالة الصادقة . فقد سمح 
الرسول ق لعبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنهما بكفابة الحديث . 
لأنه كان كاتيا محسنا ء واشتيرت صحيفته بالصحيفة الصادقة كا أراد كاتبها 
أن يسما . ولم تصلنا الصادقة كا كتبها عبد الله بن عمرو بخطه » واثما نقل 
الأمام أحمد محتواها فى مسنده . وضمت كتاب السئن جانيا منها . ومن ثم فان 
انتقالها من التدوين إلى المشافهة ثم إلى التدوين يجعل ما نقل منها يخضع لدراسة 
علماء الحديث . وما فستشفه عن عبد الله بن عمرو أنه كان اياحثا أ بالمعنى ' 
القريب من‌اليحث العلمى فى عصرتا هذا . أو کان مهعماً بالكتابة ل وجه من . 
الوجوه . فيروى أنه كان يلى الحديث على تلاميذ فى مصر . وأنه عقب معركة 
ابوه اح شل E cE‏ 
ا 

وإذا كانتت الصحيفة الصادقة لم تصلنا خط كاتبها فان صحيفة أخرى 
وصلتنا مكتوية هى الصحيفة الصحيحة لمهام ين متيه ( 4٠‏ - 1151ه ) . 
وهمام ليس صحابيا ولكنه تابع » أى أدرك بعض الصحابة . لقد لقى همام 
المحالى الجليل أبا هريرة وكتب عنه كثيرا من الأحاديثٍ التى رواها عن 
النبى وجممها فى صحيفة أطلق عادبا الصحيحة على مثال الصادقة » ولقد عتر 
عل هذه الصحيفة الدكتور امحقق محمد حميد الله فى مخطوصطتين متاثلتين فى 
6 غا سيد عد : ستلعة لعتشي وكرة . وهو كتاب قم من أهم المراجع المؤلفة 

باللغة العربية - دار المعارف ۱۹۸۳ ص 4" . 





دمشق وبرلين . وكان الامام أحمد قد نقلها بتامها فى مسنده . 
وإلى جانب تلك الجهود المتفرقة فى تدوين الحديث كانت تظهر جهود 
أخرى ف التأليف البكر , تتمفل فيما ترجم الد بن يزيد بن معاوية من 


سق م مسي ا اسح سس ممصي 


رم ارا وما الت اون يا ى ب رام را ا 


a E.‏ ا 
نسيتا لابن هشام.ثم م ألفه وهب بن هبه التو سنة ١٠1ه‏ من كعاب 
التيجان فى ملوك حير » وقد طبع هذا الكتاب من رواية ابن هشام سنة 
۴۷ھ مع سابقه . کا ذكر بعض الباحدن أن زياد بن أبيه وضع لابنه 
كتابا فى مثالب العرب . وأن يونس بن سليمان وضع كتابا فى الأغالى 
ونسبتها إلى المغنيين وأن « ماسر جويه « الطبيب ترجم كتاب ل ‹ أهرن بن 
أعين » من السريالية إلى العربية . 
و نصل إلى عهد عمر بن الخطانبم حتى نجد الكتابة وقد أصبحت 
جزءاً أساسياً من أعمال الدولة » فقد فتحت البلاد وأبرمت العهود والموائيق 
بين المسلمين وغيرهم ممن دخلوا فى طاعتهم دون حرب » و کارت المراسلات 
ين الخليفة والولاة فى حالات السلم والحرب على السواء » ودونت الدواوين » 
ووجدت نظم وسجلات تدون فيها الأسماء والأرزاق التى تجرى عل 
المسلمين . وكان الفتح الاسلابى لمصر_فتحاً فى تاريخ الكتابة والكتاب » فقد 
أتيح للعربٍ أن يتعرفوا عل مادتين جديدتين صالحتين للكتابة وها البردى 
والکتان « القباطى »ع وها ایس _ من العسب والكرائيف من سبل ر ف 
الكتابة » كا أنهما أفضل من أكتاف وأضلاع الإبل والأغنام » وأحف من 
اللخف وهى الحجارة البيض الرقيقة » وأرخص من الرق والجلود » وأوفر من 
المهارق الحريرية ولقد ظل البردى يتصدر مواد الكتابة » طوال عصر بن أمية 
وخلال الفترة الأولى من عصر ب: بنى العئاس لأنه كان فى متناول عامة الناس ع 
وبلغ من كثرته وانتشاره أن وجد له درب يعرف بدرب القراطيس ببغداد » 
ذكره الطبرى فى كتابه المحاسن والأضداد . 


وف العصر العبابى يظور الورق كمناقس جديد للبردى استعملوه فى 


~A مه‎ 


الكتابة بعد أن صنعوه _ بأيدييم وعل أرضهم فى زمن من الرشيد ٤‏ اثر ا 
الجيوش_ الاسلامية بقيادة زياد بن صالح عام ۳^ ) ۷۱م )2 فقد عاد 
المسلمون إلى “مرقند ومعهم الأسرى الصينيون ممن يعرفون صناعة الورق . ثم 
اتيت ابث أن انتقلت من بغداد لل الكوفة والبشرق» وإلى أتماء العالم العربى 
کله » وانتشرت الكتابة فى الورق إلى سائر الأقطار »> وبظهور صناعة الورق فى 
المشرق والمغرب العربى » يدخخل الخطوط أو ٠‏ الكتاب العربى إلى افاق جديدة » 
وإلى أهم مرحلة من مراحل موه وتطوره » وهى مرحلة خصبة تمتاز بكارة 
الانتاج ووفرته وسهولة تداوله بين القارئين . 


كا كان للعرب فضل الحفاظ على تراث الإنسانية » وما أنتجته قرائح اليونان 
فى الفلسفة والحندسة والعلوم » وكانت اللغة العربية هى الوعاء الذى انتقلت فيه 
الثقافات اليونانية والفارسية والهندية والصينية والمصرية القدية إل أم الغرب فى 
العصور الوسطى . وكان للأمة العربية الفضل فى إدخال صناعة الورق إلى 
أوروبا من طليطة بالأندلس ف القرن الثافى عشر الميلادى . 

أان حركة تأليف الكتبعند العرب بدأت فى القرن الثاني اليجرى ولم تابث 
أن ازدهرت ازدهاراً رائعاً مع أوائل القرن الثالث » وكنتيجة طيبعية تظهر أول 
مكتبة ضخمة فى تاريخ العرب وهى التى يطلق عايها بيت أو خزانة الحكمة » 
والتى تنسب إلى الرشيد والمأمون » والأخير جلب إلها. الكتب| من كل حدب 
وصوب وأمر العلماء بتعرييبا > 'وجعل سهل بن هارون امیا م تكن 
حزانة الحكمة هذه مجرد مخزن للكتب »ء وإثما كانت مركزاً اللثقافة ة بأوسع 
معانيها فقد كانت منتدى للعلماء وقاعة للباحثين والدارسين » ومركراً للترجمة 
والنسخ والنشر » حتى كارت الكتب والمصنفات لد لدرجة تلفت انظ وس أ 
إحصاؤها > حاصة وأن بعض هذه المصئفات كانت مجلدات ضخمة . والواقع 
أن الكثرة والضخامة لكمية الكتب لم قكن عنصر الاببار فى هذا المصر > فقد 
كان يقابلها شغف_ شديد بالقراءة » كان يدفع بعجلة التأليفٍ والترجمة ويمدها 


بأسباب القوة والانطلاق . وحيث قضت الظروف أن تكون الكتب وحدها 
السبيل إل تحصيل المعرفة والثقافة والعلم . 


Yq -‏ مس 


ظهور الإسلام وانتشار الثقافة الاسلامية 


ولد محمد بن عبد الله فى مكة حوالى سنة 017١‏ ميلادية » ونشأ يتيمأ فقيراً 
إذ تو أبوه عبد الله وهو لا يزال جنيناً فى بطن أمه . كفله جده عبد المطلب 
وأحسن رعايته وتربيته » حتى بلغ الثامنة » ثم كفله بعد موته عمه أبو طالب 
وجعله كأحد بنيه » وأسبغ عليه من عطفه وحمايته ما كان له أكبر الأثر فى 
حياته . اشتبر بصدقه وأمانته » فتزوجته وهو فى الغامسة والعشرين السيدة 
حديجة » إحدى ثريات قريش » ونعم بالعيش معها واطمأن الها » وظل 
يذكرها طوال أيام حياته . وهى أول من امن به إذ كذبه الناس » وأول من 
أعنقق عليه ف اا د رالتنوف الارن رل عليه الو ٠‏ وا 
يدعو للإسلام وحاض صراعاً عنيفاً انتصر فى نايته وتكونت دولة الاسلام 
وخضع العرب لأول بشير فى تاريخهم استطاع أن نجمعهم تحت راية واحدة » 
ويوجههم نحو هدف مشترك . 

محمد فى المفهوم الاسلامى هو النبى الذى أرسله الله ليبلغ الناس كافة دينه 


الحق - دون أنبيائه ورسله جميعاً » وليقضى على الشرك - وليجعل كلمة الله 
هى العليا . 


فإ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهم وإسماعيل إسحق 
ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أو النبيون من ربهمء 
لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون 4 ( البقرة ١75‏ ) . 

هذا فيما يتعلق بالايمان بالرسالات السابقة ع أما فيما يتعلق « بالله » 
فالاسلام يدعو إلى « إله » واحد : هل قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد وم 
يولد ولم يكن له كفوا أحد # ( الاخلاص ) . كذلك هو يدعو إلى مجتمع 
واحد «9 وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرا ولكن أكثر الناس لا 
يعلمون » ( سباً/م؟ ) . 


محمد إذن بلغ الناس كافة رسالة ربه . أما من حيث علاقة المسلم بربه , 


> يم ا 


فالاسلام لا يبعطوى على أى مبدأ يجعل أحداً حتى رسول الاسلام ذاته بين الله 
وعباده . فعلاقة الانسان بربه فى الاسلام مباشرة وبغير واسطة . والانسان 
ميل مولده حتى وفاته فى حضرة الله , وتحت همعه وبصره . إذن فالعقيدة 
مسألة شخصية والله وحده القادر على الحكم على عباده المؤمبين . ومن هنا 
لا يوجد فى الاسلام رهبنة ولا قدسيون ولا تقديس ولا أحد أيأ كان بين 
المسلم وربه . 


اعتدقت جميع القبائل العربية الدين الجديد وتوحدت لأول مرة فى تاريخها 
الطويل الحافل بمختلف ضروب بطولات الفتح الاسلامى . وكان من 
الواجبات الأولى التى حفهم عليبا دينهم الجديد , الجهاد فى سبيل الله لنصرة 
الدين ونشره بكل وسائل الاتصال المعروفة لديهم آنداك > وهى التلقين بما 
حفظته الصدور وبما كتبته أيدى كتاب الاسلام الأوائل . 


اجتاحت جحافل المسلمين جزءاً كبيراً من العالم المعروف فى ذلك الوقت » 
واستطاعت أن تؤسس فى أقل من قرن من الزمان أكبر وأقوى دراة عرفتها 
القرون الوسطى » استولى المسلمون على شاطىء الفرات لى ه 5# م. 
وانتصروا على الروم فى أجنادين ىن سئة 54 م ودخلوا دمشق فى سنة ٠١‏ 
وحققوا نصر اليرموك الرائع فى سنة ٦۳١‏ م »> وانتصروا على الفرس فى 
القادسية ق :1717م + وخطيعت فم سوريا ل سد وک نارس ل 
إسئة 547 ومصر فى سنة 578 - 547 وأذربيجان فى سئة 547 وأفغانستان 
فى سئة 551 » وتونس فى سئة 174 ع وبخارى فى سنة 1۷٤‏ » والسند فى 
سنة ۷۰۸ » ومراكش فى سنة ۷۰۸ » وأسبانيا فى سنة 11١‏ -5الاء 
وسمرقند فى سنة ۷٠١‏ م.واستولوا فى خلال القرنين الثامن والتاسع على معظم 
جرر البحر المتوسط » وأصبحوا سادة الدنيا بلا منازع . 

وهنا يجدر بنا أن نثير بعض التساؤلات . كيف كانت حالة الشعوب التى 
فتحها المسلمون قبل الفتح كيف صارت بعده ؟ هل كانت المبادىء التى 
حكمت هذه الشعوب بمقتضاها خخطوة إلى الأمام أم إلى الوراء ؟ هل حدث 


تطور وتقدم أم لا ؟ هل حققت الشعوب المغزوة رواجاً اقتصادياً ومزيداً من 
الحرية أم لا؟ وهل حققت رواجاً ثقافياً ودينياً وعلميا أم لا ؟ .ر 

وسواء أكانت طبيعة هذه الحروب دينية بحتة أم اقتصادية أم مزيماً من هذا 
وذاك فذلك أمر لا يعنينا كثيراً فى هذا البحث . وائما يعنينا فى المقام الأول 
الآثار الحضارية المترتبة على نقل واستساغة الثقافة الاسلامية المباشرة هذه 

الانطلاقة العربية الاسلامية التى غيرت وجه التاريخ . 

ونحن اذا نظرنا فى صفحات هذا التاريخ رو وو صرفة » إذن 
لاستطعنا أن نستوضح حقيقتين هامتين جداً . أولاً أن الاسلام كان 8 
تقدم هامة وكبرى فى التخفيف عن عاتق تق الشعوب ء الكثير » بل الكثير 

من القيود والظلامات التى فرضتها عليها الامبراطورية الرومانية . u‏ أن 
الاسلام كان باعثاً على حركة احياء العلوم والآداب والفنون فى حركة من أهم 
حركات تاريخ العلم . 

ب “ترك الاسلام لأهل الكتاب ( الهيود والنصارى ) حريتهم الكاملة فى أن 
يقيموا شعائرهم الدينية كيفما يريدون . وكانت كنيسة القسطنطينية تدعمها 
قوة الامبراطورية المادية والحربية » قد أذاقت السوريين 0 وكل اتباع 
كنائس سوريا وأرمينيا ومصر ألواناً من الاضطهاد لا: نهم تحدوا كئيسة 
لقسطنطنية الى تيت بالاعتقاد أن المسبح أنوم واحد ذو طيعيين » فى 
حين اعتقدت كنائس مصر وسوريا وأرمينية بأنه ذو طبيعة واحدة لا ذو 


طبيعتين("؟ . 
والحقيقة المؤكدة هى أن الييود والنصارى أصبحوا فى الواقع تحت الحكم 
الاسلامى آمنين على أموالهم وأنفسهم وأبنائهم وتمتعوا - ب: د 


القيود التى فرضت عليهم - بكثير من الامتيازات التى لم يحلموا بها منذ قرون 
تحت الحكم الرومانى . لذلك نجدهم وقد تنفسوا كثيراً من ريم الحرية 





)١(‏ القول بالطبيعة الواحدة يعنى يعنى أن المسيح هو الله والانسان اتحدا فى طبيعة واحدة هى 
المسيح أما القول بالطبيعتين فيعنى أن المسيح اله حق وانسان حق فى نفس الوقت » 
استغفر الله العظم . 


كبيرة فى بلاد الخلفاء والأمراء المسلمين . 


ومما يدلنا أبلغ دلالة على ترحيب الشعوب المغزوة بالفتح الاسلامى الذى 
خفف عن كاهلها كثيراً من أعباء الماضى » ما جاء فى فتوح البلدان للبلاذرى 
من أنه « عندما جمع هرقل ( العاهل الرومانى ) للمسلمين الجموع _ > وبلغ 
المسلمين انام إلجم لوققة البرمزلك ردروا عل أل مها اترا خلا مليع 
من انراج وقالوا : قد شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنم على أمرك . فقال 
أهل حمص : لولايتكم وعدلكم أحب إلينا ما كنا فيه من الظلم والغشم › 
ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم ونهض البهود وقالوا : والتوراة لا 
يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا أن نغلب ونجهد » فاغلوا الأبواب 
وحرسوها . وكذلك فعل أهل المدن التى صولحت من النصارى والمود 
وقالوا : ان ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه » وإلا فإنا 
على أمرنا ما بقى للمسلمين عدد » . 

إذن نستطيع القول مطمثنين أن طابع التساح الدينى الذى كان سائداً فى 
أغاء العام الاسلامى فى عصر ازدهار الحضارة الاسلامية كان کا جداً . ولنا 
أن نشير هنا إلى أقوال بعض كبار المؤرحين الذين أعجبوا أا اعجاب بهذا 
التساح الذى كان مثله فى غير الدولة الاسلامية ضرباً من المستحيلات فى ذلك 
العصر . يقول الأستاذ « سيديو » أن المذهب النسطورى المسيحى قد تغلغل 
وانتشر فى الأجزاء الشرقية من آسيا تحت الحماية العسكرية الاسلامية . 
ويعجب الاستاذ « دريير » من أن المسلمين لم يسمحوا للنساطرة بممارسة 
شعائرهم الدينية بحرية فحسب » وائما عهدوا اليم فى بعض الأحيان بتثقية 
أبناء العائلات الكبيرة » ويضيف إلى ذلك قوله أن هذا الموقف تحرر مذهل إد 
قورن بتعصب أوربا فى ذلك الوقت » وهو تحرر » تطرف فيه هارون الرشيد 
لدرجة أنه جعل يوحنا بن ماسويه وهو نسطورى مسيحى مشرفاً على التعلم 
العام فى عصره . 


أما مجلس الخليفة المأمون فكان يتكون من ممثلين لجميع الطوائف التى تدين 
بملكه . ويذكر الأستاذ « دوزى » مبرهناً على حرية الفكر فى ذلك العصر ء 
أى عصر ازدهار الحضارة الاسلامية » قصة نقلها عن أحد علماء الكلام 
العرب » يروى فيها كيف أنه كان يحضر فى بغداد دروساً كثيرة عن الفلسفة 
يشترك فيها يبود وزنادقة ومحوس ومسلمون ونصارى » وكيف أن الحضور 
كانوا يستمعون إلى كل منهم باحترام عظم ٠‏ وأنه لم يكن ينبى لأى منهم أن 
يستند إلا إلى الأدلة الصادرة عن العقل . لا إلى الأدلة المستقاة من أى كتاب 


مقدس . 


لا غرو إذن أن سمح اللخلفاء والأمراء المسلمون للنصارى واليهود أن يتقلدوا 
مناصب الدولة كالمسلمين تماماً . ويدلل الأستاذ « جوستاف لوبون » على 
ذلك بقوله : إن أسبانيا الاسلامية كانت الدولة الوحيدة فى أوربا التى تنتع فيها 
اليبود محماية الدولة ورعايتها فازداد عددهم زيادة كبيرة . وفى ذلك تقول 
الموسوعة البريطانية أيضاً أن حكام طليطلة العرب كانوا يحمون الجالية الهودية 
الكبيرة فازدهرت فيها وأينعت أعمالها التجارية والثقافية » ولكنهم فقدوا كل 
شىء بل طردوا منها عندما انتبت دولة الاسلام فى أسبانيا . 

ولاشك أن طابع التساع الاسلامى كان ذا أثر فعال هائل فى -حركة الاحياء 
العلمى والبناء الحضارى التى تولاها العرب بعد الفتح . ذلك أن علماء 
النساطرة كانوا قد لجأوا إلى فارس التى حمتبم من اضطهاد الروم . وسرعان ما 
ازدهرت تعابمهم فى المدرسة الفارسية فى « جند يسابور » وكانوا يستعينون 
بشىء من الفلسفة اليونانية لبث تعالههم . كا لأ العلماء والفلاسفة اليونان 
عندما أغلق الامبراطور جيستنيان فى سنة ٥۲۹‏ أكاديمية أفلاطون فى أثينا» 
وکات ار طقل من اقل العلوم فى العالم الرومانى فى ذلك الوقت » إلى 
فارس والتقت الثقافات المسيحية واليونانية والمندية والفارسية فى هذه المدرسة 
التى اشتبرت شهرة واسعة . وعندما وقعت جند يسابور فى قبضة العرب فى 
القرن السابع , لقى هؤلاء العلماء المسيحيون تساعحاً كبيراً وتشجيعاً عظيماً من 


فظهر منهم كثير من الأطباء والعلماء والتراجمة0"© . 


لم فرج العرب فى واقع الأمر من جزيرتهم إلى الأقطار المغزوة خالى الوفاض 
أو جرد غازين فحسب » وانما خحرجوا إلى رحاب هذا العالم الفسيح الذى 
فتحوه وهم يحملون ثروة هائلة من أدبهم الجاهل تتمثل فى لغة كاملة وخطابة 
وشعر وحكم وأمثال . وفوق ذلك ثروة هائلة من الأحكام الدينية والأخلاقية 
والاقتصادية والتشريعية المنظمة مختلف شئون المجتمع والتى تضمنها القران 
والحديث . ولا عجب إذن أن كان للدين الجديد وتمابهه الفضل كل الفضل فى 
دفع الناس إلى تعلمه وتسابقهم للاستزادة منه والوقوف على حقائقه . 

وان فى تعالم محمد لدورائية : 

« الناس عالم ومتعلم وسائرهم همج » 

« اطلب العلم من المهد إلى اللحد » 

« طلب العلم فريضة على كل مسلم » 

« من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرحم ٠‏ 

« ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا ا يطلب » ولمداد ما جرت 
به أقلام العلماء حير من دماء الشهداء فى سبيل الله 20 

لقد رفع الاسلام الحنيف من قدر العلم والعلماء » وحث على طلب العلم ثم 
أن معجزته كتاب هو القران الكريم » ومن اياته 9 اقرأ باسم ربك » 
ف ورفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات 4 «إ( هل يستوى الذين 
يعلمون والذين لا يعلمون ‏ ومن أقوال الرسول عله أيضاً : « غدوة و 
طلب العلم أحب إلى الله من مائة غزوة » » ثم « لموت قبيلة أيسر من موت 
عالم » وقوله : « أطلبوا العلم ولو بالصين » وقوله : « لا حير فيمن كان من 





(۱) من مشاهير ر عر اردور ا ا و ی و ابن 
اسحق . وعمر بن القرحان ؛ واسحق بن حنين وثابت به قرة » وكثير من أسرة 
کی 


~ Ao 


أمتى ليس بعالم ولا متعلم » وقوله : « لا يزال طالب العلم عالماً حتى إذا ظن 
أنه علم فقد جهل » . 

ومن ثمة كان طبيعياً وضرورياً أن يظهر فى أعقاب الاستقرار الاسلامى 
الكثير من الكتبة الذين يعلمون غيرهم القراءة والكتابة ومن ثم أنشفت المدارس 
اللازمة لتعلم القراءة بالقدر الكافى على الأقل للتمكن من الاطلاع على القران . 
وكان حفظ القرآن وتلاوته فى جميع المناسبات هم الناس الأول وشاغلهم الذى 
لا يشغلهم عنه شىء . كذلك كان الخليفة يومى ولاته بالعدل حسها جاء فى 
القرآث والسنة . واذن كان الاسلام ذاته فى واقع الأمر أول حافز على ازدياد 
حركة القراءة والكتابة والسخ لتعلم الناس مبادىء الدين الجديد . وأسلوب 
تعامل الانسان مع غيره من الناس . بعد ذلك تطور الأمر بطبيعة الحال » 
ونشأت علوم جديدة مثل علوم التفسير والحديث واللغة والبلاغة والبيان » 
فلما اتسعت دائرة العلوم » اتسع بطبيعة الخال مجال العلم والتدريس وشمل هذه 
العلوم أيضاً . 

ورث العرب عن الامبراطوريتين الفارسية والرومانية ثلاث مدارس ٠‏ هى 
مدرسة جند يسابور الزرداشتيه التى اختطلت فيها ثقافة اليونان وعلومهم بثقافة 
المنود والفرس وعلومهم » ثم مدرسة حران الوثنية » وكانت مركزاً للتأثر 
الاغريقى منذ عصر الاسكندر المقدونى ثم مدرسة الاسكندرية المسيحية 
المأخرة . على أن العرب لم يرثوا هذه المدارس فارغة » وإثما ورثوها بالعلماغ 
والفلاسفة والمترجمين الذين كانوا يعلمون بها . ولما كان الاسلام دينا واقعياً , 
حض المسلمين على الاستزادة من العلم ولم يضع أى عقبات فى هذا السبيل » 
كان طبيعياً أن تستمر هذه المدارس وأن تنشأ مدارس جديدة وأن يستفيد 
المسلمون من هذه المدارس وهؤلاء العلماء » فى وضع حجر الأساس للحضارة 
العلمية الاسلامية . 


م يلبث العرب طويلاً بعد استقرارهم فى الامبراطورية التى فتحوها حتى 
بدأت أنظارهم تتوجه إلى العلوم الدنيوية . وقد يكون الأمير خالد بن يزيد بن 


- A = 


معاوية الأموى المتوى فى سنة 7١4‏ م » هو أول أمير عربى أضاء شعلة العلم فى 
الاسلام . ذلك أنه كان أول من عمل على ترجمة كتب القدماء فى الطب 
والفلك والكيمياء م يقول ابن النديم فى كتابه الفهرست . ثم جاء العباسيون 
واهتم أبو جعفر المنصور منذ البداية بترجمة العلوم » واتسعت الحركة اتساعاً 
كبيراً فى عهدى هارون الرشيد وولده المأمون على الأخص . 


أسس الرشيد بيت الحكمة أو مدرسة الترجمة التى أخذت فى عصر المأمون 
نوزة أكاضية ٠١‏ وضع الأمون عل راسها يواابى ماتيوي عقافت الدرسة 
بأكبر مجهود فى ترجمة العلوم والفلسفة والمعارف القديمة . وفى حدود منتصف 
القرن التاسع الميلادى أصبح تحت يد العرب مختلف علوم الأسبقين ومعارفهم . 


اشتمل العلم اليونانى على علوم الأقدمين كالمصريين القدماء والبابليين » 
زيادة على الانجازات التى حققها اليونان أنفسهم . وانحصرت العلوم حتى ذلك 
العصر فى الطب والرياضيات والجغرافيا والفلك .. وكانت أهم الكتب التى 
اعتمد عليها العرب فى بناء صرح حضارتبم العلمية كتب أبقراط وجالبنو س 
وديسقوريدو س اليونان ف الطب مع بعض الكتب الهندية » وداب المجمسطى 
لبطليموس السكندرى فى الفلك وكتابه فى الجغرافيا» وكتب اقليدس 
وارشميدس”2 وأبولونيوس وديوفنطس اليونان فى الرياضيات وكتاب 





() جالینوس 6816۲ ر ۱۲۹ - 1154 م ) . الطبيب الاغريقى المعروف ولد فى برجاموم 
بنسيا الصغرى وتعلم الطب فى أزمير والاسكندرية وروما » عمل طبيباً لبلاط قيصر 
الرومان » وظل سلطان علمه قائماً فى أوروبا حتى منتصف القرن الحادى عشر » وقد 
بحث جالينوس بين الظواهر الجسمية والظواهر النفسية . راجع : تاريخ الطب عند 
العرب للمؤلف . 
بى أرشيدس 5علع0قطعءك هو عام الفيزياء » والحندسة اليونانى الشهير ولد بمدينة 
سيراكيوز بجزيرة صقلية فى نحو عام ۷ ق.م . ثم تفر غ لدراسة العلم والرياضة › 
وهو الوحيد بين القدماء الذى نلف لنا شيئاً نافعاً فى الميكانيكا والميدروماتيكا ( علم 
موازنة السوائل ) ومن هذه الأخيرة نظرية ارشميدس المعروفة بنظرية الأوائى 
المستطرقة . 


- AVY - 


« السندهند » فى الفلك والرياضة » وهو النسخة الحندية المنقحة من كتاب 
سندهانالبر اهماكوبتا الهندى . وهذه هى أهم الكتب العلمية التى تلقاها العرب 
من الدنيا القديمة عن طريق اليونان والهنود » والتى كونت المادة العلمية التى 
بنوا عليها ثقافتهم العلمية . 


والحق أن طريقة اكتساب المسلمين للعلوم واستيعابهم لها وقصر المدة التى 
استغرقوها ليصبحوا قادرين على تصحيح هذه العلوم واضافة جديد لم يسبقهم 
إليه أحد , أمور كانت فريدة فى التاريخ » بعد جيل واحد أو جيلين من دخوهم 
دنيا العلم » تربعوا على عرشها وأصبحوا سادتما لا منازع لحم . ويكفى أن 
نذكر فى هذا المقام قولة الأستاذ جورج سارتون : « حقق المسلمون عباقرة 
الشرق أعظم المأئر فى القرون الوسطى . فكتبت أعظم المؤلفات قيمة وأكثرها 
أصالة وأغزرها مادة باللغة العربية » التى كانت من منتصف القرن الثامن حتى 
نباية القرن الحادى عشر لغة العلم الارتقائية للجنس البشرى كله » حتى لقد 
كان ينيغى لأى كائن » إذا ما أراد أن يلم بثقافة عصره » وبأحدث صورها» 
أن يتعلم اللغة العربية » ولقد فعل ذلك كثيرون من غير المتكلمين بها »7 . 

صحح المسلمون علوم الأقدمين بالقدر الذى سمح به علم عصرهم ء 
وأضافوا علوماً جديدة مثل الكيمياء والجبر فى صورته الجديدة » وعلم 
البصريات الحام » وحساب المثلثات المسطحة و الكرو ية » والحساب الجديد 
الذى نقلوه عن امنود وطوروه وجعلوه علماً ذائعاً . هذا فضلاً عن كثير من 
الاضافات الأخرى ما سيأقى ذكره فيما بعد . ولم يتأى ذلك همم إلا بظهور فة 
الكتاب والنساخ أو هؤلاء الذين يطلق عليهم كتبة ديوان الانشاء .. بذلك 
E‏ > نستطيع بحق أن نصفه بالتراث 
العلمى الاسلامى . الذى أصبح فيما بعد الأساس الذى ارتكزت عليه 





)1١(‏ جورج سارتون : تاريخ العلم الجزء"[ دار المعارف ص 
(۲) كانت اضافات العلماء العرب فى الطب والتشري والكيمياء والمعادن والنبات والحيوان 


من أمثال جابر بن حيان وابن طفيل والزهراوى والرازى » وال جلد کی › وا۔لنازں واہن 
النفيس والبغدادىي والقزوينى 2 وداود» وابن ع البيطار 2 والادريسى 4 والدينورى - 


الحضارة الحديثة التى ترجع إلى إسهام مقتضيات العقيدة الاسلامية بكتابة 
القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة فى بادىء ظهور الاسلام بلغة عربية 
خالية من النقاط والتشكيل متفاوتة فى أسلوب الكتابة متأثرة باللهجات العربية 
امختلفة إلى أن تم كتابة الصحف الأمام فى عهد عثان وهذا ما سنفصله 
فى الصفحات الآتية و بعد ذكرنا لأهمية الكتابة والعلم فى الاسلام . 


أهسية الكمابة 
و العلم ف الاسلام 


ط اقرا باسم ربك الذى حلق » حلق الإنسان من علق » افرأً وربك 
الأكرم » الذى علم بالقلم » علم الإنسان مالم يعلم 29# . 

هذه أول آيات بيئات نزلت على سيدنا محمد الرسول الأمين » تنبعه بالرسالة 
ر مسكوليتها ٠‏ تصدع أول كلماتها بالقراءة وهى مفتاح التعليم وتنطق 
اياتها بتعليم الله عز وجل لعباده مالم يعلمواء» وتذكر القلم وسيلة الكتابة وحفظ 
العلم ونقله » واله التدوين بما يجول ى النواطر . 

لقد استرعى الله عز وجل التباهنا إلى أهمية العلم » فى أولى أيات القرآن 
الكريم » لأنه سبيل الى التحرر من العبودية لغير الله »والطريق القومة إلى معر 
الله عز وجل ومعرفة شرعه وحسن تطبيقه والعمل به . 





= والصورى وابن مزه » وابن يونس والجاحظ وابن حلدون وابن مسكوبه وغيرهم وأن 
مؤلفاتهم لتعد بالمئات وبالألوف . ا أن مؤلفات بعضهم ظلت المراجع المعتمدة فى 
أوروبا حتى القرن السابع عشر » لقد سبق العلماء العرب إلى كثير من النظريات 
والآراء وانها لتنسب فى الوقت الحاضر إلى علماء النبضة الأوروبية دون إشارة إإ 
هؤلاء الرواد . 

. ٠ ٠ ١ سورة الفلق اية‎ )1( 


- A۹4 ->- 


وحسبنا أن تنوه الآيات الأولى من دستور الاسلام بالعلم لندرك اهتام هذا 
الدين الحنيف به ولو أننا تأملئا فيما ورد فى القرآن الكريم من أيات تتناول 
العلم وفضله وسبله » وما يلحق به » وما ورد فى السنة فى هذا الباب » لوقفنا 
على مكانة العلم فى الاسلام » وأد ركنا اههامه الكبير به » ومن خلال الآيات 
التى تحث على العلم والتعلم وتشجيع طلاب العلم » وترفع من شأن العلماء » 
ومحاربة الجهل . والظلام('2 » تريد للانسانية نور العلم والمعرفة بدلاً من ظلام 
الجهل والغفلة - ومن هنا خخاطب الاسلام العقول والقلوب » وجعل العقل 
مدار التكليف ». وبه ميز الله عز وجل الانسان عن سائر مخلوقاته - من هذا 
قوله عز وجل  :‏ إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون 204 وقوله عر 
وجل : فإ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون 7#" » وقوله 
سبحانه وتعالى : ل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا يتفكرون ‏ » وقوله 
سبحانه وتعالى : طط وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إلهم ولعلهم 
تفکرون 04 . 


وإنا لنجد دعوة القرآن الكريم إلى العلم والرفع من شأنه مبثوثة فى كثير من 
آياته قال تعالى 5 هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون 04 8 


ورفع مكانة العلماء فى قوله عز وجل : «إ يرفع الله الذين امنوا منكم 


. ١7 محمد عجاج الخطيب : نحات فى المكتبة والبحث والمصادر ص‎ )1١( 
. ۳ سورة الرحرف اية‎ )۲( 

(9) سورة العنكبوت اة ٤۳‏ . 

. 0٠ سورة الأنعام أية‎ )٤( 

(ه) سورة النحل أية ٤٤‏ . 

)( سورة الزمر أية ٩‏ . 


والذين أوتوا العلم درجات ي ؛ وقال سبحانه : هآ وفوق ذى كل علم 
عليم 06" . 

وترى من خلال آيات القرأن الكريم ما للعلم والعلماء من أهمية كبيرة فى 
الدعوة إلى الله والتحرر من عبودية ما سواه . 

وقد خخاطب الاسلام فى الانسان عقله وحواسه وجوارحه ء التى تنفذ به إلى 
المعرفة والتعلم"“ » فاسترعى انتباهه إلى مفاتيح العلوم بالنظر والمشاهدة والتأمل 
والاعتبار » وغير ذلك مما يدفع به به إلى ذروة المعرفة والوقوف على اللحقيقة 
الكبرى هذا الكون . 
العلماء فقال : « من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين »9 » وجعل طلب العلم 
الشرعى الذى يحتاج اليه كل مسلم ليقيم أمور دينه فريضة على كل مسلم بنص 
قوله عه : « طلب العلم فريضة على كل مسلم » . 

ول يترك الرسرل عا طريقة من طرق التعليم والتبليغ والتوصيل والاعلام 
فى ذلك العصر إلا سلكها فى سبيل نشر الاسلام وتبليغه - فكان يعقد مجالس 
العلم بنفسه » ويبعث الرسل ويرسل الكتب ويوجه الأمراء والقضاة والمعلمين 
ليفقهوا الئاس بالدين - فكان عي حير مبلغ . 

ومنزلة العلماء المعلمين من أرفع المنازل ف الاسلام بس قول الرسول 
يِه : « العلماء ورثة الأنبياء »20 » ومن هنا حث الاسلام على احترام أهل 





. 11 سورة المحادلة آي‎ )١١( 

(۲) سورة يوسف اية ۷١‏ . 

(؟) محمد عجاج الخطيب : محات فى المكتبة والبحث والمصادر ص ٠١‏ . 

(4) اخحرجه الامام أحمد عن ألى هريرة مسئد أحمد ج ۱۲ ص ۱۸۰ حدیث ۷۱۹۳ . 
(ه) أخرجه ابن ماجه عن أنس - سنن ابن ماجه ج ١‏ ص © . 

)3( مجمع الزوائد ص ۱ ج۱ . 


العلم » على لسان سيدنا محمد عَْهُ فقال : « ليس من أمتى من لم يمل كبيرنا 
ويرحم صغيرنا » ويعرف لعالمنا حقه »" , 

هكذا يتبين لنا حرص الشريعة الاسلامية على العلم والتعلم ١‏ وقد مارس 
الرسول م ذلك بنفسه » وشجع على طلب العلم » وأوصى بطلابه » وبين 
ما للمشاركة فيه من أجر حتى بلغ التشجيع العلمى أوجهه » وفتح باب العلم 
للجميع ليس بينه وبين أحد حاجز أو مانع » وأبلغ من هذا كله » أن الرسول 
03 حذر العلماء من أن يتساهلوا فى أداء واجبهم وتعلم الجاهلين وأنذرهم 
بالعقاب » وحذر الجاهلين من البقاء على جهلهم”©2؛ وحثهم على طلب 
0 1 
أهمية الكمابة : 

إن أغلى ما يعبر الانسان عن فكره وأحاسيسه هو الكلام بمجموع ألفاظ 
مفرداته وجمله » وهو الوسيلة الأولى للخطاب ونشر العلم وكسب المعرفة , 
والانسان فى حطابه وعباراته المنطوقة أقرى على التعبير عما يريد » وأفضح من 
محاولته ذلك بأى وسيلة أخرى . ويلى العبارة المنطوقة فى الافصاح عن الفكر , 
العبارة المكتوبة . 

ومن ثم كان للكتابة عند الأم جميعاً أثر بعيد , وكان لها الفضل الكبير فى 
حفظ تراث الأم السابقة فى دواوين العلم - وقد ازدادت أهمية الكتابة وآثارها 
فى العصر الحاضر » وتطورت وسائلى الطباعة تطوراً سريعاً يناسب روح 
العصر » ويفى محاجته(" . 


ولقد كتب القلقشندى كتاباً ضخماً فى أربعة عشر جزءاً عن الكتابة أسماه 
« صبح الأعثى فى صناعة الانشا» ( لن نذكر الكثير عنه رغم أنه 





. ١ ج‎ ٠۱۲۷ مجمع الزوائد ص‎ )١( 
. ۲١ محمد عجاج الخطيب : نحات فى المكتبة والبحث والمصادر ص‎ (۲(٠ 
. نفس المرجع السابق ص 8؟‎ )1(' 


کک 


قاموس زاخر بالفوائد الرائعة فيما يتعلق بهذه الصناعة من جميع نواحها .. 
ويقول الكاتب فى فضل الكتابة“ ؛ إن أعظم شاهد لجليل قدرها وأقوى مثل 
على رفعة شأنها أن الله تعالى نسب تعليمها إليه جل جلاله واعتيرها من وافر 
كرمه . 


ثم قال بأن الله سبحانه وتعالى وصف بها الحفظة الكرام من ملائكته فقال 
جلت قدرته ۾ وان عليكم الحافظين كراماً كاتبين 0# . 

ويقول القلقشندى : 

ليس بين الصناعات ما يلحق بصناعة الكتابة ولا يكسب ما تكسبه من 
الفوائد مع الحصول على الرفاهية والتنزه عن دناءة المكاسب . ثم مع ما توصل 
اليه من مشاركة الملوك والرؤساء . وكفى ببذه الصناعة شرفاً أن صاحب 
السيف يزاحم الكاتب فى قلمه ولا يزاحمه الكاتب فى سيفه . 


وقد اشتغل بالكتابة علية البشر » ومنهم من صاروا أنبياء أو حلفاء » ومن 
هؤلاء يوسف الذى كان يكتب للعزيز بمصر - وهارون ويوشع ابن نون وكانا 
يكتبان لموسى » ومنهم أبو بكر وعمر وعؤان وعلى » وكانوا يكتبون للرسول 
عليه الصلاة والسلام » ثم أصبحوا بعده خلفاء الواحد بعد الآخر . 

وقد تنبه قوم بالكتابة بعد الخمول » وصاروا إلى الرتب العلية والمنازل 
السنية » منهم « سرجون » الذى كان رومياً خاملاً فرعته الكتابة » حتى 
اتصل بمعاوية و كتب له ولابنه يزيا ولمروان بن الحكم » ومهم عبد الحميد بن 
يحبى الذى اشتهر باسم الكاتب الأول حتى غمر اللقب نسبه - وشرف 
بضاعته واشعهر بها(" . 


وعن ابن عباس رضى الله عنبما فى قوله : « أو أثارة من علم » أنه الخط ما 
رى القلقشندى : صبح الأعشى فى صناعة الانشا . 

زف سورة الانفطار أية ٠١‏ . 
0 القلقشندى : صبح الأعشى ج ١‏ ص ۳۹ - 48 . 


تقدم الكلام عليه » ويروى أن سليمان عليه السلام سأل عفريتاً عن الكلام 
فقال : ري لا ييقى . قال : فما قيده ؟ قال : الكتابة .. 

وقال عبيد الله بن العباس : الخط لسان اليد . وقال النظام : الخنط أصل 
الروح له جسدانية فى سائر الأعمال إلى ما يبرى هذا امجرى . 

وقال ابراهم بن محمد الشييانى : الخط لسان اليد وبهبجة الضمير وسفير 
العقول » ووصى الفكر » وسلاح المعرفة » وأنس الأخوان عند الفرقة , 
ومحادئهم على بعد المسافة » ومستودع السر وديوان الأمور"" . 

ولو لم يكن من شرف الكتابة إلا أن الله تعالى أنزلها على آدم أو هود عليهما 
السلام کا تقدم ذكره - وأنزل الصحف عل الأنبياء مسطورة(') : وأنرل 
الألواح على مومى عليه السلام مكتربة لكان فيه كفاية . 

ففى الآيات الكرية الآتية قول الله سبحائه وتعالى : 

« أم لم ينبأ بما فى صحف موسى ی“ 

بل يريد كل امرىء منهم أن يوق صحفا منشرة 9#" . 

رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ي . 

للذين هم لربهم يرهبون ¢ 

هذا وفى الكتابة حفظ الحقوق ومنع تمرد ذوى العقوق » بما يسطر عليهم 
من الشهادات التى تقع فى السجلات والمكاتبات بين الناس لحوائجهم من 





. ۲١١ القلقشندى : صبح الأعشى فى صناعة الانشا ج ۳ ص‎ )١( 
. ٣ ص‎ +٣ فس المرجع السابق ج‎ )۲( 

(۴) سورة النجم أية ۳۹ . 

. سورة المدثر أية ۲ه‎ )٤( 

() سورة البينة ية ۲ . 

(5) سورة الأعراف اية ٤‏ . 


اه # اسه 


المسافات البعيدة التى لا ينضبط مثل ذلك حامل رسالة » ولا يناله الحاضر 
بمشافهة وان كثر حفظه » وزادت بلاغته ولذلك قيل : الكتابة أفضل من اللفظ 
- لأن اللفظ المنطوق يفهم الحاضر فقط واللفظ المكتوب يفهم الحاضر 


والغائب!2"0 . 


تفضيل الكتابة على الحفظ عند العرب بعد ظهور الأسلام : 

لم يقدر للحروف العربية أن تنطور تطوراً كافياً جعل شكلها مقارباً للشكل 
الذى نعرفه الآ إلا مع ظهور الاسلام وبعده » وقد مرت الحروف العربية التى 
كانت فى الأصل نبطية متفرعة من الحجاء الفينيقى فى سلسلة من التطور جعلتها 
تتخلص شيئاً فشيئاً من العيوب التى ورثتها عن الحروف التى نقلت منها . 
وكان حذق العرب للكتابة فى الجاهلية 'حدثاً هاما فى تاريم الفكر لم يظهر أثره 
إلا بظهور الاسلام » وقد عرف الكتابة أهل الذمة ونقلها عنبم الصحابة من 
كتابة الوحى . وف الواقع كان للكتابة أثر بالغ فى نقل الاسلام » ولا عجب فى 
هذا فهى الوسيلة إلى تعلم العربية وحفظ القرآن وتعاليم السنة النبوية وتدوين 
الأحاديث الشريفة والتفسير » هذا بالاضافة إلى خدمة الدولة وأولى الأمر . 

ومن أبرز مظاهر التطور التى أدخلت على الهجاء العرلى » زيادة حروف 
الروادف وابتكار التنقيط والاعجام والحركات والضوابط والهمزة . 

وفى عصر النبوة كان كتبة الوحى يكتبون بذلك الخط العربى الذى تحددت 
صورته ولكنه لم يستطع أن يتخلص من بعض مظاهر الط النبطى ولم تصل 
إلينا أمثلة من هذا الفط الحجازى الذى كان مستعملا أيام النبى صلوات الله 
عليه فى مكة والمدينة المنورة » وأغلب الظن أنه تحددت لهذا الفط منذ ذا' 
الوقت صورتان : 

صورة لينة يميل فيبا إلى التدوير وكانت تستعمل ف التدوين السريع وصورد 
جافة يميل إلى التربيع » وكانت تستعمل فى كتابة الشعون الهامة التى يراعى فى 

ر القلقشندی : صبح الأعشى ج 7 ص 7 . 


كتابتها التأنى والتؤدة » والراجح أن كتاب الوحى كانوا يكتبون |القران فور 
نزوله على النبى بالخط اللين لانه أطوع لهم وأيسر عليهم حتى يلاحقوا النبى 
وهو يتلو الآية 2 وكانوا عندما یعودوك إلى دورهم ويستقروك ف مجلسهم 
يعيدون كتابة ما دونوه بالخط اللين فى حضرة النبى صلوات الله عليه - بالخط 
الجاف تعظيماً لكلمات الله وتقديرا اء 


وقد كان النبى عليه الصلاة والسلام يدرك قيمة الكتابة » ويقدر أثرها 
ولذلك كان يطلق الأسير فى غزوة بدر اذا علم عشرة من صبيان المسلمين 
الكتابة » ما كان أقرب الناس إلى نفس الرسول كتاب الوحى . بظهور الاسلام 
أذ شأن الكتابة العربية فى الازدهار » ولم يلبث العرب أن انتشروا فى كثير من 
أجزاء العالم المتحضر فى ذلك الوقت ‏ وامتد نفوذ العرب المسلمين فى نحو قرن 
من الزمان من حدود الهند شرقاً إلى الحيط الأطلسى غرباً » ومن ثم أصبحت 
اللغة العربية ذات قيمة سياسية إلى جانب أهميتها الدينية والأدبية » وتبع ذلك 
بطبيعة الحال القكين فى هذه الأقطار للكتابة العربية التى لم يقتصر نفوذها على 
اللغة العربية » بل امتد نطاقها فصارت تكتب بها لغات أخرى مثل الفارسية 
والأردية .. وهكذا نجد أن العرب نقلوا إلى الأقطار الاسلامية بدايات المنط 
العربى ا نقلوا اليها اللغة العربية والاسلام سواء بسواء . ويستشف من الأخبار 
التى وصلتنا أن العرب كانوا يصنعون الكتابة فى مرتبة أعلى من الحفظ » وكانت 
القصيدة التى تحوز تقديرهم فيما قبل الاسلام تكتب بماء الذهب وتعلق فى 
الكعبة اجلالاً لشأنها ولذلك ميت هذه القصائد بالمعلقات . وتأكدت نرعة 
تفضيل الكتابة على الحفظ عند العرب بعد الاسلام » ولقد عبر ذو الرمة عن 
ذلك حين قال لعيسى بن عمر : أكتب شعرى فالكتاب اعجب إلى من الحفظ 
لأن الأعرالى ينسى الكلمة « قد تعب فى طلبها يوماً أو ليلة فيضع فى موضعها 
كلمة فى وزنها ثم ينشدها الناس » . 


التطور الموضوعى للكتابة العربية 


كتابة القرآن الكريم فى عهد الرسول يله : 

ليس جديداً القول بأن بزوغ شمس الاسلام كان إيذاناً بنبضة كتابية عظيمة 
تتمثل فى حرص المصطفى عليه الصلاة والسلام على تعلم الصحابة الكتابة وعلى 
تدوين القرآن الكريم منذ فجر الاسلام . 
يلقن القرآن الكريم تلقينا » فأنزله الله عليه أقرب إلى الحفظ فى الصدور وأبعد 
عن الدسيان » فكانت تنزل عليه الآيات القرانية بين وقت وآخر ٠»‏ تتابع أحياناً 
وتبطىء أحيانا أخرى » يقول الله تعالى فى سورة الفرقان : 

فإ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة » كذلك لنثبت به 
فؤادك ورتلناه ترتيلا © . 

واستغرق نزول القران بضعة وعشرين عاماً ولقد حرص النبى يِه منذ 
اللحظة الأولى على حفظه وتحفيظه لأتباعه » كا حرص فى الوقت نفسه على تدوينه 
فور نزوله ¢ وكان هذا التدوين يم بك اشرافه , وهكذا أصبح القرآن 
صورتان واضحتان . 

صورة صوتية عندما يتلى وصورة مكتوبة » والصورة الأولى تتجلى فى تلقى 
القرآن بالمشافهة من جبريل » إذ كان النبى يقرأ ما ينزل عليه والصحابة حوله 
يسمعوكث با ذا: مهم ما يقرأه النبى » فيعرفون عن طريق السماع حقيقة النظم 
القرافى ويقفون على أسلوب أدائه » وتكررت القراءة » وتك كرر التلقى عن النبى 
فالرسول الكريم حافظ القران والصحابة الآأخذون عنه كانوا يحفظونه كذلك » 

ثم تتكرر قراءة القران خلال الصلوات . فيزداد حفظ القران فى الصدور . 


ولم ت تكن اللغة العربية الفصحى التى نزل بها القرآن الكريم قد عبيأت لها 
السيطرة ة اللغوية حينئذ » بل كانت متعددة اللهجات نظراً لاتساع شبه الجزيرة 


العربية واختلاف البيئات فيها » الأمر الذى جعل التباين فى نطق الألسن وفى 
التعبير بالصوت . 

ولما كان من العسير على الصحابة أن يحفظوا القران بغير اللهجة التى 
يتكلمون بها » فقد أجاز لحم النبى تلاوته باللهجات التى درجوا عليها , 
وأقرأهم ببذه اللهجات أو بعبارة أخرى ببذه القراءات وفقاً لما تستطيعه ألسنتهم 
عند النطق . 

وقد كان من الطبيعى أن يترتب على هذه اللهجات الختلفة ظهور شىء من 
الخلاف بين العرب فى قراءة القران عندما كان واحد منهم يقرأ بلهجة أو حرف 
على حد تعبير رجال القراءات لم يقرأ به أخ له فيفزع لذلك » ويسارع إلى 
الرسول يسأله الحقيقة فى هذه القراءة التى سمعها من أيه » فيطممن النبى 
خاطره ويقول له « كلام على صواب » وهكذا نهد بين قراءات الصحابة 
اختلافات فى الأداء والنطق وفى وجوه القراءة » ناشىء عن أن كلا منهم تلقى 
عن النبى باللهجة التى أعتادها لسائه0" . 


هذه هى الصورة الصوتية للقران الكريم عندما يتلى , يحفظه النبى وأصحابه 
عن ظهر قلب ومن أشهر هؤلاء عثان بن عفان وألى بن كعب وزيد بن 
ثابث9؟ . 

أما الصورة المكتوبة فان التدوين والكتابة لم تكن من الأمور الشائعة بين 
العرب فى ذلك العصر » فقد كانت الأمية ظاغية عليهم » والكاتبون قلة » 
ولكن حرص النبى على حفظ كلمات الله تقد دفعه إلى العمل على تدوينها فور 
نزوها » فاتخذ كتبة يكتبون آيات القرآن أولاً بأول » ويلازمون النبى حينا 
ذهب وأنى أقام » لكى يؤٌدوا هذا العمل الذى تفرغوا له , لا يشغلهم عنه 
شاغل » وقد تمت هذه الكتابة بين كتاب من فزيشن فى مكة » وكتاب من" 





. الزركشى : البرهان فى علوم القرآن - جزء أول‎ )١( 
. 1555 د. عبد الصبور شاهين : تاريخ القران القاهرة‎ )۲( 


الأنصار فى المدينة » ولم يكن فى رسم الحروف فروق واضحة کا كان الحال فى 
القراءة الشفوية ومن أشهر هؤلاء الكتاب معاوية بن أى سفيان فى مكة » وزيد 
بن ابت فى لدي : 

وسجلت ايات الكتاب على مواد متباينة متعددة » فقد اخحتلفت فى 
أحجامها ا احتلفت فى مادا » فكانت قطعاً كبيرة وصغيرة من العظم ومن 
الخشب ومن الفخار ومن الحجر ومن جريد الدخل ومن جاود الحيوان ومن 
الكتان ومن الرق . وقد كانت جلود الحيوانات عامة بما يكتب عليه بعد أن 
“تربع وتعالج بالطرق امختلفة لتصلح لهذا الغرض ء ثم رأى الانسان أن المعدة 
والأمعاء فى بعض الحيوانات مثل ا ماعز والعجل والغزلان لا تحتاج إلى جهد فى 
اعدادها للكتابة مثل الجلود ففضلت واستخدمت بكارة فى الكتابة . 


وهكذا أصبح للقرآت الكريم وسيلة الكتابة إلى جانب صدور الحفاظ التى 
استوعيته وحيث خخطته يد الكتبة فى مكة والمديئة على المواد السالفة الذكر 
بدليل تلك الصحيفة التى كانت تقرأ فيها أخمت عمر بن الخطاب مع زوجها 
آيات القرآن من سورة طه .. عندما دخل عليها عمر .. مع بداية قصة 
اسلامه .. ولقد كتبت هذه الآيات القرآئية فى مكة والمدينة بالخط العربى فى 
صورته الأولى التى استقامت له بعد أن استقل فى كيائه عن الخط النبطى الذى 
ولد منه » والواقع أننا يجب أن نفرق بين نوعين من الخط العربى » بما كان 
مستعملاً فى تلك الفترة من تاريم العرب والاسلام » الخط اللين الذى يميل الى 
الاستدارة والمتميز بالطواعية والمرونة عند كتابته » والمستخدم فى الكتابات 
المعتادة . والمخط الجاف المتميز بالزوايا والتربيع والمسمى بذى الحواف والذى 
عرف فيما بعد بالخط الكو » حيث كان يتطلب وقناً كافياً للكتابة به » لما 
يتمتع به من جلال وجدية وفخامة نخاصة عند كتبة الوحى للقرآن الكريم فور 
نزوله بالأسلوب اللين لسهولته وطواعيته » فإذا ما استقروا فى الديار » كتبوه 
بأسلوب التأنى والتؤدة » تفخيماً وتكريماً وتعظيماً لكلمات الله عز وجل . 





. 1575 د. عبد الصبور شاهين : تار القرآن - القاهرة‎ )١( 


ويمكن أن نشهد الصورة الأولى للكتابات القرآئية فيما وصل الينا من 
نصوص قرآئية كتبت فى العصور الأولى للاسلام وهى موزعة بين المكتبات 
العامة » والمتاحف والمجموعات الخاصة . شکل ( ۰۲۰۱/۳ ٤١۳‏ ). 





شكل ( ۳ - ١‏ ) كتابة على الرق وهو جلد الأمعاء للماعز والخراف من القرن الأول 
للهجرة . راجع د. محمد عبد العزيز مرزوق : القرآن الكريم دار الشعب ۱١۹١١‏ . 


والتأمل فى هذه النصوص » يكشف لنا فى وضوح عن مظاهر لا نعرفها 
اليوم فى كتابتنا العربية ففيها حروف يعبر كل واحد منها على صوتين مختلفين لا 
صوت واحد مثل حرف الدال فقد يكون (د) أو (ذ) ومثل حرف الراء فقد 
يكون (ر) أو (ز) ومثل حرف السين فقد يكون (س) أو (ش) ومثل حرف 


س وپ س 





شكل ("! - )١‏ كتابة قرآنية على المجارة وأخرى على الفخار - من القرن الأول للهجرة 





شكل (7 - ) كتابة قرآنية على البردى من القرن الأول للهجرة 1 
راجع : المرجمع السابق 


= إوإ س 





شكل (" - 4) كتابة على عظمة كتف جمل .. من القرن الأول للهجرة 


الصاد فقد يكون (ص) أو (ض) ومثل حرف الطاء فقد يكون (ط) أو (ظ) 
ومثل حرف العين فقد يكون (ع) أو (غ) . ومثل حرف الفاء فقد يكون 
(ف) أو (ق) . 

ومنها حروف يعبر الواحد منها عن عدة أصوات مختلفة مثل حرف الباء فقد 
يكون (ب) أو (ت) أو (ث) أو (ن) أو (ى) ومثل حرف الجم فققد يكون (ج) 
أو (ح) أو (خ) . 


ومنها كلمات رسمت بطريقة لا يتفق فيها المنطوق مع المكتوب مثل كلمة 
اشیاعکم وكلمة جنات © فهى قد دونت وكتبت ( أشيعكم ) و (جنت ) . 


وهناك كلمات كثيرة فى المصحف الشريف يضيق المقام عن ذكرها يختلف 
فيها المكتوب عن المنطوق نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ( الحياة - 
الصلاة - الزكاة - النجاة - مشكاة ) فقد كتبت الألف الوسطى فيها واوا 
فصارت ( الحيوة - الصلوة - الزكوة - مشكوة ) . 

وفيها كلمات مجزأة بين سطرين أو الكلمة فى آخر السطر وآخر الكلمة فى 
السطر الذى يليه وهكذا تحددت معام صورة المصحف الشريف کا نعرفه اليوم 


هذه هى الصورة المكتوبة للقرآن الكريم فى عهد النبى إل » حروف يعبر 
الواحد منها عن صؤانين أو أكثر » وكلمات ترسم بطريقة لا يتفق فيها المنطوق 
مع المكتوب » وكلمة مجزأة بين سطرين » وهكذا . 

وإذا نحن تذكرنا أن النبى صلوات الله عليه قد أجاز للصحابة رضوان الله 
عليهم أن يقرءوا القرآن بلهجاتهم التى درجوا عليها وأنه قد أقرأهم بهذه 
اللهجات وفقاً لما تستطيعه ألسنتهم » إذا نحن تذكرنا ذلك » رأينا أن هذه 
الصورة المكتوبة التى تم وصفها » كانت محققة لا ينطق به العرب » ومحققة 
أيضاً لا أراده النبى مله - من تسهيل قراءة القرآن وفهمه للعرب جميعاً على 
احتلاف لهجاتهم . 


وتم نزول القرآن » وتول النبى مُه بنفسه تريب آياته فعين موضعها من 
بعضها البعض . وحدد مكانها فى السور الختلفة طبقاً لما تلقاه من الوحى . أما 
ترتيب السور فقد ترك شأنه فى أول الأمر إلى الصحابة أنفسهم » فنسخ كل 
صحالى منهم القران على النحو الذى رآه » فمنهم من رتب السور على أساس 
التنزيل مثل الأمام على كرم الله وجهه - فقد كانت نسخة القرآن التى عنده 
تبدأ بسورة اقزأ تلييا سورة المدثر تليها سورة (ق) » تليها سورة المزمل » وهكذا 
بحسب نزول الآيات . 


“Ne - 


وكانت نسخة القران التى عند الصحالى الجليل ابن مسعود . تبدأ بسورة 
البقرة ثم تليها سورة النساء ثم تليها سورة ال عمران . 

وكانت نسخة القران التى عند الصحالى ألى ابن كعب » تبدأً بسورة 
الفاتحة ثم تليها سورة البقرة » ثم تليها سورة النساء . ثم تلها سورة آل عمران » 

وأغلب الآراء ترجيحاً أن النبى صلوات الله عليه بعد أن تم نزول القرآن 
عليه رأى ترتيب السور على النحو الذى بين أيدينا اليوم : أى يبدأ بطوال 
السور ثم أوساطها ثم قصارها » وطبيعى أن يستجيب الصحابة لهذا الرأى 
فيعيدون النظر فى ترتيب نسخ القران التى لديهم على النحو الذى راه النبى . 

وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وقد انتظم عقد القرآن فى مائة واربع 
عشرة سورة ميت كل سورة منها بالكلمة التى تبدأ بها » أو بكلمة وردت 
فيها » أو بموضوع بارز فيها » أو بقصة تدور حوها ؛ وبعض السور عرف له 
أكثر من اسم : مثل سورة الفاتحة التى تعرف أيضاً بسورة أم الكتاب أو السبع 
المثافى أو الحمد » وسورة التوبة التى تعرف أيضاً بسورة براءة » وسورة الابراء 
التى تعرف أيضاً بسورة بنى اسرائيل وسورة السجدة التى تعرف أيضاً بسورة 
الملائكة وسورة المؤمن التى تعرف أيضاً بسورة « غافر » وسورة محمد لل 
التى تعرف أيضا بسورة القتال » وسورة الملك النى تعرف أيضاً بسورة 
تبارك » وسورة الب التى تعرف أيضاً بسورة « عم 206 ولعله من المناسب 
هنا أن نذكر أن ترتيب الآيات والسور فى القران لم يكن موضوعياً أو زمنياً , 
بل انفرد هذا الكتاب السماوى بترتیب خاص به » فقد قصد به أن يكون 
كتاب هداية نفسية وخلقية واجتاعية تتناسب مع دوام الدعوة الاسلامية 
وانتشارها واستمرارها إلى آخر الدهر » كا تتناسب أيضاً مع حتم هذه الدعوة 





. محمد على الأشقر : الجواب من تاريخ القرآن - طبعة النجف الأشرف بالعراق‎ )١( 
. 1831١ وأيضاً أمين الخولى : بحث عن القرآن دائرة معارف الشعب‎ 


— £ = 


لرسالات السماء إلى الأرض » فهو يمس دائماً الأصول الكيرى والأسس 
العامة . 


وقد ظهرت كلمة مصحف أول ما ظهرت فى هذا الوقت وقد كان سالم بن 
معقل المتوى سنة ١17‏ هجرية أول من أطلق هذه الكلمة على القرآن الكريم بعد 
أن جمع القران ى صحف وضعت بين دفتين . بحيث يحفظ محتوى الكتاب 
ويبسر الانتفاع به » ويصونه ى تماسك وجمال . 


وقد أوضح السيوطى فى كتابه الاتقان فى علوم القرآن : ان القوم اختلفوا فيما 
يسمونه » وقال بعضهم “موه السفر > وقال آخحرون تلك تسمية اليهود 
وكرهوه » وقال آخرون : رأيت مثله فى الحبشة سمى بالمصحف فاجتمع رأيهم 
على أن يسموه المصحف . وهكذا ذاعت كلمة المصحف للدلالة على الكتاب 
المدون به القرآن الكريم . وهكذا تحددت معالم صورة المصحف الشريف کا 
نعرفه اليوم . أما تقسيمه إلى أحتراب وأجزاء وأخماس وأعشار فهى محدثة على 
حد قول الأمام الغزالى ى كتابه ( إحياء علوم الدين - باب ظاهر آداب التلاوة 
من الجزء الأول ) وقد كان ذو النورين - عثان ابن عفان - حريصاً على تلاوة 
القران الكريم جميعه كل أسبوع . فكان يبدأ ليلة الجمعة بقراءة سورة البقرة 
حتى نباية سورة المائدة » ويبدأ ليلة السبت ى قراءة سورة الأنعام حتى نهاية 
سورة هود ويبدأ ليلة الأحد بقراءة سورة يوسف حتى نباية سورة مريم » ويبداً 
ليلة الاثنين بقراءة سورة طه حتى نهاية سورة طسم » ويبدأ ليلة الثلاثء بقراءة 
سورة العنكبوت حتى نهاية سورة « ص » ويبداً ليلة الأربعاء سورة الزمر 
حتى نهاية سورة الرحمن ويختم ليلة الخميس ما بقى من سور القرآن الكريم . 
وقد كان هذا التقسم أساساً لما عرف بأحزاب المصحف وهى سبعة على عدد 
أيام الأسبوع . 

ويلاحظ أن المصحف الشريف مقسم إلى ثلاثين جزءاً وأن كل سورة قد 
قسمت إلى خميسات أى خمس آيات وعشيرات أى عشر آيات . 


وقد ميزت الأحراب » والأجزاء والخميسات والعشيرات بعلامات خاصة 


ه.ا - 


عند كتابة المصحف لعب الفن الجميل فيا دوراً واضحاً يرجع ذلك إلى تمجيد 
وتعظم المسلمين لهذا الكتاب الكريم فهو فى الحقيقة عمل فنى متكامل » تسهم 
فيه طوائف شتى من الفنانين » تفرغ كل طائفة فيها جهدها لكى تمعل منه 
تحفه فنيه » يسر العين ويشيع الغبطة والانشراح فى النفس ويفتح قلوب المؤمنين 
ديه » فيقبلون على التلاوة فيه اناء الليل والنهار . 


أسباب جمع القرآن وكتابته فى عهد أبى بكر رضى الله عنه 


لا قام بأمر المسلمين بعد الرسول ملل أبو بكر الصديق رضى الله عنه 
بمبايعة الصحابة له . حدث فى عهده ما نيه إلى وجوب جمع القرآن فى 
مكتوب واحد خشية عليه من الضياع والتفرق . خصوصاً بعد نشوب الحرب 
بينه وبين أهل الردة سن أتباع مسيلمة الكذاب وغيرهم . وكان من أكبر 
الملاحم التى اشتبيك فيهيا جموع المسلمين بجموع. المرتدين . موقعة الهامة 
المشهورة . وسببها - أنه لما انتقل النبى عه إلى الرفيق الأعلى وتولى أبوبكر 
الخلافة » أظهر مسيلمة الكذاب إلى أبى بكر ما كان سبب هلاكه ٠‏ فجهز إليه 
أبو بكر فئة من المسلمين ذات بأس شديد وأمر عليها سيف الله حالد , بن الوليد 
فسارت إليه » فلما التقت الفتتان واشتعلت نار الحرب بينهما وتأخر الفتح . 
ومات من المسلمين ألف ومتان » وكان منهم سبعمائة من حملة القرآن 
الكريم . ثار البراء بن مالك مع من سلم من المسلمين على مسيلمة الكذاب 
«جيشه وجاء نصر الله فانېزموا وت تبعهم المسلمون حتى ادخلوهم حديقة . 
أغلق أصحاب مسيلمة بابها عليهم . فحمل البراء بن مالك وألقى بنفسه عليهم 
حتى صار معهم فى الحديقة يقة وفتح بابها للمسلمين فدخلوا وقتلوا مسيلمة 
وأصحابه ومات من المشركين زهاء عشرة الاف فسميت حديقة الموت . 


. وقد هال ذلك المسلمين وعز الأمر على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى 
الله عنه فدخل على الى بكر رضى الله عنه وأخيره الخبر وبين له ما يخشاه من 
ضياع القران إذا كار القتل فى قراء الصحابة واقترح عليه جمع القرآن . فتردد 


١,5 -‏ ب 


أبو بكر أولاً . لأن ذلك أمر محدث لم تكن له سابقة فى عهد الرسول مَل . 
وكان أبو بكر أحرص الناس على اتباع الرسول . ومجانبة كل مالم يفعله . 


ولكن بعد نقاش طويل مع عمر رضى الله عنه . اقتنع بصواب رأى عمر . 
وتبلى له وجه المصلحة فيه . وعلم أن ذلك الجمع » وإن لم يفعله الرسول » من 
أكبر وسائل حفظ القران الكربم وصيانته من الضياع » فأقدم على رأى عمر . 
مراعاة لتلك المصلحة . وكان موفقا غاية التوفيق . 


ورأى بنور الله أن يندب لتحقيقها رجلاً من خيرة رجال الصحابة وهو زيد 
بن ثابت فأرسل إلى زيد بن ثابت بعد استشارة عمر يدعوه إلى كتابة القرآن 
وجمعه فى مكان واحد . وإإما آثر الصديق زيداً رضى الله عنهما ببذه المنقبة مع 
أن فى الصحابة من هو أكبر سناً وأقدم إسلاماً . وأكثر فضائل , لأنه اجتمع 
فيه من المواهب ذات الأثر فى جمع القرآن مالم يجتمع فى غيره من الرجال » إذ 
كان من حفاظ القران . ومن كتاب الوحى لرسول الله مإ » وشهد العرضة 
الأخيرة لاقران فى ختام حياته يِه » فيها بيأن ما نسخ ومالم ينسخ من القرآن 
وكان فوق ذلك معروفاً بشدة ورعه » وعظم أمانته » وكال خلقه » واستقامة 
دينه . فاجتمع فيه من المزايا مالم يجتمع لغيره من أكابر الصحابة . فلذلك 
اختاره أبو بكر لهذه المهمة العظمى ولا شرع زيد ى جمع القرآن اعتمد على 
مصدرين : الأول » ما كان مكتوباً بحضرة النبى ل » الثاى ما كان حفوطاً 
فى صدور الحفاظ » وكان يستوثق فى الأحذ من المكتوب غاية التوثق حتى 
يتيقن أنه ما كتب بين يدى رسول الله مه > وأنه ما ثبت فى العرضة 
الأخيرة . وأنه لم تنسخ تلاوته . ولذلك لم يكن يقبل شياً من المكتوب حتى 
يشهد شاهدان عدلان . أنه كتب أمام الرسول عله > يدل على ذلك 
ما أخرجه ابن ألى داود » قال : قدم عمر فقال من تلقى من رسول الله عله 
شيعا من القران فليأت به . 


وشرع زيد فى ذلك » وأبو بكر وعمر وكبار الصحابة يشرفون عليه 
ويعاونونه . فكان يتتبع القرآن ويجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال 


— يا ١.‏ مد 


ويتحرى أن يكون جمعه ثما كتب بين يدى رسول الله ميلك ٠‏ تحرياً دقيقاً حتى 
أتم جمعه فى صحف » وما کان زید ي يتتبع المكتوب فى هذه الأشياء مع حفظه 
القران كله . مبالغة فى الضبط وزيادة قى الاحتياط حتى تكون الكتابة معاضدة 
مؤازرة للحفظ . 

وفي ذلك يروي البخاري في صحيحه أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : 
أرسل إلى أبو بكر مقتل المامة ( أي عقب استشهاد القراء في واقعة المامة ) فإذا 
عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أبو بكر رضي الله عنه : أن عمر أتاني فقال 
أن القتل قد استحر ( أي اشتد ) يوم الهامة بقراءة القرآن وإني أخشى أن 
يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن . وإني أرى أن تأمر 
مجمع القرآن , قلت لعمر : كيف نفعل مالم يفعله رسول الله َه . قال عمر 
هذا والله خير . فلم يزل عمر يراجعني 0 الله صدري لذلك ورأيت 
في ذلك الذي رأى عمر قال زيد : قال أبو ب> كر : إنك رجل شاب عاقل لا 
شبمك » وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله إل فتبع القرآن فامعه . 
فوالله لو كلفوفي ثقل جبل من الجبال آهل لی ما أمرل يداه بيخ 
القران حر اا ابن : هو والله خير 
فلم يزل أبو ب> كر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أي بکر 
وعمر » فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدرو الرجال حتى 
وجدت آخخحر سورة التوبة مع أي خزية الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره 
« لقد جاءمم رسول من أنفسكم عزير عليه ها عنم : .. حتى نحاتمة براءة 
فكانت الصحف عند أي بكر حتى توفاه الله . ثم علد عمر طيلة حياته ثم 


حفصة بنت عمر وقد قوبلت هذه الصحف التي جمعها زيد بما تستحق من 
عناية فائقة . 


وعلى هذا الدستور الرشيد تم جمع القران بإشراف ألي بكر وعمر وأكابر 
الصحابة وإجماع الأمة عليه دون نكير . وكان ذلك منقبة خالدة لايزال التاريخ 


يذكرها بالجميل ا بكر في الإشراف › ولعمر في الاقترا حء ولزيد في 
التنفيذ » وللصحابة في المعاونة والإقرار » وقد راعى زيد في كتابة هذه 


~A 7 


الصحف أن تكون مشتملة على ما ثبتت قرانيته بطريق التواتر » واستقر في 
العرضة الأخيرة » ولم 0 تكون مرتبة الآيات والسور جميعها 
ومقتضى كلام العلماء ومنهم الإمام الداني والإمام الشاطبي في العقلية والإمام 
ابن الجزري في كتابة المنجد أن الصحف المذكورة كتبت مشتملة على الأحرف 
السبعة”' التي نزل القرآن بها والتي ركان منص لس N‏ 
البخاري وغيره عن رسول الله عه . 

وكان جمعه في عهد الصديق رضي الله عنه من أجل مناقبه » وأفضل مزاياه » 
لأنه ضمن للمسلمين حفظ كتابهم من التفرق والضياع . وقد قال الإمام علي 
كرم الله وجهه « أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر رحمه الله . فأبو بكر 
هو أول من جمع كتاب الله » أخرجه ابن ألي داود في كتابه المصاحف بإسناد 
حسن . 


أسباب جمع القرآن في عهد عثان رضي الله عنه 


ظلت الصحف التي جمع فيها القران في رعاية الخليفة الأول ألي بكر 
الصديق مدة خلافته ثم انتقلت بعده إلى رعاية الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ثم 
عبد أم المؤمنين حفصة بنت عمر بعد وفاة أبيها وبقيت عندها إلى أن طليها 
الخليفة الثالث عؤئان بن عفان في صدر خلاقه » ففي عهده اتسعت 
الفتوحنات . وافعد العمران . وتفرق السلمون :فق الأمصان والأقطار ونعت 
ناشعة جديدة في حاجة إلى دراسة القرآن . وطال عهد الناس بالرسول عل . 
وبالوحي والتنزيل . وكان كل إقلم من أقالم الإسلام يأحذون بقراءة من اشتهر 
(1) كارت الأقوال في تفسير التزول على سبعة أحرف كارة لخطها الفسرون أنفسهم 
وعلقوا عليها . والذي يعنينا هنا من هذه الأحرف السبعة أنها ليست القراءات السسيع . 
المشهورة بهذا العدد وأن هذه الأحرف إما هي لمجات ممتلفة في اللغة العربية وكان 
إقراء الرسول عليه السلام القران لأصحاب هذه اللهجات مما تستطيعه ألستتهم 
فاختلف الأقراء باختلاف لمجاتهم اقتضته الضرورة تيسيراً على أصحاب اللهجات 
الختلفة وتسهيلاً لهم . راجع د. عبد الصبور شاهين تاريخ القرآن 1955 . 


= ۰۹ - 


عندهم من الصحابة . فأهل الشام يقرءون بقراءة أي بن كعب وأهل الكوفة 
يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود . وغيرهم يقرأ بقراءة أني مومى الأشعري . 

لذا كان بينبم اختلاف في وجوه القراءة ومنشأ هذا الاختلاف إنزال القران 
على سبعة أحرف 5 ثبت ذلك عن رسول الله عه بالأحاديث المتواترة . ومنبا 
ما رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب قال : « سمعت هشام ابن حكم 
ابن خزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ 
على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله مُه فكدت أساوره في الصلاة - أي 
أقاتله -- فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه - أي جمعت رداءه على لبته - فقلت 
من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ . قال أقرأنهيا رسول الله عله فقلت 
كذبت . فإن رسول الله عَيُْهِ قد أقرأنيها على غير ما قرأت . فانطلقت به أقوذه 
إلى رسول الله عله فقلت إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم 
تقرئنيها . فقال رسول الله اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ . فقال 
رسول الله ع كذا أنرلت . ثم قال إقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني 
فقال عل كذلك أنرلت » إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما 
تیسر منه » . 

وكان هذا الخلاف مدعاة إلى فتح باب الفرقة والشقاق بين المسلمين في 
قراءة القران العظم خصوصا بعد هؤلاء الختلفين عن النبوة . وعدم وجود 
الرسول بينهم يطمئنون إل حكمه ويأخذون جميعاً برأيه . واستفحل الداء ؛ 
كادت أن تكون فتنة في الأرض وفساد كبير » وكانت الأمصار النائية عن 
المدينة والحجاز أشد خلافاً ونزاعاً . أضف إلى ذلك أن الأحرف السبعة التي 
نزل القران الكريم لم تكن معروفة لأهل تلك الأمصار البعيدة ولم يكن من 
السهل عليهم أن يعرفوها كلها حتى يتحاكموا إليها عند الاتمتلاف إنما كان كل 
صحابي في إقلم يقرئهم بما يعرف من الحروف التي نزل القران بها . ولم يكن 
بيهم مصحف جامع يرجعون إليه . وفي السنة الثانية أو الثالئة على اخحتلااف 
الروايات من خلافة عفان رضي الله عنه » سنة خمس وعشرين من المجرة » كان 
حذيفة بن امان مأموراً بغزو الري وهي مدينة مشهورة بالعراق . فرأى كارة 


- ١١ -ى‎ 


اختلاف المسلمين في وجوه القراءة . ورأى أن كلا من جماعات المسلمين يزعم 
أن قراءته أفضل من قراءة غيره » فاستعظم ذلك حذيفة وأكبره . وفرع إلى 
الخليفة عثان وأخمبره الذي رأى وقال له : أدرك الناس قبل أن يختلفوا في 
القرآن » الذي هو أصل الشريعة ودعامة الدين م اختلف اليبود والنصارى في 

فلهذه الأسباب والأحداث أدرك عفان رضي الله عنه بثاقب نظره أن وراء 
هذا الاختلاف فنة كبرى ففكر في علاجها . قبل أن يستفحل خطرها : 
فجمع أعلام الصحابة وذوي الرأي منهم وكان عددهم اثنى عشر ألفاً للبحث 
عن علاج هذه الفتنة ووضع جد لهذا الاختلاف . فأجمعوا رأيهم على نسخ 
مصاحف يرسل لكل إئلم مصبحف ما يكون مرجعاً للناس عند الاختلاف . 
.وعلى [حراق ما عداها من المصاحف . ومنبا مصاحف كانت لبعض الصحابة 
وهي مصحف عبد الله بن مسعود ومصحف أي بن كعب ومصحف عائشة 
ومصحف الامام علي . ومصحف سلم مولى حذيفة بن الهان وغيرها . 
أصبحت كلها مغسولة بلماء أو محرقة بالنار وبعدئذ طهر الجو الإسلامي من 
أوكة الشقاق والنزاع . وبذلك يستأصل الخلاف في كتاب الله العريز . وبعث 
عنان إلى حفصة أم المؤمنين”'2 واستحطر من عندها الصحف التي كتبت في 
عهد أني بكر الصديق رضي الله عنه . وأحضر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير 
وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام . وأمرهم أن ينسخوها 
في المصاحف وشرط عليهم أن يكون النسخ على لسان قريش أي على مصطلح 
كتابتهم 5 نص على ذلك جماعة من الحققين . 

ا 0 . ولكونه کان 
كاتب الوحي المداوم عليه بين يدي النبي ع > ولاعتاد أني بك كر وعمر عليه 
في كتابة الصحف في خلافة الصديق قيل » وقد انضم لمساعدتهم جماعة منهم 





)١(‏ حفصة إبنة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عرفت في عصرها وإكاما ا 
هذا بخلاف بنوتها للخليفة وزوجيتها للرسول عله . 


اا 


عبد الله بن عمر بن الخطاب . وعبد الله بن عباس » وعبد الله بن عمرو ابن 
العاص » وأَبي بن كعب » وأنس بن مالك » وإبان بن سعيد » ومالك بن عامر 
جد الامام مالك وابن أنس وكثير بن مفلح » فنسخوها في المصاحف بالتحرير 
التام . وكان نسخ هذه المصاحف بإشراف الخليفة عؤان » وأعلام الصحابة 
من المهاجرين والأنصار . 

وكانوا لا يكتبون في هذه المصاحف شيئاً إلا بعد أن يعرض على الصحابة 
جميعاً ويتحققوا أنه قران » وأنه لم تنسخ تلاوته . وأنه استقر في العرضة 
الأخيرة فلم يكتبوا ما نسخت تلاوته » ولا ما لم يكن في العرضة الأخيرة . 
وقد كتبوا مصاحف متعددة وكان قصد الخليفة عهان إرسال ما وقع عليه 
إجماع الصحابة إلى الأقطار الإسلامية » وهي متعددة . وكتبوا هذه المصاحف 
خالية من النقط والشكل لتكون مشتملة على الأحرف السبعة التي نزل بها” 
القران الكريم . 

فالكلمة التى اشتملت على أكثر من قراءة وخلوها من النقط والشكل يجعلها 
محتملة لما اشتملت عليه من القراءات . تكتب برسم واحد فيإجميع المصاحف 
وذلك نحو « فتبعوا » و« ننشرها » و « هيت لك » و « أف » وهكذا. 
أما الكلمات التي تضمنت قراءتين أو أكار » وتجريدها من النقط والشكل لا 
يجعلها محتملة لما ورد فيها من القراءات . لا تكتب برسم واحد في جميع 
المصاحف بل ترسم في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة . وفي بعضها 
برسم آخر يدل على القراءة الأخرى نحو « ووصي ببا إبراهم » بالبقرة فقد 
رسمت في بعض المصاحف بواوين قبل الصاد وفي بعضها بإثبات همزة الواوين 
ففي قراءة « ووصي » وفي قراءة « وأوصى » « ونحو » وسارعوا إلى مغفرة 
من ربكم « بال عمران رسم ني بعض المصاحف بواو قبل السين وفي بعضها 
بحذف الواو . ونحو تجري تمتها الأنار » بالتوبة في الموضع الأخير منها رسمت 
في المصحف المكي بزيادة من قبل تحتها وفي بقية المصاحف بحذفها ونحو « فإن 
الله هو الغني الحميد كتب في بعض المصاحف بإثبات ضمير الفصل « وهو » 
وفي بعضها بحذفها . والذي دعا الصحابة إلى سلوك هذا المنبج في كتابة 


SNN 


المصاحف أنهم تلقوا القرآن عن رسول الله َي مجميع وجوه قراءاته التي نزل 
بها القرآن الكريم فكانت هذه الطريقة أدفى بالإحاطة بالوجوه التي نزل عليها 
القران الكريم . فلا يقال أنهم أسقطوا شيعا من قراءاته لأنها منقولة متواتراً عن 
رسول الله َيه . ومن هنا يتضح أن اخلاف القراء الذي أفرع حذيفة وعهان 
رضي الله عنهما وكان سببا في كتابة المصاحف إنما كان في أحرف وقراءات 
تلقاها قراؤهم قبل العرضة”' الأخيرة ثم نسخت ببذه العرضة ولكن نسخها لم 
يبلغ هؤلاء القراء . 


ولا أتموا نسخ الصحف في المصاحف رد عثان الصحف إلى حفصة أم 
المؤمنين وأرسل إلى كل أفق من الآفاق الإسلامية مصحفاً مما نسخوا . وأمر بما 
سواه من صحف أو مصاحف أن يحرق سداً لباب الشر وحملاً للمسلمين على 
أن يبعلوا هذه المصاحف مرجعهم الوحيد وأصلهم المعتمد , فرضى الله عن ذي 
النورين عفان . فقد أرضى بذلك العمل ال جليل ربه . وحافظ على القرآن الكريم 
وجمع كلمة الأمة وأغلق باب الفتنة ولا يبرح المسلمون يقطفون من ثمار صنعه 
إلى اليوم وما بعد اليوم . ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن رسم الحروف 
التي كتب بها مصحف عفان كل يمثل البداية الأولى لتكوين حروف المجاء 
العربية واستقلالها » وأن رسم هذه الحروف بلغ في التطور مبلغاً كبيراً مع 
ازدهار الحضارة الإسلامية في مختلف الأقطار التي دخلها الإسلام . 





)١(‏ العرضة : أن يقرأ واحد ويقابل عليه الآخخر للمراجعة . وقد ورد في ححديث عاء 
وفاطمة رضي الله عنبما من أن جبريل كان يعارض النبي مل القرآن في كل سنة . 
شهر رمضان مرة واحدة . وفي السنة الأخخيرة من حياته عارضه مرتين فأحس الرسول 
َه بدنو أجله . وبأن القرآن بعد العرضة الأخيرة كتبه زيد بن ثابت وأينٌ بن كعمب 
وأبو الدرداء ومعاذ وغيرهم من كبار الصحابة . 
راجع : د. محمود غنم : حفني ناصف أعلام العرب العدد ۱۹٩٥/٤۷‏ ص ۷٣۳‏ . 


۳ - 


نسخ المصاحف بعد عهد الخلفاء الراشدين 


ما كاد أمير المؤمنين عفان بن عفان رضي الله عنه يرسل المصاحف إلى 
الأقطار الإسلامية حتى أقبلت عليها الأمة الاسلامية من كل صوب وحدب . 
وحتى اجتمعت عليها الكلمة في الشرق والغرب . وحتى نسخت على غرارها 
الآلاف المؤلفة من المصاحف المقدسة في كل جيل وقبيل . وكانت حالية من 
النقط والشكل . ولم يكن الشكل والاعجام معروفاً عندهم وأخحذت يد 
التحسين تتناول المصاحف بألوان شتى » وضروب متنوعة . فهناك تمسينات 
مادية ترجع إلى النسخ والتجليد والتذهيب ونحو ذلك وهذه فيها بعض التيسير 
والترغيب والتشويق إلى القران الكريم . وهناك تحسينات معنوية وجوهرية 
ترجع إلى تقريب النطق بالحروف . وتمييز الكلمات بوضع النقط والشكل 
لتحقيق الفروق بين الحروف المتشاببات . وفي هذا نسوق الحديثءوالمعروف 
أن الممنحف العاني لم يكن منقوطاً ولا مشكولاً . لابقاء الكلمة محتملة لأن 
تقرأ بكل ما يمكن من وجوه القراءات الصحيحة المتواترة عن النبي مله » 
وضبط المصاحف بالشكل لم يحدث على المشهور إلا في عهد أمير المؤمنين 
معاوية بن أي سفيان . ففي عهده اتسعت رقعة الإسلام » واختلط العرب 
بالمجم » وكادت ألسنة الأعاجم أن تطغى على اللغة الفصحى وفشا اللحن . 
وشق على الناس اتمييز بين حروف المصحف وكلماته وخحشى أمير المؤمنين أن 
يفضي ذلك إلى اللحن والتحريف في كتاب الله تعالى فعمل هو وأمراء المؤّمنين 
من بعده عل تلاقي ذلك . وأحدثوا من الوسائل ما يكفل صيانة الكتاب العزيز 

من اللحن وحفظه من التحريف . ۰ 


تطور الكتابة العربية بالنقط والشكل : 


كانت الطريقة لإصلاح اللحن هي تعديل شكل الحروف 2 والمقصود 
اکل أو التشكيل هو ضبط الكلمة بالحركات » لتؤدي المعنى المقصود منها 
وفقاً للغة العرب الصحيحة , 


5 154 به 


وکان أول من وضع مبادیء التشكيل في الكلمات هم السريان » وذلك 
عندما دخلوا في المسيحية » ونقلوا الكتب المقدسة إلى لغتهم » ورأوا أن بعض 
الناس يلحنون في قراءتها. فخافوا ن ينشاً عن ذلك تحريف في اللفظ قد يغير 
المعنى ويؤدي إلى الكفر والزندقة . فاخترع الأسقف الرهاوي الملقب بمفسر 
الكتب والمتوفي عام 45٠‏ م مبادىء التشكيل وكان ذلك بالنقط فاقتدى العرب 
بالسريان في اتخاذ الحركات بالنقط الكبيرة والصغيرة ثم استبدلوها بالحركات 
المستقلة . 
للنقط معنيان : الأول ما يعرض للحرف من حركة أو سكون أو شد أو 
نحو ذلك » ويسمى هذا النقط الإعراب . الثاني : ما يدل على ذات الحرف 
ويبين المعجم منه والمهمل كالنقطة الموضوعة على الباء من أسفل . وعلى الجم 
كذلك . والنقطتين على التاء من أعلاها والثلاث نقط على الثاء من أعلى » 
والثلاث نقط الموضوعة على الشين والدقطتين تحت الياء . 

فنقطة الباء قد ميزتها عما يشاركها في رسمها من التاء والثاء والياء ونقطة 
الجبم قد ميزتها عن الحاء والخاء ويسمى هذا النقط نقط الأعجام . والشكل هو 
ما يعرض للحرف من حركات كالفتح والكسر والضم والسكون ونحو ذلك » 
ويرادفه الضبط وعلى هذا يكون المعنى الأول للنقط مساوياً لمعنى الشكل 
والضبط . والذي جنح إليه المحققون من العلماء أن المخترع الأول للنقط بمعناه 
الأول المرادف للشكل والضبط هو أبو الأسود الدؤلي وهو أول من ابتدع علم 
الحو ووضع أساس الشكل لأحرف العربية . وليس من المستبعد أنه استعان 
بطريقة السريان في وضع النقط إذ. كان كثررا لخالطة لمم . وربما درس وتعلم 
على أيدي أساتذة منهم . 

فقد ذكر الإمام الداني قال : كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد عامله 
بالبصرة يطلب عبيد الله ابنه . فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن . فرده إلى 
زياد . وكتب إليه كتاباً يلومه فيه ويقول : أمثل عبيد الله يضيع » فبعث زياد 
إلى ألي الأسود الدؤلي » فقال يا أبا الأسود إن الأعاجم قد أفسدوا اللغة العربية 
فلو وضعت شيئاً يُصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله تعالى » فألى 


دا ج١١‏ 


ذلك أبو الأسود وكره إجابة زياد إلى ما سأل . فوجه زياد رجلاً . فقال اقعد 
في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيعا من القران وتعمد اللحن . ففعل 
ذلك » فلما مر به أبو الأسود . رفع الرجل صوته فقال : « إن الله بريء من 
امش ر كين ورسوله » بكسر اللام « ورسوله » فاستعظم ذلك أبو الأسود 
وقال : عز وجه الله أن يتبرأ من رسوله . ثم رجع من فوره إلى زياد فقال : يا 
هذا أجبتك إلى ما سألت . ورأيت أن أبدأ باعراب القرآن فابعث إلى ثلاثين 
رجلاً . فأحضرهم زياد . فاختار منهم أبو الأسود عشرة » ثم لم يزل يختار منهم 
حتى انختار رجلاً من عبد القيس » فقال له خذ المصحف وصبغا يالف لون 
المداد الذي كتب به فإذا فحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف فإذا أضبممتبا 
فانقط النقطة إلى جانب الحرف وإذا كسرتهما فاجعل النقطة في أسفله فإذا 
أتبعت شيئاً من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين » ويريد بالغنة التدوين لأنه 
يخرج من الخيشوم . فابتداً بالمصحف حتى ألى على آخره . 


وعلى كل حال كان أبو الأسود الدؤلي صاحب الفضل في اختراع هله. 
الطريقة التي من شأنها أن تعلم الناس القراءة الصحيحة لكتاب الله تعالى . لأنه 
أول من وضع قواعد للنقط المرادف لاشكل وقد كتب هذا النقط كا قلنا بمداد 
يخالف لون المداد المكتوب به المصحف . ويؤحذ ما تقدم أن من وضع النقط 
بمعناه الأول هو أبو الأسود الدؤلي وأنه لم يتعرض لنقط: الأعجام وإنما تعرض 
لنقط الأعراب وعنه أخذ العلماء من بعده وأدخلوا عليه الإصلاح الثاني وهو 
أعجام الحروف ( وضع النقط في الحروف ) بعد الإصلاح الأول بحوالي ۲١‏ 
سنة في عهد عبد الملك بن مروان وعلى يد واليه الحجاج بن يوسف الثقفي 
الذي كان والياً على العراق . فقد دعا الحجاج الكتّاب ومنهم نصر بن عاصم 
الليني المتوفي سئة 5ه ويحبى بن يعمر العدواني قاضي خراسان المتوفي سنة 
9ه لوضع الأعجام بمعنى النقط . ونقطت الحروف بنفس مواد الكتابة 
باعتبار أن النقط جزء من الحرف نفسه . وظلت نقط الأعراب تكتب بحير 
مخالف لبر الكتابة » كا رأيا أن أعجام الحروف يستازم إعادة ترتيب الحروف 
المجائية بحيث ترتب الحروف المتائلة وتتتابع . فبعد أن كانت أيجد هوز حطي 


5ك 


كلمن سعفص تفذ ضظغ أصبحت كالتالى ب ت ث ج ح خ د ذ رز س ش 
مو a‏ 


شغف العرب بالكتب واقبلوا عليبا اقبالاً أذهل الأنم الغربية إلى وقتنا 
الحاضر . 

فلقد أسس العباسيون دار الحكمة ببغداد وانتشرت المكتبات فى كل مكان 
لتستقبل كل طالب علم سواء كان مستعيراً أم مطلعاً بداخلها » ما كان فى كل 
مكتبة لمترجمون والنساخ بالاضافة الى قاعات الندوات والمناقشة . ولم يكن 
شىء يجتذب مودة الامراء العرب مثل الحصول على المخطوطات القديمة وتء 8 
المترجمين الذين يترجمون لهم هذه الخطوطات . وكانوا يدفعون الأموال الطائلة 
للعلماء والوسطاء الباحثين عن التراث العقلى القديم . وترجمت إلى اللغة 
العربية » لغة القران الكريم وأصبحت من أوعية الثقافة العربية وبذلك ازدهرت 
لاف رر ا ا م ان و مدية مقر ا 
أر بعين ألف مجلد » و سجلت مكتبة مدينة الري أسماء كتبها في فهرس يقع في عشرة 
مبحلدات كبيرة » وكان في كل مسجد مكتبة » وكل مستشفى يستقبل زواره في 
إشباعاً لحاجة الطلاب والباحثين , ونجد في جنوب بلاد العرب أميراً عالاً تلك 
مكتبة بها مائة ألف جلد » وشاهد ابن سينا في مكتبة قصر سلطان مخاري > 
مكتبة الفاطميين بالقاهرة زهاء مليون وستائة ألف مجلد وكلها في حالة جيدة 
ومن بينها ستة آلاف وخمسمائة كتاب في الرياضيات ومانية عشر ألف كتاب 
في الفلسفة » وجاء خليفة فاطمي آخر فأسس مكتبة أخرى إلى جوار الأولى 
وكانت تشغل مالي عشرة قاعة . 1 

' ولقد شجع هذا الاقبال من جانب الخلفاء والسلاطين غيرهم على الاقتداء 


= م 


بهم » فترك الوزير المهلبي عند وفاته عام 1717م نحو مائة وسبعة عشر ألف 
مجلد » واقتنى زميله ابن عباد مكتبة من مائتين وستة آلاف مجلد » کا خلف 
أحد القضاة مليوناً وخمسين ألف مجلد . 


وكانت تجارة الكتب تكلف الجتمع العري آلاف الآلاف من الدنائير 
سنوياً » كذلك كانت الكتب مصدراً من أهم مصادر الرزق لمئات الألوف من 
البشر .. فهناك صتاع الورق في سمرقند وبغداد ودمشق والقاهرة » وهنا 
النساخ والمخنطاطون ومعظمهم من الرجال الذين يريدون أن يكسبوا قوهم 
اليومي أو من فقراء المتعلمين . ثم نجد مجحلدي الكتب يطبقون الورق على 
الطريقة الصينية في الحجم الذي كان يعرف باسم المنصوري - والذي يعرف 
الآن باسم ( فوليو 0110 ) والبغدادي » وهو المعروف الآن باسم ( كوارت 
) » وبالإضافة إلى هؤلاء وهؤلاء نجد تجار الورق وتجار الكتب ... 
ومن أشهر تجار الورق ابن النديم الذي نشر فهرسه في عشرة مجلدات تشتمل 
على جميع ما وصل إليه علمه من الكتب التي ظهرت حتى ذلك الحين باللغة 
العربية » سواء في الفلسفة أو الفلك أو الرياضيات أو الطبيعة أو الكيمياء أو 
الطيب » وسواء أكانت من الكتب العربية الأصيلة أم المنقولة إليبا من اللغات 
الأجنبية . 

وأدى انتشار الورق في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية إلى كارة الكتابة » 
وأصبحت الوراقة مهئة ذائعة الشهرة » وكانت تقوم مقام المطابع اليوم » ومن 
الطريف أن بعض وراقين كانوا في الأصل من العلماء » ودعاهم الفقر إلى 
احتراف مهنة الوراقة » مثل ياقوت الحموي وألي حيان التوحيدي . ومما 
لاشك فيه أن الوراقة كانت حرفة شاقة » تجهد فيها الأعين بسبب وكارة 
النسخ » وكان بما سبب الخصومة بين الصاحب بن عباد وألي حيان 
التوحيدي . أن الصاحب كلفه أن ينسخ كتباً كثيرة » استكثرها أبو حيان . 
إلا أن الفقر هو الذي اضطره إلى قبول ذلك . 

وحكى عن ألي زكريا يحبى بن عُدَيّ » وهو نصراني » نسخ بمخطه نسختين 
من تفسير الطبري » وأنه كان يكتب اليوم والليلة مائة ورقة » ومن الطريف أن 


ANIA 


حكى وراق نام ليلة فرأى في المنام كأن القيامة قامت » وحوسب فدخل 
الجنة » فلما دخخل الباب استلقى على قفاه وقال : « آه والله استرحت من 
اللسخ » . 

ومن الطريف أن العرب اصطلحوا على أبعاد قياسية للورق يحرصون عليها » 
ويخصصون كلا منها من الكتابات » أو يختصون به طائفة دون طائفة » وكانت 
الورقة الكاملة تسمى ( الطومار ) » فكان يكتب للخلفاء في ورقة من ثلثي 
طومار » وإلى الأمراء من نصف طومار . وإلى العمال والكتاب من ثلث 
طومار » وإلى التجار وأشباههم من ربع طومار . وإلى الحساب والمساح من 
سدس طومار . 

ولقد خحصص القلقشندي فصلاً من كتابه ( صبح الأعشى في صناعة 
الانشا ) للحديث عن مقادير قطع الورق . وما يناسب كل مقدار منها من 
الأقلام » فبين مقادير قظع الورق في الزمن القديم , ومقاديره في زمانه » ويختتم 
القلقشندي حديثه عن مقادير قطع الورق بقوله : هذه مقادير قطع الورق 
بالديار المصرية والبلاد الشامية » أما غير مملكة الديار المصرية من الممالك » 
فالحال فيها يختلف في مقادير الورق المستعمل بدواوينها » فأما بلاد المشرق فعلى 
نحو المقادير المصرية » وأما بلاد المغرب والسودان وبلاد الفرنم » فعادة كتابتهم 
في طومار واحد » يزيد طوله على عرضه قليلاً » ما بين صغير وكبير ومع ما 
يقتضيه حال المكتوب : 

وكان يستعمل بديوان الإنشاء ثلاثة أنواع من الورق : أولاً : الورق 
البغدادي » أجود هذه الأنواع وأكثرها اتساعاً » وقد خصص لكتابة 
المصاحف وعهود الخلفاء وبيعتيم ومكاتبة الملوك » سمي بذلك أنه كان يجلب 
من مدينة بغداد » ثانياً : الورق الشاهي , وهو على أنواع منها الحموي وقد 
عرف بذلك لأنه كان يجلب من حمأة ثم ينقل إلى دمشق » ومنها الورق الشامي 
المشهور الذي كان يستعمل بدواوين الإنشاء في اليمن والحجاز وبلاد الروم » 
ولا يقدم كاتب السر على استعمال هذا النوع من الورق إلا بإذن خاص » 
وآخخر أنواع الورق الشامي هو ورق الطير ويقال له ورق البطائق » وكان رقيقاً 


uA 


الورق ا ويعتير 57 الورق قطعاً رات حجماً . 


تار الكتابة والكتاب في العصرين الأموي والعباسي 


في عنق كل جيل من الناس أمانة عظيمة بالنسبة للأجيال التي سبقته » وهذه 
الأمانة هي أن يقوم هذا الجيل بنقل ما ورثه من تراث أدبي وعلمي وفني عن 
تلك العصور » وذلك بأسلوب جديد وعرض جديد للظروف الحيطة بالأمة » 
وبهذه الطريقة تصل هذه الأمة ماضيها بحاضرها . وتجعل من جهود أسلافها في 
شتى العصور سلسلة متصلة الحلقات يمكن أن تعطى صورة دقيقة من حضاربها 
التي تميزت بها عن سائر الحضارات . 

والمعروف أن الثقافة العربية ثقافة قديمة عميقة الجذور » وذلك في كل إقلم 
من الأقالم التي ازدهرت فيها تلك الثقافة » وهي من هذه الناحية خليقة بأن 
يعنى بها على هذا النحو » بحيث نعتبر أنفسنا مقصرين في حق أمتنا إذا نحن, 
تركنا التراث العرني القديم مكتوباً مخطوط أصحابه وأعلامه » معروضاً 
بطريقتهم التي كانت ملائمة للعصر الذي عاشو فيه . ومن هنا يدعونا داعي 
الانهاء للعروبة والإسلام من آن لآن . أن نعمد إلى هذا التراث . فنقوم بنشره 
أولاً عن طريق الطباعة الحديئة » والطباعة من الأساليب التكنولوجية المعاصرة 
والتي من أجلها سميت العصور الحديئة بهذا الاسم . ولا يجب الاكتفاء بنشر 
هذا التراث القديم عن طريق الطباعة فقط . إنما يجب أن نأحذ في عرض هذا 
التراث بطريقة حديلة تلام أذواق الجيل الذي نحن مهه وللأجيال التي تأي من 
بعدنا أن تفعل ما فعلنا وهكذا ... 


الكتابة والكتاب في العصر الأموي : 
تحول العرب سريعاً من أمة أميّة لا تعرف الكتابة » وتعتمد فقط على ما 


Yo ~‏ سام 


بيهم علماء السب و أصحاب الأخبار . 


وعناية العرب ف هذا العصر بتدوین أخبارهم الجاهلية وأنسابهم وأشعارهم 
لا تعدل عنايتهم بتدوين كل ما اتصل بدينهم الحنيف » فقد قامت في كل البلاد 
والامصار الإسلامية مدارس دينية » عنيت بتفسر القرآن الكريم ورواية 
الحديث الشريف » وتلقين الناس الفقه » وكان الكثير من المتعلمين في هذه 
المدارس يحرصون على تدوين ما يسمعونه . ڳا أحذت تدون في القرن الأول 
الغزوات الإسلامية وممن عنوا بها » عروة بن الزيد وأبان بن عهان بن عفان . 
وأخذ الناس منذ أوائل عصر بي أميّة ينقلون عن الموالي بعض معارفهم ‏ 
کارت كتب التاريم والأدب وزخرت برسائل سياسية » مثل شرح ابن آي 
الحديد على نهج البلاغة > وكذلك كتاب الامامة والسياسة المنسوب إلى ابن 

الدواوين : من المعلوم أن عمر بن الخطاب أول من أقام الدواوين في 
الإسلام » إذ أحس بالحاجة إلى سجلات يدون فيها الناس معطياتهم وأموال 
الغنائم ... ولما ولي الخلافة معاوية اتخذ ديوانين هما ديوان الرسائل وديوان الخاتم 
وفيه كانت تم الرسائل الصادرة منه وظل ديوان الخراج يكتب في الشام 
ومصر بالكتابة الرومية وفي العراق بالكتابة الفارسية إلى عصر عبد الملك بن 
مروان . فنقلها إلى العربية . 

وأصحاب ديوان الرسائل . هم الذين كانوا يديبون الكتب على ألسنة 
الخلفاء والولاه . وكانوا يختارون من أرباب الكلام وأصحاب البيان ... أبلغ 
كتاب العصر الأموي هو عبد الحميد بني بى الكاتب وقد سماه الباحظ في 
يال عي اميد الأكبر » ونصح الكُتّاب أن يتخذوا كتابته نموذجاً لهم وظلت 
شهرته مدوية على القرون حتى قبل : فتحت كتابة الرسائل بعيد الحميد 
وخحتمت بابن العميد . ولكم كان ألي العباس القلقشندي بارعاً وأميناً حين 
أشار إلى الأستاذ الأول 'لفن الكتابة العربية وهو عبد الحميد الكاتب فذكر أنه 
وضع الأساس الأول لآداب هله الكتابة في رسالته التي عدوانها « إلى 


TYE 


الكُتّاب , والتي أوها » أما بعد حفظكم الله يا أهل صناعة الكتابة وحاطكم 
ووفقكم وأرشدك فإن الله عز وجل - جعل الناس بعد الأنبياء والمرسلين 
صلوات الله علييم أجمعين وبعد الملوك المكرمين أصنافا وإن كانوا في الحقيقة 
را اک معشر الكَبّاب في أشرف الجهات » أهل الأدب والمروءة » 
والعلم والرواية » فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون » 
وأبصارهم التي بها ييصرون وألستتهم التي بها ينطقون وأيديهم التي بها 
يبطشون » فليس أحد أحوج إلى اجتتاع خلال الخير المحمودة » وخصال الفضل 
المذكورة المعدودة منكم أيها اتاب » فتناقشوا معشر الكُتّاب في صنوف 
الآداب وتفقهوا في الدين ... وأبدأوا بعلم كتاب الله عر وجل » ثم بالعربية 
فإنها ثقات ألسنتكم ء ثم أجيدوا الخط فإنه حلية كتبكم » وأرووا الأشعار » 
واعرفوا غرييها ومعانيها وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها . فإن ذلك 
معين لكم على ما تصبوا إليه هممكم , وتحابوا في الله عز وجل في صناعتكم 
وتواصوا عليها بالذي هو أليق بأهل الفضل والعدل والنبل من سلفكم ... 

ويمضي عبد الحميد الكاتب في رسالته ليحدد للكتاب ما ينبغي أن يكون 
عليه طعامهم وسكتهم , بالبعد عن التبذير » ويحذرهم من الانشغال بالتدبير 
عن العمل . ويحذرهم من الغرور . « ولا يجاوز الرجل مندكم - في هيئة 
مجلسه » وملېسه » ومر کبه » ومطعمه ومشربه » وبنائه وخدمه » وغیر ذلك 
من فنون أمره - قدر حقه » فإنكم مع ما فضلكم الله به من شرف 
صنعتكم - خدمة لا تحملون في خدمتكم على التقصير » وحفظة لا تحتمل 
منكم أفعال التصنيع والتبذير » واستعينوا على عفافكم بالقصد في كل ما ذكرته 
لكم » وقصصته عليكم » واحذروا متالف الشرف © وسوء العاقبة في الترف » 
فإنهما يعقبان الفقر » ويذلان الرقاب ويفضحان أهلها . ولا سيما الكُتّاب 
وأرباب الآداب . 

واعلموا أن للتدبير آفة متلفة » وهي الوصف الشاغل لصاحبه عن إنفاذ 
عمله ورؤيته » فليقصد الرجل منكم في مجلسه قصد الكافي من منطقه › 
وليوجز في ابتدائه وجوابه » وليأخذ بمجامع حججه ؛ فإن ذلك مصلحة لفعله 


1 


ومدفعة للشاغل عن إكثاره » وليضرع إلى الله في صلة توفيقه » وإمداده 
بتسديده , مخافة وقوعه في الغلط المضر ببدنه وعقله وأدبه , فإنه إن ظن منكم 
ظان ء أو قال قائل : أن الذي برز من جميل صنعته . وقوة حركته , إنما هو 
بفضل حيلته » وحسن تدبيره » فقد تعرض بظنه أو مقالته إلى أن يكله الله عر 
وجل إلى نفسه » فيصير منها إلى غير كاف . وذلك من تأمله غير جاف . 

ولا يقل أحد منكم أنه أبصر بالأمور . وأحمل لعبء التدبير » من مرافقه في 
صناعته » ومصاحبه في خدمته , فإن أعقل الرجلين عند ذوي الألباب » ومن 
رمى بالعجب وراء ظهره » ورأى أن صاحبه أعقل منه , وأحمد في طريقته , 
وعلى واحد من الفريقين أن يعرف فضل نعم الله جل ثناؤه » من غير اغترار 
برأيه » ولا تكائر على أخيه أو نظيره » وصاحبه وعشيره » وحمد الله واجب 
على الجميع » وذلك بالتواضع لعظمته » والتذلل لعزته . والتحدث بنعمته » . 

بل إن عبد الحميد الكاتب في هذه الرسالة يوصي الكتّاب بالدور الذي تقوم 
به في حياتنا المعاصرة اتحادات الكتّاب في الر عاية الاجتاعية لأعضائها إذ يقول : 


« وإن نبأ الزمان برجل منكم فاعطفوا عليه وواسوه . حتى يرجع إليه 
حاله » ويئوب إليه أمره » وإن ا أحدك الكبر عن مكسبه ولقاء إخوائه , 
فزوروه وعظموه . وشاوروه » واستظهروا بفضل تجربته » وقدم معرفته , 
وليكن الرجل منكم على من اصطنعه واستظهر به ليوم حاجته إليه احفظ منه 
على ولده وأخيه » فإن عرضت في الشغل محمدة , فلا يضفيها إلا إلى صاحبه » 
وإن عرضت مذمة فليحملها هو من دونه » وليحذر السقطة والزلة » والملل 
عند تغير الخال . فإن العيب إليكم معشر الكُتّابٍ » أسرع منه إلى القراء » وهو 
لكم أفسد منه لها » . 

ويحدد عبد الحميد للكاتب دوره عند توليه مسكولية قائلاً : 

« وليكن على الضعيف رفيقاً » وللمظلوم منصفاً . فإن الخلق عيال الله 
وأحبهم إليه أرفقهم بعياله » ثم ليكن بالعدل حاكماً » وللأشراف مكرماً 
وللغىء موفراً . وللبلاد عامراً » وللوعية متألفاً » وعن إيذائهم متخلفاً » . 


“YY = 


ويمضي عبد الحميد مع الكُتّاب يوجههم بأسلوب التغيير الذي ينبغي أن 
يلجأ إليه الكاتب قائلاً : 

« وإذا صحب أحدك رجلاً فليختبر خلائقه » فإذا عرف حسنها وقبيحها , 
أغانة غل: ماءيوافقه .من المسق ع والتال الصرهه بال ية أجل وسيل 
وقد علممم أن سائس البهيمة إذا كان بصيراً بسياستها , الهس معرفة أخلاقها , 
فإن كانت رموحاً لم يبجها إذا ركبها » وإن كانت شبوباً اتقاها من قبل يديها » 
وإن حاف منہا شروداً توقاها من ناحية رأسها » وإن كانت حروناً قمع برفق 
هواها في طريقها فإن استمرت عطفها يسيرا » فيسلس له قيادها . وفي هذا 

الوصف من السياسة دلائل لمن ساس الناس وعاملهم » وجربهم وداخلهم . 

والكاتب بفضل أدبه » وشريف صنعته . ولطيف حيلته ومعاملته لمن يخاوره 
من الناس ويناظره » ويفهم عله أو يخاف سطوته » أولى بالرفق بصاحبه » 
ومداراته وتقويم أوده » من سائس البهيمة التي لا تحير جواباً » ولا تعرف 
صواباً » ولا تفهم خطاباً , إلا بقدر ما يصيرها إليه صاحبها الراكب عليها . إلا 
فأمعنوا - رحمكم الله - في النظر » واعملوا فيه ما أمكنكم من الروية 
والفكر » تأمنوا بإذن الله من صحبتموه النبوة » والاستثقال والجفرة » ويصير 
منكم إلى الموافقة » ويصيروا منه إلى الموؤاحاة والشفقة » إن شاء الله تعالى » . 

قد يغضب القارىء المعاصر أو قد يضحك من تشبيه عبد الحميد لمهمة 
المؤلف بمهمة سائس البهيمة ولكن التشبيه في عصر عبد الحميد لم يكن يثير 
عضبا ولا ضحكا , بل كان متوافقا مع ظروف العصر والبيئة . 

ورسالة عبد الحميد بن يحيى الكاتب معروفة وجميلة » وهي من عيون النار 
العربي إلى يومنا هذا .. ثم هي جماع الأخلاق والفضائل الني يجب أن يتحلى بها 
الكتاب قديماً وحديثاً . 


حا 


التطور الشكلي للكتابة في العصر الأمري 
( بدايات تحسين الفط ) 


جاء العصر الأموي وكان له فضلان على الكتابة العربية : 

أولاً : فضل بداية « تجويد » حط الكتابة وتحسينه أي إعطاؤه السمة 
الجمالية للحروف وتكوينها بعيداً عن المعالي والمضمون ... أي بداية الحركة 
الفنية للخط . 

ثالياً : فضل نقل صناعة الورق من أطراف الصين إلى سمرقئد وبغداد 
وطرابلس والشام , ولا يخفى ما في هذه الخطوة الذكية وهي إنشاء صناعة 
الورق بالدول الإسلامية من أثر بالغ في شبوض وانطلاق صداعقي الكتابة العادية 
ر أي صياغة الكلمات ) وكتابة الخط ( أي تجويد الحروف وتشكيلها تشكيلاً 
ف 

ويلاحظ هنا أن « فن الخط » بدأ على أيدي « الكتاب » فالكاتب أصلاً 
في الدولة الاسلامية هو ما يعادل الآن « وزير القصر » أو رئيس الديوان ... 
أو هو الأديب والسباسي والدبلوماسي والسئول عن صياغة المعاني وتوجيبات 
الخليفة أو الوالي ... فلابد أن تكون العبارة التي يصيغها في قمة البلاغة 
والكياسة والجمال المعبر عن رفعة مصدرها » وتشاء حكمة العلي القدير أن 
تكون الكلمة العربية متسعة لكل ما يصل إليه الفكر من المعاني والخيال وحبك 
الصياغة وإهامات الفن وإيحاءاته . وتنافس الكَنّاب وظهر النابہون والنابغو 
وهم كثيرون ومنهم عبد الحميد الكاتب كا سبق أن ذكرنا : وخالد بن أ 
الهباح ومالك بن دينار ... وني أواخر الدولة الأموية ظهر كاتب خطاط أجاد 
فن الكتابة فأوجد لنفسه عريضة بناها على أساس ابتكاره لأنواع جديدة من 
الخطوط لم تكن معروفة قبل ذلك هو : قطبه احرر الذي انتبت إليه ريادة فن 
الخط في العصر الأمري . 


- ١ ه#‎ 


أنواع خطوط الكتابة في العصر الأموي : 

من الواضح أنه قبل ظهور الإسلام لم يكن هناك اهتام بالكتابة أو تجويدها 
وسادت الكتابة السريانية والنبطية e‏ 

وبعد ظهور الإسلام واهتام الرسول ب والدعوة بالكتابة وتجويدها من 
واقع قوله لعلى بن أي طالب كرم الله وجهه : الخط الحسن يزيد الحق وضوحا 
بدأ ظهور المدارس الاقليمية . 

وكان مما هيا الفرصة للعناية بالخط العربي وانتشاره تعريب الدواوين في عهد 
الدواوين إلى إحلال الكتابة بالخط العربي محل الكتابات الأخرى . وأدى ذلك 
إلى الإقبال على تعلم الكتابة العربية وانتشار الخط العربي في الأقطار التي 
خضعت الحكم العرب بحيث صار انط العربلي من أهم مظاهر سيادة الدولة 
الإسلامية » بل صارت كثير من اللغات غير العربية تكتب بنط عرلي مثل 
الفارسية والتركية وغيرها . 

وكان الخط يسمى باسم هذه الأقالم مثل : الخط الحجازي ... والخط 
المدني ... الأول يمتاز بالليونة والثاني باليبوسة ثم خط التدوين المتميز بالسرعة 
والاستدارات . 

ثم ظهرت مدرسة الكوفة صاحبة « الخط الكوفي » المنتسب إلى مدرسة 
« المدينة » اليابسة و « مدرسة البصرة » الخط البصري المنتمي إلى المنط 
الحجازي اللين . 

ثم انتقلت الرعاية والاههام إلى دمشق بعد ما قامت الدولة الأموية وخمطت 
الكتابة العربية خطوات إلى الأمام وظهر ا أعلام كان أعلاهم « قطبه الحرر » 
والذي أخذ يبتدع خطرطاً جديدة ويشير إلى قواعد تكوينها . 


الات 


العصر العباسي عصر التأليف والترجمة والتعدوين 


لقد كان المسلمون في أواسط القرن الثاني المجري يتدارسون علوماً كثيرة » 
منها الشرعية » ومنها اللسانية » ومنها الكونية . وكان اعتيادهم في مدارستهم على 
التلقي والشافهة . وكان بعض طلاب العلم يقيدون ذلك بالكتابة لتكون 
تذكرة هم إذا ما طفى على عقوطم النسيان . وكانت الحافظة عندهم هي 
الرجع الأول وعليها المعول » فلما أنشفت مدينة بغداد وأصبحت مقر الخلافة 
الاسلامية أقبل أهل الفضل إليها » وأمها العلماء من كل صوب » وجعلوها دار 
انی تبنت بذلك موثل العلوم الإسلامية ومجتمع الفنون الأدبية وملتقى 
العقافات الختلفة » فزخخرت بالنور وازدهت بالعرفان » وأينعت فيها ثمار 
العقول » وصارت منار الحاضر ومخط رحال العلماء والفضلاء . 


والحق أن تاريخ بغداد السيامي والاجتاعي والأدبي يعتبر - إلى حد ما - 
تاريخ العالم الإسلامي في خلال حقبة من الزمان لا تقل عن خمسة فرون . ولا 
مراء في أنه لم تصل مدينة من مدن الإسلام في تلك العصور الخالية إلى ما 
وصلت إليه بغداد من سعة العمران وعظم الآثار . ا أنه لم تصب مدينة منها بجا 
أصيبت به بغداد من الكوارث والجوائح . فكما تضافرت الأيدي على عمرانها 
ورفعة شأنها > تضافرت الخطوب والعوادي على تمزيق أوصالها وطمس 
معالمها » حتى لم يبق من رسومها اليوم أثر يمكن أن يبتدي به الباحث المنقب 
إلى تعيين المواضع التي كانت تقوم عليها تلك القصور الشاهقة والباني الشاعمة 
والمساجد الجامعة والمدارس العظيمة التي كانت تملا سمع الزمان وبصره » اللهم 
إلا بعض أطلال لاترال مائلة . 

وقد أخذ الخلفاء والأمراء بناصر العلم والعلماء » واشتد ولعهم بنقل العلوم 
الأجنبية وتدوين العلوم الدينية » فاكتظت بغداد بالنابغين في علوم الدين » 
والعباقرة في العلوم اللسانية » والمبرزين في فنون السياسة والخرب , رو 


من تفرد بضرب من ضروب المعرفة يلقى من الخلفاء ألراناً من الأكرام وضروباً 
من أشكال المح والعطايا . 


ناا سمس 


کر تلصاءف 





1 نھں r‏ ماع 


ل 


ON EEF‏ اھ م لام وت ع و نھ ام تناع 


حدس أو 


نس ال لقاع 


ار e‏ ا 


أفهى اسثترل 





انمو الم مالع 


سکع 9ود جام ا د 


فب دا ا ee‏ 
دف ال تعر ناض م طابر: ا سوسس لدف وتات بطر 


0 ل 
: اعدو ناك 


أ ت ابر رشاع 





الحروف الأببدية بالخط الكوف المعروف خط المصاحف القديم 
بقلم الأستاذ كامل إبراهم 


¬ YA >= 


وفي هذه الفترة نبغ أئمة المذاهب الأربعة » ودون مذهبا ألي حنيفة ومالك » 
وزار بغداد الامام محمد بن إدريس الشافعي مرتين ؛ وفيها أملى مذهبه القديم , 
ولقيه فيها الامام أحمد بن حنبل ولقح مذهبه بآرائه » وقد أخذ عن ابن حنيل 
الكاتب الأديب أبن قتيبة . 

وفي هذه الحقبة تم تدوين الحديث واللغة والشعر والتاريخ » وظهر عظماء 
القراء » ونهضت حركة الترجمة :بوضها مباركاً ففزت العلوم الكونية الفكر 
العربي وصقلته صقلاً ظهر أثره في جميع نواحي الحياة العباسية . وكان الخلفاء 
- وبخاصة المأمون - يشجعون هذه الحركة بكل ما أوتوا من قوة » ويرسلون 
البعئات إلى البلاد الأ جنبية ليستحضروا الكتب » فيتلقفها المترجمون وينشروها 
بين الناس بالعربية » وكانوا يغدقون العطايا لحؤلاء المترجمين حتى ليقال « أن 
المأمون كان يعطي حنين بن اسحاق من الذهب زئة ما ينقله من الكتب إلى 
العربية مثا بمثر(“. 


وكان خلفاء بني العباس في عصرهم الأول يجلون العلماء ويحتفون بهم . 
وقد سهلوا نزوحهم إليهم » وأجروا الأرزاق علييم » وبالغوا في إكرامهم » 
وقربوهم » وجالسوهم » وآکلوهم » وحادثوهم وعولوا على آرائهم › فلم يبق 
ذو قريحة أو علم إلا واتجه إلى بغداد . والعلم لا يزدهر إلا في ظل حا يشغف 
به ويأخذ بأيدي أهله . وهؤلاء الخلفاء كانوا من أكثر الملوك رغبة في العلم » 
ولهذا عنوا - إلى جانب ما ذكرنا - بإئشاء خزائن الكتب ردورها » وكان 
هذه الدور شأن كبير في نشر العلم والمعرفة » ويقول المستشرق الأستاذ 
جويدي ؛ « من الأمور التي أحيت العلوم في الأمة العربية إقامة دار الحكمة في 
بغداد". وكان في تلك الدار حرانة الكتب قيمة يجتمع فيها علماء ذلك العصر 
للدرس والبحث والمذاكرة . وكان علان الشعوبي ينسخ من تلك الخرانة كتباً 





)١(‏ وإذا كدت في حاجة إلى معرفة واسعة عن حالة الترجمة فاقرأ كتاب أخبار الحكماء 
للقفطي » و كتاب القدن الإسلامي لجورجي زيدان » وكتاب عصر الأمون لفريد 
٠‏ رفاعي : 
)١(‏ محاضرات جويدي ص 4 . 


~۲۹ - 


للرشيد والمأمون والبرامكة . وكان ابن أبي الحريش يجبلد هذه الكتب وهو 
معروف بهذه الصناعةا'. 

وما ساعد على تقدم العلوم التنافس الذي قام بين العرب والروم . فقد أنشأ 
الروم في ذلك العصر أيضاً مدرسة تشبه دار الحكمة في القسطنطينية » وكان 
ملك الروم « قسطنطين الثاني » محباً للعلم » مشجعاً لأهلم("». 

وقد تنافس الأمراء وعلية القوم في اقتفاء أثر الخلفاء في نخدمة الأدب 
والعلم » والناس - ,ا يقولون - على دين ملوكهم » فأنشأوا خزائن الكتب في 
قصورهم » وسعوا ما وسعهم السعي إلى جمع الكتب » مجزلين العطايا لكل من 
ينقل لهم ضرباً جديداً من المعارف . ومن أشهرهم بنو موسى بن شاكر » محمد 
وأحمد والحسن . ويقول عنهم ابن خلكان : « وكانت مم همم عالية في تحصيل 
العلوم القديمة وكتب الأوائل . وكذلك آل بختيشوع » وال حنين بن اسحاق 
وال الک كرخي واسحاق الموصلي وغيرهم . 

وقد أدرك القوم أن كل عز لم يسند بعلم كان مآله الانحلال » فأكبوا على 
العلوم والآداب » ينهلون من بحارها » وحرص أرباب اليسار على تثقيف 
أبنائهم » وأصبح التعلم صناعة » فرحت عيشة المؤدبين » وغدا التأديب طريقاً 
إلى امجد والسؤدد وسبيلا إلى مؤانسة الخلفاء ومسامرتهم . وقد عمرت مجالس 
العلم والأدب » وأمست دور الكبراء مثابة المفكرين وحملة الأأشعار والطرف 
والأخبار . 

| وقد نمضت العلوم اللسانية مهوضاً حثيثً في ذلك العهد , ولاشك أن الدافع 
الأول لوضع هذه العلوم هو الدين ¿ . ذلك أنه لم تفش اللحن في اللغة العربية 
بسبب اختلاط العرب بغيرهم من الأعاجم جزع الأئمة وذوو النعرة العربية من 
هذا اللحن وأشفقوا على القرآن أن يستغلق فهمه على الناس » فهبوا محاربة هذا 
الوباء بالحض على التعلم وتدوين علوم اللسان من لغة ونحو . 


٠١١ فهرست ابن النديم ص‎ )١( 
(؟) محاضرات جويدي ص‎ 


Pe -‏ سه 


وقد شد الخلفاء ورجال الدولة أزر هذه النبضة حرصاً على الدين الذي كان 
مظهرهم الا كير » فحشدوا في قصورهم أثمة اللسان يؤديون أولادهم , فكانوا 
منهم ذلك فتقربوا إلههم بالعلم والأدب , لم يعز على من فاته شرف الحسب 
والسلطان أن يتجه إليه العلم والأدب » فتبغ فيهم الكثير وقد كان نشاط 
المسلمين وتنافسهم ف هذه الناحية يستثير الاعجاب 3 وكانوا يتسابقون في 
تدوين العلم وتنظيمه تسابق ابائهم في الفتوح والغزوات . 
والفقه وأصوله . ثم جاء النحو وعلوم العربية بعد ذلك . 

وكانت هذه العلوم قبل ذلك العهد مختلطة غير مرتبة « فكان الأئمة 
يتكلمون من حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة ٠‏ ج 
يقول السيوطي . 

أما في العصر العبابي فقد دونت هذه العلوم واتذذت شكلاً آخر من حيث 
التر تيب والتبويب والقياس عليها . ووجدت بجانبها علوم أخرى دنيوية كالمنطق 

والحق أن العلوم العربية كلها تقريباً قد وضعت أسسها في العصر العباسي 
الاول » وبعضها ثم بناؤه في هذا العصر . وكذلك ترجمت علوم الأم الأخرى 
کا ذکرنا - وتمثلها السلمون » وبدأ علماؤهم بعد ذلك يؤلفون فيا . 

وقد ظل المسلمون فترات طويلة يعتمدون في حياتهم العلمية على تلك العلوم 

وکان ما ساعد على تنشيط هذه الخحركة العلمية والنبوض بها ظهور صناعة 
الورق واتساعها ويقال أن البرامكة هم الذين أشاروا بعمل الكاغد لنسخ 


)0 تاريخ الخلفاء ص ٠١١‏ . 


۳۱ ¬ 


أسفارهم. ثم أمر الرشيد ألا يكتب الناس إلا في الكاغد , لأن الجلود ونحوها 
تقبل انحو والإعادة » فتقبل التزوير » وانتشرت الكتابة في الورق إلى سائر 
الأقطار"“ و كان لظهور الورق فضل وجود الكتب وخزائنہا  »‏ كان له فضل 
في قيام صناعة « الوراقة » . وكان أصحابها يقومون بنسخ الكتب 
وتصحيحها , وكان كثير من العلماء يذهبون إلى دكاكين الوراقين ويقرؤون ما 
فيها من كتب » واشتهر منهم الجاحظ . 

وليس من شك في أن العلوم قد اتخذت لوناً حاصاً في ظلال العباسيين ما 
كانت لتتخذه لو بعثت في عصر غير هذا العصر باستشاء العلوم التي كان 
مقياسها العقل الخالص كالمنطق والرياضيات وما شابها". 

وكانت هذه العلوم تنتشر في الافاق بوسائل عدة أهمها الكتاتيب 
والمساجد . وكان بالمساجد حلقات لختلف العلوم کا كان الخال بالأزهر 
الشريف إلى عهد قريب . وكانت وسائل نشر العلم أيضاً مجالس المناظرة في 
القصور والدور »> وكان كثير من الخلفاء والوزراء والولاة يشجعون هذه 
« المناظرات ماديا وأدبياً » وأحياناً يشتركون فيها . وقد عقد السيوطي فصلاً 
عن المناظرات والمجالسات والفتاوى والمكاتبات والمراسلات »20 أورد فيا 
الكثير منها . ومن أهم هذه الوسائل « المكتبات » . وأعظم مكتبة ظهرت في 
العصر العباسي مكتبة « بيت الحكمة » التي أشرنا إليها فيما قبل . 


وقد انتشرت إلى جانب ذلك مجالس اللهو والشراب » وكان يغشاها الأدباء 
والشعراء وأرباب الفنون » فكانت هي الأخرى ينبوعاً للشعر وما يتبعه من 
لطيف الملح وطريف الأفاكية . 
)١(‏ حضارة الإسلام في دار السلام لجميل المدور ص ١77‏ . 
(؟) فتوح البلدان للبلاذري ص ۲۲۹ » وصبح الأعشى ٤۷١/۲‏ . 
(۳) في كتاب ضحي الإسلام ج ۲ ص ح ۲ وما بعدها للأستاذ أحمد أمين . 
(4) انظر كتاب « الأشياه والنظائر » ٠٠١/۳١‏ للسيوطي . 


PY ~ 


وقد أخذ الئاس يتمززون طعم الحياة وينعمون بمباهجها » وأضحى رجال 
الدولة ومن والاهم يغشون مجالس الغناء والموسيقى والطرب وأصبحت معظم 
الطبقات تألف ذلك من غير حرج . 

ولقد ساعد على تنوع الثقافاث الحرية الفكرية التي أظلت العقول في ذلك 
الحين نتيجة امتزاج العنصر العربي بغيره من العناصر الأجنبية الأخرى وبخاصة 
في زمن المأمون . 

وكان المأمون يترك للناس حرية المعتقدات مهما كان فيها من زيغ ومروق . 
وكان يؤٽي بالمارق يشل بين يديه فيجادله بالتي هي أحسن حتى يبديه سواء 
السبيل . وقد قال للمرتد الخراسباني لأن أستحييك بحق أحب إلى من أقتلك 
بحق » ولأن أقبلك بالبراءة أحب إلى من أن أدفعك باللهمة . وأخذ يحاوره حتى 
أقام عليه الحجة » فاناب المرتد إلى الله عن عفيدة وإيان . 


وكان المأمون يسهم في المناظرات الدينية ويحاج الفقهاء في كثير من 
الأمور . وكان يأمر قاضي قضاته يحيى بن أكثم أن يحضر معه رجالاً يحسنون 
الفقه وال جواب » فيدخلون عليه وهو جالس على فراشه » وعليه سواده 
وطيلسانه وعمامته » فإذا استقر بهم مجلس تحدر عن فراشه ونزع عمامته 
ووضع قلدسوته » وما كان يمنعه من خلع خفيه إلا العلة ‏ ثم يأمرهم بترع 
قلانسهم وخفافهم وطيالسهم ويقول هم : « إما بعت لكم معشر القوم 
للمناظرة » ثم يلقي عليهم مسائل الفقه ويرد على كل واحد منهم » وكان 
يخيرهم أن يسألوه أو يسأهم . ويؤثر عنه أنه كان يجل علماء اليبود والنصارى » 
ويحتفي بهم في مجلسه لعلمهم وثقافتهم في لغة العرب وحذقهم لغة اليونان 
والسريان . 

ويبدو لي أن المأمون كان يرمي من وراء هذه المناظرات كلها إلى اجتاع 
الطوائف على ما هو أرضى وأصلح للدين . وكان يكره في المناظرات إلى ما كان 
يبتغيه » فلم ير بدأ من الاستعائة بسلطانه في إقامة مايراه الحق » ولا سيما 
مسألة خلق القرآن . 


عم 


وقد بلغ من تمتع القوم ببذه الحرية أن المجوس كانا يعارضون علماء 
المسلمين » وقد ذكر الجاحظ بعض هذه المعارضات في كتاب الحيوان . 

والحق أن هذه الحرية الفكرية التي أباحها المأمون للئاس جميعاً كانت سبباً 
في تشتيت العقائد و كارة الفرق بين المسلمين . فبعد أن كانوا لا يعرفون غير 
الكتاب والسنة اختلفت كلمتهم حتى أصبح الإنسان يحار في كثرة الفرق » ما 
بين حديثي ومعتزلي وشيعي وزيدي ورافضي وجبري ورجئي وعفاني 
وجهمي . ... إن » فضلاً عن المارقة والدهرية وأشباههما . وكان المأمون نفسه 
شيعياً » وله في ذلك مظهر عملي معروف ذكره المؤرخون . وكان وزيره یی 
بن أكثم سنياً وقاضي قضاته أحمد بن أي داود معتزلياً . وربما تعددت المذاهب 
بين الأحوة في البيت الواحد مثل أولاد أبي الجعد . وكانوا ستة » منهم اثنان 
شيعيان » واثنان مرجكان ء واثنان نخارجيان . 

مهما يكن من شيء فقد تمتع الناس في زمن المأمون بحرية فكرية ودينية لم ير 
ها مثيل في أي عصر من عصور الإسلام . 

وقد كان من أثر اختلاف السكان في الدولة الإسلامية وتباين أصوهم 
وأجناسهم ‏ وامتزاجهم بالسكنى والزواج وغير ذلك » ودخول كثير من أفراد 
الأنم الأجنبية في الإسلام » ونمو الحضارة نموا يتطلب دراية واسعة بكثير من 
شئون الحياة من هندسة وطب وفلك ونظام وحكم وسياسة ولغة وأدب كان 
من أثر ذلك كله أن انتشرت في الدولة ثقافات مختلفة لأم مختلفة . وكان لكل 
ثقافة رجالها البارزون الذين يحاولون جهدهم نشرها والتروج هما . 

وكان من مظاهر هذا التنافس أن أخذت كل ثقافة تشق لنفسها طريقاً تسير 
فيه . ولكن هذه الثقافات جميعاً أحذت تلتقي رويداً روا وتمترج بالثقافة 
العربية » وقد تكون من مجموعها ثقافة كبرى ذالت لون حاص » قد صبغت 
الصبغة الإسلامية » وهي ما يعرف « بالثقافة الإسلامية » . 

وهذه.الثقافات التي اتصلت بالثقافة العربية ثلاث : الثقافة الفارسية › 


SES 


والنقافة اليونانية » والثقافة الندية . يضاف إل ذلك الثقافات الدينية 
الييودية والنصرانية!"2. 

وقد أقبل رجال هذه الثقافات الأجنبية على اللغة العربية فحذقوها حذقاً 
يدعو إلى الإعجاب الشديد . ويمكي الجاحظ عن مومى بن يسار الأسواري 
وهو قصاص فارمي الأصل أنه « كان من أعاجيب الدنيا » كانت فصاحته 
بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية . وكان يجلس في مجلسه المشهور به » فيقعد 
العرب عن يينه والفرس عن يساره » فيقرأ الآية من كتاب الله ويفسرها للعرب 
بالعربية » ثم يحول وجهه إلى الفرس فيفسرها لهم بالفارسية » فلا يدري بأي 
اللسانين هو أبين » , وهذا مثل له نظراء كثيرون . ونحن نجد بين علماء 
المسلمين رجالاً من كل جنس ونملة قد أخذوا بحظ وافر في جميع نواحي 
العلم . ولعل أعظم هذه الأجناس أثرأً في الحياة العياسية الفرس7"©. 

فقد أثرت الثقافة الفارسية في الثقافة الإسلامية من نواحيها الختلفة . وأظهر 
ذلك الألفاظ الفارسية التي تسربت إلى اللغة العربية . وكان الفرس يدلون على 
العرب بما أخذته العربية من الفارسية . وقد نقلوا كثيراً من تراث آبائهم إلى 
العربية » ويقول ابن النديم : « أول من صنف الخرافات وجعل لما كتباً 
وأودعها الخزائن وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان الفرس . ونقلته العرب 
إلى اللغة العربية » . 


هذا إلى أن كثيراً من العرب عكفوا على تعلم الفارسية » وقد نضح ذلك 
على ثمار قرائحهم وأقلامهم ء حتى الشعراء نراهم يدرسون الفارسية 
ويتقنونها » وأوضح مثل لذلك العتاني الشاعر العباسي المعروف وهو عربي من 





)١(‏ أحيلك على هذه الكتب لتقرأ الكثير فيها عن أثر الثقافات الأجنبية في الثقافة الإسلامية 
طبقات الأم لصاعد الأندلسي » فهرست ابن النديم » طبقات ابن آي أصبيعة ع أخبار 
الحكماء للقفطي , ثم ضحى الإسلام لأحمد أمين . وتاريخ آداب جورجي زيدان 
وعصر المأمون لفريد رفاعي . 

(؟) البيان والتبيين 74/١‏ . 


E 


تغلب » وقد سأله رجل : « لم كتبت كتب العجم ؟ فقال : وهل المعاني إلا 
في كتب العجم والبلاغة واللغة لنا والمعاتي لهم » وليس هناك من ريب في أن 
المام ابن قتيبة بالفارسية كان من الأسباب التي جعلت كتبه على شيء من 
الترتيب والتدسيق . 

ومن أبرز أثر الفرس أن الكثير من عاداغهم قد تغلغل في المجتمع العبامي 
تغلغلاً شديداً وبخاصة ما يتصل بالغناء واللهو والشراب . 

وهناك لون آخخر من الأدب كان للفرس أثر كبير فيه وهو باب 
« التوقيعات » وقد أعجب بها العرب . لأن الايجاز من خخصائص البلاغة 
العربية . وقد اهع وزراء بني العباس وكتابهم بأمر التوقيعات » وكأنما نزع فههم 
عرق من آبائهم » فأنشأوا ها ديواناً موه « ديوان التوقيع » . 

هذا إلى أنه قد ترجم إلى العربية كثير من أمثال العجم وحكمهم . وقد 
أورد الثعالبي قدرأ كبيراً منها في كتاب « خاص الخاص » ويشير ابن قتيبة في 
مواطن متعددة من عيون الأخبار إلى المعاني التي اقتبسها الشعراء والخطباء من 
حكم الفرس . 

ويرى أستاذنا المرحوم الدكتور أحمد أمين أن الكتب التي عرفت في العربية 
باسم « المحاسن والمساوىء » أو « اسحاسن والأضداد » كانت محاكاة للكتب 
الفارسية التي عرفت باسم « شايد وناشايد » أي « ينبغي ولا ينبغي » أو 
« شايسته وناشايسته » أي « اللائق وغير اللائق » ويلاحظ أن حملة العلم في 
التلمق كان أكترهم من السجم في ذلك النصر تل أي توقة ونع الروية 
وخلف الأحمر وسيبويه والكسائي والفراء وألي عبيدة وألي العتاهية وبشار بن 
برد والجاحظ وابن قتيبة ... وغيرهم وغيرهم . 

أما الثقافة اليونانية فكانت مستفيضة في بلاد الشرق بعد فتوح 
الاسكندر » وقد وجد العرب في أول يقظتهم مستودعاً لآثار اليونانبين » وقد 
نقلوا في العصر العباسي أهم ما وصل إليه الحقل اليوناني » كتاليف أرسطو » 


EE 


وبعض مؤلفاته أفلاطون » وأهم كتب جالينوس في الطب » ورياضة فيئاغورس 
وغيرها ۹ وهندسة اقليدس اداي الح . 

وقد ظلت الاسكندرية عاصمة مصر اليونانية زمناً غير قصير منبل الوارد 
من طلاب العلم والثقافة . وكانت المدرسة التي أنشأها كسرى الأول سنة 
٠ه‏ ]م في جند يسابور تنشر في الشرق علوم اليونانيين » وتستجيب لرغبة 
القوم في الوق الفلسفة والطب حتی لقد تيل أن ابارت كل التقفى 

وكانت حران في بلاد ما بين النهرين ذات حضارة يونانية » وكان أهلها 
ينصرفون خاصة إلى الرياضيات والفلك . واشتهر منهم في العصر العباسي ثابت 
بن قرة وابن سنان الطبيب العالم وأبو اسحاق الصابىء صاحب الرسائل . 

وليس من شك في أن علماء الكلام قد اتصلوا بالكتب اليونانية التي 
ترجمت إلى و وتأثرت ا بالق أ 
قبلا . ا ارو ارف هذه الفلسفة للذة العقلية بعد أن اوا 
يطلبونها للدفاع عن أنفسهم . 


وكان للثقافة اليونانية أثر كبير في العلوم الاسلامية في الشكل وفي الموضوع 
على حد تعبير المرحوم أحمد أمين". أما في الشكل فيرجع إلى تأثير المنطق 
اليو نالي الذي لون العلوم بلونه الخاص » وكان ابن سينا يسميه <« حادم 
العلوم » > أما في الموضوع فقد كان للفلسفة اليونانية أثر كبير في تعالم 
المتكلمين . 

وقد أثرت البلاغة. اليونائية في البلاغة العربية » وعربت كثير من الألفاظ 





. ١5١ أخبار الحكماء للقفطي ص‎ )١( 
. ۲۷۶/١ ضحى الإسلام‎ )۲( 


¬ TY 


اليونانية » ونقلب مصص يونانية إلى العربية . وقد ذكر ابن النديم أسماء كتب 
كيرة في الأسمار والتاريخ ترجمت إلى اللسان العربي7". ونحن نقرأ في البيان 
والتبيين وعيون الأخبار والعقد الفريد وغيرها كثيراً من حكم فلاسفة اليونان . 
ولاشك أن تمثل وهضم الثقافة اليونانية أنجب اخوان الصفا والفارالي وابن سينا 
وابن رشد وأمتاهم .0 

وأما الثقافة الهددية فقد وصلت إلى العرب عن طريق الفرس ء وربما كان 
أهم ما عرفه العرب منبها الالهيات ( ويراد بها الدين ممتزجا بالفلسفة ) » 
والحكم » وبعض الرياضيات ٠‏ وشيكاً من الأدب والفن . 

وقد تأثرت بعض الفرق الدينية الاسلامية بالدين اندي . وأخذوا عنه 
فكرة « تناسخ الأرواح التي تأثرت بها كثير من الديانات السماوية وغير 
السماوية . ولاشك أن التصوف اتصال بمذاهب النساك في الحند . ومكانة 
التصوف في الأدب العربي نثره ونظمه لا تحتاج إلى تبيان . 

وكان في بغداد أطباء هنود إلى جانب أطباء اليونان والروم والفرس ؛ مثل 
« صالح بن بهلة الهندي » و « منكه » و « بازيكر » و « قلبرقل » 
وغيرهم . 

وقد اندج المنود عقب الفتح الإسلامي في المسلمين » واعتنق كثير منهم 
الإسلام » وأقبلوا على تعلم العلوم الإسلامية » ونبغ فيها بعضهم . وظهر فييم 
وفي أولادهم الشعراء وعلماء اللغة والمحدثون , منهم أبو عطاء السندي » وابن 
الأعرابي » وأبو معشر نجيح السندي » وفتح بن عبد الله السندي الفقيه 
المتكلم . وقد ترجم إلى العربية كثير من كتب النود » وبخاصة ما يتصل 
بالكواكب والفلك . 

وقد عربت ألفاظ هندية كثيرة » وبخاصة أسماء النباتات » ونقلت إلى العربية 
أراء لهم في البلاغة ذكر الجاحظ طرفاً منبا » وهي تدل على أن تعريفهم للبلاغة 





(۱) الفهرست ص ٠٠١‏ . 


¬ ۳۸ ¬ 


يقرب من تعريف العرب لها وقد أولع العرب بالقصص الهندي , ومن المحقق أن 
كثيراً من أصول « كليلة ودمنة » هندي ترجم إلى الفارسية » ومنها إلى العربية 
مع زيادة على الأصل الهندي . ويرجح ابن النديم أن قصة السندباد البحري 
هندية . وقد نقل العرب كثيراً من حكم الهند . وتجد قدراً كبيراً منها في 
« عيون الأخمار » وكثيراً ما تقرأ لابن قنيبة هذه الجملة « وقرأت في كتب 
لهند » وقد أشار ابن قتيبة إلى بعض المعاني التي اقتبسها الشعراء عن النود . 


وللديانتون اليبودية والنصرانية أثر كبير في الثقافة الإسلامية والمعروف أن 
الامبراطورية الاسلامية كانت تضم عددا غير قليل من أهل الكتاب ينعمون 
أصدقاء ولبعض شعراء المسلمين شعر بمدح فيه النصارى والمود ويذكر لهم 
خلالاً كرعة . 

وقد تسرب إلى المسلمين شيء كثير من ثقافة هاتين الديائتين . ولعل أهم 
منبع لهذه الثقافة التوراة والإنجيل . وهما كتابان سماويان اعت ف الاسلام 
وورد ذكرهما كثيراً في القرآن . 

وقد استفاد العرب كثيراً في قصصهم من أهل الكتاب وممن أسلم منهم ع 
وبخاصة ما يسمونه العلم الأول وهو ما يتعلق بأخبار الأنم السالفة . 

وأكثر ما تأثر بالثقافة الييودية هذه المسائل التي وردت في القرآن الكريم ولا 
نظير في التوراة ولا سيما قصص الانبياء فقد كان علماء التفسير يضيفون إلى 
شروحهم ما ذكر في التوراة وغيرها من الكتب المبودية » يعينهم على ذلك 
الهبود أنفسهم أو من أسلم منهم . ومن أشهرهم عبد الله بن سلام الذي أسلم 
عند هجرة الرسول عليه السلام إلى المديئة » وكعب الأحبار الذي أسلم في 
خلافة عمرء ووهب بن منبه وغيرهم . 

كا أن المسلمين عنوا بتاريخ بني إسرائيل وأنبيائهم » كا فعل ابن قنيبة في 
كتاب المعارف والطبري في تاريخه . 


اوم - 


وكان لليبود أثر واضح في بعض المذاهب التي ظهرت في الإسلام . ويقال 
أن أول من تفوه بكلمة خبيثة في الاعتقاد في الإسلام هو « الجعد بن درهم » 
مؤدب مروان بن محمد » وقد أخذ ذلك عن بعض الهود » ويروى ابن الأثير 
أن أحمد بن أبي داود الذي كان يقول بخلتق القرآن قد أحذ مذهبه هذا عن الود 
من مصدر يصل سندة إلى لبيد بن الأعصم الهودي وكان يقول بخلق التوراة . 
وابن عبد ربه يذكر أن فرقة الرافضة قد تأثرت أشد تأثر بتعالم اليبود . ولا 
شك أن مسائل التشبيه التي أثيرت في تفسير بعض الآيات القرآنية مثل 
« الرحمن على العرش استوى » و « يد الله فوق أيديهم » قد تأثرت بتفسير 
الييود للايات المماثلة لها في التوراة . وقد آمن جماعة من الشيعة بالتشبيه . 

وقد تأثر كثير من المسائل التي أثارها المتكلمون بالييود . ومن زعماء 
المتكلمين الذين هم من أصل دبودي « بشر المريسي » » وهو من القائلين بخلق 
القران . وأضف إلى ذلك أن كثيراً من جک كم الود ونصائحهم قد غزت 
الأدب العربي » وورد كثير منبا في عيون اا والعقد الفريد . وقد أشار 
الأستاذ جويدي إلى كثيراً من الأخبار التي أوردها ياقوت في « معجم 
البلدان » مأخوذ من كتب الوبود » وأورد كثيراً من تآليف اليهود الني أثرت في 
ثقافة العرب . 

والحال كذلك في الديانة النصرانية » فقد كان لما ثقافة دينية أهمها 
لإتجيل » وما لازمه من شروح » وما أضيف إليه من قصص وأخبار . وقد 
ل مع اليهود تماماً . وعني مؤرخو 
المسلمين بتاريخ النصارى وبعض ال حواريين » كالطيري والمسعودي . 

وکا نشا جدل بين البهود والمسلمين نشِا جدل أيضاً بين النصارى 
والمسلمين . والظاهر أن الجدل قد حمى وطيسه بين المسلمين والنصارى 
فور فر ا نن اتکی ورو ارد ای اليو ب اقيم أ سم 
عنصر يؤثر العافية ولا يوجه نشاطه إلا إلى النواحي المادية وما يتصل بجمع المال 
واستهاره . 


وقد دخل الشعر العربي كثير من ألفاظ النصرانية مثل الصليب والقربان 
والمسوح . وكانت الأديرة منتجع الشعراء يغشونما ويتشببون بفتيانها وفتياتها في 
شعر رقيق . 

هذه هي الثقافات الأجنبية التي طرأت على الثفافة العربية » وقد امترجت بها 
امتراجاً قوياً . وأطلق عليها كلها مؤّرخ الأدب « الثقافة الإسلاهية 
العباسية » . وهذه الثقافة تباين من غير شك - الثقافة الإسلامية العربية في 
العصر الاموي . 

وكان أكار المسلمين إلاماً ببذه الثقافات أهل الكلام . ومن أجل هذا كان 
المتكلمون هم أصحاب اليد الطولى في المزج بين هذه الثقافات كلها 6 يقول 
المرحوم الأستاذ أحمد أمين . 

فلا مندوحة من القول إذن بأن اللغة العربية قد دخلتها عناصر لم يكن لها 
عهد بأمثالها من قبل » فاستلزم ذلك أناطاً حديثة من التفكير . فذهد أن كان 
العقل لاصقاً بصور المادة لا يحيط إلا بما تعائيه الحواس انسلخ - ى الشيء من 
هذه المادة » وتعلق بالأمور المجردة » فحلل أجزاء النفس وأحاسيسها 
وعواطفها » وطمح فيما فوق البشر . فنظر في المبادىء والنتائج والعلل » وما 
شابه ذلك . 

وتما يبعث على الاعجاب المقرون بالفخار أن نرى هذه اللغة البدوية قد 
فسحت في رحابها حتى وسعت ثمار كل هاتيك القرائح . 

وبعد فإني لأرى الضرورة تلح علي في أن أشير - في محة خاطفة - إلى "؟ 
كانت بارزة في سماء هذا العصر لتكتمل لنا الصورة الصادقة الكاملة له ... 
وتلك السمة هي الصراع الذي كان بين العرب والموالى » وكان لهذا الصراع 
أثر بالغ في الأدب والعلم والفن جميعا . 

لقد اعتنق العرب الإسلام ورفعوا راية الجهاد في سبيل لشره ووثر في 
أذهانهم أنهم من جنس لا يتطاول إليه جنس آخر » وتقلكهم شعور بالعظمة 


ص 


والسيادة والاستعلاء . فنظروا إلى غيرهم نظرة السيد إلى المسود . وسموا من 
هو غير عرلي « أعجمياً » . 

و لی وا وکا ت ق النصر الأمري يدرو وغل سو هذه 
الفكرة » وكتب الأدب مترعة بالحكايات التي تدل على ذلك » وبلغ من 
غلوهم في ذلك أن الحجاج أمر ألا يوم بالكوفة إلا عرني . 

' وهذه العصبية العربية العنيفة كانت تقابلها عصبية أخرى من أولئك الموالل 
المستضعفين ولاسيما الفرس » وهم خلقاء أن يأكل الحقد قلوبهم » لأنهم كانوا 
سادة فأصبحوا مسودين . وكانوا يفخرون على العرب بمجدهم الغابر وعزهم 
التليد » ويعتيرون حكم العرب لهم ضرباً من سخرية القدر . ولذلك نراهم 
مهتبلون كل فرصة لإظهار ما يضطرم في نفوسهم من الحقد والبغض . ولكن 
بني أمية كانوا يكبتون هذا الشعور أعنف كبت ا حدث لاسماعيل بن يسار 
مع هشام بن عبد الملك . بيد أن هذه النزعة التي أخمدها الأمويون قد اتجهت 
إلى دعاية خفية ضد بني أمية » وائتهت بقيام دولة بني العباس کا هو معروف . 

وقد عرف العباسيون للفرس عظم فضلهم في قيام دولتهم » وصرح 
زعماؤهم بذلك في خطبهم وفي أحاديثهم مثل داود بن علي وألي جعفر 
المنصور . 

من ذلك ندرك أنه قد أصبح للفرس في دولة العباسيين شأن كبير » ولكنهم 
لم يقضوا على نفوذ العرب تماما لانه الخلفاء عرب هاشميون » وهم يفخرون 
بذلك » ولذلك نراهم ينكلون بالفرس أشنع تنكيل يوم شعروا بطغيانهم 5 فعل 
المنصور بأبي مسلم » والرشيد بالبرامكة » والمأمون بالفضل بن سهل . 

ومن أجل هذا نرى كثيراً من عظماء الفرس يتزعون إلى الفخر بانسب 
العرني والولاء العربي حتى أن أبا مسلم المخراساني يصطنع لنفسه نسباً عريياً 
فينتمي إلى سليط بن عبد الله ابن عباس وكذلك نرى اسحاق بن إبراهم 
الموصلي - على الرغم من مكانته لدى الرشيد - يبرع إلى خازم بن خزية - 
وهو عربي - وينتمي إليه معتزاً بذلك . 


RET 


فليس من شك إذن في أن العرب لم يذلرا كثيروا في هذا العصر » ولم وى 
عزتهم إلى الخد الذي يصوره المؤرخون . وكل ما حدث أن حركة العصبية 
العربية قد دفعت بحركة أخرى فارسية » وأن الصوت الخافت الذي كان يبمهم 
به إسماعيل بن يسار قد انطلق من عقاله حرأ قويا . 


وكان يتزعم هذه الحركة الفارسية جماعة على رأسهم بشار ابن برد الذي 
كان يفخر بالعجم ويتبرأ من الولاء العربي ويدعو الموالى إلى تركه » ويحقر 
العرب » وكان تجهر بذلك أمام المهدي فلا يعاقبه ما عاقب هشام إسماعيل بن 
يسار حيئا فخر بأجداده الفرس .. وحذا حذو بشار في ذلك شعراء الموالل 


مثل ديك الجن والخزيمي والمتوكلي « وكان من ندماء المتوكل » . 


مهما يكن من شيء فقد قوي نفوذ الفرس في الدولة العباسية » وأصبحت 
الاستعانة بهم في أمور الدولة أمرأً مقرراً » بعد أن كان استخدامهم في العصر 
الأموي - على ندرته - يقابل بالامتعاض » ويقول الجاحظ”"©: « إن دولتهم » 
أي العباسيين « أعجمية خراسانية » ودولة بني مروان عرب أ رايية » . 
ويذكر السيوطي « أن المنصور أول من استعمل مواليه على الأعمال وقدمهم 
على العرب » » وحذا حذوه الخلفاء من بعده « فسقطت وبادت العرب وزال 
بأسها وذهبت مراتبها » | يقول المسعودي . 

وبلغ من نفوذ الفرس أن حبب بعضهم إلى المنصور أن يستبدل الكعبة بما 
يقوم مقامها في العراق وتكون حجاً للناس . فبنى بناء سماه « العتبة 
الخضراء » » وقطع الميرة في البحر عن المديئة فغضب أهل الحجاز » وخلعوا 
بيعة المنصور » وقد أفتى لهم بذلك الإمام مالك بن أنس » فعذبه والي المدينة » 


)0( الجاحظ لات - ١66‏ ه ) عاش ما يقرب من مائة سنة وهو أبو عذان عمرو بن بحر » 
من كنانة » ونشاً بالبصرة » يعد الجاحظ أكبر كاتب ظهر في العصر العبابي وهو رة 
ناضجة لكل الجهود العقلية الخصبة التي بض بها المعتزلة من -حيث المنطق والاستدلال 
وتوجيه العاني راجع خط حياته ولقافته الفهرست ص ٠۷١‏ وأيضاً ضحى الإسلام 
لأحمد امین ص ۲۸۹ . 


TANS 


فلما تولى المهدي « أكرم أهل الحرمين وكسا الكعبة كسوة جديدة » وفرق 
هناك مالا عظيماً » واتخذ حرس من 7الأنهتار ¢ . 


وقد قوي نفوذ الفرس في زمن الرشيد بفضل البرامكة » واتسع نفوذهم في 
عهد المأمون لما تغلب على أخيه الأمين بفضل مناصرتهم له » وعد انتصاره 
انتصاراً للفرس على العرب . 

وزاد هذا النفوذ أيضاً أن الخلفاء العباسيين كانوا يتعصبون للإسلام » ولم 
يتعصبوا هذا التعصب للعروبة . وساعد على ذلك أن أكثر هؤلاء الخلفاء كانوا 
مولدين » فلا عجب إذا جهر الفرس بيذم العرب والتعصب لجنسهم . وله 
عجب أن يصبح هذا مذهباً هم يعرف « بالشعوبية » . وكان الخلفاء 
العباسيون لا ينكرون منهم ذلك ٠‏ بل إننا نرى المأمون يدنيهم منه » فيجعل 
سهل بن هارون - المعروف بمقته للعرب - يتولى الهيمنة على خزائن الكتب . 

وقد دأب الشعوبية على أن يسلكوا كل سبيل يوصلهم إلى تحقير العرب 
الازدراء علههم . ومن ذلك التأليف في « مناقب العجم وفي مثالب العرب » . 
ومن أشهر من فعلوا ذلك علان الشعوبي . فقد وضع كتاباً في ذم العرب اسمه 
« حلبة اللثالب » , وهو أشد الكتب التي هتكت العرب . ومنهم سهل بن 
هارون الذي أشرنا إليه والذي يقول فيه ابن النديم : « كان حكيماً فصيحاً 
شاعراً » فارسي الأصل » شعوي المذهب » شديد العصبية على العرب » وله فى 
ذلك كتب كثيرة » وبلغ من شدة بغض سهل للعرب أن أف رسال 
الشهورة في البخل » وفيا يقلب الكرم رذيلة والبخل فضيلة » لأن المرب 
كانوا متدحون بالكرم ويعتبرونه من أكرم صفات الإنسان » ما اشتهر الفرس 
بالبخل ويخاصة أهل خراسان . 

ومن ألد أعداء العرب « اليثم بن عدي » » وكان من جلساء المنصور 
واخادي . وله كتب كثيرة في ذم العرب » وكذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى 
المشهور بشدة كرهه للعرب . وقد صور ابن قتيبة كيف كان هذا الرجل يعمد 
إلى سرد مفاخر العرب ء ثم يتبكم بها أشد تبكم ؛ ويقارن بين أشرافها وملوك 


NEE 


الفرس » وقد وضع عدة كتب في ثلب العرب . وهناك غير هؤّلاء كثير بمن لا 
وهله الكتب التي وضعها الشعوبية في ذم العرب لم يصلنا شيء منها ٠‏ وإما 
وصلتنا نتف من أقوالحم وآرائهم في الكتب الكبرى . 
ولم يكتف الموالي بتأليف هذه الكتب » فكانوا يضعون القصص في التشنيع 
على العرب » ويفسدون الشعر بإضافة النص إلى غير قائله »-فيذيع بين النائن » 
كان يفعل حماد الزاوية وخلف الأحمر . 


وهكدا نرئى أن العرب قد واجهوا حرباً شعواء زعزعت من مکانتهم » 
فشغلوا عن التعصب القبلي الذي تأججت ناره في زمن بني أمية » وهبوا جميعاً 
يدرؤن عن أنفسهم هذه الحرب العنيفة + ولكنهم غلبوا على أمرهم » وبدأوا 
يميون في المدن العراقية حياة اجتاعية تشبه حياة الفرس » ونشأ بينهم لون آخر 
من التعصب هو التعصب الإقليمي . أعنى أن عرب العراق يتعصبون للعراق » 
وعرب الحجاز يتعصبون للحجاز ... وهكذا : واشتطوا في هذا التعصب 
ابيعي ؛ فتمم البصرة تفخر على تمم الكوفة ... وهكذا . 

ولاشك أن هذا التعصب البيئي قد أحدث نبضة علمية ختصبة في جميع 
العلوم . فمدرسة البصرة في النحو تناهض مدرسة الكوفة » ولكل منبما 
أنصار . ولا ظهرت مدرسة بغداد ناهضت المدرستين الأوليين . وكان الفقيه 
العراقي ينازع الفقيه الحجازي » ونشاً عن ذلك مذهب الرأي ومذهب 
الحديث , 

وقد أورثتنا هذه العصبية البيئية كثيراً من الأخبار التي وضعت في مزايا 
البلدان وعيوبها » وفي طباع سكانها وأخلاقهم . ونقرأ الكثير من ذلك في 
كتاب « عيون الأخبار » . 

وينبغي أن أذكر أن بعض علماء المولل بمن شرح الله صدورهم للإسلام قد 
أنكروا من بني جنسهم هذا التحامل البغيض » فهبوا يردون عليتم بكل ما 
أوتوا من قوة » وعلى رأس هؤلاء ابن قتيبة . 


همعٌ| ~~ 


ونستطيع أن تمل مظاهر نفوذ الفرس فيما بلي : 

. مُلوْثْ قصور الخلفاء بالموالى يستخدمون في أعمالى شتى‎ - ١ 

؟ - أصبحت الخناصب الكبيرة مقصورة عل الفرس تقريياً. وأهمها 
الوزارة . 

م٠‏ - تغلغلت النظم والعادات والتقاليد الفارسية في الحياة العباسية من جميع 
نواحيبا » ويقول أستاذنا الدكتور طه حسين : « لست أنكر أن الفرس 
قد أثروا في الحياة العربية تأثيراً شديداً » ولكنه في كثير من الأحيان 
تأثيراً سبىء جداً . وحسبنا أن الفرس هم الذين أدخلوا على العرب 
سياسة الحكم المطلق . وجعلوا قصور الخلفاء في بغداد أشبه بقصور 
الأكاسرة في المدائن . فقد تعلموا من الفرس طرائقهم في الأكل والشرب 
واللبس وتأثيث القصور واللهو والعبث » . 


ولعل أظهر أثر للفرس في نظام الحكم العباسى « الوزارة » . وججائب 
الوزارة موظف آخر اسمه « السياف » . وذلك مظهر من مظاهر الحكومات 
الفارسية القدية » ولم يكن معروفاً في الدولة الأموية . ولقد لعب المنجمون 
دوراً كبيراً في البلاط العبامى » وكان رأيهم هو الأعلى فى شمون الدولة حتى فى 
الحملات العسكرية . ولهذا - من غير شك - أثر من آثار الفرس . وقد نقل 
العباسيون كذلك عن الفرس نظام البريد . يضاف إلى ذلك أن الثقافة الفارسية 
انتشرت أعظم انتشار کا بينا . 


وبعد » فقد قدمت صورة موجزة للعصر الذي سبق عصر ابن قتيبة » وهو 
العصر العبامي الأول . وهذا أمر. ما منه بد . فالمؤرخون يجعلون هذا العصر 
ينتبي بنهاية حكم الواثق عام 75 1ه . وابن قتيبة ولد سنة *١17هاء‏ أي أنه 
سلخ من عمره في هذا العصر تسعة عشر عاماً كان قد بلغ أشده فيها » وقضى 
ولاشك في أن دراستنا لهذه الفعرة من جميع نواحيها تعيننا على فهم الظواهر 
السياسية والاجتاعية والعقلية التي برزت في القرن الثالث الهجري » لأن كل 


NET. 3 


عصر يسلم إلى العصر الذي يليه ويعتير أساساً له . وفي الوقت نفسه ندرك في 
غير عسر العلل التي جعلت ابن قتيبة يتجه في إنتاجه اتجاهاً خخاصاً في الدين 
والعلم والأدب . ولا أجد قولاً جامعاً في وصف هذا العصر من نواحيه الختلفة 
يرا فق هذه العبارة التي قدم بها الكاتب الإنجليزي « تشارلز ديكثر #5اتهط© 
)ء1 » قصة المدينتين « عن الثورة الفرنسية » يقول فيها : » كان ذاك 
العصر خير العصور »› وكان كذلك شر العصور . كان عصر الحكمة . وكان 
عصر الحماقة . كان زمن اليقين » وكان زمن الشك . كان زمن الضياء » 
وكان زمن الظلماء . كان ربيع الأمل » وكان شتاء اليأس . وكان في الغاية 
القصوى إما من الصلاح » وإما من الفساد » . 

تلك العبارة في الواقع تصور لنا تصويراً صادقاً القرن الثالث المجري» 
ويخيل إلينا أنبا تصف عصرين مختلفين » لا عصراً واحداً . 

كانت الدولة العباسية مشرق العلوم والمعارف » وكانت دولة العلم 
والتدوين والترجمة وظهر فيها فطاحل العلماء الذين نبغوا في كل فن . 

وقد تركزت العلوم في القرن الثالث الهجري . وتمثلت المعارف التي 
ترجمت ء واتجه العلماء إلى ناحية التخصص والاتقان بسبب اتساع افاق 
العلم » فظهر المحدثون واللغويون والمشتغلون بالنحو والصرف . والمتخصصون 
في رواية الأخبار ومهما يكن من شيء فلا جدال في أن القرن الثالث الحجري 
كان من أزهر عصور الإسلام من الناحية الغلمية » فقد تم فيه نمو علوم الثقافة 
الاسلامية كلها » ففيه أتمت المذاهب الأربعة في الفقه وظهرت آثار أقطاب 
الحديث » وما من علم قديم أو حديث إلا له أعلام نابغون في هذا القرن حاص 
علوم اللغة والأدب والنحو والرواية ومن الأعلام المشهورين في هذا القرن ابن 
السكيت وابن الأعرابي والجاحظ وأبو عؤان المازني وثعلب والمبرد والزجاج 
وابن الأنباري وابن دريد وابن الأخفش وأبو حاتم السجستاني واين راهوية 
وأبو بكر الصولي وغيرهم وغيرهم ممن لمم درجات عالية في هذه العلوم . 

ومن مؤرخحي هذا القرن من العرب وجغرافيييم البلاذري والبلخي 


~ £۷ - 


واليعقوبي والطبري وابن البطريق ومن الفلاسفة الكندي والفارالي ومن 
الأطباء الرازي وابن ماسويه وممن برزوا في الرياضيات الخوارزمي واضع الجبر 
ولم يكن الأمر مقصوراً على نبوغ هؤلاء الأعلام » بل كانت الثقافة الموسوعية 
قسمة شائعة بين الناس جميعاً » يشارك فيها خاصة الناس وعامتهم وكلهم 
يحضرون مجامعها ومناظراتها وقد شاع ذلك بينم شيوعاً كبيراً . 

وإذا كان لنا أن نرد الفضل إلى ذويه في مجال الكتاب والكتابة العربية فى العصر 
العبابي وجب علينا أن نذكر أن ابن قتيبة ( *7177-71ه ) لأنه أول من 
ألف في الموسوعات العربية ومنها كتاب « أدب الكاتب » ء ثم اتخذ من جاءوا 
بعده هذا الأساس وشادوا عليه موسوعاتهم مثل أبو بكر محمد بن يحبى الصولي 
١‏ هه -5 له ) الذي آلف كتابه ( أدب الكتاب ) فغمز فيه أبن قتيبة 
بالتقصير في كتابه أدب الكاتب وتوسع ابن الصولي في مسائل لم يتعرض ا 
سابقه » كحسن الخط والدواة والقلم وترتيب الكتاب والقراطيس والدعاء في 
الكتاب والمكاتبات وغير ذلك من المسائل الكثيرة التي أغفلها ابن قتيبة . 

ومن بعدهم جاء القلقشندي ( ١١٠۷-٠۸۲ه‏ ) ليصل إلى الذروة السامقة 
في موسوعته المشهورة « صبح الأعشى في صناعة الانشا » إلى المستوى العلمي 
المشهود له به في هذا المجال . 


كتابة الخطوطات العربية 


المقصود بالخطوط العرني هو الكتاب الخطوط بخط عربي سواء كان في 
شکل لفائف او فی شکل دفتر او کتیب أو کراس أو صحف وأیاً کان حجم 
هذا الكتاب . ومن ثب فإن الرسائل والعهود والمواثيق وآلصكوك والنقوش 
تخرج عن حدود هذا الكتاب الخطوط . 

وللمخطوطات العربية أهمية نخاصة في التاريخ الفكري والثقافي العربي » لأنه 
سجل للنشاط الفكري العرني طوال قرون عديدة تمثل أزهى فترات الحضارة 


ANIN 


العربية الاسلامية وهي الفترة التي كان فيها العرب يحملون لواء الحضارة 

الانسانية » وكانت اللغة العربية هي لغة العلم دولياً » فمن المؤكد أن هذه 

الخطوطات تحمل بين طياتها مادة علمية خحصبة قيمة » كانت ومازالت مملاً 
للدرس والبحث من جانب مجموعة من الباحثين والعلماء المشتغلين في جميع 

قطاعات العلوم الاجتّاعية والإنسانية منها والعلوم البحتة والتطبيقية . 

إن المخطوط العرني كتاب الحضارة الإضلامية والعصور الوسطى » والكتب 

لا توجد في أمة من الام إلا إذا تحققت ها عناصر ثلاث مواد يكتب عليها » 

وأدوات يكتب بها » وأناس يعرفون الكتابة والنسخ » وتراث فكري يحرض 

الناس على تدوينه وتداوله » وهذا فإن المقدمة الطبيعية لدراسة نشأة الخطوط 
العرلي » وتطوره هي الحديث عن أدوات الكتابة وموادها عند العرب » ما 
هي » ومتی وجدت ؟ و كيف تطورت ؟ وللإجابة على هذه التساؤلات نذهب 

إلى أن العرب كانوا يكتبون على : 

ر أ) الرق والأديم : والرق هو أجزاء تربع من معدة الحيوانات المجترة كالابل 
والماعز واللمخراف . أما الآديم فهو الجلد المدبوغ ويميل إلى الاحمرارء 
وكانت أفضل أنواع الرق هي جلود العجول الضأن الصغيرة » حيث 
يغسل ثم يدفن في حجر الطباشير للتخلص من شحومه » وبعد ذلك 
يبسط على إطار ويترك يمف . ثم تحلق الشعيرات ويصقل الجلد 
للحصول على سطح بالغ الملامسة يصلح تماماً لأغراض الكتابة وقد 
استخدم في أماكن عديدة من العالم القديم » لقد استخدمه الفراعنة 
والفرس والبابليون » ولم تكن صناعة الرق اختراعاً لدولة معيئة مثل 
البردى » ولكنه كان شائعاً في معظم حضارات العالم القديم . 

(ب) الأكتاف والأضلاع : ونعني بها عظام أكتاف الإبل والأغنام والأجزاء 
العريضة من العظام التي يمكن الكتابة عليها وذلك بعد تنظيفها من 
الشحوم والدهون بفركها في الرمال . 

(ج) اللخاف : وهي قطع الحجارة البيضاء رقيقة السمك والتي تتصف 
بالنعومة والاستواء لأحد سطحيها حيث يمكن استخدامها في الكتابة . 


~14۹4 - 


(د) الكرانيف والعسب : والكرانيف هي الجزء العريض الغليظ لبداية نمو 
جريد السعف نخاصة في الجزء العلوي من النخل وهي في الغالب ناعمة 
الملمس وعريضة تصلح للكتابة عليها » ولعلها كانت من أكثر المواد 
شيوعاً واستعمالاً لتوفرها ورخخصها وسهولة الحصول عليها في صحراء 
الت 

ره) الحرير الأبيض أو المهارق : وهي صحف بيضاء من القماش كانت 
تجلب من الشرق الأقصى مع القوافل التجارية ولذا فإنها كانت غالية 
الثمن ولا يكتب عليها إلا كل أمر عظم خاصة العهود والموائيق . وهي 
صناعة صينية من الحرير الطبيعي الذي يغمس في الأصماغ أو 
الورئيشات لكي يكسبه درجة من الصقل واللمعان ونعومة الملمس . 
فتسهل عليه الكتابة . 

رو) قماش القباطي : وهو نوع من القماش الكتاني صنعته مصر وصدرته 
إلى كثير من بلدان العالم . 

هذه هي المواد التي استعملت في العصر الجاهلي » رغم تأكيد البعض شيوع 
الأمية في شبه الجزيرة وأن العرب لم يكونوا أهل كتابة وقراءة . 

إلا أن نفي معرفة العرب للكتابة قبل الإسلام إلى حد الندرة إخلال بالمنيج 
العقلي السديد ؛ ورد للروايات والشواهد التي تؤكد أنه كان للكتابة العربية 
شأن قبل الاسلام سواء في قلب الجزيرة العربية أم في أطرافها » فلم تعد معرفة 
عرب الجاهلية للكتابة موطن شك ء فإن كثرة منهم في الحاضرةء وقلة في 
البادية كانت تقرأ وتكتب » وجاء في القرآن الكريم ما يفيد معرفة عرب 
الجاهلية قبيل الاسلام القراءة والكتابة » فقد تكررت في كثير من الآيات مادة 
« كتب » وما في معناها وما اشتق منها في القرآن أكثر من ثلثائة مرة » ومادة 

« قرأ » وما اشتق منها نحو من ثمانين مرة , 

وردت كذلك مادة خط وأسماء وأدوات الكتابة : القلم والصحف 
والقرطاس والرق » ولا تعقل مخاطبة القرآن الكريم توما بهذه الآيات لو لم 


55 jo, ~— 


يكونوا على علم وبصيرة بالقراءة والكتابة » والقرآن الكريم أصدق وثيقة تحدثنا 
عن حياة العرب في تلك الفترة . 

ومع كل ذلك فإن الكتابة العربية كانت تنتظر فرصة أخرى أعظم من كل 
الفرص > ألا وهي ظهور الدين الاسلامي الحنيف المعبر عن حضارة جديدة 
يقودها القران الكريم إلى أن يشاء الله . 


الكتب فى عصر النبضة 

فإذا انتقلنا مع تاريخ الكتاب إلى عصر النبضة الأوربية » فإننا نجد أنه عندما 
احترع جوتنيرج الطباعة ( ١475‏ م ) كان النسخ هو السائد فى انتاج 
لكتب . وظل بعد المطبعة لفترة طويلة » ولكن القليل من انتاج الكتب كان 
يطبع بطريقة الطباعة الخشبية التى تكاد تشبه ( الكليشهات ) فى عصرنا هذا » 
ويحدثنا ( أريك دى جرولييه ) بأنه فى السنوات الأخيرة من القرن الخامس 
عشر الميلادى طبعت على الخشب تقاويم » وكتب مزخرفة لتعليم الأبجدية » 
وكتب صغيرة تتألف من عشرين إلى ثلاثين صفحة . وهى تشمل كيبا فى 
الإرشاد الدينى أو كتباً مدرسية أو كتباً فى الطوالع . وكانت الصور عنصراً 
هاماً فى هذه الكتب . ومطبوعات « جوتنيرج » الأولى مطبوعات صغيرة 
شببة بالتى كانت تطبع بالألواح الخشبية » وهى عبارة عن نشر من إثننى عشر 
ية و هة ف اتراك . وقصيدة باللغة الألمانية للكشف عن الطابع » 
وتقويم سنة ١٤١١‏ + واوعة بين مواقع الكراكب غرف الطالع ترح إل ع 
٠‏ م . واتجه الطابعون أو الناشرون الأوربيون ف أعقاب اختراع الطباعة 
إلى طباعة ونشر التراث اليوناني القديم » وف أواخر القرن السادس عشر أصاب 
التى كانت سبياً فى اثراء البندقية » واختفى الأمراء والبابوات المترفون حماة 
الفنون والآداب واضمحل الكتاب الايطالى » وكانت الاضطرابات السياسية 
فى ألمائيا سبباً فى تأخر الكتاب الألمانى . وكانت الحروب الدينية فى فرنسا سيباً 
فى تعويق حركة نشر الكتب . وكانت حركة نشر الكتب ف أوروبا فى القرن 


— ٥إ‎ = 


السابع عشر تحاول تخفيف حدة المنافسة » وتنشيط السوق كلما ألم بها 
الكساد » وتقاوم الرقابة الحكومية القاسية على المطابع . ثم جاء القرن الثامن 
عشر فكان عصر الكتاب الذهبى المطبوع فى فرنسا . وكانت باريس فى تلك 
الآونة المثال الذى يحتذى فى أورويا كلها فى هذا الميدان » فقد سارت على 
نبجها « ليبزج » ومدريد « وبطرسيرج » وكان أثرها ملموساً حتى فى 
أمريكا . وكان القرن الثامن عشر كا هو المعروف فى تاريخ أوربا الحديث قرن 
الثورة الصناعية . ولقد صاحب هذه الثورة تقدم ثقافى واسع النطاق فأصبح 
الكتاب يضم دوائر المعارف » والكتب ذات الأجزاء الضخمة المتعددة , 
والكتاب المطبوع بالألوان والذى يحوى الصور الفنية والخرائط والرسوم » ومع 
الثورة الصناعية ونشأة الطبقة العامة المتعلمة بأ عصر الكتاب الشعبى الساذج 
فى القرن السابع عشر الذى كان يطبع طباعة رديثة » ويحل بصور تافهة » 
ويحوى مضامين مثل التقاويم وتفسير الأحلام والقصص الخرافية . أصبح 
الكتاب الشعبى فى القرن الثامن عشر أجود فى طباعته » ويحوى قصصا أكثر 
تطوراً وتقدماً ما كان عليه كتاب القرن السابع عشر . کا بدأت كتب الأطفال 
ف القرن الثامن عشر أيضاً ‏ ثم كان نجاح الثورة الفرنسية عام ١0٠١‏ » 
وتكسيرها للقيود التى تعوق انطلاق الانتاج الرأسمالى . وانتشار ذلك فى أورويا 
بأسرها » كان ذلك كله خخطوة باهرة فى انتاج الكتاب وانتشاره . 


المؤلف المعاصر وزاده الثقافى : 


المؤلف المعاصر هو الكاتب للمادة التى يمكن أن تطبع سواء كانت هذه 
المادة التأليفية للخاصة أم للعامة . ومن أهم مميزات المؤلف المعاصر الثقافة 
الموسوعية فى مال التخصص للكتابة . فهناك مثلاً المؤلف ف الجال الإعلامى 
للكلمة المذاعة أو الكلمة المرئية وهنآك المؤلف للكتاباللقارىء العام القصصى 
والاخبارى والرواق . 


وهناك المؤلف وصاحب التخصص الدقيق فى مجالات العلوم والآداب 


a OS 


والفنون والتكنولوجيا المعاصرة. ويمثل الفئة الأخيرة أساتذة الجامعات والمراكز 
العلمية المتخصصة الذين يكتبون فى العلوم الختلفة سواء الأكاديية والتطبيقية أو 
فى العلوم الانسانية . 

عادة مايقوم كل مؤلف بممارسة البحث والتأليف على أن طبيعة ذلك البحث 
ودرجة تعمقه عادة ما تختلف اختلافا كبيرا » تبعا لموضوع الكتابة والتألين 
وما إذا كان موجها لجمهور متخصص أو لجمهور عام . وأيا كان مجال التأليف 
فان على المؤلف أن يكون على علم بأضعاف ما يكتبه فعلا حتى يخرج عمله فى 
صورَة "مقنعة , 

ومن المخطورة بمكان على أى مؤلف فى أى مجال الاعتاد على مصدر واحد 
فقط للحصول على معلومة معينة مهما بدا هناك من دواعى الثقة فى هذا 
المصدر . فغالبا ما تقع الأخطاء حتى فى أكثر الكتب مدعاة للثقة . وقد 
لاتكون هذه الأخطاء مسئولية المؤلف الأصلى على الاطلاق » وانما يمكن أن 
تألى نتيجة النقل عن ٠‏ أو نتيجة لخطأ تقع فيه المطبعة فى مرحلة لاحقة عند 
إعادة تصويب بعض الأخطاء . والمؤسف فى هذا الأمر أن مثل هذه الأخخطاء 
بمجرد وقوعها فانها عادة ما تنتقل بحسن نية إذا ما أعتمد مؤلف آخخر على 
الكتاب الأصلى » ويمكن لكتاب هذا المؤلف أن يصبح مصدرا لغيره حتى بعد 
صدور طبعة جديدة مصححة من الكتاب الأصلى . وهناك الأخطاء التى يمكن 
أن تقع نتيجة الاحتلاف فى هجاء أسماء الاعلام أو فى اقتباس أحد الأرقام وهذه 
من الأخطاء التى قد لا يكتشفها القارىء بالضرورة . 

وبالاضافة إلى هذه الأخطاء بكل أنواعها هناك ما يمكن تسميته بتضارب 
معلومات المصادر . وهو من أحطر ما يصادفه المؤلف الباحث التاربخى من 
مشكلات » حيث أنه لابد وأن يصادف حتا فى مرحلة معيئة من مراحل بحئه 
أكثر من تاريخ واحد وأكار من تفسير واحد لحادثة تاريخية معينة . فكيف يمكنه 
أن يحدد المصادر التى يمكن أن يوثق بها ؟ ويتعين عليه فى هذه الحالة - أن 
أمكن - الرجوع إلى المصادر الأصلية المعاصرة للحادثة . وإذا لم يكن ذلك ممكناً 


~ {of — 


فانه اما إن يقم الحجج والأسانيد التى يسوقها مختلف المؤرخين ليحدد أيهم أدعى 
للتصديق » وإما أن يورد تقريرا عن الآراء المتضاربة ويحدد الأسباب التى 
تدعوه لتفضيل إحداها عن الأخرى . 

ولاشك أن وقت المؤلف من أن ما يملك . ومن ثم فانه يتعين عليه أن 
يعرف أين وكيف يحصل على ما يحتاج إليه من معلومات فى أسرع وقت 
وبأكفاً الوسائل وأيسرها . وك يرى المؤرخون فإن المعرفة ضربان » الضرب 
الأول أن نكون على دراية بموضوع معين » والضرب الثانى أن نعرف سبيل 
الوصول إلى المعلومات المتصلة بهذا الموضوع . وف الوقت الذى يتعين فيه على 
المتخصص أن يكون محيطا بكل جوانب تخصصه » فإن إحاطة المؤلف بوسائل 
'الوصول إلى مايحتاج إلى من معلومات أمر غاية فى الأهمية . حتى وإن كان من 
الممكن بشريا اختزان كميات هائلة من المعلومات فى موضوعات متنوعة فى 
ذاكرة شخص ما طول الوقت أو أن يكون موسوعة متحركة » فان معظم 
المؤلفين يتفقون على أن الالمام الواعى بالمصادر المتاحة أمر هام لابد وأن 
يتحقق » وإذا أعوزهم ذلك إلى وجود فئة بحث متخصصة وثقة يمكن الاعتاد 
على خدماتها من أخصاق المعلومات فى المكتبات مما يتيح للمؤلفين فرصة 
تكريس جانب كبير من وقتهم للتركيز فى النشاط الابداعى . 

وف حياته المؤلف العملية يصادف العديد من المهام المتنوعة : ويمكن ثل 
هذه المهام أن تتراوح ما بين مجرد مراجعة بعض الحقائق البسيطة كالتواريخ 
والاقتباسات والاحصاءات والمفردات اللغوية » ومحاولة تتبع أحد الموضوعات 
المعاصرة لاحدى الأحداث التارينية » أو محاولة التعرف الوثيق على الجو العام 
الذى تدور فيه أحداث كتابية الموضوع بعينه . من أجل الوصول إلى الحقيقة . 

وبالنسبة للبحث عن الحقيقة فان المؤلف عادة ما يكون على دراية على وجه 
التحديد بما هو بصدد البحث عنه وما يتوقع العثور عليه فعلا » وعلى ذلك فانه 
إذا حدث أن كان يعرف المصدر الذى يمكن أن يجد فيه المعلومات فانه 
لا يصادف صعوبة تذكر » وكلما تمرس المؤلف فى البحث كلما ازداد خبرة 


~~ 0£ 


بمصادره . وعادة ما يبدأ المؤلف فى أى بحث بالرجوع إلى أحد المصادر الموثوق 
بها » حيث يقوده هذا ا مرجع إلى غيره الذى يقوده بدوره إلى ثالث . وهكذا 
إلى أن يقتنع بأنه قد حصل على كل ما يحتاج إلى معرفته . والصبر والأناة 
والمثابرة من المنصائص التى ينبغى أن يتحلى بها المؤلف المدقق . 

وش المشكلات الأساسية التى يواجهها المؤلف فى بحثه عن الحقيقة أن هذه 
الحقيقة كالأرقام و الاحصاءات غالباً ما تنقادم بمجرد نشرها . وينطبق ذلك أيضاً 
على كل ما يكتب عن الجتمع المعاصر حيث العام فى تغيره المستمر ينمو ويتغير 
بسرعة هائلة يوما بعد يوم . وللتغلب على هذه المشكلة يمكن للمؤلف أن 
يحرص جهد طاقته فى دراسته وتحليله على أحدث ما نشر من معلومات أو 
أحدث ما يتوافر له من بيانات من المصادر الموثوق بها على ألا تنقطع صلته 
بالمصادر التى -حصل منها على هذه المعلومات والبيانات ليتسنى له رصد ما قد 
يتوافر من بيانات جديدة . وإذا كانت هذه البيانات الجديدة لا تغير فيما انتبى 
أإليه من استنتاجات فانه يمكن أن يكتفى بمجرد الاشارة إليها » أما إذا كان من 
شأنها تغيير الأساس الذى بنيتر عليه تحليلاته واستنتاجاته فانه يتعين عليه دراسة 
الموقف من جديد على ضوء ما أستجد من بيانات وهذا هو مجال التأليف 
العلمى الأكاديمى والتطبيقى فى الكيمياء والفيزياء والفلك والرياضيات 
والكمبيوتر والوراثة والأمراض وما إلى ذلك من فروع العلم الختلفة التى ترتبط 
محياة الانسان وتقدمه , 

وهناك مشكلة أخرى يصادفها المؤلف فى تعامله مع الحقائق والأرقام » وهى 
اختلاف الأسس التى يم 'عليها بناء تحليل البيانات من محال لآخر ومن هيئة 
علمية لأخرى . وعلى ذلك فان المقارنة غير الواعية يمكن أن تكون فى غاية 
الخنطورة فى أسوأ الحالات ومضللة فى أحسها . وكا يحدث أيضاأ فى غالب 
الأحيان أن يكون من المستحيل على المؤلف أن يحصل على التحليل الدقيق الذى 
يبحث عنه . وبدون التسلح بالمعرفة الواعية فإنه يفضل عدم الخنوض فى 
الاحصاءات » وحيعا يجد المؤلف أن ما حصل عليه من بيانات لا يتفق تماما 
وسياق معالحته لموضوعه فإن الحل الوحيد أن يقتبس هذه البيانات وأن يضيف 


- ا 100 — 


حاشية توضيحية من عنده . يتمثل ذلك فى محال التأليف ف العلوم الاحصائية 
والاجماعية والادارية والسلوكيات وما إلى ذلك من فروع العلم التى تعتمد على 
قراءة وفهم المعنى من وراء الأرقام والرسوم البيانية والاحصائيات . 

وبالاضافة إلى المصادر الاحصائية » ومعظمها |إن لم يكن كلها من 
المطبوعات الرسمية » هناك الكثير من كتب الحقائق المتخصصة فى معظم 
الجالات » فضلا عن الكتب السنوية الرسمية والكتب السنوية الملحقة بدوائر 
المعارف الكبرى . كل هذه من المصادر التى يمكن الحصول منها على الحقيقة . 
يضاف إليها أيضا أى عمل مرجعى متميز فى طابعه وشمول تغطيته وتتابع 
صدوره . 

والتأليف التارينى بطبيعته أو سع مالا من التأليف عن الحقائق سواء.من 
حيث المواد المتاحة أو من حيث طبيعة الافادة من هذه المواد . وك أنه لا يمكن 
لكاتبين يتناولان نفس الحبكة الروائية ونفس مجموعة الشخصيات أن يكتبا 
قصتين متطابقتين » فانه لايمكن لمؤلفين تاريخيين يتعاملان مع نفس المصادر 
الوثائقية أن يستفيدا من هذه المصادر بنفس الطريقة . فالحقائق الأساسية أو 
الميكل العام واحد ء إلا أنه فى الوقت الذى يحاول فيه أحد المؤلفين استكشاف 
أحد الاتجاهات بشكل أكثر تفصيلا من الآخر » وربما اقتبس بكثافة من احدى 
الوثائق التى لم تحظ من جانب غيره إلا بمجرد إشارة عابرة » فان المؤلف الآخر 
قد يبدى تحيزا لجانب مختلف من البحث على حساب الجوانب الأخرى . 
ويتوقف ذلك على زاوية تناول كل منهما للموضوع » والتى تتوقف بدورها 
على اتجاهات المؤلف وطبيعة الوسط الذى يخاطبه . إن الصفحة المؤلفة باعتبارها 
وسيلة من وسائل الاتصال البشرى للمساس والتأثير فى الفكر والسلوك » 
صفحة خالية من الصوت البشرى » وبخلوها منه تفقد العنصر الذى تستمد منه 
وسائل السينا والراديو والتليفزيون دفياً وتأثيراً . والقارىء للصفحة المؤلفة 
المطبوعة امع و ا نإل يسطيع ادايسيق الكلمات أو يتوقف 
عن بعضها متذوقاً ويستطيع أن يرتد إلى الوراء » ويستطيع أن يسقط 
بعضها . إلا أنها تتطلب مجهوداً للقراءة ومجهوداً للتحليل المستمر وللمشاركة فى 


عمق التجربة ولاشك أن عملية التأليف هى أمانة عظيمة فى عنق كل جيل 
بالنسبة للأجيال التى سبقته » وهذه الأمانة هى أن يقوم هذا الجيل بنقل ماورثه 
من تراث أدلى وعلمى وفنى عن تلك العصور » وذلك بأسلوب جديد وعرض 
جديد للظروف نحيطة بالأمة . وبهذه الطريقة تصل هذه الأمة ما فيها 
بحاضرها » وتجعل من جهود أسلافها فى شتى العصور سلسلة متصلة الحلقات 
يمكن أن تعطى صورة دقيقة من حضاراتا التى تميزت بها عن سائر 
الحضارات . ْ 

المستقبل ( 186166 ) وهو هنا القارىء . سواء كان ناقدا أو باحثا أو 
قارئا عاديا . وقارىء الكتاب بصفة عامة يمتاز بالبحث عن المضمون الذئ' 
يشبعه . فضلا عن اجادته للقراءة بطبيعة الحال . وغالبا ما يكون محباً للقراءة 
واسع الثقافة » لأن الكتاب بمتاز عادة بالعمق والشمول , والدراسة بين وسائل 
الأعلام امختلفة . ومن الطريف أن الاراء ليس سببا فى اقبال الئاس على شراء 
الكتب . فقد تزهد المجتمعات المترفة فى الكتاب . وتلجأ إلى وسائل أكثر 
ترفيها . مثل أفلام الفيديو والكاسيت والسبب الرئيسى وراء اقبال الناس على 
الكتب هو إزدياد المعدلات التعليمية والارتباط النفسبى بأهمية الثقافة والعلم على 
أساس أنها من عوامل التفرقة بين البشر فى امجتمع الواحد , فكلما كان الانسان 
مثقفاً وقارئاً للكتب كلما كانت له مكانته بين أقرانه »و كلها تميره كإنسانفى 

إلا أن ازدياد المعدل التعليمى قد لا يكون مرتبطا بالحصول على شهادات 
دراسية » فكثيرا ما نجد محبى قراءة الكتب والاقبال عليها من هولاء الحاصام 
على مؤهلات متوسطة أو ما دون » وارتباطهم بالقراءة حباً فى رفع مستواء 
الثقافى من أجل حياة المجتمعات » وليس من أجل الحصول على شهادات دراسر 
أعلى » وإما الارتباط يرجع إلى الاحساس الجمعى بأن إزدياد معدل القراءة 
والثقافة من أهم عناصر التحضر والقدن والارتقاء . 

وقد تكون هناك سمات خاصة للثقافة الوطنية فى مجتمع من امجتمعات تبع| 
للكتاب أو لنوع من الكتب وضعا أكثر انتشارا . فالكتاب الاسلامى يلقى 


oY —‏ سه 


رولجا .نسبيا فى الاقطار الاسلامية أكثر من غيره » ومن الشائع بين كثير من 
المثقفين العرب أن العراقيين من أكثر العرب قراءة للشعر لأمهم أكثر الشعوب 
العربية كتابة للشعر » وأن المصريين من أكثر العرب قراءة للقصة الطويلة . وإذا 
تأملنا تحليلا أمريكيا لازدهار الكتاب فى أوربا عنه فى أمريكا فاننا نجد عمقا 
تاريخيا لهذه الظاهرة ماذا يقول التحليل الأمريكى ؟ يقول : انه ما يلفت نظر 
الأجائب المولعين بالملاحظة أن الأمريكيين ليسوا قراء كتب . وهناك شىء من 
الصدق ف تعميمهم هذا . فبيئا نجد أن الأوربيين قراء كتب » فان الأمريكيين 
يتميزون بقراءة الصحف وامجلات . وفى الصحف اليومية الأمريكية البالغ. 
عددها ٠۷٠١‏ صحيفة حوالى ٠۲‏ صحيفة فقط تصدر ملاحق منتظمة لعرض 
الكتب . وقد فسر بعض مؤرحى الكتب الاحتلاف بين الاتجاهات الى 
يعخذها الأوربيون والاتجاهات التى يتخذها الأمريكيون نعو الكتب » بأنه 
اختلاف يعود إلى الأغراض التى استخدمت الطباعة من أجلها أصلا فى 
القارتين . فيذكر أن الطباعة فى أوربا » قد بدأت فى مجتمعات استقرت طويلا 
باعتبارها وسيلة سهلة وزهيدة الثمن لنشر التراث الأدنى المترام من كنوز 
الخطوطات ف العالم القديم وعالم القرون الوسطى . أما فى أمريكا فقد أصبحت 
الطباعة قوة هامة للدعاية والإعلان عن التعمير والتوسع فى بناء المدن 
المستعمرات . ويضيف « لقد غزت المطبعة الأوربية الفكر أساسا أما المطبعة 
الأمريكية فقد غزت ميادين العمل . وفى أوربا كان معنى الطباعة منذ البداية 
هو الكتب القديمة وكتب الفلسفة والعلم , أما فى أمريكا فقد كان معنى 
الطباعة منذ البداية تقريبا هو الصحف والاعلانات وإدارة الأعمال . 
الرسالة : ( معدو ) وهى هنا ما يتعلق بمضمون الكتاب . ان الأسباب 
- والاعتبارات والسمات التى شكلت لنا حيثيات الحكم على الكتاب بأنه وسيلة 
اعلام » تنطبق كلها على عنصر الرسالة من عناصر العملية الاعلامية فى مجال 
الكتب . وتحديد المفكرين لمفهوم الرسالة بأنها جملة المعلومات والأفكار والمعانى 
والتصورات التى يريد المصدر نقلها إلى المستقبل . هذا التحديد يتمثل تمثيلا 
واضحا فى الكتاب باعتباره وسيلة فكر واعلام بما يحتويه من ثقافة وعلم وفن . 


oA -‏ ع 


وما تتعرض له الرسائل الاعلامية ممن يسمون بحراس البوابات » يتعرض له 
الكتاب » فى بعض الأحيان » ولكن بصورة أقل كثيرا ما تتعرض له الرسائل 
الاعلامية فى الصحف والراديو والتليفزيون . وذلك لعدة أسباب » أوها : 
سيطرة المؤلف على كتابه واعتداده بذلك وثاليها : قصر خطوط شبكات 
الانتقال بين مؤّلف الكتاب وقارىء الكتاب عنها فى الانتقال بين المحرر وبين 
المستمع أو المشاهد أو قارىء الجريدة أو امجلة . وثاليها : لأن الاعتبارات 
النارجية عن المؤلف وفكرته التى يضعها المؤلف فى حسابه وهو يلف كتابا 
أقل مثلا من الاعتبارات الخارجية التى يضعها كاتب « السيناريو » فى حسابه 
وهر يكتب للسينا أو التليفزيون . 

التأثیر : ( ۴۴۲٤٤5‏ ) .ورد الفعل ( ه8 ۴۴۴۵ ) ان هذين العتصرين من 
عناصر العملية الاعلامية يكاد فعلهما أن يصل إلى حد الاندماج بالنسبة 
للكتاب . فالتأثير ورد الفعل لدى ناقدى الكتعب أمرا واحدا » وهما يقتربان من 
'الأمر الواحد لدى القارىء أيضا . والتأثير ,يتميز بالاستمرار بالنسبة للكتاب 
أكثر من غيره من وسائل الفكر الاعلامى الأخرى . 

ويرى المؤرخون أن الكتب وسيلة أعلام ذات أثر بالغ فى حياتنا جميعا . أنها 
دليلنا على الماضى » وهى تساعدنا لفهم أنفسنا » وفهم العالم الذى نعيش فيه › 
وهى تمدنا بالعون لنرسم خخطانا للمستقبل بطريقة أفضل . والكتب هى أداة 
تعليمنا الرئيسية . والكتب وسيلة امتاع الناس فى كافة أعمارهم . 

وحول أثر الكتاب يقول أستاذنا أنيس منصور « أعلم مقدما أن من الممكن 
أن يقرأ ألف شخص كتابا واحدا » ويكون هناك ألف أثر مختلف: . ولكن 
شخصا واحدا يقرأ هذا الكتاب وجخرج منه على الناس بمعنى لم يخطز لأحد على 
بال .. يرجم ذلك إلى فردية وذاتية الانسان التى يتميز بها كإنسان » أرق 
الكائنات وأكملها بالمعرفة » إن الجامعات تدرس التخصصات الختلفة . 
ويتخرج آلاف من المهندسين والأطباء والعلميين والزراعيين » ومع ذلك'فهناك 
فلتات خاصة من هؤلاء يتميزون بما لا يتميز به غيرهم وينجحون ويقودون 


- ١ةهقهاد‎ 


مجتمعاتهم برؤية وشمولية تختلف عن أقرائهم » يرجع هذا إلى كونهم تأثروا ا 
درسوه فى حياهم أكار من غيرهم . 


مفهوم الكتاب ومواصفاته : 


المعرفة الكتاب لابد أن نبدأ بتعريفه . في قواميس اللغة ومعاجمها نهد المعنى 
اللغوي للكتاب . وفي دوائر المعارف قد نصل إلى 'المصسطلج المعاصر لتعريف 
الكتاب . ففي لسان العرب يزودنا ابن منظور برادفات الكتاب » فهو 
ولا ننسى أن الكتاب في بدايته عند العرب لم يكن يعنى فيه بالاختيار » وإنما 
مسألة من هنا ومسألة من هناك . واستطراد لا ضابط له » ومسائل متفرقة في 
الكتاب » ومسائل مجتمعة لا تنضوي تحت موضوع واحد » وذلك ملحوظ في 
كتب « البيان والتبيين » والحيوان > والكامل » فإذا تناولنا كتاب 
« الحيوان » أحسسنا أنه يمثل فوضى التأليف »فهو حينا يتكلم عن الكلب 
والديك » وحيناً يعرض للمفاضلة بينبما » ثم يخرج عن ذلك كله إلى موضوعات 
لا تخطر على بال » فترى المؤلف في أثناء ذلك يسوق كلاما في الإمامة 
والشيعة » وفي الشعر وأثره في القبيلة » واعتزاز العرب بالشاعر » وهكذا الحال 
في البيان والتبيين والكامل . 

ولكن الأمر يختلف في « عيون الأخبار » ففيه يشعرالمرء بأنه بداية لكتب 
الختارات الأدبية التي حطت خطوات واسعة نحو الكمال عند ابن قنيبة » وذلك 
أنه رتب الموضوعات وبوّبها وجمع ما تشابه منها تحت عنوان واحد مثل : 
كتاب السلطان ؛ وكتاب الحرب » وكتاب الطعام » وكتاب النساء ... الج 5 
فإذا تحدث عن السلطان مثلاً يتكلم عن صحبته وادابها» واتقاء شره» 
واحتيار عماله » وكتابه وبطانته » وغير ذلك مورداً في ثنايا ذلك المأثور من 
القول الحكيم والشعر الرائع والنوادر اللطيفة والفكاهة البارعة .. كل ذلك في 
تنسيق بديع . 


~۱ - 


أما في موسوعة ( لاروس ) الفرنسية فإن كلمة كتاب في الفرنسية 1.1056 
مشتقة من الكلمة اللاتينية ٥طا1‏ » والكتاب مجموعة من الأوراق المطبوعة 
والمجمعة في مجلد (©0تنااه/1) واحد أيا كان شكل التجليد . وهناك تعريف آخر 
بأن الكتاب مؤلف من النثر أو الشعر على شيء من التوسع والإسهاب . 
ويعرف الكتاب أحياناً بأنه فرع من المصنفات . والتعريف المجازى للكتاب بأنه 
مصدر من مصادر التعليم والثقافة » وتعبير بسكال (([508ه©) بأن الضمير أعظم 
كتاب في الأخلاق . أما دائرة المعارف البريطانية فترى أنه لكي تحدد تعريف 
الكتاب فمن الضروري أن نبحث عن السمات الثابتة في الكتاب » لكي نصل 
إلى تعريف محدد له . وأبرز سمة للكتاب هي أنه يقصد به أن يكون وسيلة 
اتصال ولقد كان هذا القصد و الغرض من الكتاب في أشكاله امختلفة » منذ 
ألواح الطين البابلية ولفائف البردى المصرية » ثم الكتاب من الرق في العصور 
الرسطى » إلى الكتاب المطبوع على الورق في عالمنا المعاصر ء ثم الميكروفيلم 
وغير ذلك . ويصدق هذا القصد على تنوع محتوى الكتاب » فكتب التراث 
والتفسير والحديث والتراجم تتساوى مع الكتب الصغيرة والمنشورات التافهة » 
يستويان في السمة الرئيسية للكتاب بأنه وسيلة اتصال . والسمة الثانية هي أن 
الكتاب يستخدم الكتابة الهجائية أو نظاماً آخر من الرموز المرئية مثل الصور 
والرسومات والأشكال لإيصال المعنى . والسمة الثالئة هي نشر الكتاب بمعنى 
توزيعه . وعلى ذلك فالكتاب - كا ترى دائرة المعارف البريطانية رسالة على 
قدر من الطول والإسهاب » كتبت بخط اليد أو طبعت وقصد بها الانتشار 
والتوزيع » وسجلت على مواد ورقية » لكنها قابلة للاستمرار والبقاء بدرجة 
توفر إمكانيات الحمل والنقل بسهولة نسبية . والغرض الرئيسي من الكتاب أن 
ل رسا ورا لدان > وهو ذا ال دن جدود اران والكان 
ليحفظ وينقل المعرفة . 

ولقد عرفت منظمة ( اليونسكو ) الكتاب بأنه المطبوع غير الدوري الذي 
تصل عدد صفحاته إلى 49 صفحة على الأقل غير الغلاف . ولكن. هذا 
التعريف لا يعبر عن شيء وإنما هو تحديد للأغراض الاحصائية . وللتفرقة 
احصائياً بين الكتاب والكتيب والنشرة . 


TNS 


يؤحذ على هذا التعريف الأخير أنه لا يعدو كونه تعريفاً سطحياً يستبدف 
الشكل ولا يمس الموضوع وبالتالي يجب اجتنابه وعدم اعتاده كتعريف 
للكتاب . ولعله من العسبر على المرء أن يضع تعريفاً جامعاً مانعاً للكتاب بدون 
أن يميز بين أنواع الكتب والخدمات التي يمكن أن يؤديها الكتاب الواحد في 
أكثر من ميدان وأكثر من وسط . وقد تعرض لهذا الموضوع كتّاب وأدباء 
كثيرون » تجنب أغلبيم وضع تعريف للكتاب . 

وقد يطلق الكتاب على كتاب بعينه فالقران كتاب الله أشهر وأعظم الكتب 
عند المسلمين » ونحن نعلم من كتب الله السماوية التوراة والإنجيل والصحف 
التي أنزلت على إبراهم . والكتاب في عرف النحويين يطاق على كتاب 
سيبويه » وكتاب الموى عند الفراعنة مايجمع في سطوره الطقوس اللازمة 
للميت » وكانوا يضعونه في تابوت موتاهم . والكتاب الذهبي في مدينة البندقية 
في العصور الوسطى هو الكتاب الذي كانت تسجل فيه بحروف من الذهب 
أسماء العائلات النبيلة في ذلك الوقت . 

وعلى ضوء هذه التعريفات المختلفة نجد أنما تؤدي إلى فكرة محورية هي أن 
الكتاب وسيلة أعلام . والقول بأن الكتاب وسيلة إعلام نتيجة منطقية لكافة 
تعريفات الكتاب ونتيجة منطقية لتاريخ الكتاب في الوقت نفسه » ولحاضره 
ومستقبله . : 


أي الكتب وسيلة إعلام ؟ 

إن التساول الجدير بالاهتام هو : هل كل الكتب وسيلة إعلام ؟ أم أن كتباً 
بعينها تعد وسيلة إعلام ؟ 

مادمنا قد قررنا بأن الكتاب وسيلة إعلام فإن ماينطبق على وسائل الإعلام 
ينطبق عليه . فالكتاب بصفة عامة وسيلة إعلام . وهذا القول يوازي القول 
بان التليفزيون وسيلة إعلام » أو أن الصحيفة وسيلة إعلام . والبرنامج العلمي 
الشديد التخصص في التليفزيون وإن حظى بجمهور قليل له صفته الإعلامية › 
والبرامج التعليمية في التليفزيون تعادل الكتاب المدرسي - في عالم نشر الكتب - 


جد 1 اد 


في كثير من الوجوه . ومايقال عن التليفزيون يمكن تطبيقه على الصحف › 
فالمجلات المتخصصة الشديدة التخصص لا صفتها الإعلامية أيضاً . 


نخلص من ذلك إلى القول بأن الكتاب جملة أو الكتاب بصفة عامة وسيلة 
إعلام » ينطبق عليه ما ينطبق على مثيله من الوسائل . وكلما كان الكتاب في 
الثقافة العامة وغير متخصص كلما خاطب جمهوراً واسعاً » وكلما أوغل في , 
التخصص كلما قل جمهوره . وقد يكون التخصص عاماً مثل كتب تربية ‏ 
الأطفال » أو الشعر أو تاربخ الطباعة . وقد يكون التخصص خاصاً مثل طباعة 
النسيج أو بطباعة الرقائق المرئة ( الفلكسو ) . وعلى قدر درجة الفخصص يقاس 
جمهور الكتاب . فكتب الهندسة والطب مثلاً عندما تتناول العلم والنظريات 
العلمية والمعادلات تصبح كتباً علمية وحسب . ولكنها إذا تتناولت المندسة أو 
الطب مثلاً باعتبارها من المعارف العامة وباعتبارها زاداً ثقافياً إنسانياً » أو 
باعتبار ضرورات الحياة اليومية أو الضرورات الاجتاعية فإنها تصبح كنبا في 
الثقافة العامة » وهكذا .. وقد تعودنا أن نربط الحضارة بالثقافة » باعتبارها أهم 
وسيلة يمكنن بها حفظ تراث الإنسانيّة » وأن الكتاب بصورة عامة من صممم 
خصائص الحضارة ومخلداتها . والكتاب هو خلاصة المعرفة الإنسانية التي قام 
بها الانسان في الآداب والعلوم والفنون » وهو دعامة الثقافة والتعللم . 


خصائص الكتاب : 

لعل من أهم ما يبين خصائص الكتاب باعتباره وسيلة إعلام هر إجا 
السوال المتعلق ببويته . ذلك السوّال : هل الكتاب صناعة أم رسالة ؟ 

ولطالما أثير في تاريخ الدراسات الصحفية والصناعية هذا السؤال التقليدي 
المعروف هل الطباعة رسالة أم صناعة ؟ ولقد كانت إجابة السؤّال حتى القرن 
العشرين الميلادي فيها قولان مختلفان . القول الأول يرى أن الطباعة رسالة 
سامية يجب أن تترفع عن الربح وأن القائمين عليبا هم رسل الإرشاد والتوعية 
للشعوب . والقول الثاني يرى أن الطباعة مجرد صناعة مثل غيرها من 


م 


الصناعات ٠‏ وأن هدفها الأول هو تحقيق الربح » بل إنها تملك وسيلة تحقيق 
الربح والنفوذ معا . 

وفي القرن العشرين أصبح السؤال حول رسالة الطباعة وصناعة الكتاب 
ليس بالبساطة الأولى » ولم تعد الإجابة عن السؤال فيها قولان مختلفان . بل 
أصبحت الإجابة تحوي القولين معاً باعتبارهما وجهين لموضوع واحد متلازمين 
ومتفاعلين ومتكاملين . ولأنه تبين أن الطباعة صناعة » ولكنها ذات طبيعة 
خاصة . لأن الجانب المعنوي مرتبط بالجانب المادي ارتباطاً عضوياً » فالمطبعة 
والورق والأحبار تعمل مع الفكر في كل يوم وفي كل عدد وهكذا الكتاب . 
حيث يملك ويباع ويشترئ ويقايض به » وعلى الرغم من ذلك » فإننا لا 
نستطيع إدراجه في قائمة السلع بمختلف أنواعها فالشمن فيه لا ينصب على 
الورق والأحبار وإنما يمند إلى ماوراء ذلك إلى الحتوى والمضمون إن أمكن 

ويرى البعض أن من يقول أن الكتاب رسالة كمن يقول أن الإنسان 
جسد . ومن يقول أنه صناعة كمن يقول أن الإنسان روح . والصناعة الجيدة 
هي التي تجعل كتاياً يروج والصناعة السيئة هي التي تجعل مثيله يفشل . لأن 
تمومات السلعة الجيدة عندما تتوفر للكتاب من ورق جيد وطباعة أنيقة تحقق 
نجاح . وعندما يصبح مثيل هذا الكتاب مطبوعاً بأحرف مشوهة وحبر 
سبىء وتجليد رخيص لا سبيل أمامه غير الفشل والركود . ويؤكد 
التخصصون على أن الكتاب سلعة كسائر السلع ء لايأخذ سبيله إلى الأسواق 
باعتباره رسالة وحسب » وإنما يشق طريقه باعتباره رسالة ذات مضمون 
وبمقوماته وتغليفه » وبسعره المنافس » وتسويقه الناجح وتمويله المدروس » 
وبالإعلان عنه في جميع نطاق الطلب عليه . والكتاب الثقإفي العام الذي لا 
يتمكن من بيع نسخة لا يتمكن بطبيعة الخال من إبلاغ رسالته . فإذا لم يحدث 
اللقاء بين المؤلف والقراء فوق صفحات الكتاب فيالخسارة المؤلف فيما سطر 
من رأي » ويالخسارة الناشر فيما دفع من مال , ويالخسارة الطابع فيما أنجز من 


حر غ1 


ع مج 
لم يستفيدوا منه . 


وإذا كانت الإجابة عن هوية الكتاب توضح لنا شيئاً من حصائصه » فإن 
موقع الكتاب بين حلقات الإعلام أو الاتصال تظهر لنا من خصائصه جانا 
ثانيا . فأين مكانة الكتاب بين دوائر الانصال الشخصي أو الماشر ء ثم 
الاتصال الجماهيري . ثم الاتصال الحضاري ؟ 


نستطيع القول بأن الكتاب يجمع بين فضائل وسيلة الاتصال الجماهيري 
بحكم الأعداد المطبوعة منه » وبين فضائل الاتصال المباشر لأن القارىء لابد 
وأن يخلو للكتاب وأن يتبيأ للقراءة . والكتاب في دائرة الاتصال الحضاري 
يحظى بموقع فريد . وتقف بعض الكتب كأنها علامات بارزة في نقل التراث 
الحضاري من جيل إلى جيل ومن حضارة إلى أخرى . ومثال ذلك كتاب 
( أقوال الآباء ) الفرعوني الأصل ولمجهول المؤلف » والذي فقد أصله 
الهيروغليفي » وترجم من اللغة اليونانية إلى اللاتينية في القرن الخامس الميلادي 
ثم إلى عدد من اللغات القديمة في ظل الكنيسة » وكتاب وصف مصر الذي 
وضعه علماء الحملة الفرنسية » وكتاب الأمير لمكيافيل » وكتاب ألف ليلة 
وليلة » وكتاب الإلياذة » وكتاب كليلة ودمنة . 

ومن أراد أن يرى الصورة الكاملة لضخامة حركة تأليف الكتاب في بداية 
العصر العباسي فليرجع إلى فهرست ابن النديم الذي يعتبر في حد ذاته دليلاً حياً 
وملموساً على كثرة المصنفات والترجمات . ولم تكن كثرة الكتب وحدها هي 
التي تلفت النظر في هذا العصر » وإنغا الذي يسترعى الانتباه حقاً أن كثيراً من 
هذه المصنفات كان يقع في مجلدات ضخمة » يكفي أن نشير إلى تفسير الطبري 
وتاريخه » وإلى كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني » وكتاب مروج الذهب 
الذي ألفه المسعودي في ثلاثين مجلدا .. وغيرها وغيرها ... وليست كارة 
التأليف وضخامتها هي كل ما يبر في هذا العصر » فقد كان يقابلها شغف 
شديد بالقراءة وهو الدافع الحقيقي وراء عجلة التأليف والكتابة . 


¬ 110 - 


وتمثل الترجمة الجانب الأسامي في مجال الكتاب باعتباره وسيلة اتصال 
حضاري . ويحدثنا التاريخ عن اهام العرب بترجمة أهم الكتب اليونانية إلى 
اللغة العربية . وأن حركة الترجمة قد بدأت مع الدولة الأموية ثم بلغت شأناً 
كبيراً في الدولة العباسية » وبخاصة في عصر المأمون الذي اهمم بالترجمة اهتاماً . 
خاصاً » وأنفق عليها بسخاء . 
توسعت الثقافة الإسلامية بعد الفتوح الإسلامية لفارس وتركيا والهند 
والتركستان ومصر ولصقلية وكريت وكان حَمّلّة العلم انذاك أكثرهم من 
العجم » وقد بدأ التوسع الثقافي عن طريق النقل بالترجمة من علوم الأوائل 
كالفرس واليونان والهنود والمصريين وإن اقتصر فى أول الأمر على ترجمة مايتفق 
وحاجتهم مثل الرياضيات والطب » وبعد ذلك شملت الترجمة نواحي المعرفة 
التختلفة » وساعد على ذلك » أن مراكز الثقافة في العالم القديم » كان أغلبها قد 
دل الإسلام وقد بدأت الترجمة في عهد الخليفة العباس أبو جعفر المنصور 
الذي يقال أنه كان أعلم من في عصره » وبلغت الترجمة أشدها في عهد 
الأمون » الذي حرص على نقل التراث اليوناني والفارسي إلى العربية » فكان 
يأخذ منه مايتلاءم مع عقلية العرب » ولكي يتم هذا النقل على أكمل وجه أنشأً 
في بغداد ما عُرف بدار الحكمة أو دار العلم في سنة 6١1ه/.‏ 7٠م‏ جمع فيها 
عدداً كبيراً من النساخ والمترجمين » الذين يتقنون عدة لغات , وألحق بها مكتبة 
ومن أغرب ماوصل إلينا عن هذا الخليفة أنه ترك الجهاد وتداحل مع ملوك 
الروم وأتحفهم بالهدايا لقاء أن يرسلوا إليه بانخطوطات » ما يدل على اهتامه 
بنشر الثقافة والعلم . ففي عهده ترجمت كتب اليونان الكبرى مثل كتب 
أفلاطون وأرسطو في الفلسفة والحكمة وأبقراط وجالينوس في الطباء 
وأقليدس وأرشميدس في الرياضيات واهندسة والميكانيكا وغير ذلك » وبذلك 
نضج الفكر الإسلامي وتوسع بسبب ما جدّ من الثقافات الأجنبية وخاصة وأن 
المسلمين أجادوا التلمذة وهضموا ما ترجموه » وقد كان الاسلام - على عكس 
أديان أخرى - لا يحرّم علوم الآخرين » ويحث على طلب العلم « تعلموا 
العلم » فإن تعلمه لله خشية » وطلبه عبادة » ومذاكرته تسبيح » والبحث عنه 


-155- 


جهاد » وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة » ثم أن العرب هم أصحاب امثل القائل : 
« العلم نور » أما الأحاديث فمنها والعلماء ورثة الأنبياء » وطلب العلم فريضة 
عل كل مسلم . 


ثم جاء الدور على أوربا في بضتها الحديثة لتترجم كتب العرب إلى 
اللاتينية » ولتترجم الكتب اليونانية من النص العربي . ومن هذا الباب الواسع 
كان الكتاب سفير الحضارات . لقد دخلت العلوم أوربا من أسبانيا وصقاية 
وإيطاليا . وذلك بإنشاء مكتب للمترجمين في طليطلة » بدأ منذ سئة ١17١م‏ 
ينقل أهم كتب العرب إلى اللغة اللاتينية » تحت رعاية رئيس الأساقفة 
« ريمون » وكللت أعماله في الترجمة بالنجاح » ولم يتوان الغرب في أمر هذه 
الترجمة في القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر من 
الميلاد . ولم يقتصر الغرب على ترجمة مؤلفات علماء العرب كالرازي وابن سينا 
وابن رشد وغيرهم إلى اللغة اللاتينية ؛ بل نقلت إليها أيضا كتب علماء اليونان 
التي كان المسلمون قد ترجموها إلى لغتهم » كتب جالينوس وأبقراط وأفلاطون 
وأرسطو وأقليدس وأرشميدس وبطليموس » فزاد عدد ما ترجم من كتب 
العرب إلى اللغة اللاتينية على ثلاثمائة كتاب . والحق أن القرون الوسطى لم 
تعرف كتب العالم اليوثاني القدمي إلا من ترجمتها اللغة العربية » وبفضل هذه 
الترجمة أطلعت أوربا على كتب اليونان التي ضاع أصلها اليوناني . وقد وصلت 
الحضارة الإسلامية إلى أوروبا من عدة طرق منها : طريق الأندلس وذلك لأن 
العرب المسلمين استقروا في هذه البلاد حوالي ثمانية قرون بلغت فيا الحضار 
الإسلامية أوجها وكانت تشع من مراكز متعددة مثل قرطبة وأشبيلية وغرناط 
وطليطلة ولما أفل نهم العرب في الأندلس وظهرت حركة استرداد الأرض من 
المسلمين نجد أن الملك الفونسو العاشر الملقب بالحكمم ( ١1784-1178١م‏ ) 
يفتح مدرسة للترجمة في طليطلة لينقل علوم المسلمين إلى الأسبانية والإيطالية 
واللاتينية . طريق آخخر لا يقل عن الأندلس في نقل حضارة الإسلام هو طريق 
صقلية . كان أهلها قد تذوقوا الحضارة الإسلامية » وكان بلاطهم يعج بعلماء 
المسلمين » يشجعون الترجمة لعلوم الاسلام إلى اليونانية والإيطالية » طريق 


~۷ - 


ثالث لتقل الحضارة هو التجارة بين الشرق والغرب عن طريق مصر . 

وفي عالمنا المعاصر تمثل ترجمة الكتب في أغلبها اتجاهاً ذا تدفق واحد » من 
الحضارة الأوربية المعاصرة إلى العالم الثالث . وقليل من كتب العالم الثالث التي 
تحظى بالترجمة إلى إحدى اللغات الأوربية . لذلك كانت ضمن مقترحات مصر 
في مؤتمر السياسات الثقافية الذي عقد في المكسيك خلال يوليو ۱۹۸۲ تحت 
مظلة منظمة « اليونسكو » اقتراح بإنشاء مركز عالمي للترجمة يتبع منظمة 
« اليونسكو » تكون مهمته تلقي ما ترشحه الهيئات الثقافية في دول العام 
الثالث من أعمال فكرية وأدبية وفنية وترجمته في وقت واحد إلى اللغات 
الأوربية » وطبعه ونشره وتوزيعه في كل الشعوب التي تتكلم هذه اللغات » مع 
الالتزام بكل الحقوق الخاصة بالمؤلف ودار النشر الأولى » حتى يمكن تعريف 
المثقف العالمي بإنتاج مثقفي دول العالم الثالث . 

كذلك من الكتب التي نذكر في وسائل الاتصال الحضاري إنتاج 
المستشرقين » والمعاجم المزدوجة اللغة مثل معاجم الياس أنطون الياس » 
والقاموس العصري عربي - إنجليزي . وغيرها الكثير . 

وإذا كانت الدوائر الإعلامية من شخصي إلى جماهيري إلى حضاري قد 
أسهمت في إجلاء خصائص الكتاب باعتباره وسيلة إعلام » فإن مركزاً آخخر 
لدوائر الإعلام من الناحية الجغرافية يظهر لنا خصائص الكتاب . فأين يقع 
الكباب في دوائر الإعلام المحلي أو الإقليمي , ثم الوطني أو القومي , ثم 
الدولي أو العالمي ؟ 

إن الكتاب بصفة عامة لابد وأن يعكس الثقافة التي ينتمي إليها . إن 
الإطلاع على كتاب مدرسي في قواعد اللغة العربية والتعبير في الأزهر المعاصر » 
أو في مر كز من مراكز تعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها يختلف ثقافياً عن 
كتاب مدرسي في قواعد اللغة الإنجليزية والتعبير في مدرسة أمريكية » أو في 
مركز ثقاني أمريكي في قارات العالم . وإذا كان المثل الذي نضربه بقواعد اللغة ' 
فما بالك بالادب مثلا . إن الكتاب محصلة ونتاج لكل من الثقافة والبيئة التي 


-158- 


تمي إليها . ولكن ذلك لا يقف عائقاً أمام انتشار الكتاب من دائرة الإعلام 
محلي أو الإقليمي إلى دائرة الإعلام الوطني أو القومي ٠‏ ثم إلى دائرة الإعلام 
الدولي . بل إن الطعم الخاص والمذاق الخاص للكتاب » باعتباره انعكاساً 
لثقافة ينتمي إليها انعكاساً لبيئة نبت فيبا وخخرج منها يعد عاملاً هاماً في انتشاره 
دولياً ؛ إذا تحققت له شروط النجاح . 


وتحاول الدول من جانب آخر أن تبعل من كتبها وسيلة يمكن الاعتاد عليها 
فى مجال الثقافة والاتصال الاعلامى الدولى . لقد أدركت الجهات المسئولة عن 
الحركة الثقافية والاعلام الدولى والاعلام الخارجى فى وقت مبكر أهمية الكتاب 
باعتباره وسيلة هامة للاعلام الدولى أو الاعلام الخارجى . لد كان من بين أول 
المشروعات الاعلامية التى نظمتها وزارة الخارجية الأمريكية بالتعاون مع 
مؤسسات غير رسمية اصدار كتاب فى عام ١947‏ حول تاريخ الولايات 
المتحدة . وأشرف على اصداره مجموعة من الباحثين فى جامعة ( برنستون ) . 
وتم نشره فى العالم العربى . 

ولقد قامت وزارة الخارجية الأمريكية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية 
بتزويد العديد من المكتبات العربية العامة بمجموعات من الكتب الأمريكية . 
وكان ذلك فى نطاق النشاط الثقافى الاعلامى اللمباشر وغير المباشر » وقد 
استقبلت المكتبات العربية الهبات الأمريكية من الكتب بالترحاب » ويخاصة أنها 
كانت تفتقر إلى الكتب الأجنبية التى انقطعت بسبب ظروف الحرب 
والاقتصاد . 

وفى عام ١41717‏ طورت وكالة المعلومات الأمريكية التى أصبح أمها وكالة 
الاتصال الدولى الأمريكية 115104 نشاطها وذلك باسعناف برناعج ترجمة 
الكتب الأمريكية للغة العربية الذى كان قد توقف فى أعقاب حرب 19519 » 
ثم بانشاء مكتبات بعضها تابع للمؤسسات التعليمية الأمريكية مثل مكتبة 
الجامعة الأمريكية فى القاهرة وفى الاسكندرية وى بيروت . 


ويوضح تقرير الجنة مشكلة لبحث مشكلات الاعلام العالمى فى نطاق 


~114۹ ~ 


« اليونسكو » ( ۱۹۷۷ ) أن الكتب تعتبر وسيلة اعلام جماهيرية أولى , 
فبرغم تطور المنافسة بعد ظهور أشكال جديدة للاتصال بالجماهير ظل عدو 
القراء فى تزايد مستمر . فمن عام ۰ إلى عام ۱۹۷٩‏ زاد انتاج الكتب فى 
العالم زيادة مطردة إلى أن تضاعف , هذا إذا ما أخذنا فى الاعتبار عدد عناوين 
الكتب الصادرة فى كل سنة » أما إذا اعتيرنا عدد النسخ فان الرقم يصبح ثلاثة 
أضعاف ما كان من قبل » وفى منتصف العقد الثامن من القرن العشرين أصبح 
يوجد فى الأسواق أكار من ٥۹۰,۰۰۰‏ کتاب طبعت منها حوالى ثمانية 
مليارات من النسخ » وكان من أهم أسباب هذا الترايد هو التغير الجذرى الذدى 
طرأ بعد الحرب العالمية الثانية على الوسائل الطباعية لانتاج وتوزيع الكتب . 

ان صناعة الكتب تشكل جزءا من القطاع العام والخاص حسب النظام 
السياسى والاقتصادى لأى دولة . وى كثير من البلاد تدخحل هذه الصناعة 
ضمن النشاط الخاص » وان وجد إلى جانبها نشاط حكومى متطور فى هذا 
امال > ومثال ذلك فى الولايات المتحدة : (Government printing‏ 
( 046 وفى المملكة المتحدة ) Her Majesty istan‏ ) أا فى البلاد 
الاشتراكية فنشكل صناعة الكتب جزءا من الاقتصاد الوطنى الموبّه » هذا وقد 
طبقت بعض الدول النامية نظاماً مختلطاً وذلك لسيبين : 

١‏ - عجز النظام الخاص عن [شباع الاحتياجات مما يجير الحكومات على أن 

تتولى بنفسها أمر النشر عن طريق هيئات أو مؤسسات لهذا الفرض . 

۲ - الأهمية القصوى لانتاج الكتب المدرسية . 

وقد دفع الاقتصاد الحديث صناعة النشر إلى الانتقال من الطور الحرفى إلى 
طور الانتاج على نطاق واسع production‏ 5 . وقد أدى هذا التطور 
بكثير من الناشرين إلى الاندماج فى شركات أعلامية أو مالية » بما أدى إلى نتائئج 
سياسية وثقافية هامة على الصعيد الدولى . 

وكانت الطباعة أول وسيلة اعلام جماهيرية صالحه للتصدير > وساعد عل 
ذلك نشاط الناشرين الأوربيين فى خلق الأسواق ٠‏ ثم تأسيس الفروع فى 


۷۰~ 


المستعمرات القديمة . وفى عام ۱۹۷١‏ بلغ حجم الصادرات البريطانية ٠١۴۳‏ 
مليون جنيه استرلينى أى ما يعادل ۰ من مجمووع مبيعات أصحاب دور 
النشر والمكتبات البريطانية . أما صادرات الولايات المتحدة من الكتب فقد 
بلغت حوالى 7٠١‏ مليون دولار فى عام ١517‏ وهى تزداد بمعدل سنوى قدره 
٠‏ . وقد شكلت الكتب المدرسية من أصل هذه الصادرات /١9‏ فى 
المملكة المتحدة و١//‏ فى الولايات المتحدة الأمريكية بها بلغت نسبة الكتب 
العلمية /.۲١‏ والتكنولوجية /١6‏ . وكان من شأن تطور أسواق التصدير هذه 
وبخاصة فى جال الثقافة والتعلم حيث سبب نمو النظم المدرسية ازديادا فى 
الطلب على الكتب وغيرها من المواد التعليمية والمواد السمعية البصرية » ا 
شجع أصحاب الشركات على توسيع وتنويع أسواقهم فى مجال وسائل الاعلام 
الالكترونية . وشرع الناشرون كذلك فى ممارسة أنشطة تتعلق بالمجلات 
التليفزيونية والأفلام وغيرها من المواد التعليمية بالاضافة إلى نشر الكتب وقد 
ساعد هذا الدج على تطوير تىكنولوجيا الطباعة إلى صناعة دولية . وبصورة 
عامة فقد ساعد هذا على ازدهار طباعة الكتاب كاحدى أهم وسائل الاعلام 
المعاصرة . والمشكلة الأساسية التى يواجهها الكتاب على المستوى الدولى 
تتلخص فى أن العالم يشهد اليوم تناقضا بين زيادة انتاج الكتب وبين عدم توافره 
فى البلدان النامية . ويقدر بعض الخبراء الدوليين نسبة الكتب المدرسية من 
اجمالى الكتب المطبوعة فى العالم الثالث بما يتراوح بين /۸٠‏ إلى 58/ . 


ومن أبرز حصائص الكتاب باعتباره وسيلة أعلام أنه ينتمى إلى الاعلا: 
المكتوب أى المطبوع . وهذه السمة التى تتعلق بالخصائص الحسية لوسيلة 
الاعلام لها أهمية بالغة بالنسبة للكتاب . فإذا كان الخبر القصير مثلا يمكن سماعه 
فى الراديو فلا يبدر من فائدته كثيرا عن قراءته فى الصحفية اليومية » فالكتاب 
تستحيل اذاعته فى ( الراديو ) دون أن يبدر معظم مادته العلمية » وتتميز 
الكلمة المكتوبة أى المطبوعة بتحررها من دائرة الاتصال بالتواجد . فالكلمة 
المنطوقة تتطلب انسانا حاضرا . هذا الانسان قبل الراديو كان لابد من تواجده 
قريبا من المتكلم » وأصبح بعد الراديو والتليفزيون لابد من تواجده وقت اذاعة 


NN 


الرسالة الاعلامية . أما الكلمة المكتوبة فإنها تتوجه إلى الشخص الغائب و تحقق 
هدفها الذى تحققه مع الشخص الحاضر . ولعلنا نذكر هنا أن أول من تنبه إلى 
هذا الأمر هو أبو بكر الصولى رحمه الله ( ۲٣۵‏ - ۳۳۹ ه) . الكاتب 
الأديب الأخبارى العلامة والمحدث الفقيه» الملم بعلوم الندسة والفلك إلى 
جانب نبوغه فى علم الشطر نج » وله مؤلفات جمه فى كل هذه المعارف . وقد 
لس أهمية التفرغ والاعتكاف على التدوين والتأليف والتصنيف » أهاناً منه 
بضرورة التأليف والنسخ خدمه للعلماء والأدباء وطلاب العرفة من بعد » ونتج 
عن دعوته هذه أن حرجت لنا الثقافة العربية الاسلامية ثقافة واسعة شاملة ع 
حاويه لمجميع الثقافات التى انعكست على مرأتها » وتغير كل ثبىء فى حياة الأمة 
العربية الثقافية والعلمية .... كارت او المؤلفات وتغيرت المفاهم 
والتصورات » وتغيرت الأذواق والأمزجة » فارتقت ت الأداب والعلوم وعل 
ضوء أن الكلمة المكتوبة تفيد الحاضر والغائب » مبضت الحياة العلمية والثقافية 
نهضة واسعة » وتعددت مجالاتها . 


الكتاب والتراث 3 


يرتبط الكتاب بالتراث ارتباطا وثيقا . لأنه أهم وأكبر وأخطر أوعية 
التراث . وفى عالنا العربى والاسلامى الرباط أوثق . وتبدو كلمة التراث 
ضخمة ومحاطة بشىء من القداسة . فى حين أن التراث عموما يحوى أحيانا 
أشياء عديمة القيمة » بل وأشياء ضارة » ا أن الأغانى الشعبية والرقص 
وحكايات الجدات والأساطير وكافة أشكال « الفولكولور » تصنف ضمن 
التراث . ولكن التراث المرتبط بالكتاب العربى على وجه الخصوص يطلق على 
كنوز المعرفة التى خلفتها الحضارة العربية الاسلامية فى عصور إزدهار . هذا 
بطبيعة الخال غير التراث الفكرى الاسلامى الذى يسير فى حياة الأمة العربية 
سير الدم فى العروق . وهذا التراث قد نحس به وقد لا نحس ولكنه يحكم 
حياتنا المعاصرة إحكاماً شديداً . وهذا الإحكام الشديد ما يجعل مشكلة 
التراث فى حياتنا المعاصرة مشكلة حية مشتغلة متجددة . 


- ۲ - 


ونحن نستخدم تعبيرات متعددة حول قضية واحدة هى أحياء التراث . 
فنقول تحقيق التراث . ونقول مشكلة التراث . ونقول الاهتام بالتراث . 
وهذه القضية لا يكاد مفكر عرب إلا وأدلى فيها بدلوه . 

يقول الدكتور حسين مؤنس التراث يشمل ثلاثة أشياء : تراث بختص 
بالكتب والمؤلفات وتراث العلم الذى انتقل إلى الغرب وبلاد العال م » وأصبح 

جزءا من حضارة العالم وتراث التقاليد والعادات والمأثورات » وهو غير 
مدون فى كتب وإنما يتمثل فى الناس والأشخاص ء فأما تراث الكتب فهو 
تراث جليل لأن أى أمة من الأثم الماضية لم تكتب من الكتب قدر ما كتب 
العرب » ويكفى أن أذكر أننا لقدر اعداد الكتب العربية وأعنى 
( امخطوطات الموجودة فى مكتبات العالم العربى والاسلامى وخارجه ) بدحو 
مليونين من الخطوطات بينا فى المقابل لو أحصينا ما كتبه اليونان والرومان 
فلن نبد أكثر من عشر آلاف مخطوط . ان ترائنا الحضارى العربى الاسلامى 
قد تناول كل نواحى العلم والمعرفة › التى عرفت ف العصور الماضية ولم يترك 
العلماء العرب أو المهددسون أو المعماريون أو الحرفيون أمراً إلا وطرقوه 
وخاضوا فى تفاصيله فالأمة العربية أبدت فعالية ونشاطا كبيرين فى أوج 
تألقها . والمشكلة أن جانبا كبيرا من ترائنا غير محقق ولا مجموع . 

ويفرق بعض الباحثين بين تيارين من التراث تيار يمكن أن نسميه التراث 
المتحفى على حد تعبير البعض . وتيار يمكن أن نسميه التراث الحياقى . وهذا 
التراث الحياتى موصول وموجود فى عروقنا كالدم . إنه التراث المتحرك 
ويمكن تلخيص العلاقة الايجابية بين الكتاب والتراث فى واقعنا العربى المعاصر 
إلى أربعة نقاط رئيسية هى : 

١‏ - تحقيق المفيد هن التراث ونشره والمفيد هنا بمعنى المفيد لحياتنا 
الحاضرة . فالدكتور زكى نجيب محمود » عندما يتناول قضية احياء التراث 
يرى أنه ليس من الأحياء فى شىء اعادة طبع كتاب اصفرت أوراقه فى كتاب 
ابيضت فيه تلك الأوراق . أو نقل ( المادة ) من مخطوط إلى كتاب مطبوع 


سمالت 


دون النظر إلى قيمة الخطوط والفائدة التى يمكن أن تجنى من وراء تحقيقه ونشره 
A‏ أى شىء » وإما المدف من الاحياء أن جخرج قارئه ودارسه بروج 
يستمدها مما قرأ أو درس ليبثها فى حناياه » فإذا هو مصطنع لنظرة جديدة من 
شأنها أن تعقد الأواصر بيننا وبين السلف الذى أحيينا تراثه » حتى لو وقف من 
مضمون إرثه موقف الناقد أو المشكك . فالقارىء لديوان المتنبى ٠‏ مثلا قراءة 
[حياء يجب أن يمخرج منها وقد سرت فى عروقه كبرياء هذا الشاعر القديم . 
وقارىء فكر المعتزلة القراءة نفسها يجب أن يخرج منه إنسانا يعتد بإرادته 
الحرة » التى أسبغت عليه كرامة الانسان » لأنها ألقت كتفيه تبعات الانسان . 
إن هذا التوع من القراءة الاحيائية لا يحول » بأية حال فى أن نقف من شعر 
المتنبى والفكر المعتزلى موقف الناقد البناء الموجه . 


ويرى البعض أن احياء التراث ليس عملا تاريخيا يرتبط بالماضى بل هو عمل 
يرتبط بالمستقبل . إنه ليس زيئة وليس إشادة عاطفية ووفاء للأجداد وإنما هو 
سلاح للغد . إنه نوع من الاعداد ولون من كسب الثقة بالنفس . 

؟ - البحث فى الثراث : أى كتابة بحوث عنه وحوله » ونشرها . لأنه 
جزء من الفكر الانسانى ويرى البعض أن احياء التراث يظل ضرورة علمية 
قومية حضارية انسانية لكل أمة تقدر ما يستحق التقدير من ترائها وتحاول أن 
تفيد منه فى حاضرها ومستقبلها » وتقدمه للانسانية هدايا تم عن مقدار 
مهديها .- 

٣‏ - نقد التراث حتى لا يصبح مثل الآبار المسممة . بغير علامات تحر 
من يشرب منها . أو مثل السير فى حقل ألغام , بغير خريطة تبين مواقع 
الألغام » وسبل تجنبها . 

٠‏ 4 - التتسيق بين البلدان العربية حول احياء التراث ونشره طالما أن 
التراث ملكا للأمة برمتها ينبغى إذن التنسيق بينها فى نشره . ولو فى أبسط 
أشكال التعسيق . ففى معظم البلدان العربية مجالس وجمعيات وهيئات 
رإدارات تعمل فى جال إحياء التراث ونشره . هذا إلى جانب الجامعات 


SAVE 


العربية ووزارات الثقافة والإعلام والإرشاد ومراكز البحوث والناشرين 
فإذا تمكنت الأقطار العر بية والاسلامية بمثلة فى منظماتها المتخصصة فى التربية 
والنقافة والعلوم لق وضع أساس للتعاون وللتعسيق بين هله الجهات 2 
لتحققت فائدة كبيرة . إن جرد إقامة جسور بين هله الجزر المتفرقة يجعل 
محصلة الجهد النهانى هى حاصل جمع الجهود الجزئية ‏ فى حين أن عدم الربط 
ينبا يقلل من جهدها بالتكرار والعشوائية والتخبط . 


الكتاب والرقابة : 


يمثل الكتاب مبذ أقدم العصور الصورة لمخلى للصراع بين الفكرة وبين 
السلطة . ولكل عصر صور الرقابة الخاص به » تلك الصور التى تبدأ بتحريم 
تناول موضوعات معينة , إلى الرقابة الذاتية التى يمارسها عقل وقلب المؤلف فى 
مداخ القهر بصورة تلقائية . ولقد شملت الرقابة فى العصور الحديثة التى 
أعقبت ظهور الطباعة ؛ انشاء المطابع فى حد ذاتها , 6 ارتبطت حرية انشاء 
المطابع مع حرية الصحافة مع حرية نشر الكتب برباط واحد , كانت سلطة 
الدولة وسلطة الكنيسة تنظران إلى الكتب وإلى الصحف باعتبارها تبديدات 
لسلطانهما وكان هنرى الثامن فى عام 854١م‏ مفلا فى انهلترا يحاول السيطرة 
على المطابع بقائمة من الكتب الممنوعة . لقد فرضت معظم الحكومات المستبدة 
فى أوروبا الرقابة على انشاء المطابع فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر . 
وكان الصراع حول حرية الصحافة وحرية النشر للكتب سلسلة متصلة 
الجولات بين المستبدين وأنصار الحرية فى أوروبا بعد اختراع الطباعة . < 
كان النصر الحاسم لأنصار الحرية . بفضل الثورات التى رفعت شعار الخر 
مثل الثورة الفرنسية ۱۷۹۸ . وبفضل الحروب الأهلية مثل الحرب الأهلر 
البريطانية فيما بين عامى ( 15141 - ١5145‏ ) وبفضل الإصلاح الدينى ؤ 
أورويا > والتحرر من السلطان الكنسى الخانق » وتاريخ العلاقة بين الرقا 
والكتاب فى أوروبا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر يحفل بالفاذ 
الختلفة للصراع بين الكتاب وسلطان الكنيسة والسلطان الدنيوى » فكتاب 
الأمبر المشهور لمكيافيل الذى طبع فى عام ١677‏ بترخيص من البابا 


— ¥0 = 


« کلیمنتی » وصفه بعض أساقفة الكنيسة بعد ذلك بأنه كتتب بأصابع 
الشيطان › وفى عام ۱٥۷‏ أصدر البابا بولس السابع منشوراً يلصق فيه الكفر 
لمكيافيل الذى توف قبل طبع الكتاب » وأصبح الكتاب من المحرمات . وطالب 
« الجرويت » فى اقلم « بافاريا » باحراق الكتاب » فى القرن السادس عشر › 
والواقع أنه فى أثر ظهور الطباعة أصدر كبير أساقفة مدينة « مينز » الألمانية 
مهد الطباعة الأول مرسوماً فى عام ٠١۸١‏ بوجوب مراقبة المطابع حماية 
للكنيسة . ثم تلت ذلك مراسم بابوية فى هذا الشأن . وفى عام ١55‏ بدأت 
الكنيسة الكاثوليكية فى نشر قوائمها بالكتب المحرمة . أما فى جامعة باريس 
فكانت كلية اللاهوت بها هى المختصة برقابة جميع المؤلفات الدينية منذ عام 
5 . 

وإذا كانت العلاقة بين الكتاب وبين الرقابة مشكلة عادية فى الكتب العامة 
فائبا مشكلة خخاصة فى الكتب التى تتناول أموراً عسكرية . أو تلك التى 
تتضمن نشر أسرار وخطط ووثائق يحظر نشرها بكل الأعراف الدولية لصالح 
الدولة . م يحظر نشر الكتب التى تنافى العقائد الدينية وتخالف العادات 
والتقاليد والقم الموروثة والتى من شأنها تتفكك أواصر الأمة . وتلك أولى 
مسوليات الرقابة على الكتب والمطبوعات فى أى دولة ذات حضارة أن تحمى 
المبادئ والقمم الخلقية وأن تحافظ على التراث الموروث من العادات والتقاليد 
ذات السمة الترابطية فى الأسرة وامجتمع . 


مكونات الكتاب وأنواعه 


الكتاب ‏ تألفه اليوم ظاهرة حضارية حديثة نسبياً » فلم يبلغ صورته 
الحالية إلا عبر سلسلة من التطورات المتلاحقة . المواكبة للظروف الحضارية » 
الاقتصادية والاجتاعية والتكنولوجية السائدة في كل عصر . ولا مجال 
لاستعراض هذه السلسلة المتصلة من التطورات . وما يبمنا في هذا المقام هو 


يا د 


الكتاب کا هو عليه الآن . من حيث مكوناته الأساسية وتعدد أشكاله وتنوع 
وظائفه . فلا معنى الآن لكلمة « كتاب » مالم نردفها بكلمة أخرى تساعد 
في تحديد و > فهناك الكتاب القهيدي » والكتاب الدراسي والكتاب 
المرجعي ... إلى آخخر ذلك من عناصر التقسم الوظيفي للكتب . أما من حيث 
الشكل فلم تعد الطباعة هي السبيل الوحيد لإنتاج الكتب » فهناك الآن الكتب 
والكتب التي يتم تسجيلها في شكل قابل للتداول بواسطة الحاسبات الألكترونية 
تيسيراً لبعض أفاط تداوها واخحتزانها والإفادة منها . يتركز اهتامنا على الكتاب 
في شكله التقليدي المطبوع من أجل القراءة في أي وقت . 


مكرنات الكعقاب : 


الامام بالمكونات الأساسية للكتاب ووظيفة كل عنصر في هذه المكونات 
وعلاقته بالعناصر الأخرى أمر لابد منه لتحقيق أقصى درجات الإفادة من 
الكتاب . وبصرف النظر عن الإخراج الشكلى للكتاب سواء أكان مغلفاً أو 
مجلدا » فإنه عادة ما يتكون من مجموعة من العناصر الاستهلالية التي تشمل 
صفحة العنوان امختصرة وصفحة العنوان الكاملة » وبيان الطبعات » وحقوق 
الطبع والنشر » والاهداء » والقهيد أو المقدمة » والشكر › وقائمة تصويب 
الأحطاء » وقائمة المحتويات » وقائمة الجداول » وبيان وسائل الإيضاح » م 
يرد بعد ذلك متن الكتاب متبوعاً ببعض العناصر الاضافية المساعدة كالتذييلات 
والحواشي والملاحق والوراقيات وقوام المصطلحات والكشافات وحرد المئن 
والإعلانات . وقد لا نجد كل هذه العداصر مجتمعة في كل كتاب » 6 أن ترتيها 
قد يختلف من كتاب لآخر . هذا بالاضافة إلى خلو معظم الكتب العربية من 
بعض هذه العناصر المساعدة . 

أما عن صفحة العنوان الختصرة فإنها عادة ما ترد بعد الورقة البيضاء التالية 
لغلاف الكتاب أو جلدته » كا أنها في حالة عدم وجود مثل هذه الورقة ترد بعد 
الغلاف مباشرة » حيث تشتمل على الكلمات الأساسية أو الكلمات المفتاحية 


YVES 


لعنوان الكتاب . ويمكن أن يرد في ظهر هذه الصفحة بيان بالكتب الأخرى 
لؤلف الكتاب أو بيان بالكتب الأخرى التي صدرت في نفس السلسلة التي 
يصنفى تمتها الكتاب . 

أما صفحة العنوان الكاملة فإنها عادة ماتشتمل على البيانات الأساسية 
اللازمة للتحقق من نوعية الكتاب » وهي اسم المؤلف والعنوان الكامل للكتاب 
والذي قد يتكون بدوره من عنصرين هما العنوان الرئيسي » والعنوان الفرعي 
والذي يشرح العنوان الرئيسي ويوضحه » فضلاً عن بعض البيانات الأخرى 
كرقم الطبعة وتاريخ النشر واسم الناشر ومكان النشر . ونظراً لأهمية ما تشتمل 
عليه هذه الصفحة فإنها دائماً ماترد حيئا لا يمكن للبصر أن يخطئها وذلك على 
الصفحة اليسرى في الكتب العربية والصفحة العنى في الكتب الأجنبية . 
ويكتئف هذه الصفحة بعض مظاهر القصور في كثير من الكتب العربية » فغالباً 
مايتجاهل الناشرون تاريخ النشر كلية » كا أنهم نادراً ما يميزون بين الطبعة 
والإصدارة أو مجرد إعادة الطبع » فالطبعة الأولى من أي كتاب هي مجموع 
النسخ التي يتم نشرها من هذا الكتاب في أي وقت . ولكي يقال أن هناك طبعة 
جديدة من الكتاب فإن ذلك لابد وأن يكون مقترناً بتغيير في متن الكتاب 
بالإضافة أو الحذف أو التصحيح أو التجديد أو أي شكل من أشكال 
التنقيح . ومالم يحدث شيء من ذلك فإن الأمر مجرد إعادة طبع للمتن في شكله 
الأصلي » والكلمة المناسبة هنا هي الإصدارة وليست الطبعة » حيث يمكن 
للطبعة الواحدة أن تنشر في أكثر من إصدارة واحدة والعكس ليس صحيحاً . 

وظهر صفحة العنوان أيضاً من العناصر الرئيسية وخاصة في الكتب 
الأجنبية » حيث تشتمل هذه الصفحة على بعض البيانات الهامة مثل اسم الناشر 
وعنوانه مالم يکونا قد وردا فعلاً في صفحة العنوان کا يمكن أن تشتمل أيضاً 
على اسم المطبعة وعنوانها . أما البيانات التي عادة مإنصادفها على ظهر صفحة 
العنوان » فهي بيان الطبعات والاصدارات السابقة للكتاب وتواريخها . إذا كان 
الكتاب قد نشر في أكثر من طبعة واحدة أو أعيد إصدار طبعته الأولى . كذلك 
تشتمل هذه الصفحة على ما يسمى ببيان حقوق الطبع والنشر والذي يشمل 


~ YA ~— 


اسم صاحب الحق سواء أكان الناشر أو المؤلف وتاريخ الحصول على هذا الحق » 
وفقاً لاتفاقية اليونسكو لعام ١181‏ والخاصة بالحماية الدولية لمحقوق الطبع 
والنشر . وعادة ما يرد هذا البيان الآن مصحوباً بإعلان يحذر من 
إعادة طبع الكتاب أو أي جزء منه , أو استنساخه بأي شكل كان » أو إختزانه 
في أحد نظم الاسترجاع ... إلى آخر ذلك من أشكال التصرف في المتن دون 
الحصول على إذن كتالي مسبوق من الناشر أو المؤلف . كذلك تشتمل هذه 
الصفحة في معظم الكتب الأجنبية الحديثة على بيانات الفهرسة من المنبع أو 
الفهرسة في أثناء عملية الدشر . ولهذا البيان أهميته الناصة في تيسير مهمة 
المسثولين عن الفهرسة والتصنيف بالمكتبات وهذا البيان أكثر تفصيلاً في الكتب 
الأمريكية منه في الكتب البريطانية وأندر مايكون في الكتب العربية, وفي حالة 
الكتب المترجمة فإن هذه الصفحة يمكن أن تشتمل أيضاً على البيانات الأساسية 
عن الكتاب المترجم بلغته الأصلية . 

والرقم المعياري الدولي للكتاب 1588 من العناصر التي يمكن أن ترد على ظهر 
صفحة العنوان » أو في أسفل الغلاف الأيمن في الكتب الأجنبية » وليس له 
مكان موحد في الكتب العربية . وال هدف من هذا الرقم هو توفير صيغة مختصرة 
للتعبير عن البيانات الأساسية للكتاب » حيث يمكن استعمال هذه الصيغة 
بسهولة في طلب الكتاب . ويتكون هذا الرقم من أربعة عناصر . يدل 
العنصر الأول على اسم الدولة التي صدر فيها الكتاب . ويدل العنصر الثاني 
على الناشر , بينا يدل العنصر الثالث على عبوان الكتاب والعنصر الراب 
للمراجعة . وعادة مايرد الرقم مسبوقاً في الكتب الأجببية بالأحرف الأربى 
التي سبقت الإشارة إلبها » وبعبارة الترقم الدولي , في الكتب العربية . 

والإهداء من العناصر المألوفة في معظم الكتب . وعادة » مايكون بسيطاً 
في شكله . وأنماط الإهداء متنوعة لا حصر هما » فمن المؤلفين من يمدي كتابه. 
إلى أبنائه أو إلى أسرته » ومنهم من يبدي إلى أستاذه » ومنهم من يبدي إلى فئة 
معينة من القراء . 


1۷4 - 


والقهيد والمقدمة والتوطئة مصطلحات مترادفة تقريياً حيث يمكن أن 
تستعمل استعمالاً تبادلياً للدلالة على المدخل الاستهلالي للكتاب . ويمكن أن 
نضيف إلييم مايعرف بخطبة الكتاب في التراث العرني . والهدف من هذا 
الاسجلال هو إلقاء الضوء على الكتاب من حيث أهدافه ومنبجه ومحتواه 
ومستوى المعالجة ... إلى آخر ذلك من عناصر التعريف المبدثي بالكتاب 
ومايمكن أن نتوقعه منه . ويمكن لمثل هذا التقديم أن لا يكون بقلم المؤلف حيث 
يتولاه عنه أحد أساتلته أو آخخر كالمراجع مثلاً أو أحد العلماء البارزين في 
المجال . 


والشكر والتقدير من العناصر المألوفة في بعض الكتب وخاصة ما يشتمل 
منبا على نتائج بحث معين -حيث يسسجل المؤلف امتنانه لمن أشرف على البحث » 
ومن عاون في إجرائه » ومن أسدى النصح وقدم المشورة من الأساتذة 
والزملاء » ومؤلفي المراجع التي استشهد بها ومن هيأ الظروف المواتية 
للبحث ... إلى آخر هؤُلاء ممن يرى المؤلف تسجيل الاعتراف با لهم من 
فضل . ويحدث في غالب الأحيان أن يرد هذا الاعتراف بالفضل في المقدمة . 
)ا أنه يمكن أن يرد في صفحة مستقلة في بداية الكتاب أو في نهايته . 


وتصويب الأخطاء المطبعية أمر غاية في الأهمية , إلا أنه قلما يحظى بالاهتهام 
في الكتب العربية المعاصرة وإن وجد مثل هذا التصويب فإنه عادة ما يرد في 
شكل جدول ببين الخطأ ومكان وروده بالصفحة ورقم السطر والشكل 
الصحيح . ويمكن هذا الجدول أن يرد في بداية الكتاب م هو الحال في الكتب 
الأجنبية أو يلحق بنهاية الكتاب م هو الخال في الكتب العربية . ويحدث في 
بعض الكتب العربية أن تكون الأخطاء المطبعية من الكثرة بحيث يضطر المؤلف 
للتنويه ببعضها تاركاً البعض الآخر لفطنة القارىء . 

وبيان اتويات أو قائمة الغغتويات مصطلح يفسر نفسه بنفسه » حيث 
يهدف لساعدة القارىء الحتمل في التعرف على محتوى الكتاب . وعادة 
ماتشتمل قائمة امحتويات على عتاوين الفصول في تسلسلها المنطقي بالإضافة إلى 


~A. = 


بيان موجز بمحتوى كل فصل » فضلاً عن أرقام الصفحات . ويتفاوت مدى 
التفصيل في هذا البيان من كتاب لآخر . وعادة مايرد في بداية الكتب الأجنبية 
إلا أنه لم يستقر بعد على مكان محدد في الكتب العربية » فتارة نجده في أول 
الكتاب رأخرى في آخر الكتاب وأحياناً في صفحة مستقلة مع بداية كل 
فصل . 

ويحدث في بعض الأحيان أن يكون الكتاب مشتملاً. على جداول 
احصائية أو رسوم ببانية أو خخرائط أو أشكال توضيحية يتطلب الأمر بيان 
مواقعها بمتن الكتاب تيسيراً على القارىء . ويمكن هذا البيان أن يرد في قائمة 
موحدة » ا يمكن أن يرد في قوام مجرأة وفقاً لطبيعة المواد . وعادة ماتشتمل 
هذه القواتم على عنوان الشكل أو الجدول والرقم التي ورد فيبا . وعادة ما يكون 
هذا البيان هو نباية العناصر الافتتاحية أو الاستهلالية في الكتب الأجنبية . وأياً 
كان موضعه فإنه ينبغي أن يكون ملازماً لقائمة امحتويات . 


إلى هنا تنتبي العناصر الافتتاحية ليبدأ أهم عناصر الكتاب على الإطلاق 
وهو المتن . وعادة مايرد هذا المتن وفقاً للتساسل المنطقي الذي اتبعه المؤلف في 
معالجة موضوع كتابه » من حيث التقسم إلى أجزاء أو إلى أبواب والأجزاء أو 
الأيراب إل فصول والفصول إلى مباحث ... إلم . وعادة مانجد في رأس 
صفحات الكتب الأجنبية مايسمى بالعناوين الجارية » حيث يرد عنوان الكتاب 
مختصراً في رأس الصفحة اليسرى يبنا يرد عنوان الفصل مختصراً في رأس 
الصفحة المنى . أما في الكتب العربية فإن الأمر عادة مايقتصر على تسجيل 
عنوان الكتاب مختصراً في ذيل الصفحة الأولى من كل ملزمة مصحوباً برقم 
الملزمة » وذلك لمساعدة المسئولين عن تجميع الملازم تمهيداً للتغليف أو التجليد 
اساسا 

ويحدث في بعض الأحيان أن يرد متن الكتاب متبوعاً ببعض العناصر 
الإضافية أو المساعدة . وفي الوقت الذي نجد فيه معظم الكتب بهم بالعناصر 
الافتتاحية » فإن عدداً قليلاً فقط من الكتب يشتمل على العناصر الإضافية . 


= م - 


هذا بالإضافة إلى أن هذه العناصر الأخيرة لا ترد بترتيب محدد ا هو الحال في 
العناصر الافتتاحية . 

وتأقي التذييلات في مقدمة العناصر الاضافية أو المساعدة . وعادة ماتشتمل 
هذه التذييلات على النصوص الكاملة لبعض الوثائق كالقوانين والمعاهدات ... 
المشار إلها أو المستشهد بها في معن الكتاب . ۴ يمكن أن تشتمل أيضاً على 
جداول البيانات والحقائق التي اعتمد عليها المؤلف في معالجة موضوعات 
الكتاب . 


والحواشي هي أقرب المواد المساعدة إلى التذيبلات إلا أنها عادة ماتكون 
أكثر إيجازاً منبا . ويحدث في معظم الكتب فعلاً أن يضع المؤلف الحواشي أسفل 
صفحات الكتاب أو على جانبي المتن بدلا من إرجائها إلى نباية الكتاب . 
وعادة ماتختلط هذه الحواشي بالإشارات المرجعية التي تشتمل على بيانات 
الوثائق » من الكتب والمقالات التي اطلع عليها المؤلف أو اعتمد في معالجته 
لموضوع الكتاب . وعادة ماترتبط كل من الحواشي والإشارات بالمواضع 
المتصلة بها في النص بالأرقام أو برموز معينة . 

أما. الملاحق , وإن اختلطت عند البعض بالتذييلات » فإنها تتكون أساساً 
من المواد التي كان من الممكن أن يضعها في المتن لو قدر له الإحاطة بها أثناء 
الكتابة . وغالباً ماهد مثل هذه الملاحق في الكتب التي نشرت في إصدارات 
متعددة » حيث يلجا المؤلفون لاضافة الملاحق كوسيلة لتجديد ما تشتمل عليه 
الكتب من معلومات . ويرتبط هذا الأسلوب أساساً بالكتب المرجعية . 


والورافية ( ثبت المراجع ) هن العناصر التي عادة هانصادفها في 
الصفحات النبائية للكتب . والورافية ببساطة عبارة عن قائمة بالكتب › 
وتعنى في هذا السياق قائمة بالكتتب وغيرها من الأوعية المتصلة بالموضوعات 
التي عالجها المؤلف في كتابه , والتي يمكن للقارىء أن يحصل منها على مزيد 
من المعلومات . ويمكن للوراقية الملحقة بالكتاب أن نكون شاملة لكل 
ماصادفه المؤلف هن كتب ووائق متصلة بموضوع الكتاب ٠‏ إو إنتقائية 


¬ 1A۲ 


تقتصر على ما أفاد منه المؤلف فعلاً في تأليف الكتاب , أو ما يعسبره المؤلف 
من المراجع الأساسية في الموضوع . ويحدث في بعض الأحيان أن ترد مراجع 
الكتاب موزعة على نبايات الفصول بدلاً من ورودها مجمعة في نباية 
الكتاب » وغالباً ماتكون في هله المالة قواثم بالكتب المقترحة للحصول على 
مزيد من المعلومات حول المرضوعات التي يعالجها كل فصل من فصول 
الكتاب . كم يحدث في بعض الأحيان أن يمع المؤلف بين الشكلين ( قواهم 
القراءات الملحقة بالفصول والقائمة الموحدة في نباية الكتاب ) للتعريف 
بالمصادر التي اطلع عليا أو تأثر بها في تأليف الكتاب فضلاً عن أوعية 
الإنتاج الفكري الأخرى المتصلة بموضوع الكتاب . 

وهناك بعض الكتب التي تشتمل في نبايتها على معجم اا6 
بالمصطلحات المتخصصة . وعادة مايرد مثل هذا المعجم في الكتب الشاملة 
والكتب الفهيدية في أي مجال » حيث ترد المصطلحات المتصلة بمجال اهتام 
الكتاب » وغالباً ماتكون من المصطلحات التي تعرض لا المؤلف فعلاً . 
مصحوبة بتعريفات موجزة بنفس لغتها . أما في الكتب المترجمة فإن هذه 
المصطلحات عادة ماترد مصحوبة بالمقابلات المقترحة لها باللغة المترجم إليها » 
فضلاً عن ترجمة التعريفات بالطبع . 

والكشافات 150665 من العناصر الأساسية التي غالباً مانجدها في الكتب 
الأجنبية وقلما نصادفها في الكتب العربية . وهناك بعض الكتب التي تشتمل 
على كشاف يشتمل على جميع المداخل الموضوعية من مصطلحات متخصصة 
وأعلام بشرية وجغرافية فضلاً عن أسماء المؤلفين من الأفراد والهيئات في نسق 
هجائي واحد . 5 يحدث في بعض الأحيان أن يشتمل الكتاب على أكثر من 
كشاف واحد ,» حيث يخصص كشاف للموضوعات وآخير للمؤلفين وثالث 
للأعلام مثلاً . وسواء ورد الكشاف مجرأ أو موحداً فإن المداخل عادة ماتكون 
مصحوبة بما يدل على أماكن ورود المعلومات المتصلة بها في متن الكتاب كأرقام 
الصفحات في الكتاب المكون من مجلد واحد . وأرقام الجلدات مصحوبة بأرقام 
الصفحات في الكتاب المكون من أكثر من مجلد واحد . ووظيفة مثل هذا 


- AY — 


الكشاف الهجالي مكملة لوظيفة قائمة المحتويات ٠‏ ففي الوقت الذي تستعرض 
فيه هذه الأخيرة موضوعات الكتاب وفقاً للتسلسل المنطقي الذي التزمه المؤلف 
في معالجة هذه الموضوعات وتحديد علاقتها ببعضها البعض » فإن الكشاف 
يقدم المصطلحات الخاصة بموضوعات الكتاب في تسلسل هجالي . وهذ 
التسلسل الحجائي قد يكون هو المدخخل العملي المناسب لبعض القراء » وخاصة 
من يطلعون منهم بحثاً عن المعلومات المتصلة بقضايا أو موضوعات بعينها » وقد 
لا تسعفهم قائمة الحتويات » وخاصة عند البحث عن معلومات متصلة 
بموضوعات فرعية دقيقة لم تظهر في بيان المحتويات . والهدف من الكشاف © 
هو واضح من تسميته هو الكشف عن أدق تفاصيل الموضوعات التي يعالجها 
الكتاب . 


وأخيراً نأتي إلى نهاية المتن 808م10© وهو آخر العناصر المكونة للكتاب في 
غالب الأحيان . وأصل التسمية في الانجليزية الدلالة على الشكل التوضيحي 
المستخدم كعلامة تجارية للطابع . أما التسمية العربية فتدل على الهرم المقلوب 
الذي يرد في نباية امخطوطة مشتملاً على البيانات الخاصة بنسخ المخطوطة كاسم 
الناسخ ومكات النسخ وتاريخه فضلاً عن عبارات الحمد . وقد ظل هذا 
الأسلوب متبعاً في طباعة كتب التراث في المراحل المبكرة لتطور الطياعة , 
وعادة مايشتمل هذا العنصر إن وجد الآن في الكتب الأجنبية على البيانات 
الخاصة بالطباعة . أما في الكتب المصرية فإنه يشتمل أيضاً على رقم الإيداع 
بدار الكتب المصرية فضلاً عن الرقم المعياري الدولي للكتاب کا سبق أن 
أشرنا . 

ويحدث في بعض الأحيان أن ترد بعض الصفحات الاضافية في نهاية 
الكتاب . وهذه إما أن تترك بيضاء وإما أن يستغلها الناشر في الإعلان عن 


- 1١85 - 


الفصل الرابع 


الناشر ومقتطفات 
من تاريخ النشر وأنواعه 


الفصل الرابسع 
الناشر ومقتطفات من تار النشر وأنواعه 


لكل مهنة أربابها » ولكل صنعة فنية روادها » ورواد صناعة الكتاب هم 
الناشرون لكن إذا تساءلنا من هو الناشر ؟ فلاشك أننا إذا بدأنا الاجابة 
بالحديث عن الناشر فإن جوهر هذا الحديث هو ما نعنيه بالنشر . والناشر هو 
الشخص الحقيفى أو المعنوى الذى يستغمر أمواله فى انتاج الكتب . فهو 
يدفع الأموال للمؤلف ولمترجم والفنان واحرر والطابع وتاجر الورق 
وغيرهم ٠‏ لانتاج الكتب وتوزيعها » کا يدفع الأموال للباعة وللقائمين على 
الإعلان وغيرهم من يعاونونه فى تسويق الكتب وانتشارها توزيعاًء ثم 
يسترد أمواله من بائعى الكتب . وأصحاب المكتبات امحلية والاقليمية » ممن 
يشترون منه الكتاب ء ويدف من ذلك إلى كسب قدر من امال ء أكثر ثما 
أنفق . حتى يحقق ما استهدفه من ربح مطلوب . 

إن طبيعة عمل الناشر فى أى دولة من الدول الغنية أو النامبة أو المتخلفة» 
وأياما كانت المرحلة النى بلغتها الدولة من التطور » ومهما يكن اتجاهها 
الاقتصادى ... لا تختلف ... فلابد من وجود عناصر أربعة فى صناعة الكتاب 
وهی , 

المؤلف والطابع والبائع ثم الشريك الرئيسى فى صاعة الكتاب وهر الناشر 
هذا الشريك هو الذى يمع الشركاء الثلاثة الأخريين معاً » وهو الذى يأخذ 
زمام المبادرة ى صناعة الكتاب . وهؤلاء الأربعة لازمون دائماً » وربما تقوم 
هيئة أر و أو شركة أو يقوم شخص واحد بأكار ع عل واجة بن 
الأعمال الأربعة طؤلاء الشركاء . لكن ذلك لا يغير من الأمر شيعا ء فشمة 
أعمال أربعة رئيسية واضحة يتعين اداؤها وهى :عمل المؤلف وعمل الطابع , 
وعمل بائع الكتب , وعمل الناشر لابد من وجود هذه الأعمال الأربعة حتى 
لو قام بها شخص واحد . وقد يكوں الناشر هيئة أو مؤسسة تتبع الدولة فى 
ملكيتها وإدارتها . وقد يكون الناشر شركة تضامن أو توصية أو حزب سيامى 


- VAY = 


أو جامعةع أو اتحاد أدباء, أو جمعية دينية > أو نادى ثقاقء وما شابه 
ذلك ... من خلال هذه الماذج يصبح لدينا تعبير الناشر يشمل صاحب 
مطبعة » أو صاحب مكتبة لبيع الكتب » ويشمل تعبير الناشر أيضا دور النشر 
ذات السمعة الحلية أو الاقليمية أو العالمية » جميعهم يستوى فى |العرف 
والقانون , فناشر من العالم الثالث لا يدشر إلا كتابا واحداً أو إثنين فى کل عام » 
مثله فى عرف النشر وقوانينه مثل دار هاشيت ١ء٥84‏ الفرنسية التى تملك 
کار من ۳۲./ من سوق الکتاب وفق احصائیات ١946‏ حيث بلغت مبيعاتها 
۷,٥‏ ملیار فرنك فرنسی . ا آنا تسیطر على ۳۸ دار نشر صغری مما تملکه من 
أسهمها. وفى حيازتها كافة المكتبات المحلية الموجودة بمحطات السكك 
الحديدية فى فرنسا إلى جانب ١١‏ ألف كشك توزيع للكتب والصحف 
وامجلات . وهذه تتساوى عرفاً مع الهيئة العامة للكتاب أو دار المعارف بمصر . 

يتضمن النشر إذن ثلاث حلقات متميزة بذاا هى : 
١‏ - تأليف الكتب 
۲ - تصنيع طباعة الكتاب 
۳ - تسويق الكتاب وتوزيعه 

وتعرف دائرة المعارف البريطانية النشر بمعنى صناعة الكتاب بأنه ذلك 
الدشاط الذى يتضمن اختيار المادة العلمية المراد طباعتها ونشرها . ومن ثم 
تجهيزها باحدى وسائل الجمع التصويرى . وطباعتها على هيئة كتاب أو ما 
على شاكلته » لكى تبدأ بعد ذلك فى تسويق تلك المادة المطبوعة . والوظائف 
الحامة للناشرين تتمثل فى اختيار المادة وتنظم واعداد تلك المادة المراد نشرها 
بدءاً من المخطوط وحتى انتاج الكتاب بصورته النهائية من أجل التوزيع » مع 
تحمل المسكولية المالية > وكافة المسئوليات الأخرى المرتبطة بعملية النشر . 

وفى تعريف أخر للنشر : النشر هو كيفية إرسال مادة التأليف بكلماتها 
وصورها ووسائل ايضاحها بعد أن انتجتها عقول المفكرين والمبدعين . عل 
أسناس أن مادة التأليف المتمثلة في الكلمة المقروءة هي إحدى أهم 


¬ AA ¬ 


وسائل الاتصال بين الناس والشعوب ... والنشر بهذا المعنى سلسلة مترابطة 
من حلقات . لايمكن أن نطلق على حلقة منفردة فيها اسم النشر » فعندما 
يتحول المخطوط إلى كتاب . ثم يوزع ويباع هذا الكتاب ... هنا يتحقق الدشر 
بمعناه » لأن نشر الكتاب هو كل تلك العمليات الوسيطة مجتمعة وهى عملية 
متكاملة سواء قامت بها مؤسسة أو هيئة أو فرد ... إنها الاجراءات الذهنية 
والعملية المتتالية لترتيب طباعة وتجهيز الكتاب وتنشيط توزيعه من أجل تحقيق 
أقصى حد للانتفاع به كوسيلة اتصال محلية أو اقليمية أو عامية . 


هذه التعريفات تزداد وضوحها إذا عرفنا الوظائف الأساسية لصناعة 
الكتاب والتى يمكن تلخيصها فى النقاط التالية : 


إت 


الوكالات الأدبية فى الدول الغنية والمتقدمة هى التى تمد الناشرين 
بمخطوطات المؤْلفين مجهزة على الألة الكاتبة حتى يسهل جمعها بأى 
أسلوب من أساليب الطباعة المعاصرة . 

الناشرون بامكانياتهم امختلفة المتمثلة فى عقوم المستنيرة بكل المراحل 
الوسيطة لانتاج الكتاب مع افتراض توفر السيولة المالية معهم . 
صناع الكتاب بما فيهم مصففو الحروف » وحفارو الكليشيهات وكتبة 
الجمع التصويرى والطابعون والمجلدون والمزخرفون وجهات التزويد 
بالخامات كالأحبار والورق والأفلام والأسطح الطباعية ومواد التجليد 
وما إل ذلك . 

النقاد » الذين يقدمون عرضا وتلخيصا للكتب الجديدة فى وسائل 
الاتصال والاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كالصحف أو المجلات 
التخصصية . 

وكالات الاعلان المتتخصصة فى خدمات تنشيط المبيعات . 

مكتبات توزيع الجملة والذين يقومون بالتوزيع على المكتبات وتجار 
التجزئة أو على كافة المشترين خاصة طلية الجامعات والمعاهد والمراكز 
والمدارس والأفراد والهيئات والمصالح . 

مكتبات التجزئة فى المدن والأحياء وداخخل أسوار الكليات والمعاهد . 


~144۹ - 


۸ - مشترو حقوق النشر والتوزيع لأنواع معينة من الكتب ومكاتب إعادة 
الطبع , والمحلات والتقابات المهنية ومنتجى الأفلام التعليمية والثقافية 
والترفيبية » والمذيعين والمعلقين وما شابه ذلك . 

هذه الأعمال تمثل ما يقوم به المشتركون فى صناعة وإعداد الكتاب بالترتيب 
السابق » أو باختلاف قليل فى هذا الترتيب ٠»‏ ا يطلق فى بعض الأحيان 

اصطلاح دور الطباعة والنشر والتوزيع للدلالة تجاوزاً عن صناعة الكتاب » 

ولكن تجارة الكتب فى التعبير الدقيق تطلق على توزيع الكتب وحسب » وقد 

تعنى بيع الكتب القديمة والمستعملة . 


لحات من تارم الدشر 

وإذا عدنا إلى تارج النشر القديم , جد أنه يبدأ بمعناه العام فى مصر القديمة , 
وفى الدولة البابلية الأشورية بالعراق القديم , وفى الحضارة الصينية التى ابتدعت 
صناعة الورق قبل الميلاد بسبعة قرون » وف الحضارة اليونائية التى قامت على 
أساس المنطق العقل » تلك هى الحضارات التى عاصرت بعضها والتى کان 
ينتشر فيا الكتاب حيث يرتبط بالمراكز الدينية والتعليمية کا حدث فى العصور 
الوسطى . 

وينبغى أن نضع ف الاعتبار أن حركة التأليف فى الحضارات القديمة كانت 
تتمثل فى كتب الكهنة بما تحويه من مدونات دينية ومجموعات من الأمثال , 
وقواعد سلوكية وأقوالاً فى السحر والعلاج والفلك والتدجيم . وكانت حر كة 
التأليف فى تلك الحضارات القديمة إلى جانب ذلك تضم شيعا من الأدب 
الدنيوى » قصصا وقصائد وأشعار وما شابه ذلك . وينبغى أن نضع ذلك فى 
الاعتبار لنفرق بين عمل التأليف الدنيوى الذى كان النشر فيه قاصراً مع عدد 
محدود من النسخ للملك وحاشيته . وبين كتب دينية تنتشر على نطاق واسم 
حدا ويكتسب الكهنة من نشر هذه الكتب الربح الكثير . 

الدشر فى الحضارة المصرية القديمة : بدأ المصريون القدامى تشييد إحدى 


--۰ 


أقدم الحضارات فى العالم على ضفاف تبر النيل فى بداية الألف الخامس قبل 
ايلاد » ومع بداية عصر الأسرات سنة ٠٠٠٠١‏ ق . م شهدت مصر قفزة 
حضارية هائلة » تؤكدها أهرامات الجيزة التى لاتزال احدى عجائب الدنيا 
السبع . استتخد.م المصريون الكتابة الميروغليفية لتدوين علومهم وأفكارهم على 
أوراق البردى وجدران العابد » وقد تطورت هذه الكتابة إلى الميراطيقية ثم 
اختزلت إلى الديموطيقية من أجل مزيد منالنشر والكسب حيث أصبحت لغة 
الشعب وتدل دراسة الأثار والبرديات واللوحات الجدارية » أن قدماء للصريين 
أحرزوا تقدما ملموساً فى علوم الفلك والحساب والطب والعلاج بالأعشاب 
الطبية » وغيرها» كا أنهم مهروا فى الرسم والنحت والعمارة والتحنيط » 
وأتقنوا صناعة الحلى والزجاج الملون . وبرعوا فى التعدين والنجارة والتطععم 
بالصدف والعاجج » وكانوا أول من دبغ الجلود وتسج الملابس الكتانية بمهارة . 
ويرى كثير من المؤرخين أن قدماء المصريين كانوا أول من عرف الكتابة 
والكتب يقول جورج سارتون فى كتابة تاريخ العلم « أعظم ما قام به 
المصريون الأولون من جهود حضارية هو اختراع الكتابة › اخترعوها 
مستقلة عن غيرها » وينبغى ألا نسى أن اختراعا كهذا بغض النظر عن 
موضع ظهوره › قد وصل إلى مرتبة من الكمال فيما قبل التاريخ , لآن أقدم 
كتابة وصلت إليدا ترجع إلى عصر الدولة القديمة . وقد عرف المصريون 
الحروف الحجائية منذ أواخر الألف الرابع قبل الميلاد » واقترنت معرفتهم لها 
باستخدامهم صفحات البردى والمداد والقلم البوص » وساعدهم ذلك على 
تبيئة مجتمع متميز » عما عاصروه من المجتمعات القديمة تيسرت فيه عملة 
التعلم » وتناقل المعارف » وأصبح فيه لأهل الكتابة شأن كبير» وذلك ٠‏ 
امجتمع الذى صورته المناظر والنقوش والألقاب والقاثيل واللوحات الجداري 
مدذ أوائل عصور الدولة القديمة » فمنذ ذلك الحين لا تكاد تخلو نقوش مقبرة أو 
مناظرها من شخصية تتخذ ضمن ألقابها لقب الكاتب أو ما يدور حوله » وقد 
يكون صاحب هذا اللقب من الكبراء » فيكون وزيراً أو حا إقلم أو قائداً أو 
كاهناً عظيماً . أو رئيساً لبيت الال » أو طبيباً أو ما شابه ذلك » كا أنه قد 


- ۱۹۱ ¬ 


يكون من أواسط الناس فيكون م المشتغلين بالفنون , أو من موظفى القصر . 
أو مس موظفى بيت المال وما سواه من إدارات الحكومة » أو من المشرفين على 
الضياع ٠‏ أو يكون من صغار الطبقة الوسطى كموظفى الضياع » وكتبة 
المعابد » و كتبة الأسواق . 

ومنذ أيام الدولة القديمة » ظلت أحد الأوضاع الأثيرة لدى الكبراء أن تصنع 
هم تمائيل تمثلهم فى سمة الكتاب وفى جلسة التربع التى كانوا يتخذونبها , لأن 
مدلول الكاتب كان يشرف كبار الشخصيات أن يحتفظوا به دائما » حيث كان 
يرادف فى معناه لقب المثقف والمتعلم » ويمكن أن نستشهد هنا بما كان للقب 
« الكاتب » عند العرب من معنى واسع » لأن الغالب على من كان يعرف 
الكتابة أنه يمتلك نعمة التعلم والمعرفة » وكان الكاتب عندهم عزيزاً وفيهم 
قليلاً . 


والواقع على وجه الاجمال أنه ما من شعب قدمم أله التعلم وأهله » أو الكتابة 
والكتاب باكبار وتمجيد أكثر من المصريين القدماء » فقد جعلوا للكتابة ربة 
وهى « سشات » الألحة الكاتبة وتوجوها بزهرة مورقة وبنجمة ذات خمس 
شعب أو نبع ماء » وجعلوا للكاتب رائداً سماويا هو « تحوق » إله العلم 
والمعرفة . وافترضوا لأربابهم الكبار كتبا وكتبة مقدسين فى السماء » يعملون 
ق خدمتهم , وتمنى فراعنتهم منزلة الكتاب فى أخراهم » ووصف بعضهم بأنه 
صاحب الكتاب المقدس » العارف » وظهر بعضهم فى صورة من يحمل أدوات 
الكتابة » اعترافاً منهم بأهمية الثقافة والمثقفين . 

ويعتقد علماء الكتابات الأثرية أن نظام التعلم الاجبارى فى مصر القديمة 
كان فى كل القرى حول طيبة » ويستشهدون على ذلك بالأعداد الوفيرة من 
الكسر واللخاف وقطع البردى التى وجدت ف المعابد » ولدى مداخل بعض 
القبور الملكية » ويعزون استخدام الكسر واللخاف حيث يمكن للتلميذ أن 
يمسح ما عليها ويكتب سواه لعدة مرات » وكان نشاط الكتاب واللنطاطين 
والرسامين مزدهراً فى منف والجيزة حيث وجدت لوحات كثيرة من المنشب 


-199- 


عليها تمارس الكتابة والحساب والرسم ويتضح فيها تجويد الخط عن قصد ء مما 
يو كد تعهد المعلمين للتلاميذ الناضجين فى هذه الفترة . 

النشر فى الصين القديمة : كانت حركة النشر عندهم موازية لا شهدته 
مصر القديمة والحضارة الأشورية البابلية . بدايتها ظهور الفلاسفة » نذكر 
رجلين كان لهما أكبر الأثر فى حياة الصين العقلية هما لاوتس ( 140 ق . م ) 
وكونفوشيوس ( 474-958١‏ ق . م ) يرى لاوقس فيما نشر عنه من كتب 
ضرورة استبقاء الشعب فى جهل مطبق . لكى يظل خاضعاً مطيعاً يقول : 
افرغوا الروؤس واملأوا البطون » وأضعفوا العقول وقووا العظام » فإن فى تعلم 
الشعب القضاء على الدولة » ک) كان لاوتس يندد' بالحرب ١‏ ويحض عللى 
السلام . 


أما كونفوشيوس فوجه همه لنشر تعالمه ف الأخلاق والسياسة والاشادة 
بالواجب » يقول : الواجب أهم شىء يعلم » فهو قانون العقل » وهو المبدأ 
الذى يبدينا إلى المطابقة بين أفعالنا وأقوالنا العقلية » والواجب ثابت وغايته 
تكميل النفس » ويو كد كونفوشيوس على تعلم الشعب مع قصر هذا التعلم 
جمل وجيزة دون شرح ولا دليل » وهو يتفق مع لاوتس فى كراهية الحرب 
ومحبة السلام 3 والأسرة عنده هی الخلية الأولى للمجتمع » وأن الدولة أو 
الإمارة أو الامبراطورية ما هى إلا اجتاع الخلايا أو الأسرء فيجب أن تعيش 
كأسرة كبرى - وأن يكون بينها مثل ما بين أفراد الأسرة الواحدة من محبة 
وتعاون وواجب » وعلى الانسان أن يتجنب الأفراط والتفريط وكلاهما رذيلة » 
وأن يتبع طريقا وسطا . وأن يحيا ليومه , لأن التطلع للمستقبل هم وغم وألم . 

وما يؤكد تأثير تعليمات الفلاسفة فيما نشروه من كتب الكارثة التى الحقها 
الامبراطور الصينى « تشى - هوانئج - فى » عام 7١‏ ق . م بالعلماء 
وانتاجهم ,» وذلك بحرق الكتب وقتل المؤلفين عقابا على أساليب نقدهم 
وتنديدهم للسياسيين . وف تاريخ النشر فى الصين القديمة نلمح الكتب من 


~ 14 - 


التقنيات المتقدمة فى ذلك العصر . مثل استخدام الفرشاة والأفلام البوص 
والألواح الخشبية والحرير الخاص بالكتابة . تلك التقنيات التى مهدت لظهور 
الطباعة بالألواح الخنشبية ثم لاختراع الورق . 

وكان اختراع الورق فى الصين عام ٠١8‏ ميلادية على أيدى تساى لون 751 
مس حدثا له آثار واسعة المدى على النشر رغم أنه لم يحقق هذا الأثر إلا بعد 
قرون حيث أن مكتشفيه أحتفظوا بسريته إلى أن انتزع العرب سر صناعة 
الورق بعد فتح سمرقند وبجخارى وأسر بعض الصناع الصينين عام ۷١١‏ ميلادية 
فى الانتصار الذى حققه القائد الاسلامى صالح بن زياد . وسرعان ما انتشرت 
صناعة الورق فى بغداد والكوفة والبصرة ومصر والقيروان وطليطلة حتى 
دخوله إلى أوربا فى القرن الغالث عشر الميلادى وتقدم فيها مع عصر النبضة 
تقدما كبيراً » وانعكس تقدمه على صناعة النشر وتقدم العالم فى العلوم والآداب 
والفنون . 


نحات عن الدشر فى الدولتين اليونانية والرومانية القديمتين : بدايات الدشر 
بالمعنى العام والتى ترجع إلى اليونانين القدماء تمثل مجردا إئماءات لعملية النشر » 
تنقصها التفاصيل التى اكتسبتها مهنة وصناعة النشر فيما بعد. ويذكر 
المؤرخون أنه فى القرن الخامس قبل الميلاد » كان بعض كبار الكتاب الفلاسفة 
يسخر عبيده الذين يتقنون الكتابة فى النسخ » وأن أفلاطون 518:0 ( /411 - 
۷ ق . م ) أشار إلى ببع الكتب فى الأكاديية . ما تلاحظ أن أفلاطون هو 
الفيلسوف الوحيد الذى وصلتنا كتاباته كاملة تقريبا . وذلك لأن النشاط 
الأدنى كان عاملاً هاماً فى حياته الفلسفية » وقد وصلتنا أيضا معظم كتابات 
أرسطو e J TYY ~ TAS ) Aristotele‏ ) وکتابات شیشرون C۵۲0١‏ 
٤۳ - ۱۰٩ (‏ ق . م ) وسینكا 56164 ( 55 ق . م ) وأوريل 5أنااعنناهم 
1١ (‏ -0٠18م)‏ الفيلسوف الرومافى » وابكتيتيوس 826016005 ( ٥۰‏ - 
ملام ) وأفلوطين sۍەPlotun‏ ( ۲۰۱ - ۲۷۰م ) فیلسوف الاسکندریة 
الشهير المولود بأسيوط . ومن ناحية أخرى نجد أن عدداً كبيراً من الفلاسفة 


ANAS 


والكتاب لم يدون أراءه » وكل ما نعرفه عنهم ما نقله عنهم فلاسفة متأخرون 
من أقوال شفهية » وعلى العموم فإن معظم الكتب المنسوخة السابقة على 
سقراط قد فقدت » ولحسن الحظ ما استنه كتاب اليونان القدامى من سنة سرد 
الآراء السابقة عليهم » ثم انتشرت عادة الكتابة والقراءة مع ازدهار المكتبة العامة 
فى الأسكندرية » ونشأة عدد من لإكتبات العامة والخاصة فى اليونان القديمة » 
ومن هنا كانت بدايات النشر وأصبحت مدينة الاسكندرية فى عهد البطالمة 
ملجأ للعلم » فقد انشأوا فيها متحفاً علمياً جامعاً تقاطر عليه العلماء من كل 
جنس ترعاهم الدولة » وتجزل لهم العطاء » وخحصصت فى هذا المتحف حديقة 
لدراسة النبات والحيوان » ومبنى للتشريح ومرصد للفلكيين . کا حصصوا 
جناحاً لدراسات الأدباء والنحويين والفلاسفة والمؤرخين والعلماء على سائر 
طوائفهم » وفى هذه المكتبة وضع اقلیدس عام ۲۹۰م كتاب مبادىء الهندسة 
ورسالة البصريات » وكان من مشاهير علمائها بطليموس الفلكى الجغراق 
وأمين مكتبة الاسكندرية آنذاك » والذى ظلت جغرافيته تدرس فى أوروبا ١4‏ 
قرناً من الزمان حتى عصر كوبرينق . وعلى الجملة فقد عرفت الاسكندرية فى 
هذه الفترة نشاطاً علمياً ملحوظاً ظهرت فيه وجوه علمية عديدة من أمثال 
أبوللونيوس وجالينوس الطبيب وهيرون الذى يرع فى الميكانيكا » ويلاحظ من 
ناحية أخرى أن الدراسات الفنية والأدبية قد تطورت بفضل رعاية البلاط 
الملكى البطلمى » وأصبحت علوماً توفر عليها علماء متخصصون ووراقون 
ينسخون الكتب لنشرها فى العالم اليونانى . ومترجمون ينقلونها إلى اللغا 
الأحرى » بل لقد ترجمت التوارة فى عهدهم إلى اليونائية » وما شرح فيلون 
السكندرى اليبودى التوراة باللغة اليونانية » وكان قصده من وراء ذلك أن 
يوضح لليونانيين أن كتاب اليهود المقدس يتضمن فلسفة أسمى وأقدم من, 


وقد ازدهر النشر فى الدولة الرومانية مع ارتقاء حركة الأدب فى روما 
القديمة خحاصة فى عهد شيشرون » وکان بعض الناشرين من محبى الأدب 
والقصص والفن والغنام وأشهرهم فى ذلك الزمان بمبوتيس أتيكوس ( ٠١١‏ - 


= ه86١‏ لس 


۲ ق . م ) الذى كانت مكتبته تضم عدداً كبيراً من النساخ المدربين » وكان 
الكتاب الواحد ينسخ منه ما بين ..ه إلى ٠٠٠١‏ نسخة » وكان البردى أو 
الرق هو مادة الكتابة عندهم . ويؤكد بعض المؤرخين مثل ول ديورانت 
وجورج سارتون آنه بحلول القرن الأول اميلادى كانت المكتبة شيئاً هاماً 
وأساسياً فى البيت الرومانى المسيحى . وورد الكثير فى كتابات المؤرخين من 
أوصاف محلات بيع الكتب وأساليب النسخ باستخدام العبيد المدريين والذين 
يتقنون الكتابة من كثرة تخبرءهم ومزاولتهم هذا العمل . 

ويعد أتيكوس أول ناشر تعرفه دراسات تاريخ النشر والكتب » نشر كتب 
حديقة شيشرون وتكفل بنفقات وأجور العبيد الذى يدسخونا . ولكنه لم يكن 
يدفع شيكا لصديقة . ولم يكن ذلك عائقاً للآخرين لاستنساخ نسخ أخرى من 
نفس الكتب » فلم يكن هناك أى تشريع يحمى حقوق التأليف ولم يكن هدف 
المؤلفين الحصول على أرباح مادية من وراء مؤّلفاتهم » وإثما كانوا ييدفون إلى 
إهداء نسخ من مؤلفاتهم إلى الملوك والأمراء والأغنياء ومشجعى التعلم » 
وهؤلاء الذين يبون العلم لذاته وهؤلاء هم طبقة السادة .. ومع ذلك فقد 
تراجع تاريخ النشر فى الدولة الرومانية عند سقوطها وتقهقر إلى الوراء واقتصر 
على قليل من المراكز الدينية التعليمية ... التى نشطت حيث اشتغل الكثير من 
الرهبان والقساوسة فى نسخ الكتب بما لهم من حظ وافر من الوقت بتجويد 
والتحسين تقربا وزلفى للرب فى حياة الاديرة . 


الدشر فى مرحلة ازدهار الثقافة الاسلامية 
الوراقون وامخطوطات : 

نتيجة الحركة الترجمة والتأليف التى ظهرت وازدهرت ف العصر العياسبى 
والتى نقلت إلى العرب التراث اليونافى والرومانى لا نقلت الكثير من 
الحضارات القديمة الفارسية والهندية والصينية والمصرية القديمة وما استتبع ذل 
من كثرة المؤلفات وحرص الناس على التعلم وتناقل الكتب 2 ونتيجة الخدمه 
أهل بغداد لصناعة الورق المطلوب للكتابة والتأليف ظهرت صناعة الوراقة التى 


حت 


تفرع ها الكثيرون ممن عرفوا باسم الوراقين . وكان يمارسها إلى جانب هؤلاء 
عدد كبير من العلماء والأدباء احدثين والمفسرين واللغويين والتجاه 
والقضاة2"؟ . 


الأمور المكتبية والدواوين . والوراق هو من يكتب المصاحف وكتب الحديث 
وغيرها وكانت حوانيت الوراقين تقوم مقام دور النشر فى هذه الأيام يجانب 
قيامها ببيع مواد الكتابة كالمداد والأقلام والأحبار والورق . 

انتشرت هذه الحوانيت فى الأمصار العظيمة العمران مثل بغداد والبصرة 
والكوفة ومصر ومراكش وغيرها . 

ذكر ابن النديم فى الفهرست أن مالك بن دينار ( ٠١١‏ ه ) » وخالد بن 
آهى المياج كانا يكتبان المصاحف فى صدر الاسلام بالأجر وكان الأخير يوصف 
بحسن الخط وكان كاتباً للشعر والأخبار للوليد بن عبد الملك يا كتب مصحفا 
لعمر بن عبد العزيز . 

وقد ترددت أخبار الوراقة والوراقين بكارة ابتداء من أواخر القرن الهمجرى 
الثانى فى عصر الرشيد حيث كان علان الشعونى ناسخا فى بيت الحكمة للرشيد 
والمأمون والبرامكة وكان له دكان لبيع الكتب ونسخها . 

وفي غضون اثقرن الثالث الهجري كان زكريا بن يحيى وراقاً للجاحظ 
وكان محمد بن الحسن بن دينار وراقا لخحنيين ابن اسحق الطبيب . 


ومع بداية القرن الرابع الحمجرى كان أبو موسى الحامضى ( متوفى .اه 
وراقا يوصف بصيحة الخط وحسن المذهب في الضبط وكان محمد عبدالله 
الترحافى ( متوى 78ه ) وراقا ملح انط صحيح النقل » يرغب الناس فى 
خطه . 


e ni |‏ 4< 1-5 
)١(‏ مثل القاضى أبو سعيد السبرافى ( ق 4 )ه كان ينسخ يوميا عشر ورقات يأخذ أجرما 
عشرة دراهم تكفى مثونته ثم يخرج إلى مجلس القضاء أو إلى مجلس التدريس . ويرجع 


¬ ۹۷ - 


ويفهم من ابن النديم أن جودة الخط وصحة النقل ودقة الضبط كانت 
شروطا أساسية للنجاح فى صناعة الوراقة . 


وكان أهل الأندلس أحذق الناس ف الوراقة والمعروفين بضبط وحسن 
الحخط . ونستطيع أن نرجع بتحسين الخط وتجويده والتألق فيه إلى عصر المأمون 
الذى أخذ أصحابه وكتابه بعجويد خطوطهم . فمنذ ذلك العصر أخذت 
الخطوط تكتسب قيمة جمالية جديدة على أيدى النساخين والوراقين حتى 
أصبحت بغداد فى القرن الرابع تباهى بمن فيها من المنطاطين والوراقين : 

وبلغ من كارة الوراقين ببغداد أن أصبح لها سوق يعرف سوق الوراقين » 
ولم تكن تلك الحوانيت مجرد دور للكتابة والنسخ وإنما كانت مجالس للعلماء 
والشعراء وملتقى لطبقات المثقفين ومحبى العلم والمعرفة . وفى ذلك دليل على 
أعمية الدور الذى كانت تلعيه تلك الحوانيت فى مجال الثقافة والمعرفة والبحث 
العلمى » ومن أبرز وراق القرن الرابع الهجرى محمد ابن اسحق النديم صاحب 
كتاب الفهرست الذى صنف من الكتب العربية فى شتى فروع المعرفة 
الانسانية لكثرة علمه وسعة اطلاعه والمامه العزيز » ومن أشهرهم أيضا 
وأوسعهم علما أبو حيان التوحيدى والذى كان يضيق ذرعاً من العمل بالوراقة 
وامتهائها حتى أنه ترك بغداد ورحل إلى الأندلس إلى الصاحب بن عباد ليتخلص 
من حرفته . وربما كان ذلك راجعا إلى طبيعة ألى حيان المنفرة . 


والراجح أن الوراقة كانت حرفة رابحة وأن الأسعار بطبيعتها كانت تتزايد 
وترتفع مع الأيام ولم يكن يقبل عليها إلا المشتغلون بالعلم أساتذة وطلابا ء 
وهؤلاء كانوا عن صناعتهم راضين قانعين » بل نرى كثيراً من العلماء والفقهاء 
والمحدثين يعتمدون على الوراقة فى كسب عيشهم © كانوا يرون فيها مهنة 
شريفة ومورداً للرزق الطيب . وكانت صناعة رائجة وأسواقها نشطة فى 
القرنين الثالث والرابع الهجرى . وكان يفد عليها جميع المشتغلين بالعلم بقصد 
الاطلاع أو الاستنساخ . وعلى من يرغب فى اقتناء نسخة من كتاب عليه أن 
يتفق مع الوراق على السعر والوقت اللازم لعملية النسخ والمراجعة والضبط . 
= ذلك إلى زهده وورعه وحبه التكسب من عمل يده 

راجع تاريخ بغداد : ۷ : ۳٤۲‏ . 


= 1۹۸ ¬ 


وفى مصر كان بعض الوراقين يعملون كموظفين دائمين عند علية القوم 
وففى دار الوزير أنى الفرج يعقوب بن كلسى ( 3١8‏ - ۳۸۰م ) مجموعة 
يكتبون القران الكريم واخرون يكتبون كتب الحديث والفقه والأدب والطب 
والبعض يشكلون المصاحف وينقطونها . وكان الوزير يدفع أجور من يعملون 
عنده من العلماء والوراقين والمجلدين . 

ومع أن حطوط الوزاقين كانت تختلف من فرد إلى آخخر إلا أنها كانت تنسم 
بسمات واحدة تقريبا ومع ذلك فإن أبو بكر الصولى ينقل عن بعض الكتاب 
أن الخط يوصف بالجودة إذا حرج عن نمط الوراقين . 

وكانت سوق الوراقين مركزاً للنشاط العقلى » وكانت حوانيتهم مستودعاً 
لكل ما انتجته القريحة العربية فى شتى فروع المعرفة » بما يعد دليلاً واضحاً مع 
خصوبة الفكر العربى واهتام الناس فى ذلك الزمان بكل ما يلقى فى مجالس 
الاملاء وما يرون فى بطون الكتب من العلوم الدينية والعلوم الدنيوية . 

التأليف وكتابة المسودات سلك المؤلفون العر ب هذه الطريقة . ححيث كان 
يعكف المؤلف على جمع مادته العلمية بالكتابة والمراجعة والتبذيب والتنقيح 
والإضافة والحذف والتبديل كا يشاء » حتى إذا استقامت له الآراء والعبارات 
بيضها فى صورة نهائية هى التى يخرجها للناس بيده . ويذكر ابن النديم فى 
كتابة الفهرست ان ابن دريد المتوفى ١17ه‏ ألف كتابا أسماه أدب الكاتب على 
مثال كتاب ابن قتيبة المتوفى عام 1175ه ويذكر ابن أصيبعة أن الرازى المتوق 
١ه‏ ألف كتاب الحاوى ولكن الأجل لم يفسح له تبيض ما حرره . ويروى 
ياقوت فى كتابة معجم الأدباء ان كتاب الأغانى لألى فرج الاصفهانى المتوى 
1ه أخرج إلى الوراقين ليباع كا كتبه صاحبة بخط التعليق . 

ولذلك هناك من المخطوطات التى يغلب عليها اختلاط الأسطر وكارة 
الشطب وامحو والإلحاق بالحواشى وبذلك نعرف أا مسودة الكتاب الأصل 
فهى أوئق وأقوم من أى نسخة أخرى مهما بلغت من الاناقة وجمال النط 
وحسن الاخراج . 


2 


وربما تراءى للمؤلف بعد تبيض كتابه واخراجه للناس أن يضيف إليه 
جديداً تكشف له بعد التروى والامعان وكثرة التأمل وبعد تام الكتاب » وقد 
تكون هذه الاضافة أسطراً أو بعض فقرات أو قد تكون اضافة كبيرة تستغرق 
جلداً آخر . بعضهم كان يؤثر على نفسه الاضافة على نفس المتن الأصلى وإنما 
يجعل من تلك الاضافات كتابا مستقلاً يحمل فى عنوانه ما يربطه بالأصل . وقد 
تكون الاضافة يسيره بحيث يمكن للمؤلف أن يلحقها بدسخته وبنسخ تلاميذه 
المقربين » أو بما يقع تحت يديه من نسخ الكتاب20 . 

ولعل هذا ما يفسر لنا ما نلاحظه من أن بعض المؤلفين كانوا يتركون أوراقا 
بيضاء فى أخر كل باب من الأبواب لتكون الفرصةأمامهم لاستلحاق مايظهر 
من الخواطر ولاقتناص ما شرد من الأفكار . 

وكان بعض المؤلفين يعودون إلى كتبهم التى سبق أن ألقوها فيعيدون النظر 
فيما كتبوه ويرون الاضافة أو الحذف أحيانا . وهى احدى سمات المفكرين 
حتى وقتنا هذا التردد الفكرى ف التعبير بالكلمة المكتوبة . وهذا ما يحدث 
الآن بالنسبة للكتب المطبوعة التى يعاد طبعها من جديد فى صورة فريدة 
ومنقحة . ويحدثنا التعالبى فى مقدمة كتابه يتيمة الدهر أنه أصدره للمرة الأولى 
سنة 64 هاء ثم تجمعت لديه زيادات واضافات جمه حصلها من أفواه الرواه 
فقكر فى إصداره من جديد على صورة أوفى وأكمل يقول : فجعلت أبنيه 
وانقضه وأزيده وانقصه وأمحوه وابته واندسخة وأنسخه ثم ... واستمررت 
فى تحرير نسخة أخيرة ‏ بعد أن غيرت ترتيها وأحكمت تأليفها » ثم يقرر 
الثعالبى فى وضوح لالبس فيه أن تلك الاصداره الأخيرة تضم أشياء جديدة لم 
تذكر فى الاصدارة الأولى وأنها تتضمن ما لم تتضمنه النسخة الأولى . 

ورا توف المؤلف قبل الانتهاء من كتابة مؤلفه » فيكمل التلاميذ ما بدأه » 


ويرتبونه وينشروه بين الئاس بالاستنساخ » فمعجم العين للخليل بن أحمد 
الفراهيدى أكمله تلميذه الليث بن رافع » وكتاب المسائل نين بن اسحق 


. مثل كتاب نبج البلاغة للشريف الرضى‎ )١( 


جمعه مؤلفه فى مسودات بيض فيبا البعض ثم أكمل حبيشى بن الحسن تلميذه 
وابن أخته ذلك الكتاب وزاد فيه من عنده » ولذلك يوجد هذا الكتاب معنوناً 
باسم المسائل لحن بريادات حبيشى . 
تبيضه » فبيضه ابراهم بين صالح الوراق إلا أنه غلط فيه فى عدة مواضع ذكرها 
ياقوت فى معجم الأدباء . 

ويتصل بہذه النقطة موضوع رواية الكتب واختلاف نصوص الكتاب 
الواحد من مخطوطة لأخرى تبعا لاخمتلاف رواياته . وقد تجلت هذه الظاهرة فى 
أوضح صورها ف كتب الحديث ودواوين الشعر ويرجع ذلك إل الرواة 
والاملاء » وإن كانت الرواية ليست المسكول الوحيد عما نجده من اختلافات 
بين النسخ المخطوطة للكتاب الواحد . وإنما كان الوراقون والنساخون الكتبة 
یشار کون بنصیبہم أيضا » فقد كانوا يتزيدون ويضيفون إلى الكتب ما ليس 
فيها » حتى اشتهر بعض الوراقين بالكذب والاختلاف » ومن الكت اا لم تسلم 
من عبثهم معجم العين الذى زادوا فيه حتى أختل . 

أما ظاهرة الاختلاف نتيجة الاملاء فى مجالس الحواضر الاسلامية خلال 
القرنين الثالث والرابع الهجريين فقد كانت » حتى ليخيل للمرء أن طريقة 
الاملاء هى الأسلوب الغالب فى التأليف خلال هذه الفترة . رغم أنه م يكر. 
يتصدى للإملاء إلا من وثق بنفسه ووثق الناس به » وشهدوا له بالعلم والفة 
وحسن تجويد الخط » فقد كانت الاملاء أعلى وظائف أهل اللغة والحديث 
يقول السيوطى : إن الحفاظ من أهل الحديث أعظم وظائفهم الاملاء . 

وكانت مجالس الاملاء قد بدأت تنتشر وتصبح ظاهرة عامة مع بداية القر 
الثالث الهجرى وتمركزت ف بغداد مقرا لخلافة وم ركز الح ر كة العلمية ومقص 
العلماء والأدباء والفقهاء والفلاسفة من شتى بقاع العالم العربى والإسلامى 
ففى عصر المأمون أملى الفراء المتوفى عام ٠1‏ 1ه كتاب المعاتى » واجتمع 
خلق كثير لم يمكن حصرهم وقيل أنهم بلغوا ثمانين قاضيا . وأن ما أملى عليهم 


1ج 


يحمل على أجمال . ومن أجل هذا ظهرت فة جديدة تعرف يالمستملين وهم 
الذين يرددون كلمات الفقيه العالم وراءه حتى يسمع كتبة الاملاء . 

وكان عدد هؤلاء المستملين يكثر حينا يكار عدد الخاضرين وتبعد المسافة 
بين الكتبه والفقيه وقد اجمعت كل آراء المؤرخين أن تلك المجالس كانت تتسم 
بالأمانة العلمية المنقطعة النظير » وتلك أرق وأروع مظاهر الخلق العلمى 
الأصيل . ومع ذلك فقد كان أكثر العلماء يملون مؤلفاتهم دون أن يعودوا 
لمراجعتها » فكان الكتاب الواحد يتعرض للزيادة والنقصان إذا تكرر القاؤه فى 
أكار من مجلس » وكان الوراقون يقومون بما تقوم به المطابع ودور النشر فى هذه 
الأيام من اصدار النسخ اللازمة للسوق من كل كتاب » وكان عدد النسخ 
يختلف باختلاف اقبال الناس على الكتاب الواحد وحاجتهم إليه كثرة أو قلة أو 
ما بينهما . 


نحات من النشر فى العصر الوسيط 

فى تاريخ الانسائية خمضات كثيرة مختلفة الألوان متباينة المظاهر غير أنه ليس 
هناك شك فى أن النبضة الأوروبية فى العصر الوسيط كانت من أوسعها مجالاً 
واعظمها أَثرأً . يعد بترارك عناومهماءط ( ۱۳۷١ - ۱۳۰٤‏ ) م أول أساتذة 
الأدب الذين وصعوا الحجر الأساسى فى بناء الهضة ورفع الصوت جهرة مناديا 
بالتجديد والاصلاح » فنادى بتعلم اليونانية والعربية وبعض اللغات الشرقية 
الأخرى ونشر مع بعض من زملائه مثال دانتى 298216 ( 1758 - 1891 ) 
بعض المخلفات الرومانية النفيسة أمثال رسائل شيشرون وسينيكا وترجموا الكثير 
من الكتب اليونانية التى امتازت يجمالنها وروعتها مثل الألياذة والأديسة 
ومحاورات افلاطون وف ثنايا الأدب أخذوا يدرسون كل شىء من سياسة 
واجماع وعلم وفن وفلسفة ودين » كان نسخ ونشر الكتب الأدبية هو نقطة 
البدع ومبعث النبضة . وقد صاحب هذه النبضة الأدبية نمضة فنية تمغلت فى 
الفن الصامت النحت والنقش والتصوير وجعلوه بعيداً عن التعقيد وتجنبوا 
الخيال المفرط » واقتربوا فيه من الواقع الحقيقى قدر الامكان » وى مقدمة 


و جد 


الفنانين الذين كان لهم السبق تلائه متعاصرين حظيت بهم أوروبا وهم ليوناردو 
٠۵۱٩۹ - ۱٤٤٩ ( Leonardo devinci „tJ‏ ) ورفائیل Raphael‏ 
٠٥۲۰ - ۱ £۸۳ (‏ ) ومیکائیل اجلو 14o ) Michel Arglo‏ ¬ 104 ( 
الذين خلفوا أروع التحف الفنية وأقومها » ولم تكن النبضة الأدبية والفنية 
بمعزل عن :بضة أخرى علمية وأصبحت الطبيعة شغل الأديب والعالم والفنان 
على حد سواء - كل يريد التعبير عنها وتحديد معالمها - وكان من نتائج هذا 
ظهور فيسال عام تشريح الأعضاء (*#١ه١‏ - 54ه١)‏ علدوعلا وهارق 
1١58 - ٠١۷۸ ( Harvey‏ ) مكتشف الدورة الدموية الصغرى . وظهر 
كوبرئيق 2005اءم0© ( ٠١٤۳ - ۱٤۷۳‏ ) الذى أكد أن الأرض أحد 
كواكب المجموعة الشمسية وكشف جاليلو 0نانلة6 ( ۱١٤١ - ٠١١4‏ ) 
قوانين سقوط الأجسام وبرهن على حركة الأرض واخترع التلسكوب ء 
واهتدی کیلر ۸1۴۲ ( ۱٦۳۰ - ٠١۷۱‏ ) إلى قوانين حركة الكواكب 
ولاشك أن ظهور هؤلاء جميعها نشط حركة استنساخ الكتب والبحوث . 


ومع نشأة الجامعات الأوروبية فى أواخر القرن الثانى عشر وأوائل القرن 
الغالث عشر الميلادى بدأ نشر الكتب فى أوروبا يحتل قاعدة واسعة . واستقلت 
بمرور الوقت الجامعات الأوروبية عن الكنيسة » مما زاد الطلب على الكتب . 
وما أدى إلى قيام طبقة جديدة من تجار الكتب » والأقلام » وورق الكتابة . 
إلى جانب تجار الكتب المتجولين . وكانت الطبقة الجديدة من تجار الكتب 
ولوازم الكتابة تقوم بامداد طلاب الجامعات بالخطوطات . ثم بتقدم القرون 
الوسطى تزايد انتاج الكتب الدنيوية . وبحلول النبضة » حدئت تغيرات فى 
النشر إذا أصبحت العواصم الأوروبية » وبخاصة برلين وباريس » مراكز هامة 
للنشر» وذلك قبل اختراع الطباعة . وتزايد عدد النساخين وأصبح من 
المألوف أن يوظف الناشر ٠ه‏ ناسخا مرة واحدة » وكان بعض الناشرين يطلق 
على مكان النسخ والتجليد مصنع الكتب . 

ولا جاءت المطبعة حدثت القفزة الباهرة فى عالم الدشر . فقبل اختراع 
الطباعة مباشرة كان عدد الكتب المخطوطة فى أوروبا عشرات الألوف . فلما 


0 


حل عام ١5٠.٠‏ أى بعد نصف قرن تقريبا من الطباعة كان عدد الكتب فى 
أوروبا 4 ملايين كتاب . وهذا الفرق بين الرقمين يبين لنا القفزة الباهرة للنشر 
بفضل الطباعة . 

وكان أغلب هواة الكتب فى بداية عصر الطباعة من المعادين عداوة صريحة 
للكتاب المطبوع . إلى حد أنهم لم يطيقوا أبدا اقتناءه فى مكتباهم . ولكن 
التطور فرض نفسه » فما لبشت أقدام الكتاب المطبوع أن رسخت » ومن ثم 
تحول عدد من الخطاطين والرسامين القدماء إلى طابعين ناشرين أو إلى حفارين 
على الخشب . 


وتلى التطور السريع للطباعة منافسة متزايدة بين الطابعين الناشرين وتجل 
ذلك فى صورة تخفيض أسعار بيع الكتب » وهذا هو السبب فى ظهور مؤلفات 
شعبية مثل كتب الخرافات والوعظ واللمغامرات . وبرغم ذلك فإن جمهور 
الكتب لم يكن كبيرا ولا قادرا على امتصاص ذلك التيار الجارف من الكتب . 
وكان ذلك دافعا لتجوال الطابعين الناشرين بمطابعهم من مدينة إلى أخرى . 
والمعروف أنه حتى سنة 0.٠‏ ١م‏ كان عدد الكتب المطبوعة قد بلغ ثلاثين ألف 
كتاب ثلثها فى المانيا وحدها . وبرغم أن عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب لم 
يتراوح فى أغلب الأحيان من مائة إلى ألف نسخة إلا أنه كان انتاجا ضخما فى 
ذلك الوقت . ولم يحقق ربحا يذكر من الطابعين والناشرين سوى الكبار ممن 
استطاعوا افتتاح الحوانيت على نفقتهم » بالمدن التجارية الكبرى فى أوروبا » 
وكانت تتم بعض عمليات النشر باشتراك طابع وحفار على الخشب وممول » 
وبخاصة فى الكتب الكبيرة ما .حدث عام ١847‏ عندما نشر كتاب تاريخ العام 
لمؤلفه « شدل » باللغتين الالمانية واللاتينية . وكان الربح يقسم بين المشتر كين 
بما فييم المؤلف ولمترجم . وكان بعض طابعى عصر الهضة على قدر كبير من 
الثقافة . كا كان يخدم المطابع المامة بعض العلماء كناشرين ومراجعين . 
وتحولت المراكز التجارية الكبرى فى أوروبا إلى مراكز للنشر بعد انتشار الطياعة 
فيها . 


as‏ اذا ص 


الدشر الحديث 


تنتسب مهنة النشر بمعناها المعاصر إلى القرن التاسع عشر اليلادى » ذلك 
المعنى الدال على مفاهم المهنة وعلى التخصص فى وظائف مهنة النشر حيث 
كانت الحدود قبل ذلك غير فاصلة بين عمل المؤلف وعمل الطابع وعمل موزع 
الكتب . 


معظم الناشرين المعاصرين يشترون خدمات التجهيز الفنى الطياعى من 
السوق المفتوح حيث يقومون بإعداد مادة التأليف بأسلوب الجمع التصريرى 
وتصويرها أفلاما واظهار هذه الأفلام على ألواح حساسة تمهيداً للطبع حسب 
الكميات المرغوب فى طباعتها وتمهيزها بعد ذلك من حيث التطبيق كملازم ثم 
التجميع والتجليد بالأسلوب اليدوى أو الميكانيكى . لكى يبدا الناشر بعد ذلك 
فى توزيع انتاجه على مكتبات الببع ومواقع التسويق للجمهور وكذا أكشاك 
الأحياء وقد يقوم بتصدير كمية إلى البلاد المحيطة أو امجاورة . ' 

ولاشك أن الناشر هو حجر الزاوية فى صناعة الكتاب وتوزيعه . ٠و‏ الذى 
يسعى إلى المؤلفين للحصول على مخطوطات الكتب ويتعاقد ٠م‏ «نؤلفين نظير 
منحهم حق التأليف ولكى يكون له حق النشر والتوزيع . وهو الذى يدفم 
بالخطوط إلى جهات الاعداد والتجهيز الفنى للاعداد الطباعى ٠‏ ثم هو الذى 
يقوم بتحديد الكميات التى توزع على المكتبات الفرعية ... الح أى أنه حور 
عملية النشر برمتها ولن تقوم صناعة الكتاب إلا بوجوده . 

وف تاريخ الكتاب كان الناشر كاهنا ما كان هو الحال فى مصر القديمة ممم 
مؤلفاً أو أدبياً أو وراقا أو خطاطاً وناساً يا فى عصور ازدهار الثقافة 
الاسلامية » ثم بائعا للكتب مع بداية العصر الحديث فى أوروبا » حتى جاء 
القرن التاسع عشر » فأصبح الناشر صاحب مهنة مستقلة » ففى تاريخ الحضارة 
العربية كان كثير من الوراقين يقومون بأعمال الدشر . فكانوا يصنعون الورق 
لتقليل التكلفة » ثم يقومون بنسخ الكتب بأسلوب الإملاء الجماعى » ثم 
يحرصون على تجميع الكتب وتجليدها وزخخرفتها وتزويقها » وقبل كل ذلك 


~o 


كانوا يحرصون على اختيار أشهر الكتب لأشهر المؤلفين لكى يكون العائد علييم 
من بيع هذه الكتب أفضل من غيرها » وكانوا أحيانا يقومون بتسفير الكتب 
النادرة من مكان لآخر مثلما كان يحدث فى كتب المشرق والمغرب . 

وف أوروبا خلال المائة العام الأولى من عمر الطباعة » كان الطابعون 
اصحاب المطابع هم الناشرون » لقد سيطر صاحب ماكينة الطباعة بصورة 
أساسية على صناعة الكتاب وتجارته وتوزيعه بهذه الحرفة الجديدة . فكان سابك 
الحروف من الرصاص والنيكل والانتيمون هو الطابع وربما يكون أيضا امحرر 
ومخرج الكتاب » وهو البائع الموزع , أى الناشر ولم يكن يقع خارج وظائفه 
غير المؤلف وصانع الورق . ومن المعروف تارينيا أن سابك الحروف مهنته 
الأساسية هى صياغة المعادن وال حى وال جواهر . وخيرته فى مجال صياغة وصهر 
المعادن النفيبة هى التى دفعته إلى الصنعة الجديدة وحيث كان الأمل فى أن 
تكون مربحة نتيجة تهافت الناس على شراء الكتب المطبوعة . وإذا كان النشر 
المعاصر ينتسب إلى القرن التاسع عشر الميلادى » فإن ذلك لا ينفى عن النشر 
تاريخه » وأن النشر عمل قديم قام فى الحضارات القديمة » وما يزال مستمراً 
ومتطوراً کا نرى » ويتميز تاريخ النشر بالتفاعل بين التطور التكنولوجى » وبين 
التغير والتطور الاجةاعى » وكلاهما يعزز الآحر . ولقد اعتمد تاريخ الدشر على 
ثلاثة اختراعات أساسية هى : 

اختراع الكتابة » واختراع الورق » واختراع الطباعة 

ا اعتمد تارج النشر على مظهر رئيسى من مظاهر التطور الاجتاعى هو 
انتشار التعليم » فقبل اختراع الكتابة . كانت المعلومات تنتشر مشافهة بين 
الناس » ثم بعد نشأة الكتابة وتطورها » شاركت الحضارات فى تسجيل 
وتدوين العلوم والفنون على البردى والرق وعلى ألواح الطين والحجارة وعلى 
العظام والجلد وما شابه ذلك » کا استخدمت الكتابة فى المراسلات بين الحكام 
وف عقود البيع والشراء . ا دونت الاتفاقيات والعهود والبروتو كولات ذات 
الأ #مية الخاصة . ويشير مؤرخو النشر إلى احتكار الكهئة ورجال الدين فى 


1~ 


الحضارات القديمة لعملية النشر . وأن انتاج الكتب كان مرتبطا بالمعابد الدينية 

وأن كتاب الموق الفرعونى فى رأى المؤرخين هو أقدم كتاب عرفته البشرية من 
تأليف الكهنة وهو بمثابة شهادة وفاة باسم الميت حيث يكتب اسمه فى المكان 
الخالى . وكان يحلى بالرسوم البارعة والألوان الحمراء والمخضراء للموق الأغنياء 
وبالرسوم البسيطة وبدون ألوان للموق الفقراء بطبيعة الحال . 


وتعطينا العصور الوسطى صورة مشاببة لسيطرة الككهنة والقساوسة على عملية 
الشر واستئاره تجاربا » فقد طبع رجال الكنيسة فى برشلونه بأسبانيا في عام 
8م ثمائية عشر ألف صك غفران أيام بدعة صكوك الغفران التى ابتدعتها 
الكنيسة فى ذلك الزمن . وإن كنا لا ننسى أن مصلحى عصر النبضة فى أغلبهم 
كانوا قساوسة ورهبانا شجعهم التجديد ٠‏ مع مناقشة المسائل الدينية فى حرية 
وطلاقة » وقد تزعم هذه الحركة الاصلاحية الراهب الأكانى مارتن لوثر الذى ثار 
ضد صكوك الغفران وبيعها » وحمل على الكنيسة وسلطانها » ونادى بحرية الفرد 
واستقلاله وقدرته على أن يتصل بربه مباشة دون حاجة إلى وساطة ,اهب أو 
قسيس » خصوصا والانجيل بعد طباعته ونشرة باللغات الأوروبية ١ “١‏ سبح فى 
متناول الجميع . ولم تلبث حركته أن امتدت إلى كثير من بلدان أوروبا والتف حرله 
جماعة البروتستانتين أو امحتجين نتيجة كثرة طباعة ونشر الكتاب المقدس وبيعه 
بأسعار زهيدة فى ألمانيا وسويسرا والسويد والنرويج وانجلترا وهولنده . 


وإذا كانت الطباعة قد مدت وضاعفت عدد النسخ المطبوعة من الكتب » 
فإن حرية التعبير التى حصلت عليها معظم الدول الأوروبية فى القرن الثامن 
عشر بعد كفاح مرير من أجلها هى التى وسعت حدود الكتب » بل وكافة 
المواد المطبوعة المتداولة . وتسابق التقدم الطباعى مع انتشار التعلم » حتى 
وصلت صناعة النشر فى القرن العشرين إلى القوة المؤثرة على عقول البشر » فى 
الكرة الأرضية » برغم التفاوت الكبير بين الدول المتقدمة والدول النامية 
المتخلفة . 


وفى القرن العشرين يذكر « ادوين ن اميرى » ان مجال نشر الكتب يعد قزما 


TANS 


بين عمالقة الصناعة الأمريكية . ولكن هذا الوصف مجال نشر الكتب فى 
أمريكا بأنه قزم يبدو أمامنا فى العالم الثالث شيعا ار . فالمتوسط السنوى - م 
يذكر ادوين - لانتاج الكتب فى الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ بليونا و٠٠"‏ 
مليون نسخة . ويبلغ ٠١‏ ألف عنوان جديد يقوم بانتاجها أكثر من ١9٠١‏ 
دار نشر . 

وفى عالمنا العربى المعاصر يرتبط تاريخ الدشر المعاصر بدخول المطيعة إلى أقالم 
الوطن العرنى فى ظروف مختلفة . ولنا أن نتجاوز عن المطبعة التى دخلت دير 
« قزحيا » بلبنان عام ١41١١‏ » والتى طبع فيها « المزامير » باللغة السريانية . 
ثم المطابع التى نشأت فى القرن الثامن عشر فى ظل الأديرة ورجال الكنيسة 
اللبنانية . لأن أثرها فى مجال التشر كان قاصرا على الكتب الدينية . كذلك لنا 
أن نتجاوز مطيعة الحملة الفرنسية على مصر عام ۱۷۹۸ » التى جاءت مع 
الحملة ثم رحلت معها عام 18٠0١‏ » فلم يكن لهم فى مجال النشر أثر يذكر . 
ونقف بعد ذلك مع المطبعة التى أنشأها محمد على والى مصر عام ١807٠١‏ فى 
بولاق » لنبداً تاريخ النشر العربى المعاصر . كانت المطبعة حكومية بطبيعة 
الخال » وكان ما تنشره من كتب أما حكوميا » واما على نفقة ملتزم طبع 
ونشر » يدفع التكاليف للمطبعة . وكانت الكتب المطبوعة على نفقة الحكومة 
تخدم ديوان المدارس الذى تنسب المطبعة اليه » وتخدم أغراض الجيش » وحركة 
التوسع فى الجيش والتعلم معا . ثم كانت الكتب التى تطبع على نفقة ملتزم 
الطبع والنشر »> وكانت الشكوى من التعسف فى حساب نفقات الطباعة . 
وكان ذلك من العوامل التى شجعت وساعدت على انشاء مطابع أهلية فيما 
بعد . ومع بداية القرن العشرين كان عدد من المصريين قد امتهنوا مهنة الدشر . 
بعضهم كان صاحب مكتبة » وبعضهم كان من عمال الطباعة الطموحين 
الذين شعروا بأهمية الطباعة وكسبها وبعضهم من الأدباء المؤلفين الذين أرادوا 
أن خوضوا بأنفسهم تجربة نشر انتاجهم . وهكذا كان الحال فى معظم أقالم 
الوطن العرنى بصور قليلة الاختلاف والتفاوت . 


فى العراق كانت أول مطبعة حجرية قامت بطبع كتاب « دوحة الوزراء فى 


A ~—‏ عم 


تارجم وقائع الزوراء » فى سنة 147١‏ وانتشرت المطابع فى العاصمة العراقية 
انتشاراً سريعاً وفى حوالى سنة ه817١‏ أنشأت الحكومة مطبعة المساحة وزودتها 
بأحدث الآلات انذاك . 

وفى الأردن أنشفت أول مطبعة عام ۱۹۲۲ وفى نة ١4175‏ ظهرت المطبعة 
الوطنية ثم تلتبا فى سنة 1517 مطبعة الاستقلال العربى . وفى الأردن اليوم 
مطابع كبرى بها أحدث أنواع ماكينات الطباعة الانجليزية والامريكية . 

وف المملكة العربية السعودية أسست أول مطبعة عام 1841 باسم مطبعة 
ولاية الحجاز وف سنة ١415‏ أسست مطبعة أم القرى كمطبعة للحكومة وفى 
الدشر والطباعة فى العالم العرنى . 

فى الكويت أنشكت أول دار طباعة عام 11141 ثم أقيمت دار المطبوعات فى 
الستينات على أحدث طراز عالمى فى هذا امجال . 


وكانت حلب أول مدينة سورية عرفت الطياعة الحجرية العربية 7م ١1705‏ 
أما مطابع الحروف فقد عرفت عام ه86١‏ ولم تعرف دمشق فن الحفر 
( الزنكغراف ) إلا فى أوائل القرن العشرين . 


أنراع الدشر : 

نقصد بأنواع النشر , المواد المطبوعة » بطبيعة الحال » وإذا صنفنا المواد 
المطبوعة التى تمخضت عنبها التجربة افبشرية عبر القرون ء نجدها تنحصر فى 
ثلاثة أنواع رئيسية . 

البوع الأول : الدوريات , وهى المواد التى تصدر فى فترات منتظمة 
بصورة من الصور . والصحافة هى الدوريات . وهى تقسم إلى قسمين 
رئيسيين أيضا هما : الجريدة ( اليومية ) » وانجلة ( الامنبوعية - نصف الشهرية 
- والشهرية - والفصلية ... الج ) . 


۳.۹ = 


الدو 5 يات 


المطبوع الدوري ببساطة هو المطبوع الذى يصدر بعنوان مميز » على فترات 
منتظمة » فى أعداد أو أجزاء متتابعة يحكمها ترقم مسلسل متصل » يشتمل كل 
منها على أسهامات لأكثر من فرد واحد » وقد قصد بهذا المطبوع الصدور إلى 
ما لانباية » بمعنى أننا لايمكن أن نعرف مسبقا متى يتوقف عن الصدور . 
وينضوى تحت مظلة هذا التعريف الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية 
ونصف الشهرية والفصلية والنصف سنوية والحوليات والكتب السنوية أر على 
اختلاف مستوياتها وتنوع مجالات اهتامها #روعادة ما ترتبط المجلات فى ذهن 
القارىء العام بالقراءة النفيفة لأغراض التسلية أوقات الفراغ » بيغا ترتبط فى 
ذهن الباحث المتخصص بالقراءة الجادة لأغراض الحصول على المعلومات » 
والملاحقة المتجددة للاحاطة بأحدث المعلومات فى مجال تخصصه . وإن دل هذا 
الاختلاف فى نمط الاهتام على شىء فائما يدل على تنوع الدوريات فبالاضافة إلى 
الصحف ».بتركيزها على الجوانب الاخبارية الجارية » هناك المجلات العامة التى 
تخاطب قطاعات عريضة من القراء » ومجلات المرأة والأسرة » ويجلات 
الشباب . ومجلات الأطفال » وهذه كلها تجمعها التغطية الشاملة والمعالجة 
السطحية الخفيفة . وأخيرا نجد المجلات العلمية أو الأكاديمية المتخصصة . 
ويمكن القول بعبارة أخرى أن هناك فنتين أساسيتين من الدوريات » دوريات 
عامة ودوريات متخصصة . 


0 و هذا فى الواقع هو التقسم الوحيد للدوريات » ويكفى القول بأن 


المكتبيين عادة ما يميلون لتقسم الدوريات وفما لجهات إصدارها إلى ثلاث 
فئات أساسية » الدوريات التى يصدرها الناشرون التجاريون » والدوريات 
التى تصدرها الهيئات الأكاديمية ومراكز البحوث والاتحادات والجمعيات 
العلمية » والدوريات انحلية التى تصدرها الشركات . ولكل واحدة من هذه 
الفئات الثلاث مماتها المميزة » فالدوريات التى يصدرها الناشرون التجاريون » 
وعادة ما تسمى بالدوريات التجارية » لابد وأن يكون تحقيق الربح المادى من 


= .امد 


بين أهدافها . ومن ثم فانها عادة ما تحرص على اتساع قاعدة من تخاطيبم من 
القراء . وتدخل ضمن هذه الفعة جميع الدوريات الخفيفة التى تقرأ لأغراض 
لمنعة والتسلية » بالاضافة إلى قطاع كبير من الدوريات الجادة/ كا تدخل 
الصحف أيضا ضمن هذه الفئة . أما دوريات الهيئات العلمية فائها لا دف إلى 
تحقيق ربح مادى وإنما خدمة أهداف البحث والاتصال العلمى فى مجاها . 
وعادة ما توزاع دوريات الاتحادات والجمعيات العلمية على أعضائها » كا يمكن 
لغير الأعضاء الحصول عليها بالاشتراك . أما الدوريات انحلية والتى تشكل 
أصغر الفغات فهى الدوريات التى تصدرها الشركات لتلبية الاحتياجات 
الاعلامية للعاملين فيها أو لأغراض الترويح والدعاية أو لبث الأخبار المحلية 
للشركة . ومن ثم فانها عادة ما تتفاوت تفاوتا ملحوظا فى محتواها » فبعضها 
لايشتمل على ما هو أكثر من مجرد الاخخبار الاجتاعية للعاملين بالشركة , بينا 
يشتمل البعض الآخر على المقالات العلمية الجادة ذات المستوى الرفيع والتى 
يمكن الافادة منها على أوسع نطاق . وخخير الأمثلة لهذه الدوريات الجلات التى 
تصدرها الميعات المدتخصصة مثل مجلة القوات المسلحة ومحلة الاقتصادى 
والجلات التى تصدرها شعب التقابات المهنية مثل نقابة المهندسين ونقابة 
الأطباء ونقابة المعلمين ونقابة التجاريين ... الم . 


وتشكل الدوريات العمود الفقرى لمجموعات معظم المكتبات المتخصصة . 
هذا بالاضافة إلى أن محتويات معظم الكتب ف العلوم والتكتولوعيا تيد 
أساسا على ما ينشر بالدوريات من معلومات . وتمثل الدوريات أحد المنافذ 
الرئيسية لبث الأفكار وتبادل الخبرات ونشر المعلومات الحديثة . وتتيح 
الدوريات بطبيعتها فرصة تتبع تطور الأفكار ونغوها » وخاصة تلك الأفكار 
التى لا يستغرق التعبير عنها نصا مطولا يمكن نشره فى شكل كتاب » والأفكار 
التى تبلغ حدا من التخصص لايمكن معه نشرها فى شكل كتاب . 

وعادة ما يقال أن رصيد المعلومات المتاح فى أى مجال يتكون من المعلومات 
التى تضمها الكتب بالاضافة إلى ما تشتمل عليه مقالات الدوريات التى نشرت 
بعد تأليف أحدث كتاب ف المجال . ولا غرابة إذا علمنا أن هناك الكثير من 


NYE 


الموضوعات التى لم تدشر فيها معلومات فى شكل كتاب على الاطلاق . و كثير 
من هذه الموضوعات من التخصصات الجديدة . ومن الممكن للدوريات بحكم 
طبيعتها أن تنبض بعدد من الوظائف الاضافية التى لايمكن للكتاب النبوض 
بها » فقد أتاح انتظام الدوريات وسرعة نشرها القدرة على الاضطلاع بوظيفة 
اجتاعية بالاضافة إلى وظائفها العلمية » وتتمثل هذه الوظيفة الاججاعية فى دعم 
ادعاءات السبق العلمى » لأن قصب السبق فى النشاط العلمى عادة ما يكون 
من نصيب من ينشر أولا » لا من نصيب من يتوصل إلى الكشف قبل غيره . 
وقد أدى هذا إلى القول بأن أهمية الدوريات فى تلبية احتياجات الباحثين إلى 
منافذ للنشر لاتقل بحال عن أهميتها فى تلبية احتياجاتهم إلى المعلومات . 

وعادة ما تشتمل الدوريات » وخاصة المتخصصة منها » على أبواب خخاصة 
بالمراسلات ذات الأهمية القصوى والتى تكفل فرصة تبادل وجهات النظر 
حول موضوعات اهتامها , والتعليق على ما يدشر بها من مقالات . كذلك 
تنشر بعض الدوريات المتخصصة مقالات عرض الكتب فصلا عن 
مستخلصات الانتاج الفكرى الجديث » بالاضافة إلى المواد الأخبارية 
والاكتشافات المهنية والاعلانات . ولا يفوتنا هنا أن نؤكد أن الأهمية النسبية 
للدوريات » كمنفذ لنشر المعلومات وكمصدر للحصول على المعلومات »› 
تتفاوت من جال لآخر » حيث تبلغ ذروتها فى العلوم والتكنولوجيا » ثم 
تتضاءل قليلا فى العلوم الاجتاعية » لتصل إلى أدفى مستوياتها فى الفنون 
والانسانيات . 

والافادة من الدوريات أصعب بكثير من الافادة من الكتب نظرا لتشتت 
مفردات المعلومات فى المقالات الموزعة على الأعداد المتفرقة . ومن ثم فان 
الافادة الفعالة من كنوز ما تشتمل عليه الدوريات من معلومات تتطلب نوعا 
من الخدمات الارشادية . وتتمثل هذه الخدمات الارشادية فى كشافات 
الدوريات ونشرات المستخلصات التى تتضمنها الدوريات خلال فترة زمنية 


هعينةه . 


النوع الثانى : المطبوعات غير الدورية » ويقصد بها الكتب » إذ تشكل 


جه 


الكتب إلى حد بعيد أكار أنواعها » وهى أقدم أنواع المواد المنشورة فى تاريخ 
البشرية وهى الوعاء الرئيسى للتراث الانسانى . 

النوع الثالث : مطبوعات الأهداف المباشرة . وهى المطبوعات التى 
لايمكن اعتبارها كتبا ولا يمكن اعتبارها صحفا . وان كانت شروط النشر 
تنطبق عليها أو على معظمها . وتشمل المطبوعات ذات الأهداف المباشرة » 
كالخرائط » والصور والرسوم والنوتات الموسيقية . م تشمل التقاويم السنوية » 
والمفكرات اليومية والجداول الخاصة بالطائرات والقطارات والسفن وحتى 
امساكية رمضان وفوارق التوقيت بين العواصم العامية . وتشمل أيضا 
المنشورات الحزبية والدينية وحتى قوائم الطعام والتسعيرة وتذاكر السفر .... 
أن . 

ان هذه المطبوعات تندرج من استدساخ لوحات الفن الرفيع للفنانين 
العالميين إلى قواثم التسعيرة للفنادق والمطاعم . م تتفاوت من احتياجات 
الاستخدام الترفى والذوق الرفيع إلى تلبية الاحتياجات الحياتية اليومية . ولكنها 
فى جملتها ذات طبيعة مشتركة . هى أن لا أهدافا مباشرة . وهذا هو العنصر 
الرئيسى الذى ييزها عن الكتب » وعن الصحف . 


أنواع نشر الكتب : 

يعنينا ونحن نبحث فى صناعة الكتاب ونشره أن نحدد بشكل عام أنواع نشر 
الكتب . والحقائق الأولى التى تواجهنا عند الحديث عن أنواع نشر الكتب 
يمكن ايجازها فيما يلى :- 


. يفيد التعرف على أنواع الكتب فى ترشيد الافادة من كل نوع‎ - ١ 
والأساس المتبع فى تقسيم الكتب إلى أنواع فى هذا السياق أساس وظيفى يراعى‎ 
المدف من تأليف الكتاب » والجمهور المستهدف . ومستوى المعالجة‎ 
الموضوعية » ومدى الشمول وأنماط الانتقاء فى تناول الموضوعات . ولسنا‎ 
. بحاجة لأن ننبه إلى ما يمكن أن يكون هناك بين فئات هذا التقسم من تداخل‎ 


۳~ 


وبصرف النظر عن الكتب المنزلة والكتب المقدسة » تنقسم الكتب التى 
نتداوها أساسا إلى فثتين وفقا للطريقة المتبعة فى تسجيل اخيرات البشرية 
وتصورنا للعالم الحيط بنا . فمن الممكن لنفس الظاهرة » طبيعية كانت أو 
اجتاعية أن يلحظها شخصان أحدهما مسلح بالخيال الخصب والقدرة على 
التصوير اللفظى وجمال الأسلوب والثراء اللغوى ... إلى ار ذلك من مقومات 
القدرة على التأثير فى القارىء ء والآخر مسلح بالقدرة على الملاحظة الدقيقة 
والقدرة على التحليل والربط والاستنتاج » وربما كان مزودا أيضا ببعض أدوات 
الملاحظة والقياس المتطورة . فهل يمكن لكلا الشخصين تسجيل خيرتهما فى 
ملاحظة هذه الظاهرة بنفس الطريقة ؟ والاجابة على هذا السؤال بالنفى طبعا » 
حيث تتحكم الامكانات والمواقف والاتجاهات والاهتامات فى الناتج النہائى . 
وربما كان الناتج النهافقى لخبرة الشخص الأول قصيدة شعرية أو قصة قصيرة أو 
رواية ... إلى آخر ذلك من أشكال الأدب البحت أو العمل الأدبى الخيالى 
ti0‏ الذى يخاطب عواطف القراء قبل عقوهم » فى حين يمكن للناتج 
النهافى لخبرة الشخص الآخر أن يكون تقريرا علميا يبتم بأدق تقصيلات 
الظاهرة ويخاطب العقل فى المقام الأول » ويسمى بالأدب الموضوعى 
صfiii-Non‏ » حيث يدحل ضمن الانتاج الفكرى الموضوع معين . 
وللموضوع هنا معنيان الأول متصل بالج » بمعنى استبعاد جميع العوامل 
الشخصية أو الذاتية فى دراسة الظاهرة » والثافى متصل بالتخصص فى مجال 

ولا كان موضوع نشر الكتب: هو محور الاهتام فى هذا الكتاب فان 
اهتامنا يتركز فى الأساس على الفئة الأولى وهى الكتب التى تتناول اخيرات 
البشرية الموضوعية » وئترك ما دونها جانيا » بما فى ذلك الفعة المتأرجحة بين 
النوعين وهى القصص العلمية أو أدب الخيال العلمى » لأنها بطبيعتها أقرب إلى 
الخيال منها إلى الواقع الموضوعى . 

هذا وتنقسم كتب المعالجة الموضوعية للخبرات البشرية بدورها إلى 
فنتين فرعيتين : كشب مرجعية وأخرى غير مرجعية » كتب لا يمكن أن تقرأ 


SAS 


من أوها إلى أخخرها وانما يرجع اليبا عند الحاجة وكتب يمكن قراءتها من أوها إلى 
آخرها لأغراض الدراسة أو التثقيف الذاق مثلا . ونيم هنا بالكتب غير 
المرجعية » ومن الممكن تقسيم الككتب غير المرجعية » إلى ست فئات هى 
الكتب الدراسية » والكتب التهيدية » والكتب أحادية الموضوع . 
والتراجم » والأعمال التجميعية والمطبوعات الرسمية . 

؟ - أن الفصل بين أنواع من الكتب عن غيرها وليد التطور العالمى فى 
صناعة النشر الذى شهده القرن العشرون اليلادى . 

۳ - أن الحدود ليست قاطعة بين أنواع الكتب » ولكن الحدود واضحة 
بين أنواع النشر » فالكتاب ال جامعى غير كتب الأطفال غير الكتتب الدينية ... 
وهكذا . 


4 - أن دور النشر الكبرى تخصص ادارات لأنواع النشر الختلفة » 
و نخصص سلاسل لنشوراتها سواء فى النشر العام أو فى النشر المتخصص ء 
فتصبح السلاسل داخل النشر المتخصص أكثر تخصصا . 

ه - أن الأنواع الختلفة لنشر الكتب تشبه إلى حد ما التخصص ف الإعلام 
بصفة عامة . فكما نشأت صحافة الأطفال » أو إذاعة الشباب » أو السينا 
التسجيلية » نشأت السمات الخاصة بالنشر الجامعى » أو كتب الأطفال » أو 
الكتب الدينية . وأن ظاهرة التخصص ف الإعلام تعكس اتساع نطاق المعرفة 
وتميز جمهور المتلقين » وتحديد اهتامات هذا الجمهور . وعلى حد تعبير 
الاقتصاديون أنه إذا أريد للكتب أن تكون نافعة حقا » فينبغى أن تلبى الحاجات 
الحقيقية للقراء واهتاماتهم . ولذا فإنهم يصنفون أنواع نشر الكتب كالأقى : 
١‏ - نشر كتب التراث : هذا النوع من النشر عرفه العالم فى مختلف ثقافاته » 
وبخاصة أوروبا عند ظهور الطباعة . وهو فى عالمنا العربى المعاصر قضية ثقافية 
وموضع حوار . ولقد حاولت معظم البلدان العربية التى نمت فيها صناعة نشر 
الكتب أن تدلى بدلوها فى نشز التراث . لذلك طالعتنا عناوين عديدة تحت 
أسماء مختلفة لمدلول واحد » مثل سلسلة التراث » والمكتبة التراثية » ومن 


~~ ۹۵ = 


تراثنا » وما شابه ذلك . والتراث من حيث النشر يشتمل على جانبين أوهما 
وأهمهما : تحقيق التراث » وثانيهما وأقلهما علاقة مباشرة بالنشر المتخصص ف 
التراث هو الكتابة عن التراث أو حول التراث . 

.وتحقيق التراث هو الاصطلاح المعاصر الذى يقصد به بذل عناية نخاصة 
بامخطوطات حتى يمكن التغبيت من استيفائها لشرائط معينة . فالكتاب المحقق 
هو الذى صح عنوانه » واسم مؤلفه » ونسبة الكتتاب اليه » وكان متنه أقرب 
ما يكون إلى الصورة التى تركها مؤلفه . وعلى ذلك فان الجهود التى تبذل فى 
كل مخطوط يجب أن نتناول البحث فى الزوايا الآنية : 

. تحقيق عنوان الكتاب‎ - ١ 

؟ - تحقيق اسم المؤلف . 

. تحقيق متن الكتاب حتى يظهر بقدر الامكان مقاربا لنص مؤلفه‎ - ٣ 

4 - تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه . 


هذه الجوانب تتعلق باجراءات نشر الخطوطات أو تحقيق التراث . ولكن 
قبل ذلك لابد أن يطرح السؤال : ماذا ننشر من التراث ؟ لاشك أن الاختيار 
من التراث يسبق هذه الجوانب التى تتعلق باجراءات الدشر . وليس هناك 
حلاف حول استبقاء الصالح من التراث واهمال التافه أو عديم القيمة . ولكن 
المشكلة هى الاختلاف فى التقيم . حيث يرى البعض أن التوسع فى نشر 
التراث احياء للحضارة العربية . فى حين يرى البعض أنه لا ينبغى لنا أن ندشر 
من التراث الا ما يخدم حاضرنا الثقافى وذاتيتنا الثقافية وما يفيد مستقبلنا . وانه 
ينبغى أن نستفيد من التراث لخدمة المستقبل الحضارى والثقافى ء لا مجرد البكاء 
على الاطلال . أو مجرد النعرة القومية . ويذهب البعض إلى ما هو أبعد من 
ذلك » قائلين بأن العودة إلى الماضى أو الجدور هى العودة إلى الابداع » وليس 
العودة إلى الأشكال التى أبدعت . ان العودة إلى الماضى الشعرى العرلى ٠‏ بتعبير 
أخراء لا تعنى الاقامة فى هذا الماضى » وائما تعنى على العكس تجاوزه . 


إن واجبنا أن نميز بين جوانب ثلاث فى تحقيق التراث هى « طبع التراث » 


= ۳۱۹ - 


« وتحقيق التراث » و« إحياء التراث » ونؤٌكد أن أهم الجوانب عندنا جميعا 
أو ما ينبغى أن يكون هو إحياء التراث » إذ بدونه لن يكتسب تاريخ الحضارة 
الاسلامية معنى ومغزى جديدين . ومن الطبيعى أثنا لن نقوم بإحياء التراث إلا 
إذا سبقنا ذلك بتحقيق التراث . وأود أن انبه أن الموازنة بين تراث العرب » 
وتراث الغربيين لا يستقم بغير أن نكون على بينة من أن التراث العربى المقصود » 
هو الذى كان ف المشرق والمغرب العربيين فى عصر الاسلام الذهبى - الذى _ 
امتد من منتصف القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر ايلاد المسيح » أى فى 
الفترة التى حمل فيها العرب وحدهم مشعل النور والحضارة فى العالم كله . فى 
هذه الفترة لم تكن العلوم الطبيعية قد استقلت عن فروع المعرفة التى استغرفت 
اهتام المشتغلين بالعلم من العرب » وهذا ينصب الحديث دوماً عن تراث 
العرب بقصد الاحاطة الموسوعية للمعرفة العلمية بأوسع معانيها . 

أما تراث الغرببين فى هذا الصدد ء فيراد به ما كان فى أوروبا نخاصة إبان 
العصور الحديثة التى بدأت بالقرن السابع عشر لميلاد المسيح.» وهو القرن الذى 
وضعت فى مطلعه أصْول المنبج التجريبى الذى استقل على أساسه العلم الطبيعى 
من الدراسة الفلسفية . 

وغنى عن القول أننا فى هذه الموازنة لا نسقط من حسابنا تماماً ذلك الفارق 
الزمنى - وهو حد كبير - ولا نغفل عن أن الموازنة تندعن المعقول إذا أدعلنا 
فى حسابنا عشرات السنين الأخيرة التى وثب فيها الغرب إلى عصر الفضاء » 
بفضل ما أحرزوه من تقدم علمى تكنولوجى تجلاز حدود التصور سرعة 
وضخامة . 
۲ - نشر كتب الأطفال : بدأت مؤسسات النشر الكبرى في أوروبا وأمريك 
منذ عام 1417٠‏ تخصيص فروع لدثّر كتب الأطفال . وتبعتها معظم دور النشر 
بسبب جاح التجربة . وأصبحت سلاسل كتب الأطفال تحتل موقعا متفوقا فى 
دور النشر » فى مختلف بقاع العالم . ومن أطرف ما لاحظه الختصون فى نشر 
كتب الأطفال ان ظروف الحرب العالمية الثائية وما صاحيها من نقص لعب 
الأطفال أدت إلى زيادة بيع كتب الأطفال . وبعد الحرب مباشرة نقصت 


eh 


مبيعات كتب الأطفال عما كانت عليه خلال الحرب » ثم عادت للزيادة 
التدريجية والمستمرة حتى حققت معدلات باهرة فى الربع الأخير من القرن 
العشرين . وأهم السمات الحاصة بكتب الأطفال هى التوسع فى الصور 
والرسوم. والألوان » ثم الاعتاد على اطوط » ثم الاهتام بالأسلوب الواضح 
المناسب للأطفال . 

ويجد ناشر كتب الأطفال نفسه يعد مادة لأكثر القراء ايجابية وشغفا . 
وبرغم كل ما يقال عن مشاكل النشر فى كتب الأطفال فان الحقيقة المؤٌكدة أن 
أعداد القراء من الأطفال فى زيادة إطرادية . وان هناك أعداداً كبيرة من 
الأطفال الصغار الذين لم يتعلموا القراءة بعد إلا أنهم دائما يقولون لذويهم 
« عايز قصة » . والأطفال بصفة عامة من أكثر القراء التهاما للكتب . 
وتتسع وتتباين اهتياماتٌ الأطفال بقدر تباين الأطفال أنفسهم . ولكى يخدم 
الناشر هؤلاء القراء عليه أن ينشر كتبا تتناول كافة زوايا اهتاماتهم . خخاصة عالم 
الحيوان والقصص والحكايات فإن كتب الأطفال هى العالم بأسره » وفيها كل 
شىء . وهى معرفة وتحد وببجة . وهى باقية وتزداد بامتداد وجود الأطفال » 
واتساع المعرفة . ۰ 

ولاشك أن كتب الأطفال المصورة بالألوان الطبيعية هى خير الطرق التربوية 
لجذب انتباه الأطفال وتحبيہم فى تصفح هذه الكتب والتعود عليها والارتباط 
بہا ‏ كا أنها موصل جيد للمعلومات التى ينبغى للطفل أن يتزود بها فى سئوات 
عمره الأولى مع بداية الادرالة والاحساس والتعلم بكل ما يحيط به . 

۳ - نشر الكتب الدراسية : تشمل الكتب التعليمية أنواعا من الكتب 
أمها كتب التلاميذ . أما كتب الأساتذة التى توجههم لتدريس المقرر » 
ركتب الملخصات والتدريبات والاجابة عن أسئلة الأعوام السابقة » كلاهما 
يسا الكتب الدراسية التى نقصدهاهوإن كانت تمثل نسبة لا يستهان بها . وإذا 
كانت كتب الأساتذة كادة حكومية » وكتب الملخصات والتدرييات 
الاجابة افوذجية ينتجها القطاع الخاص غالبا » فان ذلك لا ينفى عنها البعد 


- IA — 


عن الكتب الدراسية . ويمكن أن يشملها مفهوم الكتب التعليمية » ذلك 
المفهوم الأوسع . 

والكتب الدراسية هى الكتب الموجهة لخدمة مقررات أو مناهج دراسية 
معينة » حيث تشتمل هذه الكتب على الحقائق الأساسية التى استقرت فى 
مجالاتها لتكون ما يسمى برصيد المعرفة فى هذه لمجالات ٠‏ والتى ينبغى أن يلم 
بها كل من بيثم بأى مجال . والهدف من هذه الكتب تعليمى فى المقام الأول . 
ومن ثم فانها بالاضافة إلى تفاوت مستويات المعالجة فيها بما يتناسب ومستويات 
الدارسين تتسم أيضا بالانتقاء بحيث يركز كل كتاب على وحدات موضوعية 
معينة يغطوها منبج دراسى بعينه . وبالاضافة إلى امحتوى العلمى عادة ما يشتمل 
الكتاب الدراسى على بعض العناضر التى تخدم أغراض التعليم والتعلم » 
كالارشادات والتعليمات الخاصة بطرق تدريس وحدات معينة » وأساليب 
التدريب العملى واجراءاته فضلا عن أسعلة المراجعة التى يمكن بها قياس مدى 
التحصيل . 
وتمثل حر كة نشر الكتب الدراسية فى بلدان العالم الثالث نسبا تتران بين 7/56 
إلى ۰ من اجمالى حركة نشر الكتب بصفة عامة . وفى مصر بلغت /۸١‏ فى 
عام 5 . وهذه النسبة التى تبرز ابتلاع الكتب الدراسية للا. بة الكبرى 
من حر كة النشر فى البلدان النامية من سمات التخلف وفى البلدان المتقدمة ييحدث 
المكس » فالكتب الدراسية فيا لا تزيد عن 1/755 من إجمالى حركة نشر 
الكتب . 

وتعانى بعض الدول النامية التى فقدت لغتها الوطنية وأصبح التعليم فيها بلغة 
'المستعمر أزمة حادة بسبب استيراد الكتب الدراسية من بلد المستعمر » بعد 
الاستقلال » وتحاول مثل هذه البلدان وبخاصة فى أفريقيا ان تلبى احتياجات 
تلاميذها من الكتاب المدرسى فلا تستطيع بسبب اعتادها على الاستيراد » وقلة 
موارد العملات الصعبة . وفى الوقت نفسه لا تستطيع نشر الكتب الدراسية 
التى تحتاجها بسبب ضعف صنداعة النشر فيها وكثرة المشاكل التى تقابلها . 
ولقد حاولت دول افريقية انتاج الكتب الدراسية باللغات المحاية وبخاصة فى 


¬ ۳۱۹ - 


المناطق التى لم يتعلم أهلها لغة المستعمر » ولكن التجربة لم يتحقق لها النجاح . 
وتراجع الكتاب المدرسى فى هذه التجربة الفاشلة من حيث الحتوى تراجعا 
خطيرا . بل وبرزت مشكلة عدم وجود المؤلف الذى يستطيع الكتابة باللغة 
الحلية » لأن ذوى التعلم الذى يكنم من الكتابة تنعمى ثقافتهم وتعليمهم إلى 
لغة المستعمر . ولاحظ خبراء « اليونسكو » وهم يقيمون هذه التجربة انه 
كلما ارتفع مستوى الكاتب كلما ضعف ميله إلى الكتابة باللغة النحلية . 
والمشكلة الرئيسية فى الكتاب الدراسى المستورد هى أنه لا يلبى الاحتياجات 
الأساسية للتعليم المحلى . والكتاب الدرامى الناجح هو الذى يتناسب مع منهج 
الدراسة . 

وفى معظم دول العالم تنولى الحكومة نشر الكتب الدراسية . وإذا كانت 
مطابع الحكومة لا تفى بطباعة الكنب الدراسية فان الحكومة تستأجر خدمات 
المطابع ولكنها تظل هى الناشر . وغالبا يما توزع كتب المدارس الابتدائية 
والاعدادية والثانوية بالجان على الطلبة أو بأسعار رمزية . 
أما فى الولايات المتحدة الأمريكية فيتول القطا ع الخاص نشر الكتب الدراسية » 
ويعتمد على المنافسة . ولكن فى نطاق الظروف التعليمية لكل ولاية من 
الولايات . 


4 - نشر الكتب المترجمة : كيف تعارف الناس مع اختلاف ألستتهم ؟ لم 
يكن لتعارفهم من سبيل غير الترجمة . ومن هذا المعنى العظم لدور الترجمة فى 
تاريخ البشرية تبرز أهمية نشر الكتب المترجمة بين البشر . وخلال أعمال 
المترجمين من الحضارات القديمة إلى العقدين الأخيرين من القرن العشرين 
الميلادى اكتسبت أعمال ترجمة الكتب رصيدا ممتازا من الخبرات والتجارب . 

وف معرض هذا القول يقول د . زكى نجيب محمود : لقد بح صوق مدى 
العمر الطويل فى التنبيه إلى أن الترجمة الحرفية ليست هى المطلوبة . واما اعادة 
عرض المادة الفكرية الموجودة فى الأصل بحيث يأ النص العربى متفقا مع 


الى ؟ ا للم 


اسلوب اللغة العربية . لأن الذى يمنا أن نعرض أفكارا جديدة أما النقل الحرى 
فكثيرا جدا ما يؤدى إلى غرابة التفكير . وبالتالى إلى كثير من الفوضى ف المعلى 
المقصود .... وهذا يتطلب مترجما تأمن ثقافته » بحيث يجيد فهم الأصل , ما 
يميد استخدام اللغة العربية التى تستوعب الفكر المنقول ... ولسوء الحظ أصبح 
من نثق فى إجادتهم للغة أجنبية قليلين . 

ثم يتحدث عن حركة الترجمة المعاصرة فى مصر فيقول : « ويخيل إلى أن 
حركة الترجمة الحديثة كلها لم تتجه الاتجاه الصحيح ؛ لأنها لم تخلق فينا مصلارا 
جديدا نستطيع أن نعتمد فيه على أنفسنا , وأعنى بذلك أنها لم تتجه إلى ترجمة 
الأصول وجنحت إلى ترجمة المؤلفات المشتقة عن المراجع الأساسية . وبذلك 
جعلنا أنفسنا عبيدا لفهم غيرنا » ولم يعد أمامنا فرصة المشاركة فى فهم 
جديد ... ولو كنا قد بذلنا الجهد فى نقل الأصول لأصبح بين يدى الدارس 
العرهى المصدر الغزير 


وكثيراً مايثار جدل حول طبيعة الترجمة » وقصورها عن أداء م' يشتمل 
عليه النص من أفكار ودلالات وجمال لفظى . ويتطرق الجدل -... . ما تنطوى 
عليه الترجمة من ابداع . ويختلف المعقبون فى ذلك » فمنهم من يرى أن المترجم 
هو الذى يقوم بتفهم الأفكار والأقوال فى النصوص الأصلية ونقلد! » وحيتهذ 
يعد من الفنانيين المبدعين . وهناك من يعتقد أن عملية نقل أثر أدبى من لغة إلى 
لغة أخرى تنطوى على درجة الابداع والايجحاء نفسها التى ينطوى غليها هذا 
الأثر . 

ولكن من الناحية الأخرى يذهب البعض إلى أن الترجمة ما هى فى الأصل 
إلا مهارة من المهارات التى يمكن اكتسابها وصقلها وتطويرها . وأمها تصل إلى 
أعلى ذرا الكمال عند أولعك الأشخاص الذين يفصحون عن احساس مرهف 
فى أسلوبهم عندما يمتلكون تلك المهارة . وأنه إذا ما أراد المترجم أن يدلل على 
أصالته الفنية وجب عليه أن يأتى بالنص الأصلى للعمل الفنى . ولاشك أن 
بوسع المترجم الملهم اعادة خلق عمل فنى باسلوب يجعله يبدو وكأنه عمل 


STI = 


ان الترجمة الخلاقة للمعنى والروح لاللكلم والحروف . فمن البديبيات 
الأدبية استحالة الفصل بين الشكل والمضمون . وتشترط فيها الأمانة المتناهية 
للنص . وهذا ما ذهب إليه الأستاذ « اريرى » الذى قام بترجمة معانى القران 
الكريم فى منتصف الخمسينات من هذا القرن . 

وينبغى أن تنوافر ف المترجم الأمانة والتفانى فى عمله واتقانه للغتين . فما 
الاتقان الا ركيزة واحدة فقط من ركائز الترجمة الناجحة . فنظرا لاختلاف 
هندسة الجملة من لغة لأخرى يضطر المترجم إلى التقديم والتأخير وإلى عمليات 
تنظيمية لتتناسق ترجمته مع المنبج المألوف ف اللغة المترجم اليبا . واعطاء الكلمة 
حجمها الطبيعى » كل ذلك يجعل من عماية الترجمة عملا فعالا خلاقا » مثيرا 
ومثمرا » داحضا العلل التى يتذرع بها البعض من أن الترجمة مهارة وحسب . 
وتعجدد الترجمة مع تجدد الأجيال » واتساع المعارف وتطور اللغة ما يوجب فى 
بعض الأحيان اعادة ترجمة كتب قدية » لتصبح أكار قربا للعصر ولغته 
وثقافته . 

ففى الربع الأخير من القرن العشرين أصدر أستاذ اللغات الأوروبية القديمة 
الأمريكى « ريتشموند لاتيمور » ترجمة جديدة للانجيل بالاتجليزية » وهو 
متخصص ف تاريخ اللاهرت . ومنبجه فى الترجمة الجديدة » هو تتبع النص 
اليونافى القديم ( المعتمد ) كلمة كلمة واخمضاع تركيب الجملة الانجايزية 
للتركيب اللغوى فى النص القديم » بما يكفل توضيح المعانى التى فاتت على 
الترجمات السابقة . مستخدما فى ذلك أحدث مناهج علوم اللغويات » 
والكشوف اللغوية الحديثة . 

ومنذ القرن التاسع عشر أذ المترجمون الأمريكيون على عاتقهم اعادة ترجمة 
الأصول الدينية والثقافية التى قامت عليها الثقافة الغربية . فترجموا التراث 
اليونافى واللاتينى فى الشعر والدراما والفلسفة واللاهوت والتاريخ والفلك 
والطب » ترجمات جديدة تتوافق مع النصوص القديمة من ناحية » ولكن بتعبير 
أكثر عصرية ودقة » وفى نفس الوقت تحافظ على الارتباط بالترجمات القديمة 


سد YY‏ سم 


التى تمت منذ عصر النبضة والقرون التالية فى أوروبا » وتعد هذه العملية جزءا 
هاما من عملية التجدد المستمر للتراث . وجعله مستوعيا على الدوام فى الذاكرة 
الحية للثقافة » ومرتيطا بمراحل تطوره واثفاعاته السابقة . 

لعلنا نقول أن حركة الترجمة تتخذ اتجاها متدفقا من الدول التقدمة إلى 
الدول النامية » واتجاها ضحلا جدا من الدول النامية إلى العام المتقدم . ولقد 
أحصت « ن . توميس » فى كتابها عن تاريم الأدب المرى الانتاج الأدبى 
الذى ترجم من العربية إلى بعض اللغات الأوروبية » فقالت انه فى الفترة من 
عام ١944‏ حتى عام 1954 لم يترجم سوى ١١5‏ عملا أدبيا عربيا إلى 
الفرنسية و/اة إلى الالمانية و78 إلى الانجليزية . 

وتبين هذه الاحصائية صورة المشكلة التى ينبغى أن تعالجها حركة النشر فى 
العالم الثالث . وهى ترجمة مختارات من الانتاج امحل إلى اللغات العالمية » والنشر 
على نطاق عالمى . 


ه - نشر الكتب الدينية : أن نشر الكتاب الديني هو أقدم أنوا, “.شر بصفة 
عامة »> لقد كشفت لنا جوانب تاريخ الدشر قصة « كتاب المول » . 
الفرعوفى . کا كشفت لنا اشتغال الرهبان فى الأديرة بالنسخ . ثم جاءت 
المطبعة فكان أول ما فعلته هو طباعة التوراة ( العهد القديم ) . واهتام المسلمين 
الأوائل بكتابة القران الكريم يعد أشهر أمثلة الاهتام فى العناية وشدة المحافظة 
للنشر . وما يزال طبع المصحف فى كافة البلدان الاسلامية يلقى عناية نخحاصة 
تفوق أى طبع وأى نشر . ولم تكن ظاهرة الكتاب الدينى فى تاريخ النشر قاصرة 
على العصور القديمة أو الوسطى » ولكنها كأنت مضطردة فى كل العصور وفى 
مختلف البيكات . 

وتختلف مفاهم الكتب الدينية من دين إلى دين » ومن عصر إلى عصر ١‏ 
ومن مجتمع إلى مجتمع . ويختلف ناشر الكتب الدينية فهو الحكومة أحيانا » وهو 
مؤسسة دينية فى أحيان أخرى » وهو ناشر عادى » سواء فى نطاق القطاع 


YY ~~‏ لم 


العام » أو الخاص » وهو ناشر غير متخصص ينشر ضمن ما ينشره فى كل عام 
كتابا أو أكثر من الكتب الدينية » وهو ناشر متخصص فى الكتب الدينية فى 
بعض الأحيان . وقد دلت التجربة ان الاقبال مضطرد على الكتاب الدينى 
الجيد . وان الاهتام به يتزايد مع تزايد التعلبم وزيادة الوعى الثقاف والحضارى 
فى المجتمع . 
١‏ - أنواع النشر العام : يكاد مصطلح النشر العام أن يعبر عن مفهوم الأدب 
العام أو الثقافة العامة » وهو تعبير يعني الانجازات الفكرية العامة » بل أن 
مصطاح النشر العام يكاد يوازي تعريف العرب الأقدمين للأدب بأنه الأخذ من 
كل شيء بطرف . 

والنشر العام أساس النشر ء وهو العمود الفقرى فى صناعة الكتاب . وهو 
يوازى الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية العامة فى صناعة الصحافة . أو 
البرنائج العام فى الراديو . أو القنوات الرئيسية فى التليفزيون . أو الفيلم الروالى 
ق ضناعة النزيا: 

وفى نطاق النشر العام ظهرت كتب « الجيب “ الصغيرة الحجم » والواسعة 
الانتشار . كا ظهرت الطبعات الشعبية التى اقتربت أسعار النسخة منها من ممن " 
الجلة . كا ظهرت الموسوعات ودوائر المعارف . سواء على الشكل التقليدى 
عندما أنشاً « ديدرو » و« ودالبير » وأصدقاؤها فى فرنسا دائرة المعارف 
الفرنسية ( ٠۷١١‏ - ۱۷۷۲ ) . أو على الشكل المتطور المعاصر عندما انتجت 
دار « هيدلاند أوربيس » عام ١541‏ موسوعتين للأحداث العلمية فى يجالات 
السياسة والاقتصاد والثقافة ومختلف الجوانب العالمية » لال العقدين السادس 
والسابع من القرن العشرين » مرتبة تاريخيا » ومصورة » ومسجلة صوتيا فى 
كثير من جوانبها . فقد زودت كل موسوعة بنظام من الأسطوانات يتيح 
للقارىء أن يستمع إلى الحديث صوتيا . فعندما يقرأ زيارة رئيس دولة لبلد ما 
يستطيع أن يسجمع إلى خطابه بصوته وإلى استقباله فى المطار وغير ذلك . 


ان النشر العام هو النهر الذى تتفرع منه روافد النشر الخاص مهما كارت 


~ YY = 


ومهما تضخمت . ومن أهم أنواع النشر العام عند المكتبيين الكتب التمهيدية » 
والكتب أحادية الموضوع » والتراجم » والأعمال الجماعية والمطبوعات 
الرسمية . 
الكتب المهيدية : 

والكتاب اتمهيدى هو الكتاب الذى يبدف إلى ارساء أسس ومبادىء 
موضوع معين بشكل منبجى متكامل » كتمهيد لا يل هذه الأسس 
والميادىء من دراسات أكثر تقدما أو أدق تفصيلا أو أعمق تخصصا . وهذه 
الفئة أقرب ما تكون لخدمة الأهداف الدراسية » إلا أن ذلك لا يعنى أنها للطلبة 
دون سواهم » حيث يمكن أن يفيد منها المهعمون بالجوانب التطبيقية لبعض 
المجالات كالهندسة أو الصيدلة مثلا . كا يمكن أن يفيد من هذه المقدمات أيضا 
الباحثون المتخصصون ف مجالاتها للاطلاع على وجهات النظر الختلفة فى تقسم 
كل مجال والمنطق الذى يحكم مختلف وحداته وعناصره . كذلك يمكن أن يفيد 
منها المتخصصون ف مجالات أخرى ممن يريدون التعرف على المجالات المجاورة لما 
لذلك من أثر فى توسيع افاقهم . ولكى يكون الكتاب افهيدى قادرا على خدمة 
كل هذه الأتماط فانه ينبغى أن يغطى محال اهتامه تغطية شاملة تعطى,تصوراً 
منطقيا متكاملا للمجال فضلا عن بيان علاقته بامجالات المحيطة به . والشمول 
والتفصيل خاصتان لا تجتمعان بسهولة أو بشكل عمل على الأقل . ومن ثم فان 
مؤلف مقدمة امجال أو المدخل إلى المجال عادة ما يستعيض عن التفصيل بتناول 
أهم مصادر المعلومات فى المجال » فضلا عن اهتامه فى بعض الأحيان بالهيئات 
الأكاديمية والجمعيات العلمية والمنظمات الاقليمية والدولية المهتمة بالبحث فى 
امال ورعاية تطوره . ولذلك فإنه يقال ان المدخل إلى المجال لا ييدف إلى تقديم 
معلومات عن موضوعات امجال بقدر ما يهدف إلى بيان حدوده الموضوعية 
والمنهجية والتنظيمية . ولا يأتى تأليف مقدمة للمجال إلا فى مرحلة متقدمة من 
تطوره وهى المرحلة التى تتضح فيها معالمه وتستقر فيها مناهجه وتتحدد فيها 
مواصفات المتخصصين فيه ومتطلبات تاهيلهم » ومقومات الاسهامات العلمية 
فيه . ويدل ذلك بالطبع على وجود بعض المجالات التى لازالت تفتقر إلى 


— Yo 


المدحل أو المقدمة الشاملة » وهى الجالات الناشئة » وأقرب أمثلتها علم 
المعلومات وهو العلم المعاصر المتزايد فى مادته الغزيرة المتشعبة » وحيث تتدفق 
الاف المصطلحات العلمية الجديدة فى كل فروع العلم التخصصية الدقيقة بعد 
ظهور الحاسيات الآلية . 
الكتب أحادية الموضوع : 

الكتاب أحادى الموضوع طمة:ع0ه840 هو الكتاب الذى يبتم بدراسة 
قضية معينة أو موضوع معين دراسة موضوعية وافية تحيط بجميع الجوانب 
والأبعاد والارتباطات . وعلى عكس ما قد توحى به تسميته فان الكتاب 
أحادى الموضوع عادة ما يتم بالموضوعات والقضايا المتشابكة أو المتعددة 
الارتباطات كالموارد المائية فى منطقة معينة مثلا حيث تحتاج دراسة هذا 
الموضوع دراسة وافية إلى معلومات تتعلق بالجوانب الجيولوجية للمنطقة فضلا 
عن الجوانب المناخية ... وكذلك الحال بالنسبة لموضوع الثروة الحيوانية فى 
منطقة ما » وتوطين البدو بما له من ارتباطات اجتاعية واقتصادية وعمرانية . 
وعادة ما يستبعد الكتاب أحادى الموضوع المعلومات الأولية والمقدمات 
الأساسية » کا أنه لا متم كثيرا بالمواد التاريخية . وهذا النوع من الكتب موجه 
اساسا للمتخصصين والمسئولين عن اتخاذ القرارات فى بعض المجالات الحيوية 
وخاصة ما يتصل منها بالتدمية الاقتصادية والاجتاعية والطاقة . ومن ثم فان من 
أبرز املاح المميزة للكتاب أحادى الموضوع الت ركيز على المعلومات الحديثة . 
ونظرا لطبيعته الموضوعية المتشابكة فان الكتاب أحادى الموضوع غالبا ما يكون 
نتيجة نشاط أكثر من باحث واحد تتضافر جهودهم فى تبيئة المعلومات المتصلة 
بموضوع الكتاب وصهرها فى بوتقة .واحدة . 


العراجم : 


وتراجم الأعلام سواء أكانت تراجم ذانية أو بأقلام آخرين من أقرب قات 
الكتب إلى الكتب أحادية الموضوع نظرا لأن المترجم له وان كان فردا فان 


ا يد 


تناول حياته ونشاطه وجهوده > لابد وأن يتم فى اطار المناخ الاجتاعى والسياسى 


الأعمال التجميعية : 


ويقصد بالأعمال التجميعية أو ا لجماعية Collective works‏ تلك الكتب 
التى تشتمل على عدد من البحوث لولف واحد أو مجموعة من المؤلفين . وهذه 
الكتب التى عادة ما تصدر تحت عنوان « دراسات فى ... » على الرغم من 
تجميع محتوياتها بحيث تجمعها وحدة موضوعية معينة وفقا لاطار منطقى معين 
فانها لا يمكن أن تغطى الموضوع تغطية متكاملة أو شاملة » وائما يمكن أن تمس 
بعض جوانبه فقط . وهذه الفئة أكثر ما تكون ارتباطا يكتب الدراسة 
الجامعية » كا أنها أكثر ما تكون شيوعا فى المجالات الناشئة التى لم تتحدد معالمها 
ولى تتضح حدودها. وبعض هذه الاعمال يقوم مقام المداحل والمقدمات 
بالنسبة لمثل هذه المجالات . 


المطبوعات الرسمية : 

وهى المطبوعات التى تصدر عن هيئة أو مؤسسة حكومية » وتشتمل على 
معلومات تتصل اتصالا مباشرا بنشاطهاأو ناتجة عن ممارسة الهيئة أو المؤسسة 
لنشاطها . وهناك نوعيات كثيرة من هذه المطبوعات » يدخل معظمها فى 
مجالات اهتام المتخصصين فى العلوم الاجتاعية ء كالتقارير الادارية 
والاحصائية » وتقارير 'اللجان والبعثات › ونتائج البحوث والاستقصاءات » 
واللوائح والقوانين والدساتير ومضابط جلسات المجالس النيابية والتشريعية .. 
ال » ما أن هناك أيضا من بين هذه المطبوعات ما يدل فى مجالات اهتام 
المتخصصين فى العلوم والتكنولوجيا كالتقارير العلمية والفنية والمخحططات 
والتعليمات والارشادات الصناعية واطئدسية . 


وفى ختام الحديث عن أنواع النشر لابد من تأكيد أنه ينبغى ألا يتبادر إلى 
الذهن بان أنواع النشر تعنى تصنيف العلوم أو تصنيف الكتب . كذلك ينبغى 


ANY 


أن ندرك أن يحالات التخصص . وتفريعات العلوم والفنون غير متناهية . وأن 
حدودها هى حدود الابداع الانساق الذى زوده حالقه سبحانه وتعالى 
بقدرات متجددة الأفكار تتجاوز القديم دائما إلى الجديد و المستحدث . 
والأمئلة أكثر من الحصر . ففى محال الفنون الجميلة نجد الفن القديم الكلاسيكى 
والفن البيزنطى وفن العصور الوسطى وفن عصر النيضة والفن المعاصر والفن 
الشرق والفنون الاسلامية » ثم نجد لكل دولة أو وطن فنه . وإذا قسمنا الفنون 
الجميلة إلى أقسامها المعروفة » فاننا نجد أنفسنا أمام بحر زاخر من التقسيمات 
والتفريعات . ويكفى أن نضرب مثلا بالموسيقى . ولو ضربنا بعلم الاجتا ع أو 
بعلم اللغة أو بعلم الزراعة أو بعلم السياسة أمثلة لأصبحنا فى محيط زاخر من 
المعرفة . 

كا لو ضربنا مثلاً ببعض علوم المكتبات » لذكرنا التصنيف ونظم الفهرسة 
ا موضوعية والمراجع المتخصصة وتاريخ المكتبات والمخطوطات » والاجراءات 
المكتبية » والتزويد والتسجيل » ومصادر التراث » والدوريات » والتوثيق » 
والتكنولوجيا الحديثة فى المكتبات .... ألم . 


دور النشر : 


دار المعارف : تمثل دار المعارف الاجابة عن سؤالين جوهريين فى صناعة 
الكتاب ف العالم الثالث هما : هل يمكن أن يعتمد النشر فى بلد مثل مصر على 
أسس اقتصادية عادية ؟ وكيف يمكن أن تحقق دار نشر فى العالم الثالث نجاحا 
مستمرا سواء. فى نطاق القطاع الخاص أو فى نطاق القطاع العام ؟ 

لقد كانت الاجابة التى قدمتها التجربة التاريخية لدار المغارف بسيطة 
وواضحة » بل شديدة البساطة والوضوح . فقد أعتمدت منذ انشائها على 
أسلوب التاجر المستنير . فعاملت الكتاب وفقّالقواعدالاقتصادية السليمة » بغير 
تعسف فى طلب الربح أو المفالاة فى المكسب . وجودت ف السلعة ( الكتاب ) 
تجويدا كثيرا . وحرصت على الموالاة . واثبتت التجربة أن الفلسفة الاقتصادية 


¬ YA = 


( قطاع خاص ٠‏ أو قطاع عام ) ليست فى حد ذاتها مشكلة النشر فى العالم 
الثالث . وانما الوعى المستنير والفهم السلم لطبيعة النشر هو مفتاح النجاح . 

فقد أنشأ « نجيب مترى » مطبعة المعارف ومكتبتها فى القاهرة عام 
۰ هء وبدأت نشاطها في الطباعة والنشر بحروف الجمع اليدوى » ولكن 
بمحاولة جادة فى الاتقان » خطت فى سلم التطور والتوسع درجة بعد درجة . 
وفى عام ١944‏ تحول اسمها من مطبعة المعارف ومكتبتها إلى دار المعارف 
بمصر . وخخطت خطوة باهرة فى عام ١96٠‏ حيث انتقلت من الفجالة إلى 
دارها الحالية على كورنيش النيل كا انتقلت الأهرام من شارع مظلوم إلى شارع 
الجلاء فى عام ١174‏ انتقالا مكانيا ونوعياً فى الوقت نفسه » وفى عام ١96٠.‏ 
اضافت المعارف إلى فرعها فى الاسكندرية الذى افتتحته عام ١5141١‏ فرعين فى 
شبرا » وفى الحيدة زينب » ا أنشأت فرعا لها فى بيروت . وظلت تتقدم . 

ثم تغير شكل ملكيتها عام 1177 » ولكن لم يتغير نظام العمل فيها » حيث 
فرضت عليها الحراسة ودخلت القطاع العام » والحقت بمؤسسة الأهرام » 
وكانت ادارة الأهرام فى ذلك الوقت على قدر كبير من الدراية الادارية » 
وحسن التصرف » فأبقت دار المعارف على حال نجاحها . ولم تفرض عليها 
سلطة بيروقراطية تعوقها » أو تجعل منها متاعا وظيفيا . كا يحدث فى كثير من 
تلك الاحوال المشابهة فى العالم الثالث . 


مؤسسة الأهرام : 

لقد حرصت مؤسسة الأهرام . خلال سنوات عمرها التي جاوزت الماثة 
عام على أن تساهم بدورها في هذا المجال الحيوي الام , ألا وهو مجال الطباعة 
والدشر والتوزيع على المستوى الحلي والخارجي » وحيث تقوم بتدعم وتطوير 
أجهزعها المتتخصصة حتى تقدم كل جديد للقراء والياحثين على اختلاف 
أعمارهم ومستويات تعليمهم من مختلف الكتب والموسوعات العلمية التي 
تغطي معظم مجالات المعرفة الختلفة . 


4+ 


في مجال الترجمة والدشر : يقوم مركز الأهرام للترجمة والدشر كا يتضح من 
اسمه بالعمل في مجالين أساسيين . 

(أ) الترجمة : وذلك بتقديم الترجمات العلمية الدقيقة من وإلى ثلاث عشرة 
لغة عالية هي : الإنجليزية » الفرنسية ٠‏ الروسية » الألمانية » العربية » 
الأسبانية : النرويجية » الجرية ء التشيكية » البلغارية » الرومانية » السويدية » 
الإيطالية 327 وغيرها ° 

حيث يتعاون المركز مع أكثر من ٠٠٠‏ أستاذ متخصص في الجامعات 
ومراكز البحوث العلمية لإنجاز ومراجعة عمليات الترجمة التي بلغت ما يجاوز 
٣‏ مايون صفحة ضمت مايزيد عن ٠٠١‏ كتاب » وذلك في إطار براح طويلة 
الأجل تم التعاقد عليها مع العديد من دور النشر العامية . 

(ب) النشسر : وفيه يقوم المركز بإصدار الكتب والمؤلفات التي تلبي 
حاجة القارىء على نطاق الوطن العربي كله , معلماً ودارساً وممارساً وراغياً 
في الإطلاع . من الكتب والموسوعات والقواميس في شتى يجالات الآداب 
والفنون والعلوم . ش 

وينشر المركز أعمال كبار الكتاب والمؤلفين العرب والأجانب التي تعسم 

بقيمة فكرية وحضارية بارزة »وتلبي احتياجات التقدم والرتي - وفي هذا يولي 
مكانة بارزة لكتب الأطفال والشباب . 
٠‏ وحدة بيع » بخلاف منافذ البيع المباشر للجمهور عن طريق المكتبات 
وذلك بمدف توفير الصحف وامجلات والمطبوعات الدورية لكل قارىء في 
أحاء الجمهورية سواء الصادرة عن مؤسسة الأهرام أو المؤسسات الصحفية 
الأخرى مثل دار مايو للنشرء ودار المعارف ودار أكتوبر » ودار التعاون » 
ودار الحلال وغيرها من دور النشر الأخرى بالإضافة إلى جميع الصحف 
والمجلات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والأمريكية وغيرها . 


سوا 


۴ تقوم أجهزة وكالة الأهرام للتوزيع بخدمات متكاملة ومنظورة لتوفير كافة 
الكتب والمطبوعات التي يحتاجها الأفراد والمدارس والجامعات والهيئات 
والوزارات ودور النشر والتوزيع احلية والأجنبية ويمكن إيجاز الأنشطة امختلفة 
ها فيما يلي : 


2 


استيراد أحدث الكتب والمطبوعات الدراسية والمراجع والدوريات 
العلمية والأجنبية من مختلف الناشرين في الدولة المتقدمة . وتوفيرها 
للدارسين والباحثين والهيئات والجامعات في مقارهم . 

استيراد الكتب الثقافية العامة في كافة مجالات المعرفة ومختلف مستويات 
الأعمار . خاصة كتب الأطفال والوسائل التعليمية والقواميس . 
توزيع جميع هذه المطبوعات وتوفيرها للراغيين فيها عن طريق منافذ 
التوزيع والمعارض ومكتبات الكليات والمعاهد : 

تصدير كافة احتياجات الجامعات والهيئات والمكتبات العربية من الكتب 
والمطبوعات والدوريات العربية المتوفرة في مصر . 

بأحدث الإنتاج الثقاني المصري . 

تنشيط تسويق الكتاب العرلي وارتياد أسواق جديدة وإجراء الاتصالات 
مع المهتمين بالثقافة والحضارة والكتاب لتبادل الاستشارات والخدمات 
المتعلقة بإنشاء وننظم المكتبات من أجل تنمية حقل الثقافة والمعرفة 
العربية في الداخل والخارج على السواء . 


وظائف الدشر : 
دور الكتاب فى حد ذاته فى حياة الانسان أوسع من الحصر . ولكننا فى هذا 
امجال ننظر إلى وظائف النشر باعتباره ظاهرة اجتاعية معاصرة . ونحقق وظائف 


۳۱ = 


النشر باعتبارها الاطار العام لعملية النشر . وعلى هذا الأساس نس هيم 
الوظائف الرئيسية للتشر إلى ثلائة وظائف هى : الوظيفة الاقتصادية » ثم 
الوظيفة المهنية ) ثم الوظيفة الفكرية التدموية هذه الوظائف تدور فى محيط 
اجتاعى . فالنشر لا يتم إلا فى نطاق مجتمع . 


١‏ - الوظيفة الاقتصادية : اشر نشاط اقتصادى يدخل فى مجال اقتنصاديات 
الاعلام » وبمعنى أو سع اقتصاديات المعرفة . والكتاب باعتباره وسيلة| إعلام 
يودى دوراً مباشراً فى التدمية . ولكن الذى يعينا فى الوظيفة الاقتصادية للنشر 
الجانب الأول » وهو الدشر باعتبارها نشاطا اقتصاديا . 

وعماد الوظيفة الاقتصادية للنشر هو تكافة نشر الكتاب . فكلما كان 
الكتاب بالثمن المعقول نسبيا كانت تأدية الناشر لوظيفته الاقتصادية محققة 
لأهدافها . ولكن السؤال الذى يثير شغف أطراف العمل فى صناعة الكتاب بل 

إذا استئنينا الكتب الدراسية ذات الاعداد الضخمة » والكتب التى يعاد 
طبعها بكميات وفيرة » وقصرنا حديثنا على الكتاب الذى يتراوح طبع النسخ 
منه ما بين ٠٠٠١‏ و4000 نسخة فانه يمكن تقس تكلفة نشره إلى ثلاثة أجزاء 
رئيسية هى : 

. التكلفة الفعلية لتصنيع الكتاب من ورق وطباعة وتجليد‎ - ١ 

۲ - تكاليف التوزيع وتشمل الخصم لبائعى الكتب » ونفقات الشحن فى 

الداخل والخارج . 

. تكاليف الاعلانات وحق التأليف ومصروفات النشر وأرباح الناشر‎ - ٣ 

ولا يتشابه كتابان فى توزيع النفقات » بل تتفاوت النسب فى الظروف 
انختلفة تفاوتا كبيرا . ففى نشر التراث مثلا لاتوجد مكافأة للمؤلف . وفى 
كتاب لمؤلف مشهور تتضاعف أتعاب التأليف . ونسبة الخصم تختلف بين 


e NNE 


أنواع الكتب اختلافا كبيرا . وبرغم اختلاف الأسعار من بلد إلى بلد آخر ومن 
عصر إلى عصر بل من عام إلى عام فان العلاقة صحيحة ومضطردة بين تكلفة 
النسخة وعدد النسخ المطبوعة . فكلما زاد عدد النسخ المطبرعة قلت تكلفة 
النسخة الواحدة » وأصبح سعر الكتاب رخيصا . وخير الأمثلة على ذلك : إذا 
كانت تكلفة الجمع التصويرى فى الكتاب ١٠م‏ جنيه تصبح تكلفة الجمع 
كالانى : 

. نسخ‎ ٠١ جنها للنسخة الواحد فى حالة طبع‎ ٠ 

۸ جنيهات للنسخة الواحدة فى حالة طبع ٠٠١‏ نسخة . 

. قرشا للنسخة الواحدة فى حالة طبع ألف نسخة‎ ٠ 

۸ قروش للنسخة الواحدة فى حالة طبع عشرة الاف نسخة . 

4 مليمات للنسخة الواحدة فى حالة طبع مائة ألف نسخة . 

وهكذا نستطيع أن ثتبين بصفة عامة انه كلما اتسع حجم سوق الكتاب 
كلما أمكن خفض سعره . 


۲ - الوظيفة المهنبة 


الناشر يبحث عن المؤلف » ويطلب من مؤلف معين الكتابة فى موضوع 
معين » حيث النقطة الأول فى الوظيفة المهنية للناشر هى توقع أنواع الكتب 
التى يمكن أن تيد سوقا ا فى الأشهر القادمة . وهذه النقطة تمثل العمو 
الفقرى فى الوظيفة المهنية للنشر . ويقوم بها ا حررون فى دور النشر العصرية . 
وعمل الحرر فى دار النشر العصرية يشمل تصحيح الأخطاء الاملائية والنحوية 
وتصحيح الأسلوب » بل ويشمل التفاوض لتعديل العنوان إذا كان ذلك 
ضروريا لنسويق الكتاب . وكلما كان الكتاب أقرب إلى الابداع كالشعر مثلا 
كلما کان عمل احرر فى أضيق الحدود وكلما كان أقرب إلى التجميع كان 
عمل انحر أوسع . وحقيقة عمل الحرر تقوم على الاتصال بالمؤلف واقامة جسر 
من التفاهم والتعاون معه وثيقا وقويا وإذا كان التحرير هو الركن الأول 


¬ PY - 


للوظيفة المهنية للدشر فان ال ركن الثالى هو تقدير الوقت اللازم لانجاز الكتاب 
وعرضه فى السوق . هل يمكن للناشر تقدير الوقت اللازم لكافة اجراءات 
صناعة الكتاب ؟ هله الاجراءات ھی 5 


اس 


ا 


الفحص والتقديرات : أى الوقت اللازم لفحص المخطوط » ثم الموافقة 
على نشره . والوقت اللازم لتدير ملازم الكتاب وحجمه . أن . 
التحرير والتصمم : أى الوقت اللازم للصياغة وتصمم الغلاف 
وخطوط العناوين . أن . 


الجمع : أى الوقت اللازم للجمع سواء كان جمعا تصويريا أو آليا أو 


يدويا . 
مراجعة المؤلف للبروفات : أى الوقت اللازم لمراجعة المؤلف 
للبروفات . 


مراجعة الطابع « للفورمه » : وهذه غالبا ما تكون فى أقصر وقت . 
الطبع : أى الوقت اللازم فى الطبع لانجاز نسخ الكتاب . 

التجليد : أى الوقت اللازم لتجميع الأفرخ بعد طباعتها » ويسمى 
التطبيق » ثم التجليد والقص . 

الوقت الضائع فى نقل الورق والطبع أى حساب الوقتالبينى .خلال 
انتااج الكتاب . مراحل إنتاجه من البداية إلى النهاية 


وقت للطوارىء : ويعنى اضافة وقت احتياطى لأى طارىء خلال أيام 


وبطبيعة الحال فان الوقت اللازم لحرو ج الكتاب إلى البيع منذ تسلم الناشر 
للمخطوط » أى أصول الكتاب ؛ يختلف حسب حجم الكتاب وعدد النسخ 
المطبوعة » وحسب خخطة الناشر لتوقيت النشر المناسب » ومدى انجاز الرقابة فى 
البلدان التى تراقب فيها الكتب قبل طبعها لمهمتها فى وقت قريب + وحالة 
المطابع هل هى قديمة أم حديئة ؟ وكفاءة العمال ... وغير ذلك من العوامل . 


ج 


والركن الثالث : من أركان الوظيفة المهنية للنشر هو الركن الخاص 
باتصالات التوزيع . وهو يعتمد أساسا على التواجد فى السوق العام للكتاب 
داخليا وخارجيا . واجراء الاتصالات اللازمة لذلك . وقبل أن يبدأ انتاج 
الكتاب بوقت طويل يجرى العمل فى خطط توزيعه . إذ يدرس قسم المبيعات 
الأسواق الممكنة وينسق مع موظفى الاعلان والتنشيط والدعاية » ويستدعى 
الوكلاء المتجولين الذين يزودون حوانيت الكتب فى طول البلاد وعرضها . 
ويرسل بالبريد أنباء الكتاب الجديد » ويرسل نسخا إلى عارضى الكتب فى 
وسائل الاعلام . والمهم أن المسئولية الرئيسية فى هذا الصدد هى إشاعة المناخ 
الملاثم لقبول العنوان الجديد بمختلف الوسائل الممكنة . 


أما الركن الرابع من أركان الوظيفة المهنية للنشر فهو الركن المتصل بالقانون . 
فالناشر وفق تعريف القانون المصرى ٠١‏ لسنة ١975‏ هو الشخص الذى يتولى 
مويل عملية النشر وادارتها . وقد بين القانون شروط الحصول على رخصة مطبعة » 
وكيفية قيد اسم بائع المطبوعات . كا نص القانون فى مادته الرابعة على وجوب 
ذكر اسم الطابع وعنوانه واسم الناشر وعنوانه ۽ إذا كان غير الطابع » وتاريخ النشر 
بأول صفحة من أى مطبوع أو بآخر صفحة منه » ويستثنى من ذلك المطبوعات 
ذات الصفة الخاصة أو التجارية مثل دفاتر الحسابات والأعمال المصرفية 
والصناعية . وكانت المادة الخامسة من القانون رقم ٠١‏ لسنة ١9756‏ تقضى 
بإيداع أربع نسخ من كل مطبوع ف المحافظة أو المديرية التى يقع النشر فى 
دائرتها . ثم عدلت هذه المادة بالقانون رقم هلالا لسنة ١1605‏ بزيادة النسخ التى 
تودع فى المحافظة أو المديرية التى يقع الاصدار فى دائرتها إلى عشر نسخ بدلا من 
أربع . مع ملاحظة ان القانون 54 لسنة ١154‏ كان ينص على ايداع خمس 
نسخ ثم عدل عام ۱۹٦۸‏ ليصبح عشر نسخ . وجاء فى المادة العاشرة من القانون 
٠‏ لسنة ۳١‏ أنه جوز مجلس الوزراء أن يمنع من التداول - فى مصر - المطبوعات 
المثيرة للشهوات » وكذلك المطبوعات التى تتعرض للأديان تعرضا من شانه 
تكدير السلم العام . 


52 ۳a 


وعلى الناشر بطبيعة الخال ان يلتزم بالدستور فيما يتعلق بالنشر بصفة عامة . 
وأهم ما تشير اليه مواد الدستور المصرى فى هذا المجال ان للمجتمع المصرى 
مقوماته الأساسية . فأساسه التضامن الاجتّاعى . ومن ثم فإن من يحرض على 
بعض طائفة من الناس يكون قد أحل بهذا التضامن المتمثل فى تحالف قوى 
الشعب العاملة . والأمرة أساس امجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية وهو مجتمع 
له قيمه الأحلاقية الجديدة . ويجب ألا يتناول النشر ما يحط من قدر الانسان 
واعتباره . والحق ف المحافظة على الكرامة والسمعة ليس مجرد حق فردى بل انه فى 
النباية يرتد إلى الجماعة 


كذلك على الناشر أن يراعى فيما ينشره ألا يقع تحت طائلة جراتم النشر التى 
أوردها قانون العقوبات المصرى » وأهمها جراثم العدوان على الاعتبار . وتندرج 
تحت جرائم القذف والسب والإهانة» وكذلك جرائم التحريض التى تندرج تحتها 
جرائم التحريض على ارتكاب جرائم وتحسينها وعلى عدم الانقياد للقوانين » 
والتحريض على نظم الدولة » والتحريض على النظم الاجتّاعية » وعلى بغض طائفة 
من الناس » وانتباك حرمة الآداب . ولطالما يثار سؤال حول الفروق بين القذف 
والسب . والفرق الجوهرى بينبما هو أن القذف يعنى الاسناد علانية لواقعة محددة 
تستوجب عقاب من اسندت إليه أو احتقاره » كأن تقذف موظفا معينا 
باختلاس مبلغ معين أو واقعة رشوة محددة . أما السب فيضمن خدش الشرف 
دون تحديد واقعة معينة » كأن تنهم مرظفا بأنه مختلس أو لص . 


*' - الوظيفة الفكرية التدموية : ليس الناشر مجرد تاجر » ونما هو إلى جانب 
ذلك صاحب مهنة » هذه المهنة جانب رئيسى منبا فكرى . اذن الناشر صاحب 
وجهة نظر » أيا كانت هذه « الوجهة نظر » فيما حوله من قضايا امجتمع 
وأموره . 

ولعل ما قاله أحد الأدباء الأوربيين عن كبار الناشرين « بأمهم وزراء اداب 
ومعارف ولا يعقل أن يكونرا بغير صلاحيات ما يتزود به عادة رجال الدولة » » 


AYE 


يفسر لنا جانبا من الوظيفة الفكرية للدشر . تلك الوظيفة التى تتفاوت بين ناشر 
وناشر تفاوتا كبيرا من حيث الثقافة والإلمام بالظروف التنمويه لبلده والاحتياجات 
الضرورية لتثقيف كل قطاعات المجتمع . 

هذه هى وظائف النشر التى لا تتطابق بين بلد وآخر » ولا تعشابه بين تأدية 
ناشر وتأدية اخخر . ولكن على حد الرؤية المنطقية يستطيع الناشر فى أى بلد أن 
يدرس خحبة نشر الكتب » وطرقها الراهنة ف المناطق الأحرى » وف وسعه أن يزيد 
ويرجح ويناظر ويفاضل ويقارن بينها جميعا » ثم يقرر الأحذ منها ما يصلح للتطبيق 
فى بلده » مع شىء من التعديل السلم والتكيف المناسب . 

- كان التفوق فى الانتاج الفكرى فى الفترة من ۱۹۰۰ وحتی ٠۹۵۲‏ 
للأدب ثم التاريخ ثم العلوم الاجتاعية . ويأق بعد هذه المجالات الدين والعلوم 
التطبيقية واللغات والعلوم البحتة على التوالى . وكانت هناك مجالات تخلو من 
التأليف فيها كالفلسفة وعلم النفس والفنون الجميلة والمعارف العامة . 

- فى الفترة 19517 - ۱۹1۹ بقيت السيادة للمجالات الأربعة : العلوم 
الاجتاعية - الأداب - التاريخ والجغرافيا - الديانات . وحدث تطور كبير 
اقتضته ظروف العصر فبرزت العلوم التطبيقية والعلوم البحتة إلى المرتبتين 
الخامسة والسادسة على التوالى وهبطت المعارف العامة إلى المرتبة التاسعة » وهو 
أمر طبيعى . وجاءت الفنون الجميلة على حالما فى المرتبة العاشرة من الانتاج 
الفكرى . وارتفع الانتاج فى اللغات من المرتبة العاشرة إلى السابعة . وانخفض 
الانتاج فى الفلسفة وعلم النفس من المرتبة السادسة إلى المرتبة الثامنة . 

- تشير كل الدلائل إلى أن السيادة والتفوق فى الانتاج الفكرى سيستمران 
للانسانيات » وبصفة خاصة العلوم الاجتاعية والآداب وهما معا مثلان حوالى 
٥‏ من مجموع الانتاج . م تشير كل المؤشرات إلى استمرار الزيادة فى العلوم 
التطبيقية والبحتة وهما معا يئلان حوالى 7/١4‏ من مجموع الاتتاج > وهی 
ظاهرة صحية . وتشير المؤشرات إلى أن الانتاج فى مجالات المعارف العامة 
والفنون باق على حاله من الثبات . 


با سس 


: القطاع العام ناشرا‎ - ١ 

ترجع قصة النشر فى مصر كا سبق القول إلى عصر محمد على » وإلى مطبعة 
بولاق فى النصف الأول من القرن التاسع عشر . وكان النشر انذاك محصورا فى 
صورتين . أولاهما : طبع الكتب ونشرها على نفقة الحكومة . وثانيهما : طبع 
كتب على نفقة ملتزم للطبع والنشر . وكلمة ملتزم فى هذا المقام تعادل كلمة 
ناشر . ثم تطور النشر فى مصر فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر بإنشاء 
مطابع خاصة لبعض ملتزمى طبع ونشر الكتب . 


وقد ظل النشر بصفة عامة فى مصر يعتمد على القطاع الخاص » إلى جانب 
ما تنشره الحكومة بصفتها الرمية » أُو وزاراتها بما يرتبط بتأديتها أعمالها » حتى 
بدأ التحول فى هيكل الاقتصاد المصرى عام ١97١‏ . وعقب ذلك تم تأمم 
عدد من دور النشر الكيرى » وانتقلت من الملكية الخاصة إلى القطاع العام 
وظهرت النتائج التالية : 


١‏ - للناشر فى مصر ظاهرة خاصة وهى أنه يجمع بين وظائف الناشر 
والطابع وبائع الكتب جميعا ( وقد يضيف إلى هذه الوظائف وظائف أخرى 
مثل بيع الأدوات المكتبية ) . وتلك الظاهرة ثمرة من ثمرات التطور التاريغى 

۲ - القيمة الاقتصادية للنشر فى مصر ضفيلة جدا فى الاقتصاد المصرى . 


۳ - یت رکز الناشرون فى مدينتى القاهرة والاسكندرية وى القاهرة يوجد 
أكثر من ثلث الناشرين فى منطقتى الفجالة والأزهر . ويوجد عدد كبير منهم فى 
منطقة وسط القاهرة وعدد » لابأس به فى منطقة باب اللوق . وى 
الاسكتدرية يتركزون حول الجامعة . 


4 تتصدر حركة النشر فى مصر ثلاث دور نشر تابعة للقطاع العام 
وهى : هيئة الكتاب - دار المعارف - دار الشعب - وقد دخلت دور النشر 


الثلاثة فى القطاع العام فى وقت واحد تقريبا : هرئة الكتاب ( هيئة التأليف 
والنشر بتسمياتها الختلفة ) سنة ١9517‏ ء دار المعارف ١45*‏ » مؤسسة دار 
الشعب سنة 157٠‏ » وجميعها لم تنشاً من عدم » ولكن قامت على دعاثم دور 
سابقة » فتاريخها يمتد إلى تاريخ أطول من هذه التواريخ التى اصطبغت فيها 
بصيغة القطاع العام . فدار المعارف انشفت كمؤسسة خاصة سنة 185٠‏ * 
وهيئة التاليف والنشر تضرب جذورها إلى سنة ١14/4‏ » ومؤسسة دار الشعب 
ترجع إلى عام 1١95٠‏ . 
ه - لاتوجد أى صلة - بين الدور الثلاث . 


> - ان مهمة الكتاب هى خلق مناخ فكرى وذوق مستنير . ولن يتم ذلك 
إلا بالتخطيط الواعى لحركة الترجمة والتأليف والنشر أساسا . ولا يعنى 
التخطيط ان يكون كل شىء خحاضعا للخطة العامة بل أن يقتصر مداه على 
أمهات الكتب وروائع التراث الانسانى . 

وخلاصة القول تساؤل هل نجح القطاع العام فى محال النشر أم لا؟ والحقيقة 
أن دور القطاع العام فى مجال النشر المصرى انعكاس للظروف الاقتصادية 
والاجتاعية المصرية الراهنة . ولكنه انعكاس غير دقيق بسبب غياب التخطيط 
من جانب » والتخبط الادارى من جانب آخخر . ولكن القطاع العام فى مجمال 
النشر فى بلدان العالم الثالث بصفة عامة يمثل حلا صحيا لمشكلة النشر فى تلك 
البلدان » بشرط أن يتحلى عن عدم التخطيط وعن التخبط الادارى » وأن 
يساعد القطاع الخاص . 


¬ 4 - 


أزمات النشر عند العرب ف العصر الحديث 
١‏ - أزمة الترحمضة: 


تمثل أزمة الترجمة بشقيها ترجمة الكتب العالمية إلى العربية » وترجمة مختارات 
من الانتاج العرلى إلى اللغات العالمية نموذجا لغيبة التخطيط فى النشر المصرى » 
فحول أزمة الترجمة فى مصر تحدث عدد من كبار المهتمين للأهرام فى أبريل عام 
۹ »عه واقترح كل منهم ما يراه ص حل لأزمة الترجمة . قال ابراهيم زكى 
خورشید : فى عام ١4537‏ انتزعت قرارا من مجلس الأمة باعتبار دعم الكتاب 
مثل دعم الغذاء » وبعدها أصدرت سلسلة كتب المكتبة الثقافية وأعلام العرب 
وتراث الانسانية » وكان سعر الكتاب يتراوح ما بين قرشين و١٠‏ قرشا مثل 
تراث الانسانية » وأنا أتساءل لمصلحة من تتراجح الدولة عن هذا ؟ ان الدولة 
تنفق مثات الملايين لدعم الخبز والغذاء » فلماذا لآ تخصص مليونا واحدا لدعم 
الكتاب ؟ هذا عن الحلول العامة أما الخاصة والنوعية فلا سبيل إلا برفع 
مكافات المترجمين » والأهتام بمعاهد الترجمة والاعتراف برسائل الدراسات 
العليا فى الترجمة . وقال د . زكى نجيب محمود : يجب إعادة مخطيط حركة 
الترجمة » ويضاف إلى ذلك الأهتام باللغات الأجنبية وبالترجمة فى الجامعات » 
كا يجب احياء المشروعات الثقافية الرائدة مثل مشروع الألف كتاب وترجمة 
الموسوعات ودوائر المعارف . على أن يضطلع ببذه المهام لجنة الترجمة با مجلس 
القومى للثقافة . وقالت هناء جبر : ان قانون العرض والطلب ينبغى أن يكون 
فى صالح الترجمة » ان المعرجم إذا ما أشعرناه بأن قيمة عملة توازى الوقت 
والتعب المبذولين لانجازه سيقبل بحماس على الترجمة . وقال د . حسين نصار : 
يجب خلق مناخ عام للأٌهتام بحركة الترجمة فى بلادنا . يكفى أن نكون على 
وعى بأنه بدون اتصال ونقل بين الحضارات لا يمكن أن تقوم حضارة . وهذا 
لا يتأت إلا بالترجمة » لأن القراءة باللغات لا يتمكن منها إلا القلة التى لا يمكن 
أن تؤثر فى المجتمع تأثيرا واسعا . ما ينبغى الاهتام السريع بترجمة العلوم لأا 
تتحرك حركة سريعة جداء يجب ألا نتأخر يوما واحدا فى النقل أو الترجمة » 


- YE 


ولذا ينبغى أن نحذو حذو الدول المتقدمة ٠‏ بإنشاء منظمات نخارجية تابعة لنا 
كمصريين » أو كعرب عموما » من خلال المنظمات العربية . أما د . يحدى 
وهبة فقال يجب أن نعترف أولا بأن الترجمة فن وأن المترجم يستحق أن يتقاضى 
ثلائة أضعاف ما يتقاضاه اليوم . وأحد مظاهر أزمة الترجمة الآن أن البعض 
يتظاهر بأنه يؤلف وهو فى حقيقته مقتبس . يحدث هذا ف المسرح والسينا 
والسبب اقتصادى . الحروب من أسعار الترجمة البخسة . ثم دعى إلى ضرورة 
الاهتام بدور النشر فى القطاع العام لإشباع جهود الشباب المبدعة وبإصدار 
امجلات الثقافية والدوريات » وقد كانت فيما سبق حافلة بالموضوعات 
لمترجمة . كانت هذه الأراء أهم ما ورد بالحوار الذى أثاره الأهرام إلى جانب 
اقتراحين هامين أوهما أن حركة الترجمة بدأت تنحسر ف العالم الثالث وتتجه 
. إلى العالم الصناعى المتطور هناك مراكز للاستشراق فى الخارج » وبا جامعات 
الأجنبية محاولات لترجمة الأدب العربى الحديث إل الأنجليزية والفرنسية » وثمة 
تركيز على ترجمة ما يتعلق بالأفكار العامة الدينية والسياسية أكار ما يختص 
بالأدب الروانى . لذلك يجب أن نقدم بأنفسنا ترجمة لأنتاجنا إلى العالم . 
والاقتراح الثانى يتعلق بانعدام الهيئة التى تقترح ما ينبغى ترجمته » وما توصى به 
وتتولاه وترعاه » وبحيث تحقق التنسيق بين ترجمة الكتاب وحاجة الجمهور 
اليه . لذلك يجب أن يعهد إلى هيئة بالتخطيط للترجمة » ويجب أن تقوم هذه 
الميغة بالتنسيق مع كافة الجهات المتصلة بالترجمة . 

وف يناير ۱۹۸۲ تعود أخبار اليوم لمناقشة أزمة الترجمة . فتحدث د . رشاد 
رشدى عن دور الجامعات فى الترجمة قائلا : « ان كل جامعة من الجامعات 
يجب أن تضع نسبة معينة من ميزانيتها لكتب-تترجم » وهذا النظام موجود فى 
أمريكا فجامعة « بيل » مثلا تصدر سنويا أكثر من كتاب مترجم إلى اللغة 
الانجليزية » وعندنا الآن أربعة عشر جامعة تقرييا » ورغم هذا فالجامعة مقصرة 
تماما فى :بضة حركة الترجمة » فالترجمة لا وجود ها اطلاقا فى جامعاتنا مع أننا 
كبلد له دور فى تاريخ الحضارة . والعالم كله يتطور فى كل شىء . وهذا ما 
فعلته بلدان كثيرة بدأت أولى خطوات نبضتها معنا كاليابان مثلا » التى 


- اع سا 


أستطاعت أن تلحق بركب الحضارة » ففى الحقيقة أن اليابان تبتم بالترجمة إلى 
أقصى الحدود منذ أن بدأت نبضتها وحتى الآن » وأشار إلى تقصير هيئة 
الكتاب فى الاهتام بحركة الترجمة وأنه يجب على هيثة الكتاب أن تصدر نسبة 
كبيرة من الانتاج السنوى تكون ترجمة منتقاة . وتحدث د . عنافى فربط بين 
القراءة بصفة عامة وأزمة الترجمة . قائلا أن أزمة القراءة أحد أسباب أزمة 
الترجمة . و قد أثر ذلك على اهتام القارىء بالأدب عامة وبالأدب العالمى . 
عام برضف أن نذكر أن الأجهزة التى كان منوطا بها تقديم الأعمال المترجمة 
للجمهور قصرت ف وظيفتها على مدى العشرين عاما الماضية » وهذه الأجهزة 
هى ادارة الترجمة بوزارة التربية والتعلم التى كانت قد أخرجت مشروع الألف 
كتاب وأكثرها كتب مترجمة . حدث هذا فى الستينات » ووزارة الثقافة التى 
بها حنة ترجمة تواجه مشكلات كبيرة فى حركة الترجمة » والجهات الثقافية 
المستقلة مثل الجامعات والمعاهد » والجهات المشتركة فى محافل دولية مثل 
« اليونسكو » أو الأم المتحدة ... تلك الجهات قد قصرت فى حركة الترجمة 
بحجة واهية وهى ضعف اليزانية وف الحقيقة أنه ليس عيب الميزانية وانما هو 
عيب الروتين والتعقيد الادارى . وهذا التعقيد يتمثل فى أننا نجد هناك أمام كل 
مترجم عشرين موظفا فى حين أنه من المفروض أن يكون هناك عشرون مترجما 
أمام موظف واحد . كذلك فوجود أزمة فى عدد المترجمين يتسبب بلا شك فى 
تعقيد الحلول أمام الترجمة فى مصر . فقد امتصت الميئات الدولية المترجمين 
الأكفاء وأصبحت تدفع لهم يذخ . فلماذا يترك المترجم هذه الميزات المادية 
التى يجدها هناك ويأق إلى مصر ليترجم مقابل مبالغ ضفيلة جدا » إذا قيمست 
بالمبالغ التى يتقاضاها فى الخارج . والحلول ازاء أزهة الترجمة هى أن تتولى لجنة 
الترجمة مسكوليتها كاملة بأن تتاح ا الميزانية الكافية لتخطيط برنامج للترجمة قد 
يشبه برنامج الألف كتاب » وليته يكون مشروع العشرة الاف كتاب على مدى 
عشر سنوات مقلا. ولابد أن نذلل الصعاب 


عندما نطلب النقود من وزارة المالية » لأن الترجمة ينبغى أن يعاد النظر اليها 


YEN عم‎ 


باعتبارها غذاء ثقافيا جوهرياء لا يختلف عن أهسمية الخبز . ويجب أن يكون 
هناك هيئة مشتركة بين هيكة الكتاب والمجلس الأعلى للجامعات لتقل الأبحاث 
المصرية والآداب المصرية إلى اللغات الأجنبية على حساب الدولة لكى تكون 
مراة -لهياتنا الثقافية . ثم تحدث الدكتور عبد العزيز حمودة قائلا : فى رأبى أن 
الحلول الواجب اتخاذها تجاه هذه الأزمة . 


أولا لابد من عودة النظرة الجادة لأهمية الترجمة أو النقل فى جميع فروع 
المعرفة . 

ثم لابد أن تنظر الميئات الختصة إلى الآداب المترجمة على انها تخدمة ثقافية » 
وليست سلعة تجارية . فما المانع مثلا من أن تباع المسرحية المترجمة بعشرة 
قروش لتكون فى متناول أى مستوى » وبذلك ترفع من المستوئ الثقافى عند 
أبنائنا » أى لابد من خفض التكاليف » فالشاب المصرى شغوف جدا 
بالقراءة » وهذه حقيقة لدرجة انه يتلهف على شراء الكتب وبخاصة المترجمة 
تلك الكتب التى تأقى من الكويت والدول العربية الأخرى » وفى رأبى أنه لو 
تكاتفت جهود الجامعة مع هيئة الكتاب للنهوض بالترجمة لأثمر ذلك نتائج 
جديدة جيدة . 

وفى فبراير 19417 تتناول مجلة آخر ساعة الموضوع مرة أخرى فيقول د . 
نبيل راغب لا يوجد تخطيط بالمرة بالنسبة للجنة الترجمة » فلا أحد يسافر إلى 
الخارج ليطل على الجديد فى الفكر الذى يجب ترجمته » حتى لا تتخلف مصر 
( حضاريا ) » وكل الجهود المبذولة فى هذا المجال مجهودات فردية » مثل ترجمة 
وصف مصر لزهير الشايب وغيره . 

كا أن كثيرا من اللجان فى مصر موجودة لاعاقة العمل . فمثلا منذ عام لم 
تجتمع لجنة الترجمة . والاعتّادات الخصصة لها ضعيفة ولا تكفى لترجمة 4 
كتب فی العام . 
. ولم تكن رغبة المثقفين المصريين فى نشر انتاجهم الفكرى والأدنى على وجه 
الخصوص عايا غائبة عن جهودهم قبل ثورة يوليو ١1517‏ . يروى د . مرسى 


E —‏ س 


سعد الدين(١)‏ جانبا من هذه الجهود منذ عام ۱۹٤١‏ قائلا : ان الدكتور طه 
حسين حين كان وزيرا للمعارف أنشأ المعهد المصرى فى لندن » وكان لى حظ 
العمل سكرتيرا لذلك المعهد من عام ١948‏ إلى أخخر ١107‏ . وكانت مهمة 
المعهد عكس صورة مصر الحضارية والثقافية للعالم » وكان فعلا النواة التى 
ازدهرت بعد ذلك فى عدد كبير من المراكز الثقافية » وكان من أهم واجبات 
المعهد نشر ترجمات للأدب المصرى باللغة الانجليزية » وفعلا قمت بالاتصال 
بعدد من دور النشر الهامة فى لندن لناقشة هذه الفكرة » وكان العرض الذى 
تقدمنا به لهذه الدور ضْمان شراء الحكومة المصرية لعدد من النسخ تكفى 
لتغطية نفقات النشر » على أن تقوم الحكومة المصرية أيضا بدفع نفقات 
الترجمة . وكانت ردود جميع دور النشر هى انه إذا اقتنعت بالكتاب 
وبصلاحيته للقارىء الانجليزى فائها ستنشره دون أية حاجة لضمانات من 
جانبنا . ويعطى ذلك لنا مؤشرا عن طبيعة النشر . فدار النشر لا تريد أن تنشر 
أى شىء يضمن لها ربح . بل ان لها شروطا معينة ومستويات خاصة لا أقول 
أنها مستويات مرتفعة أو منخفضة وإنما ذات طابع خاص لا تنشره . وفعلا 
قمت شخصيا فى ذلك الوقت بترجمة مجموعة من قصص كتابنا محمود تيمور 
وطه حسين وتوفيق الحكيم وسعيد عبده وصلاح ذهنى . وتمكنت من نشر 
هذه المجموعة فى عام ١14/‏ » وفى هذا المضمار أود أن أذكر نشرة يصدرها 
نادى القلم الدولى بالاشتراك مع « اليونسكو » واسمها ئشرة الترجمة . وقد 
كنت ضمن لجنة تحريرها حين كنت فى لندن » کا عمل فيا أيضا على حسن 
عبد القادر » وكان إذ ذاك مدير المركز الاسلامى فى لندن » كانت تلك النشرة 
- ولا تزال - تصدر باللغات الانجليزية والفرئيسية والأسبانية والألمانية . 
ومهمتها نشر ملخصات لأهم ما صدر باللغات غير العالمية . وقد أرسلت لا 
فعلا عددا من الملخصات عن الأدب المصرى نشرتها » وكانت نتيجتها ترجمة 
بعض الأعمال الأدبية المصرية فيما بعد . وأذكر أيضا مشروعا قدمته للمجلس 
الأعلى للفنون والأداب لترجمة الكتب الكلاسيكية فى الأدب المصرى الحديث . 


(1) مرسى سعد الدين : تصدير الأدب المصرى الأهرام بتاريخ ۱۹۷۹/٤/۳۰‏ . 


REE 


ووافق المجلس وبدأنا مشروعا كبيرا لترجمة أكثر من اثنى عشر كتابا إلى اللغتون 
الانجليزية والفرنسية . ووزعت الكتب على عدد من كبارز أساتذة اللغات فى 
مصر » وفعلا تمت الترجمة ولم نستطع أن نجد لها ناشرا فى الخارج على الرغم من 
استعدادنا لضمان تغطية النفقات . وبدأنا هيئة الكتاب فى اصدار هذه 
الترجمات » وفعلا ظهر منها عدد لا بأس به . العملية اذن تتوقف تماما على 
مزاج الكاتب الذى يريد الترجمة . وأذكر على سبيل المثال قيام « دزموند 
ستيوارت » بترجمة الرواية الأولى لمؤلف شاب هو عصام دراز . فقد قرأت 
هذه الرواية واقتنعت بها تمام الاقتناع » وتحدثت عنها إلى « دزموند » الذى قام 
بدوره بقراءتها ونشر عنها مقالا مطولا فى احدى المجلات الانجليزية . فكان ان 
طلب منه أحد الناشرين ترجمتها . بل أن أحد المخرجين السينائيين عرض اخراج 
فيلم منها . هذا لا يعنى تحيزا أو محسوبية » وانما هى ظروف وذوق خاص » 
أريد أن أحرج من هذا باقتراح وهو أن تقوم لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للفنون 
والآداب باختيار مجموعة من الأعمال الأدبية » وتكلف بها من يترجمها ما 
حدث من قبل » ثم تقوم الدولة بنشر هذه الترجمة وتوزيعها فى الخارج » أما 
عن طريق مكاتبنا الثقافية والأعلامية أو عن طريق موزعين عالميين . 

وما يو كد العلاقة بين غيبة التخطيط وأزمة الترجمة الموذج الذى يجسد هذه 
العلاقة » وهو ترجمة ٠.كتاب‏ وصف مصر . لقد أعلنت هيئة الكتاب عام 
487 أنها تعتزم ترجمة كتاب وصف مصر الذى وضعه علماء الحملة 
الفرنسية على مصر عام ١794‏ . وأثار ذلك عددا من الكتاب والصحفيين . 
فقد ترجم الأديب والمترجم الراحل « زهير الشايب » عددا من فصول هذا 
الكتاب ترجمة وصفت بأنها بالغة الجودة من الدقة والجمال والموهبة . وقد 
حصل المترجم الراحل بها على جائزة الدولة التشجيعية فى الترجمة . وقال بعض 
الكتاب أنه يبدو أن صاحب فكرة ترجمة كتاب وصف مصر لا يعلم أن العمل 
قد ترجم منه جزء كبير بكفاءة بالغة . وخشى بعض آخخر أن نكتشف مستقبلا 
بأن هذا المبلغ المقترح قد تم توزيعه على عدد من الأفراد من يكلفرن بإعادة 
الترجمة دون أن يقدموا جديدا فى هذا الموضوع » أو يقدموا شيعا « كسد 


— fo 


خانة » » ولو نقلا من ترجمة زهير نفسها » ؛ مع تغيير بسيط فى الألفاظ وائتبت 
المشكلة بتجميد المشروع . هذا إلى جانب ترجمة الكتاب الواحد أكثر من 
مرة » فى حين توجد أمهات من الكتب لم تترجم على الأطلاق . 
؟ - أزمة تزوير الكتب : 

يواجه الكتاب المصرى » ومن ثم النشر فى مصر بصفة عامة » ظاهرة شاذة 
كاله e‏ . وعلى وجه التحديد فى ببروت » وفى قليل من العواصم 
الأخرى بأثر محدود . تلك الظاهرة هى أزمة تروير طبع ونشر الكتاب 
المصرى . ويبدو أن ظاهرة تزوير الكتب ظاهرة قديمة2'0 » وأنه يعود إلى القرن 
التالى مباشرة لاختراع الطباعة » وأن التزوير صار فى القرن السادس عشر 
منتشرا » بحيث قامت محاولة لحماية كل كتاب بإقامة حق امتياز له . وأقدم حق 
امتياز يرجع إلى القرن السادس عشر ف المانيا » وكان يحرم بمقتضاه اعادة طبع 
الكتاب دون إذن مؤلفه . وفى حالة منح صاحب الكتاب امتيازا امبراطوريا 
فمعنى ذلك أن قرار الحظر يشمل كل الانيا » وكان هذا الحق يسرى لمدة سنة 
أو لبضع سنين . ولهذا الغرض كان أمر الامتياز لصاحب الكتاب يطبع غالبا فى 
أول الكتاب . أما عقوبة الخالفة لهذا القرار » فكانت توجب دفع غرامة 
تتفاوت قلة وكثرة . ومع هذا فقد بقى التزوير على الرغم من كل هذه 
اللوائح . وكثيرا ما شوة المزورون الكتاب الأصلى . 6 كان يحدث أن يضيفوا 
اليه ملاحق لم يكن لها أدنى صلة بالطبعة الأصلية للكتاب . ولكن تزوير 
الكتاب المصرى فى النصف الثانى من القرن العشرين تعود إلى ثلاثئة أسباب 
مختلفة . السبب الأول هو تطور الطباعة ما جعلى الطبع بتصوير الصفحات 
سهلا بل وأقل تكلفة . والسبب الثالى هو رغبة بعض الناشرين المزورين فى 


)١(‏ نوقشت نفس القضية فى الندوة التى عقدتها الشركة الوطنية للنشر والتوزيع فى الفترة من 
؟ - ٥‏ مايو ١5954‏ بالمكتبة الوطنية للجزائر . وكان عنوان الندوة حول مشاكل 
الكتاب فى البلدان العربية 


غم 


الربح الحرام . والسبب الثالث هو مساعدة ظروف معوقات تصدير الكتاب 
المصرى . ثم المقاطعة العربية أخخيرا » للسيبين السابقين . 

وقد طالب رجاء النقاش عام ۱۹۸١‏ وزراء الثقافة العرب بالتصدى لهذه 
الظاهرة التى أعتبرها يهدد الأمن الثقافى العربى » بعد أن أصبح لهذا التزوير 
مؤسسات كاملة تقوم به فى بيروت وغير بيروت » دون أن يصدر قانون عربى 
واحد يعاقب مؤسسات التزوير هذه على ما ترتكبه من جرائم فى حق العقل 
العربى والثقافة العربية . ان مؤسسات تزوير الكتب تصدر كل يوم الاف 
النسخ المزورة » تختلف الكتب الحديثة والقديمة » ورغم أن هذه المؤسسات قد 
بدأت وانتشرت ف الوطن العربى , إلا أن أحدا لم ينبض حتى الآن لوضع حد 
هذه الجريمة التى يتم ارتكابها كل يوم بأعصاب هادئة باردة » وهى جرية 
أصبحت ا يشعرون بالأمان الكامل » 
ويفتحون ها مكاتب علنية ويضعون عليها اللافتات البراقة » بغير خجل أو 
حياء » ويجمعون الثروات الطائلة من وراء عملية تزوير الكتب هذه جهارا 
نهارا » دون أن يجدوا من يحاسبهم . أو يطالبهم بالتزام الحدود الأخلاقية 
والقوانين المشروعة لعملية نشر الكتب واصدارها . بل لقد تجاوزت ظاهرة 
تزوير الكتب سرقة الحقوق المادية للكتاب » وامتدت إلى سرقة الحقوق 
الأدبية وقول رجاه ي 0 : « أمامى نموذج حى لهذه السرقة . وأعتقد 
أن هذا انموذج ينبغى أن يدفع - جع المكولن عن الثقانةى الرطن العررف لج 
اتخاذ موقف ام ا النوع من التزوير والسرقة » لأن الضرر هنا يمتد 
ويتسغ ليصبح تشويها كاملا للثقافة العربية المعاصرة . والموذج الذى اتحدث 
عنه هو نموذج يتمثل فى مجموعة قصص قصيرة مترجمة من الآدب العالمى بعنوان 
« صديق الشدة وقصص أخرى » وهذه المجموعة كا ظهرت ف الطبعة البيرونية 
المزورة قد امتاذت بأخطاء فادحة . 

وأنيس منصور يروى قصته مع تزوير كتابه الأول قائلا('“ : 


(1) أنيس منصور : جريدة الأهرام بتاريخ ۱۹۸۲/۷/۵ . 


ا ص 


صدر كتابى الأول سنة ١949‏ ( وحدى مع الآخرين ) فى بيروت . 
فوجئت به فى أسواق دمشق . ثم فوجئت بطبعته العشرين فى تل أبيب . أما 
الطبعة الأولى فلا أعرف كيف جمع الناشر مقالاقى ثم وضعها فى كتاب دون 
إذن منى . ثم أعيد طبع هذا الكتاب » وكتب أخرى ؛ دون علمى فى بيروت 
ودمشق وطهران . وهذه هى قضية السطو على الفكر المصرى » . 

وفى شهر مايو عام ١941‏ اهتمت الدوائر المعنية فى القاهرة بتزوير الكتاب 
المصرى . وتقرر وضع اجراءات رادعة لمواجهة ظاهرة تزوير الكتب المصرية 
وبيعها فى المعارض الدولية . وفى أمبواق الكتب العربية . ومن بين هذه 
الاجراءات حرمان الناشر الذى يثبت قيامه بعمليات تزوير الكتب من دخخول 
الأراضى المصرية . ومصادرة أى كتب معروضة له داخخل البلاد » وابلاغ 
حكومة الدولة التى يتبعها الناشر بتهم التزوير الموجهة اليه » وكذلك اتحاد 
الناشرين فى بلده » وتوزيع كتاب دورى إلى كافة الوزارات والهيئات الحكومية 
فى كافة الأقطار العربية والإسلامية وإدارات معارض الكتب التى تقام فى هذه 
الأقطار بعدم التعامل مع الناشر » وكشف جرائم تزويره » وقد شكل وزير 
الثقافة الجنة عليا من المسئولين بوزارة الثقافة وممثلين عن دور النشر الكبرى فى 
القاهرة لوضع تصوراتها لوقف هذه الظاهرة الخطيرة التى استشرت بصورة 
نادحة فى السنوات الأخيرة » وبعد أن اكتشفت الوزارة ان دار نشر واحدة فى 
المعرض الدولى للكتاب المقام فى بغداد وهى « دار أمية » قامت بتزوير 5/ 
كتابا للمؤلفين المصريين » وقد حولت اللجنة الميغة العامة للكتاب للقيام نيابة 
عنها بكل عمليات التعقب الملاحقة للمزورين » وتحديد الاسواق وامجالات 
التى تنفذ اليها كتب المزورين كمعارض الكتب التتى تقام سنويا على مستوى 
الوطن العربى » والوزارات والهيئات الحكومية التى تقتنى كميات كبيرة من 
الكتب » وكذلك تحديد الكتب المزورة المتداولة فى الأسواق . ودور النشر 
التي أصدرتها والاتصال المباشر بأصحاب دور النشر التي تعمل في مجالات 
التزوير لتصفية الكتب المزورة لديها وطلب كافة الحقوق المادية للمؤلفين 
المص, بين عن الطبعات المرورة . 


¬ FEA > 


وقد رأى الدكتور سيد أبو النجا أن هذه الاجراءات لا يمكن أن تتم عمليا 
إلا من خلال احياء اتحاد الناشرين . فلو كان هذا الاتحاد موجودا اليوم لاتصل 
باتحاد الناشرين فى لبنان وتعاونا معا لايقاف التزوير » واتصل بالسلطات ليدافع 
عن حقوق الناشرين » وبذل جهدا فى رفع الرسوم الجمركية على تصدير 
الكتب وأزاح عن الناشرين سطوة الاستارة التى توجب بيع الكتب نقدا ودون 
أجل . ويقول الدكتور أبو النجا : « لقد توليت اتحاد الناشرين عند انشائه منذ 
٠‏ عاما وبذلت جهدى فى سبيل اقناع وزارة الثقافة التى أنشأته لكى تعترف 
به » ولكن لم أنجح » فتقدمت باستقالة مسببة للوزارة قلت فيها اننى استقيل من 
شىء لاعمل لهء وأنا لاأحب أن أكون رئيسا شرفيا لأية هيئة أو جمعية » 
وأحب أن أكون رئيسا عاملا وأردت بذلك أن أسمع صوق للناشرين » ولكنهم 
لم يتح ركوا أيضا فنام الكتاب وتعرض لعمليات التزوير المستمرة فى لبنان وايران 
على وجه الخصوص » ولم يتقدم أحد لانقاذه » ولم يدافع عنه اتحاد الناشرين 
الموجود الآن فقط على الورق » وعندما اخترت رئيسا للجنة النشر بالمجلس 
الأعلى للثقافة لم أستطع أيضا أن أفعل شيئا » حيث أجرت اللجنة تعديلا فى 
قانون الاتحاد يتمشى مع الظروف الحاضرة » ولكن أحدا لم يلتفت إلى هذه 
التعديلات وإلى الاتحاد نفسه » وانتبت لجنة النشر كا انتبى الاتحاد » ومن هنا 
تكون دعوق لوزير الثقافة إذا أراد أن ينجح فى مهمته الشاقة فى وقت عمليات 
تزوير الفكر المصرى أن يبدأ انطلاقته من أحياء الناشرين باعتباره القوة الحقيقية 
التى يستطيع من خلانها حماية الفكر المصرى والمفكرين المصريين من سطوة 
الناشرين المزورين الذين أصبحت جرائمهم لا تقف عند حد » . 

وقد تأخر احياء اتحاد الناشرين بسبب اجراءات تعديل قانونه » والتى تتجه 
إلى قصر مزاولة مهنة النشر على المصريين » حتى لو كان الناشر شخصا 
اعتباريا . وان يكون رأس المال مملوكا بالكامل للمصريين . وذلك مع مراعاة 
أحكام المعاهدات الثقافية التى تبرم بين مصر وأى دولة أخرى تبيح لمواطن هذه 
الدولة مزاولة مهنة النشر فى مصر . ,ا تتجه التعديلات إلى زيادة الحد الادنى 
لرأس المال إلى عشرة الاف جنيه بدلا من الفين . کا تتجه التعديلات إلى 


~64 - 


تشكيل مجلس إدارة اتحاد الناشرين بالانتخاب من الجمعية العمومية . بشرط أن 
تتوافر فى المرشح لعضوية مجلس الادارة أن يكون سنه ٠٠١‏ سنة على الأقل » وان 
يكون قد مضى على قيده بسجل الناشرين عامان على الأقل . وأن يضم مجلس 
الادارة إلى جائب الأعضاء المنتجين ممثلين عن المجلس الأعلى للثقافة » والهيئة 
العامة للكتاب » والجهاز المركزى للكتب الجامعية . 


۳ - أزمة الدشر من المواقف الصعبة التي تواجه المؤلف في مصر والدول 
النامية » موقف كيفية طبع الكتاب الذي يرغب المؤلف في نشره على أي 
نطاق » أياً كان موضوع الكتاب ء ولعل الأزمة التي يواجهها أساتذة 
الجامعات لطبع مؤلفاتهم . تجعلهم يقبلون بما يفرضه عليهم الناشرون من تضييق 
نطاق التوزيع والدشر والاقتصار على طلاب الجامعة الدراسين للكتاب . 

وعدم محاولة توزيع الكتاب في الجالات الأخرى خارج حدود الجامعة 
وخارج حدود نطاق المدينة أو الدولة .. رغم أن أغلب هله المؤلفات تخدم 
العلم وطلابه وتقدم إلهم أحدث ما وصلت إليه المعرفة البشرية في مجال 
التخصص . 


کا يصعب على أي شاعر أو أديب أن ينشر أعماله الأدبية في دواوين 
وقصص وروايات تحمل أفكاره وتصوراته » إما لكونه لا يملك المال الذي 
تتطلبه العملية الطباعية بجانب الال لقنوات التوزيع والنشر على طلاب الأدب 
والمعرفة . 5 أن هيئات النشر الحكومية لا تستطيع بإمكانياتها الكبيرة إلى حد 
ما من القيام بهذا الواجب الإنساني الذي يتطلب الوقت والمال والتكنولوجيا مع 
وجود أجهزة متخصصة لراجعة المؤلفات ثم الاختيار والانتقاء مع وضع 
الأولويات لنشر المجموعات الدورية في كل مجال . ولذا فإن ماينشر لا يتعدى 
أسماء معدودة لها من الشهرة والتقيم على جميع المستويات الشحلية والإقليمية » 
جانب نشر القليل من كتب التراث . 


4 - أزمة التكدولوجيا الطباعية 


من الظواهر غير المقبولة في مجال الدشر في مصر ء أن نكون على أبواب 
القرن الحادي والعشرين » ومازالت لدينا مطابع ماكيناتها من إنتاج القرن 
التاسع عشر ء تعمل وتنتج الكثير من الكتب الجامعية والعامة في العلوم 
والآداب والفنون بمستوى طباعي أقل من مستوى الكتب التي طبعت مع بداية 
هذا القرن . وعند المقارنة بين الكتب المطبوعة في أمريكا أو أي دول أوروبية 
مثلاً » وبين الكتب المطبوعة في مصر ء فإنه يصعب وصف المقارنة سواء في 
نوعية الورق أو الألوان الطباعية أو مستوى التجليد والتغليف وهنا يرجع إلى 
أن عملية النشر ذات طبيعة نخاصة من الاتصال والترابط » بده من المؤلف 
وكتابة المخطوط ومروراً بالناسيخ والمراجع وانتباءاً بالناشر امالك للمال صاحب 
المقدرة على تكلفة عمليات الجمع التصويري والطباعة والتجميع والتغليف 
والتوزيع » لكي يتحقق غرض النشر » هذا بجانب اخقيار أجود أنواع الورق 
الصالح لطباعة الكتب بأنواعها » مع استخدام الأساليب التكنولوجية المعاصرة 
في كل المراحل ... وهنا الصعوبة حيث قد يستخدم الناشر أسلوب الجمع 
التصويري » وفي المرحلة التالية يستخدم أسلوب طباعي لا يظهر المستوى الفني 
العالي لوضوح الكتابة والصور والرسومات الإيضاحية » وبالتالي فإن مستوى 
الانتاج يختلف باختلاف المراحل التكنولوجية المستخدمة في إخراج الكتاب 
وطباعته » ما يستلزم بالضرورة النظر إليها باعتبارها عملية ذات طبيعة خخاصة » 
بحيث لا يجب أن يستخدم الناشر وسيلة تكنولوجية معاصرة في إحدى 
المراحل » ثم وسيلة ليست من نفس المستوى التكنولؤجي . ما يؤثر على شكل 
الكتاب كناتج نبائي . ولا يعني ذلك عدم وجود مطابع تستخدم أحدث 
الأساليب التكنولوجية المعاصرة . إلا أنها قليلة ولا تغطي سوى نسبة ضئيلة من 
م النشر الإجمالي . 


= وهلا 


ه - أزمة دعم الدولة للكتاب : 


مع بداية الستينات كانت حركة النشر في مصر في أوجها » يرجع ذلك إلى 
الدعم الذي كانت تقدمه الدولة لنشر الكتاب وتوزيعه » ومساهمتها المالية للهيئة 
العامة للكتاب ولدار المعارف وللأهرام ولمؤسسة دار الشعب وغيرها ولعلنا 
نذكر كتب المجموعات الثقافية مثل أعلام العرب » والمكتبة الثقافية ومجموعة 
إقرأ ( بدايتها من الأربعينات ) ومجموعة الألف كتاب ومجموعات كتب التراث 
والكتب الدينية . ولا شك أن سر كثرة توزيع وانتشار هذه الكتب يرجع إلى 
أسعارها الرخيصة المدعومة من الدولة مما ساعد وساهم في تنشيط الحركة 
الثقافية . أما الآن فإن الظروف المالية للدولة لا تسمح بهذا الدعم نظرأ لارتفاع 
أسعار الورق والطباعة والتوزيع جما لا تحتمله ميزانيتها . 


~ YoY — 


الفصل الخامس 
الورق والطباعة 
في 
العصر الحديث 


صناعة الورق في الصين القديمة 


إن الورق ليس مرد مادة بسيطة نستخدمها » إذ الواقع أن حياتنا اليومية 
الحديثة تعتمد إلى حد بعيد على وجود الورق . فلولا الورق لما وجدت 
الصحف أو الكتب المطبوعة » و فلت حياتنا من ورق اللف بمختلف أنواعه ع 
وورق الكتابة والكراريس والكتب وامجلات والصحف بأنواعها » ولما عرفنا 
صناديق الورق المقوى وكل مواد التعبغة والتغليف ي الورق والكرتون وأوراق 
النقد والشيكات وغير ذلك كثير لا يحصيه عد . وباحتصار »› فإن عالنا 
بصورته الراهنة لم يكن ليوجد لولا ظهور الورق . 

وإذا رجعنا عبر التاريخ ثمانية قرون فقط لوجدنا أوروبا بأسرها لا تعرف 
الورق . وكان المادة الوحيدة التي تشبه الورق » والتي يمكن الحصول عليها 
بسهولة هناك نوعاً رديئاً يعرف بالرق وهو عبارة عن قطع مربعة أو مستطيلة 
من معدة الحيوانات المجترة مثل الخراف والماعز والبقر والجمال وغيرها . ولكن 
لم يكن أحد يعرف شيئاً عن طريقة صنعه » وكان معظم الكتبة لا يحبون 
استخدامه . فلم يكن سهل القزق فحسب » بل أن أية محاولة لمحو غلطة ما 
حك سطحه كان من امحتمل أن تثقب مكانها . وقد دحلت هذه المادة أسواق 
أوروبا من شرق البحر المتوسط » حيث أقام العرب في مدينة دمشق عدة 
مصانع للورق . غير أن أنواع الورق التي أنتجها العرب هناك من القطن 
والبوص وبعض النباتات كانت أقل جودة بكثير من الأنواع المتعددة التي 
أنتجها الصينيون من الألياف النباتية . 

ولكن كيف أمكن لسر صناعة الورق الذي أحكم كتانه أن يتسرب من 
الصين ويرتحل إلى العالم عبر عدة مراحل بطيئة ؟ إن ذلك في حد ذاته قصة 
طويلة . وقبل أن عضي يي سردها فلنستعرض طريقة الصينيين في الكتابة . 
لقد بدأت الكتابة الصينية كغيرها من الكتابات القديمة على شكل صور . 


— Yoo — 


ولكن بمرور الزمن أخمذت الصور التي تعبر عن أفكار معينة والتي رسمت على 
هيئة رمزية . ولم تكن هذه الرسوم تمثل حروفاً هجائية » فكل رمز أو شكل 
منها كان يعبر عن كلمة من اللغة أو مقطع من كلمة » سواء أكان الشكل 
مكوناً مر خط واحد أم من عشرين خطاً . وكان هناك أربعة الاف من هذه 
الرسوم أو الرموز ينبغي حفظها عن ظهر قلب لمن يرغب أن يتعلم القراءة 
والكتابة . 


A &‏ 252 سار 
عله حم للا ر 
28 )6 ك4 ر„ 
8 8 9 سد 


تطور الرموز الكتابية الصيدية من الرسوم الأولى 


لم تكن للصين في فجر تاريخها أية علاقة بغيرها من دول العالم القديم . ولذا 
م يكن أهلها يعلمون بوجود مواد تستخدم للكتابة عليها مثل ألواح الطين أو 
البردى أو الألوا ح الخشبية المغطاة بالشمع في بلاد أخرى بعيدة . وكذلك فإن 
تجار فينيقيا القديمة لو عرفوا المادة التي كان الصينيون يستخدمونها ي الكتابة 
لأحذهم العجب . فقد كان الكتبة في الشرق الأقصى يكتبون في معظم 
الأحوال على شرائح ضيقة تتخذ من سيقان نبات البوص ( البامبو ) الجوفة . 
ولقد كان ضيق الشرائح نتيجة لازمة لتجوف السيقان التي تتمخذ منها . فكان 


~~ 0 ده 


غرض كل شريحة لايكاد يتسع من رمز كتاني واحد » وطوها لايكاد يتجاوز 
عشرين سنتيمتراً . ولذا كان الكاتب يكنب من أعلى إلى أسفل ؛ مدوناً كل 
رمز تحت سابقه . 


وهذا مثال آخخر على تأثر طريقة الكتابة بطبيعة المادة التي يكتب عليها . غبر 
أن طريقة الصينيين في الكتابة ظلت منذ اتخذوها دون تغيير . وحتى اختراع 
الورق لم يؤثر فيها » فظل الصينيون يكتبون من أعلى إلى أسفل في أعمدة 

وبالطبع كان عدد الرموز التي يستطيع الكاتب أن يحشدها ي شريحة واحدة 
- بقلمه المبري من البوص - محدوداً . ومن هنا كان النص الطويل يحتاج 
لأكثر من شريحة . ولكي يحفظ الكاتب تتابع هذه الشرائس فإنه كان ينظمها ي 
خبط واحد . لذا كان بي كل شريحة من أعلاها ثقب صغير هذا الغرض . 

ومثل هذا الكتاب الذي يتكون من حرْمة من الصفحات الطويلة الضيقة 
كان عسير التناول وإن كان خحفيف الحجم . ومع ذلك فإن مجموعة كتب من 
هذا القبيل كان يمكن أن تشكل حملاً ثقيلاً . ويروي أن أحد أبنطارة الصين 
القدماء وجد ذات يوم أن ماكان عليه أن يفحصه من وثائق الدولة الرسمية بلغ 
نحو مائة وعشرين رطلاً من شرائح البوص » ولذا كان واضحاً أن الحاجة 
تدعو إلى البحث عن مادة جديدة أنضل من هذه الشرائح للكتابة عليها . 

وكان الحرير من المراد التي عرفا الصين منذ زمن بعيد . فقد كان 
الصينيون يربون دود الحرير وينسجون خيوطه من قبل ذلك الوقث بنحو ألفي 
عام . وقد حاول بعض كتبة قصور الأباطرة بالفعل أن يكتبوا على نسيج ال حرير 
بأقلامهم المتخذة من البوص ؛ ولكن هذه الأقلام كانت غير طيعة وأصلب من 
أن تصلح لهذا الغرض . وبدلاً من أن يفكر هؤلاء الكتبة بي أداة أخرى للكتابة 
بها غبر هذه الأقلام » استمروا يستخدمونها على شرائح البوص . 

ولا يعرف أحد بالضبط كيف خطرت لبعض الصينيين فكرة استخدام 
فرشاة مصنوعة من شعر ذيل حيوان السمور أو الحصان - أو الكلاب للكتابة 


= oN - 


بها على الخرير . إنها في الواقع فكرة بسيطة » وإن كانت هذه الفرشاة لم تخترع 
إلا ي أثناء القرن الثالث قبل الميلاد . ومنذ ذلك الوقت بدأ استخدامها ي 
تدوين الكتب على شرائح طويلة من نسيج الحرير » تطوى بعد ذلك على شكل 
لفائف . 

وكان ذلك بلا شك يمثل تقدماً كبيراً . ولكن الحرير لم يكن كافياً لسد 
حاجة الصين إلى استخدام مادة أفضل من البوص للكتابة » فقد كان مرتفع 
النمن إلى حد كبير . 

ولذلك أخذ عدد من الرجال في مختلف بقاع الصين يعملون سرأ » مؤملين 
أن ينجحوا في الوصول إلى اكتشاف مادة علمية تصلح للكتابة . فقاموا بعدة 
تجارب على الحشائش وأفرع الأشجار وسيقان البوص المهشمة ولحاء شجر 
التوت » لتحويلها إلى المادة المطلوبة . وأخيراً تمكن أحد هؤلاء الباحثين من 
إتتاج مايمكن أن نطلق عليه « شبيه الورق » » وقد أنتجت هذه المادة من 
ألياف الحرير الخام والألياف النباتية . غير أن الحرير ي أي شكل من أشكاله 
كان يرفع تكاليف ما يصنع منه إلى حد كبير . ولذلك واصل الباحثون تجاربهم 
حتى عام ٠١6‏ ميلادية عندما أبلغ أحد رجال القصر الامبراطور بأنه اكتشف 
طريقة لصنع الورق من « لحاء الشجر وبعض الحشائش » والخرق » وشباك 
الصيد القديمة » » وكان هذا الرجل يدعى « تساي لون » (رس نج )٣‏ . 


ويقول أحد كتّاب الصين في القرن الخامس الميلادي ان تساي لون « نال 
جائزة قيّمة على براعته » . ولكن القصة لا تنتبي بذلك » فيقال أن تساي لون 
اشترك في بعض المؤامرات السياسية مع نساء القصر الامبراطوري واكتشيف 
أمره . وبدلاً من أن يمثل أمام القضاة » « ذهب إلى منزله واغتسل . ثم مشط 
شعره وارتدى أفخر ثيابه » وشرب كأساً من السم » . وهكذا انتبت حياة 
مخترعنا الكبير تلك النهاية غير المتوقعة ولكن ظهور الاختراع الذي ينسب إليه 
يعتبر بداية تغيير تكنولوجي حضاري في حياة الإنسان . ومع ذلك فلم يدرك 
هذه الحقيقة وقتئذ إلا القليلون . والواقع أن الأوروبيين بالذات لم يصل إلى 


ON 7‏ هس 


علمهم أدنى خبر عن أن شيئاً اسمه الورق قد ظهر إلى الوجود . حيث كانت 
أوروبا غارقة في ظلمات الظلم والجهل . 


انتقال مناعة الورق من سمرقد إلى بغداد 


لم يكن أحد يستطيع أن يكتشف من أي شيء صنعت قطعة من ورق 
الكتابة . فليس من الممكن التوصل إلى كنه هذه المادة الجديدة » بلمسها أو 
بتمزيقها أو بفحصها في الضوء ولم يكن التحليل الكيميائي معروفاً ولم يكن 
الميكرو سكوب قد اخترع بعد . ولذلك استطاعت الصين أن تحتفظ لنفسها 
بأسرار صنعها للورق أكثر من سبعة قرون . وفي خلال تلك الفترة كانت 
الصين تشحن حزم الورق مع الشاي واللوّلوُ والحرير وغيرها في قوافل الجمال 
إلى أواسط اسيا » دون أن تخشى المنافسة . 

ثم حدث ذات يوم من يام الصيف » وبصورة أبعد ما تكون عن التوقع » 
أن انهارت الأسوار القوية التي أحاطت بها الصين سر صناعة الورق » فتحطم 
بذلك احتكارها لهذه الصناعة . ذلك أن النزاع كان على أشد. .ن الصين 
وجيرائها المسلمين الذين يتاخمونها غربا » وعندما استولى العرب على ما يعرف 
الآن ججمهورية تر كستان السوفيتية » أصبحت مرقند وبخاري » المدن الرئيسية 
على طريق القوافل القديم إلى البحر المتوسط » في قبضتهم . ونتيجة لذلك 
اندلعت الحرب بينهم وبين الصين . وڻي شهر يوليو من عام ۱٥۷م‏ عبرت 
القوات الصينية حدود بلادها متجهة إلى مدينة ”مرقند . 


ولكن العرب بحسن استعدادهم أثبتوا أنهم أكثر من تد للغزاة الصينيين . 
وفي المعركة الحامية التي دارت بين الفريقين قتل وأسر عدد كبير من جيش 
الصين » وفر الباقون عائدين أدراجهم عبر الحدود . 

ويسجل التاريخ على لسان المؤرخين تلك الفترة أن « زياد بن صالح » هو 
القائد العربي الذي انتصر في هذه المعركة ء واستطاع أن يأسر عدداً كبيراً من 
الصينيين » وكان من بينهم بعض صناع الورق » يقال أن عددهم سبعة أفراد 


— (o4 


وربما لم يزد هذا العدد على اثنين . وعلى أية حال » فعندما وعد أولنك الأسرى 
بأنهم سوف يطلعون العرب على أسرار صناعة الورق أمنت حياتهم » ثم نقلوا 
إلى مرقند حيث بدعوا على الفور عملهم . 

ولابد أن الدهشة انتابت العرب وهم يرقبون خطوة بمخطوة كيف تتحول 
الخرق البالية إلى أفرخ من الورق ناصع البياض . وكانت المعدات التي 
استخدمها الصيئيون في غاية البساطة مک ملسي ورا كيرا 
من قدور الطهو التي تعلق فوق النار » ومطرقتين خحشبيتين لكل منهما ذراع 
طويلة » وكتل مسطحة من الحجر . وكمية كبيرة من الرماد المتخلف عن 
حريق الخشب . 

واستطاع الصناع الصينيون الأسرى أن يعدوا بأنفسهم مصفاة مناسبة . 
وقد استعاضوا عن شرائح البوص التي اعتادوا استخدامها في صنع المصافي 
بشرائح رقيقة من الخشب ثبتوها متقاطعة على إطار خشبي كحافات 
الصندوق » وتركوا بينها مسافات بالغة الضيق . 


وكان العمل يبدأ بوضع الخرق البالية في القدور ومعها محلول قوي من الماء 
ساخن المستخلص من رماد الخشب . وبعد أن يغلى الخليط بشدة تغسل 
أغرق جيداً ثم تدق بالمطرقة فوق كتلة الحجر حتى تتحول إلى عجينة طرية . 
وبعد ذلك تضاف كمية كافية من الماء إلى العجيدة حتى يخف قوامها وتصير 
أشبه بسائل لزج ثم يصب هذا السائل في المصفاة » فيسقط مابه من ماء و«يتبقى 
منه فوق المصفاة طبقة منبسطة من ألياف متاسكة . هى فرخ الورق المطلوب . 
وكان الأمر يحتاج إلى دقة كبيرة لنزع هذا الفرخ الرطب من المصفاة ونشره 
فوق لوح مسطح لتجففه حرارة الشمس . 

وهكذا كشف الستار عن سر صناعة الورق . ولكن لم يكن معنى ذلك أن 
ينتشر بسرعة في شتى أنحاء العالم العربي » فقد حرص تجار سمرقند على إخفاء 
السر أطول فترة زمنية ممكنة » إذ وجدوا أن بيع الورق يعود عليهم بأرباح 


.0د 


طائلة . واستطاع هؤلاء التجار الذين يتجولون بين مختلف المدن أن يخلقوا 
بدعايتهم طلباً متزايداً على الورق « المصنوع في سمرقند » . 

وكان الناس في بغداد العاصمة الأول للخلافة الإسلامية - والتي كانت 
في ذلك الوقت مركزأً ثقافياً كبيراً - يعارضون بشدة في الأسعار المرتفعة تفعة التي 
يطلبها التجار تنا لذلك الورق « المستورد » » ولكنهم لم يستطيعوا أن يغيروا 
من ذلك شيعا . ولم يكن أمامهم , » إذا شاءوا , إلا أن يستخدموا البردى بدلاً 
من الورق . وكانت مصر مازالت تنتج البردى » ولو أن معظم أهل الكتابة من 
أبناء وادي النيل قد أصبحوا يفضلون استخدام ورق سمرقند . 

وهكذا مضت الأمور بمسلمي بغداد قرابة خمسين عاماً » حاولوا في أثنائها 
دون جدوى نقل أسرار صناعة الورق . وأخيراً مكنوا في عام 41 ميلادية في 
عهد الخليفة هارون الرشيد ( 777 - ١5‏ ) من إنشاء أول مصنم للورق في 
بغداد العاصمة العظيمة » وذلك بعد أن تمكنوا من استيطان بعض صناع الورق 
و ان 

وطيلة هذا الوقت كان أهل أوروبا مازالوا يكتبون على ألواح الدشب المغطاة 
بالشمع وعلى البردى والرق . ولم يقدر لمعظم الأوروبيين أن يروا قصاصة 
ورق » حتى بعد أن مر قرن من الزمن » وبدأت مضر تن تنتج الورق لنفسها » 
وكثر إنتاجه لدرجة أن الباعة في القاهرة كانوا يلفون به الخضر والتوابل . ولم 
يزد ما قد يكون رآه بعض الأوروبيين حيئذ من الورق على قطعة صغيرة 
متغضنة أحضرها معه أحد التجار من الشرق على سبيل الطرافة . 

أما أول مصنع للورق يقام على أرض الأندلس الإسلامية » فقد افتتحه 
عرب طليطلة عام r E N E . ٠٠١١‏ 
قليلة أن استوردت ورق العرب . وعلى أية حال فلم يلق الورق رواجاً في 
أوروبا » لقلة عدد من يعرفون الكتابة » حتى اكتشف بعضهم ذات يوم أن 
الورق المقوى إذا شبع بالزيت أمكن استخدامه في فتحات التوافذ بدلاً من 
ألواح الزجاج » التي م يكن اسول علا سير ...وقد أمكن بيه الألواح 


- 5 - 


الورقية شبه الشفافة وقاية حجرات المنازل من المطر والبرد على السواء . ولم 
يعد بالناس حاجة إلى اغلاق النوافذ الخشبية وإظلام الحجر ك راء الطقس 
البارد . وسرعان ما أصبحت تلك النوافذ الورقية المصقولة شيعا عاديا في حياة 
الناس . 
صناعة الورق الحديئة 
Modern Paper Manifacture‏ 

أينا سرت في أيامنا تلك » ترى الورق متداولاً بكارة عظيمة جداً في جميع 
مرافق الحياة تقريباً تستيقظ في الصباح كل يوم » فيكون أول ما تقوم به 
تصفح جرائد الصباح » وهي مصنوعة من الورق . وقد تشعل لفافة من التبغ 
فإذا بها ملفوفة في قطعة من الورق «والسجائر* ذاتها محفوظة في صندوق من 
الورق » والثقاب الذي تشعل به اللفافة قد يكون قطعة من الورق المقوى مثبتاً 
في غلاف من الورق . ثم تذهب إلى محل عملك فتستتخدم الورق جزءاً طويلاً 
من النهار وقد ترسل خطاباً لعميل أو صديق لك فتكتبه على صحيفة من الورق 
وتلصق عليه طابعاً من الورق . ثم تذهب لشراء بعض حاجياتك فتعطي البائع 
جنيباً - وهو قطعة من الورق - ويعطيك لوازمك في غلاف من الورق . 
وتطالع الكتب أو الجلاث في المساء فإذا بها أيضاً مطبوعة على الورق . وهكذا 
بل لقد اعتاد الناس في كل أنحاء العالم المتحضر وفي أغلب الدول النامية 
يستخدمون صحوناً و كؤوساً وملاعق ومناشف من الورق بحيث يمكن 
الاستغناء عنها وحفظها بعيدا بعد استعمالها مرة واحدة » وفي ذلك ما فيه من 
توفير أسباب النظافة والصحة وتيسير الأمور لربات المنازل وأصحاب المطاعم 
وما إلييما . ومن طريف ما قيل في شأن انتشار الورق » أن الأزمة وكساد 
العجارة ذاتهما يؤديان إلى كثرة استعمال الورق والإقبال عليه » لأنه كلما 
'* اشتدت الأزمة اضطر التجار إلى الإعلان عن سلعهم وإرسال النشرات وأوراق 
الدعاية . وقد دل البحث على أنه في أوقات الأزمات تكثر الصفحات المعدة 
للدعاية والإعلان في الجرائد والمجلات . 


* 0 
السجائر ضارة للصحة وتسبب مرض السرطان الرئوي . 


55 - 


تركيب الورق : 


يركب الورق العادي من ألياف نباتية متراكبة رقيقة تشبه الشعر » وهذه 
الألياف متداخلة بعضها ببعض كالحصير » وملتصقة التصاقاً كاملاً بحيث تكون 
سطحاً متصلاً ناعماً . ويمكنك أن ترى هذه الألياف بالميكرو سكوب العادي 
إدا مزقت قطعة من الورق » فتشاهد أليافاً صغيرة تشبه الشعر بارزة من حرف 
الورقة . والمصدر الأول للألياف التي يتكون منها الورق يجميع أنواعه هو 
المملكة النباتية . فهناك لب الخشب أو جذوع الأشجار وهو المادة الأساسية 
الأولى التي تدحل في صناعة الورق . وهناك مجموعة نباتات الألياف مثل 
القنب والكتان والقطن وسيقان النباتات النجيلية مثل سيقان الشعير والقمح » 
وأوراق الغاب والحلفا » وبعض أنواع الحشائش » وحطب القطن » وكثير 
غيرها من الحاصلات الزراعية يمكن استخدامها أيضاً في هذه الصناعة . 
والحقيقة أن إدخال الخشب ولبه في صناعة الورق كان نصراً عظيماً للكيمياء 
والكيميائيين . ولكي نفهم تماماً الدور الذي لعبته الكيمياء حدياً في هذه 
الصناعة » يجمل بنا ن نلم بعض الشيء بتارم صناعته في العد .ور الوسطى. 
يؤخذ النبات وتمزق ( ترس ) أليافه بين قطعتين من الحجر ‏ ثم توضع كتلة 
الألياف في حوض به كمية كبيرة من الماء وتغمس الشبكة في الحوض وترج 
جيداً عند إحراجها » فينفذ الماء من ثقوب الشبكة » وتشتبك الألياف بعضها 
مع بعض وتكون نسيجاً رخواً متصلاً من:الورق . وقد بطل عمل الورق 
بالأيدي واستخدمت الآلات في صناعته منذ فجر القرن التاسع عشر » وابتداً 
أيضاً في ذلك الحين استخدام المواد الكيميائية لتطرية الألياف وفصلها من أجزاء 
النبات الأحرى » واستعمال المكابس الأسطوانية التي تساعد على إزالة الماء من 
الألياف والتحامها بعضها ببعض » واسطوانات التجفيف الساخنة التي تصقل 
الورق وتجففه . ا 

بعد إدخال الطرق الكيميائية والآلات المتقدمة في صناعة الورق تحسن نوع 
الررق كثيراً » وسهلت صناعته » وزادت كمية الإنتاج منه زيادة عظيمة 
وبذلك أصبح الورق في متناول جميع الناس بعد أن كان استعماله قاصراً على 


NES 


طبقات معينة . وكانت الخامات التي تعتمد عليها مصائع الورق في العصور 
القديمة وحتى نباية العصر الوسيط هي الخرق البالية لمنسوجات القطن 
والكتان » أي أن صناعة الورق كانت تعتمد على صناعة أخرى للحصول على 
خخاماتها ولكن زيادة الطلب على الورق وسهولة تطرية الألياف بالمواد الكيميائية 
جعلتا مصانع الورق تتجه إلى المملكة النبائية لاستخلاص تلك الألياف في 
صناعة مختلف أنواع الورق . 


الأناف البساتية :. 

قلنا توجد الألياف اللازمة لصناعة الورق في أغلب النباتات والأشجار 
ويختلف الجزء الذي تؤخذ منه الألياف باختلاف النبات . ففي شجيرات 
القطن مثلاً » توجد الألياف الصالحة لعمل الورق في الثمرة » وهي شعيرات 
القطن ذاته . وتوجد في اللحاء الداخلي لساق نبات الكتان . وفي نباتات أخرى 
مثل الحلفا والغاب والبوص وسيقان القمح والشعير توجد الألياف في جميع 
الساق . وفي الأشجار تكون الألياف هي نفس الخلايا التي يتركب منها النخاع 
الخشبي للساق . وعلى ذلك تتطلب صناعة الورق طرقاً مختلفة لاستخلاص 

الألياف من هذه النباتات . 

وتتركب جميع هذه الألياف من مادة شديدة المقاومة تعرف بالسليلوز » 
i RS‏ كربون والأيدروجين والأكسجين ( ك يد 

أ ) ن » وتعد ألياف القطن أز نقى الصور التي يوجد عليها السليلوز في الطبيعة » 

وأهم المواد الأولية التي تؤحذ منا الألياف السليلوزية الصالحة لعمل الورق ما 

يالي : 

١‏ - لب الخشب وهو أهم المواد الأولية على الاطلاق وأصلحها لعمل مختلف 
أنواع الورق وتنتج الولايات المتحدة وكندا والسويد والرويج وفتلندا 
حوالي /5٠١‏ من ورق العالم . 

۲ - القش مثل قش القمح وقش الشعير وقش الأرز وقش مصاصة القصب 
ولأن القش يحتوي دائماً على السليلوز بالإضافة إلى كمية من السليكا 


4 


فهو يحتاج إلى معالجة خاصة لازالة هذا المركب . ويستخدم القش عادة 
في صناعة الورق الخشن وورق اللف وأنواع الورق الرخيص ويعتبر قش 
الأرز مادة أساسية لصناعة الورق في مصير والهند وبلدان العالم الثالث . 
ويلزم تقطيعه وتنقيته من الشوائب والمواد الغريبة ثم معالجته بالمواد 
الكيميائية وطبخه وتحويله إلى عجينة مادة السليلوز وتنتج كل ه أطنان 
من قش الأرز طناً واحداً من الورق . وتصلح عجيئة قش الأرز لإنتاج 
ورق الكتابة والطباعة . | تصلح كل أنواع القش لنفس الغرض بنسب 
تتفاوت فيما بينهما . 

٣‏ -- لبات القدب ونبات الكتان : ويتعذر تبييض الورق المصنوع من 
هذه الألياف ولذا تستخدم في عمل أنواع الورق الرخيص . 


ع - خحرق المنسوجات الفطنية والكتانية البالية : وأصلها طبعاً ألياف 
نباتية . وهي تصلح لعمل بعض أنواع الورق الجيد , لأن الشوائب التي 
مع السيليلوز تزال عند صناعة هذه المنسوجات ويحضر من هذه الخرق 
لب سليلوزي يصلح لأنواع الورق الفاخحر التي تستخدم في كتابة 
الوثائق والمعاهدات والشهادات الدراسية والبدكنوت نظرا لأن الورق 
لمحضر من الخرق يكون أكثر تماسكاً من غيره ويكون خالياً من 
الشوائب وأكغر مقاومة للعوامل الجوية وحتى عام ١85"‏ كان جميع . 
الورق المستعمل في العالم يصنع من الخرق البالية . 

ه - فضلات الورق الدشت وقصاصات المطابع والمرتجع من الصحف 
وامجلات والكتب والمطبوعات التجارية . وهي نمثل نسبة عالية من 
مكونات العجينة لصناعة الورق في الدول النامية , 


: اللب اليكايكي واللب الكيميائي‎ - ١ 
ابعدا استخدام لب الخشب في صناعة الورق في منعصف القرن التاسع‎ ٠ 
عشر ء ومنذ ذلك التاريخ وجدءصناع الورق تحت أيدمهم كميات عظيمة من‎ 


- 1 - 


الألياف الطبيعية ا أدخلت بعض التعديلات على آلة صنع الورق » فساعد 
ذلك على إنتاجه بكميات هائلة . کا أن ازدهار كثير من الصئاعات وتقدم 
وسائل الانتقال والمواصلات عملاً على انتشار استخدام الورق وكثرة الطلب 
e‏ 

ومعظم الورق المتداول في التجارة العامية في الوقت الحاضر مصنوع من لب 
المخشب » وهذا يدل على أهمية هذه المادة ومقدار ملاءمتيا لحه الصناعة . 
وتوجد طريقتان لاستخلاص اللب من الأشجار » تعرف إحداهما بالطريقة 
اميكانيكية » وهي طريقة عامة يمكن بها تحضير اللب من كثير من الأشجار 
والنباتات . 


ففي الطريقة الميكانيكية يؤخذ جزء من ساق الشجرة - بعد تزع لحائه 
وتجرى عليه عملية السحق أو الحرس 201150108 بواسطة مكابس اسطوانية من 
الحجر تدور في الماء » فتتمزق أوصال المدشب ويتحول إلى أجزاء صغيرة جداً 
بعضها ليفي وبعضها غير ليفي » ويعرف مجموعها باللب الميكانيكي .160 
۳ وتعرف الأ جرا غير الليفية من الخشب باللجنين اعارا وهي تبلل بعد 
مدة إذا تعرضت للهواء ولذا فإن الورق المصنوع من اللب الميكانيكي 
لا يتحمل الاستعمال ولا يدوم مدة طويلة مثل الورق المصتوع من اللب 
الكيمياني ؛ ومن أجل ذلك يصنع منه ورق الجرائد وورق اللف الرخيص . 
ولأن هذا اللب أليافه قصيرة ولا يسهل جدها واشتباكها ع«أعها۲امذ تضاف 
إليه دائمأ كمية من اللب الكيمياي حتى يكون الورق قوياً صاحاً للاستعمال 
في التعبعة والتغليف . وفي الططريقة الكيميائية انها يعالج المنشب ببعض 
المواد الكيميائية التي سيأتي ذكرها » وتعمل هذه المواد على تطرية الألياف 
وإذابة الأجزاء غير الليفية من الخنشب أو النبات ٠‏ وتنقية الألياف السيايلوزية بما 
بها من الشوائب . وتوجد في الوقت الحاضر ثلاث طرق كيميائية لتحضير 
العجينة اللازمة لصنع الورق » تعرف الأولى منها بطريقة الكبريتيت » والثانية 
بطريقة الصودا , والثالثة بطريقة الكبريتات ويعرف اللب المحضر بأحد هذه 


1ت 


العلر ق الثلاث باللب الكيمياني chemical pulp‏ ويتوقف اختيار هذه الطريقة 
على نوع الخشب الموجود وعلى الورق المراد تحضيره 


؟ - طريقة الكبريتيت : 


أكثر الطرق اتعشاراً لتحضير عجينة الورق » وهي تصلح على الأخص 
لعالجة أحشاب الصدوبر والبلسم والتنوب 1۲-e‏ والأبيزر 8P0‏ 
والش و كران (0ekاeط)‏ وفي هذه الطريقة تؤحذ كتل اللخشب ويدرع لحاؤها 
وتقطع إلى كِسر صغيرة , ثم تغلى مدة من الزمن مع محلول لتحضير اللب من 
أشجار الصنوبر وبعض الأشجار الراتنجية التي تنمو في جنوب أوروبا . ويمتاز 
الورق المصنع ببذه الطريقة بمتانته الشديدة ولذا تصنع منه الأكياس لتعبثة 
الأسمنت والسماد وغير ذلك وعادة يكون أصفر اللون . ( كرافت ) . 


وتستخدم هذه الطرق الثلاثة أيضاً لتحضير اللب من المواد السيليلوزية 
الأخخرى غير المخشب مثل الحلفا والقش والخرق » وعلى كل حال يبري التفاعل 
تحت شروط نخاصة من الضغط ودرجة الحرارة » تبعاً لنوع الورق المراد 
تحضيره والخامات المستعملة في صناعته . وقد تستخدم مواد كيميائية غير التي 
تقدمت لتجهيز اللب من خاماته الأولية » ففي حالة الخرق يمكن استخدام 
محاول الجير بدلاً من ايدروكسيد الصوديوم عند تحضير بعض الأصناف 
الرخيصة من الورق . وفي تحضير الورق الجيد من القش يعالج الأخير بغاز 
الكلور للتأكد من إزالة جميع أجزاء المادة النباتية غير الألياف . وتتوقف جميع 
العمليات المذكورة على أن السيليلوز مادة شديدة المقاومة » لا تتأثر بالمواد 
الكيميائية » فالقلويات والأحماض المستعملة تذيب الأجزاء غير الليفية من 
الخشب أو النبات » وبذلك تنقى الألياف السليلوزية مما بها من الشوائب . غير 
أن هناك حداً لمقاومة هذه الألياف , فإن زادت مدة الغليان عن وقت معين » 
أو زادت درجة تركيز المحلول الكيميائي عن قوة محدودة إفإن ذلك يؤثر في 
الألياف تأثيراً سيثاً فتقل جودهها وصلاحيتها لعمل الورق » وتقل في الوقت 
نفسه كمية العجينة التي يحصل عليها من مقدار معين من الخشب . وفي الواقع 


IY 


أصبحت صناعة الورق في العصر الحديث من العمليات التي تمتاج إلى 
تكنولوجيا كيميائية دقيقة . ولأن المواد الكيميائية ثمها كبير » يراعى عادة 
الاقتصاد التام في استعمال هذه المواد . ففي المصانع التي تستخدم أيدر و كسيد 
الصوديوم في تحضير الورق » يؤخذ المحلول القلوي المتخلف بعد معالجة 
الخشب » ويركز ويحرق . ثم يستخدم الرماد الناتج لتحضير محلول قلوي تعالج 
به كمية جديدة من الخشب  .‏ أن الجزء المتخلف من الخشب يستخدم وقوداً 
في هذه العملية . وفي طريقة الكبريتيت » يحرق ( كلوروهيبو كلوريت 
الكالسيوم كا أكل, ) الذي يتفاعل مع الماء المعلق فيه المسحوق مولداً غاز 
الأكسجين » ويتحد هذا الأخير مع الشوائب التي في الألياف مكوناً مواد 
يسهل إزالتها بالماء . 

ويتضح مما تقدم أن مصانع الورق يجب أن يقام فيها مصانع أخرى لتحضير 
المواد الكيميائية مثل أيدر وكسيد الصوديوم وغاز ثافي أكسيد الكبريت وغاز 
الكلور ومسحوق التبييض وغيرها من المركبات المستخدمة في هذه الصناعة . 


- عملية الرض أو الضرب عهااه8 : 

ويجب رض الألياف وضربها ضرباً جيداً لتطرية أطرافها وتقطيعها إلى 
حجوم منتظمة متناسبة » تمهيداً لوضعها على أسلاك الحاجز الشبكي 
(eeاSc-eاWi)‏ » وتجرى هذه العملية غالباً بطريقة ميكانيكية » وذلك 
بواسطة أنصال حادة » تعمل على تمزيق الألياف وفصلها عن بعضها البعض . 
ولتحويل الألواح السيليلوزية إلى ألياف قصيرة متائلة . 


4 - عمليات الحشو والتجهيز 26أ2أ5 ك 188أ1.080 : 

وبعد رض الألياف تعالج بالمواد الكيميائية الملونة » إذا أريد صبغها , 
وببعض المركبات الأخرى » مثل كبريتات الكالسيوم والباريوم وسيلكات 
الالمونيوم والمغنسيوم » والغرض منها حشو الورق وزيادة وزنه (8هت0لم.آ) 


- ۹۸ - 


وإكسابه بعض الخواص المعينة . كا أن جميع أنواع الورق تقريباً » تحنوي على 
بعض النشا » لأنه يساعد على لصق الألياف والتحام بعضها ببعض . 

وإذا أريد عمل ورق الكتابة » تجب معالجة الألياف بطريقة خاصة لمم 
انتشار الحبر على الورق وتتلخص هذه الطريقة في تغطية الألياف بطبقة رقيقة 
من مادة راتنجية مثل القلقونية . فتصهر هذه المادة الأخيرة وتعالج بمحلول 
الشبه ويضاف مزيجها إلى اللب أثناء عملية الضرب » فتتفاعل هاتان المادتان 
ويرسب منها ملح راتنجات الالومنيوم على سطح الورق . 
ه - تحريل العجيدة إلى ورق : 

تمزج العجينة بكمية مناسبة من الماء وتطرح على منخل أو شبك مستطيل 
من السلك 11/165662 يتحرك بمعدل معين ( حول 5١‏ مترا في الدفيقة ) 
ويرج جيداً أثناء حركته . فتشتبك الألياف بعضها ببعض ويتكون منها صحيفة 
متصلة » أما الماء فينفذ من ثقوب الشبكة . 
5 - كبس الورق : 

ثم يمرر الورق بين اسطوانات كابسة لازالة الماع منه » وفي الوقت نفسه 
يساعد الكبس على اندماج الألياف ‏ والتحام بعضها ببعض . 


/ا - عملية التجفيف : 

ثم ينقل الورق إلى اسطوانات التجفيف » وهي اسطوانات مجوفة من الحديد 
الزهر تسخن باليخار المضغوط . 
- عملية الصقل : 

ثم يعرر الو رق على سلسلة من الاسطوانات الناعمة المسخنة (011625) 


لصقله وكبسه مرة أحرى » وتعرف هذه العملية بالجندرة (58ذ06مملهح) أو 
الكوي . 


- 14 - 


عملية الإضافة في صباعة الورق : 

تم عملية الإضافة للمواد الكيماوية بترتيب حاص لتكسب الورق صفات 
تتطلبها صتاعة الورق وتم الاضافة إما في السواتي في حالة التشغيل بالشحئة أو 
في أحواض اخلط أو في أحواض إضافة خخاصة وأهم المواد التي تضاف للعجينة 
هي : 

. مواد قلفنة وهي الشبّة والقلفونية‎ - ١ 

؟ - مواد ملونة وهي صبغات ملونة مختلفة . 

م - مواد مالئة مثل بودرة التلك والصلصال الصيني ( الكاولين ) . 

غ - مواد مساعدة مثل البرويتول والفيراميل . 


أولاً : إضافة القلفونية : 
تضاف القلفونية إلى العجينة بعد عملية العجن لاكتساب الورق مناعة ضد 
التشرب للمحاليل وتضاف القلفونية للعجينة على هيئة محلول صابوني يتم 
تحضيره بطبخ القلفونية ( حمض الأبياتيك 2614 أذنقاطه ) . مع الصودا أو 
كربونات الصوديوم ثم تخفيفها بالماع لتكون محلول الرجيئة » وبإضافة الرجينة 
للعجينة ه يلاحظ زيادة حجم العجينة وذلك لان الرجينة لما شحنة سالبة مثل 
الشحنة السالبة التي توجد على ألياف السليلوز ومعنى ذلك أن الرجينة تتنافر 
مع الألياف وتحتاج إلى مادة مثبتة لتثبيتبا على الألياف ويقوم بعملية الربط هذه 
الشبّة ( كبريتات الألومنيوم ) وتضاف إلى العجينة على هيئة محلول بعد إضافة 
الرجيئة ومزجها بها جيداً ويمكن تفسير عملية التثبيت بأن شق الألمونيوم 
+ + + اله موجب التكهرب يجذب كلا من ألياف السليلوز ويلاحظ أن عدم 
إضافة الشبّة إلى العجينة بعد الرجينة لا يحدث ربطاً بين الألياف وتتسرب 
الرجينة مع المياه المصفاة خلال الشبك المعدني وتضاف الرجينة بنسبة هرء - 
۳ من وزن اللب الجاف أما الشبّة فتضاف إلى العجينة بنسبة ۲ - 5,/ من 
وزن اللب الجاف . 


~~ Ya > 


ثانياً : إضافة الألوان : 


تضاف الألوان بإذابتها في الاء البارد أو الساحن حسب نوع الادة الملونة 
وقابليتها للذوبان وتصفى, قبل إضافتها لفصل الحبيبات الدقيقة التي لم تذب 
لتخفيف حدوث أي بقع في الورق المنتج وتم الإضافة مع الملاحظات الآنية : 

. ألا تكون الحاليل ساخنة جداً‎ - ١ 

۲ - أن تضاف الألوان الأقل قابلية للسيليلوز ثم الأكثر قابلية . 

م - لا يضاف لون ثان إلا بعد امتزاج اللون الأول بالعجينة جيداً . 

بعد خلط الألوان جيداً بالعجينة تضاف الرجينة لأنها تعتبر أيضاً مثبتاً 
للألوان » وتخلط جيداً ثم يضاف محلول الشبة الذي يعمل على تثبيت اللون 
وترسب الرجينة على الألياف في نفس الوقت . 
المواد الملونة للورق : 

مثل ملح الألتر امين و أز رق البروسو وغير هم Prussian blue, ultramin‏ 
,اله كذلك صيغة البلانفكس والاسبداج والكاولين والجير وأبيض التيتانيوم 
لإضفاء اللون الأبيض بدرجاته » ويستخدم الرهج الأصفر أو أكسيد 
الحديديك للون الأصفر » والمغرة الحمراء أو الهيماتيت لإضفاء اللون الأحمر 
وغيرها . 
إضافة مواد أخرى : 

تضاف المواد الأحرى حسب نوع الورق المنتج ويلاحظ أن كل مادة لها 
ظروف إضافة خاصة يجب اتباعها مثل ترتيب ومكان إضافتها ومقدار التصنيع 
منها المواد الختلفة الاتية : 

مواد مالجة وطاردة للماء Jia Sizing and water repelling materials‏ 
الروزين «أو50 القلافونية التي هي مض الأبياتيك Abiatic acid‏ وكذلك 
النشا والد كسترين و الغراء أو بعض الأصماغ Synthetic Resing‏ لتحسين 
خواص الورق ليصبح صا حاً للكتابة والطباعة عليه ولتثبيت المواد المالئة في 


ات 


الورق يضاف كبريتات الألو منيوم faeاSu Aluminium‏ ک ترید هذه المادن 
ثبات واحتفاظ الورق بالألوانٍ المضافة إليه وتثبيتها كا أنه قد يستعمل الجيلاتين 
والغراء كمواد مالئة أو مضافاً إلبها الروزين في صناعة الورق الجيد . 6 أن 
هناك مواد مالكة غير عضوية مثل الصلصال الصيني ayاC China‏ و کذلان 
كبريتات الكالسيوم وأكسيد الزنك ع10<ه Calcium Sulfate and Zinc‏ „ 


أهم أنواع الورق 


توجد أنواع كثيرة من الورق تتفت طبيعتها من حيث الاستخدام بصوره 
الختلفة » وتزداد هذه الأنواع زيادة مطردة » مع الأيام بزيادة تقدم الأم ورقيها 
ونذكر منها على وجه العموم بعض الأصناف التي اتفق أهل الصنعة على 
مسمياتها وأساليب استخدامها وتتوقف ظروف عملية الطبخ والتبييض للألياف 
ونوعية المواد المضافة على طبيعة الورق المراد تصنيعه » حيث يجب مراعاة ذلك 
عند تحضير عجينة اللب اللازم لتصنيع كل نوع من الأنواع الآتي ذكرها . 


: ورق الطباعة والكتابة‎ - ١ 


يحضر ورق الطباعة الرخيص ( مثل ورق الجرائد ) غالباً من اللب. 
الميكانيكي )/8٠١(‏ ومن كمية قليلة من اللب الكيميائي )/7٠١(‏ - وإضافة 
اللب الميكاني؟ كي بكمية كبيرة يزيد قابلية الورق لعملية الطباعة نتيجة لوجود 
اللجنين بكمية كبيرة ( أي زيادة العتامية ) - كذلك وجود اللب الميكانيكي 
الرخيص الثمن » حيث طريقة تحضيره ميكانيكية نقط لا تناج إل 
00 


مبيض مضافاً إليه ۳ مالية , E‏ من الشوائب والعيوب 
والقو جات »> ومستوی السطح متتجانس السمك 2 صالياً للاستخدام في 


VY -‏ مه 


مجالات الطباعة بالأحبار » ا يصلح للكتابة العادية » وتوجد أنواع مختلفة من 
ورق الكتابة تبعاً لوزن المتر المربع حيث يتراوح وزن المتر المربع من ٠١‏ إلى 
٠‏ جرام لكل متر مربع - وفي ورق الطباعة الأوفست يجب أن يكون 
سطح الورق ناعماً ومصقولاً وصاحاً للطباعة الليثوجرافية وأن يكون السطح 
معالجاً بالجيلاتين الحيواني النقي . 

وجدير بالذكر أن بعض أوراق الطباعة قد تكون مبطنة بالكتان أو بالقطن 
ووزن المتر المربع يتراوح بين ۱۸١‏ إلى ٠٠٠‏ جرام للمتر المربع وهي مايطلق 
عليها اصطلاحاً الكرتون . | يوجد ورق طباعة مطلي الوجهين ومصقول 
صقلاً تامأ وناعماً وخالياً من الميوب والموجات يسمى بورق الكوشيه 
ويشمل نوعين من الورق تبعاً لوزن المتر المربع ( CE AON‏ 
فإذا كان مصقولاً من الوجهين يعرف باسم الورق الكوشيه أما إذا كان 
مصقولاً من ناحية واحدة فيعرف ياسم الورق الكرومو . أما ورق الكتابة 
العادي فإنه يجب أن يتميز بدرجة بياض عالية . لذا يلزم الاهتهام بتكثيف عملية 
التبييض . كذا الاهتام بإضافة بعض المواد التي تكسبه النعومة واللمعان مثل 
بودرة التلك أو الكاولين الصيني أو النشا أو كربونات الكالسيوم النقية .' 


* - الورق المقوى: 


والمعروف بين أهل الصنعة بكرتون التجليد ويتراوح وزن المتر المربع مد 
بين ٠ه‏ 4غ - .50 جم ولونه رمادي عادة . وتحضر الأنواع الجيدة من الورق 
المقوى بلصق صفحات رقيقة من الورق عقب تحضيره مباشرة » أي ورق مبلل 
قبل تجفيفه » بواسطة مكابس قوية . أما الأنواع الرخيصة فتحضر بآلا 
حاصة توضع عليما طبقات سميكة من عجينة اللب » ثم يضغط اللب ب 
تصفية الماء بمكابس قوية لتصفية الماء الزائد » ثم تجفف في المواء أو الشمس 
والاستخدام الشائع له في تصنيع عبوات متيدة مثل صناديق الأحذية کا يستخد 
ق الشعليد.. 


عا 


۳ - ورق اللف « الكرافت.» : 

وهو يحضر من بعض الخامات الرخيصة مثل امخلفات الزراعية ( قش 
القمح » الشعير » سيقان نبات القنب ) أو من الدشت مع إضافة كمية قليلة 
من مواد الحشو والتجهيز » ويعرف بالورق الككرافت » ولايلزم لهذا النوع من 
الورق إجراء عملية التبييض . بل يجب الاهتام بإضافة بعض المواد الكيميائية 
التي تساعد على تحسين الخواص الميكانيكية لهذا النوع من الورق » مثل مقاومة 
الشد والطي والانفجار . ويكون ذلك بإضافة بعض النشويات والأصماغ 
النباتية . ويمثل هذا النوع الكم الأكبر من الإنتاج العالمي » لكثرة استخدامه في 
تعبئة وتغليف الأسمنت وصناعة الكرتون المضلع . 
4 - ورق الغلاف أو البريستول : 

وهو عبارة عن ورق ناعم نظيف ناصع البياض مصقولاً من الوجهين 
وخاليا من الشوائب صا حا للكتابة والطبع عليه ويستخدم هذا النوع من الورق 
لعمل البطاقات ووزن امتر المربع من 1١١‏ جرام إلى وه" جرام للمتر المربع . 
كا قد تضاف للعجينة مواد ملونة لتصنيع بريستول ملون . لاستخدامه في 
تصنيع وطباعة الملفات والأغلفة على نطاق واسع . 
ه - ورق الأنيلا: 

هذا النوع من الورق يستخدم في عمل أغلفة الكراسات المدرسية والملفات 
والدوسيبات ويكون الورق ناعماً ونظيفاً وحالياً من الشوائب والعيوب 
ويتحمل الطي ويتراوح وزن ار الريع من ٠١١‏ إل ٠‏ جرام للمتر المربع 
ومنه ألوان كثيرة مثل الأخضر الفاتح والأزرق والوردي . 

5 - ورق طبع العقود: 

والمعروف باسم ورق العرضحالات المدموغة ٠.‏ يصنعم هلا النوع من 
الورق » من /٠٠‏ حرق ألياف القطن أو التيل » والباقي من لب خشبي 
كيميائي . هذا النوع من الورق معع لسطح غير لامع وبعلامة مائية ومعالجاً 


ع ا 


الجلاتين النقي وصالح للطباعة الليفوجرافية على الوجهين ويكون حالاً من 
الألياف الغير مبيضة ومن اللب الميكانيكي ووزن المتر المربع منه يكون حوالي 
٠.‏ جرام . يا يستخدم في طباعة الأسهم والسهندات والشهادات الدراسية 
العالية . 

¥ ورق الخرائط : 


يصنع من بقايا القماش أو الخرق المصنعة من القطن أو التيل بنسبة 
٠‏ لكي يكون الورق متيناً صاحاً صلاحية تامة للطباعة الليثوجرافية 
والعمل لمدة طويلة » ويكون السطح نظيفاً خالياً من جميع الشوائب والعيرب » 
ويعالج بالجيلاتين الحيواني النقي » ويكون أيضاً صالحاً للكتابة عليه بالحبر 
الشيني » ويتحمل انحو بدون ترك وبرة » ووزن التر المربع من هذا التوع 
حوالي ٠٠١‏ جرام . يكار استخدامه في طباعة الخرائط المساحية التي يطول 
عمرها الافتراضي عن مسون عاما . 
۸ - ورق الرسم : والمعروف باسم الورق الفبريانو : 

وزن المتر المربع من هذا النوع يتراوح بين ٠٠١‏ جرام إلى ٠٠١‏ جرام » 
ويكون السطح متيناً خشناً غير مصقول يتحمل الحو بدون ترك أثر ظاهر » 
ويصنع غالبا من لب خشبي كيميائي . وغالبية استخدامه في النواحي التعليمية 
لطلاب المدارس والمعاهد والكليات الفنية لاعداد اللوحات والمشاريع . 
6 - ورق التصوير: 

ويعرف بورق البروميد 2965 علنسدمء8 , هذا النوع من الورق يصنع 
بتغطية الورق الجيد بخليط من هاليد الفضة مع الجيلاتين لكي يكتسب 
حساسيته للضوء » وهذا الورق تقدمت صناعته في أمريكا لكثرة الاستخدام 
والاستهلاك العالمي في مجالات التصوير . وهو مغطى من أحد وجهيه بهاليد 
الفضة أو بروميد الفضة وذلك لارتفاع حساسية هذه المواد » ولقصر الوقت 
الذي يستغرقه التعريض للضوء . 


کاو ا 


: Metal Paper dدıعئا الورق‎ - ١ 


يصنع هذا النوع بتغطية الورق بمسحوق بعض المعادن كالألمونيوم والزنك 
أو القصدير مع بعض المواد اللاصقة » ويستخدم هذا الورق في الديكور ] 
يستخدم مع غيره من أنواع الورق أو مع البوليثلين لتعبئة السوائل والعصائر 
والمواد الغذائية ويعرف عادة باسم الرقائق المرنة همأءاعومه<»516 م يستخدم 
في تعبئة الأدوية وبعض الصناعات الغذائية والكيميائية . 
١‏ - ورقف الحائط : 

يجهز هذا النو ع بإضافة بعض المواد البلاستيكية إلى اللب قبل تجهيزه إلى 
ورق » أو بتغطية الورق الجاهز بمحلول البلاستيك لاكتسابه مقاومة للماء 
حيث يمكن غسله بالماء ومن أشهر المواد البلاستيكية المستخدمة هي مادة البولي 
فينيل . ويكثر استخدامه مطبوعاً برخارف نباتية وزهرية لتزيين الحوائط 
والجدران في المنازل والمكاتب . 
۲ - ورق البرشهان Parchment Paper‏ : 

يحضر هذا النوع من الورق بغمس الورق الأبيض في حامض الكبريتيك 
المركز لبضع ثوان » ثم غسله جيدا بمحلول مخفف من النشادر » وفي هذه 
العملية يتحول بعض السيليلوز إلى سيليلوز مائي عوهانااء11100 ويكون 
طبقة هلامية على سطح الورق » حيث تكسبه درجة لمعان نصف شفافة ) 
وتزيد هذه أيضاً من متانة الورق - ويحضر أيضاً بطريقة أخرى وذلك بغمس 
الورق في الجيلاتين الحيواني النقي ثم يجفف في الهواء . 


: Duplicating Stencil Jsiw'l ورق‎ - ١1“ 
هذا الورق يجب أن يكون صالحاً للكتابة عليه بحروف الماكينة الكاتبة وأن‎ 
يحتفظ بصلاحيته لمدة عام على الأقل من تاريخ إنتاجه . وهو ورق ذو تركيب‎ 
خاص مشرب أو مكسو بمادة تيسر نسخ صور من النصوص والأشكال التي‎ 


YN 


تنقش عليه بكيفية تسمح بمرور الحبر المناسب وأحياناً يم النقش عليه باليد 
باستخدام ابرة خخاصة أو بعملية ضوء كهربائية . 

ويصنم هذا النوع من الألياف المبيضة والخالية من اللب الميكانيكي » 
ويغطى بنوع معن من الشمع بنسبة لا تقل عن /.٠٠‏ من الوزن الكلي - وعند 
الكتابة بالماكينة على هذا الورق يزول الشمع أو يختفي ونظهر حروف الكتابة 
على الورق مفرغة . لامكان استخدامه في الاستنساخ . 


4 - ورق الكربوثن معموط ووطرو© : 


وهو ورق مغطى من وجه واحد في أكثر الأحيان » ومن الوجهين ادرا 
بطبقة تقبل الانفصال عنه » بتأثير الضغط , يستخدم هذا الورق في عمل نسخ 
من الكتابة نخاصة استعمال الماكينة الكاتبة ويصئع بتغطية الورق الخفيف بطبقة 
من خخليط الشمع المنصهر على السناج الأسود . أو أي أصباغ أخرى › 
ويستعمل في كل الهيئات والشركات والمصالح والجامعات للحصول على نسخ 

من أصل واحد . وكا يستخدم في طباعة تذاكر الطائرات والمطبوعات التجارية 
المستخدهمة في البنوك العالمية وفي الفنادق والشركات . وقد ارتقت صتاعته 
عالميا لشيو ع استخدامه في طباعة تذاكر السفر بالطائرات والبواخر 
٠‏ - ورق شف الرسم أو الكالك : 

يكون سطح الورق غير زيتي وصالحاً للرسم الدقيق بالحبر الشيني ووزن 
المتر المربع منه "٠‏ جراماً ودرجة العتامة فيه لا تزيد عن ٠‏ ويصنع بإضافة 
مصهور المع إلى لب :الورق المضروب جيداً » وجدير بالذكر أن السبب في 
ظهور الورق شفافاً أن فرق معامل انكسار الضرء بين الشمع والسيليلوز 


: Butter Paper ة“ڀبqjll ور‎ ¬ ١5 


أو الورق غير المنفذ للماء : Grease Proof or water proof‏ يصنم هذا 


YYY 


النوع من الورق بغمس الورق الجاهز في مادة غروية » ثم يرر في محلول 
الفورمالدهايد ؛ ثم يفف ويستحسن أن يكون المحلول الغروي ساختاً محنوياً 
على جزء من الغراء الحيواني إلى عشرة أجزاء من الماء » أما محلول الفورمالد 
هايد فيضاف إلى خمسة أجزاء من الماء ولا تريد مدة تعريض الورق للمحلول 
الأخير أكثر من بضع ثوان . أيضاً يمكن تصنيع هذا الورق بغمس الورق الجاهر 
في مصهور الشمعٍ ويستعمل في تغليف الزبد والدهن ووزن المثر المربع منه عادة 
المع جام والمادة الشمعية تزيده امسماعاً على إنفاذ المواد الدهنية . 


۷ - ورف النقود أو البیکنرت Currency Paper‏ : 

يصنع هذا النوع من الورق أساساً من حرق القماش مع نسبة قليلة من لب 
الخشب ؛ ومن المخصائص المطلوبة في هذا النوع من الورق أن يقبل الثني » أي 
قوة الثني عالية حيث التداول بين أيدي ملايين الناس » لذا يعالج معالجة خخاصة 
لتساعده على مقاومة اتفزق والشد لكثرة الاستعمال وبافتراض طول مدة 
التداول . وفي الدول الكبرى تصنع عجينته من ألياف الكتان والقطن بسب 
خاصة يحتفظ بها في غاية السرية . واتجلترا هي أولى دول العالم إنتاجاً هذا 
النوع . ۰ 
1۸~ الورق الغير قابل للاحتر اق Fire-Proof Paper‏ : 

لعمل ورق غير قابل للاحتراق يوضع اللب بعد تجهيزه في مرجل به محلول 
ساخن من كبريتات وفوسفات الأمونيوم مع تقليب المزي . ثم يحضر منه الورق 
بالأسلوب العادي . ثم يغمس في محلول يتركب من 8 أجزاء بالوزن من 
كبريتات الأمونيوم  ٠"‏ أجزاء من حمض البوريك » وجزئين من البوراكس » 

٠‏ جزء من الماء » ويفضل أن تكون درجة المحلول حوالي ٠5م‏ لأن ذلك 
يساعد على امتصاص المواد المذ كورة داخل مادة الورق . 


4 - ورق انيل معموط ءاطاط : 
وهو ورق خفيف » متين » غير شفاف . يستعمل كثيراً في طبع الكتاب 


- YA 7 


المقدس ء وأحياناً في المعاجم . يتفاوت وزن الختر المربع منه بين ٠١‏ - .4 
جراماً . يجب أن تكون خامته من عجينة طويلة الألياف لرفع درجة متانته » کا 
يضاف إلى العجينة ثاني أكسيد التيتانيوم و كبريتات الباريوم لمنع الشفافية . 
وتطبع عليه الموسوعات العلمية مثل الموسوعة الأمريكية . وذلك لتقليل التكلفة 
وتصغير حجم الكتب المطبوعة . 
”٠‏ - ورق بارافيني «القوموط : 

وهو ورق معالج بشمع البرافين لجعله مقاوماً للرطوبة . وحيث يستخدم 
كادة عازلة ويستخدم في تغليف لفات الورق عبد تصديره على هيئةٌ بالات 
خحشية الرطوبة والأمطار . كا يستخدم في تغليف كل المواد التي يخشى عليبا من 
نفاذية الماء . 
۲۱ - ورق ڊlقliaش Papyroline Paper‏ : 


وهو ورق مقوى أو مدعم بقماش . يلصق القماش على أحد وجهي فرخ 
الورق » أو على الوجهرن معأ » أو يلصق بين فرخين للحصول على فرخ واحد 
مدعم ۽ حيث يستخدم في كتابة الوثائق والعهود والمعاهدات التاريخية . 


5 - ورق بريد جوري معروط اتمسمله4 : 
وهو ورق حفيف الوزن » صالح للكتابة با حير » لا يزيد وزن المتر المربع 
الاستخدام لخفة وزنه عند نقل البريد بالطائرات . 


۳ - ورق بي مقطرن Tarred brown Paper‏ : 
ورق لف له بعض المقاومة للماء . يتكون من فرخ من الورق مغطى أو 
مشرب بالقطران ( من الفحم أو الخشب ) أو البيتومين ؛ أو يتكون من عد 
من هذه الأفرخ ملتصقة معاً . ويستخدم كمواد عازلة في أسطح المنازل لعده 


- ۷۹ - 


: ورق تجفيف الأيدي معط »م0‎ - ٤4 

ورف ساس ف ارزو من اماج ت فو الات والتلديل 
الورقية فيطبع بالزعرف والألوان وقد يرد في هيئة بكرات عرضها نحو عشرة 
سنتيمترات » شاع استخدامه في كل أنحاء العالم منذ بداية الستينات . 
6 - ورق جلاسین Glassine Paper‏ : 

ورق يم الحصول عليه من لب مضروب ضرباً قوباً » ثم يصقل صقلاً 
متازاً . يكون هذا الورق نصف شفاف » كا قد يكون ملوناً أو معتماً . وفي 
جميع الأحوال يكون غير منفذ للدهون . وجانباه شديدا النعومة واللمعان . 
ويعرف عن أهل صنعة الطباعة باسم جلاسيه . ويستخدم بكثرة في طباعة 
النشرات ومواد الدعاية والإعلان . 
٣‏ - ورق حریري ۴4٥۲‏ مووا : 

ورق رقيق راق » خفيف الوزن » ناعم الملمس » يستعمل أساساً في تغليف 
المنتجات الدقيقة . يزن المتر المربع منه بين ١١‏ إلى ٥‏ جرام مربع . يطلق 
المصطلح أيضاً على الورق الناعم النسيجي الملمس الذي يستخدم في الأغراض 


۷ - ورق wجlڻٽ Ledger Paper‏ أو الورق اللازوريه الأزرق : 

وهو ورق لطبع السجلات والوثائق المالية » مثل دفاتر القيد في اليومية 
ودفاتر الأستاذ . نظراً لأهمية الاحتفاظ بالسجلات لمدد طويلة » فمن اللازم أن 
تكون من ورق ذي جودة عالية قابل للتعمير . وأن لا يتأثر بالمؤثرات الجوية 
أميطة . وهذا الورق لم يكن يصنع فيما مضى إلا من الخرق ‏ ولكنه يصنع 
الآن من لب ( عجينة ) كيمياني » وقد يضاف إل بعض أنواعه الفاخرة نسبة 
من الخرق . وهو مصمت لكي تنسد مسامه ولا يتشرب السوائل . وتتخذ من 
أوزانه الثقيلة الأسهم والسندات ؛ ومن أوزانه المتوسطة السجلات ودفاتر 
الحسابات ومن أوز انه الخفيفة الخطابات والاستارات . 


— YA مب‎ 


تتفاوت أوزانه بين ۷۰ و ۱۲۰ جراماً للمتر المربع . وقد يضاف إل 
عجينته لون أزرق خفيف فيسمى « ريجستر مرهر » أو « لازوريه » . 


- ورق صامد للقلريات #عجوط /ممءملتلهللق : 

ورق له مقدرة كبيرة على مقاومة المواد القلوية . يستعمل في تغليف الأشياء 
التي تحتوي على مواد قلوية » مثل الصابون والمواد اللاصقة وما إلييما . يصنع 
هذا الورق من أنواع مختلفة من العجائن , أكثرها استعمالاً العجينة المبيضة 
نصف تببيض . كا تستعمل العجينة المبيضة تبييضاً كيميائياً كاملاً . 


: 1120 ورق عالي التقرم معموط لءما5‎ - ۹٩ 

مصطلح نسبي يطلق على الورق الذي يحتوي على أعلى نسبة من المواد 
الغروية التي تقاوم نفاذ الحبر أو أي محلول ماني فيه . ويسمى الررق الأقل 
احتواء على المواد الغروية بتسميات يدل كل منها على نسبة المواد الغروية فيه » 
كأن يقال ورق متوسط التقويم » أو ورق ربع تقويم » أو ورق ضعيف 


التقريم . 


: Superealendered Paper. Jaصۍئا ورق عالي‎ - ۰ 


ورق تم صقله عالياً ماكينة الصقل العالي » وذلك للحصول على سطح أنعم 
ولمعان أكبر من الورق المجهز بالماكينات العادية لكي يستخدم في الطباء 
الفاخرة . ويكثر استخدامه في طباعة المصحف الشريف بالألوان . 


: Old Paper ورق قسديم‎ - ۹ 


ورقف تالف ۽ 28 تخزينه لمدد طويلة أو بسبب تخرينه لملد قصيرة نسبياً . 
00000 5206 في متاعب أثناء الطبع » نتيجة لتكون شحنات 


- ۸۱ 


كهربائية استاتيكية . وقد يصبح الورق مهلهلاً ( شايطأ ) من أطرافه فيتطلب 
قصه إل مقاس أصغر . وفي بعض الحالات قد تقاسك أفرخ الورق معا » 
وكأنها كتلة واحدة متحجرة » وخاصة الورق المطلي ( الكوشيه ) لتماسك 
الطبقات الكاسية له بعضها مع بعض بالتفاعل الكيمياني ولتأثره بالمؤثرات 
الجوية طوال مدة التخزين . 


۲ - ورق کبریتیت ( سلفیٽ ( Sulphite Paper‏ : 

ورق سصنع تماماً من لب الكبريتيت » أو بنسبة عالية من هذا اللب » وهذا 
الورق يستخدم في تغليف الشاي لأنه لا ينفذ الرائحة . وهو أصفر أو برتقالي 
اللون ( ۷٠-٦٠‏ جم /م مربع ) تنتجه شر كة الورق الأهلية بالاسكندرية 


۴۳ - ورق كرافت Kraft Paper‏ شدي الاحھال : 

ورق ذو قوة ميكانيكية عالية » صنع بأكمله من لب كبريتات غير مبيض 
من الخشب الطري : ويستخدم للتغليف الخارجي في شكاير الأسمنت و لصنع 
الكراتين المضلعة . وقد يكون ورق كرافت مبيض أي صنع من كرافت مبيض 
ويستخدم أيضاً في تصنيع صناديق تعبئة الفاكهة والنضراوات عند التصدير . 


: 0,ده09605‎ Pape ورق كرتون مغطى‎ - ٤ 

اصطلاح شائع لأنواع متعددة من الورق إذا زادت ثخانته على /١©‏ . من 
الملليمتر ومال قوامه إلى الصلابة . كثيراً ما تضاف إلى كلمة « كرتون » 
كلمة أخرى تحدد المقصود منه » فيقال على سبيل المثال : كرتون رمادي » 
كرتون مانيلا » كرتون کوشیه » کرتون دوبلکس » کرتون کرومو » کرتون 
بنداکوت » كرتون بريستول . وهكذا... ولسنا بصدد الحديث عنه 
تفصيلاً » لكوننا نم بأنواع الورق التي يمكن استخدامها في طباعة الكتاب 
وتجهيزه . 


TAY ~‏ مه 


الطباعة 

على قوالب الذشب التحفور : 

قال ماركوبولو في كتاب رحلته إلى الصين : « لن أتهاوز الحقيقة إذا 
قلت : « إن حكومة الامبراطور كانت تصنع من لحاء شجر التوت نوعاً من 
الورق أسود اللون يقطع إلى أحجام مختلفة . وبعد أن تخم هذه الأوراق جخاتم 
حاص يغمس في حبر لونه قرمزي » تصدر للتداول وقد اكتسبت صفة رسمية 
وقيمة كبيرة يا لو كانت من الذهب أو الفضة الخالصين ... وكان الامبراطور 
يأمر كل عام بإعداد كمية كبيرة من هذا الورق المصدوع من ألياف نبات 
ش ابوص والتي لا تكاد تكلفه شياً » ولكنها من الوفرة بحيث تساوي في قيعتها 
كل أموال العالم .. ولا يجرؤ إنسان في كل البلاد المجاورة وانحيطة بالصين أن 
يرفض التعامل بهذا الورق كعملة . 

أما بالنسبة لأبناء الصين أنفسهم » فقد كان لهذا الورق عندهم تاريخ قديم . 
وكذلك فإن عملية استخدام حاتم يدوي يحبر لطبع علامة أ تيع تعود 
بدورها إلى عدة قرول . 

ومن المؤكد أن كهنة الصين القديمة لم يكونوا يعرفون الشمع الأحر » غير 
أنهم صنعوا تعاويذ كبيرة من الفخار لحماية المسافرين من أخخطار الور 
سل ل انس 

وكانت الطلاسم أو الكلمات التي يعتقد أن قوة السحر تكمن فيها تحفر 
أولاً على أختام من المدشب . وببذه الأختام كان يمكن نقل أشكال الطلاسم ١|‏ 
عدد كبير جداً من قطع الفخار الطري في وقت قصير . ولم يكن أي كات 
يستطيع مطلقاً أن يجاري هذا العمل في سرعته . إذا استخدم قلمه في كتا 
التغاريك غل الفخار:: 

ومن الحتمل أن السهولة التي كانت يتم بها طبع التعاويذ على قطع من الفخا 
أو حت إل البعض بفكرة استخدام الأحتام اليدوية لطبع بعض الرسوم بالحم 
على قطع النسيج . وعلى أية حال » فقد كانت النقلة بعد ذلك قصيرة بين الطب 


~ YAY — 


على القماش والطبع على الورق بالطريقة نفسها . وبعد أن أتقنالصينيون فن 
الطبع باستخدام الأحتام والقوالل الخشبية المحفورة » أنتحوا أول كتب مطبوعة 
عرفها العالم . 

ولكن » كيف كان الصينيون يطبعون الكتب مى تلك القوالب الخشبية ؟ 
لقد كان السطح الطابع الذي يجعل الحبر من هذه القوالب يتمثل فى المخطوط 
البارزة التى تحدد معالم الأشكال والكلمات . أما كل ما حول هذه المنطوط 
فكان يعمق بالحفر حتى لا يصل إليه الجبر . وكان كل ما يضمه السطح الطابع 
فى وضع معكوس حتى يظهر معتدلاً عند الطبع . ولم تكن لذلك أهمية كبيرة , 
بالنسبة للصور . أما بالنسبة للكلمات فلاشك أن الأمر مختلف . 

وكان إعداد السطح الطابع يبدأ بكتابة النص ورسم الأشكال بالحبر عل 
ورق رقيق . ثم يوضع وجه الورق فوق لوحة من المنشب المصقول جيداً 
ويضغط عليه يرفق » فتنتقل الكلمات والأشكال إلى ع ارد 
بعد هذا دور الحفار الذي يعمق بالأزميل مالم يلحقه الحبر من أجزاء سطح 
الخشب » فتبرر* نتيجة لذلك الأجزاء النى تمثل الكلمات والأشكال » ويصبح 
سطح القالب بهذا معداً للطبع بعد تحبيره وضغطه جنفة فوق الورق . 


وأقدم كتاب مطبوع يوجد الآن هو كتاب دينى فى الحكم والأمثال يسمى 
« درة البوذية » Sutra)‏ 000تصدلط) ويعتبر ري من الكتاب المقدس 
للبوذيين . وقد وجد هذا الكتاب فى مطلع القرن الحالى فى .حجرة صغيرة 
مسدودة داخل أحد الكهوف » ولا يقع هذا الكهف داحل أراضى الصين 
نفسها . ولكنه واحد من سلسلة الكهوف التي نقبت من أجيال بعيدة فى 
صخرة واحدة كيرة بمبال تركستان . والتى يطلق عليبا « كهرف الألف 
بوذى » . وهذه الكهوف س المرارات المقدسة التى اعتاد البوذيون أن جوا 
لہا کل عام ليطوفوا نجدرانها ويتعبدوا فى حرمها . ولكن لم يخطر ببال أحد 
مہم وما أن النقوش التی کات تزین أحد الجدراں تخفى مدحل حجرة 
سرية . 


584 


'لقد كشف وجود هذه الحجرة أحد الكهنة . ولم يتحقق ذلك لأنه كان 
يبحث عنها بالذات » وائما عثر عليها ب“محض الصدفة عندما كان يقوم بتجديد 
بعض نقوش الجدران . فقد لاحظ أن الملاط فى أحد المواضع متشقق بشكل 
ملحوظ » ولذلك قرر ازالته ليرمم الحائط قبل أن يمضى فى عملية تجديد النقوش 
وشد ما كانت دهشة الكاهن , عندما أزال الملاط القديم فوجد تمته حائطاً من 
الملوب بدلا من جدار الكهف الصخرى . 

وما لبث حين أزال هذا الحائط » أن تكشفت أمامه حجرة صغيرة مربعة 
طول ضاعها نحو ثلاثة أمتار > تحتوى على كومة هائلة من صرر القماش ترتفع 
ثلاثة أمتار أخرى . وقد تبين أنها تبلغ أكثر من ألف صرة تضم كل منها نحو 
عشرة كتب مخطوطة على لفائف من الورق » وبين كل هذا الحشد من الكتب 
وجدت نسخة واحدة من كتاب « درة البوذية » مطبوعة من قوالب خشبية » 
وتحمل تاريخ عام 874 م » عليها اسم طابعها الصينى « وان تشيه » . 

وكانت هذه النسخةء بعد أن جف حبرها بأكثر من 21 ٠‏ عتفظ 
برونقها وجدتها » اذ أن الحواء حبيس الكهف كان يخلو من الرطوبة . 


~~ Ao — 


جوتببرج الطابع اضرع 


تبدأ الاختراعات الامة عادة فى صورة بسيطة : فنحن اذا رجعنا الى نشأة 
الطباعة فى أوروبا مثلاً » وجدنا أنها بدأت بتلك القوالب الخشبية المحفورة . 


ونحن نلاحظ أن تطور الطباعة سار جنباً إلى جنب مع ثمو وتطور صناعة 
الورق » مئذ تحرج الصينيون باختراعهم الذى خلقوا به مادة جديدة للكتابة 
ذات فائدة عظمى . ولما كان على أوروبا أن تستورد كل ما تحتاج إليه من 
الورق > فقد كانت تفضل الفسك بما اعتادت استخدامه من مواد تنسخ عليبا 
الكتب بخط اليد . ولقد كانت ( الأندلس ) أسبانيا أول دولة أدحلت صناعة 
الورق فى أوروبا » وتلتها ايطاليا ثم فرنسا وألانيا » وعندئذ أصبح الورق من 
لمواد الشائعة الاستخدام فى هذه القارة » وما أن أشرقت همس القرن الخامس 
عثر اليلادى » حتى كانت أسواق أوروبا تمتلىء بورق الكتابة ودفاتر 
الحسابات » والورق الذى يستخدم فى النوافذ . 


وفى ذلك الوقت بالذات كانت صناعة جديدة تزدهر فى أوروبا »> وهی 
حفر قوالب الخشب لطبع اللنسوجات وكتب الصور » وترتبت على ذلك 
ظاهرة لم تعرفها أوروبا من قبل . وهى طبع كميات كبيرة من صور القديسين 
ومناظر قصص الكتاب المقدس » وبيعها بأسعار تقل بكثير عن أسعار الصور 
المرسومة باليد . 

وصحيح أن هذه الصور كانت تطبع باللون الأسود وحده » وأنها كذلك لم 
تكن متقنة لأن حفارى القرالب كانوا يفتقرون الى المهارة والخبرة . ولكن كان 
من الممكن دائماً لمن يقتنى هذه الصور أن يجرى لها من التحسينات ما يشاء 
بواسطة الأصباغ المائية . خاصة هؤلاء الذين يجيدون الرسم . 


وينسب الى يوهان جوتنبرج غاا «صھطەل اختراع حروف 
الطباعة التى تسبك من المعدن . ونحن لا نعلم إلا القليل جداً عن طفولته » فلا 


¬ ٩ - 


يعرف مثلاً تاريخ مولده بالضبط » وان كان يذكر دائماً على أنه « حوالى عام 
«Vin‏ وعلى أية حال فان ما أمكن استخلاصه من السجلات هو أن 
والده كان يدعى جنزفليش 416150 5ع ؛ ولكن الصبى يوهان فضل أن 
يتخل لقب أسرة والدته ( جوتتبرج ) . ولم يكن هذا أمرأ غير مألوف فى مديئة 
مايئز بأمانيا » مسقط رأس الصبى . 


وكانت أسرة جنزفليش ميسورة الحال » فتلقى الصبى فى طفولته تعليماً 
طيباً . ولكن حدث فى حوالى عام ١47٠١‏ أن أبعدت الأسرة من مدينة ماين » 
لأسباب سياسية على ما يبدو » فلجأت الى مديدة ستراسبورج . 


والمفروض أن صبياً كيوهان له اهتام كبير بالقراءة وانتاج الكتب » يبدأ 
حياته العملية بالتلمذة على يد طابع للكتب من القوالب المنشبية . ولكننا على 
حلاف ذلك » نجد أنه بدا حياته بالعمل فى مصنع للمناظير . ولكنه » بعد أن 
أصبح يمتلك مع زميلين له مصنعاً من هذا النوع » أحذ يعمل مأ شروع 
آخر . فقد أنمذ يفكر دون أن يطلع أحد على فكرته , فى اختر, رس يدث 
اذا نح ثورة فى حقل الطباعة . لقد كان يبحث عن طريقة عملية لصنع 
حروف طباعة متفرقة تسبك من المعدن . 


ان ذلك عندما يتحقق سوف يشل قفزة ضخمة من الطريقة المتبعة فى طبع 
الكتب من قوالب خشبية بحجم الصفحات » تحتاج الى جهد كبير فى حفر 
الكلمات عليها معكوسة حرفاً حرفاً » وبعد الطبع تصبح هذه القوالب غير 
ذات فائدة على الاطلاق . 

لقد تبين الصينيون من قبل متاعب الطبع من القوالب المخشبية » فقاموا بعدة 
تجارب لعمل حروف طباعة متفرقة يمكن تجميعها بأى ترتيب . وبالفعل تمكنوا 
من صنع هذه الحروف المتفرقة بحفر أشكال الحروف أولاً على قالب خشبى » 
ثم قطعها واحدا واحدا بالمنشار . وكذلك جربوا عمل حروف مائلة من 
الفخار والصفيح » يحمل كل منها شكلاً واحداً من أشكال حروف الكتابة 
ومقاطعها . 


- لام؟ - 


nefon aA Mm سملت با‎ ist قنخ لاريم‎ tC 
Ja aap Du moos isla néa morals + ry rono tr f! 





صورة هن قالب خشبي محفورة للقديس كريسعوفر > عام ١٤١١‏ 


وم يكن جوتبرج يستطيع بأية وسيلة أن يعم شيعا عن هذه التطوراث 
التى ابتكرها الصينيون » ولكن من الحتمل جداً من ناحية أخرى » أنه علم أن 
مواطناً هولندياً يدعى كوستر 0866© قام بنحث عدد من حروف الطباعة 
الدشبية بواسطة سكين صغيرة . وعلى أية حال فان جوتنبرج کان خخليقاً بأن 
يدرك دون أن يخبره أحد أن الحروف التى تدحت باليد لا تكون مستوية » وأن 
ا نشب مادة أضعف من أن تتحمل ضغط الطبعات الكثيرة » وأن ما كان هو 
يفكر فيه أبعد من هذا طموحاً » فقد كان يبحث عن طريقة سهلة وسربعة 
لسبك حروف طباعة من المعدن بكميات كبيرة . 


ولكن الأمر كان يقتضى أكار من مجرد تصميم شككل الحروف ثم سبكها من 
قوالب تعد ها . لقد هدته العجارب التى قام بها إلى أن سبيكة الحروف يبب أن 


~ FAA ~ 


تتكون من خليط ملاثم من المعادن » بحيث لا تنكمش اذا بردت( . وكذلك 
أدرك أن جسم الحرف يجب أن يكون قم الزاوية . وأن يكون الضلعان 
الجانبياك متساويين فى كل الحروف » بحيث يتلاصق الحرف عند جمعه تماما مع 
ما قبله وما بعده من الحروف فى السطز الواحد . وفوق هذا تيقن أن أجسام 
الحروف ينبغى أن تكون ذات ارتفاع موحد , بحيث لا يعلو حرف أو ينخفض 
عن الآحر ولو بمقدار مك شعرة واحدة » وإلا حرجت الصفحة المطبوعة 
خليطاً غير منتظم من حروف ثقيلة وخفيفة . 

وكذلك كانت هناك حاجة إلى صنع حبر من نوع جديد . فالحبر الماق 
الذى كان يستعمل فى الطبع من القوالب اللاشبية لا يصلح » لأنه لا يغبت على 
سطح المعدن . ثم كان على جوتنبرج بعد ذلك أن يببىء الة طابعة يمكن أن 
تكون مثل المعصرة التى يستخدمها الانسان فى استخلاص عصير القصب . 

وهكذا كانت هناك عدة مشكلات تستوجب حلها ؛ ولابد أنه مرت 
بجوتنبرج عدة أيام كان من العسير عليه فيها أن يركز ذهنه فى صناعة المناظير 
وبيعها » ومن الحتمل أنه كذلك كان كثير التغيب عن عما و 
السبب » فان شريكيه فى العمل ساورتبما الشكوك فى أن صاحهما يدبر لنفسه 
أمراً + وعدما :عامراه باتعلا طالين أن يعلل ما رود واشعاراية .ل يتلق 
عنهما شيقاً » ولم يكتف جوتبرج بأن يوضح لما بالضبط ما يسعى فى 
تحقيقه » وانما أطلعهما كذلك على مدى ما حققه من تقدم فى سبيل غايته . 

ولاشك أن ما سمعه الرجلان منه هزهما من الأعماق . فقد سارعا باتخاذ 


» تتكون سبيكة حروف الطباعة عادة من ثلاثة معادن أهمها وأكيرها نسبة الرصاص‎ )١( 
» اذ شل نحو ثلثى السبيكة » ويليه الأنتيمون فالقصدير » والرصاص سهل الانصهار‎ 
غير أنه سريع الأنكماش عند انخفاض درجة حرارته . ولذا أضيف الأنتيمون لأنه‎ 
يتأئر بالحرارة تأثراً عكسياً فيتمدد عند انخفاضها وينكمش عند ارتفاعها » وببذا‎ 
يتوازن تأثيره مع تأثير الرصاص » وكذلك يتميز الأنتيمون بالصلابة التى تعادل ليون‎ 
الرصاص . فتساعد على احتفاظ الحرف بمحدة خطوطه . أما القصدير فانه جيد‎ 
. الامتراج بكل من الرصاص والأنتيمون » ا أنه يقى السبيكة من الأكسدة‎ 


YASS 


مورة ية برح جرلترج 
رايد الطباعة المديئةء والمولرد فى عدينة ميتر 
بألانيا عام ٠٠٠١‏ مبلادية . 





Sb 


الخطوات التى تضمن أن يكون لهما نصيب من الربح عندما يحين الوقت الذى 
يجنى فيه جوتدبرج نمار اختراعه . غير أن جوتتبرج - 6 أثبتت الأيام فيما 
بعد - م تكن له عقلية رجل الأعمال . انه لم يكن يحسن رعاية مصاحه 


الخاصة » ولذا فانه طيلة حياته كان يتورط فى مشاكل مادية تلو أخرى . 


ونی عام ۱٤۳۸‏ وقع جوتنبرج عقداً وافق'فيه على أن يطلع شريكيه على 
« كل ما لديه من فنون الصنعة وما توصل اليه من مخترعات » وعلى ألا يخفى 
عنهما كل ما قد يكتسبه من معرفة أو حلول للمشكلات فى المستقبل » 
ولكن » ما الذى حصل عليه فى مقابل هذا ؟ انه مبلغ لم يزد على خمسمائة 
« فلورين »220 يا أنه أعطى مهلة معينة لأكال تجاريه . 


وقد تضمن هذا العقد فقرة معينة ربما لم يلتفت جوتنبرج الى أهميتها فى ذلك 
الوقت . وتنص هذه الفقرة على أنه اذا توفى أحد الشركاء قبل عام ١41417"‏ 
- وهو موعد انتهاء العمل بالعقد - فان كل الأدوات والأجهزة والمعدات 
والوثائق » وكذلك كل ما تم انجازه من أعمال » يصبح من نصيب الشريكين 
الآخرين . وفى مقابل ذلك يتحتم على هذين الشريكين أن يدفعا مبلغ مائة 
فلورين الى ورثة شريكهما المتوفى . 





. عملة ذهبية كانت متداولة فى ألمانيا وهولندا‎ )١( 


ES 


وتلت ذلك مرحلة من العمل الشاق لمجوتتبرج » فأدخل عدة تحسينات على 
الآلة الطابعة التى كان يقوم باعدادها . وأكمل تجاربه على نوع من الحبر اللزج 
المصنوع من زيت بذرة الكتان والورنيش » مع مادة السناج السوداء » ولكن 
أهم من هذا كله انه استطاع عن طريق التجربة والخطأ أن يمدد الخليط المعدق 
الصحيح الذى تسبك منه الحروف . ونحن لا نعرف كيف كان جوتتبرج يعد 
قوالب الحروف ( الأمهات ) ثم يسبكها عليها » وان كان قد حدث يوماً أنه 
حشى أن تتسرب أسرار اختراعه » إذ توى أحد شريكيه . وطالب ورثته بأن 
حلوا محله . ولكن جوتنيرج لم يكن راغبا في أن يشرك أحداً آخر في « كل 
فنون الصنعة وما توصل إليه من اختراعات » . ولذا أرسل خادمه على الفور 
إلى منزل الشريك المتوفي » حيث كانت تقوم إحدى الآلات الطابعات التي 
صنعها . وكانت لدى الخادم تعليمات « بان يفك ذلك الشيء عن طريق إدارة 
لولبين معينين » » إذ بهذا « سوف تنفصل أجزاؤه وتتبعار » . وكلف 
جوتنيرج الخادم كذلك بأن يحضر معه « قطعاً معينة » منهاء حتى لا يعلم 
أحد بوجودها . 


وفى أثناء نظر القضية التى استتبعت هذه الواقعة ذاعت تفصيلاتها مع 
تفصيلات أخرى تتصل بعملية « سبك معدن على قوالب من الرمل » ويبدو 
أن نتيجة هذه المعركة القضائية كانت غير مرضية لكل الأطراف المعنية . 
ومالبث جوتنبرج أن غادر ستراسبورج عائداً الى ماينز . 

وهناك قصة هامة تروى عن صائغ فضة ظهر فى ذلك الوقت تقرياً فى 
مدينة افينيوث («20ع1اش) بفرنسا » ومعه عدة صناديق من حروف الطباعة 
المعدنية . وتقول الرواية أن هذا الصائغ أدهش أهل مدينته بما عرضه عليهم من 
نماذج « لحروف الكتابة الصناعية » . ومن المحتمل أن هذا الرجل كان قد 
حصل بوسيلة ما على كمية من حروف الطباعة التى صنعها جوتنبرج . ولم 
تكن ثمة قوانين لتسجيل الخترعات وحماية حقوق الملكية الصناعية فى تلك 
الأيام » فأسرار أية صناعة كانت نبباً مشاعاً لكل من يستطيع الحصول عليها . 


1و1- 


كان جوتنبرج مازال يعانى من سوء حالته المالية » فاضطر لكى يواصل 
صائغ ذهب يدعى يو ھان فوت (Johan Fust)‏ . 


ول تكن بصك الدين الجديد أية ثغرات » فقد كان ينص على أن الدائن 
يقتضى فوائد دينه مقدماً . وأكثر من هذا » كان من حق الدائن أن يطلع على 
كل أسرار صنعة وخترعات مدينه » مثله فى ذلك مثل شريكيه السابقين صانعى 
امناظير فى مدينة ستراسبورج . والظاهر أن جوتتبرج لم يكن يستطيع تغيير 
شروط هذا الدين . فقد كان يحتاج إلى مكان ومواد والات طابعة 
ومساعدين . 


وكان العمال الذين يساعدون جوتتبرج فى الطباعة يقسمون له على ألا 
يبوحوا بسرء يا كان هو يحرص على أن يبقى باب غرفة المطبعة ونوافذها 
مغلقة دائماً . ولم يكن غريباً ازاء مثل هذه الاحتياطات المشددة أن تثور 
الأقاويل . فقد اشتد حب الاستطلاع لدى كل جيرانه » ولم يمض وقت طويل 
حتى انتشرت شائعة تقول أن يوهان جوتنبرج ويوهان فويبت كانا يعرفان 
الكيمياء السحرية .. وانهما كانا مشغولين باجراء بعض تجارب السحر لتحويل 
الرصاص إلى ذهب . 

ولم يكن جوتنبرج ممن يحسنون تنظيم شكونهم امالية » ولذا أحذ يغرق فى 
الدين شيئاً فشيفاً . واستمر دائنه الصائغ فى تزويده با مال » لدفع أجور العمال 
وشراء المعادن والآلات والورق والرق . حتى أصبح كل ماف المطبعة مرهوثاً 
لحساب الصائغ إلا أن جوتنبرج كان منبمكاً فى مشروعه المحبب الى نفسه » 
لدرجة أعمته عن تبين خطورة الموقف . لقد كان كل اهتامه هو أن ينجز طبعة 
من الكتاب المقدس » ليكون أول كتاب كبير كامل يطبعه بحروفه المعدنية 
لمتفرقة . وكان جوتنبرج يأمل كذلك أن يبىء الكتاب عملاً فنياً جميلاً » ولذا 
حرص عند تصميمه لأشكال الحروف أن يحاكى أجمل الخطوط اليدوية 
الموجودة » حتى تبدو الصفحة المطبوعة من الكتاب كأنها من انتاج كاتب على 
درجة عالية من اجادة الخط . 


۹Y 


وفى عام ١404‏ تمكن الصائغ فوست من وقف العمل فى مطبعة جوتبرج » 
فقد طالبه بسداد دينه وعجز جوتنبرج عن الدفع , فأقام عليه دعوى حكم فيها 
لصالحه . ولا يعرف بالضبط مدى الشوط الذى كان جوتتبرج قد قطعه فى 
طبع الكتاب المقدس حتى ذلك الوقت » ولا عدد النسخ التى كان قد أتم طبعها 


مله . 


وبمقتضى ذلك الحكم القضاق استولى فوست على ماق مطبعة جوتنبرج من 
حروف الطباعة والآلات وكل ما كان تحت الطبع من أصول » ونقله الى بحل 
عمله . وهناك استطاع ذلك الصائغ أن يواصل العمل فى المطيعة بمعونة ابن 
زوجته » وهو شاب يدعى بيتر شوفر (:50806856 ,6اء©) كان جوتتبرج قد 


دربه على أعمال الطباعة . 
عله 


IS:‏ ديع manco pag aslê: Rumi‏ د ما قاط 
rai! o2 & wan HD‏ وسح نط8 : « 
ta irda reg mi:‏ عم للع ال 3لا 
ec nba ihİ oxi e Out. mayine‏ & 
apt perû: a as eo’‏ ويلع هر ftp oof erk‏ 
i ma‏ انه 0 uO. ve ıtOnde RIL pltua‏ بع ل 
id piu, a mt. qı‏ 
o auinıd Rua: tay rt at, Qt ulinb abun Î bo‏ 
Buca.‏ 


Tu AERA OY! 
7 ma an n Oh م اهأ بونصوع مه‎ 
سمدم | )م ع بع مه‎ nts aiken ODOC 
ram 


mlem fata n", 
ion PDFS. {gt au noel eno manto? mid crbf:! 
errr re سمت‎ RRS ا‎ 
LIT STE 

a: ef mi 10 a 1: mi نجه‎ 
ehli FRipare Varuna abc faluwza lua. Fyt O (mrad 


a1 vin ri: هزه نوما‎ 
TI RE a 


femelrg: r ime‏ ا 
i ıu ny Lion‏ 


Dı ry olqnt. 
كنا املاع “1ئنه) 00 : 9 ل تناد : 10 يشجانه‎ 
أله‎ ıl 1û u gai: ipl Rah 
EE 0 


١‏ لك ابي ل Ba e‏ :نت لو 004 ل 
E‏ خم 3 3 3 O‏ لا إلا 
E Rya‏ 
ا حي 
ا © وه » العلايا عع ني 8 1001 
zom 1 iner ole !- 10036 DAU. 0‏ 
اا ا ا س 0 : 
me; inA RT bun (Alana car :‏ كا uur ar qe (russ RAI:‏ 
e tt fuflnyÎ cont bır „f norrmliner‏ | ا 
rb RONG Dent cle walî io goran hat; Û tilda‏ متجيه هآ 


صفحة مصغرة من الكتاب المقدس اللى طبعه جوتنجرج 


ومن الجائز أن فوست سمح لجوتدبرج بان يتم الل فى 
حر مالتى نسخة من الكتاب القدس » الذى بلغت صفحاته 
٠‏ صسفسة , قبل أن يسحولى على مطبعته ٠‏ وكان عدد قليل من 
هذه التسخ مطبوعا على الرق ءرالباقى على الورق ٠‏ وعق أية 


حال 2 قسواء أكان جوتتبرج هو الذى اتم هذا العمل ٠‏ م أن 


— واد 


ومن الجائز أن فوست سمح لجوتنبرج بأن يتم العمل فى نحو مائتى نسخة من 
الكتاب المقدس » الذى بلغت صفحاته ٠۲۸٠١‏ صفحة › قبل أن يستولى على 
مطبعته . وكان عدد قليل من هذه النسخ مطبوعاً على الرق » والباق على 
الورق . وعلى أية حال » فسواء أكان جوتنبرج هو الذى أتم هذا العمل » أم أن 
قوست والصبى شوفر هما اللذان تكفلا به» فان هذا أمر غير ذى بال . المهم 
أن هذا الكتاب طبع من حروف معدنية اخترعها وصممها جوتنبرج » وأن 
الفضل فى خروج هذا العمل الى النور يعود إلى ذلك الرجل واصراره ومثابرته 
وتفانيه فى سبيل تحقيق فكرته . 

ولاشك أن اختراع جوتنبرج يعتبر نقطة تحول واضحة فى تقدم المعرفة فى 
حياة الجنس البشرى . ولا تزال طبعة الكتاب المقدس التى أنتجها هى أثمن 
ما طبع من بين ملايين الكتب التى أخرجتها المطابع » منذ ظهر اختراع 
جوتنبرج الى الوجود() . 

والمعروف أن ما يوجد الآن من هذا الكتاب هو ست وأربعون نسخة . 
ومن هذه النسخ ثلاث فقط كاملة وفى حالة جيدة » وهى مطبوعة على الرق . 
واحدى هذه النسخ الثلاث ف المتحف البريطانى » والثانية فى فرنسا » أما الثالئة 
ففى مكتبة الكونجرس الأمريكى . 

وتقع نسخة مكتبة الكونجرس - على خلاف الدسخ الأخرى - فى ثلاثة 
أجزاء » كل منها مجلد بغلاف من جلد الختزير من القرن السادس عشر . 
والمجلدات الثلاثة محفوظة متجاورة فى صندوق خاص ء المجلدان الجانبيان منها 
مفتوحان لتظهر صفحاتبما » والمجلد الثالث مغلق وسطهما ليظهر غلافه 
الثمين . ويتضح من هذه النسخة أنها طبعت بالحبر الأسود » وان كانت بعض 
الأسطر قد طبعت بالحبر الأحمر . وكذلك طبعت حروف البدء الكبيرة 
والعناوين باللون الأحمر » وأضيف اليه الأزرق بخط اليد . 


)١(‏ هذه الطبعة باللغة اللاتينية . والصفحة فيا مقسمة الى نرين يحتوى كل منهما على 
۲ سطراً . 
4و - 


ومن المحتمل جداً أن تلوين حروف البدء الكبيرة والعناوين قد قام به فى 
براعة بعض رهبان طائفة البندكتيين . فقد ظلت هذه النسسخة فى حوزة الرهبان 
ما يقرب من خمسة قرون » قبل أن يمكن الحصول عليها من رئيس دير قابع فى 
جبال الألب فى اقلم كاريثيا (وتطاستيوه) بالفسا . 

وكان مشترى هذه النسخة مواطبا ألمانياً من هواة جمع الكتب النادرة . وقد 
دفع فى أجزائها الثلاثة ممناً يقرب من ثلث ملیون دولار . ونی عام ٠۹۳۰‏ وافق 
الكو نجرس على شراء مجموعة من الكتب التى طبعت فى القرن الخامس عشر 
بمليون ونصف مليون من الدولارات . وكان بينها هذه النسخة من الكتاب 
الت ني لا تقار اتن وای طعت ل ا با عرض لان ل الك 
الأمريكية الشهيرة التى تقوم فوق تل الكابيتول . 


حروف الطباعة ا 


كتب أحد الأدباء المتحمسين لاختراع الطباعة فى رسالة له عام .141 : 
« لقد اكتشفوا فى ألمانيا طريقة جديدة رائعة لانتاج الكتب , وقد تلقى أرباب 
هذه الصناعة أسرارها فى مدينة ماينز » ومنهم ستنتشر في_شتى أنحاء العالم » . 


ولكن لم يكن كل الناس من رأى هذا الأديب الكاتب . فقد كتب أحد_ 

معاصم به_ناعياً على. الاختراع الجديد أنه سيجعل من المستطاع « نقل أكار 
الأفكار حماقة اللي صفحات ألف كتاب فى لحظات » . 

وسار الأمور ومرت الأيام . كثيرون يشيدون بلاتجاه الجديد فى نشر 
الكتب » وآخرون يصرخون « تسقط الطباعة » . أما بالنسبة للنساخين 
انخترفين » فقد كانوا ضد استخنام حروف الطباعة المعدنية » لأهم أدركوا أن 
ذلك يعنى باية_عهد نسخ الكتب باليد . ونتيجة لهذا فسوف يفقدون » 
وسوف يضيق مهنتهم مجال نشاطهم . فلا يتعدى كتابة الرسائل وتدوين 
الحسابات . 


ه58 - 


ولكن لم يكن هناك ما يمكن أن يحول دون انتشار اختراع_جوتتبرج » 
فعندما وصلت انباؤه الى شارل السابع ملك فرنسا أبدى اههاماً كبيراً بالأمر . 
وتقول احدى الوثائق التاريخية انه : « فى اليوم الثالث من أكتوبر 7" 
» علم الملك أن السيد « جوتتيرج » رجل من مدينة مايتز برع فى_ 
حفر قوالب الطباعة وصناعة حروفها » وانه استطاع أن يخرج الى الوجود 
اختراعاً للطبع بواسطة حروف معدنية منفصلة . فأمر أحد رجاله بأن يذهب _ 
للحصول على ر هذا ا 7 

E المهمة الدقيقة أكار من نيقولاى‎ eT 
مدير دار سك النقود . فلما کان هو نفسه متخصصاً فى صنه‎ )N.[ه۸0(‎ 
القوالب التى تسبك منها قطع النقودء فانه ان يد أية صعوبة فى فهم كل‎ 
. ما يتعلق بعملية الحفر وصناعة القوالب التى تسبك منها الحروف‎ 

وفى هذه الأثناء كان جوتنبرج قد عاد الى العمل » وربما كان قد عثر على 
مول أخحر يسنده . ومن ال جائز كذلك أن ينسون سون قد أجزل له العطاء لكى يقف 
على ,سر ار الصنعة والاختراع . E‏ 





مك يي 


ودر لوم رن ا 
لحسابه » يعد مد الات ت الطباعة عه ویص رم حروفها . وقد حسپ ينسون أنه 


سيحظى بتشجيع املك الجديذ لويس الحادى عشر الذى خلف والده ولك 


سيا سه ل 


اخطاً الحساب . 


الما معد وای 


یکن اللويس أدنى ۽ اهام با بالأفكا ر الجديدة » وقد أثبعت الكتب المدسوخة 
باليد جدواها على مدى أجيال طويلة ف[ فلماذا - بالله - يغير هذه الطريقة 
التقليدية "بطريقة أخحرى للكتابة الصناعية ؟ ولذلك شد ينسون رحالة الى 
فنيتسيا في عام E‏ 


سسس س 
کت ی ی ی پک کی 


- ۹٩ - 


وبدلاً من ذلك صمم مجموعة * روف رومانية متغيرة :باخ من جو دا ودا 
أنبا مازالت حتى اليوم نموذجاً فى الجمال والاتساق . 

وشهدت فنيتسيا علماً آخر فى حقل الطباعة والنشر تا بع حطوات ات ينسون 
بعد وفاته عام ۱٤۸٩۰‏ ۰ هو ألدوس مانو تيوس ٠ (Aldus Manutius)‏ وكان 
مانوتيوس فى الأصل رجلاً بحاثة ؛ وجه هية بصفة خاصة إلى نشر كتب فى 
قواعد اللغة اليونانية وشرح مفرداتها » ولكنه فى الوقت ذاته فكر فى مشروع 
استأثر بعنايته واهتيامه » وهو اخراج طبعات من أفضل الكتب المعروفة تكون 
رخيصة وسيهلة التداول معا . وكانت فكرته أن تصغير حجم الكتاب سوف 
يؤدى إلى تخفيض ثمنه . ا 

وعلى ذلك أخرج مانوتيوس أول مجموعة من « كتب الجيب » عرفها 
العام . وقد طبعت هله الكتب بحروف صغيرة مزدحمة تبدو للأعين أبعد 
ما تكون عن سهولة القراءة . وقاعدة هذه الحروف مستقاة من الخط اليدوى 
المائل الذى شاع استخدامه فى ذلك الوقت والمعروف بالايتالك . وکانت 
هذه الكتب مجلدة بأغلفة من ورق سميك مغطى بالرقا اس سر حجم 
هذه الكتب بأن يحمل بائع الكتب المتجول معه عدداً كبيراً منها كلما خرج فى 
رحلة بيع . 


وهكذا تلمع أسماء ثلاثة في عالم الكتب ابان القرن الخامس عشر : : جوتنبرج 
من أمانية > وينسون من فرنسا » ومانوتيوس من ايطالية' وينبغئ أن يضاف إل" 
أسماء هؤلاء الأعلام اسم رابع » هو كاكستونٍ (منجدت) من انجلترا . 


كان ويليام كاكستون تاجر أقمشة ناجحاً » وقد اقتضته عدة أسباب تتصل 
بمهنته أن يمضى وقتاً طويلاً خارج بلاده . ولما كان كاكستون من النبوء 


)١(‏ يطلق على حروف الطباعة المائلة هذه كلمة عذلة)1 » وهى صفة تدل على انتائها الم 
ايطاليا القديمة . 


- ۹۷ - 





الطابعون الأوربيون الأوائل 
الدعوب المثابر على العمل ؛ ولم تكن لديه مشاغل عمل كثيرة » فقد خصص 
عدداً من الساعات كل أسبوع ينفقها فى ترجمة. كتاب من_الفرنسية ال الى 
الانجليزية . وقد فعل ذلك ا قال , لكى « يتجنب الكسل واللخمول » ويشغل 
نفسه بعمل صالح » . 


غير أن كاكستون » الذى كان قد بلغ الخمسين من عمره فى ذلك الوقت » 
لم يكن معتاداً الكتابة لعدة ساعات متصلة > ولذا تعبت يده » « وضعف 


بصره من كثرة ما أنعم النظر فى الورق الأبيض » ٠‏ ول يلبث أن ترك جائباً على 
مضض أصول کتابه دون أن يتمها . 


وبعد ما يفرب من عامين » مع كاكستون عن طابع شاب ممن تعلموا مهنة 


- 4 


الطباعة فى مدينة ماينز » وكان قد افتتح لنفسه مطبعة فى مدينة كولييق › وقد 
أذهل كاكستون كل ما قيل له عن فن الطباعة الجديد » ولكنه وجد من العسير _ 
عليه أن يصدق أن أى طابع يستطيع أن ينتج فى يوم واحد قدر ما يستطيع أن" 
يكتبه نساخ فى بضعة أشهر . 


وفى أول رحلة لكاكستون. الى مدينة كولونى ذهب لزيارة تلك المطبعة . 
وفى ذهنه موضوع كتابه الذى لم يتم . وكانت هذه الزيارة نقطة تحول فى حياة 
تاجر الأقمشة . لقد تأثر بما شهده من اختراع حروفٍ الطباعة الى الحد الذى 
جعله يقرر أن يتلقى دروساً فى صف الحروف 'وطبعها . وكان السبب الوحيد 
لذلك ا قال » هو أن يتعلم ويتدرب لكى تج عدة نسخ من كتاه الترجم 
يوزعها على أصدقائه . ز مور ل الال 


للسمدة 46 






)١(‏ وجه الحرف 2 (8) الحزة 


ا ري سيا 
(؟) ذقن الحرف )٠١(‏ ارتفاع الحرف 

)٤(‏ كتف الحرف )١١(‏ سمك الحرف 

(5) كرمي الحرف )١7( ١‏ حجم ألحرف ( جسمه ) 

)١(‏ الحزة 
۷) الت 1 
لم حرف الطباعة وأجزاؤه 


طرق السبك › عام ١85/8‏ 


¬ 444 - 


ومهما يكن السبب الذى دعا كاكستون الى الاهتام بأمر الطباعة » فانه بعد 
بضع سنوات عاد عاد الى انجلترا » وكان ذلك عام |41 ؛ ومعه كل المعدات 
اللازمة لانشاء يه كاملة . وبالفعل افتتح هذه المطبعة قرب كاتدرائية 
وستمنستر » التى كانت فى ذلك الوقت تقع على أطراف لندن . وفى العام التالى 
نشر_كاكستون أول كتاب يطبع فى بلاد الانجليز > وهو كتاب IY.‏ 
3 الفلاسفة 5004أ. وفكلا 1 يعد تاجر الأقمشة القديمة فى حاجة الى أن يخلق 
انفسه عملاً « يجنبه الكسل » . فلابد أنه غداً من أكثر الناس مشغولية فى 
لندن » بعد أن أصبح_مترجما جما وطابعاً وناشراً .وبائع كتب فى وقت واحد . 


ولاريب أن كاكستون كان يعمل لديه عدد كبير من عمال الطباعة 
وصبيانهم لتشغيل آلات الطباعة » التى بلغت ستا أو أكار . . فقد كانت الطابعة 
تدار باليد » ولم يكن من السهل جذب الذراع التى تدير اللولب فيدفع الكابسة 
( وهى لوحة مسطحة من المعدن ) إلى أسفل نحو الفرشة9؟ , لتضغط فوق 
الورق المندى على سطح الحروف المحبر » فيلتقط الطبعة . 

وكان على الطابع الذى بريد أن تتزود مطبعته باستمرار بالحروف » أن 
يحتفظ لنفسه بركن تطل عليه نافذة . وكان عمله فى هذا الركن شاقا لايفتر . 
CS DT‏ ا 





ا ر ف 


حرف من حرو الهجاء واکل رقم 2 ترقم ۴ لكل ع يراد 


د لأب » شط فون قل ي اتس لامر رم لی دک رف 





: كان اسم الكتاب بانجليزية القرن الخامس عشر‎ )١( 
“The Dietes or Sayings of the Philosophers,’ 

(۲) هى القاعدة المسطحة التى يوضع فوقها الاطار الذى يضم حروف الطباعة المصفوفة . 
ويطلق عليبا عمال الطباعة العربية أحياناً اسم البحاسة ؛ رغم أنبا مصنوعة من الحديد 


ارمع بتكت 


غائراً معتدل الوطيع » > ويتحول بذلك الى قالب أو « أم » يصب عليها المعدن 
ليور ٠‏ فتشكل سبيكة احرف معكوسة الوضع مرة أخرى » أيبلو بعد 
الطبع معتدلاً على الورق . وبعد السك كان لايد من 2 كل حرف بعدسة 
ركبرة لاكتشاف ما يمكن أن يشوبه من عيودة.» ثم ينظف يناف طن اشر ريستل ؛ 
وکل هذا كان, يستغرق وقتا طويلاً ؛ ويستفد جهداً كيرا . 


ومن الكتب التى نشرها كاكستون « قصص كانتريري » لتشوسر » 
و« موت ارثر » لمالورى . وقد كتب بنفسه مقدمة للكتاب الثاق أيد فيها 
الرأى الشعبى السائد بأن شخصية الملك ارثر كانت حقيقية . 


م 


وفى أقل من خمسة وثلائين عاماً]( ١447 - ١454‏ ) كانت الطريقة 
الجديدة فى انتاج الكتب قد العشرت ف كل ربوع أريوي. . ومع ذلك فلم نكن 
الكتب وفيرة ولا رخيصة » وما كان يمكن أن تكون » مادام الورق كان يصنع 
باليد فرخاً فرحا . وعلى سبيل المثال » فان كاكستون اضطر أن يستورد الورق 
اللازم لمطبعته من أسبانيا وايطاليا » اذ لم يكن بانجلترا أى مصنع للورق حتى 
نباية القرن اخامس عشر . 

وهذه الكتب الأولى التى طبعت عندما كان سبك الحروف يتم بطريقة 
بدائية » تمثل طائفة قائمة بذاتها » ؛ يطلق عليها اسم خاص . فالكتب التى طبعت 
قبل عام 16٠١‏ تسبي كتب مرحلة مهد الطياعة) . وكانت هله التب فى 
الغالب كبيرة الحجم سميكة » » مجلدة بأغلفة من ا نشب الرقيتق المخطى جلد 
ا ORE‏ 





وزينت كثير من هذه الكتب بحروف استهلال كبيرة تكتب باليد فى بداية 
الفصول . وبالزخارف على حواف الصفحات . ولكن م يكن الكتاب صفحة 


عنوان تتصدره 2 واخما كان الطابع يترك مساحة بيضاء فى أعلى أولى ا 





(1) أطلق عليها کل "و “incunabu‏ اللاتينية > وهى تعلى « المهد » . 


لاس د 


الكتاب » ليكتب فيبا أحد المخطاطين العنوان . بالحبر الأحمر عادة . وكان هذا 
العنوان يتضمن أسم اسم الكتاب واسم المؤلف › مع كلمة ûi‏ اللاتينية ومعناها 
« هنا يبدأ الكتاب » . 


وينتبي الكتاب بعبارة ختام » تتضمن كلمات قليلة تشير الى مكان طبع 
الكتاب .وتارء يخه وا ع الطايع : 

و ا كانت أثمانها فوق قدرة الشخص العادى . غير أن أى 
طالب علم يعيش قرب مكتبة كنيسة أو كلية » كان يستطيع أن يقرأ من كبيها 
ما يرضى نهمه » وان لم يكن مسموحاً له بأن يستعير منها أى كتاب ليقرأه فى 
بيته . وى معظم المكتبات كان على القارىء أن يقف الى منضدة حاصة 





للمطالعة تواجه رفوف الكتب ؛ وقد ثبت فى كل منضدة عدد من جلقات 
الحديد التى_تتدلي منها_سلاسل قوية طول كل منها نحو مترين > ويتتبي طرف 
كل سلسلة بحلقة أخرى منبتة علي غلاف أحد الكتب عل الرف . 


ومع أن هذه الطريقة ليست ما يشجع كثيراً على القراءة ؛ فائها على أية حال 
حالت دون الت دون ضياع الكتب . 


مسيم 


حب سبج ميو باع بيده aa‏ 


| طبع الخرائط ا والصور لصور] ۰ 

أننا لا نستطيع أن نتصور وجود كتب ف الجغرافيا بدون خرائط , أو 
عا تلو من الرسوم البيانية والصور . فقراءة وصف لطائر أو حيوان غريب 
أو زهرة غير مألوفة ثىء ٠‏ وتكوين صورة ذهنية صحيحة من هذا الذى نقرؤه 
وحده شىء آخخر . 

ومع ذلك فمنذ نحو خمسة قرون » قبل أن يعرف الأوربيون الطباعة 
القوالب الخشبية » ٠‏ م يكن لهم طريقة عرض الرسوم فى اكب بسو رمها 
باليد فى _كل ن نسيخة ت بالجير أو الألوان المائية » و كانت هذه الرسوم اقرب ال 
تزين الكتب منها الى شرح جزء معين من النص أو توضيحه . وكان النساخمون 


7 ]ا مد 


يبذلون أقصى جهدهم فى رسم الصور التشريحية التى تتطلبها كتب الطب . 
ولكن لم تكن اجادة نسخ الكتب تعنى بالضرورة اجادة الرسم أيضاً . وفضلاً 
عن ذلك فقد كانت الرسوم التى ينقل عنها النساخ غير متقنة بدورها» اذ 
رسمها من قبل بالطريقة نفسها نساخ آخر . 


¥ 


ولم تكن الغرائط التى رمت اليد فى ذلك الوقث أحسن حال . فكانت 
شكال القارات فيها غير دقيقة » والأنبار والبحار ترسم فى غير أماكنها 
الحقيقية » ومساحات كيرة .ها بكار الببااغل آنا « أرض مجهولة » . 


وعندما أخذ كريستوفر كولومبس یستعد لتنفیذ مید مشروع رحلت رحلته التى 
ستقوده عبر البحار امجهرلة » كان ينفق الساعات ت الطوال ف المكتبات يقلب يقلب 
صفحات الكتب » منقباً عن معلومات تفيده د اب اعا له لكين 
خياله » وهو كتاب « رحلات ماركوبولو » . ولم يكن هذا الكتاب بالطبع 
يتضمن أية صور أو خرائط » ولكنه وصف بشووء من التفصيل رحلة العودة 
بطريق. البخر من الصين الى بلاد فارس.. 


وكان كولوميس مقتني بفكرة أنه يستطيع الوصول الى اند اذا أعر غربا 
عبر الحيط الأطلنطى . وعل حلاف معظم معاصريه » کان يعتقد أن الأرض. 
كروية . غير أن كل الخرائط التى رسمت للأرض فى ذلك الوقت كان تصوره' 


کے د جسم ليع بو مد 


مر بعة الشكل » وكان رامو غا يعتقدون انهم على صواب . ولم لا ؟ ألا 


يتحدث الكتاب المقدس عن « أربعة أركان للمعمورة » ؟ . 


لقد اشتبر الرومان ف العصور القديمة ببراعتهم ف برسم الخرائط . وكانوا 
يعتمدون فى رسمها أساساً غ العلومات المباشرة التى يحصلون عليها م 
البحارة والحجاج والتجار » بدلا من أن يلجأوا الى الحدس والتخيل . ولكن 
هذه الخرائط كانت جميعها محدودة النطاق . 

والواقع أن الفضل يعود إلى كولومبس فى رسم أول خريطة للعالم تقوم على . 
أساس غير التخمين . فقد قام أحد الرجال الذين صحبوا كولومبس فى رحلته 


اس سد 


E gE ge e‏ . ولكن حدث بعد 
عدة سنوات عندما قام_أحد ر رسامي الخرائط المهرة _بحفر بحفر القوالب الخشبية 
لأحدث خرائط العام وقعذ أن أطلق على القارة الجديدة اسم « أمريكا » »و70 
يكن للد ریا فقد كانت الألسنة وقشذ تلهج بذكر أمريجو فسبوتشي 
(Amerigo Vespucci)‏ باعتباره أو ل أور و تطاً قدماه ا رض هذه القارة التي 
تحعل النتصف الغرنى من الكرة الأرضية ولم يترعزع هذا الادعاء إلا بعد ذلك 
بمدة » بسبب البيانات غير الدقيقة التى وردت فيما دونه فسبوتثى 

والحق أن ما سجل من بيانات فى ذلك العصر قد جنبنا الوقوع فى أخطاء 
كثيرة » كان من الممكن أن تظل سائدة عبر القرون . 

قبل أن يبدأ كولوبس رحلته الأولى بوقت قصيرء كان فن_طباعة. 
« الكلمات » قد فتح امجال لظهور فن جديد ومثير > هو فن طباعة الصور › 
الذى يعتبر تطويراً كبيراً لعملية الطبع من القوالب الخشبية » وهى العملية 
البدائية التى كانت شائعة قبل ذلك . فقد توصل بعض الطابعين اللى طريقة حفر 
خطوط الشكل على النحاس الأحمر والخشب . 


ولكن ماهو الفرق بين طريقة حفر ( أو نحت ) القوالب الخشبية القدمة » 
0 الحفر الجديدة على الخشب ؟ لقد كانت القوالب الخشبية_تعد من 
شر ثح طولية من الخشب برساطة سكين تقطع فى اتجاه . رط السيج 
خی + ويركها اغرال ناحيته . أما طريقة لريقة الحفر الجديدة فكان يستمخدم 
يها شرائح عرضية من خشب مصقول شيد الصلابة 6 يم احفره بوساطة 
اسل حاد د بجر که الحفار الى الأمام . 


والطريقة_القدهة القديمة كانت تسهدف .« ابراز » خطوط الشكل و تفريغ 

ما حوها أما الطريقة الجديدة فستهدف ير حفر » خطوط غائرة تحدد ملام 
الشكل بدلاً من ابرازها .١‏ وقد أدى استخدام هذه الطريقة الى انتاج صور جميلة” 
دقيقة التفاصيل . 


٠‏ الشبع من السيفع البارز 





الط مئے الف التاے 

ويلاحظ أنه عند الطيع من القوالب المنشبية أو الحروف » فان الحبر يعلق 
بالسطح البارز انطوط الصورة أو احرف . أما عند الطبع من لوحة محفورة من 
النحاس أو الخشب حيث الاعلوط غائرة عن عن السطح › فان الطابع يحبر وجه 
اللوحة كله ثم يمسحه » فيزول الحبر من سطح اللوحة ولكنه يبقى فى الفجوات 
الحفورة التى تمثل خخطوط الشكل . وعندما يضغط بعد ذلك فرخاً من الورق 
مندى باماء بقوة فوق سطح اللوحة » فان الصفحة تتتقل اليه بالتقاطه الخبر من 
الفجوات . 

وهكذا أمكن لأول مرة فى التاريخ تزويد الكتب برسوم دقيقة مطبوعة من 
لوحات محفورة من الماشب والنحاس الأحمر . وقد فتحت هذه الطريقة بابا 
جديداً للرزق أمام الرسامين » فلم يكن الأمر يتطلب أكثر من أن يقوم الرسام 
عاد رسوم خاصة للطبع تلام حجم صفححة الكتاب المطلوب » وتكون ذات 
خطوط يسهلٍ نقلها بالورق الشفاف الى سطح المذخشب أو النحاس . وبعد 
ذلك يتولى الحفار [كال المهمة » وع راس قائہ رأس قائمة الرسامين المشهورين الذين 
كانوا يعدون هذه الرسوم يأقى اسم « البريخت دgرر‏ ¬ Albrecht Dûrer‏ « 
٠ .) ١.588 - 1١41‏ 5 

وكانت أسرة دورر تعيش فى مدينة نورمبرج بأمانيا » وهى مدينة اشتهرت 
بفنوئها وصناعاتها .وما كان ألبريخت هو الابن الأكبر للأسرة » فقد كان من 
المفروض أن يتعلم مهنة والده » أى أن يصبح صائغاً للذهب . ولذلك فبعد 
بضع سنئوات من التعلم بالدرسة » ألحق الصبى يحانوت والده » وكان واضحا 
منذ البداية أن ألبريخت رساماً موهوباً . ففضلاً عن أنه استطاع أن يستعمل 


ا واه 





شكل رقم )١(‏ الة يدوية لطبع التتجارب 
(1) اليد التى يحدث جذبها الضغط 89 غار اة 
(۳) اليد الحر كة للنحاسة . )٤(‏ النحاسة , 
(5) المجارى التى تتحرك فوقها النحاسة . (5) الكابسة . 
أزميل الحفر الدقيق بمهارة مذهلة » فقد تكشف كذلك عن موهبة نادرة فى 





غير أن اهتام ألبريخت الحقيقى كان يسير فى اتجاه آخر . فقد كان يميل قبل 
كل شىء إلى رسم الأشخاص » وذات يوم » بيها كان جالساً أمام المراة » رسم 
لنفسه صورة بلغت من الدقة والاتقان حداً جعل من العسير أن يصدق من 
براها امن عمل ص فى الرابعة عشرة » وبعد عدة سئوات كتب ألبريخت 
فى ركن الصورة العلوى الأيمن : « لقد قمت بعمل هذه النسخة المقلدة 
لشخصى من المراة فى عام ٠٤۸٤‏ » عندما كنت ما أزال طفلاً » . 


وعقد والد_ألبريخت العزم على أن يتيح لولده كل الفرص التى تمكنه من 
تنمية موهبته والافادة منها الى أقصى حد . ولم تكن هناك مدارس للفنون فى 


جامد 


تلك الأيام » ومن ثم فقد تتلمذ الصبى الموهوب على فنان مشهور يملك مرمماً 
فى نورميرج . ولا أتم البريخت ثلاث سنوات في صحبة هذا الفنان » رغب فى 
القيام برحلة كبيرة يجوب فيها أنحاء المانيا » فقد كانت مثل هذه الرحلة تقليداً 
مألوفاً لطلاب الفنون الذين يريدون اكال تعليمهم . 

وهکذا بدأ ألبريخت رحلة على ظهر جواد . تشيعه دعوات والده . وبعد أن 
زار المدن الكبرى فى طريقه وصل أخيرا إلى بغيته الحقيقية » وهى مدينة أكولار | 
(maاC0)‏ » فقد سیطرت على تفكيره منذ البداية رغبة قوية فى أن E‏ 
حفار اللوحات الخشبية المشهور 'مارتن شونجاو ر (Martin Schongauer)‏ .“ 





جزء تفصيل من لوحة خشبية محفورة من عمل ألبريخت دورر عام 149/4 »2 
ويلاحظ توفيعه بالحرفين الأولين من اسمه أسفل اللوحة 


oY - 


وعندما وصل الى منزل شوتجاور فى مدنية كولمار علم لأسفه الشديد أن 
هذا الفنان قد توفى مئل عام . غير أنه كان هناك حمسن حظ ألبريخت فنانون 
آخرون فى المديبة لديم خبرة طويلة فى الجال نفسه » استطاع أن يتطمل 
عليهم : وسرعان ما أصبح متمكناً من هذا الفن الجديد . وكان أول اتاج 
للفنان الشاب , قد نفذه لحساب أحد الناشرين و يقال أنه كان عملاً ممتازاً 
من الدرجة الأولى . هذا العمل المشهور هو حفر على الخشب للقديس 
جيروم تمع[ .51) . وقد توجد هذه اللوحة الآن أخد الماع 
الالمانية » وعلى ظهرها توقيع الفنان ء ومؤّرخة عام ١455‏ . 

وفى ذلك الوقت كان فى المدينة عدد من الطابعين الذين تخصصوا فى انتاج 
الكتب الفاخرة المحلاة بالصور . وسرعان ما انبالت العروض على ألبريخت » 
زلكته بدلا من أن بطر و قق اة دعا معظماً داز ظهره لهذا اللون من 
« الفن التجارى » کا سماه واستأنف رحاته مرق أخرى . لقد كان مغرماً 
بالرسم بالألوان ء وكان ميالاً بالذات ال رسم الصور الشخصية والمناظر 
الدينية » مفضلاً أن يظل حرا ينتقل بفنه من مكان إلى مكان وضع ذلك نقد 
خخصص جزءاً كبيراً من وقته للعمل فى الحقل الطباعى . والحق أن ألبريخت ع 
دورر كان أول رسام عظم فى هذا الميدان . وما زالت الصور التى رسمهاء 
وكثيراً ما كان يحفرها بنفسه » أجمل ماعرف من نوعها حتى الآن . ' 


3 الطبعة ف المستعمرات الأمريكية 


أ 
1 
م 


ج دس 


نحن فى عام ا يكن يوجد فى أى مكان بالولايات الأمريكية 
كتاب » أو حتى قصاصة ورق » لمريستورد عبر البحار . أما الآن » ففى قاع 
ی ن اجات | إلى بوسطن › ترقد الة طباعة جديدة » قد 
ور جيداً لوقايتا فى أثناء الرحلة الطويلة . 

وكان الأب جلوفر 610۷٥۲‏ سعیدا ببذه الآلة الطباعية الكبيرة التى اشتراها 


ري 


م" 


من ماله الخاص . أما حروف الطباعة وسائر المعدات اللازمة لاقامة أول مطبعة 
فى الأراضى الأمريكية فقد اشتريت من تبرعات بعض المواطنين الذين يعملون 
للصالح العام . وهؤلاء المتبرعون هم أنفسهم الذين فكروا ذات يوم من قبل فى 
انشاء أول كلية على الأرض الأمريكية » بمدينة كيمبريدج بولاية 


ماساشو ستس(') . 


8 و الأب ر ع السفية د دای Gteven Pay)‏ ار 


الطابعين . وكان 0 والقاً أنهم ثلائتهم سرف د الطبعة 
وتشغيلها . 0 


وبعد رحلة طويلة وعاصفة ألقت السفينة الصغيرة مراسيها فى ميناء 
ا 2 غير أن أهم ركابها كان قد مات فى أثناء الرحلة » اذ وافت الأب 
جلوفر منيته قبل وصول السفينة وطوت مياه الحيط جنه . 

وبدلاً من أن تتخلى مسر جلوفر عن مشروع زوجها لغيره » أحذت عل 
عاتقها أن تتم تم ما بدأه . ونجد فى احدى اليوميات المدونة فى ذلك العصر هذه 
الفقرة ل E‏ 
جلوفر » الذى توفى فى البحر قبلغذ » . 

فدح وروص الله لا ل المطبعة الجديدة كانت مستعدة لاصدار 
أول انتاجها » وهو كتاب امه اور قم الرجل الحز EN.‏ 0 
وكان ضعيف المستوى خشن المظهر مطبوعاً على صفجات م غرة الحجم م 
بدأت المطبعة مشروعا أ آخر أكثر طموحاً » فقد أصدر داى بمساعدة ولديه ما 
يمكن اعتباره اول _کتاب مطبوع فيما يعرف الآن بالولايات المتحدة 
الأمريكية » وهو كناب ب ف كرا اعنواه “By Pm”‏ ولكن هذا 


جامعة هارفارد المعروفة » أقدم الجامعات الأمريكية » وقد انشفت نشفت عام 





(۱) هی واة 
١65‏ . 


~~ Pq 


8 
e 


le‏ ت 
E 8‏ 


2 
150 


kJ 8 5 
۳ 
3 BOOKE HOTE. ولع‎ 

زا راان ر ۳ 
ATED mre ENGLISH ` 93‏ ا 

Gurt, تت‎ 


8 ل‎ 
8 2 Whertunto ir prefixed 1 difcoufe de 
daring ret ocly she و‎ but allo ا‎ 

tbe nestlity of the hesrenly تلحر‎ 


1 of : لداع‎ 
1 E 
1 يت ل‎ ta .. 5 5 


1 48 سما( # عل 4ج 6 إن ل مدحد فط( امل‎ dof j is C(O 
ld 2° دام ماما ملعا ر 80 ولد الع ةنم‎ 5 


6 
o وعد‎ ue HBr 1a Pf mys, اه نأا‎ 
3 2 1 


| 141 u Jr herr 


e 


ف مر 
:2 


4 


° 7 Berl ln J hi peray and 3 
1 1n iw fief lilan 


چ 


Aa 
0 


Jnprinrd 0‏ ا 
1 148 1 
HDS‏ مي 5 ا 
AACE‏ ا IES LMR‏ 
ا 0 


صفحة العنوان من أول کناب طبع 


الكتاب الصغير يعتبر متواضعاً جداً اذا قيس بانجيل جوتدبرج » ٠‏ أول الكتب 
اك 
المطبوعة فى أوروبا . e.‏ 


عه الوا ملاح وي سمس 


د الفاح اسار الورف الورق ا 


یہی 


1A۲ a 00‏ 
أن هبط ط_مدينة ٤‏ فيلادلميا. شاب ٠‏ انجليزى RA‏ الکویکرز' ( يسمي ایلیا 
ا س 

)١(‏ تسمى هذه الجماعة كدلك جمعية الأصدقاء *'1016505 “Society of‏ وى 
جماعة دينية مسيحية ذات مبادىء تطهر انسانية » وها تنظيماتها الخاصة . أسسها 


e E 


| برادفورة Bradford‏ .ا . وكان لابد أن ينجح برادفورد فى مشروعه بانشاء 
أول دار طباعية فى اللدينة » لأن مهنيه هى الطباعة :وا تكن ا J|‏ 
ملل هذه المطبعة فحسب ء بل أنها حظيت أيضاً بتشجيع جماعة الكويكرز . 
ومع ذلك فقد وجد برادفورد نفسه يقع فى بعض المشكلات بعد أن طبع ول 
كتبه» وهو تقويم لعام 15857 . اذ أنه أشار فى هذا اتقوج الى ويليام بن 
W.Penn‏ وهو امن الكويكرزء على أنه « لورد » بن . وكان هذا في نظر 
أعضاء الجماعة غلطة لا تختفر . اذ أن الألقاب الريطانية كانت فى ذلك الوقت ‏ 
ذات حساسية معينة_للآمري» للدُمريكيين ولجماعة الكريكر ,له E‏ 


وبدأ الموقف الطباعي فى فيلادلفيا يتحسن بوصول: ولیم 55 
W, Rittenhouse‏ ا الورق . 2 NE‏ بنى ٠‏ ا بصنا له فى ضراحي ألدية . 
وعلى ذلك فقد أصبح ف وسع برادفورد أن إطمئن الى أنه سرف يزود مطبعته 
بما تحتاج اليه من الورق بصفة منتظمة » وباسعار معقولة . وبالرغم من ذلك 
مول وغاتة كانت باضه ارقا وخندما أساء الى يعض ول الأمر قيض رغ 
وقدم الى المحاكمة بنبمة القذف واثارة الفتتن . ومع أن هيئة المحلفين رأث عدم 
ادانته » فقد صودرت مطيعته ومطبوعاته . 


وكانت هذه هى القشة التى قصمت ظهر البعير » فانتقل برادفورد الى مدينة 
نيويورك » حيث يبدو أن الطابع كان يستطيع أن يدشر ما يريد دون أن يصطدم 
بأحد القوانين المحلية . وهناك أيضاً لم يكن لبرادفورد_منافس » لأن_مطبعته 
كانت الأول والوحيدة فى تلك المدينة التى تمت بسرعة على طرف جزيرة 
مانباتن . 

وخلال السنوات التى شهد فيها برادفورد أحسن أيامه » كان الغلام الذى 
قدر له أن يصبح أعظم طابع ف مرکا > يتلقى تدريبه فى مدينة بوسطون . 


جب وي ل en‏ 0 





ہے جورج فو کس فی الہلترا عام ١141‏ ثم أخذت مبادئها تنعشر فى أمريكا على يد 
دعاتها مس عام 1565 . وكان لهذه الجماعة أثر كبير فى الحياة السياسية والاجتاعية 


لكل من البلدين . 


حدر 


ومنذ البداية كان هذا الصبى النابه مزهواً بمهارته فى جمع حروف الطباعة ع 
ولم تستطع الأيام أن تنال من زهوه هذا » وصحبه ذلك الشعور طول حياته . 
وخلال المستقبل الطويل الممتاز الذى امتد أمام هذا الصبى » تنوعت اهتاماته 
وتعددت » فقد أنشاً, شركة للمطافء » وكون قوة للشرطة » وأسس مكتية ء. 
وكذلك اشتهر فيما بعد عاما متازاً وسياسياً بارزا . ولكنه عندما كتب وصيته 
ري بقوله : « أقر أنا الموقع 
على هذا بنجامين فرانكلين » الطابع .. 


.وقد بدأ أ فرانكلين تدوين مذكراته فى عام عندما کان فى انجلترا . ولم 
يكن عترم نش هذه الذكرات » وانما كتها لتكون مسجلا عائلياً يصل ما ينه 
ويين ولده ويليام » الذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب ا 3 
نیوجیرسی . ومن حسن الحظ أن قصة_حياة فرانكلون الشائقة التى تضمنتها 
هذه الذكرات قد طبعت منذ أكار من ماثة عام . 


ويقول فرانكلين فى هذه المذكرات : « منذ الطفولة كنت مغرماً بالقراءة » 
وكان كل ما يصل إلى يدى من نقود قليلة أنفقه فى شراء الكتب » . 


ومن هنا تهم نا مر اا الس اج لاطا بلنساسة » عندما أي 
من المدرسة وهو بعد في العاشرة ليتعلم صناعة أبيه » وهى عمل الشموع . هد" 
كان بتجامين الصغير 5 رائحة لحة الشحم المصهور ‏ ويشمر بالل من رتاه 
العمل فى قطع الفتيل وصب قولب الشمع . 

وفى الزات ع أخوه غير غير الشفيق جوش من الا حيبت كان 
ا ر 
فى مدينة بوسطون . وفكر والدهما فى أن الطباعة قد تكون أنسب لبنجامين “٠”‏ 
عمل الشموع > ولكن بالمين ا رخف بفكرة والده . 

ويمضى بنجامين فى مذكراته قائلاً : « لقد تملكنى حب البحر » ولكن 
والدى أعلن عدم رضاه عن ذلك » . 


1۲ 


وكان والد بنجامين متلهفاً على أن يقيده بالعمل مع أخيه , خشية أن 
« يغلبه حب البحر » فيذهب للعمل على ظهر احدى السفن . 
النباية اقتنعت ووقعت عقد العمل مع أخى » وكانت سنى عندئذ أثئى عشر 
عاماً . وكان على بمقتضى هذا العقد أن أعمل مساعداً ( صبياً ) له حتى أبلغ 
الواحدة والعشرين » وألا أتقاضى أجر عامل كامل إلا فى الشهر الأخير » . 

كانت أصابع الصبى الرشيقة وعقله المتفقح من أهم عوامل نجاحه في مهنته 
الجديدة . فقد كان المبتديء فى هذه المهنة فى حاجة الى استخدام كل مواهيه ع 
وهو يقف أمام المنضدة التى تحمل صندوق جم الحروف . وهذا الصندوق غير 
العميق مكون من جزئين » أو بالأحرى من_صندوقين منفصلين لع 
Upper case‏ والسفلي Lower case‏ والجزء الل رت ن اا ا أما 
العلوى في ر تفع فوق الشفل ف وضع مالل : 

وينقسيم أكل من الصتدوقين الى علد ن اليرت غم ر ا 


وتضم كل عين مجموعة متا ا خرف ار رقو آر ر علامة ترقم أو غير ذلك . 
والصندوق العلوىٍ تخصصي روف ۽ التاج Capitals‏ رعلامات الكسور وما 
الا ٠‏ أما الصندوق السفل فيحتوى على الحروف فى شكلها العادى Small‏ 
ولا ترتب الحروف فى أى من الصندوقين حسب الترتيب الهجافق » وائما هى 
تخضع فى ذلك لكارة استخدامها أو قلته . فالعين الخصصة للحرف مثلاً تقع فى 
وسط السطر الأول من الصندوق السفل » وحجمها كذلك يتسع لعدد كبير 
من هذا الحرف لأله أشيع الحروف استخداماً . هذا بينا العيون التى تضم 
اروص % و × و ۾ صغيرة الحجم وتقع فى الركن الأيسر من الصف 
الأحير » لأن هذه الحروف أقل استخداما من غيرها . 

رلا کارت ارج روف الا کو لزع ج تظهر معتدلة عند 
الطبع ع » فليس من السهل تمبيزها فى أثناء الجمع . هذا فضلا عن آنبا لابد آن 
تصف Se‏ اتجاه قراءاتها . وكذللك” ينبغی اله الفصل بين الكلمات بأجسام 
معدنية تمائل حروف الطباعة » ولكنها تخلو من و من الوجوة جوه ومختاف فيما بينها فى" 


fr 


السمك » لتحدث عند طبعها مسافات بيضاء . وكل هذا يستلزم من عامل 
الجمع قدرة على التركيز وقوة ملاحظة ودقة فى التقدير » وهذه كلها صفات 
كان بنجامين الصغير يتمتع بنصيب غير عادى منها . 


وكان العمل فى صف الحروف يحتاج كذلك الى مهارة العامل وحذقه فى 
استعمال كلتا يديه . فأداته مصف من ایدید على شكل مسطرتين 


ت نم میم ہے 


سبي سح جتنت ا مسي سي aca r‏ 


متعامدتين » ينزلق على السفلى منهما حبس . وعليه أن يمسك هذا ا لمصف ية 
اليسرى مستخدماً ابيامه فى حفظ الحروف مكانها . وهو يلتقط بأصابع يده 
المنى حروف الجمع من الصندوق وأعيدا وعدا > ويضعها بالمصسف حتى 
تكون سطراً فيفرغه بعناية فوق المنضدة . وف الوقت نفسه فان عليه ألا يغفل 
عن الأصل الخطى الذى يتابعه ببصره ليحول مادته الى حروف معدنية » 
والمثبت أمامه فوق صندوق الجمع العلوى 





مصف يدوى من عام ۱۹۸۳ 


ول يذكر فرانكلين شيئاً عن الشكوى من طول ساعات العمل رفع ذلك 
فقد كان الطابعون ومساعدوهم يستمرون فى عملهم من السادسة صباحاً حتى 


ماد ہن کا ولوب يناهت فل متاخ ندج تانق مد له مرجي 


الثامنة مساء فى الصيف » ومن السابعة حتى التاسعة فى الشتاء . 


1 موب بموجببس يوجن‎ arman 


وان المرء ليعجب كيف كان هؤلاء العمال يستطيعون رؤية ما يجمعونه من 
حروف فی ال ف الساعات المظلمة من أول النبار واخخره ف أيام الشتاع , فالاضاءة - 
الصناعية في تلك الآيام كانت ما تزال بدائية لا تفضل فى الحقيقة ما كانت عليه 


فى أيام الرومان الأولى . ودار 


- امد 


غير أن الحياة بالنسبة لنجامون] أ تكن كلها فى قتامة حبر المطبعة . فسرعان 
ما عقد صداقة مع عددٍ من الود الذين كانوا يعملون صبياناً ى بيع الكتب . 
واتفي بنجامين مع هؤلاء الأصدقاء أن يعوروه للقراءة كبا من عخارتهم : دآ 
أقتعهم بأنه شخص يمكن الوثوق بما وعد به من اعادة ما يستمم من الكتب 
بسرعة ؛ ودون أن تتأثر جدتها . 


ويقول فرانكلين فى مذكراته : « لقد كنت أقضى الشطر الأكبر عن الليل 
ستيفظاً فى غرقى أقرأء حنى أستطيع أن أعيد الكتاب الستار ف الصباح ؛ 
حشية أن يفتقده أصحابه أو يكونوا فى حاجة إليه » . 


وقد اتسعت دائرة الكتب التى كان يقرؤها الصبى بنجامين » وتنوعت 
موضوعاتها فشملت تاريخ والسير والرياضيات والملاحة والنحو والثثر والشعر 
وغيرها » وكلها کتب مستوردة من حارج أمريكا . 


وفى غضون ذلك كان أخوه جيمس يعاني من بعض الصعوبات . وكان قد 
فائح أصدقايه فى موضوع«انشاء صحيفة » ولكهم لم بكرا فكرته . وقال له 
الأصدقاء انه سوف يدل بذلك ق" ل منافسة مع صحيفة « بوسطن نيوزلتر » 
Boston News letter‏ عل أمر يكا الأو لى والوحيدة فى ذلك الوقت . 
ولكن جيمس ل يقتنع بكلامهم » وقرر أن يمطى فى تنفيذ مشروع الصحيفة . 
وم يخطر عل باله أن_أخباه وصبيه الصغير يمكن أن يقدم له أى عون فى هذا 
المشروع » أكثر مما اعتاد أن يقوم به من صف الحروف وادارة آلة الطباعة 

. اليدوية , 


كان 

ولكن الصبى الطموح لم يكتف بأن يصف الحروف ويطبع صفحات 
الصحيفة » ثم يقوم بتوزيعها على المشتركين بعد ساعات العمل فى المطبعة . 

لقد كان يريد كذلك أن أن يشترك فى تحرير هذه الصحيفة التى “وها م حبرا اند ] 


| کررا انت )ا New England Courant‏ . 20 للم 


ويصف يصف فرانكلين هذا الموقف فى مذكراته فيقول : « ولا كدت ما زلت 
ا ا ١‏ كابال فق منت اذا 
صغيرا » واخحشي ن يعترض أخى على نشر شىء من 


وه 





¬ To ~~ 


علم أننى أنا الذى أكتبها » فقد احتلت على تجنب ذلك بتغيير خطى » وكتبت 
مقالة دون درك برل E‏ ا الطبعة . وعار أحى على المقالة فى الصباح . 
ثم عرضها على أصدقائه الذين يستشيرهم فيما ينشر عندما حضروا اليه 
كالمعتاد ورا سدقا الك راتوا اتون علي وأا أعم ما قران . 
وکان سروری عظيماً وأنا أسمع أنها نالت استحسياتهم » وأنهم عندما أخذوا 
يخمئون نون اسم اتا ذكروا عدة أسماء عرف أصحابها بالعلم والذكاء » . 


» وتش جعت ؛ فكتبت عدة مقالات أخرى وأرساتها بالطريقة نفسها » 
ونالت كذلك استحسائهم .وا ستطعت أن أحفظ سرى حتى نفد رصيدى 
الد ی من القدرة على ضبط المشاعر والتظاهر بغر الحقيقة ... » 

وهكذا انفجر الصبى فجأة » فأعلن فى زهو أنه كاتب تلك المقالات » غير 

r n جب‎ 


أن أخاه الجاحد» بدلا من أن يشكره ويمتدح ما فعله, أظهر له استياءة 
واستتكاره م 0 


لقد كان عدم الوفاق مستحكماً بين الأخوين منذ البداية » فكثيراً ما كان 


سس سند السو يه املك جمدي رے 


جيمس الحادالطبع يضرب أخاه الصغير . والآن وبعد خمس سنوات متصلة من 


ا دی 


لتعاسة » طلب نجامين من أخيه أن يحله من الارتباط به » حتى يستطيع أن جد 
عملاً في مكان آخر من بوسطون » وقد وافق جيمس على ذلك مغيظاً محنقاً “ 
ولكنه من ناحية أخرى بادر باغلاق أ أبواب العمل أمام بنجامين » اذ اتصل 
بالطابعين الآخرين فى المدينة » وطلب منهم عدم تشغيل الفتى للدييم ا 


= arav 


واجه بنج بنجامين الموقف جاع قاع بش که يداع اجر E‏ 
احدى السفن الصغيرة و انيويورك » وما لبث أن انحدر فى هدوء آلى 
ظهر السفينة . 


وبعد أسبوعين ظهر فى صحيفة « نيوانجلند كورانت » اعلان يقول : 
« يعلن جيمس فرانكلين الطابع بشار ع الملكة عن حاجته الى صبى للعمل معه 


۳۱1٦ -_-‏ ت 


الطباعة في العام العرني والإسلامى 
< نسأة الطباعة فى ترکیا | ٠‏ 


عرفت تركيا كيا الطباعة في الربع الأخير من القرن الخامس عشر e‏ 
بالأسعانة. انذاك أحد 'علماء الميود 2 ؛ ويدعير « اسحق جرسول «“ وأحضر 
معه مطبعة وحروفاً عبرية لينشر بها كتب الديانة الموسوية . وخشي السلطان ' 


وعم مهدو 


» بایرید الثاني » أن يستفيد رعاياه المسلمون, من الاختراع الجديد »› فأصدر 
أمراً فى سنة ١488‏ م يحرم على غير الهود استخدام فن جوتبرج رلا چا 
السلطان « سلم الأول » علي عرش آل عئان رأى أن يجدد فى سنة 1616م 





أما المطبعة العربية ٠‏ فقد عرفتها البلاد العثانية , بفضل مسعى 4« سعيد 
( أقدى « ان نهر ريا بباريس . فقد أصدر السلطان فرمان الوافقة» يعدن 
أفتى شيخ الاسلام عبد الله أفندى » فى سنة 11/17 م ؛ يبواز استخدام الطباعة. 
فى نشر كتب الحكمة واللغة والتاريخ والطب والهيئة وسائر الفنون وأول 
ركتاب أخرجته هذه المطبعة كان ترجم ةلا قاوس وانقل > ( 1۷۲۸ ) ال 
اللغق التركية . 
1 نشأة الطباعة فى لبنان وأسبقية تطورها |7 


و لبان الطباعة فو سنة c0: ٠٠‏ » بفضل رهبان دير قرحياً » وطبعت 
مطبعة الدير كتاب لر المرامير ج بالسريانية والكرشونية م توقفت من“ 
العمل . 

وكانت مطبعة دير مار الوا لمان السك لع ادك العربية فى 
لبنان . وقد أسسها الشماس عبد الله ' زاخراء وطبع” فیا کتاب «ميزان 

[ آلزمان » فى سنة 077914 . وقد توقفت عن العمل من سنة 1817 الى سغة ” 
۲ . 
)0 كان كتاب « صلاة السواعى » أول كتاب عربى طبع فى أوربا . فقد طبعه فى سنة 
E‏ الطابع البندق « غريغوريوس دى غريغوريوس » فى مدينة « فائو » من 
أعمال ايطاليا . 


EVE 


وأول مطبعة عرفتها يروت كان مقرها دير القديس جاور جیوس . وقد 
أسسها الشيخ يونس نقولا الجيلى:؛ الملقب بألى عسكر » سنة 17/61 . وأول 
كتاب خرج من هذه المطبعة هو كتاب ذا المزامير » . وعلى الرغم من الجهود 
التى بذنها منشعها فقد توقفت عن العمل بعد تأسيسها بمدة وجيزة . وظلت 
عاصمة لبنان دون مطبعة الى أن جلب المبشرون الأمريكيون مطبعتهم فى سئة 


. 84 


أما دير قرخيا فان أحد رهيانه قد أحضر معه من روما مطبعة فى نة 
؛ وکان معظم انتاجها کتبا دينية . ا 3 

والمطبعة الأمريكية _ببيروت هى_ثانية ية المطابع| التي _ أنشعت ببذه المدينة » 
ورابعة المطابع التى عرفها لبنان . وقد كانت فى « ماللا #اثم تقلت إلى أزمير:» 
واستقر بها المقام اخر الأمر فى بيروت سنة 1874 . ولم يكن نشاط المطبعة فى 
أول الأمر متصلاً » فقد توقفت سينة 168 لدم وجود الفنيين » وتعطلت 
مرة أخرى بين سنة ۱۸۳۹ وسئة 1841 بسيب الاضطرابات التى وقعت فى 
يروت فى أواخر ١‏ ا المصرى لتلك البلاد . واستمرت المطبعة 
ایکون شاه بذ رودت ند وسور بالكتب المدرسية والعلمية 
والدينية حتى الثلث الثانى من القرن التاسع عشر . وأحذت تزود المطابع 
بالحروف التى كانت تصنعها فى مسابكها :اال هده الطيعة ود فل ان 
.« الكتاب المقدس )) طبعاً أنيقا خالياً من الأخطاء . وقد صدرت الطبعة الأولى 
فى سنة 3/458 . وسات اة الأمريكية فى نشر الصحف والمجلات . 
وأول ععولة ر طبعت فى الشرق العربى ھی » ١‏ أخبار عن تار 


ا الأنجيل» التى ص » التى صدر عددها الأول فى سنة 1401 . ما 


وأنشاً الرهبان اليسوعيون فى يروت مطبعة حجرية صغيرة بدأت نشاطها 
فى أواخر سنة 18144 . غير أخها مالبشت أن توقفت عن العمل م تبرع أحد 
أغنياء الفرنسيين بثمن مطبعة كاملة المعدات . وهكذا تم هؤلاء الرهبان انشاء 
مطبعة كبيرة . وكان أول مطبوع أخرجته كتاب EN‏ 
E A24‏ ارفا اليسوعيين » أو المطبعة الكاء وليكية » 


:0 ا تسف ری 


- "١م‎ 


حروفاً عر عربية مسبوكة فى باريس » ولكن سرعان ما تبين عدم 00 


سمس رای سے 


فاستبدلت بها حروف مسبك المطبعة الأمريكية سنة ۱۸۹۸ . وانتشرت 


ذلك المطابع فى بيروت » فتأسست فى سنة 1۸١۷‏ المطبعة السورية 0 
مطبعة لبنانية يملكها فرد وجا بعدها بسئة المطبعة الشرقية 


0 قرر داود باشا أن يؤسس مطبعة رمية فى بيت الدين . 
وهكا » وشيعاً فشيعاً » انتشرت المطابع فى يروت وخارجها بفضل الحركة 
الفكرية التى أحذت تدشط فى النصف الثافى من من القرن التاسع عشر » وبفضل 
نشار المدارس فى بيروت وقرى لبنان . ْ 


ولكن بعد سنة ۱۸۷١‏ بدأت الحركة المطبعية تنتقل رويداً رويداً ٠‏ من الجبل 
ال يروت » ومن بيزوت الى الاسكندرية والقاهرة وب رسعيد » وذلك يسبب" 
الكساد الذى حل فى لبنان » وبسبب تضييق الحكومة العثانية على رجال 
الفكر . ولكن على الرغم من هذه العقبات » تمكنت المطابع , الكبرى من جلب 
الح ركات البخارية والآلات السريعة فتضاعف انتاجها . 

واستطاعت المطبعة الكاثوليكية والمط والمطبعة | الأدبية بية صنع . قاعدتين جديدتين 
6 7 0 حروفها من 
N‏ ل 

أما حارج بيروت فان حال الطباعة لم يكن على مايرام ابتداء من الثلث 
الأخير من القرن التاسح عشر . وعرفت مديدة ET‏ 
A4‏ ( وكانت بها مطبعة لال بالبخار › وتاسس ف يروت قبيل الحرب 
.العالمية الأول عد | من المطابع الصغيرة :وكا للك الخرب امبو أسوأ الآثر على 
الطباعة ف لبنان . )> فقد ركفب عدد كير ي وصادرة ت الحكومة 
العؤانية بعضها ْ 

وكان شجرة ار الى لبناكت بعد الخحرب الأول أثر كبير غل الا َ 


مم سس 


FS 





وبادرت المطابع ١‏ الكبرى الى استيراد اللات الطباعية الحديثة من أزرويا 
وأمريكا » كا اشترت انر کات ٠‏ الت 0 ارول ثم استبدلت محر کات 
كهربائية . وعرف لبنان أول آلة « لينوتيب » لتنضيد الحروف بفضل المطبعة 
الأمريكية + فقد اث شيترها فى سنة ۱۹۲۲ . ومما يجدر ذكره أن جميع المطابع التى " 
١ 0‏ كانت مزودة بالحروف الأفرنبية بخلاف المطابع التى 
نشت نشعت قبل سنة 1۹14 والتى كانت حروفها أغلبها عربية . وكان « فريد 
مدور » أول من فكر في انشاء مدرسة لتعلم الفن المطبعى فى لبنان » وظلت” 
هذه المدرسة تعمل بهمة ونشاط الى سنة ۱۹۳۳ . 


ويلاحظ على الفترة الواقعة بين الحريين العالميتين أن الطباعة فيها تقدمت 
بخطى واسعة من حيث فن تنضيد الحروف وتوضيب الصفحات . ر كان 
للمهاجرين اللبنانين بعض الفضل على تقدم هذا الفن » فقد أخذوا يرسلون الى 
ذويبم طابعات حديثة وآلات لتنضيد الحروف ساهمت فى تقدم الطباعة فى 
و 

ولم تقض الحرب العالمية الثانية حائلاً دون تقدم الفن المطبعى ف لبنان » ا 
حدث فعلا فى الحرب العالمية الأولى . وفى لبنان البوم مطابع بلغ انتاجها الغاية 
فى الجودق. وحيث تمثل أعلى مستوى فنى_للطباعة فى الشرق ٠‏ 
نشأة الطباعة ف طباعة فى سوريا . | 

كانت حلب أول مدينة سورية علوت ا ر ر 
البطريرك « أثناسيوس دياس » مطبعة من رومانيا . ولك هلة الطيية تعمل 
من سنة ٦‏ ۰ الى سنة 11/1١‏ » ثم تو قفت قفت عن العمل حتى 184١‏ ء حين 
أنشا أجنبى من جزيرة « سردنيا » يدعى « بلفنطى » مطبعة حجرية » وهى 
أول مطبعة علمانية أنشئت فى سورية . 


e ee aes 
وعرفت دمشق الطباعة مُخلال ڊلی_احتلال جيوش_ابراهم , باشا الأراضى‎ 
ع حجرية . أما مطابع الحروف فقد عرفت سنة‎ 

.« على يد « حنا الرومالى‎ ١1866 


- 


وى حلب أنشأت الطائفة اإرنبة مطعة حروف بن ا۸۵ وأنشأت 
الحكومة العثانية ف د مشق عام 1454 مطبعة رسمية اطع علها جريدة 
« سورية » باللغتين العربية والتركية وا جودت باشا » والى حلب ع" 
مطبعة فى سنة ١8517‏ لطبع صحيفة « الفرات » ٠‏ وتأسست ال محلب دن 
AYY:‏ المطبعة العزيزية لتطبع جريدة « الشهباء » الأسبوعية » ولكن مالبث 
الوالى أن أمر باغلاق الجريدة وبالحجز على المطبعة ٠‏ وفى سنة إ۸ إأنشعت 
ى دمشق المطيعة الخوية » وقد عرفت بعد ذلك باسم مطبعة مجلس العارف . 
وم يكن فى دمشقٍ سنة ۱۸۸۳ سوي مطيمة الولاية » ومطبعة حجرية » 
ل على ارت و رة یي انت حالد . 


وظل عدد مطابع دمشق على حاله حتى سنة 18417 حين أنشفت مطبعة 
روضة الشام 00 
تصدر محلة « الشذور » . وف دمشق نشفت_المطبعة طبعة_الحميدية فى سنة 


۸4۸ © وكذلك المطبعة 00 باسم[مطبعة الفيحاء | 

وهكذا نجد الطباعة_تسير ق وة سرا ونا ذلك أن Ee‏ 
السلطان م يكونوا. يؤمنون بالحرية . 

وتأثرت أحوال الطباعة ف سورية بعوامل سياسية واجتاعية ا 
وثقافية ٠‏ وضيقت الحكومة العؤانية على المطابع السورية خوفاً من أن تنشر 
الأفكا ر التحررية . وهكذا ظل عدد المطابع في دمشق لا يتجاوز الأربم فى 
بداية الحرب العالمية الأولى . وکانت هذه , الحرب سيا فى تأخر الطباعة اق 5 
البلاد السورية لانقطاع ورود الورق وتشدد الحکام مع۔ أصحاب المطابع . 


وحال قيام الثورة, السورية, بعد الحرب العالمية الأولي ,درن _تقلع.. الطباعة ) 
وم يتقدم الفن المطبعى أى تدم وانتقلت الحركة المطيعية كلها الى ير يروت : 


وم تعرف دمشق فن الحفر ( الزنكوغراف ) إلا في أوائلٍ القرن العشرين 
بفضل أحد أبنائها . وبعد أرب العالية الأولي أنشعت نشفت ورشة ثنية احفر : 


' ويمكن أن يقال أن الفن المطبعى نة لم يعض الي ف سورية بهد الاب العالية 


~۲۱ - 


:دولى » إلا أن الجهود التى بدت فى هذا المضمار ظلت فردية . أما الحكومة 
وتأثرت بعض 


فرنسا . إلا أن هذه الحال لم تدم طويلاً . 


وفى دمشق وحلب واللاذقية وحمص مطابع لا بأس بها ء » يتم أكثرها بطبع 
المطبوعات التجارية للمصارف والشركات والبيوت التجارية الختلفة . 


المطابع السورية e‏ العألية الثانية ¢ وخاصة يه بعد انيار 


٠‏ نشأة الطباعة فى مص مصر 


الس ی مک کس کی | 


عرفت مصر الطباعة عندما احتلها الفرنسيون بين سنة ٠۷۹۸‏ وسنة 
٠‏ 1 ققد زود » بونابرت » حملته بمطابع جهزها | بحروف: فرنسية وعربية 
ويونانية. . وجاء ه مع بونابرت ت طابع فرنسی يدعى « مارك أوديل 4 يل » حمل معه 
ما روا أ فرنسية » وقام بطبع صحيفة لوكورييه دى ليجبت © :دهت 
de L’Egypte‏ ` مجلة العشرية ية gy La Décade E‏ هی مملة 


ل a as,‏ 1 عه تيك 


172 0 ول يحاول” ارا ل ا 
الفن لأبناء البلاد . 


ولما رحلت ا حملة أحذدت ی والحروف » وظلت مصر دول 
مطابع حي اسنة 115 ء حين أسس محمد على والى مصر مطبعة بولاق » 
وكان قد بعث الى ايطاليا بشاب يدعى « ار تسابكى » لدراسة الفنون 

- کوت و می در e‏ 

المطبعية ) » فلما عاد أولاه أمر المطبعة » فطبعت اول ما طبعت « قاموس عزف ] 
+ ايطالى 16 . وفى سئة 114 طبعت الوقائع المصرية . ولم تكن مطبعة بولاق 
E SS‏ ( 
بالديوان » تذكر ف مطبعة ا ره الطب. ٠‏ بأى ر ALS‏ 


YY ~— 


بطرة » ومطبعة ديوان الجهادية 2 و مطبعة ديوان الخديوىٍ 2 ومطبعة القلعة ع 
ومطبعة رأس التين بالاسكندرية » ومطبعة مكتب الموسيقى » ومطبعة جزيرة 
كريد . ١‏ 

أما الأجانب فقد أنشأوا مطبعة فى الاسكندرية حوالى سنة 18114 » وم 


ينلىء العدريرن مطابع قبل سنة ۱۸۳۷ > ذلك أن حالة_مصر . الثقافية 
والاجماعية 4 تكن لتشجع الناس عل جلب المطابع والاتجار بالمطبوعات . 
وهكذا ظلت الطباعة فى مصر حتى سنة. 184 معتمدة كل الاعتياد على 
الحكومة ‏ ذلك أن الشعب نفسه لم يكن قد وصل بعد الى درجة من الرق 
تجعله يشعر بفائدة هذا الاختراع . 


ومرت_مطيعة بولاق فى أواخر حكم محمد علي فى فنرة من الركود ظلت 
ملازمة لها إلى ما بعد سنة 1۸1 . فقد تعطلت من يوليو سئة !43,!_الل 
أغسطس سنة ۱۸٠۲‏ . وف 7 أكتوير سنة ۲ أهداها سعيد باشا لعبد 
الرحمن رشدى بك الذى استعان بأحد الطابعين الفرنسيين فى تجديد المطبعة 
1A1‏ ا الدائرة E‏ ا 5 مركا يخارياً» وهو 1 محرك 
فارى يستخدم فى مطبعة مصرية › کا ضيفت ا طابعة للطيع بالألوان . 
وقامت فى تلك الفترة بطبع الطوابع الأول لبريد الصرى . واستحقت 
تلبوهات ولان المدالية الفضية فى مرش بار ا 
وفى سنة ۱۸۷٤‏ تم طبع أ أول كتاب بالغة الابطاية بطيعة بولاق وهر التي ] 
الترجمانية فى اللغة التليانية » ' وى ١‏ من بونيه سنة ۱۸۸ انتقلت_ملكية_ 
الا فن ار ة السنية الى الحكومة المصرية . 


ماه الط 2 ا . وأنشىء 
بالقلعة ٠‏ نة SAVY‏ مطبعة ار کان حرب الجهاديز . وكانت تقوم وم بطبع الكتب 


چچ ت ی سمه مد بج سس سے 


= PY - 


والخرائط_وئوتات الموسيقى العسكرية » ولما لم تستطع أن تعيش على ايراداتها 
٠ 00‏ ما 441 روكت هناك 


wot TE 


E 
وأوك. مطبعة كبيرة‎ ٠ » مطبعة كاستلق‎ « ١8414 وكان بالقاهرة فى سنة‎ 
أنشفت بالاسكندرية هئ مطبعة « فانسان بناسون » التى تاسست فى سنة‎ 
موريس » بالا سكندرية‎ ٠ أنطون‎ ( ١ أسس‎ 1457٠0 با وق حوال سنة‎ 149¥ 
مطبعة جلب لها طابعة أوتوماتيكية هى أول طابعة من نوعها عرفها مصر .و‎ 
. اسو موريس » المطبعة الفرنسية ببورسعيد‎ ۱۸۷١ سئة‎ 


وعرفت مصر المطابع الحجرية متأخرة بعض الشىء بفضل المطابع لتي أحقتما 
الحكومة المصرية بمدارسها العسكرية وغير العسكرية . أما مطابع الأجاني فقد 
بقومة النصرية بارس ار ودر کے 

عر ا ATE‏ 
ا أيضاً تأسست المطبعة الأمركانية لطبع 96 الديئية حسب 
المذهب البروتستانتى . وعرفت القاهرة المطابع الحجرية الفنية الأجنبية بعد 
الاسكندرية بوقت طويل . ويلاحظ أن مطابع الأجانب فى تلك الحقبة - أى 
حتى الثورة العرابية - كانت فى تقدم مسثمر . 

وانتشرت مطابع المصريين خلال حكم سعيد للبلاد ٠‏ ويرجح أن تكون 
المطبعة الميمنية قد تأسست فى سنة 1801 » ثم تلتها بعد ذلك بسنتين مطبعة 
محمود محمد بخان الخليل . ا أنشأ محمد عفان الزناق مطبعة حجرية . أما أولن 
مطبعة حروف أنشئت في ذلك العهد فهي المطبعة الأهلية القبطية .وم تبدأ هذ 

ا ا 

المطبعة ل ۸۷۰ . ومن الملاحظ أن عدد د المطابع الأهلية 
المصرية بالقاهرة لم يكن قليلاً خملا ل حكم الوالى سعيد بالنسبة الى المنالة السيئة 
الى كانت عليبها البلاد فى تلك الخقبة من تارعتهامر وى سنة ۱۸٦۸‏ أسس 


~~ PYE — 


e 510‏ 
المطبعة الشرفية بالقاهرة . بيد أن مطابع المصريين فى ذلك العهد لم تكن فى 


وكانت_الصحفر المصرية فى أول الأمر تطيع .فى المطاء 
مطيعة أنشعث لطلبع صحيفة هي مطبعة وادي اليل ء وكان ذلك فى سنة 
١ 1۸11‏ . وكانت المطبعة تطبع كذلك نشرة أركان حرب الجيش المصرى وتجلة. 
إروض المدارس وروضة الأخبار . واهتمت هذه المطبعة بالمكفوفين فطبعت لهم 


يسيس سس ل e‏ 





كتاب « القراءة ري للعميان »/. وهو أول كتاب من نوعه يصدر فى 


رفي اواك ع E‏ . أما جريدة 
الأهرام فقد أنشغت نشكت مطابعها بالاسكندرية سنة 1470 » وكانت تطبع الى 
جانب ذلك الكتب الأدبية والأوراق التجارية . وفى سنة 1١441١‏ أسس فرنسى 
يدعى « جاك سرير » صحيفة البوسفور اجبسيان بمدينة بورسعيد . ومن 
الملاحظ على مطابع الصحف فى تلك الحقبة أنها لم تكن تتميز عن سائر المطابع 
إلا فى كثرة عدد عمالها » ذلك أن عدد النسخ المطبوعة من الصحف كان 
را2 

وبعد الاحتلال الانجليزى زاد عدد الأجانب فى مصر » لاسيما العمال 
الذين عمل عدد كبير منهم فى مطبعة بولاف . واعتباراً من سنة "1۸۸٤‏ 
أدرجت مطبعة بولاق فى ميزانية ا حكومة العامة . وفى سنة ه848١‏ عين 
« ادمون بانجیه » مديرا ا و قاين ا بحن ق اة 
لاق . وأطلق على المطبعة اسم « المطبعة الأهلية » .اواد طباعة القوالب 
ا مصبوبة « الاستريوتيب » والطلاء بالكهرباء ( الالكتروتيب ) والحفر على 
الرنك . وفى سنة 184 نقلت مطبحة نظارة اغالية لى المطبعة الأهلية ببولاق . 
وتو و شيلو اك > ادارة الطيمة فى سنة 1814 . وقد آمر بينم اقا بهدم القاعات 
القديمة وبناء قاعات -جديدة بدلا متها وأدخل الات الطباعة الحديثة النتريعة 


ةشه 


— Yo — 


وآلات جمع الحروف المعروفة بالمونوتيب . ووضعت قاعدة جديدة للحروف 
العربية طبع بها العدد ٠۲١‏ من الوقائع المصرية الصادر فى ۳ نوفمير سنة 
ıı ۹‏ 


وبلغت سرعة بعض طابعات بولاق قبيل الحرب العالمية الأولى أربعة الاف 
دورة فى الساعة . وكان بين الاما طابعة تدور ستة الاف دورة فى الساعة . 
وخلال الفترة الواقعة بين سنة ١‏ وسنة 1514 ألحق بالمطبعة مدرسة لتعلم 


فن الطباعة علمياً وعملياً . ولكن المدرسة لم تلبث أن أغلقت ووزع تلاميذها 
عل مختلف ورش المطبعة . 


وقد أنشأت الحكومة فى تلك الفترة مطبعة مدرسة الفنون والصنائع » وهى 
مه ع ا 

وا بدت نشاطها بعد سنة ۱۸۸۲ بقليل . وفى سنة. ١444‏ 

تأسست مطبعة نظارة المالية. .وم تعش هذه المطبعة طويلاً » فقد تقرر ضمها 

الى مطبعة يولاق فى سنة ۱۸۸۸ . أما مطبعة ديوان الأوقاف فقد أنشفت ف 


حوالى سنة 18/41 . وقرب ذلك التاريخ أنشفت نشت مطابع سكلكُ حديد الحكومة 
الا : 


رهما نقيت ا ان ا لم تكن مطبعتها تطبع إلا 
الخرائط الخاصة بالمصلحة . وقد تم إنشاء قسم التصوير الفوتوغراق فى سنة. 
۷ . ويدأت المطبعة فى سنة ٠5‏ تطيع بأربعة ألوان . وك المعرو قت أن 
مطبعة البساحة كانت أول مطبعة فى مصر تقتنى طابعة أُوفستٍ » وقد اشترعها 








رماع مان » سنة 1۹۱1۲ ل أن 


وف سنة 15 أنشت 0 ا الصرية لطبع المؤلفات العلمية 


TAAL 





O ا‎ 


اويمكن اعتبار هذه الحقبة العصر الذهبى بالنسبة لمطابع الأجانب . فقد نمت 


هذه المطابع وازدهرت بفضل زيادة عدد الأجانب وهدوء الخال بالنسبة هم 
بعد اخماد الثورة العرابية . والمطبعة العمومية هى أول مطبعة أجنبية فی مصر 


2 = 


. جلبت الات تنضيد الحروف ( لينوتيب ) » وكان ذلك فى سنة ۱۹۰۸ 
ركان « لاجوداكيس » أول طابع يقوم بانتاج البطاقات والأغلفة والأغلفة الى تلصق 
على علب السسجاير . وقد أنشعت عدة مطابع فى ذلك العهد نخص مها بالذكر 
طبعة المعهت الفرتسى للاثار الشرقية إلتى بدأت نشاطها فى سنة .1854 . وهى 
:|أول مطبعة فى مصر استخدمت الحروف أو الأشكال الهيروغليفية . وتأسست 
[الاسكندرية فى السئة نفسها مطبعة مدرسة الفرير للفنون والصنائع . وكان 
الغرض من انشاء هذه المؤسسة تعلم الفن المطبعى وفن التجليد لكل من يرغب 
فى ذلك » وطبع مطبوعات مدارس الفرير المنتشرة فى مصر . 

ونشطت مطابع المصريين نشاطاً ملحوظا مد aA‏ فقد تأسست 
مطابع جديدة » واتسعت معظم المطابع القديمة بفضل نشار ات و 
عدد ا والمحلات والانتعاش الاقتصادى . ومن من المطابع التى أنشعت 
ب ذلك العهذا مطبعة محمد درى شا قد قت ع اكب الليذ ست 
الكتب التاريخية . وفى سنة 144٠6‏ أنشاً نجيب تجيب_مترى « مطبعة المعارف 
ومكتبتها » » وكان يتردد و علد غ کر من کا والأدباء والشعراء . 

و کان من نتيجة از دياد عدد “لايع اشتداد المنافسة بيتها فانخفضت أسعار 
الطبع . ولك شش الطابم الغ شارك ال اقرف ببب هل 
المنافسة . ومن من المطابع المامة التى تأسست فى تلك الحقبة مطبعة الرغائب تب التى 
تخصصت فى طبع اعلانات الخائط الضخمة . ويلغ عدد المطابع في مصر م 


مم درتسم 







٠ 9‏ اثنتين وستين مطبعة فى القاهرة » وستاً وأربعين بالاسكندرية » واثتبه 
بأسيوط » وواحدة فى کل من با ای سیف ودمنهور والفيوم واا رومیت 
غمر والسويس › وأربعاً فى كل من المنصورة وطنطا وبورسعيد » واثنتين فى 
الرقازيق . 

وتقدمت مطابع الصحف تقدماً ملحرظاً فى تلك الفترة من التارع . فقد 
أدخلت مطابع الصحف الأفرنجية آلات اللينوتيب وجلبت_اللحركات 
الكهربائية . ومن من المطابع الكبرى التى أنشعت تدعت ف ذلك العهد مطبعة المقتطف 
والمقطم أنه ليا ل ونيف مسمفة لد ل ماھ 3205171104 


a emeg لع ل‎ 


— YY - 


مطبعتها صغيرة تدار باليد . ورأى صاحبها فى سنة ١105‏ أن يشترى لجريدته 
طابعة دائرية ( روتاتيف ) هى أول مطبعة من نوعها فى مصر وفى الشرق 
العربى . وفى سنة ١841‏ أنشأ جورجى زيدان - بالاشتراك مع نجيب مترى - 
مطبعة التأليف » وبعد سنة انفضت الشركة واحتفظ . خورجى زينان' بالطيعة 
وأسماها املال . وكانت مطبعة الحلال أول دار صحفية أدخلت_طباعة 


رم 


ل ل ل ل سس are‏ 
الروتوجرافير . وى سنة 13175 صكر العدد الأول من مجلة المصور مطبوع ” 
بالرو توجرافير . 


وتأسست مطبعة جريدة مصر فى سنة !184 راق الم مها تات 


بالاسكندرية مطبعة صحيفة البصير . وأنشاً الرعم مصطفى_كامل مطيعة ليطيع 


عليبا_جريدة. اللواء فى سنة سنة ۱۹۰۰ م استورد لها طابعة روتاتيف تطبع فى 
الساعة الواحدة ١7‏ ألف نسخة » کا استورد لها التى لينوتيب . وكانت مطبعة 
اللواء أكبر مطبعة مصرية فى سنة 191١‏ . وتأسست فى أواخخر القرن التاسم 
عَشْرَ مطبعة « البورص اجبسيين » . وشهد مطلع القرن العشيرين ن تأسيس عدد _ 
ن الصحف العربية والأفرنحية . . وازداد عدد مطابع الصحف زيادة 
كبيرة فى الفترة الواقعة ة يبن سنة ١48/01‏ وسنة 1١93714‏ بفضل ظهور الأحزاب 
التى أخذ كل منها يصدر صحيفة تعبر عن آرائه . 


وقد تأثرت الطباعة كثيراً فى مصر خلال الحرب العالية العالية الأول > اذ شح 


الورق وانقطع ورود أدوات الطباعة . ومن من المطابع التى لمع اسمها أثناء الثورة. 
الصرية التى قامت بعد الحرب الأولى مطبعة محمد عجينة بزفتي اتی قات 


uc age‏ سح ل ص 


بطبع النشورات الثورية وتوزيعها عل على الوطنيين . وى تلك الفترة_تأسست تأسست 


nome n 


المطبعة العصرية وتخصصت فى طبع المعجمات. اللغوية . وفى سنة ٠۹۲۲‏ 


gr rane FTL yey pr j سس سمس سا سم افا‎ > 


' تأسست شركة مطبعة مصر لتقوم بطبع مطبوعات بنك مصر وش ركاته . 


نکی سیو سه سو 


وفى الفترة الواقعة بين سنة ١593714‏ وسنة زودت مطبعة بولاق 


الاتها كلها ١اتما‏ كلها بمحركات كهر بائية » واستحضرت 07 الات ارت للجمع 
الأفرنجى . 


سا ا اب 


شور عل الصلب + واقيت آلا در Ea‏ ةطيع 
٠‏ انسخة فى الساعة .+ 2 


وف سنة 19101 اشترت المطبعة أول آلة انترتيب لجمع الحروف الأفرغية » 
وكا تقدمت مطبعة بولاق تقدمت المطابع_الرسمية الأخرى , وخاصة مطيعة.. , 
تصلحة المساحة » وقد ناليو مطبوعاتها الدبلوم والميدالية الذهبية فى المعرض 
الدول الذى أقمم في مدينة لييج ببلجيكا سنة .148 وف غيره م من المعارض 
الدولية . وأدخلت المصلحة طباعة الروتوجرافير لطيع الطوابع ابريدية . 


أما مطابع الأجانب فقد بدأت تشعر بقوة منافسة المطابع المصرية لاء وأخذ 
عددها يتناقص شيعا فشيئاً . وأخذت مطابع المصريين تنمو وتزدهر الى أن 
ه“وصلت الى مستوى مطابع | الأجانب : وبلغ مجموع الطابع فى مصر سنة 


١95‏ ثلاثمائة ئة وتسع عشرة مطبعة . وتعتبر « مطابع محرم » أول من أنشأ 
صناعة ورق اللعب فى مصر . 

وتقدمت كذلك مطابع الصحف ء فأدخلت الأهرام الجمع الآلى العرى فى _ 
سنة ۱۹۲۳۲ . وأدخحلت اللطائيف المصورة طباعة الروتوجرافير سنة 75917 
وتأسست مطابع » المصرى » فى سئة 1۹۳۹ 0 أى بعد ثلاث سنوات من 
TES TEE TS‏ 
صدور الجريدة . وهكذا نرى أن معظم | لصحف المصرية العربية والأفرنبية 
أصبحث تطبع فى الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين بطابعات الروتاتيف 
السريعة .. 

9 0 الطباعة ف ر ن من ا اة اا ذلك أن عض 








الآلات اله (لات الطباعية 0 اخصايين ف الطايع e‏ ع بولاق” 


mae. wa ur kn Tar erman 


تضم حوالي ألفى عامل فى سنة ٠۹٤۸‏ ء وتستلك مالا يقل عن ٠‏ ۰۰ طن 
من الورق فى السنة الواحدة . وقامت مطيعة مصلحة المساحة بطبع أوراق 


e ° ramen 


النقد الى جانب مطبوعاتها الا الأخرى . وف أواخر سنة ١914©‏ بدأت مطبعة 


سسس ل 


TS 


جامعة القاهرة نشاطها . ويمكن أن يقال أن المطابع الرسمية فى مصر قد سامت 
مساهمة الأصيل فى النيضة المطبعية النبضة المطبعية التى نلمس اثارها فى كل مكان . وهبط 
عد المطابع | الأجدية خلال اريت خلال الحرب العامية الثانية وبعدها بسبب منافسة الطابع . 


يي مويه ممتي جسم عاك مص واد ل 2د 


المصرية ها واستطاعت دار المعارف أن تضع قوالب جديدة للحرف العربى ” 
> الوتوتيب . وفى مصر اليوم مات المطابع التجارية آلتی لا تقل مطبوعاتما ن 
المطبوعات الأوربية والأمريكية . وتقدمت مطابع الصحف تقدماً كيرا خلال 


»اسو وور 


الحرب العالمية الثانية وبعدها » فجلبت طابعات روثاتيف ضكخمة وسريعة 


تستطيع أن تخرج أكار من مائة ألف نسخة فى الساعة » ا استوردت مطابع 
روتوجرافير وأوفست حديثة , وقامت الصحافة بدور هام فى تاريخ الطباعة فى 


مسيم جو سوج سوج وس ل جو e rg‏ 


نشأة الطباعة فى العراق / 


2 TTT a 


أول مطبعة عرفها هذا البلد العربى هي مطبعة_حجرية قامت بطبع كتاب 
ل« دوحة الوزراء فى تاريخ وقائم الزوراء © فى سن A:‏ رولك الطباعة م 
ترسخ إلا فى سنة 1۸٥7‏ حين اس الرهبان الدومنيكون في الموصل_مطيعة 

كاملة العدة لطا سا ان ١‏ أيضاً . وى 


بغداد أ سس كامل التريزى مطبعة حجرية فق سنة 161١‏ . سس الكلدانيون 


مطبعة فى الموصل سنة ١/851‏ ا 
قصيرة العمر لعدم اقبال العراقيين على شراء الكتب . 


وفى الحقبة الواقعة بين سنة ١875‏ وسنة_ ١314‏ ظهرت المطابع الرسمية. 
ورسخت أقدام مطابع الأفراد . فقد أنشاً مدت ياشا مطيعة الولاية فى بغداد 
E NS‏ 
جانب هذه المطبعة مطبعة رسمية أخرى اسمها مطبعة_الفيلق أو المطبعة 
العسكري ة مروف سنة ما تأسست مطبعة الرلاية با با . وف الربع 
الأخير من القرن التاسع عشر نشأت بعض الطاب الصغيرة ق العراق . وکانت 
صحيفة « العرب » فى سنة 1514 أول صحيفة عراقية تنظر_صوراً مطبوعة 


رکا و چ 





— سماد 


بالزتكوغراف ٠‏ إلا أن الصور ر لم تكن واضحة ما يدل على أن هذا الفن لم يكن 
“قد وصل الى نتيجة مرضية . 
أما الطباعة فى العراق فى الفترة الواقعة بین الحريين لعاليين فقد كانت فى 
تقدم مستمر . . ففى سنة 14117 تأسست مطبعة الدكومة بيغداد . وانتشرت 
س وو ويج لاد تعس 
المطابع فى العاصمة العراقية انتشارا سريعاً . وى حوال سنة 1975 أنشأت 


حيو وى ماسم يس جعي د و وم رر ول 


الحكومة مطبعة المساحة وزودتها بطابعات أوفست كانت الأولى من نوعها فى 
العراق . وعلى العموم فان المستوى المطبعى قد تحسن فى العراق بفضل جهود 
الحكومة والأفراد : ا 

وم تصب الطباعة فى العراق خلال ادرب العالية الثانة يما أصبيت ب فى 
الحرب العالمية الأولى من تأخر . وما كادت الحرب تنتبى حتى خف أصحاب 
المطابع القديمة يستوردون الآلات الحديثة . وأسست مطابع جديدة قبل خباية 
0 مت E‏ 


| نشأة الطباعة فى فلسطين 


ار ا ال شور 
r‏ : كاملة N NL ET‏ اة 
Ey E‏ 

ال 0 ارمق ا E‏ 
أنشأت جمعية القبر القدس اليونائية مطبعة وضعتها في مقر البطري ركية . وأخيل 
الهود بعد ذلك يدشكون . ذلك يدشعون الطابع ؛ ولكن لم تكن واحدة من هذه لمطابع جديرة 
بأن تدعى مطبعة متوسطة . أا المطاب طابع العربية التى ظهرت فى الربع الأخير من 
ارال مر ات لن ت ا تعنی إلا بد بتر الكعب الديتة ”إن 
عدم الاستقرار الذى لازم القطر العرى الشقيق منذ الحرب انال الأول مهل 
الطباعة فيه تتخلف عن الركب . 


PY — 


نشأة الطباعة فى الأردن 
كان لیل ا نصر أول من أنشأ مطبعة فى عمان » وكان ذلك فى سنة 


١17” وى سئة 1315 ظهرث المطيعة الوطنية » ثم تلنها في سنة‎ . ١5 


۰ے رست ایت 


مطبعة ا العربى . وى الأردن اليوم مطابع أخرى أقل أهمية ل أهمية من المطابع 


ay wem مو ع‎ 


نشأة الطباعة ف ان 


8 ر بانشاء أول مطيعة فى صنعاء عاصمة ايمن السلطان عبد الحميد الثانى › 


ea aa mg u grat tag me 





مھ سنت ہریرہ رو 


وكان ذلك فى سنة ۱۸۷۷ . وحتى سنة 1951 كانت توجد فى صنعاء 
مووي م اليس تلام بقعي 
مطبعتان . 





شاه ا الطباعة ف ف المملكة العرية ة السعودية ل 


ar‏ -0- مستت سوست مسو 


ا المكومة العئانية سنة ١40‏ مطبعة تدار بالقدم كانت تعرف 
سس مسا سمس ر پد O oe‏ 5 
باسم مطبعة ولاية الحجاز ٠‏ وفى سنة إلا اسي ي الشريف حسين مطيعة 


صغيرة أل مكة لطيع جريدة « القبلة » . وعم 222 المطبعة في عهد الملك 
ا ال نو باسم « مطبعة آم القری » » وأطلق عليبا فى سنة 1557 _ 


ده عام 3ال مہ ایہم تست کا سعد مسد ۔ کد ا دا ۹ار ریا فوا پد 


عد ا O‏ 


md‏ مؤسسة الطامة والصحاق وار « ا 
- أنشغت ججدة سنه 1م86١1‏ , وزودت بأحدث الآلات المطبعية . 
سس سس م ات وموم ايه ار ,3 


ا ١‏ س ر ہے 


0 نشأة دأة الطباعة فى الكويت || 
مطبعة المعارف أول مطبعةٍ أنشعت ف فى أمارة الكويت » اذ بدات 
ہو ل مس زح به مضع ییو ہے دا کے دم اا 5 
نشاطها فى سنة ١۹٤‏ . ويوجد فى الكريت ايوم عدة مطابع متوسطة . 
وقامت و المطبوعات أخيراً بتشييد مطبعة على أحدث طراز » وجلبت لها 


"ا 7دا NT uu 2 o‏ رك 075 pia‏ 2 اتانس 


ا 
أدق الات المطيعية . 


ل رمي بسي عسي بيو لاسا سار ل 


حار 


الفصل السادس 
تكنولوجيا الميكروفيلم 
وحاضر الكتاب ومستقبله 


الفصل السادس 
تكنولوجيا الميكروفيلم وحاضر الكتاب زمستقبله 


لكنولوجيا الميكروفيلم : 


اكتسبت المعلومات وأوعيتها الكتب والمجلات والدوريات وغيرها طابعاً 
حيوياً خاصاً في التاريخ المعاصر » لما يتميز به العصر من كارة المعلوماث 
والبحوث التي تطرد يوماً بعد يوم في معدلات النشر وتعدد اللغات وتزايد 
التخصصات الدقيقة في كل العلوم والآداب والفنون فضلاً عن تزايد التعقد في 
انحتوى الفكري للمعلومات وتنوع احتياجات المستفيدين منها . 

ومن ثم فقد برزت قضية هامة حول ضرورة تقنية ورفع كفاءة أساليب 
اختزان واسترجاع المعلومات للوصول إليبا عند الحاجة وبالقدر المناسب . إزاء 
هذا الفيض الخائل من النشر ونظراً لا يشغله الكتاب أو المطبوع الورق من حيز 
فقد أصبحت مشكلة تضخم المكتبات وضيق الأمكنة الخصصة لحفظ الكتب 
والوثائق » العقبة الكؤود التي تواجه العمل المكتبي ومراكز التوئيق العلمي 
وأجهزة الأرشيف . مما فرض استخدام التكنولوجيا المعاصرة المتمثلة في 
المصغرات الفيلمية المعروفة بالميكروفيلم بأشكاها وتطبيقاتها المتنوعة كأحدث 
أسلوب لنظم التخزين والتوثيق المعاصر . 

وقد تنبت الدول المتقدمة لأهمية الميكروفيلم في الحفاظ على أوعية المعلومات 
ولتبادل هذه المعلومات فيما بينها » ثما أدى إلى مزيد من التطور التكنولو جر 
لرفع كفاءة مختلف أجهزة ومعدات التسجيل الميكروفيلمي با يتلاءم 
واحتياجات التاريخ المعاصر من متطلبات متزايدة للوصول إلى أعلى درجات 
الدقة والتخصص . 

ولعل وطننا العرني في هذه المرحلة من مراحل تطوره , لفي أشد الحاجة إلى 
الاهتام بتطبيق هذا المجال الحيوي . حفاظا على تراثنا العربي والإسلامي المتمثل 


~— o — 


ف مئات الألوف من الخطوطات » وتدعيماً لحاضرنا » وتأميناً للمستقبل 
القريب واتجاهاً إلى مواكبة العصر NR‏ 
بقاع الأرض » ولكي نبتكر ونضيف أسوة بغيرنا من الدول المتحضرة ع 

المدين والحضارة والابتكار والاكتشاف أحذ وعطاء متبادل بين الإنسان 8 
الانسان بما هو إنسان . 


الميكروفيلم وتطور وسائل حفظ 


مما لا شك فيه أن التقدم العلمي والازدهار التجاري والصناعي الذي يعيشه 
عالمنا اليوم يعتمد أساساً على الكم الهائل من المعلومات المتداولة والمتدفقة من 
مراكز البحوث العلمية والفنية - ما أن اتساع رقعة المعاملات بأشكاها الختلفة 
سواء بين المؤسسات والهيئاث وبعضها أو بينها وبين الأفراد أو بين الأفراد 
وبعضهم يحم توثيق هذه المعاملات » ونتيجة لهذا تراكمت الوثائق والمستندات 
وتزايدت في كل مكان بشكل أبرز أمرأ خطيراً وهو كيف يمكن استرجاع 
معلومة معينة مسجلة على مستند بذاته من أرشيف يحتوي على كم هائل من 
الستندات والوثائق والتي أحياناً تكون غير منظمة بالقدر الكافي الذي يسمح 
بالوصول إلى الوثيقة المطلوبة في الوقت المناسب . 

وفي المجتمعات المتخلفة والنامية يزداد ترام أوعية المعلومات المتمثلة في 
الكتب والمجلات والدوريات وتظهر مشاكل التخزين والتزويد مع ازدياد الترا م 
نتيجة جهل كثير من الميئات بأهمية الأرشيف كتصدر أسامي للمعلومات 
الدقيقة الصحيحة هانب عدم الأخذ بأهمية انحتيار الموظفين الأكفاء للإشراف 
N N a NE‏ 
الغير أكفاء للعمل بالأرشيف . وهكذا أصبح بعض المسعولين يعتمدون في 
إدارة شكئون عملهم على معلومات من ذاكرتهم أو من أرشيف خاص بهم محدود 
الطاقة ويحتوي على الوثائق والمستندات لحامة بالنسبة لهم فقط - وهكذا أصبح 


0ت 


نجاح وتقدم الميعة أو المؤسسة يعتمد إلى حد بعيد على قدرات وكفاءات 
المسكولين - وقد ينقلب الحال يتغير هؤلاء المسثولين بالأقل منهم كفاءة مع أن 
النجاح مرتبط مفطط وسياسات مدروسة مبنية على استمرار تدفق المعلومات 
الدقيقة والتي قطعاً يجب أن يكون مصدرها الأرشيف الدقيق المنتظم والذي 
يديره موظفين أكفاء - والمشكلة قد تكون أعظم في المصانع الانتاجية فقد 
تنعطل آلة أو خط إنتاج ويسعى مهندس الصيانة والإصلاح للحصول على 
الرسومات الحندسية الخاصة بهذا الخط الإنتاجي ويطول البحث في أرشيف غير 
منظم في حين تحسب كل دقيقة توقف عن الانتاج بخسارة مالية كبيرة ما كانت 
تحدث لو أن هناك نظام دقيق الحفظ المعلومات . 

وإذا ما كانت هذه هي المشكلة - إذن ما هو الحل ؟ 

لقد عرفت المجتمعات المتقدمة الحل الذي يساعد دائماً على التقدم أو النجاح 
من خلال نظام معلومات كفوٌ يوفر المعلومات للمستفيدين في الوقت المناسب 
وبناء عليها يستطيع أن يتتخذ القرار الصحيح . وكان هذا الحل هو وضع نظام 
المعلومات المتكامل وتسجيل الوثائق والمستندات على الميكروفيلم . ولكن لاذا 
الميكروفيلم ؟ 

الإجابة على هذا السؤال بدقة تتطلب أن نتعرف بشكل مركز على ما هو 
الميكروفيلم وأن نتناوله بالتفصيل لكي نعرف أهميته كوسيلة حفظ وتداول . 

والميكروفيل('2 كا يتضح من اسمه عبارة عن أفلام صغيرة قد تكون من 
خامات هاليدات الفضة ولكن لا صفات خاصة مميزة للاستخدام في هذا انجال 
أو من خحامات غير تقليدية ابتكرت خصيصاً لتغطية احتياجات لك 
الميكروفيلم بأشكاله ومقاساته الختلفة . 


ويم تسجيل الوثائق على الشكل الميكروفيلمي المناسب بدسب تصغير عالية 


)١( .‏ الكلمة العربية المستخدمة لكلمة :ل1ه:88 هي المصغرات الفيلمية . 


ساس لد 


بواسطة أجهزة التسجيل الميكروفيلمي“ مم تم عملية الإظهار والمعالجة هذه 
الأفلام لتظهر الصور المصغرة للوثائق على على الفيلم الذي يكون في هذه الحالة فيلم 
ل اللونية للوثيقة وتعني بالق اللونية الأبيض والأسود أو 
الفاتح والقاتم ولا نعني ألوان الوثائق حيث أن الخامات المستخدمة عادة من 
الو لای رل اا اد ایک رتام تار نع للمستندات 
العادية حتى ولو كانت ملونة ولكنه يستخدم في حدود ضيقة للغاية لتسجيل 
الموضوعات التي يكون ,اللون فيها ممثلاً لمعلومة يتغير معناها لو سجلت أبيض 
واسود . 

ومن هذا الفيلم السالب الأصلي عادة ما يم نسخ فيلم سالب بديل ليحفظ 
في مكان بديل لمكان الفيلم الأول كعملية أمان لحفظ المعلومات المسجلة على 
هذه الأفلام » ما يم عمل عدد من النسخ الموجبة تناسب العمل وتحقق سهولة 
تداول ونشر المعلومات المسجلة عليها . وبعد عمليات فحص دقيقة للتحقق من 
صلاحية وكفاءة التسجيل توضع الأفلام في مكتبة ميكروفيلمية مزودة بأجهزة 
القراءة وأجهزة القراءة الطابعة التي تعمل على تكبير صور الوثائق على شاشة 
بمساحة مناسبة للقراءة وللطبع على نسخة ورقية يمكن الاحتفاظ بها حارج 
المكتبة , 

ومن الجدير بالذكر أن عملية الإنتاج الميكروفيلمي نفسها تسمى التصوير 
المصغر Microphotography‏ وهي تعني نقل التفاصيل مع تصغيرها بنسب 
كبيرة جداً على فيلم حساس يجب أن يتميز بالصفات التي تبعله قادر على 


)١(‏ تعتبر كلمة تسجيل ميكروفيلمي أدق من كلمة تصوير ميكروفيلمي لما تحمله كلمة 
تسجيل من معنى الدقة في حون أن كلمة تصوير تحمل في معناها فن التصوير بما 
يتممل . من عناصر جمالية لا تكون هي المطلوب الأول في الإنتاج الميكروفيلمي . أما 
أجهزة التسجيل الميكروفيلمي فهي معدات تصوير من أجزائها الكاميرا ونظام 
الاضاءة ولكن ينطبق عليها لفظ أجهزة التسجيل لأنه أدق من لفظ تصوير في يجال 
الإنتاج الميكرو فيلمي . 


~~ TTA ~ 


تسجيل التفاصيل الصغيرة بكفاءة عالية - وليتحقق هذا يجب أن تتوفر عناصر 

أساسية يمكن أن نوجرها في النقاط التالية : 

د و حساسة للضوء ذات حبيبات دقيقة للغاية وفوة تحديد مرتفعة 
جدا وتباين مرتفع نسبيا . 

؟ - أجهزة تسجيل ذات نظام بصري كفاءته عالية جداً من حيث تجنب 
عيوب العدسات ودقة عالية لضبط حدة الصورة ونظام دقيق لضبط 
معدل التعريض . 

م - نظام معالجة معملية قيابي من حيث التحكم في ظروف الإظهار 
والمعالجة الكيميائية في المراحل التالية للإظهار . 


فوائد استخدام المصغرات الفيلمية 


: الحفظ والأمان‎ - ١ 


يمكن بسهولة تحقيق هذا الهدف بعمل النسخ البديلة من الميكروفيلم 
وحفظها في أماكن مخلفة لمواجهة احتالات الفقد لأحد هذه النسخ نتيجة أي 
سبب مثل الحريق أو الفيضان أو الدمار أو حتى التداول والاستخدام الطبيعي . 
وفي حالة حدوث تلف أو تدمير لأحد النسخ يمكن الحصول على النسخة 
الميكرو فيلمية المحفوظة في المكان البديل لطبع نسخة بديلة بتكاليف زهيدة 
بالقياس لحجم الخسارة التي كان يمكن أن تحدث لو أن هذه التي تلفت 
دمرت كانت هي النسخة الوحيدة سواء ميكروفيلمية أو ورقية . وتتزايد أهم 
هذه العملية إزيادة أهمية المعلومات المسجلة على الوثائق فقد تكون القيمة الأدبية 
أو العلمية أكثر بكثير من أن تقدر بثمن مادي وبالتالي فإن عمل نسخ 
ميكر و فيلمية لهذه الوثائق وعمل نسخ بديلة لحفظها في أماكن تبادلية يكون هر 
الأسلوب العلمي الوحيد لتوفير أكبر قدر من الأمان وبأقل التكاليف وخاصة 
أن هذه السخ تمحتاج إلى حيز حفظ صغير جدا أ بالقياس لحيز الحفظ المطلرب 


~4 — 


لحفظ الوثائق الورقية وهذا بالتأكيد سوف يسهل الرقابة والأمن لأماكن 
الحفظ » هذا بالاضافة ليزة الأعمار الافتراضية التي تتوفر للتسجيلات 
الميكروفيلمية حيث يمكن بسهولة عمل نسخ جديدة في حالة جيدة كلما 
استبلكت نسخة نتيجة للاستخدام أو التداول وهذه ميزة لا تتوفر للوثائق 
الورقية التي لا مفر من استبلاكها بكارة الاستخدام وبالتالي يصعب عمل بدائل 
ها بعد ما تستبلك وبالبديبي فإن عمل نسخ ورقية بأسلوب التصوير بديلة 
للنسخ الأصلية سوف يتسبب في مشكلة إيجاد مكان للحفظ يستوعب النسخ 
الورقية البديلة . 


؟ - توفير خيز الحفظ : 

إذا عرفنا أن نسبة الوفر في أماكن الحفظ باستخدام الميكروفيلم كبديل 
للوثائق الورقية يصل إلى 38 في المائة من المساحة الأصلية فإننا بسهولة سوف 
نتصور ما يعود علينا من فوائد من هذه اليزة . بالإضافة ليزة سهولة توفير 
الحماية والأمان لحيز الحفظ الصغير » فإن هناك أيضاً الفائدة الاقتصادية التي 
ستتحقق من توفير المساحة الكبيرة التي يشغلها الأرشيف الورقي التقليدي » 
وهذه الميزة تظهر واضحة للغاية حاصة في الأماكن التي تندر فيها المساحات 
المتوفرة للاستسخدام , وحيث تكون القيمة المادية هذه المساحات مر تفعة 
للغاية . 

وبالتالي فإن الزيادة المضطردة في حجم المعلومات والحاجة المستمرة لايجاد 
مساحات جديدة لحفظ الوثائق والمستندات الورقيق لن يواجهها غير استخدام 
الميكروفيلم كبحل لهذه المشكلة . 
۳ - سهولة النشر والعداول : 

لقد حقق استخدام الميكروفيلم عديد من المميزات في عملية نشر وتداول 


المعلومات المسجلة عليه ها كانت تتحقق إذا بقيت الوثائق والمستندات على 


.عمد 


شكلها الورقي التقليدي . فلو تصورنا مثلاً شركة منتجة لسلعة هندسية هما 
عدد من مراكز التوزيع ومراكز الصيانة موزعة في أماكن كثيرة سواء في دولة 
واحدة أو في دول مختلفة . :وبالطبع فإن هذه الشركة تحتاج لإرسال كتالوجات 
الدعاية والتشغيل والصيانة والكتالوجات الفنية وغيره من المطبوعات الخاصة 
بمنتجاتها إلى مراكزها الختلفة » فلو استخدمت هذه الشركة الأسلوب التقليدي 
في طبع كل هذه المعلومات على ورق بعدد النسخ المطلوبة وعملت على شحن 
هذه المطبوعات إلى فروعها » فإننا بسهولة نستطيع أن نقدر أن تكاليف عماية 
الطباعة على ورق وعملية شحن هذه المطبوعات ذات الوزن والحجم الكبير 
لابد أنها ستكون أكثر بكثير جداً من تنفيذ هذه العملية بواسطة الميكروفيلم 
حيث يمكن تسجيل كل كتالوج على شريحة ميكروفيلمية صغيرة ثم نسخ العدد 
المطلوب من النسخ بواسطة أجهزة نسخ ميكروفيليمي سهلة وسريعة 
وبتكاليف زهيدة وبالتالي فإن إرسال هذه الشرائح بالبريد سوف يكون أسهل 
وأقل بكثير في النفقات وأسرع في الوصول وأقل في الإجراءات من النسخ 
الورقية . 

ولهذا السبب فعلاً اتجهت كثير من الشركات العالمية لاستخدام الميكروفيلم 
بدلا من الطبعات الورقية, في نشر معلوماتا . 

وينطبق نفس الأمر على المراكز العلمية والمكتبات والبنوك وخلافه من 
المؤسسات التي تحتم طبيعة عملها عملية نشر واسعة للمعلومات ينها وبين 
فروعها وبين مؤسسات أخرى . 

وهناك مثل آخر يمكن أن يبين ما يقدمه الميكروفيلم من مميزات لسرع 
تداول المعلومات على مستوى مؤسسة أو هيغة واحدة داخليا . فقد جرت 
العادة على أن يكون لكل مؤسسة أو هيئة أو خلافه أرشيف مركزي يجمع كل 
الوثائق والمستندات فلو كانت إدارات ووحدات هذه الطيئة منتشرة على مساحة 
واسعة أو في مبنى ذا أدوار عديدة فإن كل من يحتاج إلى معلومات من 
الأرشيف المركزي عليه أن يتحرك إلى الأرشيف أو يرسل من يحضر له هذه 
المعلومات أو في أسحسن الفروضن يطلبها في التليفون . 


~e) — 


وما لا شك فيه أن هذا الأسلوب لن يوفر على الإطلاق سرعة وصول 
العلومات إلى من يطلببا بل قد يتسبب هذا الوضع في بعض التكاسل أو 
التراخمي في طلب المعلومات وقد تتسبب المشقة المبذولة إلى تاجيل طلبها لوقت 
آخر . وكل هذا سوف يؤثر بالتأكيد على أداء وفاعلية العمل واتخاذ القرار 
السريع في الوقت المناسب . 

لو تصورنا بديلاً لهذا الأرشيف التقليدي مكتبة ميكروفيلمية في مكان 
مركزي أيضاً لأغراض الخدمة العامة بالاضافة لنسخة ميكروفيلمية أخرى لكل 
إدارة أو وحدة تحمل المعلومات الخاصة بها مع ملاحظة أن حفظ هذه النسخة 
لن يمثل أي مشكلة من حيث حيز الحفظ لصغر المساحة المطلوبة . وبالتالي فإن 
أي مسكول يستطيع أن يجد المعلومات التي يطلبها في متناول يديه في أي وقت 
يشاء وبدون أي عائق فإن ذلك بدون شك سوف يرفع من كفاءة أداء هذه 
المؤسسة أو الهيئة بالكامل وهذا السبب قلما توجد حالياً مكتبة جامعة أو 
مؤسسة أو هيئة في الدول المتقدمة لا تستخدم الميكروفيلم في تداول المعلومات 
داخعلياً بدلاً من الوثائق الورقية التقليدية . 


۽ - سرعة وسهولة استرجاع المعلومات : 

لكي يجدي نظام استخدام الميكروفيلم كبديل للوثائق الورقية ويعطي 
الفاعلية الكاملة فإن الأسلوب العلمي للعمل يحم أن يتم عمل تنظم وإعداد 
للوثائق » بمعنى آخر يجب قبل تنفيذ عملية التسجيل الميكروفيلمي أن يم حصر 
الوثائق واستكمال أي وثائق ناقصة واستبدال الوثائق السيئة بنسخ أخرى 
صالحة إن أمكن ذلك أو عمل ترمم وإصلاح للوثاقق التي بها تلف وهذا أمر 
هام يوصف الحيوية واللازمة لنجاح استرجاع المعلومات من الميكروفيلم » ألا 
وهو عمل تصنيف وفهرسة للوثائق وتصمم نظام معلومات مناسب لنوع 
المعلومات التي تتضمنها الوثائق » بحيث يسمح هذا النظام بوجود علاقة ارتباط 
وتنسيق بين الوثائق وبعضها البعض » وبحيث يمكن إضافة أي معلومات جديدة 
على الموضوع الواحد دوما أي ارتباك للنظام » وعلى هذا الأساس يمكن عمل 


بد لا 


الفهارس المناسبة لطلب معلومة معيئة » وتحديد موقعها من مجموعة التسجيلات 
الميكرو فيلمية 


فإذا ما توفر هذا الأسلوب العلمي للعمل الميكروفيلمي فإن النتيجة ستكون 
إمكانية الوصول للمعلومات المطلوبة في وقت يسير للغاية حيث يمكن قراءتها 
من الميكروفيلم بواسطة جهاز القراءة الذي يقوم بتكبير صورة الوثيقة على 
شاشة الجهاز ما يمكن الحصول على نسخة ورقية بواسطة جهاز القراءة الطابع 
ومن الجدير بالذكر أنه في حالة توفر نظام جيد للمعلومات المسجلة على 
اليكروفيلم فإن الحصول على أي معلومة ( صورة الوثيقة على شاشة جهاز 
القراءة ) يمكن أن يستغرق زمن في حدود دقيقة واحدة وما لايزيد عن دقيقتين 
من سلحظة البحث عن المعلومة المطلوبة في الفهرس إلى لحظة الحصول على نسخة 
ورقية بواسطة جهاز القراءة » مار باستخراج الميكروفيلم من دولاب الحفظ 
الخاص بالأفلام » ثم وضعه على جهاز القراءة » ثم تشغيل الجهاز لوضع الصورة 
الميكرو فيلمية أمام عدسة الجهاز لنحصل على صورة مكبرة على الشاشة ء ثم 
الضغط على زر الطبع » ثم خخروج النسخة الورقية المطبوعة من الجهاز . 

ولقد قدمت التكدولوجيا الحديئة لاسترجاع المعلومات من الميكروفيلم كثير 
من الابتكارات لتحقيق سهولة وسرعة الاسترجاع بواسطة عمليات تسجيل 
كود أو شفرة معينة على جانب من صورة الوثيقة أو مجموعة الوثائق المطلم 
بتحديد الكود أو الشفرة المميزة لها والضغط على الأزرار التي تحمل ٠‏ 
الشفرة على الجهاز . إلا أن التعرف على هذا الكود يكون بواسطة الفهارء 
التي تربط بين التسجيلات الميكرو فيلمية والكود أو الشفرة المحددة لكل معلومة 

كا تقدم التكنولوجيا الأكثر تقدماً لاسترجاع المعلومات المسجلة على 
الميكرو فيلم إمكانية طلب المعلومة من جهاز الحاسب الآلي ذا الطاقة المحدود» 
ليقوم بتحديد الشفرة » وبمجرد وضع الميكروفيلم المحدد في مكانه في جهاز 
القراءة المتصل أيضباً بنفس الحاسب الآلي » يعمل هذا الجهاز مباشرة لتظهر 


جد ع ا 


صورة الوثيقة المطلوبة على شاشة الجهاز » ويمكن أن يستمر الانتقال من صورة 
الوثيقة إلى أخرى تبعاً للمعلومات الخزونة في ذاكرة الحاسب الآلي . 
وبمقارنة أساليب استرجاع المعلومات من التسجيلات الميكروفيلمية بأي 
أسلوب لاسترجاع الوثائق والمستندات من الأرشيف التقليدي فإننا سوف نهد 
فرقاً كبيراً في السهولة والسرعة والدقة » ومهما توفر للأرشيف التقليدي من 
نظام ودقة في أسلوب الحفظ فإن عنصر حيز الحفظ ومساحة الوثائق نفسها 
وحتى إذا غضضنا النظر عن أي عناصر أخرى سوف يسببان فرقا كبيرا لو 
تمت المقارئة حتى لو كان الأسلوب المستخدم يعتمد على النظام اليدوي البسيط 


وبدون استخدام حاسب الي : 


ه - حل مشكلة الفرق بين سرعة مدخلات ومخرجات الحاسب الآلي : 


الحاسب الآلي يخدم نظم استرجاعت المعلومات من الميكروفيلم والميكروفيلم 
يخدم أيضاً نظم الحاسبات الآلية حيث كان هو الحل لمشكلة فرق السرعة بين 
مدخلات ومخرجات الحاسب الآلي . حيث أنه من المعروف أن الحصول على 
المعلومات المحملة على الأشرطة الممغنطة يتم بواسطة وحدة الطبع التي تقوم بطبع 
هذه المعلومات على ورق » والمشكلة هي أن سرعة عملية الطبع على ورق أبطأ 
كثيراً من إدخال المعلومات للحاسب وتحميلها على الأشرطة الممغنطة . 
وبواسطة النظام الملسمى Com-Computer output Microfilm Systems‏ 
أمكن الحصول على المعلومات من الشريط الممغنط أو من الحاسب الآلي مباشرة 
على شكل من الأشكال الميكروفيلمية » قد يكون الفيلم الملفوف مقاس ١5‏ ثم 
أو الشرائح متعددة الكادرات ©هة؛ه860 . وبسرعة تسجيل عالية جداً 
بالمقارنة بالنظام التقليدي الذي يم فيه تسجيل هذه المعلومات على ورق » 
«وبواسطة وحدة الطبع تزيد سرعة تسجيل مخرجات الحاسب على الميكرو فيلم 
أكثر من ٠١‏ مرة في حالة التسجيل بواسطة وحدة الطبع كا أنها تصل إلى ٠‏ . ه 
مرة عن سرعة وحدة الرسم . 


NE — 


ما سبق هو -حصر لمميزات استخدام المصغرات الفيلمية » لذا يجب أن نتنبه 
لأمر هام للغاية وهو - هل هذه المميزات سوف تتحقق بمجرد تسجيل الوثائق 
على هذه المصغرات الفيلمية - وهنا الخطأ الذي يقع فيه الكثيرين من أدخلوا 
الانتاج الميكرو فيلمي في عملهم دون الاعداد المناسب لهذه العملية من حيث 
. تنظم الوثائق الورقية أولاً . 

حيث أن نقل المعلومات من الوثائق الورقية إلي المصغرات الفيلمية بدون 
عمليات تنظم دقيقة للوثائق وما تحويه من معلومات . وعلى أساس قواعد 
علمية » وعلى أن يربط هذا التنظم بين الوثائق وبعضها وما تحويه من 
معلومات » مع وضع أسلوب الاسترجاع ناسپ لنوع المعلومات التي تحملها 
هذه الوثائق . وتجهيز الفهارس المناسبة قبل تحميل المعلومات على المصغرات 
الفيلمية يمكن أن تكون هذه العملية لها من الضرر أكثر مما لها من المميزات 
والفوائد . 

فلو تصورنا كوماً من الوثائق الغير منظمة نحتاج وثيقة واحدة فإننا يمكن أن 
نصل إليها بشكل ما بغض النظر عن الزمن الذي ستستغرقه عملية البحث وهو 
بالتأكيد سوف يكون زمن طويل نسبياً . 

ولكننا لو حاولنا البحث عن صورة هذه الوثيقة على المصغرات التي تم 
التسجيل عليها دون تنظم للوثائق فإننا بالتأكيد سوف نتلف أو ندمر مجموعة 
الأفلام قبل أن نصل إلى صورة الوثيقة المطلوبة . 

والميكروفيلم كحامل جديد للمعلومات بدلا من الورق . ولكي يحة 
المميزات السابق عرضها فقد تعددت أشكاله لتناسب أنظمة المعلومات الختل 
وتعددت أساليب إنتاجه لخدمة مئات الأعمال والمجالات في جميع أنحاء العالى . 


حاضر الكتاب ومستقبله : 


الكتاب أعظم الإنجازات البشرية عبر العصور » وقد ازدادت أهمية في العصر 
. الحاضر بعد تطور وسائل الطباعة والتكنولوجيا تطوراً مذهلا سريعاً . والكتاب 


~~ fo — 


هو الأمانة العظيمة التي يحملها كل جيل من الناس للأجيال التالية وكا فعلت 
الأجيال السابقة . فالامانة أن يقوم كل جيل بنقل ما ورثه من تراث أدبي 
وعلمي وفني عن تلك العصور وذلك بأسلوب جديد وعرض جديد يتلاءم مع 
الظروف- المحيطة بالشعوب . وبهذه الطريقة تصل كل أمة ماضيها بحاضرها . 
وتجعل من جهود أسلافها في شتى العصور سلسلة متصلة الحلقات يمكن أن 
تعطي صورة دقيقة من حضارتما التي تميزت بها عن سائر الحضارات . 

وطالما أن الكتاب يعتير أهم مصادر المعرفة والثقافة وهو قبل أن يصل إلى 
أيدينا يمر بمراحل عديدة يتنقل فيها بين أيد مختلفة من مؤلفين و كتبة ومنسقين » 
ومصورين وخخطاطين وطبّاعين ومجلدين » يضع كل منهم لبنة في سبيل تكوينه 
حتى يتتبي إلى الصورة التي نعرفه بها » لست هنا بصدد التحدث فيما تنطوي 
عليه صفحاته من دين أو علم أو أدب أو تاريخ أو فن » بل يدور بحثنا حول 
تطور صورته وتطور مواد صنعه في المستقبل تقريب استشفافاً واستدلالاً من 
تطوره التاريخي . 

حيث مازال المعاصرون يو كدون أن الكتاب هو وسيلة الاتصال الجماهيري 
التي تؤثر على حياة البشر جميعاً . فالكتاب ينقل الكثير من تراث الماضي . ولا 
تستمر حياة الأمة التعليمية والمهنية والاجتاعية بغير الكتاب . فالمعلمون والطلبة 
يجدون في الكتب المدرسية المقررة المعرفة الشاملة بالتاريخ والفلسفة والعلم 
والاداب والعلوم الاجتئاعية التي تجمعت وتراكمت على مر العصور . والانسان 
في كل عمل من أعمال الحياة يقرأ حتى يظل على صلة قوية بما يجري حوله في 
العالم السريع التغير من حوله » وليجد إيماءاً واستجماماً ولذة » وليكتسب 
معرفة . والكتب » بغير شك » تفسر وتوضح كل وجه من أوجه النشاط . 
وكانت الكتب الخلاقة من السمات الرئيسية المميزة التي قيست بها كل حضارة 
عالمية تالية . فالكتب السماوية كانت النبراس المضيء للشعوب للهداية والعلم 
والعمل » كا كان الفكر البشري الخالص هو المرآة التي رأى فيها الإنسان العقل 
إمكانياته » لقد عكست أعمال أفلاطون وأرسطو فلسفة الحياة الأغريقية » بل 
أضاءت الطريق لمن عاشوا بعدهم هذه الحياة. ولقد فحص المؤرخون 


¬ ۳£ 


وأصحاب الدراسات الانسانية الأدب الإبداعي » ا فحصوا معالم الحضارة 
لكي يعرفوا حياة كل شعب في زمن معين ومكان معين . 

إن عالم الكتب هو أكبر انجازات الإنسان » فلا شيء غير الكتب يبقى نفس 
البقاء . فالْصُب تنهار وتسقط ء والأنم بلك » والمدنيات تدمو وتزدهر ثم 
تذوي وتموت .. يعم الظلام حتى تأني أجيال جديدة تعيد البناء الحضاري . 
ولكن في عالم الكتب نقع على مخطوطات قديمة مازالت شابة وجديدة رأت 
النور لأول مرة . 


يقول أستاذنا الدكتور زكي نجيب محمود أن الكلمة تجمع في طبيعتها بين فن 
التعبير وفن التشكيل في آن معأ . بمعنى أن العمل الفني على إطلاقه إما أن يكون 
ذا طبيعة زمنية » بمعنى أن القطعة الفنية لابد لها أن يمتد استعراضها لدى المتلقي 
فترة زمنية معينة » كالمعزوفة الموسيقية » أو قصيدة الشعر أو الرواية » أو 
المسرحية . فهذه كلها أشياء لا تكفيها لحظة زمنية خاطفة » ليلم المتلقي بكل 
أجزائها دفعة وانحدة ٠‏ بل لابد لها من فترة تمضي منذ يبدأ سماعها أو مشاهدتها 
إلى أن ينعبي . وإما أن يكون العمل الفني ذا طبيعية ( مكانية ) » وذلك عندما 
يكرة مغرو ضا كل دف راح ل رف مكاة واه عرفل كني 
اللحظة من المتلقي ليعلم كل ما هنالك » حتى ولو احتاج بعد ذلك إلى تحليل 
العناصر المكونة له تحليلاً متأنياً » وذلك هو الموقف بالنسبة إل صورة أو 
تمثال . ولقد اصطلحنا على أن نطلق على أن العمل الفني ذي الطبيعة الزمنية 
اسم ( الفن التعبيري ) » وعلى العمل الفني ذي الطبيعة المكانية اسم ( الفن 
التشكيلٍ ) . 

وكل وسيلة من الوسائل الثقافية إما أن تقع في مجال التعبير أو في مجال 
التشكيل إلا ( الكلمة ) فهي تشكيل وتعبير معا . ويشرح لنا هذه الفكرة 
الباهرة بأننا نستطيع أن نتبين صوراً أربع في حياة الكلمة . فهي في صورتها 
( المنطوقة ) مصنوعة من موجات يبتز بها الهواء > وني صورعا المسموعة 
٠‏ ذبذبات في جهاز السمع » وفي صورتها المكتوبة كتلة من مادة - كالمداد أو 


4Y ¬ 


الرصاص أو الطباشير - كأية كتلة مادية أخرى في الطبيعة , ثم هي في صورتها 
( المقروءة ) ذبذبات في جهاز الأبصار . وواضح أن لكل من هذه الصور 
مميزاتها الخاصة . على أن هذه الصور الأربع - عادة - تقترن معأ اثنتين اثنتين ‏ 
فإذا كانت ( منطوقة - مسموعة ) كانت أدحل في محالت التعبير ذي الطبيعة 
الزمنية » وأما إذا كانت ( مكتوبة - مقروءة ) فهي عندئذ أدخل في الفن 
التشكيلي ذي الطبيعة المكانية . ويمضي الدكتور قائلاً : « أن بيننا اليوم من أخذ 
يتساءل فم عناء الكتابة والقراءة في عصر أصبحت فيه أشرطة التسجيل الصوتي 
بهذا اليسر كله وهذا الشيوع كله . ويجيب على ذلك بأنه لا ثقافة إلا إذا كان 
هناك كتاب » إلا إذا كانت كتابة وقراءة . لماذا ؟ لاننا ننظر في حياة الناس 
الثقافية كلها . فلا نكاد نرى مرقفاً واحداً لا يتضمن الكتاب ( أو قل 
« الكتابة » ) بطريق غير مباشر » حتى وسائل التسجيل الصوتي نفسها ) 
يندر جداً ألا تكون مسبوقة بنص مكتوب » قرأه قارىء ليتم التسجيل . 
يضاف إلى ذلك أن عملية الكتابة والقراءة منطوية على حصائص ذات أثر في 
التكوين الثقافي » مما يستحيل أن يتحقق لو اكتفينا بالصوت المسموع وحده , 
وذلك لأن العملية الرمزية التي تؤديها الحروف والكلمات والجمل - عندما 
تكون مكتوبة ثم مقروءة - تتضمن حركة عقلية لا تتوافر للإنسان ألا وهو في 
درجة عليا من درجات الماء والتطوير ؟ وأما الصوت وسماعه » في قدرة الطفل 
منذ العام الأول بل هي قدرة في طبيعة الحيوان » وحين يقول القائلون عن 
الإنسان أنه يتميز دون سائر الحيوان باستخدامه للرموز » فهم إثما يعنون » ثم 
هم يشيرون في تلك الرموز اللغوية إلى الرموز المكتوبة المقروءة أول ما 
يشيرون » وذلك لأن عملية الكتابة ( فالقراءة ) يها من التحليل والتركيب 
أكثر جداً ما تتضمنه من ذلك عملية النطق ( فالسمع ) » قفي وسع الطفل 
ذي العامين أن يسمع جملة كاملة ثم ينطق بها دفعة واحدة » مع أن هذه الجملة 
نفسها لا تستطاع كتابتها إلا بعد إدراك تحليل لكلماءها وحروفها , أي أنه لابد 
من معرفة الاجزاء الاولية وطرائق تركيبها . ونضيف إلى فاعلية العقل في عملية 
التحليل والتركيب أثناء الكتابة والقراءة فاعلية عقلية أخرى , ليس لما ما 


-مغ5 


يوازيها في التلقي عن طريق السمع إلا إلى حد ضعيل » وأعني بها ذلك الخوار 
السامت الذي ينشأ بين القارىء والكاتب ؛ وأما في حالة,الاسهاع إلى إذاعة » 
فالسامع أقرب إلى واقفم مر به قطار . أطل من نافذته راكب يتكلم فإما 
سمعه ووعاه » وإما ضاعت منه الفرصة إلى الأبد . ولم أقل شيئاً عن المادة 
العلمية حين تكون متصلة ومستفيضة » وحين تكون مكتوبة في أرقام 
ومعادلات واحصاءات وخرائط » وحين يكون الموضوع عن فن التصوير 
والتدخت والخمارة + وحين يكون الكتاب معجماً أو موسوعة أو أي مرجع 
احر نلجا إليه حينا بعد حين » . 

إن الكتاب بشكله المعاصر ماض في طريقه ولا أعتقد أن تطور الأجهزة 
السمعية والبصرية خلال العشرين عاماً المقبلة قد يكون تطوراً كبيراً إلى الحد 
الذي تتوقف له كل المطابع وبالتاللي كل الكتب أو بمعنى آخخر تتوقف القراءة 
حتى ولو تم التعليم بتلك الوسائل فا حرف مكتوب والكلمة مكتوبة والعبارة 
مكتوبة . فهل يمكن أن تقرأ الفلسفة على الشاشة ملاً ؟ لن نتعلم الهندسة 
الوصفية أو المعمارية على شاشات الكمبيوتر ولن نستطيع تعلم الأجيال كل 
العلوم والمواد المستحدثة عن طريق الأجهزة المساعدة دون الكتاب . إن 
استمرارية الكتاب في العشرين سنة الماضية لم تسجل هبوطاً في نسبة المطبوع 
من الكتب ولا في نسبة توزيعها . بل العكس » تضاعفت الأرقام وازدادت 
القوة الشرائية . ١‏ 

وهنالك فارق كبير على الأقل في الوقت الحاضر بين ما نتلقه عن طري 
القراءة الفردية وما نتلقاه عن طريق الأجهزة السمعية والبصرية .. تلا 
الأجهزة التي تؤكد على تأصيل عادة القراءة كعادة حضارية أو متحضرة . 
وهناك تساؤل هل يمكن فثلاً استبدال القواميس بشيء آخز . ولا ننسى 
( الكتب السماوية ) الباقية ما هي على الرغم من نشرها بالوسائل السمعية 
والبصرية الأخرى . 

قد تختلف الدول التكنولوجية عن دول العام النالك . ذلك أن الوفرة 
الاقتصادية تجعل المواطن في غنى إلى -حد ما عن الكتاب الذي استبدله بالأجهزة 


41م - 


الحديثة . وهذا ما يدعو الناشرين إلى تغيير شكل الكتاب التقليدي ونشره في 
شرائط تسجيل سمعية أو فيديو أو « فيلم » . أما في الدول النامية فالكتاب 
يحتفظ بمتعته وفائدته حتى وإن ظل على شكله التقليدي . 


وإذا نا كانت الكتب تتحول الآن إلى شرائط الميكروفيلم » لكن هذا 
التحول هدفه الحفظ والتداول وليس القراءة » أي أن الميكرو فيلم مرحلة تأتي 
بعد صدور الكتاب » أو هي مرحلة نتيجة لنشر الكتاب . وعلى الوجه الآخر 
اذا لا تنظر إلى الكتاب يتفاؤل على اعتبار أن التعام في تطور مستمر » ون عد 
المتعلمين في تزايد . وبالتالي فإن عدد القراء يتزايد وهذا يدعو إلى توفير 
الإمكانيات . ولقد اخترعت ماكينة طباعة وتجهيز الكتاب بحيث تطبع وتقص 
وتجلد ٠٠١‏ ألف نسخة من كتاب عدد صفحاته يصل إلى 7٠١‏ صفحة في 
ساعة واحدة . 

إن ما نأمله في كتاب المستقبل الوفرة في عناوين الكتب والتوفير في الحجم 
والحيز الذي تشغله هذه الكتب . أضف إلى ذلك الوضوح وسهولة القراءة » 
فالتطور سنة الوجود وقانون الحياة > وخحروج الجديد من قلب القدم ثيء تألفه 
ولابد أن ينطبق ذلك على الكتاب في تاريخه الطويل من حيث الشكل 
والمضمون » والتساؤل كيف ؟ ذلك ما تجيب عنه الأجيال القادمة وفق ظروفها 
واحتياجاتها .. فالقضية الحقيقية هي حاضر الكتاب وكيف نثريه ونجوده 
ونحسن ظاهره وباطنه وهذه القضية إذا نجحنا في تجاوزها وعبورها » نكون قد 
انتقلنا إلى المستقبل المنشود . 


أهم مراجع الكتاب ومصادره 


1۲ 


أهم المراجع العربية 
د. أحمد حسين الصاوي : طباعة الصحف وإخراجها - الدار القرمية 
05 . 
إبراهم إمام : الإعلام والاتصال بالجماهير - الأنملو - القاهرة 
۵ . 
أريك دي جروليه : تاريخ الكتاب - ترجمة : د. خليل صابات - 
مكتبة نبضة مصر - القاهرة . 
أنتوني طومسون : معجم المصطلحات المكتبية - ترجمة : محمد أحمد 
حسن » أحمد كايش » الشنيطي - شعبة اليونسكو - القاهرة 1978 . 
د. السيد عبد العزيز سالم : تاريخ العرب قبل الإسلام ( جزء أول ) - 
مؤسسة شباب الجامعة . 
د . الطاهر أحمد مكي : دراسة في مصادر الأدب ر جزء أول ) - دار 
المعارف ۱۹۷۰ . 
الفريد هيسيل : تاريخ المكتبات - ترجمة : د. شعبان خليفة - دار 
الثقافة - القاهرة ۱۹۷۳ . 
القلقشندي : صبح الأعشى في صناعة الإنشا - عرض وتحليل : د. 
عبد اللطيف حمرة - أعلام العرب - الميئة العامة للكتاب . 
جورج سارتون : تارم العلم ( الجزء الثالث ) - دار المعارف -- 
ترجمة : د. إبراهم مدكور وآخرون ۱۹١۸‏ . 


- د. حسام عبد الحميد محمود : تكدولوجيا صيانة وترمم المقتنيات 


الثقافية - الميعة المصرية العامة للکتاب ۱۹۷٩۹‏ . 

حسن سعفان شحاتة : التليفزيون والمجتمع - مطبعة دار التأليف ٠‏ 
القاهرة ١951١‏ . 

حسنين عبد القادر : الرأي العام والدعاية وحرية الصحافة - دار 
البضة العربية - القاهرة ١955‏ . 


-١‏ د. ليل صابات : تاريخ الطباعة في الشرق العربي - دار المعارف 


. ١555 


~~ of — 


أ 
10 


¬ 


- 17 


“14۸ 


14 


4 


A: 


Ê 


4: 


د. خليل صابات : وسائل الاتصال نشأءها وتطورها - الأنجلو - 
القاهرة ١51/4‏ . 

د. جمال مختار : الحضارة المصرية القديمة - المطابع الأميرية - القاهرة 
5 . 

داتيس سعيث : صناعة الكتاب من المؤلف إلى الناشر إلى القارىء 
- ترجمة : د. محمد علي العريان واخخرون - فرانكلين - القاهرة 
. 

ر. ح. رالف : المكتبة ودورها في التربية - ترجمة : مصطفى 
الصاوي الجويئي - مؤسسة المطبوعات الحديثة - القاهرة ١9184‏ . 
د . رشيد الناضوري : العطاء الفكري لإنسان الشرق الأدفى القديم 
- دار الرشاد ١195©‏ . 

سفندال : تاريخ الكتاب منذ أقدم العصور إلى الوقت الحاضر 
- ترجمة : صلاح الدين حلمي - وزارة التربية والتعلم - القاهرة 
۸ . 

د . شعبان عبد العزيز خليفة : تزويد المكتبات بالمطبوعات - دار المريخ 
- السعودية ۱۹۸۰ . 

د. عبد الحلم منتصر : تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه 
- دار المعارف ۱۹٦٥١‏ . 

د. عبد القتاح مصطفى غنيمة : دراسات حول الكتابة العربية . 
تاريخها وتطورها ( جزء أول ) ۱۹۸۷ . 

د . عبد الستار الحلوجي : الخطوط العرلي ( جزء أول ) - دار الثقاقة 
للنشر والتوزيع ۱۹۸٩‏ . 

د . عيد الستار الحلوجي : الكتاب في الحضارات . 


۲١‏ د. عبد الستار الحلوجي : غات من تاريخ الكتب والمكتيات - دار 


. ۱۹۷٩۹ الثقافة‎ 


. 1535 د. عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن - دار العلم‎ -١ 


- of - 


¥ 


~A 


-۹ 


۳1 


و“ 


“۳٦ 


د 
۸~ 


۳۹ 


د . عبد اللطيف إبراهم : دراسات في الكتب والمكتبات الإسلامية 
- دار الشعب - القاهرة 1١951‏ . 

د. عبد اللطيف حمزة : الإعلام له تاريخه ومذاهبه - دار الفكر العربي 
- القاهرة 1١9526‏ . 

د. عبد المعز شاهين : طرق صيانة وترميم الآثار والمقتنيات الفنية 
- مراجعة : د. زكي اسكندر - الهيئة المصرية العامة للكتاب 
¥٥‏ . 


-٠‏ هتح الباب عبد الحلم » إبراهم حفظ الله : وسائل التعلم والأعلام 


- عالم الكتب - مكتبة الأنملو - القاهرة . 

فرانسيس روجرز : قصة الكتابة والطباعة - ترجمة : د . أحمد حسين 
الصاوي - الأنجلو - القاهرة 2000 

فريد رفاعي : عصر المأمون - دار المعارف - القاهرة . 

لطفي عبد الوهاب : اليونان مقدمة في العاريم الحضاري - مركز 
التعاون ا لجامعي . 

د. محمد أحمد خلف الله : دراسات في الكتب العربية - سرس الليان 
- مركز التربية .ه9١‏ . 

د. محمد سيد محمد : صناعة الكتاب ونشره . دار المعارف ١9817‏ . 


محمد عجاج الخطيب : أصول الحديث ( علومه ومصطلحه ) الطبعة 

الرابعة - دار الفكر - بيروت ۱۹۸۱ ص ۲۰۱ - ۲۱۸ . 

محمد عجاج الخطيب : جات في المكتبة والبحث والمصادر . 

محمد عطية : وسائل الاتصال ومجالاتها واستخدامها - الجمعية الثقافية 

. ٠۹۷۱ القاهرة‎ 

محمد ماهر حمادة : المكتبات في الإسلام . نشأءها وتطورها ومصدرها 
مو سسة الرسالة للطباعة والدشر - دمشق ۱۹۷۰ . 

د. محمود عباس حمودة : تار الكتاب الإسلامي - دار الثقافة 

للطباعة والنشر - القاهرة . 


— oo — 


-٤١‏ مصطفى العبادي : مكتبة الإسكندرية القديمة - الأنجلو - القاهرة 
۱ . 
~١‏ نعمان ماهر الكنفاني : مدخل في الإعلام - السلسلة الإعلامية - دا 
الجمهورية - بغداد ۱۹٩۸‏ . 


ر 


To ~ 


أهم المراجع الأجنبية 


,„. Agnes Allen: The Story of the Book Mcml. London. - 4 
A. L. Kroeber: Configuration of Culture Growth California — Y 
press 1951. 

Chandler B. G.: What Happens in Book Publishing — م‎ 

University press, New York 1976. 

Gerald Gross: Editors on Editing New York 1962. - ¢ 

Emery Edwin & A. Philip Introduction to Agee Warren 

Mass Communication ~ New York 1970. 

Oswold, John: A History of Printing New York 1984. 3 

Stanley Unwin: The truth about publishing London 1974. 

Steed, Henry: The press England 1938. - 

Wells Herman: Mass Communication and Education — 

Washington 1958. 

Katz, An Introduction to publishing New York 1964. و‎ 

Krech, David: Theory and problems of publishing London إ—‎ \ 
۰ 1977. 


| 
o 


١ 
کے كم حح ص‎ 


بياج" — 


مقدمة 
الفصل الأول : مدخل لوسائل الاتصال صفحة 
- اللغة والكتابة والرموز أدوات الاتصال الانسانى ل 
- عناصر عملية الاتصال الم aR‏ 
- وسيلة الاتصال ا 0 
- وسائل الثقافة والاتصال الانساى ا 1 
الاذاعة اجو سام ال الاو الو ا اا 
التليفزيون ا ا ا ا 
الوسائل المطبوعة 0 00 
السينا لمش ام ولاه مسار ع امف و وو د 1 
- الوسائل الشفوية ( الخطبة » المحاضرة » الندوة ) Ase‏ 
الفصل الثانى : بعض الجوانب لمفهومات ومعانى الدشر او 
- بعض الجوانب لمفهومات النشر افو TO SRS‏ 
- تعريف النشر ومفهومه 1[ 1 00000 
_ المعنى اللغوى لمق م ولام ااا وا و A‏ 
م المعنى الاصطلاحى FA namS ea‏ 
- النشر والتكنولوجيا المعاصرة اا 
التعبير الأنسانى والاتصال Sales‏ 
علاقة النشر بالتعبير الانسانى CE SENS‏ 
- النشر والكتاب ال ب او كوه لوال و 2 
طبيعة العلاقة بين النشر والكتاب Ce SS‏ 
العلاقة بين النشر والمكتبية ل O‏ 
تماذج نوعية لقيمة النشر فى دراسات المكتبات ا Fea‏ 


- 8ه" لد 


الفصل الثالث : الكتاب على مر العصور حتى بداية عصر النهضة 64 
- الكتاب فى مصر القديمة ان نط انم انمه اتا اه 
- الكتاب فى الحضارة البابلية الأشورية ( العراق المديم ) Eva‏ 
- الكتاب فى الحضارة اليوتانية ES‏ اس YR‏ 
- الكتاب فى الحضارة الرو مانية 0 
- الكتاب فى الحضارة الاسلامية مل دشن و الك موي :قلا 

ظهور الاسلام وانتشار الثقافة الأسلامية EES‏ تك ا ني 

أهمية الكتابة والعلم فى الاسلام ل A‏ 
- أهمية الكتابة VSS‏ 
- تفضيل الكتابة على الحفظ بعد ظهور الاسلام ONS‏ 

التطور الموضوعى للكتابة العربية aaa Sah‏ له 

أسباب جمع القرآن وكتابته فى عهد ألى بكر رضى الله عنه ل ا 

أسباب جمع القران وكتابته فى عهد عئان رضى الله عنه SE‏ 

نسخ المصحف بعد عهد الخلفاء الراشدين E‏ 

تطور الكتابة العربية بالنقط والتشكيل TOD SO‏ 

شغف العرب بالكتب الم VV SS SAE‏ 

تاريخ الكتابة والكتاب في العصرين الأموى والعبابى 00 

الكتابة والكتاب ف العصر الأموى ا ا ا ا 

التطور الشكلى للكتابة فى العصر الأموى بدايات تحسين انط YO‏ 

العصر العبابى عصر التأليف والترجمة والتدوين YY esses e‏ 

VE also Re See الثقافة الاسلامية مسخ‎ 

كتابة الخطو طات العر بية ماح من وو لاو VER eds‏ 

الكتب فى عصر النهضة قف 28 ا لا روطو VON Ease a‏ 

المؤلف المعاصر وزاده الثقاى NOY ame Ek‏ 

مفهوم الكتاب ومواصفاته A ERS E‏ 
أى الكتب وسيلة إعلام ؟ ال TEES‏ 


PF. - 


تحصائص الكتاب ا E‏ 

الكتاب والتراث م SE‏ اا 

الكتاب والرقابة نا ا الل ال قوفامو VO ES‏ 

مكونات الكتاب وأنواعه E‏ 

الفصل الرابع : الداشر ومقتطفات من تاريخ النشر وأنواعه 0 

- محات من تارج الدشر Ye CSAS‏ 

النشر في الحضارة المصرية القديمة ماش Ve RE‏ 

النشر فى الصين القديمة ما ووو م اعم واس وو ا IT‏ 

محات عن الدشر فى الدولتين اليونانية والرومانية AE‏ 

النشر فى مرحلة ازدهار الثقافة الاسلامية NAVs esses‏ 

نحات من النشر فى العصر الوسيط TERSA‏ 

البشر الحديث ا الا كولاه ا اس ا ا الي TO‏ 

الكتابة والورق والطباعة مامد ee ORS‏ 

أنواع الدشر 

000000 SRS الدوريات‎ 

المطبوعات غير الدورية TSS‏ 

مطبو عات الأهداف المباشرة rS‏ 
أنواع نشر الكتب ا مو ماو كن ا اما ا 
٠١‏ - نشر كتب التراث ز 1 ز 1 ااا 

؟ - نشر كتب الأطفال A VA‏ 

- نشر الكتب الدراسية مم قم ةم ممم مم ممم موف ةمتع وو ةن ن نا 114 

E نشر الكتب المترجمة‎ - ٤ 

YT eee sha a ه - نشر الكتب الدينية‎ 

5 - أنواع النشر العام اوس اما اام و لمر احم ا EEE‏ 

الكتب المهيدية مخ و 

الكتب أحادية الموضوع ا E‏ 


AAS 


NA RESA التراجم‎ 

الاأعمال التجميعية الام 

المطبوعات الرسمية es‏ اا 

IN eS A دور النشر‎ 

TSA aa ASSES دار' المعارف‎ 

موّسسة الأهرام 0 

TES e. CSRS وظائف النشر‎ 

1 الوظيفة الاقتصادية‎ - ١ 

۲ - الو ظيفة المهنية Dl EE‏ 

TT 000000  اوع الوظيفة الفكرية التدموية‎ - ٣ 

أزمات النشر عند العرب فى العصر الحديث ., ا ER‏ 

ES SSS أزعة الترجمة‎ - ١ 

۲ - أزمة تزوير الكتب 0000-9 00 

Yea e أزمة النشر‎ - ٣ 

ON i أزمة التكنولو جيا الطباعية‎ - ٤ 

ه - أزمة دعم الكتاب E‏ 
الفصل الخامس : الورق والطباعة فى العصر الحديث 

صناعة الورق فى الصين القديمة 0 

انتقال صناعة الورق من سمرقند الى بغداد 00 [ [ [ [ 1 000111 

صناعة الورق الحديثة 0 0 0 

أهم أنواع الورق 0 VS‏ 

TAF eas RNs الطباعة‎ 

على قوالب الخشب المحفور 0 000 

جوتنبرج الطابع المخترع امسو 3034 بام لوطو وار ل مد ا تر 

حرو ف الطباعة YAO casserole‏ 

طبع الخرائط والرسوم والصور اع مم مع عع ع وا م لا ع لو و و E‏ 


المطبعة فى المستعمرات الأمريكية Ra‏ 


الطباعة فى العالم العربى والاسلامى ا ا و ا ا 
- نشأة الطباعة فى لبنان وأسبقية تطورها N‏ 
- نشأة الطباعة فى سوريا EEO aS‏ 
- نشأة الطباعة فى مصر ا 
- نشأة الطباعة فى العراق Ye eae SS‏ 
- نشأة الطباعة فى فلسطين ب Ve‏ 
- نشأة الطباعة فى الأردن EE Sa E‏ 
- نشأة الطباعة فى المن .... Eee an SEE‏ 
- نشأة الطباعة فى المملكة العربية السعودية م 
- نشأة الطباعة فى الكويت و ا ل 


الفصل السادس : تكنولوجيا الميكروفيلم وحاضر الكتاب ومستقبله 
تكئولوجيا الميكروفيلم Fro‏ 
الميكروفيلم وتطور وسائل حفظ وتداول المعلومات TEVA:‏ 
فوائد استخدام المصغرات الفيلمية 1[ [ [ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز ز ز 00000001 

Ea الحفظ والأمان‎ - ١ 


۳ - سهولة النشر والتداول ف ا ا EASES‏ 


3 - سرعة وسهولة استرجاع المعلومات as SRS‏ 
ه - حل مشكلة الفرق بين سرعة مدخلات ومخرجات الحاسب الآلى 


ووقققم قم ةنميه م فونم مم نم ملم م ةن رن منرم مث قلي قم مي مرمه 
وعععو مي م ننم نين م ةلله 


حاضر الكتاب و مستقبله اموا اوس ع 0 مره قم ا ا oe‏ 
أهم مراجع الكتاب العربية والانجليزية 
أهم المراجع العر بية الح POF SRE ESA‏ 
المراجع الا نجليزية FOV esase Ss‏ 
محتويات الكتاب O AS ORS‏ 


IY —